عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 05-11-2017, 01:56 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/02_05_17149372576444211.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



فضول وأكاذيب ~

.
.

تقلب على الأرض وهو يشعر بالألم في كل عظمة من جسده ، غرفة ضيقة وأرض صلبة الأمر الأكثر إزعاجاً من هذا كله هي أوليفيا التي لم تكف عن إحداث الصخب منذ استيقاظها ..


حسناً ، هم معتادون على ازعاجها الذي بات جزء لا يتجزأ من حياتهم والذي كانوا قد تأقلموا عليه مجبرين لكن لا يزال الأمر مُغضباً ..
قال بنبرة منزعجة رغم هدوء صوته : آرثر ويل خذا آلة الصخب و غادرا الغرفة بسرعة ، دعوني أستريح أرجوكم ..

أنهى نيك عبارته وأخفى وجهه بلحافه بحثا عن الهدوء ..


كان الصغير أكثرهم تعاطفاً معه ، لذا أمسك بأوليفيا قائلاً : لننتظر في الخارج حتى لا نزعج البقية ..
قال آرثر قبل تجاوزهم عتبة الباب : نحن سنلحق بكم قريبا لذا كونوا على حذر ..


ـ حسنا ..
قالها الصغير وهو مغادر برفقة آلة الصخب _كما يسميها نيك_ وهي تضحك ببلادة ليعم السكون أرجاء الغرفة ، زفر آرثر وقال بتكاسل : النوم على الأرض أرهقني ، والذهاب إلى السوق سيتعبني ، لذا إذهبوا وحدكم بدوني ..

ليرد ويل عليه بقلة حيلة : لا بأس في ذلك لكنك تعلم .......
بتر عبارته حين ظهر طيف مرعب أمامه ولم يكن ذلك سوى آش بشعرها الليلكي الفوضوي ونظرتها القاتلة وهالة سوداء تحيط بها ..


- أقلت أنك لن تذهب أيها العجوز الخرف ؟؟
تجمد الدم في عروقه وهو ينظر إلى آرثر منتظراً منه كلمة تطفئ غضبها ، لكن ذلك المغفل لم يبالي بكونها مخيفة فقال ملاطفاً: صباح الخير عزيزتي ، أرى أنك استيقظت ..


|| لست أفهم حقاً ، أأنت تتعمد إغاظتها أم ماذا أيها المجنون ||
ذعر ويل وهو يراها تُخرج سيفها الطويل من أسفل السرير ، فما كان أمامه سوى أن يتدخل ليخفف الأجواء : آش اهدئي سيأتي آرثر معنا أنا أعدك ، أعيدي سيفك إلى مكانه من فضلك ..

نطقت بصوت مبحوح : تأكد من أن يحمل جميع المشتريات ولا تعودوا إلا بعد أن يُهلك هذا اللعين ..


- حسناً حسناً أعدك بذلك ، أنت عودي إلى النوم فقط ..
قالها ويل وهو يجر آرثر خلفه مغادرين المكان ، وبعد أن أغلق باب الغرفة زفر بارتياح : فيوو كاد قلبي يتوقف من الخوف ..


ثم نظر إلى آرثر بطرف عينه : لقد كانت حماقة منك أن تغيظ آش خصوصاً وأنها قد أفاقت من نومها للتو ، أنت تحفر قبرك بنفسك ..
نطق بابتسامة كاذبة : ظننتها تمازحنا ليس إلا ..
- ومنذ متى كانت آش تمزح أيها الغبي ، الكلام معك مضيعة للوقت ، لنسرع أظن أن أوليفيا وآندي بانتظارنا..


توجه أربعتهم لسوق المدينة لشراء المؤن ، وكم كان الأمر متعباً لويل ، رغم أنهم ثلاثة راشدين وصبي مراهق إلا أنه الوحيد الذي كان أهلاً للمسؤولية ..


أوليفيا تتصرف بطفولية وترغب بشراء أي شيء وكل شيء ، آرثر كالعادة غير مبالٍ مطلقاً ويجاري أوليفيا في كل تصرفاتها مما يزيد الوضع سوءً ، أما آندي فهو جديد لذا لا يعرف كيف يتصرف ولا ماذا عليه أن يفعل ..




عندما طفح به الكيل صاح باستياء : ألن تتوقفوا عن هذا ؟؟ لقد تعبت منكم حقاً ..

