عرض مشاركة واحدة
  #118  
قديم 03-02-2017, 12:26 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/01_02_17148592663790712.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

|| ٣٩ ||





~ لوريوس ~


لم أستطع أن أتمالك أعصابي بعد أن ضربتني جودي بحقيبتها ، فأخذت أرمقها بنظرات حادة ، والدخان يتصاعد من رأسي ..
اقتربت منها خطوتين وقبل أن أصل إليها شعرت بشيء اصطدم بظهري ، حين إلتفت وجدت فتى يرتدي الزي المدرسة الإعدادية ويمسك بحجرة أكبر حجماً من الذي ألقاها علي ..


قال بنبرة تهديدية وهو يعبث بالحجرة التي في يده : إبتعد عنها إن لم ترد مني أن أقذفها عليك ..
نظرت إليه بإستصغار وقلت : أنت لا ترعبني البتة ، إذهب لتلعب في مكان آخر ..
صرخ الفتى بغضب : لا تتصرف وكأنني طفل ، ماذا يريد طالب في الثانوية من فتاة في الإعدادية ؟؟
- وما شأنك أنت ؟؟ دعنا وشأننا فقط ..


نطقت جودي أخيراً وهي تنظر إلى الفتى : زاك هذا أمر لا يعنيك غادر وحسب ..
إبتسمت بإنتصار في وجه الفتى الذي قال بنبرة خشنة : وكأنني سأفعل ذلك ، لا نية لدي في أن أدع مأساة أختك تتكرر مجدداً ..
نظرت إلى جودي التي قالت بغرور : لن يحصل ذلك مطلقاً فأنا قوية ولست مثلها ، على أي حال أنا أعرف هذا الشاب لهذا إبتعد وحسب أيها المتطفل.


صمت زاك لثواني وأخذ يتأملني قليلاً ، ثم قال بعدها بدهشة : هل يُعقل أنك صديق جوليا ؟؟ أوه آسف لم ألاحظ زيك إلا الآن ..
تمتمت بسخرية : صديق جوليا !! أوه أرجوك لا تمازحني..
لترد جودي حينها بنبرة ذات مغزى : نعم يستحيل أن يكونا صديقان ، فمن سيصاحب أحداً يتهم صديقه بذنب لم يقترفه ..
أدركت أنها تعني عندما أخبرت الشرطة بأن جوليا هي من قتلت شيبا وحاولت إلفاق التهمة بها ، وأنا أشعر بقليل من الندم حيال ذلك ..

أخذت جودي بعدها نفساً عميقاً وقالت بعدها : لوريوس إلى ماذا تهدف بالتحديد ؟؟
أجبت بتلاعب : كما قلت سابقاً أنا أحبك وهذا كل شيء ..
صرخت حينها بإنفعال مجدداً : أتظنني غبية حتى أصدقك ؟؟ أنا متأكدة أنك تنوي الإنتقام من أختي عن خلالي ، لكن لتعلم أيها الغبي أن جوليا ليست سبباً في موت أخاك ، إلى متى ستظل تكذب على نفسك وتحملها ذنباً لم تقترفه ..


لم أعد أستطيع تمالك أعصابي أكثر فانفجرت بالصراخ : نعم أنا أرغب في الإنتقام منها ، فهي السبب الرئيسي في موت شيبا حتى لو أنكر الجميع ذلك ، تلك الكاذبة المخادعة عبثت بقلب أخي ثم رفضته بسبب حجة واهية ......
قاطعتني جودي بصوت عالي : ليست حجة واهية ، هي حقاً ليست مهتمة بالحب أو المواعدة ، هي قررت أن تكرس حياتها في الدراسة فقط ..
قلت بإستنكار : ليست مهتمة ؟؟ أوه صحيح وأكبر دليل على ذلك هو مواعدتها لذلك المومياء ، وكأنني سأصدق كذبة كهذه ..


لم ترد علي جودي لثواني ، وأخذت ترمش بعدم إستيعاب ، ثم قالت بتفاجؤ ويبدو أنها هدأت قليلاً : لحظة !! من تعني بالمومياء ؟؟ أتقصد سوبارو ..
-ومن غيره طبعاً ؟؟ لم أظن أن جوليا لديها هذا الذوق الرديء ..
- أأنت غبي ؟؟ سوبارو مجرد صديق ، وهي لم تواعد أحداً قط ، أي أنها لم تكذب ..


