عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 07-24-2016, 03:24 AM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('http://www.arabsharing.com/uploads/153007092238685.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]








الفصل الثاني ( آنــــــا )


دُجنّة ظلامٍ قاتم داعبت جفنين فتكهما الأرق ، ورائحة بشذا زهور الياسمين عبثت بحاسة شمه الحساس ،
وأُذنـاهُ التقطا إشارةً لحركة تراقص الأغصان فوقه ،
وملمس عشبٍ رطب دغدغ ظهره لأسفله تحته وأنامل سحرية ناعمة
لامست خديه بحنانٍ آسر .. تصاعد احساسها المُرهف
لمملكة شعره الأسود الداكن .. وقفت هناك عند بوابة مَفْرِق الرأسية لحيرتها
الكامنة في اختيار وجهتها التالية ..
أي الجهتين تسلك أولاً .. أتذهب يميناُ ثم يساراً ؟ أم يساراً فيميناً ؟
سرعان ما حسمت أمرها باتخاذها للجانب الأيمن بأن تمضي في أثره وهكذا حتى تصل لنهايتها المنشودة ، وفي كل ناحية وشبرٍ تقصده تتمايل
أجزاء القلعة التحتية تجاوباً مع سير خُطاها ..حتى أخيرا نطق الصوت .. أو ينطق الصوت ؟! .. لكنه أراد هو الآخر بدوره أن يعبّر عن نفسه ،
علّه يوصل رسالة مالكته المتحدثة ، التي انفرجت شفتيها بلونهما الوردي الفاتح استعدادا لإرسال الاخبار ..
فانخفضت لمستوى أُذنٍ يقظة لتهمس باسمٍ لطالما كان خروجه من حبالها الصوتية مروراً بلسانها ومن ثم لفمها في كل مرةٍ يستنزف
نصف طاقتها الحيوية : " أمياس ! " . قالتها بشق الأنفس ثم سكتت لتعيد شحن نصفها الحيوي الثاني بجهدٍ مضاعف وبنبرةٍ
محببة لحبيبها النائم في وسادة
ركبتيها العاريتين :" أمياس ! ، ألن تفتح عينيك لرؤيتي ؟ " تحرك المعنيِ بين قدميها محاولاً الغوص في مخدته
بصورة أعمق غير راغبٍ بالإنصات لذاته
مقاوماً ذلك الاحساس الذي تشعله فيه بصوتها عُنية اضعافه .. إلا أن النتيجة فاجأته .. ها هي تقهقه
قهقهتها المُزعجة تلك علامة انتصارها
عليه واخباره بفشله في إخفاء مشاعره ! ، أرغمته ليتنازل بأن يخضع لها فيزيل الغشاوة عن مقلتيه
السوداويين
، ولتكون صورتها هي بملامحها البريئة الطفولية أول مشهدٍ خلاب يُصْبح به ، زفر الهواء من رئتيه بضيق ، كيف يمكنها أن تضايقه
لهذا الحد بسهولة
تامه ! بينما قررت المُضايقة أن تخترق حِبال أفكاره أيضاً : " أتذكر أول لقاءٍ لنا أين وكيف كان ؟ " فتح أمياس فمه ليرد عليها
ولكن كف إحدى يديها كان أسرع في
الوصول لفمه ، منعته الحديث وواصلت هي كلامها : " أعلم ما ستقوله ؟ .. كم كان لقاؤنا كارثياً .. عفواً ..
بل سُريالياً ! كما تسميه أنت ساخراً ! وأنني كنت مثل أولئك النساء عاهرة مثلهم لأنني أرتاد ذات الأماكن الليلية سيئة السمعة ،
تلك البارات
والكازينوهات والفنادق رخيصة المستوى.. ولكنني أخبرك أنه كان عملي
الوحيد حينها ، ومع ذلك أعلي أن أذكرك أن المشاعر القلبية لا
تتقيد بالمعايير ؟
ولا تعرف صرفاً أو نحواً .. والدليل على ذلك .. أنك في الأخير قد أحببتني يا أمياس ! " كأنما هجومها الأخير أثاره لأمرٍ لم
يعرف سببه فقام و ارتكز على فخدتيه جلوساً
والتفت خلفه ليواجِهها قائلاً : " أتحاولين استفزازي ، آنـــا ؟ .. فدائما ما تحبين مضايقتي !
ابتسمت ابتسامة لعوب تجيبه : " قلتها بنفسك أحب مضايقتك وأفعل ذلك لأنك تحب أن تتحداني ! " نهضت من مكانها مُعلنة برحيلها فامسك
أمياس برسغها يمنعها : " لماذا تفعلين ذلك معي يا آنــا ؟ ماذا تريدين مني ! "
" أريدك أن تعترف يا أمياس ! .. أن تعترف بمشاعرك هذه ! أيصعب عليك قول تلك الكلمة ! " صرخت به غاضبة مُتوسلة ،
فتلون وجهه بدرجات الأحمر
المُتصاعد وهتف بثلاث كلماتٍ حاسمة بصورة مُتقطِعة مُستفزة : " اختفي .. من .. أمامي ! "

