عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 07-18-2016, 11:58 PM
Sia
 
ارتجفت و سرت في برودة عندما توقف والدي خارج فناء المدرسة ... أبنية كبيرة , لا أدري كم عددها ربما أربعة .. والكثير من المراهقين يسيرون للداخل وهم يتمازحون و يضحكون ... وهناك الفتيات .. لبسهن ليس بالملفت كانوا يدلفون من هذه البوابة الكبيرة ... توقف والدي أقرب شيء ممكن لها ...
ثم التفت إلي , قال فزعا فجأة : تبدين شاحبة للغاية , هل أنتِ بخير ؟!.
نظرت نحوه و انتبهت لنفسي .. كنت فاغرة فمي وعيناي زائغتان لا تطرفان وكأني وسط فلم رعب ... هززت رأسي بسرعة و حاولت السيطرة على تعابير وجهي ... قلت بضعف مخفي : لا , أنا بخير...
بينما قلبي يضرب بقوة أضلاعي مرعوباً... ظل والدي بنفس نظرته الفزعة جعل لون عينيه الأزرق يفتح بشدة
_ أأنت واثقة ؟! , سأنزل معك قليلا فقط للأسف لا يمكنني ترك الطفلة هنا .. كلآرا ؟!.
قلت مجدداً بآلية : أنا بخير والدي , أنها مدرسة وليست قاعدة عسكرية ...!
عبس والدي ثم ألقى بنظرة على جيني كانت لا تزال تلعب غير أنها متململة قليلا .. نزل فجأة وفتح بابها ثم حملها بين ذراعيه بحرص... فتحت فمي مصدومة , لا يظن بأننا سنسير وسط المدرسة كلنا ...!!
نزلت بضيق ولكن ما أن وطئت قدمي اليمنى ارض حتى أرسلت موجة من الألم الحاد في جسدي كله... " آآه " تأوهت بداخلي وأنا أتمالك
نفسي و أعض على شفتي لأتمسك بالعكاز بكلا يدي
_ كلارا ؟!.
التفتُ لأبي المتوتر ..مددت يدي لأقول بأقصى هدوء أملكه : اعطني حقيبتي أبي , وعد مع جيني أنا أعرف كيف أدبر أموري.
قال بضيق وهو يحدق حوله لكل الطلاب الذي يمرون قربنا ويحدقون بنا : لكن....لـ...
قاطعته بضيق و الألم يحرق قدمي : أسمع أبي... لا تنظر إلي هكذا وكأنني في السادسة ! .. أرجوك...
شعرت بأن أمله خاب قليلا وكأن ليس بيده شيء ليساعدني... قال باستسلام : سأعود إليك قريباً.. دعيني أرى كيف تمشين ..
مد لي بحقيبتي فأخذتها و ثبتها على كتفي اليسرى , ثم ابتسمت له بوهن و بصعوبة حركت قدمي وأنا أنظر لطريقي في الأرض. آوه كم يبدو شكلي مثيراً للشفقة ... كانت الأرض ترابية قليلا لكن مستوية و نظيفة من الأشياء... سرت بعض خطوات ضاغطة على نفسي وأحاول ألا أركز ثقلي على قدمي المصابة سوف تقتلني ..

نظرت لأبي خلفي و ابتسمت مجدداً له , كان عابساً لكن أومأ برأسه و بقي ينظر نحوي. بينما أفكر أنا ألا يوجد مكان خاص كفاية ليصرخ أحد فيه من الألم حتى يهدأ ...
رأيت مجموعة من الفتيات و الفتية يفسحون لي الطريق بينما نظراتهم غريبة علي .
دخلت من البوابة بهدوء و أنا أنظم أنفاسي , آآه لقد انظمت قدمي الأخرى لحملة الألم في جسدي ... هيا لا توجد كراسي هنا في هذه الباحة , سحقاً ؟!
وظللت أحث السير البطيء نحو البناء الكبير الذي يدلف منه الطلاب ... ثم ألقيت بنظرة خلفي , ماذا ألم يغادر بعد ؟!. وقعت عيناي بعينيه فتوتر هو ... ظن بأني لن أراه من هنا ..لوح لي و بتردد واضح عاد ليضع جيني بالسيارة و ليصعد هو...
