عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-12-2017, 06:00 AM
 
صباحكم سعيد

اتممت الرواية في وقت قصير رغم يقيني انها من الروايات التي يجب
قراءتها مرتين قبل مناقشتها ، رواية رائعة جدا رغم نهايتها القاسية
صدقا تركت غصة في حلقي منعتها بصعوبة من التحول الى دموع ،

كانت تجربة فريدة تعرفت من خلالها على ايمن العتوم الكاتب المتمرس ،
فنان في الوصف و السرد ،فيلسوف في صياغة الافكار وبناء المعارف
وبارع في الاقناع كسياسي محنك .


موضوع الاسلام والمسيحية موضوع قديم تحدث عنه روائيون كثر وتناولوا
كذلك قصص الحب التي قد تنشا بين مسلم و مسيحية ، الا ان العتوم
تناوله من زاوية مختلفة قليلا ، قريبة وثرية اكثر ربما ،

الاهداء كان اول ما لفت نظري في الحقيقة وليس الغلاف ، احببت
فكرته و راقني كيف ان الكاتب استغل هذه المحطة لياخذنا مباشرة
لصلب الموضوع دون تضييع الوقت ،
الفصل الاول كان مؤثر ، خطاب على لسان سيدنا عيسى عليه السلام
يقر فيه انه كلمة لله وجاء لينشر كلمة الله على غرار الانبياء من قبله
ونفى كل الادعاأت الباطلة التي قيلت في حقه كما بشر بقدوم رسول من بعده .

الفصول الموالية تاخذنا الى قرية هادئة ذات مناظر خلابة يقطنها ابطال
الرواية المسيحيين ، و كان اول من ظهر من هذه الشخصيات الابنة بتول
وهي في عمر الثالثة اظن ، لم تكن شخصية مثيرة للاهتمام حينها ،
بقدر والدتها مريم المراة القوية المتدينة التي تخدم الكنيسة بكل حب و تفان ،
والاب وهيب الرجل العطوف المحب و المضحي ،
ثم يظهر بعد ذلك الطفل اللقيط وائل ،والذي تشغل قصته صفحات من الرواية
حتى تظن انه سيكون احد الابطال او على الاقل شخصية فاعلة ومهمة في الاحداث
و شخصيا بعد ان علمت ان احد ابطال الرواية ملحد ، توقعت ان يكون هذا الشخص هو وائل ،
كذلك ميمون والراهبة هيلينا ركز عليهما بطريقة توحي انهما شخصيتان مهمتان
لنتفاجئ بعدها باختفاء غير مبرر لميمون وموت غير مبرر لهلينا ،

تعود الرواية للتطور والاحداث للتصاعد بعد دخول بتول الى جامعة وظهور
شخصية صالح ، شاب مثقف يحاور بادب وبراعة استولى على اهتمام بتول
من خلال مداخلاته اثناء المحاضرات و اسلوبه الجريء وثقته بنفسه ،
بعد التعارف سيسعي صلاح لفتح نقاش مع بتول حول ديانتها قصد اظهار
المغالطات و الافتراأت و التحريف الموجود بها .

كنت متحمسة لبدء هذا النقاش لكنني اصبت بالقليل من الخيبة فمستوى النقاش
لم يكن قويا كما ظننت واردت ، لم تكن هناك اسئلة قوية وحجج كثيرة واخذ ورد ،
وكان بتول كانت مقتنعة في الاساس وايمانها بدينها كان ضعيفا..
الحوار الاخير بينها كان مشوقا و غنيا بالمعلومات تحدث فيه صلاح عن اساس
عقيدة التثليث ومن اين جاءت، كما ابرز ان رسالة محمد وعيسى واحدة
ومصدرها واحد ، حديثه كان مدعوما بالادلة التاريخية وبادلة من المسيحية
و الاسلام ، شعرت ان حوارا كهذا كان يجب ان يفتتح به سلسلة لقاأت
صلاح وبتول و تزعز معتقداتها كان يجب ان ياتي بعده .

مراد شخصية تعاطفت معها جدا ، يدعي الالحاد لكنه ليس شرير ولا متعصب ،
يحاور بهدوء ويطرح افكاره بروية ، يلزمه القليل ليعود لطريق الصواب لكن الموت
خطفه قبل ان يستطيع صلاح انقاذه مثل ما فعل مع بتول ،
حواره مع صلاح كان اقصر مما يجب بكثير فكونه احد اعمدة القصة الثلاث
استحق حيزا اكبر من الذي اعد له ، كما وان افكاره وافكار من يدعون الالحاد
تحتاج ان تطرح وتناقش وتفند حتى يستفيد القارئ ويقتنع و الطريقة السريعة
التي مر بها عليه الكاتب اغاضتني في الحقيقة .

تمنيت لو كان هنا تفاعل بين الاعمدة الثلاث وليس فقط بين كل ثنائي على حدا ،
اتصور لو فتح نقاش بين مراد و بتول لكانت القصة مثيرة اكثر وغنية اكثر ،
احيانا كثيرة شعرت ان الكاتب يركز على وصف الامكنة و انفعالات الشخصية
وسرد ادق التفاصيل لكنه يمر على النقاط الاساسية بسرعة تضعف من قيمة
الرواية وتبقي لديك اسئلة عالقة او فهما ناقصا او اقتناعا غير كامل ،
فمثل هذه المواضيع ياما ان تفتح و تناقش كما يجب ياما لاداع لفتحها نهائيا .

النهاية ، كانت اكثر من قاسية وحزينة كانت فعلا لا تصدق ،
الابطال الثلاثة لاقوا نهايات مأساوية تتشابه في حدتها ، كل واحد منهم
عوقب بابشع الطرق على افكاره التي جهر بها وتم اخراسه الى الابد ،
لا ادري ايهم حزنت لاجله اكثر ، مشاهد تعذيبهم و موتهم جميعها اثرت بي
لكن اكثر ما آلمني هو ما حدث مع بتول ،لم اكن لا توقع ابدا ان والدها
سيتحول الى وحش لا يعرف اي مشاعر انسانية ، شخصيته في البداية
تعطي انطباعا انه هو من سيقف الى جوارها في النهاية ،
خصوصا وانه ليس متدينا كالام مريم والتي كنت واثقة انها من ستقف امام
اسلام بتول وتحاربها لكن حدث العكس ،
لا ادري ان كان الكاتب اراد مفاجاتنا ام انه ببساطة
اراد ان يوصل لنا رسالة مفادها انك لا تعلم حقيقة الناس الا عند حدوث
كوراث حقيقة و حادثة اسلام مريم هنا تعد كارثة حقيقة على اسرتها المسيحية .

ساكتفي بهذا
دمتم بخير
__________________