***

الساعة 4:45 صباحاً – شارع فريمونت

بالرغم من سكون الأزقة و خلوهـا من حركة الإنس المتضاربة لأغراضٍ شتى ، صوت مُستنجدٍ حاد شذ عن القاعدة المعروفة ،
صدر من ركنٍ بعيد لزقاق شارع فريمونت المظلم ، لصبيٍ صغير قد بلغ العاشرة منذ ساعاتٍ وجيزة .. اليوم كان عيد مولده وتم الاحتفال في
ذات الشارع بكونه مصدر الحياة والإثارة ، ولكن الآن أ حانت لحظة موته ؟

***

الساعة 05:00 صباحاً - مكتب التحقيقات الجنائي التابع لمدينة كارسون سيتي :

من بين إحدى الممرات كان هناك وقع أقدامٍ مُسرعٍ مزعج ، كاد أن يسابق الريح بسرعته لو أنه الموسم ، انعطف بين الأماكن كما
تنعطف سيارة صغيرة بين أزقة
دون مشقة ، حتى وصل لوجهته ، أي فريقه .. كخطوة أوليه وقف يلتقط أنفاسه نتيجة الجري ،
ملأ رئتيه بالهواء ثم صاح عالياً بنبرته الخارقة : " انـتـباه ! " ولدى صراخه هذا وقع
اثنان بالقرب من على كراسيهم وواحدٌ تشبث بمكانه صدفةً ،
أحد الإثنين منْ لم يحالفهم الحظ سابقاً هدر به لاعنا : " زاك ! .. اللعنة عليك
يا رجل ! ، لماذا تصرخ في هذا الوقت المُتأخر ! "
رد الرجل الملعون ذهبي الشعر بنفس النبرة :" اللعنة عليك أنت يا جون ! لا تلعني ! ..
بل اسألني عن سبب فعلتي بالأول ؟"
تدخل طرفٌ ثالث بنفاذ صبر منْ كان محظوظاً :" إذن لماذا فعلت ذلك باختصار .. زاك ؟ "
بدل أن يخبرهم بما في جعبته نظر نحو شخصٍ رابعٍ كان مسترخياً على الأرض نائماً وكأنه لم يسقط للتو من مكانه ! ،
أغضبه شأنه إذ لابد للجميع أن يستمع لما لديه : " لن أخبركم بالأمر حتى ينهض طريح الأرض هذا ؟ " أشار بأصبعه عليه .
فتحرك جون من مكانه بغية ضربه فأوقفه بيتر للمرة الثانية متدخلاً بينهما " اهدأ جون فليس الآن وقت انفعالك ، وزاك
كف عن تصرفاتك الصبيانية ! ..
و دع منْ في الأسفل في حال سبيله قد غفا تواً ،
لذا أخبرنا ما الأمر سنوقظه لاحقاً "
كعادة بيتر المنقذ ليس ساحراً بشعره الأسود الناعم وعينيه الخضراوين فحسب بل جيد في الإقناع وفي فض النزاعات
بينهما أيضا ، انصت زاك
مُقتنعاً بقوله : " حسناً .. هنالك جريمة قتل حدثت اليوم قبل ربع ساعةٍ من الآن في شارع فريمونت ..
وبطبيعة الحال تم الاتصال بنا وتعلمون ما معنى ذلك ! "
عبثت يديّ جون بشعره البني بصورة غاضبة أفسدت جمال تسريحته : " لم ننتهي بعد من
حل القضية الأولى .. وبسببها نحن هنا ما زلنا نعمل ، لتأتي ثانية من حيث لا أدري ! "
وافقه بيتر في مشاعره : " معك حق ذلك أمر مؤلم بالفعل ! ولكن علينا أن نذهب لمسرح الجريمة الآن ! "
و تركيز الثالث كان مُنصبا في جهة أخرى : " و ماذا نفعل بخصوص هذه .. الآن ! " حرك قدمه اليمنى يهز النائم في الأرض
ليفيق دون فائدة حتى أردف
بنبرةٍ مغتاظة : " أي نوعٍ من النساء ينام هكذا وبهذه الطريقة ! .. "
اكمل جون الشق الثاني من جملته يقلده ساخراً بطريقة مسرحية كوميدية : " من أين أتت هذه المخلوقة ! " ثم نظر
إليه ينتظر ردة فعله ليبدأ
الشجار المنتظر ! .. و قبل حدوث ذلك فتح بيتر فمه بوضع نهاية لحد المهزلة: " دعونا نذهب
لهناك .. و الآن ! أم تريدون أن أخبر الرئيس بتماطلكم في العمل
لأنكم تلعبون لعبة القط والفأر دائماً !" انسحب من امامهما متجاهل
تذمرهما باتجاه الرابع
النائم ليعلق في قميصه ما بيده من قصاصة ورق كتب بها ملاحظة ثم مضى في طريقه قاصدا المخرج وسرعان
ما اتبعه الآخرين ..

***

الساعة 05:20 صباحاً – منزل آل بوهافن :