التفت الثلاثة إليه وحل الصمت لثواني قبل أن تبدأ أوليفيا بقول : ويل لنذهب لشراء العقد الذي رأيناه بالأمس ..
جر خصلات شعره و كاد أن ينزعها عن جذورها من شدة الغضب ، لا تعير لأحاديث الآخرين أي اهتمام ، وتفعل ما يحلو لها ..

التفت إلى آرثر متوسلاً : أرجوك ساعدني في التسوق عوضاً عن العبث مع أوليفيا ، كن أكثر جدية من فضلك ..

أومأ برأسه بإيجابية رغم أن ملامح وجهه تثبت أنه لا ولن يتغير وليس لديه نية في ذلك أصلاً ، زفر ويل بتعب محاولاً تمالك أعصابه ، مهما حصل فآرثر يكبره بأعوام ومن الوقاحة توبيخه كالأطفال حتى لو كان يتصرف كذلك ..

ألقى نظرة على الأخير بعيون منكسرة : آندي أنت الأصغر هنا لكنني سأعهد إليك مسؤولية الاهتمام بأوليفيا لأنني لن أستطيع فعلها وحدي ..

ابتسم الفتى وأخذ يضرب صدره بقبضته : اعتمد علي سأراقبها بشكل جيد ..
تهلل وجهه فرحا : شكراً لك آندي ، كنت سأحتضنك لو كنت فتاة ، أنت فعلاً شخص ناضج على عكس أحدهم ..

قال كلمته الأخيرة وهو يرمق آرثر ليبين أنه المقصود ، والآخر اكتفى بضحكة بلهاء أطلقها من غير نفس ..


انتهوا من التسوق على خير ، وعادوا بعدها إلى النزل ليجدوا أن آش ونيكولاس لا زالا نائمين ، همس ويل : لنخرج ، لا أظن أنه من الجيد إيقاظهما لندعهما حتى موعد الغداء ..

- أنا سأستريح هنا ..
قالها آرثر وهو يُقفل الباب تاركاً البقية خارجها ليغفوا هو الآخر معهم ..


***


في الظهيرة وبعد أن انتهوا من تناول الغداء بدؤوا بحزم أمتعتهم في إحدى العربتين بينما الأخرى كانوا قد خصصوها لأوليفيا وحاجياتها الشخصية ..

بعيداً قليلاً كان ويل برفقة نيكولاس يتناقشان بشأن موضوع ما ..


- يجدر بنا إقناع آش أولاً قبل أوليفيا كما تعلم ..
قالها ويل وهو يزفر بقلة حيلة ليرد الآخر عليه : إذاً لنتحدث إليها ، لا أرى مشكلة في ذلك ..
غطى الأول وجهه بكفه : هذه أكبر مشكلة بالنسبة لي ، لا أحب التعامل مع آش كما تعلم ، رغم أنها فتاة إلا أنها الوحيدة التي لا أجرؤ على الاقتراب منها ..

طبطب نيكولاس على كتفه مشجعا : أنت تستطيع فعلها كن واثقا من نفسك وحسب هيا لنذهب إليها ..



استسلم ويل ورافق نيكولاس حيث آش التي كانت تتحدث إلى أوليفيا ، تنحنح قليلاً : احم آش هل أستطيع التحدث إليك ؟؟
رفعت بصرها الذي كان يمتاز بالحدة التي عكَست شخصيتها : ماذا تريدان ؟؟
أجابها نيكولاس : رافقينا قليلا ..

أدركت أنهما لم يُريدا لأوليفيا سماع ما سيُحدثانها به ، فاستأذنتها وغادرت المكان برفقتهما ..
حين ابتعدوا مسافة لا بأس به عادت آش لتقول : والآن ماذا لديكما ؟؟

تبادل الشابان النظرات لبرهة : الأمر متعلق بآندي ..
صرح بها نيكولاس ليستلم ويل سرد البقية : أنت تعلمين أن الترحال ليس شيئا نقوم به لأننا أحببنا ذلك بل هو شيء أُجبرنا عليه ، بالإضافة إلى أننا نتعرض للكثير من المخاطر والمحن لذا لا أعتقد أن من الحكمة اصطحاب آندي معنا ..


رفعت إحدى حاجبيها بعدم رضى: أنتم تعلمون أن أوامر أوليفيا مطلقة ، سواءً أكان القرار الذي اتخذته صائباً أم لا فمهمتنا تكمن في إطاعتها ..
ثم تابعت وقد لاح على وجهها بعض امارات الغضب : أم أنكم نسيتم من تكون هي وماذا نكون نحن ..

