عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 11-10-2016, 09:53 PM
 
الفصل الثالث~الغضب

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/10_10_16147612724995722.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]






الفصل الثالث~الغضب


على سجادة رواق القصر الحمراء الفاخرة، سار بعصبية تحده جدرانها الرفيعة، عاجية ذات طراز روروكي فاخر، سار حتى اقبل اليه احد الخدم، اوقفه طالبا اليه ان يقابل الملك في صالة اجتماعهما السرية، تجهم معالم وجهه من نبرة الخادم كأنه ادرك ان الامر لا يبشر بالخير، توجه مباشرة لمقابلته، دخل ليجد الملك جالسا على كرسييه المخملي ذو الطباع الانتيك، وابنه المتعجرف يجلس على يمينه، يرمقه بنظرات حاقدة متوعدة، تقدم الوزير بهدوء ليقف امام الملك ويلقي عليه التحية باحترام ثم يوجه نظره للامير فيلقي التحية وكلاهما قلبيهما يحترقان غضبا من الداخل، ارجع الامير ظهره ليسنده على كرسييه ويبعد نظره عن الوزير ليترك امره لابيه، اقبل الوزير ليجلس على يسار الملك لكن الملك وضع يده امام الكرسي ليمنعه، نظر الوزير الى الملك مستغربا فقال له الملك: " لست مؤهلا للجلوس بجانبي وانت تؤذي اعز الناس الي" بحقد نظر الوزير الى الامير الذي رفع رأسه شامخا باستعلاء وقد تهربت منه نصف ابتسامة مستحقرة حين باتت بوادر الانتقام تشق طريقها لصدره، لكنه ما اكتفى بذلك حتى عاد لينظر اليه مقطبا منتظرا توبيخ والده له.
تحامل الوزير متفهما محاولا التزام الهدوء في جميع تصرفاته حتى يعيد الامور الى نصابها، بصمت مكابر ابتعد ليجلس على كرسي بعيد نسبيا عنهما مواجه لهما، جلس ونظر الى الامير يبتسم ساخرا بمعنى "هل ارتاح قلبك الان" بادله الامير ابتسامة جانبية كأنه يجيبه:"لم ترى شيئا بعد... ينتظرك الاسوء..." قاطع الملك الشرارة المتطايرة من عينيهما حين خاطب وزيره بحدة:
- بما تشرح فعلتك اليوم مع ابني؟...
نظر الوزير للملك وتفكر قليلا ثم قال بانزعاج:
- سموه ظل يقابل ابنتي بالخفاء علما انك منعته من ذلك...
- اجاب الملك بملل"و؟..."
ضيق الوزير عيناه عند رؤية ردة فعل الملك الميتة الضمير، كأنه استنتج شيئا تمنى لو كان خاطئا لكن الملك اردف " ابني الامير ويحق له ان يفعل ما يشاء... ومتى ما شاء..."
اغمض الوزير عينيه بيأس حينما تأكد ان طينة اهل الجزيرة بدأت تظهر خبثها التي وارتها انتاشيا وامها طوال الخمسمئة عام مضت، علم ان التمهل، المنطق والحوار لا مكان لهم بين اولئك البشر بعد لان، نهض بحزم وتقدم خطوات واثقة ليقف امام الملك شاهرا سبابته مهددا: "تعلم انه يمكنني ان احطم مملكتك فوق رأسك بغمضة عين فانتبه لما يبدر منك..."
- افرج الملك عن ابتسامة شامتة قائلا: " تلك المعاهدة التي اجراها اجدادي مع والدك تمنعك من ان تعود بأي ضرر للمملكة..."
- الوزير بحدة: ذلك في حال لم تقم انت بالإخلال بالمعاهدة، لكنك كما ترى بدأت تقدم مصالحك الشخصية على المملكة..."
سكت الملك حين تذكر ذلك بينما انصرف الوزير غاضبا، نهض الامير بصدمة من كرسييه ينظر الى الوزير تارة والى والده تارة وهو يحثه على معاقبته صارخا:"لما تركته يفلت دون عقاب، انت الملك، لك ان تطرده متى ما شئت على اقل تقدير، ليس هذا ما توقعته منك ابي وانت ملك هذه البلاد..."
نظر الملك الى الامير نظرات تظهر ما في قلبه من لظى ثم قال له: "يوما ما... سيأتي ذلك اليوم الذي انتقم فيه منه على تجروئه على تهديدي..."
- بغضب صاح الامير: ولما تنتظر ذلك اليوم، لما لا تفعل ذلك الان...