توقفت سيارة أُجرة مُخبرة بوصول وافدٍ جديد ، ضيف ! ، خارج حديقة البيت المسور بأزهار قوس قزح ! .. تلك الازهار
التي لا يعلم بتسميتها و بسرها سوى
شخصٍ من العائلة من الدرجة الأولى ، ترجل الشاب من السيارة وخطى بثبات للبوابة ومن ثم
مروراً بالحديقة الصغيرة و النافورة وصولاً للمدخل ، رفع يده وبحركة
بسبابته طرق بخفة على الباب ذو اللون الأبيض بالرمادي ، ثم تراجع
للخلف يتيح الفرصة
لمستضيفه بأن يراه من فوهة الباب الصغيرة ، وظل واقفاً في انتظار الشخص الثاني ليتحرك ، ومن الجهة الأخرى كان
مالك المنزل يغط في نومٍ عميق في
غرفته في الأعلى حتى أفاق على رنة هاتف لم تزعجه بقدر إصرار المتصل ليجيبه ،
قد انتبه للرنة
ونسي الطرقة ، طرقة ذلك الرجل المسكين عند عتبة بابه .. رد على سماعة
هاتفه بانزعاج واضح : " نعم ! "
فأتاه صوت أنثوي مألوف زاد من انزعاجه لتعرفه عليه : " أمياس ! .. آسفه للإزعاج ولكننا نحتاجك حالياً ، لدينا جريمة قتل جديده ! "
رد بلامبالاة يرمي باعتذاراتها بعرض الحائط : " أعكرتِ صفوة مزاجي باتصالك المتكرر من أجل هذا الخبر ؟ ، تلك مشكلتكم أنتم المحققون
وليس أنا "
ثم اغلق الخط ، وحالما عاود النوم بفراشه بوضع رأسه بوسادته انتبه للجلبة في الأسفل ..
ذلك الطرق المستمر الذي تغيرت نغمته لتشابه حركة نقار الخشب عندما يشرع بالنقر على شجرةٍ ما ، أثار جنونه ذلك الصوت ! ،
نهض من سريره وهبط
الدرج بسرعة
ليفتح الباب ، ليُصدم بقدومٍ زائرٍ غير متوقع ، شاب في ريعان شبابه ، بقامة متوسطة بلغت 175 سنتيميتراَ ،
نحيف الجسم لحدٍ معقول ، شعره أشقرٍ ناعمٍ وعيناه
زرقاوان ، مُرتدياً بنطال جينزٍ كُحلي وقميصٍ قطني خفيف أحمر اللون ، دفعه بحركةٍ عصبيه ليتنحى عن طريقه ويسمح له بالدخول ، قاصداً بأنظاره الأريكة المخملية رمادية اللون أمامه ، فنطق الثاني مُتعجباً : " تشارلز ! ، أنت .. متى أتيت إلى هنا ؟ "