بدأت أسترجع ما كانت تقوله جوليا ، لقد أنكرت الأمر أيضاً ، وها هي جودي تنفي ذلك ، لكن سوبارو الوحيد الذي يُظهر عكس هذا ..
قلت بعدم إقتناع : ما أراه مختلف عما تقولينه ، ربما هما يتواعدان سراً ، فتصرفات سوبارو تدل على ذلك ..
تأففت جودي وقالت بإنزعاج : إن كنت تمتلك دليلاً واحداً على هذا فتعال وأخبرني ، لكن لتعلم يا لوريوس أن جوليا صادقة دائما ..


أنهت عبارتها وأكملت طريقها ، وأخذ زاك يلاحقها ، بينما أنا واقف في مكاني وقد غرقت في دوامة من الحيرة ، لم أعد أعرف أأصدق جوليا وجودي وأكذب سوبارو أم العكس ؟؟


***
~ جوليا ~


على مائدة العشاء ، كنت أتعمد النظر إلى جدتي بينما أتناول الطعام ، وعلى شفتي إبتسامة غبية ..
في البداية كانت تتجاهلني ، وتتظاهر بأنها لم تنتبه إلي ، ولكن عندما بقيت على هذا الحال لمدة أطول ، إلتفتت إلي أخيراً ورمقتني بنظرة حادة وهي تقول : ماذا هناك ؟؟ أنت تزعجينني حقاً بإبتسامتك هذه ..
احتضنتها وقلت بسعادة : وأخيراً تحدثت إلي ، منذ عودتي وأنت تتجاهلني ، لقد كان الأمر قاسياً جداً ..
أبعدتني وقالت بجفاء : إبتعدي عني ، فأنت تزعجينني ..
قلت بجدية وأنا أعتدل في جلستي : جدتي لماذا منعتي السائق من إيصالي إلى منزل أبي ؟؟ أنت قلت أنك لن تمنعيني من زيارتهم ..


أجابت ببرود : لأنكم أقمتم إحتفالاً بالأمس ولم تدعوني إليها ، ولهذا قررت أن أغير رأيي بشأن الزيارة ..
عبست بإنزعاج متمتمة : جدتي لقد تحدثنا بهذا الشأن سابقاً لا تحاولي إعادة المواضيع القديمة ، أنا فقط أردت الإطمئنان على روز لأنها لم تحضر إلى المدرسة ..


صمتت جدتي لبرهة قبل أن تقول : إذاً اسمعي سأسامحكم على عدم دعوتي ، ولكن بشرط ..
- وما هو ؟؟ أرجو ألا يكون شرطاً مستحيلاً ..
- سأقيم حفلة السبت القادم ، وسيكون هناك العديد من الشخصيات المهمة ورجال الأعمل ، وأريدك أن تجهزي نفسك في ذلك اليوم ..


قلت برفض : مستحيل ، أنا لا أحب الحفلات وما شابه ذلك ، اطلبي أمراً آخر ..
- يجب أن أفعل ذلك حتى يتعرف الجميع عليك ، فأنت حفيدتي التي ستمسك ثروتي من بعدي ..
قلت بتفاجؤ : ومن قال أنني أنوي أن أحل محلك ؟؟ جدتي هل تتحدثين بجدية ؟؟
أجابت بثقة : نعم ولا أظن أنني مزحت مرة في هذه الأمور ، حالتي الصحية في تدهور كما ترين ، وأنت الوحيدة التي أستطيع أن أثق بها وأثق بقدراتها ، وأدرك أنك ستتمكنين من الحفاظ على ثروتي وتنميتها ..
- جدتي نحن لم نتفق على ذلك ، أنا أتيت إلى هنا فقط بغرض البقاء معك ، لكن أن أحل محلك في إدارة أموالك فهذا لم يكن ضمن إتفاقنا ..


نظرت جدتي إلي حينها بغضب : أأنت غبية أم ماذا ؟؟ إذا لم تستلمي زمام الأمور من بعدي فمن سيفعل ذلك ؟؟
- أبي أولى بذلك مني ..
- والدك ليس أهلاً لهذه المسؤولية ..
- إذاً أنا لست أهلاً لذلك أيضاً فأنا نسخة منه ..


قالت جدتي منهية النقاش : إن لم تريدي ذلك فلا بأس ، لكن لا تلوميني إذا منعتك من زيارة والديك ..
تنهدت حينها وقلت بإستسلام : حسناً سأفعل ما تريدينه ..
ابتسمت بجدتي بإنتصار وتابعت تناول العشاء ..
إستسلامي كان لحضور الحفلة التي سjقام على شرفي فقط ، وليس لأنني أرغب في تولي منصبها ، سأحاول تغيير رأيها بشأني بشكل تدريجي ..


