الزهرة الخامسة عشر : لقد كانَ عائلتي
نادى عليها بصوتٍ لاهث - : روبي تشان !!
التفتت روبي خلفها بسرعة فورَ سماعها للصوت، فإذ بعينيها تتسعان ليتخللهما التماعٌ دلّ على السعادة
روبي : ماركوس...
جال ببصرهِ حولها فإذ به يلمحُ راين الممسك بمجرفةٍ من الجليد و لوكي يطفو قربه، تخلل الانزعاج نظراته لوهلة لكنه تمالك نفسه سائلًا
ماركوس : من هم أولئك الأشخاص ؟
ابتسمت روبي بعفوية لتقول : أه، أنتم لم تلتقوا من قبل... هذه هُنا بياتريس، إنها فتاةٌ لطيفة.. بياتريس، هذا ماركوس، إنه كأخي...
انتفظت بياتريس لتشبك يديها منحنيةً ما يقارب التسعين درجة لتقول
بياتريس : سررت بلقائك، ماركوس سان...
ليبتسم لها بخفةٍ بدوره قائلًا : سررت بلقائكِ أيضًا، بياتريس تشان
لتستكمل الأولى حديثها : و هذان هناك... صاحبُ الشعرِ الأسود هو راين، و الذي قربه هو لوكي...
فسأل متعجبًا : أتعنين السنجاب ؟
أومأت له إيجابًا و تلك الابتسامةُ لم تفارق شفتيها حتى الآن
فقال أحد ما محدثًا ذاته + : إذًا فلقد أصبحت ساحر جليد، راين... وتدفن الموتى ؟، إلى أي مدى أفسدكَ البشر ؟!
روبي : على أي حال، علينا بحملِ جوليا إلى مكان هاري الآن...
سأل متعجبًا : أهاري على قيد الحياة ؟
فردت الأولى بسعادة : أجل، هذا بفضلِ راين سان... لا أعلم ماذا فعل بالضبط لكنه أنقذ حياتهما...
التفت ماركوس إلى راين ثانيةً و قد زادت دهشته أضعافًا
التفت ماركوس إلى جوليا قائلًا : سأحملها عنكما...
أومأت له روبي بالإيجاب قائلةً : حسنًا... لنذهب، بياتريس...
فردت المعنية قائلةً : أجل.
سارت بياتريس إلى الأمام بضع خطوة ثم التفتت إلى الخلف تنظر إلى راين الذي لم يكف عن الحفر حتى الآن ؛ أكملت طريقها تلحق روبي و ماركوس.
أما راين فقد استمر بما يقوم به حتى انتهى وكان ذلك عندما عادت بياتريس بصحبةِ روبي وماركوس.
روبي : والآن، كل ما تبقى هو إيجاد أخي هايدن...
اتسعت عينا ماركوس بخفة ثم أشاح بهما إلى الأرض لتسأل مردفة : ما الأمر ؟، ماركوس
فردّ المعني بحزن : لا داعي للبحثِ عنه...
ابتسمت روبي لتقول بعفوية : ماذا تقصد ؟
ثم اندفعت مردفة : هل تعرف مكانه مسبقًا ؟!
اكتفى بالإيماءِ إيجابًا لتردف بسعادةٍ غامرة : ما الذي تنتظره !، لنذهب إليه حالًا !!
ماركوس : لقد عاد...
سألت روبي باستغراب تخلله القليل من القلق : عاد ؟، إلى أين ؟.
سكت قليلًا ليتنهد زافرًا الهواء بضيق ثم ردّ عليها بقوله : لقد عاد إلى السماء، روبي...
فُتحت عينا روبي على مصراعيهما لتبدأ شفتاها بالارتجاف، عُقد لسانها ؛ شَحُب وجهها تمامًا لتسقط جاثيةً على الأرض تحدقُ بالفراغ، أخذت ترتجف دون توقف و انخفضت حرارةُ أطرافها على حينِ غرة، رَف قلبها للحظة وإذ به يقع في معدتها في اللحظة التي بعدها، حلقها أصبح حارًا على خلافِ جسدها مؤلمًا حين تجر أنفاسها
قالت بنبرةٍ مرتجفةٍ خافتة : أنت تمزح...
ابتسمت لتقهقه بخفة ثم تبعها سؤالها مستنكرةً : أنت تمزح صحيح ؟...