باستياء نظر الملك للامير وقال له:" بما انك لا تعلم شيئا فحاول الا تتتدخل كي لا تزيد الامور سوءا"
زم الامير شفتيه محاولا كبت غيظه ثم نزع ناظريه عن والده وانصرف
بخطوات سريعة مشى لخارج القصر وهو يشتم الوزير ويتوعد له، قابله خادم في الخارج سلم اليه حصانه، صعد عليه رفع رأسه غاضبا قائلا:" انا اعلمك كيف تتجرء علي، انا من سيريك قيمتك..." اعطى الاشارة لحاصنه وانطلق يسابق الرياح...
---
وقف تحت البرج مناديا انتاشيا كي تنزل له شعرها، انتظر قليلا فلم تجب، صاح غاضبا:"انتاشيا ايتها السخيفة انزلي الي شعرك والان والا..."
لم يكد ينهي جملته حتى رأى والدة انتاشيا تطل من النافذة تطلب منه الانصراف، سك على اسنانه، شد على قبضته، اغمض عينيه بعصبية مرددا بحنق: "تلك للعجوز السبب من البداية، لو انها امامي للكمتها وارديتها ارضا..." نظر لنافذتها ثم الى العرائش التي تغطي البرج للاعلى وقال بعزم:"مجددا الى الخطة البديلة"
تشبث بهم وبدأ التسلق حتى وصل للنافذة، اجتازها فاسرعت اليه امها لتوقفه طالبة منذ الرحيل، دفعها عنه ليسرع الى انتاشيا التي كانت جالسة في غرفتها على السرير، تمد يدها على موضع صفعة ابيها وتبكي بحرقة، اقترب اليها بعصبية قائلا:
- ما بالك... لما لا تردين علي؟
دخلت الام الى الغرفة، ربتت على كتفه قائلة بترجي: "انظر الى ما آلت اليه بسببك... ارحمها وابتعد عنها... دعها تكمل حياتها كما كانت..."
ابعد الامير يدها بغطرسة صارخا: تكمل حياتها كما كانت!... وهل ما كانت عليه تسمى حياة؟... لن اسمح لذلك ان يحدث ابدا..."
- بهدوء اجابته:"انتاشيا راضية بحياتها كما هي... هي تفعلها لمساعدة البشر على العيش بسلام ووئام... ولكنك اتيت..."
- اي سلام ووئام... لما تطلقين عليها تلك الخدع؟... لما تريدين لها ان تبقى في هذا البرج وحيدة معزولة..."
- هي من تقرر حياتها وليس انت وهي راضية بذلك...
- هي راضية بذلك!... (اشر اليها بعصبية وقال) اسأليها بنفسك عما تريد... قلت لها ان كارثة ستحدث لو التقت ببشري وها هي الحياة على خير ما يرام
- انصرف...
استدار الامير ليرى انتاشيا تمسح دموعها، نظرت اليه بحقد وقالت له:"انصرف من هنا الان..."
قطب حاجبيه ينظر اليها كأنه يحاول ان يتأكد مما سمعه لسماعه، اقترب منها يلومها:" اتطردينني؟... لقد انصعت لك ولم ابارح مكاني حينها وهذا ما لم افعله مع احد حفاظا على صداقتنا... والان تطردينني كما يطرد الاعداء
تهربت منها ضحكة ساخرة تبعها قولها: حفاظا على صداقتنا!... اي صداقة هذه؟... وهل يخدع الاصدقاء بعضهم؟
- هل هذا الضيق نابع عن غشي اثناء لعبتنا؟...
- نظرت اليه بحدة لتقول:"بل حين اخبرتني ان امي تكذب علي بشأن الكارثة التي ستحدث في حال التقائي ببشري...
- واين الخداع فيما قلت
- لقد انتشرت الصفات الذميمة في المملكة وتقول لي اين الخداع؟
- وأين الكارثة في ذلك؟...