***


~ سوبارو ~


عندما انتهى الدوام المدرسي لم أتوجه إلى منزلي بل اتجهت إلى منزل والدي جوليا حتى أطمئن على روز ، فبعد ماقالته ليلة أمس شعرت بأنها سئمت الحياة وثقتها بمن حولها قد تلاشت ..


عندما زرت منزلهم كانت والدة جوليا المسكينة تترقب زيارة إبنتها ، ولمحت الإحباط على وجهها حين رأت بأنني أنا الزائر لا جوليا ..
سألتها عن روز فأخبرتني بأنها في غرفتها التي كانت لجوليا سابقاً وحين ألقيت نظرة عليها بدت متوترة وخائفة قليلاً ..
سألتها عن سبب غيابها فأخبرتني بأنها قد أطالت في النوم ولم يوقظها أحد ..
أخذنا نتبادل أطراف الحديث ومع الوقت عادت روز كما هي ، وبعد أن اطمأننت عليها وقفت قائلاً : حسناً أنا سأغادر الآن ، تأكدي من الحضور غداً إلى المدرسة ..


ابتسمت روز وقالت : شكراً على حضورك لرؤيتي ، أدرك بأنك ظننت بأنني كنت أفكر في الإنتحار ، ولكن بعد ما قالته جوليا لي شعرت بأنكم صادقون في مشاعركم ، ولو أردتم خيانتي لفعلتم ذلك منذ زمن ..
- من الجيد أنك عدت لرشدك ، والآن وداعاً ..
غادرت المنزل وسرت نحو منزلي ، وحينما وصلت أخذت أتأمل المنزل لبرهة ثم أطلقت زفيراً عالياً ..
إلتفت إلى الوراء وقلت بحدة : أخرج من مخبإك بسرعة يامن كان يتتبعني منذ مدة ..
خرج حينها من الظلام رجل يبدو على هيئته أنه في أواخر الثلاثين من عمره ، وبين شفتيه سيجارة مشتعلة ..


أخرج السيجارة من فمه ونفث الدخان خارجاً ليقول بعدها : لا تقلق أنا لست شخصاً سيئاً ، أنا مجرد صحفي يسعى لمعرفة الحقيقة لإشباع فضول الناس ..
ثم مد بطاقته أمامي متابعاً : معك الصحفي تسوكاسا ، أريد ان أسألك بضعة أسئلة تتعلق بقضية صديقتك جوليا ..


في بادئ الأمر كنت مرتبكاً حين تكلم عن الحقيقة والفضول ، ولكن عندما قال أن الأمر يتعلق بجوليا شعرت براحة كبيرة ، إذاً الأمر لم يكن يتعلق بي ..
أمسكت ببطاقته وألقيتها أرضاً وأنا أقول ببرود : إن أردت معرفة الحقيقة فلماذا لا تسألها بنفسك ؟؟
- لقد حاولت ذلك ولكنها مصرة على إخفاء الأمور عنا جميعاً ، ولا إظن أنك لم تسمع ما فعلته بكاميرا أحد الصحفيين ، ولهذا عوضاً عن سؤالها قررت تتبع أصدقائها فأنا واثق من أنكم تعرفون شيئاً عن الأمر ..


تجاهلت ماقاله وعدت إلى المنزل ، إن لم ترغب جوليا بإخبارهم بالحقائق فأنا لا أمتلك الحق لإخبارهم ..


***
في صباح اليوم التالي
~ روز ~


أنا فعلاً خجلة من نفسي بسبب ما قلته وفعلته قبل أمس ، عندما توجهت إلى المدرسة لم أستطع أن أضع عيني في عين جوليا ، وكنت أتحاشى النظر إليها ، ولكنها كانت تتصرف معي بطريقة طبيعية جداً ..

لا أعلم كيف أمكنني أن أقول بأن جوليا تخطط لأمر ما ، لا أدري كيف شككت في صدقها ، أشعر أنني سيئة كثيراً ..
جوليا أتت متأخرة لسبب ما ، ولهذا لم أستطع أن أعتذر إليها ، وبقيت أنتظر إستراحة الغداء لأتحدث معها بحرية ..
عندما رن الجرس أخيراً معلنا إنتهاء الحصة إلتفت إليها بسرعة ، وقبل أن أتفوه بكلمة سبقني صوت من خلفي : جوليا هل لك أن تأتي معي قليلاً ، هناك ما يجب أن نتحدث بشأنه ..


