04-30-2017, 11:51 PM
|
|
| الفصل الأول | بداية متألقة بالفعل، رقي وحرفية... أطلي وأهلي دائمًا
ديفون بلاك و الورقة المبتلَّة
اغترقت شوارع كينغستون بالمياه العذبة ، ومعه قلب شابةٍ قد فاظ من الحزن ، تلك المشاعر الأليمة لم تكن سوى زائرٍ طال غيابه ، وعندما جاء يطرق الباب حاولت تجاهله ، ولكنَّها الحقيقة المرَّ ... ما من أحدٍ فاني في هذه الأرض الزائلة !
وقفت الأمريكية ذات الواحد وعشرون سنة ـ بجسدٍ وهن ، قلبٍ حزين و رغبة قوية في الفرار ـ أمام منزلٍ متواضع ، كان مبنيًا من حجارة حمراء وسقفه مغطى بالبلوط ، المدخنة قد حوطت المنزل بسحابة سوداء قد آلمتها لتلويث البيئة ، عيناها العسلية حاولت النظر إلى ما خلف الزجاج ولكن هيهات ، من قادر على فعل ذلك وهو في منتصف الطريق وبالكاد يرى دون نظرات القراءة ، قلبها أخذ يدق بشكلٍ أقوى عن المعتاد ، خطواتها بإتجاه سور المنزل الحجري كانت بطيئة، رأت صندوق البريد المربع ملتصق بالسور الرمادي ، علبةٌ حمراء بإسم شركةٍ إنجليزية لا تعرفها .
ازدرءت لعابها تنظر لرقم المنزل ، " 9 " طبع باللون الأزرق وعلق على بابهم العسلي ، أخذت تلعب بأصابها النحيلة وتفكر على الإقدام ، ولكنها في صراعٍ قوي بين قلبها وعقلها، لذلك وقفت لوحدها في شارعٍ قد شارف على الإظلام ، لاحظت إختفاء جنس البشر ، فهذا التصرف العقلاني عندما تهبُ عاصفةً في منتصف يناير ، تنهدت بإستسلام ، كتفاها اللواتي كانا مرفوعان آن ذاك قد سقطا مرةً واحدة ليبدو الخوف والقلق عليها ، وسرعانما التفَّت تعطي المنزل الأحمر ظهرها .
ـ هـ .. هل بالصدفة اسمك أنيت يا آنسة ؟
صدمها صوته كالشاحنة ، جزعت من مكانها تقفز من الخوف ، تلك العينان الزمردية والشعر الكستنائي المبتل ، قامته العملاقة وحتى غمازته اليمنى قد ظهرت ، سرعانما وجدت تلك الفتاة المواصفات تنطبق على من تبحث عنه ، هنا ـ في كينغستون أمام المنزل رقم 9 ـ وقفت أنيت روز بملابس مبتله ورسالة قد تركتها صديقتها الميِّتة موجَّهة لهذا الشاب أو على الأحرى ديفون بلاك
.
.
.
منكمشًا فراءُ القطة أسفل الأمطار ؛ كان حال أنيت في منزل هذا الغريب ... ملابسها الشتوية قد قطرت منها المياه، وكان كاهلًا على كتفيها ، وهذا لم يكن تعبيرًا مجازيًا !
ـ يمكنك أخذ المنشفة على الأقل ، وخلع المعطف سيكون أفضل !
صرَّح ديفون يمدَّ منشفة حمراء قاتنة اللون ، ترددت في أخذها ولكنها استسلمت للأمر وقبلت عربون الضيافة هذا ، خلعت معطفها الأبيض و همَّ ديفون بإمساكه ووضعه على إحدى المقاعد ليجف ، أنيت جففت شعرها الأسود بهدوء ، ديفون تنقل في غرفة الجلوس يحاول أن يرتب أي شيء خارج عن المألوف ، ارتسمت الإبتسامة على وجه أنيت فهذا تصرفٌ لطيف .
ـ إذًا ، كيف كانت رحلتك في كينغستون ؟
صف أسنانه المثالية نصعت ببرائة ، شعره الكستنائي قد جف جزئيًا وبدأت الأمواج الحلقية تظهر على أطرافه ، أنيت صرت على أسنانها تتذكر دربها في الطائرة الإقتصادية .
ـ أعني هبطت قبل ثلاث ساعات لذا ... الجو جميل؟
نبرتها ارتفعت للاعلى ، تحاول عسل المحادثة بوجودها ، ديفون عقد حاجباه الكثيفان معًا وتقدم للأمام ، فصل بينهم طاولةً من البلوط جلس عليها شرشفٌ أبيض مطرز بالورد وقطع أثاث صغيرة وعلبة مناديل ورقية
ـ مهلًا ، هل جئتي لتو إلى منزلي ؟
ـ لا ... ذهبت للفندق لحجز الليلة ووضعت أمتعتي هناك ، من ثم توجهت لمنزلك
ـ عذرًا على وقاحتي أنيت ، لكن لمـــا أنت في منزلي ؟
توقفت الأمريكية عن تجفيف شعرها ، عيناها العسلية التصقت بالأرض الرخامية ، لقد نسيت كل الخطاب الذي أعدَّته لهذا اليوم ، لقد كتبت ورقتين مع أمثلة وحكم لتخفف على ديفون صدمة الخبر، أمَّا عن الشاب الإنجليزي فقد بقي منتظرًا لإجابتها بصمت دون حراك أو عجلة !
ـ ربما ... هل يمكن أن تجلس في البداية؟
يداها أشارت للأريكة خلفه طالبةً منه الجلوس ، هو وافق بطوع وجلس على طرف الأريكة المزدوجة ساقيه الطويلتان مفرودتان عن بعض قليلًا ، مرفقيه قد أسندوا على ركب أقدامه التي سترها الجينز المبتل ، أنيت وضعت المنشفة على الطاولة من بعدها هرولت صوب معطفها الصوفي وأخرجت ورقتين مبتلتين منه ، عادت لموقعها الأصلي أمام ديفون وفتحت الورقتين المثنيتين لتصبح بأكمل حجمها ، الحبر الأزرق قد سال ؛ لوصول الأمطار ، ولكن خطُ يدها مازال مقروء ولكن الورقة الثانية قد أصبحت خريطة لأحرف ، لذا قررت انيت الإلتزام بالورقة الأولى وإكمال الباقي من عندها
ـ ديفون ... مرحبًا أنا أنيت ، لست جيدة في هذه الأمور العاطفية وجهًا لوجه ، لذا كتبتهم على ورقة ، أنا صديقة ليا سميث ، وأنت حبيب ليا سميث . لا أعرف الكلمات المناسبة لوصف هذه الحالة ، ولا أستطيع نطق الكلمة هكذا مجردة وفي الملأ لأنها تؤلم قلبي لمجرد ما تحمله من معنى ، ديفون ... أنا آسفة لأكون من يحمل هذه الأخبار ، ولكن من الأفضل أن تسمعها الآن وليس عند العودة لـ فلوريدا ، لذا وبقلبٍ مكسور أقول ...
توقفت أنيت عن قراءة الورقة ، قلبها يخفق بجنون ، كان الأمر صعبًا عليها ، لقد ضاق نفسها في أماكن عند القراءة ، وحتى رجف عندما نطقت بإسمها ، تلك المشاعر تحتاج لتلتئم مع الوقت ومدة الوقت طويلة فهذا جرحٌ عميق ...
ـ ديفون ... أنا آسفة ، البقاء لله ! |