لم يكن لدى نيك الشجاعة الكافية للخوض في النقاش أكثر معها ، لكن الأمر كان مختلفاً مع ويل الذي قال مجادلاً إياها : لا تكوني ذات عقل متحجر ، آندي سيكون مجرد عقبة لا أكثر ، طالما هو موجود فنسبة تعرض أوليفيا للخطر أكبر ولا أظن أن هذا الأمر سيعجبك ..

علقت على حديثه بتهكم : وهل هو مغناطيس للمشكلات ؟؟
- ما أقصده هو أن نسبة الحماية ستقل إلى النصف بما أنه من الصعب الاهتمام باثنين في آن واحد ..
- إن كان هناك من يجب أن نتخلص منه فهو ذلك العجوز ..




خرج نيك أخيراً من سكوته : ها هي ذا تُقحم مشاعرها الشخصية في الموضوع..
ليتبعه ويل بقوله : نحن نتحدث بجدية هنا ..
فتقول آش : ومن قال أنني لست كذلك ؟؟ طرد ذلك الهرم من المجموعة لن يُحدث فرقاً ، فهو في النهاية الأمر لا يقوم بشيء سوى أن يولي دبره وقت الخطر ..

الخوض في هذا الحديث سيطول كثيراً بما أن آرثر أصبح جزءً فيه بطريقة ما ، و لينهي ويل هذا قال : سنبحث لآندي عن عائلة تتبناه لا أظن أن أوليفيا سترفض هذه الفكرة ما رأيك ؟؟
بدى على وجهها الرضا قليلا : لا بأس إن وافقت هي ..
ثم أردفت بشيء من التهديد : ولكن إياكم وإجبارها ..
- لن نفعل شيئاً كهذا أعدك ..



بعد الحصول على موافقة آش أتى دور أوليفيا ، تحلقوا حولها وقد حرصوا ألا يكون آندي قريباً منهم ..
أخبروها بالاقتراح ولكن يبدو أن الفكرة لم ترق لها ..


- حان وقت المغادرة هيا جميعاً ..
قالتها أوليفيا حتى تنهي النقاش الذي لم يبدأ بعد ، وهذا ما تفعله عادةً عندما لا يعجبها شيء ما ، فعوضاً عن رفض الفكرة فهي تفضل التهرب من الحوار برمته ..

أمسك ويل ذراعها حين همت بالمغادرة وقال مسرعاً : أوليفيا ما سنفعله سيصب في مصلحة آندي ، لا أظن أنه سيسعد إذا .......

بتر عبارته وهو يتأوه متألماً حين أصابت آش ذراعه بقوة حتى تفصله عن أوليفيا ، ورمقته بتلك النظرة التي كانت كفيلة بأن تجعله يلتزم الصمت ..


حان وقت الرحيل أخيراً فامتطى ويل وآش فرسيهما الأسود والأبيض ونيكولاس تولى قيادة العربة التي بها الأمتعة بينما آرثر قاد العربة التي تحمل أوليفيا وآندي ، وأكملوا بعدها رحلتهم الطويلة مغادرين المدينة التي نشأ وترعرع فيها آندي ..


***
عندما غطت السماء نفسها بالسواد وبات من الصعب مواصلة الطريق في وسط الغابة ورغم وجود ضوء البدر إلا أن تلك الأشجار الكثيفة كفيلة بحجبها..
أوقف ويل الذي كان في المقدمة فرسه قائلاً : سنبيت هنا الليلة ونكمل المسير غداً ..
ألقت آش نظرة حولها : لنبحث عن مكان أأمن من هنا ، أخشى أن يُفاجئنا وحش بري أو ما شابه على حين غفلة ..

تدخل آندي _الذي مضى على انضمامه لهم أربعة أيام وهو يستمع لحديثهم : ماكان عليكم سلك طريق الغابة في المقام الأول إن أردتم أن تتجنبوا الخطر ..
قالت أوليفيا القابعة إلى جواره : نحن نحب الخوض في المغامرات يا آندي ، وهذا هو أسلوبنا في الحياة..