سؤاله اخرسها، لم تكن تتوقع ان تسمع ذلك منه، كانت تعتبره منقذها الذي يفترض ان تكون به كل الصفات الحميدة ولكن يظهر انه كان يواري حقيقته طوال الوقت، ويبدو ان الخداع سمة ملازمة له طوال الوقت، حاولت كبت غيظها وهي تطلب منه ان ينصرف لكنه اصر على البقاء، نهضت تنظر اليه وقد اشتعلت عيناها احمرارا كالجمرة، انتفض قلبه لرؤيتها هكذا لكنه اصر على موقفه فاسرعت اليها امها محاولة تهدأتها، تجاهلتها واسرعت الى الامير وصارت تدفعه وهي تصرخ: "قلت لك اخرج من هنا... اخرج من حياتي... لا اريد رؤيتك بعد الان...لقد خربت حياتي وفسدت نظرة ابي الي..." ظلت تصرخ هكذا وتدفعه الى أوصلته الى النافذة ورمته منها، ظلت تتأمله وهي تسترجع انفاسها بينما خرجت امها سريعا بمكنستها الطائرة وامسكته، انزلته على الارض اسفل البرج طالبة منه الرحيل، وهو الذي نجا بأعجوبة من تلك السقطة ظل غارقا في صدمته ينظر الى حيث تقبع انتاشيا في النافذة، برهة قصيرة وبدأ يستوعب ما حصل معه، انفجر صارخا "تبا لكم... تبا لكم جميعا انا اكرهكم كلكم... اكرهكم كلكم..." قال جملته وركض الى حيث ترك حصانه، ترقبته الام بحزن ثم عادت الى البرج، وقفت امام ابنتها توبخها: ما الذي فعلته!... كدت تقتلينه..." نظرت انتاشيا الى امها شاردة ما لبثت ان عادت الى وعيها، تذكرت ما فعلته توا فوضعت يديها امام فمها بصدمة، نظرت للاسفل لتجده خاليا من الامير، اعادت نظرها لامها مستفسرة: "ما الذي حدث له" قالت الام وهي ما تزال تنظر الى ابنتها مصدومة " لقد انقذته... انه بخير..."
نظرت انتاشيا الى يديها وهي تسترجع ما حدث، قالت بذهول:"لست ادري ما اصابني... فجأة وجدت نفسي اهاجمه و... وحدث ما حدث..."
امسكت الام ابنتها من ذراعاها لتنظر مباشرة في عينيها وقالت لها:"احذري الغضب... الغضب يعمي البصيرة ويدفعك لفعل ما تندمين عليه... هذه المرة كنت بجانبك لانقاذه... لكن ما كنتي لتصنعي لو لم اكن موجودة وحدث ما حدث الان..."
تراخت فرائسها للتفكير بالامر فقط، تراجعت خطوات مصدومة ثم اسرعت الى غرفتها لترتمي في سريرها، اخفت راسها بذراعيها محاولة التهرب من واقعها، تبعتها امها لتجدها في حال يرثى لها، نظرت بقلق الى خصلة الغضب التي باتت مجعدة، جلست على مقربة منها وملست على رأسها تهدئها قائلة: "لا تقلقي، سننطلق من هنا ليلا ولن يأت الامير لزيارتك مرى اخرى وبذلك لن تبدر منك مثل ذلك التصرف مجددا..." نهضت انتاشيا معانقة امها بخوف قائلة: "لما علينا ان ننتظر لليل، لما لا يمكننا الذهاب الان؟... اخشى ان يأت الامير مجددا قبل ذهابنا ويتكرر الامر..."
بادلتها الام العناق تطمئنها:" لا تقلقي من هذه الناحية فلا اظن ان الامير سيجرؤ على القدوم اليك مجددا بعد ما رأى منك
- نظرت انتاشيا لامها بخوف قائلة: هل تظنين ذلك؟"
هزت الام رأسها ايجابا ثم قالت:" اجل يا عزيزتي..." قربتها اليها وقبلت جبينها فعادت انتاشيا تعانقها ملتمسة الطمئنية
---
سار الامير بحصانه ليتوجه الى القصر والغضب قد وصل مواصيله، لكن شيئا غريبا في الطريق الهاه عن غضبه، فوضى عارمة انتشرت في الاسواق، يمشي وينظر حوله مصدوما، هاك يصيح وذاك يضرب والاخر يشتم، ما الذي حدث لسكان المملكة اليوم، هذا الحدث لم يرى مثله في حياته، وبينما هو يمشي شاردا يراقب ما يجري حوله، انتفض حصانه فجأة اثر ضربة تلقاها من احد الموجودين أسقط الامير ارضا وهرب تاركا صاحبه مطروحا، امسكه احدهم من ياقته مهددا: "انت... كيف تجرؤ على اعتراض طريقي..."
اراد الامير ان يهدده كعادته انه امير هذه البلاد لكن الرجل لم يعطه فرصة، سرعان ما لكمه وتبعها بلكمة اخرى، وقبل ان يكمل الضرب اسك الامير قبضته ولوى ذراعه لخلف ظهره، اراد ان يسمعه ما تيسر له من كلام وقح يشفي به غليله بعد كل ما لاقاه اليوم لكن اقبل اليه احد من الخلف وضرب رأسه بعصا فسقط ارضا فاقدا وعيه، نهض الاخر من الارض وركل خاصرته شامتا ثم انطلق يبحث عمن يفجر به ما تبقى له من غضب...
