عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-21-2017, 05:56 PM
 

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:900px;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/21_01_17148500972539833.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]


1
ضجيج أمواء

سلطنة عمان \ محافظة الداخلية \ في احدى الولايات

2007م

كان مكان أقرب الى حي شعبي, حيث بنيت بضع منازل بدقة متناهية, تفصلها جدران قصيرة صغيرة.

ترى هنا أو هناك كهلا يحتضن عصاه , تحمله قدماه الواهنتان الى المسجد أو لدار فلان, و قد تلمح شابا يافعا يمسح بخرقة قماش بالية سيارة احد اخوته الكبار ,مخفيا بقع الأمطار القديمة من الوجود.

و بينما انشغل ذو المشاغل في مشاغلهم, خرجت هيئة صغيرة عبر باب منزل واجه مقر البلدية, كانت طفلة في حوالي الخامسة تقريبا, ترتدي ثوبا طويلا قرمزي اللون, و تبتسم ابتسامة اللهو مبعثرة إيها في فضاء الكون المعتم.

و إذا هي تخرج بشكل أكبر, ليرى محياها الحسن الجميل, الذي زينته خصلات من الشعر الأسود الكثيف المجدول, و عينان بلون الزرع اذ أرواه الغيث, مكحلتان بالأثمد الذي أحال رمش عينيها الى الطول .

كانت طفلة طويلة, ممتلئة القوام, بدت كأنها ملاك أتى لينشر الحبور وسط الظلام

صرخت الطفلة و هي تنظر الى ما خلف بابها: (استودعكم الله!), و تهب بعدها راكضة عبر زقاق قرب المنزل, انتهى بها الى شارع يواجهه بيتها المقصود.

2017م

لم يتغير ايقاع الخطوات, بقي راسخا لتحتويه الغبراء..

لكن تغيرت القدمان كما تغيرت صاحبتهما, فحالت الطفلة الممتلئة حبورا الى شابة بلغت الأجل

كالزهر انبعث منه الجمال و السكون, و فاح من بين ثناياها ريح ماء الورد الذي حباه الله لها من الجبل!

زادت العينان اخضرارا و نورا, و وشتا بخيال خصب و خلق دمث و حياء شديد في لب سيدتهما

طول قامتها ازداد كثرا , و قل شحم جسدها اذ أصبح رشيقا..

ابتسامة زينت وجهها شديد البهاء, و غطت خصلات شعرها بحجاب أملس ستر تاجها

لم تنس الخطوات مقصدها, اذا اتجهت لذلك المنزل المواجه للبلدية, مجددا!

دقت الشابة الباب, ثم تفضلت بالدخول, حيث أتجهت الى باحة المنزل منها الى داخله, حيث التقت سيدة في منتصف العمر منهمكة بنداء ابنها , و التي حيتها بحفاوة و سرور, و أخذتها خطواتها لسلم قليل الطول اوصلها الى الدور الثاني من المنزل, و في آخر الرواق, قبعت غرفة تخرج من اسفل بابها ضحكات و نكت, كانت المقصد الأخر للقدمين.

و فور دخول الشابة الى الغرفة الخضراء التي احتوت بضع اسرة اتخذتها ثلاث فتيات متكئأ و إلقاء السلام, قامت فتاة أخرى من اخلائها, حيث صافحتها بود و قالت : (أريج! مضى زمن منذ قدومك الى منزلنا, و على كل حال, مرحبا)!

ثم صاحت شابة حسناء من ركن ما: (اعلمتي ما ترتكبه خالتك نوار من بلاء! حشرتنا في رواية من تأليفها)

فوضعت اريج كتفها على أكبر السيدات في الغرفة, و التي كانت بدورها منهمكة في كتابة شيء ما في حاسوبها, و قد قالت بحبور: (أحق ما نفثته إيلاف من قول؟ و أي راوية هي التي حشرتينا فيها؟)

فضحكت الخليلة و قالت: (في رواية مئة عام من العزلة! ربما) و ردت عليها اريج: ( و أي عزلة, يا تسنيم!)