اكتفى ماركوس بالصمت و إشاحة نظره إلى الجانبِ الآخر لتتلاشى ابتسامةُ روبي و تعود للتحديقِ بالفراغ بينما تذرف عينيها الدموع دون وعي منها
فكسر ذلك الصمت راين قوله : أين هو ؟
فردّ ماركوس بنبرةٍ حزينة : اتبعني...
وضعت بياتريس كفيّ يدها على كتفي روبي التي ما تزالُ جاثيةً أرضًا لتساعدها على الوقوف ثم على السير فتبعوا ماركوس حتى وصلوا إلى مكانٍ لم يكن بعيدًا جدًا، و نظرًا لكونهم في غابة فالمشهدُ لم يكن مختلفًا حقًا... توسعت عينا روبي حال رؤيتها لجسدِ هايدن المستلقي على الأرض، كان وجههُ شاحب البياض و بان عليه خلوه من الحياة، ابتعدت عن بياتريس التي بقيت واقفةً مكانها لتتجه نحوه بخطواتٍ بطيئةٍ متثاقلة، لا يفصل بينهما سوى سنتيمتراتٍ قليلة، جثت على ركبتيها لتحمل جسدهُ البارد و تعانقة بقوه، ذُرفت بضع دمعة من عينيها لتتبعها صرخاتها وهي تبكي وتنحب بينما تشدد حضنها لجسدهِ أكثر، مرّ الوقت ببطء كما لو كان قد توقف، هدوءٌ باردٌ كالثلج فلا يُسمع سوى حفيفِ الاشجار و نحيبها المؤلم، أخيرًا هاهو صوتُ وقعِ أقدامه يضيفُ للهدوءِ الصاخبِ صخبًا أكبر فيربتُ على كتفها ليقول بنبرةٍ هيمن الحزن عليها
ماركوس : اسمحي لي بدفنه...
اتسعت عيناها مجددًا لتلتفت نحوه ببطء فتسأل
روبي : ماذا ؟
صمتَ ماركوس لتردف بانفعال : تدفنه ؟ ؛ لماذا تدفنه ؟ ؛ إنه أخي هايدن... على الأرجح فهذهِ مجرد مزحة، اصبر قليلًا !، سيفتح عينيه في أي لحظة !!
بياتريس تنظر إليها بتعابير معقدة، الحزن، القلق، الألم، الدهشة، لم تكن مرسومةً على وجهها فقط إنما تعصف مابين أضلاعها كذلك، بينما اكتفى راين بالصمتِ مشيحًا وجهه إلى الجهة الأخرى يعضّ على شفته السفليةِ بقوة ليلاحظ لوكي ذلك بدوره.
فنطق ماركوس بصوتٍ خافتٍ و مهزوز : روبي...
لتصرخ به المعنية قائلة : كاذب !، كل هذا كذب !!
فتردف بصوتٍ خافت مهزوز بُح لكثرةِ الصراخ : لقد قطعنا وعدًا.. أن نبقى نحن الأربعة معًا إلى الأبد... أخي هادين لن يخلف وعده.. هو لن يتركنا صحيح ؟
اتسعت عينا بياتريس لترتخي ملامحها فتسرع لتعانق روبي بقوة
فهمست لروبي بصوتٍ مهزوز : أنا أعلم... إنه مؤلم صحيح... أن يتركك شخص عزيز عليك... لقد شعرتُ بذلكَ أيضًا عندما تركتني لينا... عندها قام لوكي باحتضاني هكذا... مع أنه لم يستطع احتضان شيء سوى ساعدي على أي حال...
لمعت عينا روبي لتجهش بالبكاءِ مجددًا فتقول من بين شهقاتها : لقد كان عائلتي !... كان كأخي الأكبر تمامًا !.. لقد ابتسم لي أنا التي فقدت كل شيء ... و أعاد إلي الرغبة في الحياة !، جعلني أبتسم كل يوم، أدخل الضوءَ إلى قلبي، لقد وعدني أنه لن يتركني بعد الآن !، أعيدوه... أعيدوا إلي عائلتي !!
اعتصرتها بياتريس بقوةٍ أكبر لتستمر روبي بالبكاءِ و النحيب
- يتبع الفصل القادم