استيقظ الامير ليلا ليجد نفسه في غرفته على فراشه الوثير، مد يده متأوها على موضع الضربة في رأسه لليجده مضمدا، نهض من السرير واضعا يده على خاصرته، وسار منحنيا من الالم حتى وصل الى باب غرفته، فتحها ليجد خادما في الخارج طلب اليه ان يعود لغرفته لأنها اوامر الملك، تجاهله الامير واكمل طريقه فأمسكه الخادم من ذراعه واعاده للغرفة قائلا بحدة: "قلت لك عد الى غرفتك..." اتسعت عينا الامير ذهولا ثم اقترب من الخادم مشيرا الى نفسه يقول: "انا تكلمني هكذا!... انا تعاملني هكذا ايها الخادم الوضيع..." انتبه الخادم لما بدر منه فتراجع معتذرا ثم قال:"اسف لقد كانت اوامر والدك..."
نظر الامير للخادم باحتقار ثم قال: "ولما يمنعني ابيمن الخروج من غرفتي؟..."
- يخشى عليك ان تتأذى كما حدث عصر اليوم...
تنهد الامير بممل ثم عاد لينظر الى الخادم وقال له:"انا لن اخرج من القصر، اريد مقابلة والدي فقط"
- الملك ليس هنا الان... لقد خرج واخذ معه فرقة للقضاء على القرية التي تسببت لك بذلك...
- نظر الامير مستغربا للخادم وقال:"هل قلت القضاء على قرية بكاملها؟
هز الخادم برأسه ايجابا فارتسمت الصدمة على وجه الامير وترددت كلمات في داخله:"ما الذي يجري له بالضبط؟... لطالما كان والده رحوما بمن حوله ويطلب منه ان يكون كذلك بينما هو الذي كان يرفض، تغير والده مؤخرا ولكن ضمن اوصاف معقولة، لكن ما حدث اليوم... المملكة كلها انقلبت رأسها على عقب... دخل الامير لغرفته ليعود الى سريره مواسيا الامه مقنعا نفسه ان ما سمعه كان مجرد مجاز للعقاب ليس الا...
---
دخل الملك لغرفة ابنه ليطمئن عليه فيجده نائما، هم بالخروج لكن سمع صوت الامير يناديه، توقف عنده ليجده يحاول النهوض بصعوبة حتى استطاع الجلوس، نظر اليه الملك بسخط وقال:"اعلمك سنين على المبارزة وحماية الذات لاجدك اخيرا ملقا على ارض قرية بدائية بسبب ضرب بعض الفلاحين؟...
تجاهل الامير كلام والده ليسأله:"اين كنت؟..."
قال بإشمئزاز: " لقد ابدت القرية عن بكرة ابيها
فرغ الامير فاهه بصدمة فاتحا عينيه على وسعهما، ثم قال منتفضا:"كيف تفعل ذلك... لست انت الذي يقتل الناس ظلما... الذي ضربوني اثنين فقط لا غير... لما قتلت الجميع
اقترب الملك من ولده قائلا بلؤم:
" سيكونون عبرة لغيرهم... من يجرؤ على الاقتراب من احد افراد العائلة الملكية سيلقى حتفه هو وكل عائلته... (اردف مهددا) وانت لا اريدك ان تكون عالة على عائلتنا والا قمت بالتبري منك...
انصرف والده من الغرفة بينما ترافقه نظرات الامير المذهولة مما سمع، القى بنفسه على السرير محاولا تحليل ما حدث بالضبط، فجأة تذكر كلام انتاشيا: "الصفات الذميمة انتشرت في المملكة... وذلك بسبب لقائها به" انتاشيا اليوم اجتاحها نوبة غضب مجنونة، ايمكن انها كانت السبب فيما حدث اليوم بالقرويين وكذا بوالده؟ لكن لما هو لم يتأثر رغم انه عادة هو الوحيد الغاضب؟... تقلب على فراشه باستياء ليدرك حقيقة مرة، وهي انه عليه الانقطاع كليا عن مقابلة انتاشيا...
اغمض عينيه للماضي الجميل معلنا ان الصديقة التي كانت له يوما ما ستعتبر من الان فصاعدا ميتة...