تابعوا مسيرهم قليلاً حتى وصلوا عند نقطة محددة وقرروا المبيت هناك ، أوقدوا ناراً ونصبوا إلى جواره خيمة واحدة مخصصة للفتيات فيما سيبقى الذكور خارجاً ..
تحلقوا حول النار يتسامرون أوليفيا ثم نيك عن يمينها آش وإلى جوار آش كان ويل ثم آرثر وأخيرا آندي الذي تفجر فضوله ولم يُبقي سؤالاً في نفسه إلا وطرحه..



- كيف اجتمع خمستكم معاً ؟؟
هذا كان أول سؤال طرحه عليهم ، فبادر ويل بالإجابة : نحن أصدقاء منذ الطفولة على ما أعتقد ..
لم ترقه إجابته : لكني وطوال الأيام السابقة التي قضيتها معكم أستطيع أن أقول أنكم لستم متوافقين كثيراً ، هل أنت واثق من أنكم كذلك ؟؟

ابتسم بهدوء ولم يُربكه شكه : الخلافات تنشأ بين الجميع سواءً أكنا أصدقاء من الماضي أو لا ، وعدم توافقنا يعود إلى اختلاف آرائنا ووجهات نظرنا ، وفي الواقع أجد أن هذا أمر طبيعي جداً ..

ثم قال آرثر مضيفاً : لازلت صغيراً على فهم هذا ، لكن لتعلم أن الأصدقاء لا يجب أن يكونوا متوافقين دائماً فنحن حتى لو تشاجرنا كثيراً إلا أننا في أوقات الخطر نصبح كجسد واحد ..


|| أنت آخر من يتحدث عن الخطر أيها الهرم الجبان ||
لكم أرادت آش أن ترمي عليه ببعض كلماتها السامة لكنها كالعادة تكظم غيظها في وجود أوليفيا فقط أما البقية فهي لا تقيم لهم أي وزن ..

أطلق آندي سؤالاً آخر : ماهو هدفكم من الترحال ؟؟ إلى ماذا تريدون أن تصلوا ؟؟
تبادلوا النظرات فيما بينهم قليلاً ثم يقول ويل : المتعة ربما والتعرف على ثقافات مختلفة ..
سأل الصغير ثالثةً : إذاً من أي مملكة أنتم ؟؟ ومتى بدأتم الترحال ..


حينها قفزت أوليفيا من مكانها بحماسة والإجابة متربعة على لسانها لكن نيك الذي يجلس عن يمينها وضع كفه الأسمر على فمها يمنعها من الحديث وقال عوضاً عنها : نحن من مملكة جيبارلا وقد اعتدنا على هذه الحياة منذ كنا بعمرك ..
بدى متفاجئاً : وأين هي عائلاتكم ؟؟ كيف سمحوا لكم بسلك مثل هذه الحياة الشاقة في عمر صغير ؟؟

هذه المرة كان دور آرثر في الإجابة ، فقال ضاحكاً بلا سبب : جميعنا ننتمي لعوائل رحيمة جداً ..



حينها لاح على وجه آندي معالم الحزن وكانت أوليفيا قد فهمت ما يجول بخاطره ، فنهضت من مكانها لتحتضن آندي من الخلف وتقول بهمس دافئ : نحن سنكون عائلتك يا آندي لذا لا تُظهر مثل هذا الوجه الحزين ثانيةً ..


بالنسبة لفتى بعمره سيكون من المخزي أن يُظهر ضعفه أمام أحد ، فأبعدها قليلاً وقال مكابراً : لا اذكر أنني أظهرت ملامح حزينة للتو ، يبدو أنك تعانين مشكلة في النظر ، لم لا تنزعي عنك رقعة العين لعلك ترين جيداً ..
تلمست بأناملها رقعة العين : سيكون من المزعج لو نزعت هذه ..
- لكن عينك التي تخفينها سليمة تماماً ، إذاً ما الداعي من إخفائها ؟؟


احتدت ملامح آش حينها وخرجت من صمتها أخيراً لتزمجر بصوت غاضب : هل استطعت النظر إلى ما أسفل الرقعة أيها الغر الصغير ؟؟ أخبرني متى حصل ذلك ؟؟

رغم أن الخوف قد أصابه بسبب النظرة المرعبة التي تعلو وجهها إلا أنه قال بثقة مصطنعة : انتابني الفضول قليلاً فاختلست النظر إلى ما أسفل الرقعة عندما كانت تغفو ذات مرة ، ولم أجد شيئاً غريباً ..


|| اللعنة عليه وعلى فضوله ||
همت بالوقوف لولا أن أمسكها ويل وقبض على معصمها لتفهم ما يشير إليه ..