تنهدت بغيض وحزن متراكم ... هل سيبقى حالي هكذا طوال حياتي ؟! معاناة لي و لمن حولي ..وهم و ثقل... و...
قاطع بؤسي صوت عالي فتى يقول : احذري هذه الحفرة !.
توقفت بسرعة شديدة جعلتني اصاب بالدوار .. وحدقت حولي جيداً كان الصبي يمشي موازياً لي و من عينيه التين تلمعان علي يبدو بأنه كان يتأمل منظري و سيري...
كان هناك بالفعل حفرة صغيرة أمامي لكنه كفيلة بأن تسقطني أنا و عكازي هذا...
اقترب الصبي الأشقر وابتسم بحذر نحوي .. يبدو أصغر مني بسنة أو سنتين ولكنه طويل القامة و جميل المظهر... عيناه بنيتان مألوفتان قليلا...
قال بهمس دون أن يلتفت كليا إلي : أنتِ جديدة . أعرف بأنه يجب أن تذهبي لمكتب الوكيل أولاً .
كان عقلي مرهق و يعمل بكد... قلت بهدوء : شكراً لك , و... أن لم يكن لديك مانع أن تـ...
قاطعني بذكاء غريب وهو ينظر بعيناي : بالطبع ليس لدي مانع لأوصلك للمكتب.
سار أمامي برشاقة وأنا أتعثر كعجوز , كان الجميع يفسح لنا و يحدقون بي مطولا وإلى جينزي الواسع القديم ثم جاكيتي الرمادي وحقيبتي البنية و حذاء رياضي أسود واحد بينما القدم المصابة في وسط جبيرتها المحمية والمخصصة للمشي .. كنت أغرب خليط للألوان , أقسم بأنه لو كان هنا مصمم أزياء لخر صريعاً...!!!

فجأة تردد الفتى و توقف ليلتف إلي , كنت ألهث ألماً و تعباً وأشعر بأني اتصبب عرقاً في هذا الجو البارد ... لكني بسرعة أخفيت كل مظاهر بؤسي الغبية وتظاهرت بالتركيز والثقة !
_ أتظنين بأنك قادرة على صعود الدرج , أم أنادي الوكيل ليهبط إلى هنا ؟!.
كان ينظر نحوي متسائلاً , فقلت بكل برود بينما أعلم بأنني سأتألم كثيراً : استطيع الصعود لا بأس.
نظر نحوي شاكاً قليلا ثم همس : طيـب ..
صعد أمامي وأنا وراءه , في البداية تسمر جسدي رغما عني خوفاً , لكني بصعوبة تحاملت على نفسي و صعدت الدرج ... رباه كم كان هذا مؤلماً و مرهقاً...
يا ألهي أن لم أصل حالاً سأسقط على وجهي ليغشى علي...!
_ أن مكتب الوكيل في آخر الممر...
قال مصرحاً , ثم سار بهدوء و بطء من أجلي , بينما ألتقط أنفاسي تعباً ... و رأيت بعض مقاعد فتمنيت لو اقدر على الجلوس قليلا...! , أشار لي بالمكتب الذي في آخر الممر و توقف ليحدق بي...
قال بتوتر : تبدين مرهقة للغاية و شاحبة , أجلسي قليلا... أتودين بعض الماء ؟!.
آوه كم كان هذا لطيفاً منه ... لكن لا ... كبريائي اهتاج فجأة ... قلت بابتسامه لم تظهر : لا أني بخير , سأدخل فقط ,شكراً لك...
أومأ و غادر ببساطة ... هه أشعرني بأني عجوزة !. على العموم سأسير هذه الخطوات البسيطة فقط ...
طرقت الباب مرتين ثم سمعت صوتاً يقول " أدخل... "
فدخلت ... نظر نحوي رجل في منتصف العمر ببرود ثم عاد لأوراقه ... كنت على وشك ألقاء التحية لكن رفع رأسه مجدداً بسرعة و حدق بي مصدوماً قليلا...
قال وهو ينهض : آوه المعذرة , هل أنتِ طالبة جديدة ؟!, أجلسي هنا من فضلك و أعطيني فقط أوراقك..