***

اصدر الهاتف صوتا لطالما كرهته زوزي حين ظهر تنبيها وسط شاشة هاتفها، انه شحن الهاتف الذي اوشك على النفاذ، تذمرت بانزعاج لتطفئ شاشة الهاتف وتعيده الى حقيبتها وهي تلتفت يمينا ويسارا تبحث حولها عن مكان تلجئ اليه كي تشحن بطارية هاتفها، لكن لا شيء حولها الا اللاشجار، وضعت الحقيبة على ظهرها ومضت، كلما احست ان ذلك الشعور المزعج -الحسد- يتزايد، علمت انها تبتعد من المنطقة الامنة فتعود ادراجها، بعد طول البحث علمت اخيرا ان المنطقة الامنة لا تزيد عن عشر امتار مربعة، جلست على احدى الصخور منزعجة تفكر بحل حتى لاحظت مكانا مظلما تحت شجرة، اقتربت من هناك، اخذت هاتفها لتشغل الكاشف الضوئي وتوجهه الى المنطقة المظلمة فيتبين لها ان ذلك المكان لم يكن الا كهفا يوصل الى تحت الارض، خافت في البداية لكنها فيما بعد علمت انه لا حل امامها الا الدخول، فالطعام بدأ ينفذ منها والجد برو ليس موجودا ليصطاد، كما ان لا شيء تفعله وحيدة الا اللهو بهاتفها الذي اوشك على نفاذ شحنه، عقدت عزمها وانطلقت للداخل، تمشي تراقب النفق الصخري تارة وتارة اخرى تراقب النسبة الميوية للبطارية التي تتناقص عبر مرور الوقت حتى وصلت اخيرا الى مفترق طرق، ندبت حظها اذ ان ما تبقى من البطارية اقل مما تحتاجه للعودة، ما يعني انها ستنقطع من النور في منتصف الطريق، نظرت للخلف ثم للامام فقررت الإستمرار عسى ان تجد شيء ما في الداخل
واستمر غي المشي الى ان فرغت البطارية وساد الظلام في الارجاء
---
توقفن الصديقات وسط غابة بعيدة نسبيا عن البيوت واخذن يسترجعن انفاسهن من كثرة الركض والهرب من الزومبي، جلسن على الارض فقالت بيم: "لقد نجونا بأعجوبة" نظرت اليها هاري بانزعاج وقالت:"بل نجوتم بصورة خطيبي-هاري ستيل-، لما لم تدعيني استرجعها " نظرت اليها بيم تضحك ببلاهة لتقول:"الذي اخذوه هو صورته وليس هو بالذات، فلما انت منزعجة؟..."
- تبا... وان كانت صورته فقط... انا لا استطيع النوم بدون رؤيته...
- بيم بأسف: اسفة... ما كنا لننجو دون ذلك، فإناث الزومبي عند رؤيته تناسونا تماما ليصبح هدفهم الصورة وحدها دوننا، لو ذهبننا لاسترجاعها كنا خرجنا من هناك اشلاء متناثرة...
اخفضت هاري رأسها بحزن ليسود الصمت بينهن، وعندما وجدت هاك وقتا للكلام إستلقت على الارض الترابية واطلقت تنهيدة ارتياح لتقول:"لقد كان ذلك الديناصور رهيبا... من الجيد اني استطعت القفز فوقه وألجمت حركته ثم قضيت عليه بركلة واحدة" نظرت الصديقات لبعضهن بملل ثم صاحت هاري:"حسنا هذا يكفي... لقد الفقتي الكثير من الكذب لكن هذه الكذبة!... المعذرة لا يمكن تصديقها..."
نهضت هاك مندفعة تقول:"وما ادراك انت... لقد وارتني شجرة عن رؤيتكن لي..."
- هاري ساخرة: وارتك شجرة؟... انت والديناصور بحجمه كاملا...
- هزت هاك كتفيها لا مبالية وقالت:" ولما لا... عش طويلا تسمع كثيرا
نظرت الصديقات اليها مصدومات اذ انها هي نفسها تصدق كذباتها اكثر منهن، قالت سنو:" يا فتيات... الا تظنون اننا ظلمنا الجد برو..." نكسن الفتيات رؤسهن توافقنها الرأي إلا هاك التي قالت:"بالله عليكم... هل تصدقون خرافته؟... هل رأيتم في حياتكم فتاة تحرك شعرها بإرادتها؟... لا ليس هذا فقط بل تتحكم به بالبشر... انه محذ عجوز خرف...
عاتبتها سوهاني لما بدر منها من كلام، بينما قفزت هاري غاضبة:"اما انت خرافتك منطقية جدا، ديناصور عملاق يخفي نفسه خلف شجرة" نهضت فاير قائلة: "انا ارى ان نعود الى العجوز، فقد بدا ملما بما يجري في هذه الجزيرة..."
تبعتها سنو: هذا صحيح... فلا اذكر ان احدهم تجرء على مهاجمتنا بوجوده..."