قال ويل بنبرة غامضة : آندي من الجيد أنك حين كشفت عن عينها لم تكن مستيقظة آنذاك وإلا لما بقيت حياً ..
آندي وقد ملأه الفضول : ولماذا ؟؟ أهناك سر ؟؟
- طبعاً ، فهي لم تكن لتغطي عينها لو كان طبيعياً ..

تابع آرثر الحديث عنه وهو يرسم ملامح مرعبة على وجهه : هل سمعت يوماً عن أشخاص بقوى خارقة ؟؟
آندي بفطنة : هل تعني .....

ـنعم هي واحدة من الأبطال الخياليين، ما إن يرى أحدهم عينها اليمنى حتى ينشل جسده ويفقد عقله ، وتتعطل أعضاؤه وتتلف أعصابه ..

بدى مذعوراً من سماع كل هذا ، حتى أن عينيه كادتا تخرج من مقلتيها من شدة الدهشة وهو يركز ببصره باتجاه أوليفيا وفكه السفلي مرتخي ..

فجأة انطلقت أصوات الضحكات العالية ليدرك آندي أن كل ما قالوه كذبة غبية وهو قد صدقها ..

نفخ وجنتيه بشكل لطيف مما زاد من ضحكاتهم ، ربتت أوليفيا على رأسه بعد أن هدأت : من الممتع أن يرافقنا طفل ، لم نُخطئ مطلقاً حين ضممناه إلينا ..
ثم تابعت وهي تنظر إلى ويل : صحيح ؟؟




أشاح ويل بنظره عنها فيما قال آرثر : نعم ، آندي طفل لطيف حقاً ..
|| لطيف إلى درجة تثير الاشمئزاز ||


أتاهم حينها نبرته الساخطة : كفوا عن قول كلمة طفل ولطيف ، أنتم تغضبوني هكذا ..
نهضت آش من مكانها لتقاطع الأجواء وتقول بحزم : انتهى وقت الثرثرة ليخلد الجميع إلى النوم ..

لا جدال بعد عبارتها ، نهض الجميع من أماكنهم وبينما توجهت الفتاتان إلى الخيمة كان الفتية يتجادلون حول الشخص الذي سيبقى مستيقظاً للحراسة ..


- أظن أن الدور سيكون على آرثر إن لم أكن مخطئاً ..
قالها ويل وهو يتثاءب بتعب ، فأخذ آرثر بالكذب : لا لست أنا ، بل نيك ..

ضيق نيك بصره بانزعاج وأخذ بالتحلطم : هذا العجوز لا يجيد شيئاً سوى التهرب من مهامه ، ماكان يجب عليه مرافقتنا في المقام الأول إذا لم يكن ذا فائدة ، لست أفهم حقاً لم هو معنا رغم أننا لم نجبره إلا أنه...

قاطعه ويل منزعجاً : حسناً حسناً سأتولى مهمة الحراسة ، لكن أرجوك توقف عن التذمر عالياً تستطيع قول "لا أريد" فقط دون الحاجة لإلقاء المحاضرات الطويلة ..
ابتسم آرثر ببلادة : جيد إبقى مستيقظاً أرجوك ولا تدع النعاس يغلبك ..


نظر ويل إليه بامتعاض لكنه لم يستطع قول شيء له خصوصاً وأنه الأكبر هنا ، ثم خلد الجميع إلى النوم ولم يتبقى سواه جالساً بالقرب من النار المشتعلة محاولاً أن يغلب النوم حتى بزوغ الفجر ..


***

انقشع الظلام معلنً ابتداء يوم جديد و حان الوقت لمواصلة الطريق ، لكن هذه المرة حدث تغيير في الأماكن ، فويل بقي في العربة مع آندي ليخلد إلى النوم وآش من تقودها ..
أما عربة الأمتعة فتولت أوليفيا قيادتها ونيكولاس وآرثر امتطيا الجوادين الشاغرين وانطلقوا بعدها ..
لم تكن آش لتسمح ببقاء آندي مع أوليفيا في عربة واحدة خصوصاً بعد ما فعله في المرة السابقة ..




- أليس الوقت مناسباً الآن لإيقاظ ويل ؟؟
نطق نيكولاس بهذا بعد أن مضى على انطلاقهم سبع ساعات متواصلة ، فأجابت آش : محق ..
ثم تابعت وهي توجه خطابها لآندي بنبرة آمرة : أنت أيقظ ويل بسرعة ..