أومأت و جلست على الأريكة متنهدة بداخلي وشاكرة ... ثم أخرجت أوراقي لاحظت بأن يداي ترتجفان و أظافري مزرقة ... سلمته الأوراق بسرعة لاتفحص نفسي .. عندما يقولون شاحبة , ماذا يعني هذا تحديداً...
فتشت بحقيبتي التي لا أعلم ما بداخلها ... أصابني الرعب , لم أضع بها شيئا !!! غير تلك الأوراق المهمة وأيضا والدي هو من وضعها وليس أنا !!... يا ألهي لم هذا الأهمال مني ...!! آوووه لا حتى قلم ><"؟!. آهئ أود لو ألقى بنفسي من الشرفة...
_ الآن يا كلآرا , سآخذ أوراقك للمدير و يمكنك البدء اليوم بالدراسة .لقد تأخرتِ كثيراً لكنك ستقدرين على المضي صحيح ؟!.
ابتسم لي بلطف , أومأت بصمت.
_ سأخبر الآنسة ماري لتعطيك جدول صفوفك وخارطة للمدرسة مكتبها بالأسفل من الجيد لك , هلا نزلنا الآن .
فكرت بعبوس " أريد البقاء جالسة قليلا بعد ~~" لكني نهضت و عاد الألم و تبعته وأنا أكتم آلآمي , أكاد لا أرى شيئا أمامي !.
رحبت بي امرأة شابة بلطف بالغ اعطتني الأوراق و اصطحبتني لأول صف لي... كان صف العلوم الكيميائية .
طرقت باب المعمل ثم دخلت برشاقة اتبعها أنا ببطء و اعتراني خجل شديد و توتر و ألم في المعدة .. كان المعلم يقف مشدوهاً قليلا يحدق بي والآنسة ماري تحدثه , ثم ابتسم بلطف من خلف طاولته ... بينما أنا لم أجرؤ على النظر ورائي حيث الطلاب يبدون كثيرون جدا ربما مكتملو العدد ...!
اعطتني الانسة ماري ابتسامه مشجعة و غادرت .. قال المعلم بلطف : اهلا بك ..
ثم وجه كلامه للطلاب الصامتين جداً : أنها كلارا موند وهي معنا في هذا الصف .. أرجوكم رحبوا بها وأفسحوا لها مقعداً.
رفعت عيناي قليلا فقط متوترة بينما قال بعض الطلاب بصوت واضح : اهلاً... والبعض همهم وهم ينظرون بفضول عادي.
وجدت مقعد فارغ أمامي فجلست به بصمت .. لكن لم استطع الاسترخاء على مقعد المعمل الذي بلا ظهر . وضعت حقيبتي أرضا , و بدأ المعلم يشرح الدرس بهدوء .. فجأة سألني :
_ آه صحيح , لأي درس وصلتم به في مدرستك القديمة كلارا ؟!.
غاصت بطني و حدقت به بشكل افزعه قليلا كان الكل سكت فجأة ... قلت و أنا أشعر بصداع يعمني : أنا... أنا للتو أبدأ الدراسة.
حدق بي لثوان مدهوشاً قليلا , ثم حرك رأسه : آه فهمت .. لا بأس .. سيساعدك الطلاب في الدروس الماضية ..
أكمل الدرس بينما أشعر أني وسط المجهول لا أفهم شيئا .. شعرت بالغربة والضيق أريد فقط العودة للمنزل .
انتهى أخيراً بينما ألقي نظرة على جدولي , تذكرت شيئا ما اسعدني .. لدي موعد اليوم وسأخرج باكراً أي تقريباً بعد ساعة , لأول مرة في حياتي أشعر بأن الذهاب في موعد للطبيب أخف وطأة من الدخول في مدرسة لأول مرة .. سأطلب منه أن يعطيني وعداً غداً أيضا...
نهضت عندما لاحظت أن الصف فرغ تقريباً وأن الجميع قد خرجوا .. آوه يجب أن أذهب لصف التاريخ في الطابق الثاني كما هو موضح مع الأسف !. , كانت قدمي ثقيلة مخدرة بشكل أخافني وثقيلة .. بصعوبة أرفعها و أخفضها بحذرة .. وهكذا أسير أبطأ من حلزون !.
توقفت أمام الدرج أخيراً بعدما تجاوزت حشود الطلاب وأنا ألتقط أنفاسي .. حدقت بيأس بالدرج , هل علي أن... ؟!