نظرت إلى لوريوس بإنزعاج ، لماذا يريد التحدث معها في الوقت الذي أردت فيه أن أتحدث أنا إليها ؟؟
وقف من مكانه لتقف جوليا كذلك ، ولكن قبل ان تغادر وضعت علبة غداء على طاولتي وقالت بإبتسامتها المعهودة : استمتعي بالغداء يا عزيزتي ..
قال سوبارو بسرعة : وأين حصتي من الطعام ؟؟
نظرت إليه جوليا وبدل أن تبتسم له كما فعلت معي ، نظرت إليه ببرود قائلة : وهل أعرفك ؟؟


تفااجأت من تصرفها مع سوبارو ، وشعرت بأن أمراً ما حصل معهما في الأمس ..
بعدها استدارت جوليا وغادرت الصف برفقة لوريوس ..
إلتفت إلى سوبارو لنقول بصوت واحد : ماذا بها جوليا ؟؟

نظرت إليه بإستغراب ، ثم ضحكت بعدها فأنا لم أظن أننا سنسأل السؤال ذاته في الوقت نفسه ..
قلت بعد أن توقفت عن الضحك : ألا تعرف مابها حقاً ؟؟ ظننت أنك ستعرف السبب ..
رد سوبارو : لقد كانت طبيعية جداً في الأمس ، لابد أن الأمر يتعلق بلوريوس ..


ابتسمت بمكر وقلت : إذاً ما رأيك أن نلحق بهما ؟؟
لمحت شبح إبتسامة على شفتيه وهو يقول : هيا إذاً ..

لم أتوقع أن يوافق ، لكنني لم أكثر من الحديث ، وأخذنا نتسلل خلفهما بخفة دون أن ينتبها إلينا ..
سار الإثنان نحو السلالم وصعدا إلى الأعلى ، عرفنا حينها أنهما متوجهان نحو السطح فهو أفضل مكان للتحدث بسرية ، وعندما أردت الصعود أمسكني سوبارو وقال : سينزلان بعد ثوان قليلة ، لنختبئ قبل أن يرونا ..

بدا واثقاً من كلامه لذا أصغيت إلى ماقاله واختبأنا قليلاً ، وصدق قوله فقد نزلا مجدداً وسارا نحو الأسفل ، وأدركت أن باب السطح مقفل لذا ذهبا ليبحثا عن مكان آخر يتحدثان فيه ..
توجها للفناء الخارجي للمدرسة ، وجلسا على كرسي خشبي موجود في الفناء ولا أحد بقربهم ..
اختبأت أنا وسوبارو خلف الشجيرات الموجودة خلفهم وبيننا مسافة بسيطة تمكننا من سماع ما سيقولونه ..

لكن لوريوس بقي صامتاً وهو يتأمل منظر السماء ، لتبدأ جوليا بالحديث أولاً : ماذا تريد يا لوريوس ؟؟
إلتفت إليها وقال بهدوء : إسمعيني يا جوليا ، قبل أن نبدأ بالموضوع عديني أن تكوني صادقة في كل حرف تتفوهين به ..
ردت جوليا بضحكة خافتة : أنا لا أكذب مطلقاً ، لذا ثق بأن كل ما أقوله حقيقة ..
- أنت لم تتغيري مطلقاً يا جوليا ، أموت شيبا ليس بتلك الأهمية بالنسبة لك ؟؟

قال لوريوس جملته بنبرة يتخللها الحزن ، وهذا كان يظهر جلياً على صوته من دون أن أرى تعابيره ..
ردت جوليا عليه : أتظنني فتاة متبلدة المشاعر إلى هذه الدرجة ؟؟
- تصرفاتك تقول لي أنك كذلك ..

زفرت جوليا بضيق ثم قالت : ماذا تريد مني أن أفعل يا لوريوس من أجلك أنت وشيبا ؟؟ أنا مستعدة للقيام بأي شيء تأمرني به ..
عاد لوريوس ينظر إلى السماء مجدداً وهو يقول : حتى لو قلت ذلك فأنت لن تستطيعي القيام بما أريده ، فأنا أتمنى لو عاد الزمن بنا إلى الوراء وتوافقي على الخروج معه ، لكنني أعلم أن هذا أمر مستحيل ..
- أنت محق ، هذا أمر يفوق طاقتي كثيراً ..
- هل تعلمين يا جوليا أنني أردت أن أنتقم منك بالطريقة ذاتها ، لقد كنت أحاول التقرب من أختك جودي ، وكنت أنتظر خروجها من المنزل حتى أرافقها إلى المدرسة ، وعند إنتهاء الدوام كنت أنتظرها أمام بوابة المدرسة ..