انصاع آندي لأوامرها ولم يعاني إطلاقاً ، نداء واحد باسمه كانت كفيلة بأن يوقظه ، ثم أعادوا ترتيبهم كالسابق لكن الاختلاف كان أنهم قد أرسلوا آندي ليرافق نيكولاس في عربة الأمتعة ..




ـ نيكولاس ما سر رقعة العين التي تضعها أوليفيا ؟؟
كان هذا ما سأله آندي ليزفر الآخر : ألا زلت تريد معرفة السبب !!
ـ طبعاً فالأمر مثير للريبة خصوصاً وأن آش بدت غاضبة حين تحدثت بشأن هذا أمامها ..
قال مستسلما أمام فضول هذا الصغير : ستعرف السبب قريباً لكن يجب أن نخفي الأمر عن آش ..


بعد فترة توقفوا أمام بحيرة كانوا قد صادفوها في طريقهم وقرروا الاستراحة هناك لفترة ، نزل الجميع من فرسهم ليرتووا منها ويرووا أحصنتهم ..
استغل نيكولاس انشغال آش وأمسك بأوليفيا هامسا في أذنها : تعالي معي قليلاً ، آندي يرغب برؤية عينك بشدة أريحيه ليريحني..

ابتسمت أوليفيا ولم تمانع ذلك مطلقاً ، اقتربت من آندي ثم ضربت كتفه بخفة بسبابتها محدثة : أتريد أن تعرف ما خلف هذه الرقعة يا آندي ؟؟
تفاجأ لوهلة لكنه سرعان ما أومأ برأسه بحماسة كبيرة : نعم نعم ..


توسعت ابتسامتها وهي تمسك برقعتها البيضاء متمتمة : هو ليس بالسر الكبير لذا لا أمانع ..

أزالت الغطاء في بادئ الأمر كانت مغلقة عيناها وببطء حركت جفنها للأعلى ليظهر بياض العين وحدها دون القزحية فأرجع الصغير جسده للخلف قليلاً بتفاجئ لذا أسرعت أوليفيا بتغطيتها وهي تقول : هذا هو كل ما أخفيه هل أشبعت فضولك الآن ؟؟

أجاب بشفافية : رغم أني تفاجأت قليلاً لكن لازلت لا أفهم سر غضب آش ومحاولة الجميع إخفاء الأمر ..




ضحكت أوليفيا بخفة : كل ما هناك أن آش لا ترغب في أن تشعرني بالنقص و تكره نظرات الشفقة التي تعلو كل من يرى عيني والجميع يخشاها هنا لذا يتم اعتبار هذا الأمر من المواضيع المحرمة ..

قوس شفتيه للأسفل باستياء : يا للملل توقعت شيئاً أكثر غرابة من هذا ..

قاطع حوارهم آرثر الذي أقبل لتوه قائلاً : أوليفيا أنظري حولك ألا يبدو المكان جميلاً ؟؟
مسحت المكان بعينيها بسرعة قبل أن تجيب : أنت محق ، سأجلب أغراضي الآن ..
هرولت مسرعة نحو العربات فيما كان يلاحقها آندي بنظراته المتسائلة ..


دقائق حتى عادت وهي تمسك لوحة متوسطة الحجم ومجموعة من الألوان ثم تقول موجهة خطابها للجميع : هيا اجتمعوا سأرسمكم هنا ، سنحظى بأول لوحة تجمعنا بآندي أنا متحمسة ..

وضعت اغراضها جانباً وأخذت تدفع بالجميع في زاوية اختارتها بعناية حيث يظهر نقاوة مياه البحيرة منعكسة على سطحها الأشجار الخضراء التي حولها ..



تلك اللوحة البيضاء تلطخت بالألوان المختلفة لتكون صورة من أجمل ما رأته عينا آندي ، كان مذهولاً بحق وهو ينظر إلى اللوحة التي رسمتها أوليفيا ولم يستغرق ذلك من الوقت إلا ربع ساعة أو أقل ..
أما البقية فقد اعتادوا على رسومها فلم يكن الأمر غريبا عليهم ..
نطق منبهراً : أنت مبدعة يا أوليفيا لا بل أكثر من ذلك ، لو لم أرك ترسمين بعيني هاتين لما صدقت أنها من صنع فتاة ذات عين واحدة ..