قاطع تفكيري صوت مألوف خلفي
_ كلآرا ..
التفت ببطء و حدقت بالطبيب لوك فرانس , وبجانبه الآنسة ماري التي تشير إلي بمرح ثم تقدموا بسرعة قبل أن اتحرك بجسدي..
قال الطبيب بلطف وهو يتأمل وجهي : مرحباً كلارا , كيف حالك ؟! , تبدين لي مرهقة جداً .. جئت لاصطحبك للمستشفى بعدما حدثت والدك بالطبع .
قالت الانسة ماري : لقد أخذ الدكتور فرانس العذر لك عزيزتي يمكنك الذهاب الآن .
حدقت به و قلت بتوتر مخفي : يفترض أن الموعد في الساعة..
_ أنا أعرف , هيا اعطني حقيبتك..
أخذ مني الحقيبة و انتظرني لأسير بجانبه .. تباً لا أريده أن يلاحظ ... لكن ودعتنا الآنسة ماري و غادرت .. كانت الممرات فجأة قد خلت لأبتداء الصف الثاني الآن...
مشيت بتعب ضاغطة على نفسي و فكرت بأني سوف أموت أن استمريت على هذه الحالة لساعة أخرى .. أن لتحملي حدود ..
_ اووه أنت تعرجين بشكل سيء , لقد أصبت قدمك ... أليس كذلك ؟!.
قلت باضطراب وأنا ألقي نظرة خاطفة لوجهه المصدوم : لا , أني فقط مرهقة و...
قاطعني بجدية حادة وهو يقف أمامي كي اتوقف : توقفي عن الكذب على طبيبك كلارا أنا أعرف تماما عندما يكذب المريض وقد تجاهلت كذبة الأمس لكن اليوم .. هل تريدين الأصابة بالشلل وأنت تضغطين على أصابك بهذه القسوة ..؟! .... آنسة ماري..
نادي وهو ينظر من خلفي , لتأتي المرأة وهي تقول بتعجب : ماذا ؟!.
_ أرجوك هل تملكون مقعداً متحركاً ... كلارا تشعر بالألم...
_ آه أجل , سأجلبه حالاً...
لم اقدر على النظر بوجهه , قلت بهمس بارد : لا تقل شيئا لأبي ..
_ سيأتي لرؤيتك بعد الموعد .. والدي الذي قابلته يتحدث إليه بشأن عمل ما.
جلست على كرسي متحرك مخصص للحالات الطارئة في المدرسة و دفعني الطبيب إلى سيارته لينطلق بنا للمستشفى ..
_ آوه لا , .. لا ...
و هز رأسه عابساً و مقطباً وهو يحدق بصور الأشعة , بينما سقط قلبي في هوة مظلمة و توتر لا نهاية له.. مالذي يراه ؟!.
رفع عينيه إلي وبدا منزعجاً جداً .. شعرت بأنه سوف يوبخني ... كنا قد انتهينا للتو من تصوير الأشعة واعترفت أنا له بأني ضربت قدمي هذا الصباح لكني لم أظن بأن الوضع حرج لهذه الدرج....!
_ كلارا !.. أنظري مالذي حدث بقدمك اليمنى .. لقد تورمت جداً و المفصل بحالة رهيبة فهو لم يعد قادر على حمل الثقل بينما الأربطة التي بدأت تتكون و تنمو مجدداَ تقطعت تماماً .. العصب الحركي لا يزال تالف بينما الأعصاب الحسية تعرضت لضغط شديد جعلها تتوقف عن عملها وهو نقل الأحساس والألم لهذا تشعرين بالخدر و الثقل الشديد بسبب التورم ... هل تريدين أن أطلع والدك على هذه الأشياء... سوف يفزع جداً...
حدقت به برعب و فمي مفتوح .. لا أدري ما أقول أو أفكر...
