عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 03-31-2017, 08:19 PM
 




الزهرة الثانية عشر : ضوء
" روبي : في ذلك اليوم... عرفت أن سعادةَ أي شخص يمكن لها أن تتحطم في أي لحظة... لقد كنت أبكي و أنا احتضن جسدي في الزاوية، أما ما حولي فقد كان يتوهجُ باللونِ الأحمر البرتقالي الساخن... أبكي و أنادي على أبي تارةً و على أمي تارةً أخرى، أنا... هربت من ذلك الجحيمِ فقط... و ما كان في انتظاري في الخارج إلا جحيمٌ أبيض بارد... هناك حيث ظهر هو و أنقذني... "
أمسكت حربتها و اندفعت نحوه تصرخ بصوتها المبحوح حتى توقفت الحربةُ أمام رقبة غوبر بينما توقفت هي عن الصراخ... ساد الصمت للحظة ليكسره صوت سقوطها على ركبتيها أرضًا
فقالت بصوت خافت منكسر : لا أستطيع... قتله...
فقالت الأخرى بصوتٍ خافتٍ حَزين
بياتريس : روبي سان...
فقال هو ببرود بثّ الرعب في جسد كلتيهما و كأنّ الماء البارد يجري في جسديهما
راين : أتودين مني قتله ؟
نظرتا له بصمت و علامات الرعبِ تهيمن على وجهيهما
استجمعت بياتريس ما تبقى لديها من شجاعة لتسأل بقلق : ما الذي تقوله ؟، راين سان...
اقترب من غوبر و هو يعرج ممسكًا بجراحه
فيقول بحدة انعكست على عينيه : أريد سؤالكَ شيئًا واحدًا... أذلك الشخص في عالمِ البشر ؟، ما هو هدفه ؟
فردّ غوبر من فورهِ بعفوية : إنه موجود... وعيه على الأقل... أما بشأن هدفه ؟، من يعلم ؟، كل ما أخبرت به هو أن أسحبكَ إلى مكانه معي...
سكت لوهلة ليكمل كلامه : إنه دوري لطرحِ الأسئلة الآن... من أنت بالنسبة لذلك الشخص ؟
ابتسم ساخرًا مطلقًا تنهيدةً مع تلك الابتسامة ليرد بحدة : ليس لدي أيّ التزام للرد على أسئلتك...
بدأت الرياحُ تعصف حول راين حين أتمّ جملته تلك، أخذ كلاهما وضعيةَ القتال استعدادًا للتصادم، إلا أنّ المكان بدأ بالانهيارِ فجأة، أدرك راين ما حوله ليلتفت نحو بياتريس سريعًا تاركًا غوبر خلفه، أمسك بمعصمها و سحبها معه إلى حيث توجد روبي المنهارة على الأرض
أطلق راين ( تش ) من بين أسنانه وقال بتذمرٍ حاد : و أنا من ظن أنها أهدأ من اللازم !، إنها غير واعيةٍ لما حولها أبدًا !!
حملها على ظهرهِ و عاد لإمساك معصمِ الأخرى ثانيةً و أخذ يراوغ بهما حطامَ الصخورِ المنهمرِ كالمطر، حينها لمحوا نورًا أبيض يتوهج في الأفق و قد صدر منه صوتٌ مألوف لبياتريس و قد اعتراه القلق و الدهشة
+ : بيارين !!!
نظر لها راين بطرفِ عينه فإذ به يلمح عينيها من السعادة، ابتسم لنفسه بهدوء و التفت نحو الجانبِ الآخر إذ بها بقايا بروميستا، تشتت تلك الابتسامةُ الصغيرة و سمع صوتًا داخل رأسه يقول
× : سأريك... حقيقة هذا المكان...
فسطع ذلك النورُ الأبيض في أرجاءِ المكان
- في مكانٍ و زمانٍ مجهولين -
زقزقةُ العصافيرِ تتخلل مسمعه و النسيمُ العليل يداعب خصلات شعرهِ السوداء الناعمة، فتح عينيهِ البنفسجيتين ببطءٍ شديد ليضع ساعدهُ فوقهما قائلًا بصوتٍ خافت
راين : ساطع...
نهض ليجد نفسهُ مستلقيًا على العشبِ الأخضرِ تحته و السماءُ الزرقاءُ الصافيةُ فوقه
فقال ساخرًا بعد أن سبق قوله بابتسامةِ سخرية : هل يذهب بني جنسنا إلى الجنة بعد الموتِ أيضًا ؟...
وقفت خلفه ببضع خطوات لتقول
بياتريس : اطمئن، أنتَ لا تزال على قيدِ الحياة... على كل حال ما الذي تقصده ببني جنسنا ؟، كما أن جراحكَ تشفى تلقائيًا و في وقتٍ قياسي !... مستحيل !!، هل يعقل أن تكون احد سكان قريةِ الزهور ؟!!
التفت نحوها و تنهد ليتبعها رده بتملل : و ما الذي يفعله أحد سكانها في الخارج ؟
فسألت باندفاع : إذا.. كيف...
