عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 07-18-2016, 11:57 PM
Sia
 
بعدها انتهى كل شيء بشراب عصير بارد و مكالمة والدي الهاتفية... و موعد غداً ~~" !.
_ لكن.. أنا , غداً .. يجب أن أذهب للمدرسة .
قلت الكلمة الأخيرة بهمس يتلاشى و ضيق غريب بصدري , ظل ينظر نحوي بدقة غريبة تشبه دقة أبي عندما يقر بنفسه أنني شبة واعية !.
_ حسنا , آمم . أخرجي باكراً كي نرى معاً الأشعة و نقرر بعد الأمور... أخبريني إذن أنتِ لا تشعرين بألم في ساقك هذه صحيح ؟
ترددت ثانية , أني أشعر بألم كالنار يأتي و يروح خاصة عندما آوي للنوم .. قلت كاذبة بسرعة : لا ألم .
نظر بشك و قال بهدوء : هل أنتِ واثقة ؟!. يخيل لي الآن أنك تتألمين ...!
حدقت به و شعرت حقاً ببرودة في وجهي لا شك بأنني أشبه الأشباح ~~" , قلت بهدوء : آوه لا أني بخير..
ركبت السيارة بعد دقائق وكانت جيني نائمة بصمت في كرسيها بالخلف ... همس أبي بتعب وهو يصعد : لقد بكت كثيراً... رباه ظننت بأنها لن تسكت . قالت لي الطبيبة بأن لا نحملها مع ساقها التي بها مكان الحقنة ستؤلمها بشدة..
أومأت برأسي بصمت وظل والدي يقود بهدوء وهو ينظر بتركيز حوله ولم يسألني عما حدث بموعدي .. هذا أفضل ربما كلانا فكر بتجنب الكلام اثناء القيادة تحديداً .. فقط نظر نحوي مرتين و تبسم ثم طلب مني أن ألقي نظرة على جيني في كرسيها الخاص بالخلف ... ففعلت عدة مرات وكانت الصغيرة المسكينة نائمة بعمق و شفتيها الصغيرة الناعمة مقفلة بقوة وعبوس ...
اوه يا صغيرتي البريئة كانت تتألم ...
فجأة توقف والدي بهدوء شديد قرب محل ما .. نظرت وقبل أن أنطق قال هو بهدوء : سأنزل لأجلب بعض الخبر و الفطائر حبيبتي انتظري دقيقة فقط ..
_ أجل أبي ..
نزل والدي بسرعة الى محل الخباز المتواضع الذي خرج منه مشتريين بأكياس ذات رائحة طيبة ولذيذة ..
دخلنا المنزل بهدوء و والدي يحمل جيني بحذر شديد و قد بدأت الطفلة تتحرك منزعجة متألمة لكن ما أن وضعها فوق الأريكة حتى عادت للنوم بهدوء ... جلست بالاريكة التي بجانبها بصمت وخرج والدي للسيارة كي يجلب الفطائر ...
مر من مدخل الردهة وهو يناديني بهمس عالي قليلا ويشير بيده : كلارآ ! تعالي للمطبخ عزيزتي كي تتناولي الإفطار.
شعرت بالتعب لا أريد النهوض و المشي مجدداً ~~"... فقمت رغما عني و مشيت بحذر و هدوء لأجلس بارتياح على أول كرسي خشبي لطاولة الطعام , كان أبي يضع أبريق الشاي فوق النار ... التفت لينظر نحوي متفحصا ثم قال :
_ هل كان لقاؤك بالطبيب لوك جيداً , ماذا حدث بالموعد ...؟
هززت كتفي بملل وقلت بهدوء : أجل كما أظن , لقد تحدثنا فقط في مكتبه ثم صورتين للأشعة بعدها موعد غداً ..
حدق بي والدي مستغربا قليلا ثم قال مندهشا لكن بشكل خفيف : حقا ! , هذا ممتاز للبداية اعتقد بأنه طبيب بارع برؤيته لأشعة القدم سوف يعرف ما المشكلة تحديداً ..
عاد ليسكب ماء الأبريق الحار في كوبين بينما ضربات قلبي تتغير بضيق ... كنت أحدق بظهره بتوتر ... هل يظن والدي...هل يعتقد بأن هنالك أمل ما بي ؟!... لكن هذا مستحيل ! أنني قد خرجت من مستشفى ضخم معروف في منتصف مدينة حديثة جداً وقد قالوا بأن لا أمل بعودتها طبيعية ! , فكيف يمكن لمستشفى عادي بوسط تاون بسيطة أن يحدث فرقاً .. !