نظرت إليه جوليا لتقول ضاحكة : وهل أفلحت في ذلك ؟!
- بالطبع لا ، حتى أنها كانت في بداية الأمر تشتمني كثيراً وتنعتني بأقبح الأسماء ، وفي الأمس قامت بضربي بحقيبتها ..
- أنصحك ألا تقترب منها مجدداً ، فتلك البلهاء لا تفكر مطلقاً وقد تؤذيك إذا ما غضبت بشدة ..
- بالطبع لا أنوي ذلك بعد الآن ، فإيقاعها في حبي مهمة مستحيلة ، أشعر بالشفقة على ذلك المسمى زاك ، فيبدو أنه يحبها وهذا ما سيجعله يعاني كثيراً ..


وقفت جوليا من مكانها فجأة ، وحركتها أثار استغرابي ، لكنني شعرت بيد سوبارو الذي أمسك برأسي وأنزلني للأسفل ..
أغمضت عيناي بخوف حين سمعت صوت خطواتها تقترب منا ، وبعدها قالت بصوت هادئ : كنت واثقة من أنني سأجد روز مختبئة هنا ، لكن أن أجدك يا سوبارو أيضاً فهذا أمر مفاجئ حقاً ..

رفعت رأسي وأنا أرسم إبتسامة بلهاء على وجهي ، فأنا لم أظن بأننا سنفضح بهذه السهولة ..
بينما قال سوبارو وهو ينهض من الأرض وينفض الغبار عن ملابسه : هل أعرفك يا آنسة حتى تتحدثي إلي ؟؟
حينها انفلتت مني ضحكة عالية ، فقد كان يرد حركة جوليا التي أغاظته ربما ، بينما قالت جوليا وهي ترسم إبتسامة اسخفاف على وجهها : أوه صحيح أنت لا تعرفني ، إذاً لماذا تتنصت علينا ؟؟
- أنا كنت أتبع روز وحسب ، أما حديثك مع لوريوس فهذا لا يهمني ..



أتى لوريوس إلينا وقال وهو ينظر إلى سوبارو : لقد أتيت في وقتك ، كنت أريد أن أسألك ، أتخرج مع جوليا حقاً ؟؟
عدل سوبارو وقفته وقال برجولة : بالتأكيد نحن نخرج مع بعضنا ، ألا يبدو هذا جلياً علينا ؟؟
قالت جوليا بسخرية : ألم تقل أنك لا تعرفني للتو ، أم أنك مصاب بإنفصام الشخصية ؟؟
تدخلت حينها بينهما : لوريوس جوليا لم ولن تخرج مع أحد ..
ثم تابعت بتهديد : لا مع سوبارو ولا معك ..


قال لوريوس بهدوء : أنا أمتلك صديقة ولا أحتاج إلى فتاة أخرى ، وحتى لو أردت فأنا لن أختار جوليا مطلقاً ..
قلت بإندفاع : وما بها جوليا سيد لوريوس ؟؟ لن تجد فتاة أفضل منها حتى لو درت حول العالم ..
أطلقت جوليا ضحكة قصيرة وقالت : لماذا أنت منفعلة كثيراً يا روز ؟؟ ..


تحدث لوريوس : بما أن الجميع ينكر ذلك فهذا يعني انكم صادقون ، لكنني لا أفهم لم سوبارو مصر على الكذب ..
قالت جوليا بتلاعب : لربما هو معجب بي ولكنه يخجل من الإعتراف ..
رد سوبارو بسرعة : أفضل الموت على ذلك ، كنت أهدف إلى إستفزاز لوريوس وحسب ، لا تتوقعي شيئاً آخر ..
إبتسمت جوليا وقالت : من الجيد أنك اعترفت بذلك ، فلو لم تفعل ذلك لبقي لوريوس يشك في صدقنا ..




قلت بتردد : أمم جوليا أخبريني أرجوك عن الموضوع الذي كنتما تتحدثان عنه ..
استدارت جوليا قائلة : لقد أخبرتك سابقاً أنه جزء من الماضي ، لا تهتمي بذلك كثيراً ..
على الرغم من أنني فضولية كثيراً بشأن هذا إلا أنني لم أرد أن ألح عليها كثيرا ، وسأسأل جودي عن ما تخفيه جوليا عني ..


***


~ ياماتو ~


مضى الأسبوع ولازلت عاجزاً عن إقناع آلبرت بالخضوع للعملية ، ومايزعجني أكثر هو أنني عند زيارتي له لا تكف شينا عن ذكر جوليا وتلح علي بإحضارها معي ، ولكنني لست على تواصل معها ولهذا لم أستطع إحضارها ..