هاك: هذا لاننا كنا لا نزال في المنطقة الامنة
بيم: ايمكنني ان افهم ما لديك ضد الجد برو
تفكرت هاك قليلا ثم قالت: انه العدو... هو يستغلنا لمصلحة لا اعرف ما هي بالضبط لكنني اشعر بذلك
- تنهدت سوهاني بملل ثم قالت لها: حسنا يكفي هذا الحد من الكذب... يفضل ان تنضمي الى زوزي لانك ستخسريننا كأصدقاء لو استمريتي بهذا
قطبت هاك بانزعاج واصبحت تطلق كذبات للدفاع عن نفسها واقناعهن بوجوب بقائها معهن الا انهن لم يصدقنها، تجاهلنها ومضين في طريقهن، وبينما هن يمشين صاحت هاك: "توقفوا... يوجد تشققات على الارض قرب الجرف" اطلقت هاري زفرة استياء بينما توقفت سوهاني تعاتبها لاجل الكذب مجددل رغم علمها انها لن تستمع اما بيم وقفت بجانب سوهاني تنتظرها، فاير وسنو عادتا ادراجهن لتمسكان بيم وسوهاني كي يرجعوهما ويقنعوهما انه لا جدوى من الحديث معها فهي تحت تأثير سليلة رابونزل، لكنهن انصدمن من صوت تكسر الارض وتلتها صرخة هاري، نظرن خلفهن ليروا ان هاري اختفت، وضعت بيم يدها على قلبها فزعا ودون ان يجرء احدا علىالاقتراب لرؤيتها مدمية في الاسفل تأسفن لفقدانها، قالت لهم هاك:"لقد اخبرتكن... لست اكذب لكنكن لا تصدقنني..." احتارت الصديقات فيما يفعلن حتى سمعن صرخة هاري المستنجدة، اسرعن الى حافة الجرف ليروها متمسكة بصخرة في الاسفل، مدت بيم يدها لمساعدتها على الصعود وبصعوبة استطاعت ان تتمسك بها، قبل ان تهم برفعها للأعلى سمعت صرخة صديقاتها، لم تستطع ان تنظر لما يجري في الخلف فقد كان راسها تحت مستوى الارض خلف الجرف، وثقل هاري منعها من الصعود بسهولة، لكنها لم تحتج ان تنظر لتعلم ما الذي جرى فقد سمعت ذلك الصوت الذي كانت تهرب منه مع البقية منذ امس، تجمعت الصديقات حول بيم مرتعبات، لا مكان لهن للهرب هذه المرة، وبيم المسكينة لم تعد تستطيع تحمل وزن هاري الذي انهكها، تراجعن خطوة للخلف وما ان اسرع الزومبي اللهجوم حتى تقوقعن في ارضهن صارخات، سمعن صوت طلقات نارية، فتحن اعينهن ليروا الجد برو حاملا عكازته كبارودة ويطلق منها النار على الزومبي الذين باتوا يهربون منه، فجأة انتهت الطلقات، نظر لعكزته مستغربا ثم قلب وضعيتها واخرج منها سيفا واكمل هجومه حتى اختفوا لاخر نفر، عاد العجوز للفريق يطمئن عليهن ويسألهم عن مجريات يومهما السابق فصاحت بيم: "اترك هذا السؤال لما بعد وساعدني على رفع هذه االثقيلة" صاحت هاري متأرجحة في الفراغ بسبب انفاضها من الغضب:"انت يا هذه... انا لست ثقيلة"
- بيم: ما كنتي لتقولي ذلك لو كنت في مكاني
اسرع الجد اليهن ليعيد السيف الى غنده ثم يخرج منه خيط السنارة ويطلقه من الجرف فيغرز في سترة هاري، بينما هو يرفعها اسرعت خصلة من شعر السليلة لتسرق شعرة من هاري، اسرع الجد ليأخذ خنجره من جيبه الا ان هاري هبطت ما ان افلت السنارة فخوفا على سقوطها عاد ليمسك السنارة بإحكام سامحا رغما عنه للسليلة بسرقة شعرة من هاري، رفعها ليضعها على الارض، ما ان وصلت حتى هجمت على بيم:"كيف تتجرئين على القول اني سمينة...ان سمعتك تقولين ذلك عني مجددا سوف اقتلك" اسرعت فاير وسنو يبعدانها عنها، تم ذلك بصعوبة لكن اكملت هاك:"لكنك سمينة بالفعل؟...فلما انت غاضبة؟..."
اسرعت هاري الى هاك تشد شعرها، فتارة تصرخ وتارة تطلق كذبة جديدة تستفز بها هاري، وهاري تعيد الهجوم، اقترب الجد منهما وضرب كلتاهما بالعكاز على رأسهن حتى وقعن على الارض فاقدات يوعيهن، نظر الجد برو الى ما تبقى من الفريق، بيم سوهاني فاير سنو، ظهرت علامات اليأس على وجهه ثم قال:"كما ترون... ان ظلا معنا فلن نستطيع ان نتحرك شبرا واحدا، لن نأمن من كلام هاك وما تطلقه من اشاعات وهاري قد تهاجمنا لاجل اي سبب سخيف، علينا ان نعيدهما الى المنطقة الآمنة ثم نكمل طريقنا، نظرت سنو الى دفترها الذي تسجل به كل كبيرة وصغيرة من هذه الجزيرة حتى رأت ان الجد برو محق، هي لن تستطيع ان تكمل تقريرها عن هذه الجزيرة ان لم تكمل مشوارها، نظرت للجميع حزين على فراقهما، ربما هم محقين لان على الفريق ان يبقوا متكاتفين، لكن في حالتهم الافضل ان يفترفوا والا كما قال العجوز، هن لن يتحركن شبرا...