جحظت عينا آش في هذه اللحظة وأدرك الجميع أن آندي قد داس لغماً دون أن يلحظ ذلك ، تدارك نيكولاس الوضع قائلاً : أظن أننا استرحنا هنا بما فيه الكفاية لنتابع رحلتنا ..

أسرع ويل بجذب آندي بعيداً قبل أن تنقض عليه آش فجأة وقد لحقت أوليفيا بهما فيما قالت آش وهي تكظم غيظها : يجب أن نتخلص من ذلك الغر الآن ، بدأ وجوده حولي يزعجني كثيراً ..

أخذ آرثر يحاول امتصاص غضبها : أوليفيا لن يعجبها فكرة التخلص منه في مكان كهذا ..

شدت على قبضتها حين ذكر لها آرثر نقطة مهمة تناسته ، مهما بلغ بها الغضب لا زالت تكن إحتراماً كبيراً لأوليفيا وطلباتها ، وفكرة مرافقة آندي لهم واحدة من تلك الأوامر المطلقة ..


***

فتحت الخارطة لتلقي نظرة عليها ثم تقول بعدها : أوشكنا على مغادرة مملكة سارفيس أخيراً..
زفر ويل بارتياح : هذا جيد ..
صاحت بحدة : أيها الغبي أنا أقول هذا لنزيد من دفاعاتنا وحرصنا ، لا شك أن الحراسة حول الحدود ستكون مشددة جداً ، سيكون من الصعب المرور ..




|| أنت مخيفة أكثر من الجنود لو تعلمين فقط ||
قال بإبتسامة باهتة : نعم أعلم ذلك شكراً للتذكير ..
ـ هناك قرية على مقربة منا سنبقى فيها لبضعة أيام فالمؤن على وشك النفاد ..
ـ إذا سأنقل هذا إلى من خلفنا ..


أبطأ من سرعة حصانه الأبيض ليتمكن من تقريب المسافة بينه وبين عربة نيكولاس وأوصل الخبر إليه وكذا فعل مع آرثر ..


وصلوا إلى هناك ، قرية بسيطة في أهلها وفي منازلها ، ليستقبلهم كبير القرية ويسألهم بوقاره : من أنتم ؟؟
أجابه ويل : نحن مجموعة من الرحالة قررنا المبيت هنا ليلتين ومن ثم نكمل سيرنا أرجو أن تسمحوا لنا بالبقاء ..

أخذ يتفحصهم بعينيه التي أحاطاته التجاعيد ، لاحظ بساطة ملابس البعض واهتراء البعض الآخر ..
فقال بهدوء : وهل لديكم المال الكافي لاستئجار مكان لكم ؟؟
أومأ ويل برأسه مبتسما ليقول : إذا أهلا وسهلاً بكم ، كم غرفة تريدون ؟؟

آن دور آش لأن تتحدث : غرفة واحدة نقضي فيها ليلتينا إذا تكرمت أيها السيد ..
- غرفة واحدة !!
قالها الرجل متعجباً وهو ينظر إلى عددهم ، فتجيب آش بثقة : نعم غرفة واحدة بسريرين ..




لم يكونوا ليدعوا نقودهم تُهدر على إيجار الغرفة لذا فمكان واحد للنوم بسعر زهيد يكفي ستتهم ..
دلهم الرجل على أقرب مكان يمكن أن يبيتوا فيه ووضعوا عربتهم وأحصنتهم في الإسطبل الملحق للنزل ..


***


بعد انتصاف الليل غطى السكون والظلمة المكان بشكل موحش ، شق هذا الصمت المطبق صوت باب الإسطبل الذي فُتح ليدخل ظلٌ أسود مبطن بنوايا خبيثة إلى المكان ..

بخطوات خفية كان يقترب من الأحصنة النائمة وبين ذراعيه أداة كانت تبرق في الظلمة ولم يكن ذلك سوى سيفه الذي أحضرها معه بنية القضاء على تلك الأحصنة ..
رغم أنه كان من المفترض وجود أربع أحصنة و عربتين إلا أنه لا يرى سوى عربة واحدة وثلاثة أحصنة ..


- أين يمكن أن تختفي العربة الأخرى ؟؟
تمتم بها رجل قد ناهز الثلاثين من عمره وهو يعقد حاجبيه بحيرة ، ثم تابع بعدها : سأقتل هذه أولاً وأفتش عن البقية لاحقاً ..


رفع سيفه عالياً وهم بالقضاء عليهم إلا أن سهماً أُطلق من مكان مجهول أصاب ذراعه ليطلق صرخة كانت مزيجاً من الألم والصدمة ..