في يوم الجمعة أخبرني أبي بأن هناك حفلاً ويجب علي حضوره يوم السبت ، ولا أعلم لماذا كان مصراً ، ولكن ربما لأن السيدة صاحبة الحفل شخصية مهمة ..
لم أسأله عن سبب الحفل ولم أكن أبالي حقاً ..

ارتديت ملابس رسمية سوداء مع ربطة عنق مخططة بالأبيض وسرحت شعري ، ثم نزلت إستعداداً للذهاب ..
كان أبي في انتظاري وحين نزلت صعدنا السيارة معاً وانطلقنا نحو منزل السيدة موتسومي ..
عندما وصلنا ترجلنا من السيارة وأنا أسير نحو المنزل الشبيه بالقصر لضخامته وفخامته.

وجدت العديد من الأشخاص أصحاب الطبقة الثرية ، وهذا ليس مفاجئاً بالنسبة لي ، فأبي لن يحضر إلا المناسبات الراقية ..
كان الخدم منتشرين في الأرجاء يوزعون لنا المقبلات والمشروبات ، وأبي قد اندمج مع مجموعة من رجال الأعمال بينما أنا واقف في مكاني بملل ، ولا أعلم ماذا يجب أن أفعل ..

- ياماتو لم أتوقع حضورك ، سعيد حقاً برؤيتك هنا ..
كان الصوت مألوفاً حينها ، وعندما إلتفت خلفي فوجدت ميزوكي يقترب مني بإبتسامته المرحة ..
بادلته الإبتسامة ولاحظت أخته التي بجواره والتي كانت ترتدي فستاناً أحمر اللون أظهرها بمظهر الآنسة الراقية ..
سعدت لرؤيتهما كثيراً وقضيت وقتي أتحدث إليهما ..

***
~ جوليا ~


ألقيت نظرة أخيرة على نفسي من خلال المرآة الموجودة أمامي ، كنت أرتدي فستاناً باللون الأسود يتوسطه شريط أحمر اللون وحذاء بكعب متوسط بلون الشريط ذاته ، ثم سرحت شعري وزينتها ببعض الإكسسوارات الحمراء ..
لاحظت إنعكاساً للخادمتين الواقفتين خلفي ويبتسمن برضى ، فهما من أظهراني بهذا المظهر ..


تحدثت إحداهن : آنستي تبدين رائعة حقاً ..
أغصبت نفسي على الإبتسامة : شكراً على الإطراء ..
صحيح أن مظهري جميل ولكنني لا أحب أن أبدو كذلك فأنا محرجة ، ولم أعتد يوماً على إرتداء الفساتين الأنثوية ..
حتى عندما ابتعات لي جدتي هذا الحذاء الأحمر صارحتها بأنني لا أتقن السير بالكعوب ، فأخذنا نتمرن على السير حتى اتقنت ذلك قليلاً ولم أعد أتعثر كالسابق ..


فُتح باب الغرفة لتدخل جدتي التي كانت ترتدي فستاناً أبيض اللون يتناسب مع عمرها ، قالت بجدية : هيا تعالي معي لأعرفك على الضيوف ..
سرت بإتجاهها بخطوات بطيئة ، بينما قالت جدتي بإنزعاج : إبتسمي يا جوليا ولا تخجليني أمام الحضور ..


زورت على شفتي إبتسامة عريضة وقلت : ما رأيك بهذه الإبتسامة ؟؟
- ممتاز ، حافظي عليها حتى انتهاء الحفل وبعدها تستطيعين العبوس قدر ما تشائين ..


سرنا بعدها وجون ومات يقفان خلفنا ، ويبدو أنهما سيلازمانني حتى في منزل جدتي ..
عندما اقتربنا من السلالم كنت أسمع أصوات الحضور المتداخلة ، فأصبت حينها بقليل من الإرتباك ، أشعر بأن الحاضرون كثر ، وأنا أخشى أنني لن أندمج معهم ..
أخذت نفساً عميقاً ثم نزلنا السلالم ببطء حتى لا أتعثر ، وعندما وصلنا وسط الدرج إلتفت الجميع إلينا وكانوا كثيرين حقاً كما توقعت ..


خيم الصمت وأنظارهم المتصفحة مصوبة نحوي ، تحدثت جدتي بصوت جهوري : هذه هي حفيدتي جوليا والتي سترث ثروتي من بعدي ، ولكن بعد أن تتخرج من المرحلة الثانوية ..
أكملنا طريقنا فتدافع الناس لمصافحتي ، ومن الواضح جداً أنهم يزيفون إبتسامتهم أمامي ، فحين يبتعدون ألحظ همساتهم ..
أنا واثقة من أنهم يتحدثون عن حادثة الإختطاف وتصرفاتي مع رجال الصحافة لكنني لست أهتم ..