لم تكد تعلن موافقتها للجد حتى نهضت بيم معترضة: "نحن قدمنا الى هنا بمهمة استكشاف الجزيرة، صح لن اخفي ذلك، ولكن مهمتنا الاولى هي قضاء وقتا ممتعا معا كفريق، لكن ان كنا سنفترق فذلك لن يحدث...
الجد: اذا تفضلين ان يقضى عليكم من قبل سليلة رابونزل لاجل قضاء وقتا ممتعا؟
- لا... لكن ان لم نستطع ان نكمل سوية فسنعود سوية... لا مزيد من التفرقة...
الجد بانزعاج: انت تمزحين... لقد اجتزنا نصف الطريق وهذا ما لم يستطع احد قبلنا ان يفعله، هل ستتراجعين الان؟
- ولما الانانية؟... لسنا بافضل منهم فقط لان السليلة سرقت منهم شعرة، انهم لا يدركون ما يفعلون
- لذلك اظن انه عليهم ان يعودوا، لو استيقظوا مما يجرى معهم سيشعرون بالسوء تجاهكم
- لذلك سيكون علينا العودة
- ابتسم العجوز ابتسامة ساخرة ليقول:"لن نستطيع العودة، نحن عالقون هنا
تفحصت بيم ملامحه محاولة فهم ما يدور بخلده ثم اخرجت هاتفها لتتصل بأخ ميمي ليأتي لاصتحابهم لكن الهاتف اعطى اشارة عدم ايجاد الشبكة، رفعت يدها تحركها باحثة عن مكان مناسب ليلتقط الشبكة لكن العجوز قال:"لقد اخبرتك، نحن عالقون هنا فلا تضيعي وقتك بالبحث عن شيء غير موجود"
التفتت اليه بيم قائلة:"ما الذي تقصده ب'شي غير موجود' "
- سبق ان اخبرتكم ان هذه الجزيرة من العصور الوسطى، بمعنى اخر لا وجود لشبكات الهواتف النقالة او اماكن لتشحنوا هواتفكم
فرغت بيم فاهها مصدومة بينما ضربت سوهاني خديها قائلة:" اذا نحن عالقات هنا!... لا يمكننا العودة ابدا...
الجد برو: بل هناك طريقة واحدة، لكن علينا ان نكمل مهمتنا مسبقا
- بيم: وما هي الطريقة؟
- نظر اليها الجد نظرة غريبة وقال: كل شيء جميل في اوانه فلا تستعجلن الامور
صدرت تثاؤبا من هاك لتنهض عن الارض تحك عينيها ثم قالت: "لقد اخبرتكن ان هذا العجوز يستغلنا... هناك امر يخفيه عنا
اسرع العجوز ليضرب هاك على رأسها كي تعاود النوم لكن بيم وسوهاني امسكاه بعجل ليمنعاه
استيقظت هاري، نظرت حولها لتجد الجميع يتشاجر فكان ذلك ك نار بالنسبة للوقود فاسرعت لتنضم اليهم، بعد مضي وقت قصير جلس الجميع متعب، وضع الجد برو يده على رأسه ليحد من وطئة الصداع مطلقا تنهيدة مثقلة تبعها قوله: "صدق المثل القائل، قاضي الاطفال شنق حالو" انتفضت هاري مهاجمة: "من تنعت بالاطفال يا هذا؟..." سحبتها بيم لتعيدها الى مكانها فتجلس تتنفس الصعداء حتى تقرر بعد هذه المشاجرة عودة هاك وهاري الى المنطقة الامنة الى ان تنتهي مهمتهم فيخبرهم الجد برو عن الطريقة التي يفكر بها للعودة، وبما ان هاري وهاك امتنعا عن العودة عاد الجد ليضربهما على رأسيهما فيغمى عليهما وحملوهما الى بر الامان...
---
وصلوا الى المنطقة الامنة، وضعن تلك الاثنتين على الارض وبحثوا حولهم، زوزي مختفية لا اثر لها، اين يمكن ان تكون قد هربت، نظرت سنو حولها بذعر ثم قالت:"اوني تشان... ايعقل ان الزومبي عاجمها واكلوها؟..." ضحك العجوز ساخرا قائلا: ان ذلك مستحيل، تسمى هذه المنطقة بالمنطقة الامنة لان لا يمكن للزومبي الاقتراب منها... كما ان لا اثر لدمائها في اي مكان
- بيم: هذا صحيح... اين يعقل ان تكون
- الجد: لست ادري، لكن علما انها متهورة اظنها ملت من انتظارنا وحاولت متابعتنا واستبعد في هذه الحالة بقائها حية... فلا يمكنها وحدها مجابها الزومبي...