وعلى أثر صوته نهضت الأحصنة من نومها مذعورة وأخذت تصهل عالياً فتراجع الرجل إلى الوراء قليلاً وهو يصيح غاضباً : من ذا الذي أطلق السهم ؟؟ أظهر نفسك ..


خرج من مخبأه ممسكاً بالقوس وحين ظهرت ملامح وجهه الوسيمة لمن أمامه قال الرجل متفاجئاً : كـ.. كـيف !!
حرك كتفيه قائلاً : حتى أنا لا أعلم كيف لذلك الأخرق أن يتنبأ بالخطر قبل وقوعه ، لكنه كان مصيباً كما تجري العادة ..
ثم جحظت عيناه مسترسلاً : من أنت ومن أرسلك ؟؟


لم يجد ويل جواباً لسؤاله فقد ولى الرجل هارباً وهو يتوعده ، ألقى بالقوس جانباً واستل سيفه مدركاً أن الخطر لم يزل بعد بل هو قادم إليه الآن ، وقد كان محقاً حين اقتحم عليه مجموعة من الجنود ..
لم يكن متفاجئاً البتة بل بدا على أهبة الاستعداد لمواجهتهم ، أخذوا بالهجوم عليه ليطرحهم أرضاً الواحد تلو الآخر بمهارة وذكاء ..


صحيح أنه لم يكن الأبرع في حمل السيف لكن مع ذلك لازال متفوقاً على هؤلاء الجنود المبتدئين بمراحل لذا كان هزيمتهم أمراً في غاية السهولة ..




لم يكن ويل من يتعرض للخطر الأكبر هنا ، وإنما آش ونيكولاس اللذان بقيا في الغرفة هما من كانا في مشكلة حقيقية ..
وقفا بحيث يحمي كلاً منهما ظهر الآخر فقد كان عدد الجنود كبيراً وفي ازدياد مستمر ، آش كانت بتلويحة واحدة من سيفها تودي بحياة مجموعة منهم لتأتي مجموعة أخرى غيرهم وينتهي بهم الحال كسابقتها ..

أما نيكولاس فلم يكن بحاجة إلى سلاح لمقاتلتهم فقبضته العملاقة وبنيته الضخمة كفيلة بطرحهم أرضاً ، واستمروا على هذا الحال لفترة حتى امتلأت الغرفة بالجثث والمصابين ..




أخيراً أدرك الحمقى أن العدد وحده ليس كفيلاً بهزيمتهم فأعلنوا انسحابهم وولوا مدبرين بسرعة ، مسحت آش وجهها الذي تلطخ ببقع من مائع قرمزي متمتمة : مجموعة من الخاسرين ..

ألقى نيكولاس بالجثة التي كان ممسكاً بها كدرع يحتمي به وقال وهو ينفض كفيه ببعضها : يالها من فوضى كبيرة ..
- لنلقي نظرة على خيولنا أخشى أن يصيبهم أي مكروه ..
- ويل كان هناك بالتأكيد هم بخير ..






كان يقف منتظراً انسحاب الجنود ، لم يحبذ التدخل لأنه مدرك أن صديقيه ليسا بحاجة إليه ، وعندما أعلن الجنود انسحابهم عم السكون المكان أخيراً بعد الضجيج العالي الذي أحدثوه للتو ..

لمح نيكولاس وآش يغادران المكان وقد تلونت ملابسهم بالدماء ، قال باقتضاب : رغم كل الفوضى التي حدثت لا أرى أحدا من أهل القرية ..
قالت آش التي كانت ترفع خصلات شعرها القصيرة للأعلى : يبدو أنهم كانوا على علم بمرورنا لهذه القرية ، فأخلوا المكان ، وجميع من قابلناهم كانوا جنودا في الأصل ..
أسرع ويل ليقول : إذا لنغادر القرية بسرعة ، يكفي الاستقبال الذي حظينا به للتو ..


- لا داعي لإخبارنا بذلك ، سنغير ملابسنا أولاً وأثناء انتظارك اذهب لتفتيش الجثث الموجودة وخذ كل ما تعتقده مفيداً ..
قالتها آش وهي متوجهة إلى العربة حيث الملابس التي جهزتها مسبقا ، وهو انصاع لأوامرها دون أي نقاش ..


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 05-12-2017 الساعة 11:54 AM
رد مع اقتباس