ابتسم ابتسامةً جانبية خفيفة ليرد قائلًا : سأخبركِ يومًا ما، بياتريس...
لمعت عيناها ابتسمت بسعادة لتقهقه بخفة
زالت ابتسامة راين ليقول مرتبكًا : مـ ماذا ؟، أهناك عشب على شعري ؟، أو ربما وجهي ؟
كان يلمس كل جزءٍ عند ذكره لتهمهم و هي تهز رأسها نافية
فقالت و الابتسامةُ تعلو وجهها : لا، لا شيء، إنها المرة الأولى التي تناديني بها باسمي فقط...
بقي يحدق بها بهدوء لبضعِ ثانية ليقول بهدوء : إنها الثانية...
ذهلت هي لتسأل بتعجب : كاذب !، حقًا ؟، متى !!
راين : الأهم من ذلك، هل أنتِ بخير ؟، كانت لديكِ حمى قوية قبل قليل... على الأرجح السبب هو سقوطنا في الماء وسط تلك العاصفة...
التفتت بياتريس نحو لوكي الذي يطفو قربها و عاودا النظر إليهِ معًا لتقول بتعجب
بياتريس : راين سان، إنها ليست قبل قليل... لقد نمت ليوم و نصفِ يوم لذا هما يومان...
نظر إليها بتعجب ليقول بعد بضعِ ثانية : فـ فعلًا... على كل حال من الجيد أنكِ بخير...
نظر إلى المكان حوله ثم أردف قائلًا : بترك ذلك جانبًا، كيف وصلنا إلى هنا حتى ؟
لوكي : بشأن هذا...
- قبل يومين -
كان لوكي قد فتح عينيه ليجد نفسه وحيدًا وسط هذا الحقلِ الأخضرِ الفسيح، بدأ ينادي باسم بياتريس و القلق بادٍ على وجهه، و كلما تذكر مشهد غرقِ السفينة ذاك نفض الأفكار السلبية عن رأسه و هو يحركه يمينًا و شمالًا... بعد فترةٍ من الوقت لمح لوكي شيئًا يلمع في السماء، بدأ يقترب و يقترب بسرعةٍ جنونية حتى أدرك لوكي أنه ليس سوى ثلاثِ أجسادٍ بشرية تسقط من السماء فجأة، كوّن لوكي كميةً من المياهِ من العدم و أخذ يشكلها بشكل كالإسفنجة و يلينها بالقليلِ من سحره و ما إن لامستها أجسادهم حتى كوّن غشاءً من نوع ما ليحفظهم من التبلل
- عودة إلى الحاضر -
فقال راين بنبرةٍ مبتذةه و باردة : بعبارةٍ أخرى لقد سقطنا من السماء... مذهل...
فقال لوكي بنبرةٍ مرحة : أقلت أن اسمكَ راين ؟، شكرًا لك على حماية بيارين في غيابي، و إحاطتنا بفقاعاتٍ من الهواء بعد سقوطنا في الماءِ مباشرةً مع أنك لم تكن أفضل حالًا منا... لا أستطيع تخيل ما قد يحصل لولاك...
فسألت هي بتعجبٍ و اندفاعٍ كبيرين : مستحيل !!، أكان من أنقذنا في ذلك الوقت هو راين سان ؟
التفتت نحو راين لتكمل : أنا آسفة لم أكن أعلم !!، و شكرًا لك حقًا على ذلك !
ارتبك و احمر قليلًا ليشيح بوجهه بعيدًا
راين : أ.. أنا لم أفعل شيئًا يذكر... على أي حال أين كنت أنت ؟، أليس من المفترض بك حماية سيدتك ؟
فرد لوكي بكل عفوية و مرح و هالة من الزهور تحيط به : يااااه، في الواقع أنا وحش سحري لذا... يبدو أنهم لم يستطيعوا سحبي إلى ذلك البعد...
فقال بتعجب : ماذا ؟، أوليست سيدتك ؟
وضعت سبابتها أمام شفتيها اللواتي تعلوهما ابتسامة لتقول : دع الأمر سرًا بيننا حسنًا ؟
فرد بفزع : مهلًا مهلًا مهلًا !!، أتعنين أنه وحشٌ سحري طليق بكامل قواهِ السحرية و لا يستعير المانا من جسدك ؟
أومأت بالإيجاب و لم تفارق الابتسامةُ شفتيها لتقول : بالضبط...
بقي ينظر لها بدهشة و أطلق تنهيدةً في النهاية ليمسكَ جبهته بيده قائلًا : أنتِ فعلًا لا تُصدقين...
فسألت بطفولية : و ماذا عن السر ؟
ليرد الآخر متململًا : أجل أجل سركِ في بئر حسنا ؟
بياتريس : قل أجل مرةً واحدة !
راين : لقد أخبرتك أني لن أخبر أحدًا !
ليقول لوكي بنبرة مرح : لقد ظهر الجانب العنيد من بيارين ~
بياتريس : توقفا عن هذا !!
- يتبع الزهرة القادمة



رد مع اقتباس