أن لن أزعج نفسي بالتفكير بهذا الأمر ... ما حدث قد حدث و انتهى ..
قبل أن أقول أي شيء التفت نحوي و قال بمرح غريب وهو يقترب ليجلس ممسكا بالكوبين : من يدري في هذه الحياة كيف تسير الأمور حقاً , أقصد لكل شيء وضعه و سببه . هممم افتحي هذا الكيس عزيزتي..
تناولنا الفطائر المحشوة باللحم و تحدثنا قليلا ببعض الأمور .. نهضت و أخبرت أبي بأنني سأتمشى بالمنزل فأنا لم يتنسى لي سوى رؤية المطبخ و الردهة وغرفتي .. حتى غرفة البيانو لم أتأمل بها جيداً ..
دخلتها بهدوء .. كلاسيكية الطابع و ألوانها هادئة أحمر داكن و زخارف كل شيء الأثاث و ديكور الجدران ذهبي هادئ منطفئ .. ربما لأن الستائر الثقيلة مسدلة على النوافذ جائني شعور بالنعاس و السكون .. فخرجت منها بسرعة , أنا لا أريد النوم الآن ...
لم أرى أبي بالردهة ربما لا يزال بالمطبخ .. سرت بحذر شديد آخر الممر إلى الدرج .. رأيت بابين لغرفتين لكني تجاهلتهما ... أريد فقط الصعود للأعلى ...
وضعت قدمي السليمة فوق أول عتبة للدرج و...
_ كلارآ ؟!. مالذي تفعلينه حبيبتي ؟.
اوه لقد ضبطت بالجرم >< ".. قلت بدون أن التفت إليه : أريد الصعود للأعلى فقط ...
_ كان عليك قول هذا , هيا بنا ..
ماذا ؟! لكني أريد أن أكون وحدي .. أمسك والدي بمرفقي الأيسر وهو يسير معي بحذر أيضا كان ادرج واسع قليلا و مريح مفروش بسجاد أخضر داكن .. حسنا .. يميناً ثلاث غرف للنوم واحدة بها والدي و جيني .. و حمامين صغيرين .. و بالممر الآخر غرفة للرسم كانت مقفلة جيداً قال والدي بأنه أضاع المكان الذي وضع المفتاح به .. و الغرفة الأخرى مكتب صغير للعمل وحمامه المرفق...
حدقت من النافذة في آخر الممر ... كانت تطل على أشجار الغابة ...
_ ما هذه الغابة ؟!.
أتى والدي ليقف خلفي و ينظر من فوق كتفي قال بهدوء : آمم .. هي مجرد غابة معروفة للصيد بها بحيرة كما سمعت.
_ تعني... هي ليس بها نمور أو... دببة و غزلان ؟!.
حدقت بأبي وقلبي يخفق لا أدري لم بدأت أفكر بأن سور هذا المنزل قصير وغير قوي .. لاشك بأن الدب سيحطمه أو يقفز النمر من فوقه ... أو...
_ لا حبيبتي ... لقد عشنا هنا عشرات السنين لا وجود لهذه الحيوانات ! , هل أنتِ خائفة ؟!. هل الغزلان تخيفك أيضاً ؟
كان يحدق بي مدهوشاً وكأنه لا يصدق بأي أسأل هذا السؤال !, لكني محقة ...
قلت باضطراب خفيف : أأنت واثق ؟! , الغزلان تصبح مرعبة أحياناً... يمكن أن يتسلل أي حيوان ببساطة هنا ! آه ربي ماذا عن الأفاعي و الزواحف ؟!.
حدقت به بعيون رمادية قلقة جادة ... تخيلت لو استيقظ من النوم لأجد أفعى تشاركني الفراش....!!! سأموت قطعاً !.
لصدمتي أخذ يضحك , هذا الرجل ! ... ضمني قليلاً وهو يهتز من الضحك ... مالذي جرى له ؟!
_ لا يا حبيبتي الصغيرة الجبانة ! أنت بخير تماماً والمنزل مقفل و مؤمن تماماً .. لا تقلقي أرجوك كلارآ...
هززت رأسي غير مطمئنة .. قلت بتوتر و عبوس : توقف عن الضحك رجاءاً أبي أنا لستُ جبانة ><"... على فكرة هل يمكنني النوم هنا في الأعلى...