من بين الرجال تقدم ياماتو الذي كان بمظهر مختلف تماماً وقال بسعادة ممزوجة بالحيرة : لا أصدق ما أرى يا جوليا ، كيف يمكن لهذا أن يحصل ؟؟ لم أكن أعرف أن هذا الحفل مقام على شرفك ..
بادلته الإبتسامة : وأنا لم أكن أظن أنني سأجدك ، سعيدة حقاً بوجودك ..
تقدم مني رجل في أواخر الأربعين وقال : آنسة جوليا أنا السيد كودو والد ياماتو ، سعيد حقاً لأن حفيدة السيدة موتسومي صديقة لإبني ، إنه لشرف كبير حقاً ..


لم أعرف كيف أرد عليه ، لكن جدتي أسعفتني حين قالت : ونحن سعداء بذلك أيضاً فإبنك ياماتو كان له دور كبير في إنقاذ حفيدتي ، شكراً لك يا ياماتو ..
إبتسم ياماتو بإحراج وقال : لم أفعل شيئاً يستحق الشكر ..


أكملت مصافحة الجميع الذين كانوا يتملقون أمامي بصورة مقززة ، واتجهت نحو ياماتو لأقضي وقتي معه ..
جلست بجواره بينما قال الشاب الواقف بجانبه : ياماتو كيف تعرفت على جوليا ؟؟ من الواضح أن علاقتكما قوية ..
أجابه ياماتو : لقد كانت معي في مدرستي القديمة وكانت من أعز صديقاتي ..
- ما اسم مدرستك القديمة ؟؟
ذكر ياماتو اسم مدرستي فتغير وجه الفتى الذي كان اسمه ميزوكي على ما أظن ، ثم قال بتعجب : ولماذا كنتما تدرسان في مدرسة للعامة ؟؟


أجبت عوضاً عن ياماتو : لا أظن أن هناك إختلافاً في المدارس فجميعها مكان للتعلم ، لا فرق بين مدارس الأغنياء والعامة ..
قال موجهاً سؤاله لي : هل لازلت تدرسين هناك ؟؟
- نعم ولا أنوي تغييره مطلقاً ..
ابتسم ميزوكي حينها وقال : أنت غريبة ، بالمناسبة هل أنت ذاتها جوليا التي يتحدث عنها الجميع في الصحف والأخبار ؟


أجبت ضاحكة : لا أنا ظلها ..
قال ميزوكي : قضيتك يا جوليا يلفها الغموض ، ولهذا أصبح مصدر إهتمام الجميع ، ولكن لماذا ترفضين إخبار الجميع بالحقائق ؟؟
تدخل ياماتو وقال بصرامة : ميزوكي نحن لسنا هنا لنتحدث عن تلك القضية ، أغلق الموضوع رجاءً ..
قال ميزوكي و هو يلتفت يميناً وشمالاً : لست أنا الوحيد الذي يتحدث بشأن هذا ، بمجرد النظر إلى حولك ستدرك أن الجميع يتهامسون مع بعضهم بهذا الشأن ..

قاطع حديثنا مجيء فتاة في العشرين من عمرها تسير بتغنج وتتمايل بشكل مقزز ، ثم وقفت أمامي قائلة : آنسة جوليا أنا كنت دائماً أحضر الحفلات ولم أرك يوماً ، أين كنت طوال هذا الوقت ؟؟ هل أنت حفيدة السيدة موتسومي حقاً ؟؟ أم أن هناك لبساً في الموضوع ..


أجبت حينها بتلاعب : لم أتوقع أن تكتشفي ذلك لكنك محقة ، أنا لست حفيدتها ، بل نحن فقط في برنامج الكاميرا الخفية أردنا رؤية ردات فعل الجميع حينما نخبرهم بأن للسيدة حفيدة ..
ابتسمت حينها الفتاة وقالت : كما ظننت ، فمن الواضح جداً بأنك لا تنتمين إلى مثل هذه الحفلات الراقية ، بالمناسبة متى ستنهون البرنامج ..


نظرت إليها بتفاجؤ ، لم أظن أنها ستصدق كذبتي ، أما ياماتو فانفجر ضاحكاً بصوت عالي مما جعل الجميع يلتفتون بإتجاهنا بفضول ..
انسحبت من بينهم وكأنني لم أكن معهم ، بينما ياماتو شعر بالحرج وكتم ضحكته ثم اعتذر إلى الجميع فتابعوا ماكانوا يفعلونه ..