_ أنتِ ممنوعة من السير يا آنسة لمدة أسبوع حتى يتحسن الكاحل ! , آوه نسيت أمر القدم الأخرى , أنها في وضع سيء , أنتِ تحملينها كل ثقلك .. أخشى بأنك أن استمريت هكذا سوف تتعب الأربطة و الأعصاب لتتلف بالنهاية .. بالإضافة إلى أن جسدك نحيل ضعيف ووجهك شاحب جدا يجب أن تتناولي الكالسيوم والمعادن ... سأصف لك كل شيء بالورقة .. الآن هيا نضع مرهما مخفف للألم و معالج للانتفاخات ثم نعيد التضميد بشكل جيد ..
قلت بضعف و الممرض تأتي لتساعدني على الجلوس فوق السرير الأبيض العالي :
_أرجوك سيد فرانس . لا تخبر أبي بكل هذا ... سوف... سوف...
_ اهدئي عزيزتي , أنا سأخبره بأن المشي الكثير سيضر قدمك .. لذا استرخي فقط ودعيني أفحص كاحلك .
تمددت على السرير بينما يضعون على كلا قدمي الدهان و يلفانهما , لكن قدمي اليمنى حظيت بلفافات اضافية داعمة ...
اعتدلت بجلوسي بينما هو يقف قربي يكتب تقريراً ما و الممرضة تساعدني في ارتداء فردة حذائي و الداعم لقدمي المصابة ..
_ همم عدم المشي لأسبوع , و آه نسيت القول بأن بعد هذه الفترة أن اردت استخدام العكاز فأنا سأصف لك عكازين وليس واحداً , سيضرك هذا...
حدقت به مصدومة و فزعة ... بضيق واضح قلت مرتجفة : لكن ... لماذا ؟!.
_ لأسباب بسيطة و خطرة بنفس الوقت , العكاز الوحيد يشوه كتفك وذراعك معاً خاصةً أنهما بطور النمو ..بينما تـ...
قاطعته بصوت مرتجف وعيناي تقدحان : هذا يكفيني أني أتقيد أكثر و أكثر كل يوم .. أني أريد العودة إلى ماكنت عليه بأسرع وقت , كيف يمكن لوالدي أن يعود لطبيعته و للعمل ؟! , وأنا لن أحب الدراسة بهذا الشكل .. المصاعب لا تحتمل والنظرات أ...
_ هذا يكفي كلارآ , الصراخ و الغيض مما آل إليه حالك لن ينفع .. عليك بالتعايش .. استرخي أرجوك و خذي عدة أنفاس عميقة...
قلت بحده شديدة : ليس هو الحال الذي أنا به أنما فقدت قدرتي على معرفة مايجب علي فعله !!.
رد بضيق : لا تزالين صغيرة على تفكير كهذا أنتِ...
قاطعته بنفس الصوت الحاد الغاضب : أكرهه هذا النعت !, كن مكاني لنصف يوم مقيده بالعكاز أحدق بأبي بعجز شديد بينما هو يحمل كل الثقل جيني بأحدى ذراعيه وبذراعه الأخرى يهتم بي...!
هز رأسه وهو يقول بضيق شديد : أنتِ لم تمنحي نفسك الفرصة و النظر لكيفية أصلاح الأمر ...
_ وكيف هذا ؟!. أني عاجزة للأبد .. على كل خططي للحاضر و المستقبل أن تتغير كلياً , بت لا أقدر على تخيل ماسيحدث لي لاحقاً... بدأت...
كدت أقول " بدأت أهلوس , " لكن عضضت على لساني بقوة و أحدجه بنظرات حارقة وعيناي محمرة من شدة الاحتقان , ظللنا نتبادل النظرات القوية إلا أن فجأة طرق الباب و دخل والدي ..
طرفت بعيني كثيرا وحاولت أن أبدو هادئة بصعوبة .. تبادل تحية حارة ومصافحة مع الطبيب ثم وقف قربي وهو يمسك بيدي و يهمس بحنان لي :
_ هاي حبيبتي , كيف حالك ؟!.
_ بأفضل حال أبي . ,,, ومنحته ابتسامه رقيقة جعلته يرد علي بمثلها بينما يدق قلبي بعنف ... كان الطبيب يراقبني ..ثم قال بهدوء يحدث والدي
_ أريد التحدث معك قليلا جاك . جينا اجلبي هذه العربة و اصطحبي كلارآ للاستراحة ..
حدقت به بقلق شديد وعيناي زائغتان , بينما هو تجاهل نظراتي وبدت عليه ابتسامه توترني .. الويل له أن أخبر أبي... سأقتله !.