حدقت به بعيوني البريئة ... توقف و قال بهدوء وابتسامه رقيقة وهو يلمس أنفي : لا صغيرتي ! , ذلك من مصلحتك و ألا ترهقي نفسك .. هيا لننزل الآن.
قطع كلامه بسرعة و أمسك بمرفقي حتى لا أناقشه يحب أن يكون المنتصر لكني سأرفع راية النقاش مجدداً...
تناولنا العشاء بهدوء و جيني قد أفاقت لمستها أنا فقط قليلا فانتابتها نوبة بكاء طويلة ارهقتنا ولم تنم حتى الساعة العاشرة... خشي والدي أن يحممها فقط اكتفى بتبديل ثيابها بحذر بالغ وبعد اطعامها هدأت ونامت...
بينما أقف أنا كالبلهاء بلا حول ولا قوة وعيناي تتبعانهما بتوتر ... يجب على والدي جلب مربية ما ! , لا يمكنه تحمل هذا أكثر سوف يصاب بانهيار عصبي ! , كما أنه سيعمل بالتأكيد...
بعدما هبط السلم بوجهه المتعب قال لي بهدوء : عليك النوم الآن كلارآ ! , غداً مدرسة و موعد بالمستشفى ...
انقبضت معدتي بشدة وشعرت بالدوار وأنا أقول بتوتر: ماذا عن... أعني...
_ سنذهب معاً لأضع أوراقك هناك , لتلحقين الدروس .. هيا إلى النوم لقد تأخر الوقت.
لم استطع النوم جيداً , كنت أتقلب كثيراً وصوت حفيف الأشجار الضخمة بالخارج توترني ... فبدل أن استرخي وأنام أشعر بأني مشدودة الأعصاب...
تعبت أخيراً من كل هذا القلق و أثقلت جفوني .. لكن صوت غريب بين أصوات الأوراق... كان قادما تقريبا من داخل السور أو هكذا ظننت مباشرة , هببت من فراشي ..
و ببطء سرقت نظرة من بين الستائر ..
ليس هناك شيء سوى الظلام الشديد و حتى الأشجار لم استطع رؤيتها , كان الخارج مرعباً للنظر لكني لم أقدر على أبعاد بصري عن التحديق في الظلمة و الـ لاشيء !...
بينما قلبي يرتجف بقوة و أحساسي يخبرني بأن هناك شي ما مختبئ... !
مرت ثانية أعنف بها نفسي بأني جبانة حقاً كما قال والدي , مرتعبة من التغيير و أكره الغرباء .. و الغرابة .. كانت عيوني متسمرة جداً بلا أي حركة على نقطة في الظلام ..
أعلم بأن خيالي يجمح بشكل أخرق لكني واثقة أني في هذه الثانية أحدق بـ ...
مابدا كـ... زوج من اللؤلؤ الأسود يلمع من بعيد جداً قرب الظلال الكبيرة للأشجار...! كأنها نقطتين من العيون صغيرتين بعيدتين ... يبادلانني التحديق وبهما لمعان غير مطمئن ...
خفق قلبي متضخماً رعباً...
ماهذا ؟! , هل لا أزال أتخيل ؟! , أتراه يكون حيوان ما ...؟! , ربما شيء ما يراقبنا ... أظنه يحدق بي أنا...!
تمسكت بالستار بقوة أخفي كل شي ألا عيناي الجاحضتان ... قلت بهمس يرتجف : الويل لك أن كنت شيئا شريراً يريد الدخول . سـ... سا ..
لكن انطفأ اللمعان و اختفت زوج العيون السوداء ... شعرت بأنني تخيلت كل هذا... آووه ماذا أفعل بنفسي...؟!
عدت للنوم المضطرب مجدداً .. وبدأت معدتي تؤلمني و قلبي لا يزال يخفق بقوة , تبا لن أنام هكذا بينما جسدي كله مشدود...
ظللت فترة طويلة هدأ استرخيت وهدأت لأنام بشكل هادئ وبلا أحلام ...
_ كلآرا , عزيزتي هيا استيقظي الساعة تجاوزت السادسة !.
همهمت بأني لا أريد النهوض ... عيناي مثقلتان للغاية و جسدي دافئ و النوم أصبح رائعاً الآن .
_ كلآرا !! .. هيا لا نريد أن نتأخر أكثر وفي أول يوم لنا أيضاً...