تقدم ياماتو نحوي وقال بحرج : أيتها الماكرة تهربين لوحدك بعد أن كنت السبب في إضحاكي ..
قلت بهدوء : أنا لم أجبرك على الضحك ، بل أنت من ضحكت بذلك الشكل من تلقاء نفسك ..
- أنظري إلى أبي كيف يرمقنني بنظرات حادة ، يبدو أنه محرج بسببي ..

إلتفت إلى والده الذي ينظر إليه بنظرات وعيد وتهديد ثم انشغل بعدها بالحديث مع من حوله ..
قلت ضاحكة : إذا فعل والدك شيئاً بك فأخبرني فأنا أريد أن أضحك عليك قليلاً ..
ضيق عينه قائلاً : هي جوليا ماذا حصل معك ؟؟ لقد تغيرتي كثيراً ، لو كنت الفأرة المتأسفة فأنت لن تقولي ذلك مطلقاً ..
- الفأرة المتأسفة إنه لقب يعيد الحنين ، أشعر كما لو أنك أطلقت علي هذا منذ سنوات ، وليس قبل عدة أشهر فقط ..
-أعتذر على وقاحتي عندما دفعتك من أمام المشفى ، فقد كنت مستعجلاً قليلاً ..
- لا بأس فأنا لم أغضب عليك حتى أنني نسيت الحادثة تماماً ..


صمت ياماتو لثواني قبل أن يقول بتردد : جوليا أنا فعلا عملت الكثير من الأمور السيئة لك ، أعتذر عن ذلك حقا كان لدي هدف معين لذا قمت بإستغلالك ..
- لست الوحيد من أخطأ يا ياماتو فأنا سابقاً حاولت خنقك عندما اغضبتني بكلامك وكِدت تفرق بيني وبين روز ..
- لقد كنت متفاجئاً آن ذاك حتى أنني لم أستطع مقاومتك حتى ، فقد كانت تلك المرة الأولى التي أتعرض فيها لموقف كهذا ..


بقينا نتحدث أنا وياماتو طويلا فقد كنت سعيدة حقاً بتواجده ، حتى أنه أخبرني عن راي وعن كونها زوجة أبيه ، لقد تفاجأت حقاً من ذلك ، ولكنني لم أرغب في سؤاله عن سبب إخفائه الأمر عنا سابقاً ..
عندما أتى موعد العشاء ، اجتمع الجميع في غرفة الطعام حول المائدة الطويلة ، وقد كانت تكفي جميع الحاضرين وكأن جدتي قد حسبت حساب الجميع مسبقاً ..
كانت جدتي تترأس الطاولة وأنا على يمينها وياماتو بجواري ، وفي الجهة المقابلة لي كان يجلس والد ياماتو ولم يخف علي نظراته التي كان يصوبها نحوي طوال الحفل ..
عندما تأخر الوقت بدأ الجميع بالمغادرة ، وكان ياماتو ووالده آخر المغادرين ، فقد كان والده يتحدث مع جدتي على انفراد ..


نزعت حذائي ووضعتها جانباً بينما ياماتو ينظر إلي بإستغراب ..
قلت بإبتسامة هادئة : أنا لم أعتد على إرتداء مثل هذه الأحذية ولهذا قدمي تؤلمني ..
أشار إلي ياماتو على الأريكة لأجلس عليها بينما قال : لا بأس تصرفي على طبيعتك ، بالمناسبة نسيت أن أقول هذا في البداية لكنك حقاً تبدين مختلفة ، رغم أنك جميلة دائما إلا أنك اليوم تبدين فاتنة..


نظرت إليه بإحراج وقلت : هي ياماتو ألا تخجل من قول شيء كهذا ؟؟
رد ببراءة : ولماذا أخجل ؟؟ إنها الحقيقة ..
ابتسمت قائلة : حتى أنت تبدو مختلفاً للغاية ، فأنت تبدو أوسم مما أنت عليه ..
- شكراً لك على إطرائك ..


عندها قاطعنا صوت نداء والده ثم غادرا وأنا وجدتي واقفين في الخارج نودعهما ، بعد أن اختفت سيارتهم عن أمامنا نظرت إلي جدتي وهي تبتسم بمكر ، لم أرتح لإبتسامتها مطلقاً ولهذا قلت بقلق : في ماذا تخططين يا جدتي ؟؟
أشاحت بوجهها وقالت : ستعرفين هذا لاحقاً ، والآن عودي إلى غرفتك فأنا واثقة من أنك متعبة بعد هذا اليوم الطويل .



نهاية الفصل ..
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 03-05-2017 الساعة 08:48 PM
رد مع اقتباس