ليجيبه صاحب الاسم بنبرة لئيمة : " ماذا ترى عينيك ، لقد أتيت تواً وقبعت بالخارج انتظرك لتفتح الباب لستة دقائق ! "
" آسف ، ولكنني ما زلت في حالة صدمة لرؤيتك وفي هذا الوقت ! لماذا لم تخبرني بقدومك كنت سأتي لاصطحابك بنفسي ! "
" لأنني لم أرغب بذلك .. أتيت أُحاسبك بشأن أمرٍ يهمني ! "
بانت تجعُدات بجبين أمياس اتبعها تقوس حاجبيه استفساراً :" ماذا تعني بأنك لم ترغب بإخباري وأتيت لتحاسبي ؟ "
" لا زلت تتظاهر بعدم المعرفة ! .. سأخبرك في الحال يا أخي العزيز ! " قام من مكانه و أتى ناحيته ثم توقف أمامه يواجهه على بُعد شبرٍ
واحدٍ فاصل بينهما ثم أكمل حديثه : " قبل شهرين ألم تكن هناك في إيطاليا وفي روما وفي شقتي ! "
" بلى "
" أتيت لزيارتي لتطمئن على أحوالي وكيف أُبلي في دراستي الجامعية ، أليس كذلك ؟ "
" نعم ، ولكنني لم افهم حتى الآن ما أردت أن تحاسبني لأجله ؟ "
امسك تشارلز لياقة قميص أمياس الأبيض يسحبه بها نحوه بقوه بيديه الاثنتين ومن بين صرير أسنانه تابع
استجوابه : " الغريب أنك قطعت كل تلك المسافة ، ولم تخبرني بموت أحدهم تعلم بمكانته .. كم كانت تعني لقلبي ! "
ليخرج رد أخيه ضعيفاً في الدفاع عنه نفسه : " لم أعلمك لأنني توقعت ما ستفعله ووقتها كنت مشغولاً باختباراتك النهائية في الجامعة "
لم تُسر إجابة أمياس تشارلز و كردة فعلٍ متوقعه علم أمياس ما سيحدث تالياً ، إذ أطاحت به أرضاً قبضة مُلتهبة مُحمْلة بمشاعرٍ اختلط
حزنها بغضبها الكاسح
فتحولت لشرارة لهبٍ يزيد هيجانِها بتوفر العوامل .. إلا أنه لم يتوقع من تلك العينين الزرقاوين أن تذرف دموعا أيضاً .. وكل ذلك لمنْ .. لآنـــا ! ..



***


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]


التعديل الأخير تم بواسطة S O H A N I ; 07-24-2016 الساعة 08:26 PM
رد مع اقتباس