ارتسم الرعب على وجوه الفتيات ثم صرخت هاك فتوجت انظار الجميع اليها، اقتربن منها ليعلموا منها ما حدث فقالت بترجي:"لقد اخبرتكم اني لا اريد ان اقدم الى هنا..."
زفر الجميع بارتياح ثم قالت بيم: لثد تقرر الامر، بعد اختفاء زوزي لن نأمن ان تبقى هاري وهاك اخياء ايضا... سيأتون معنا"
نظر الجد برو للشاطئ قائلا: "اذا... اظن سنضطر ان نصطاد قليلا لنجمع القليل من الطعام لرحلتنا فقد لا نجد هناك ما نأكله...
اسرعت اليه سوهاني بعيون تتلألئ توسلا: "الطير المشوي... ارجوك الطير المشوي..."
ابتسم الجد وربت على رأسها قائلا:"حسنا... لك ذلك..."
بعد فترة غداء دامت طويلا بسبب الصعوبات التي مرين بها مؤخرا واتى الليل وهم ما زالوا يأكلن بشراهة الى ان انتفخت بطونهم، استلقى الجميع الجميع علر الارض دون تخييم بسبب الكسل الذي دبب فيهم فجأة وناموا دون تفكير بالامر، نظرت سوهاني للسماء الرصعة بالنجوم يتشرف عليهم القمر الذي شارف على الاكتمال، التصقت ببيم وهي تفكر:
ماامتي... اين انت الان... تحتاجك في هذا الوقت اكثر من اي وقت اخر...

---

بعد مشي طويل في الانفاق المظلمة يأست زوزي وعلمت حينها ان نهايتها قد انت، ستموت هنا حتما دون ان يدري بها احد، ستتحول يوما ما لهيكلا عظميا في الظلمات تحيك عليه العناكب بيوتها كما التي تشاهدهم في الافلام، جلست على الارض معانقة ركبتيها تنتظر اجلها، ووسط ذلك الظلام الدامس سمعت صدى لاصوات بعيدة، سرعان ما فتحت عينيها محاولة ايجاد مصدر الصوت، نهضت تتخبط في الظلمات حتى خطر لها فكرة رهيبة، ماذا لو ان مصدر هذا الصوت هو وحش يعيش في الكهف؟... تسمرت في مكانها واصفر لونها بعدما تجمد الدم في عروقها واثلجت اطرافها رعبا، تراجعت لحيث كانت واحتارت، اتكمل طريقها ام تبقى مكانها منتظرة ساعتها، فضولها لم يسمح لها الا بالاستمرار، صارت ببطئ وحذر حتى اخيرا رأت نورا بصيصا عن بعد، اكتشفت بعدهاا انها مشاعل معلقة على جدر النفق، مرت بينهم بحذر حتى شمت رائحة مألوفة، رائحة لا يمكن ان تخطئ بها، لكن ما صدمها جملة سمعتها "من لديه اعتراض فليتحدث الان او فليسكت الى الابد"
فنجرت زوزي عينيها لسماعها تلك الجملة، كيف يجرؤن، يقيمون زفافا وهي ليست ضمن المدعوين! اسرعت خطاها الى ان وصلت الى بوابة خشبية عملاقة، ركلتها لتفتح على مصرعيها فينظر الجميع اليها مستغربين، واخيرا نادى العريس المقيد بالحبال، هناك معترض، لرؤية زوزي المشهد فرطت ضحك ثم تقدم شامتة، وصلت للعريس وضربته على ظهره وهي تضحك حتى سعل عدة مرات واستعاد انفاسه قالت له: "انت هنا ونحن كنا نبحث عنكما لنصنع بوظة الطحالب؟..." نظرت للطحلب الاخضر مربوط ايض فقالت: "دعني احزر... هربت عروستك"
ضحك اسبادا وقال بمرح: "ما كانت لتهرب عروستي بعد ان تربطني لتجبرني على الزواج، بل انا الاشبين"
زوزي متفكرة: "اذا ليس عرسا مشتركا؟"
قلبت زوزي ملامحها فجأة للغضب مجهزة لكمة كبيرة، وقالت: "بيننا ثارات تعلم مصدرها..." وما ان استوعب وسام على ما تنوي حتى وجد نفسه في المستشفى...





[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________













رد مع اقتباس