و عبر الباب دلفت شابة أخرى صغيرة السن, متوسطة الحسن, ألقت على اريج بالذات نظرة غريبة بين ما جعدت فكها السفلي , ثم استطردت دخولها بالسلام مجددا.

و هنا قالت إيلاف: (و ها قد جاءت فدوى, أفلم يكتمل عدد شخصيات روايتك يا نوار؟), فأجابت الأخرى بلا مبالاة: (لم يأت سمير و نصر بعد). فسألت فدوى بفضول غريب: (و أين يكونان؟). فقالت تنسيم و التي وقفت بقربها: ( سمير لا زال يصلي الجمعة, و نصر في البقال)

و هنا شهقت أريج بعمق, و ارتمت في احد الأسرة قرب خالتها, قبل ان تقول : ( الا يزال مصليا؟ و قد انقضى زمن على الصلاة؟ ,كأن كومة من الخشوع ارتمت عليه! أم أن دعاءا يجول فيه ذهنه هو السبب؟)

فضحكت إيلاف و زقزقت قائلة: ( هو دائما خاشع الصلاة يا أريج – و من قال انه ليس كذلك؟- الا أنه شاب كبير الأن , في نهاية المرحلة الثانوية, و لا عجب أن ينقلب خشوعه الى خشوع عشرة رجال!)

و لم يمر من الدهر دقائق حتى فتح الباب مجددا, و دخلت هيئتان, كانت احدهما هيئة طفل صغير شديد الحسن و البراءة , ممسكا بكيس البقال ,و قد زقزق فور دخوله : (لم أجد مقرمشات أمواج الحارة يا تنسيم , الا انني احضرت المثلجات التي طلبتها !)

و اما الأخر فكان شابا ما بين السابعة و الثامنة عشر, وسيم فائق الحسن, ألقى السلام بتململ و وجه نظرة حادة الى سكان الغرفة, قبل أن يتجه الى شقيقته ايلاف و يجلس بقربها.

ابتسمت نوار و هي تقول بترقب: (و هنا قد اكتمل عدد الشخصيات! هيا يا نصر الصغير , وزع المقرمشات و المثلجات و لذات الحياة!)

و بينما استقبل كل منهم وجبته بصمت, هتفت نوار بآسى: (الأخطاء! فلتذهب الى الجحيم, اشغلوا حيز دهركم بأي شيء, فردم هذه الحفر يستغرق شهورا!)

و هنا, رفعت أريج إبهامها بنصر, و تناولت صندوقا أحمر من ركن خفي للعيان, و اذا بها تخرج منه مجموعة من الاوراق, منها الزعفراني و القاني و الأزرق و الزرعي , تخللتها بعض الأوراق شهباء اللون مرحة الصور, و كانت جميعها صلبة الصنع مذهلة الجودة.

و أخذت توزع الأوراق بابتسامة واسعة, و أخذ الجميع حصته و اندفع للعب, و كان شيء من الأنفعال مسيطرا على اجواء الغرفة, التي يتردد بين جدرانها تارة هسيس مكتوم غاضب, و ضحكة فوز متوعدة, أو حديثا لا نفع له ولا فائدة!

حتى قطع حبل اللهو صوت نوار الهاتف: (ردمت حفري , و نقبت عن الذهب!)

و أقبلوا جميعا الى شاشة الحاسوب, التي أظهرت واجهة كتب عليها (مغامرات الغاب), و أخذت نوار تقرأ بصوت عميق : (يوم آخر يجتمع فيه الأصدقاء -اذا كان هذا الوصف في محله- و اذا بهم يقررون أمرا لا مثيل له , قرروا السفر الى غابات امريكا المذهلة, حيث يوجد ألف نوع من القرود!..)

و هتف نصر ضاحكا : (ألف!)

و بشكل مفاجئ, بدا كان زلازلا قد رج الحجر رجا, و وجد الجميع انفسهم متشبثين بأقرب ما حولهم, و قبل أن يستوعب أحدهم شيئا, انتهى بهم الأمر في نوم عميق..



[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

I DIDN'T SAY THAT I WANT YA TO GO AWAY..
b l o g| G a l l e r y | m a g i c|صارحني
سبحان الله - الحمدلله-لا إله إلا الله- الله أكبر



رد مع اقتباس