فتحت عيناي رغما عني وأنا أحكهما متأففة وقد رأيت والدي يخرج وبتعب شديد بدلت ثيابي و سرحت شعري بيداي , آخ كم أصبح متكاسلة جداً في الصباح ..
ولكن هذا ليس ذنبي !. أنه بسبب ليلة الهلاوس بالأمس...!!
جلب والدي جيني وثبتها بهدوء في مقعدها الخاص المثبت بالخلف وبين يديها لعبة ما وهي تبدو مرتبة وهادئة , بينما أقف أنا بصمت بجانب السيارة أحدق بالأشجار...
شعرت بوالدي يقف خلفي يحدق بي...!
قال بصوت هادئ متسائل : آممم ... كلارآ . أين حقيبتك ؟!. هل ستذهبين هكذا بلا شيء...؟!
تجمدت لثانية ثم التفتُ ببطء أحدق به بدوري , " هاه , حقيبة ؟! " رددت بداخلي ...شهقت فجأة : يوه نسيت حقيبتي ..!
كانت حقيبتي قديمة من سنتين وهي معي ..على العموم هي من نوع أصلي جداً ولم تتعرض لأي خطب ..
نظر إلي والدي نظرة معاتبة وأنا أهم بالحركة قلت بتوتر وذنب : سأجلبها حالاً..
_ لا آه كلارا أجلسي بالسيارة فقط , سأحضرها أنا , حقيبتك البنية في غرفتك جاهزة هاه ؟.
قلت وأنا أعض شفتي : أجل .. آسفة أبي... أنا...
لكنه لم يسمعني بل ذهب راكضاً للداخل... , تباً مالذي يجري لي ؟!. أتصرف كالبلهاء دوماً .. ولكن .. أنا لن أعود لطبيعتي أبداً . ليتني مت في ذلك الحادث ...
كان والدي ليهتم بـ جيني فقط بدلا أن أزيد حملي عليه...
قطع حبل أفكاري المشؤمة صوت جيني وهي تبكي فجأة !!... تحركت قليلا فقط لأفتح الباب بجانبها و أنحني نحوها قائلة بتوتر
_ صغيرتي مابك ؟... ياحبيبتي أسقطتِ لعبتك...آه هاهي...
وانحنيت أكثر الى الداخل لأمسك باللعبة البلاستيكية في أسفل المقعد لكن ... آآه , فقدت توازني لأنني وضعت كل ثقلي على ذراعي الممسكة بالعكاز بينما أنحني ... فسقطت على المقعد أتشبث به لكن جسدي انزل بقوة إلى اسفل السيارة لم يساعدني العكاز بل عرقلني و اصطدمت كلا ساقي بشي صلب في الأسفل ...
موجة من الألم سرت في قدمي لاشك بأنها ضربت العجلة !.
جاهدت للنهوض وصراخ جيني يرتفع وكأنها عرفت بأن سوءً قد حدث ...!
_ كلآرا ...!! - أتى والدي راكضاً بسرعة وبيده تتأرجح حقيبتي الفارغة ... لفني بذراعه و أوقفني بسرعة... قلت بصوت عالي متوتر : أنا بخير ما بك ...؟!
_ رأيتك تسقطين ! , مالذي جرى ؟!
قال بصوت أقرب للغضب !, خفت قليلا و أنا أشعر بأن قدمي بدأت تخزني بشكل غريب ... قلت بشكل جدي :
_ لقد انزلقت قليلا فقط لأجلب لعبة جيني .. كل شيء بخير لمَ كل هذا القلق ؟, سوف أجلس الآن فقط...
ظل يحدق بي بعيون مرتعبة وجبين ضيق حتى استقريت فوق المقعد .. , تبا بدأت تلك القدم ترسل أنذارات .. مادامت قدمي السليمة تألمت حقاً ربما ستترك كدمة متورمة ...
لكن ماذا عن القدم المصابة .. آه سوف تقتلني لاحقاً.. هل جلبت معي المسكن .. أظنه بالحقيبة...
دخلنا البلدة التي تبدو كمدينة صغيرة هادئة و جميلة ... كانت حية بالحركة والنشاط والسيارات لا تنقطع .. لكن بلا ازدحامات ... بدا الجو بارداً قليلا وهناك غيوم في طرف الأفق البعيد ..
توقف والدي قليلا ليسأل بعض المارة عن الوصف الدقيق للمدرسة . ثم تابعنا الطريق...
__________________


رد مع اقتباس