كنت جالسة على المقعد بصمت وظهري مشدود و أوجه عبوساً لاذعاً و نظرات قاتلة حادة لمن ينظر نحوي , يبدو بأن هذه البلدة السخيفة الهادئة لا يوجد بها أشخاص مصابون كفاية لأن يجلسوا على المقاعد المتحركة .. إذن أنا ككائن فضائي بالنسبة لهم .
تبسمت لي الممرضة برقة وهي توقفني قرب المقاعد الخالية , يبدو لي المستشفى شبة خالي في هذا الوقت .. قالت برقة
_ أتحبين أن أجلب لك بعض العصير ؟.
فكرت بقول "لا" بفضاضة , لكن مظهري وأنا جالسة أشرب شيئا ما وأحدق بوالدي بنظراتي اللطيفة سيجعله يسترخي .
_ آوه أجل أرجوك...
وبالفعل جاء والدي يسير كان متجهما قليلا ,لكنه تبسم لي بحنان و شكر الممرضة التي غادرتنا .. حدقت بأبي وابتسمت بارتباك...
_لا بأس عليك حبيبتي , هل تشعرين بالألم ؟!.
_ لا أني بخير ,لقد تناولت مسكناً قوياً قبل دقائق..
تذكرت جيني فجأة فقلت بتوتر بينما هو يدفعني للخارج : و أين جيني ؟!.
تردد لثانية فقط ثم قال بهدوء : أنها ..عند السيدة فرانس .. أقصد والدة لوك جيراننا لقد أحبتها جيني من أول نظرة وهي تبدو بخير معها...
كنت مصدومة جداً لأرد ... لقد قال الطبيب بأن أبي يناقش أمور العمل مع والده "جورج" ولاشك بأن جيني بنفس الوقت تلاعب فوق حجر سيدة عجوز !... هذا أًصابني بالدوار , شئت أم أبيت علاقة والدي تقوى بسرعة مع هؤلاء الناس ..
نظرت إليه , كان عابساً بنظرة غريبة , همست بتوتر : مالذي.. قاله لك الطبيب...؟!
ألقى إلي بنظرة سريعة شبة حادة , قال ببرود : مالذي تتوقعينه بما أنك لن تستطيعي المشي لأسبوع !.
كتمت شهقة ! , ذلك الرجل أخبر والدي .. قلت بحرج وضيق شديد : أبي .. أن الوضع كان ....
قاطعني بحده : كلارآ , هل تظنيني أحمق ؟! , أنا من رأيتك تسقطين صباحاً نصفك تحت عجلات السيارة !. لقد أخبرته بهذا عندما قال بأنك ستتحسنين لكن ببطء ... و أردت حقاً...
شهقت : عساك لم تلكمه !!. أبي !!!
_ اششش لا بالطبع .. هلا هدأتِ !.
حدق بي و أكمل بجدية يائسة : هل تفكرين بأخفاء كل شيء عني ؟!, أين نوع من الآباء أكون ! .بحق الرب ربما تودين الموت دون أخباري حتى ... كيف أمكنك كتم كل هذه الآلام ؟ كنت أشعر بأن هناك خطب ما ..لكنك .. يالك من فتاة .. أتساءل من تشبهين ... إياك التظاهر مرة أخرى.
شعرت ببؤس و حرج لم أشعر به منذ ...!..ضممت شفتي بقوة ولم أنطق بشيء , فقط زفر والدي بعمق و قال بعد دقيقة بصوت رقيق : سيتحسن كل شيء عما قريب صغيرتي , أنتِ تفتقرين للصبر , عليك فقط أن تصبري.. اتفقنا ولا مزيد من الخداع..
أومأت ببرود وقلت بقلبي " أنا لا أعدك " ... لكن والدي نظر نحوي وابتسم وهو يمد يده ليلمس أنفي مداعباً...
_ ... آه صحيح نسيت أخبارك , نحن مدعوين للعشاء لديهم الليلة. أقصد آل فرآنس ..
هززت رأسي دائخة أشعر بالتعب البالغ .. والدي ساعدني في الدخول للسيارة ,لقد حملني كلياً متجاهلاً اعتراضي ..
__________________


رد مع اقتباس