الموضوع: Xll | إِثنا عَشرْ
عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 05-19-2017, 07:10 PM
 


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:900px;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/30_04_17149356076630533.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




[/ALIGN]
[ALIGN=center]

[/ALIGN]
[ALIGN=center]


[/ALIGN][ALIGN=center]ضع على وجهي قِناعي
وسأذهب إلى حيثُ يُخبرونني في سبيل أن أري وردات مايو الحمراء مرة أُخري .
مُلوثًا رَوحي ، حارِقًا عيناي
الدم على يديّ .. لا يُغسَل! لا يُغسَل!
لا مكان أهرُب إليه مما فعلت!
لم أعُد! لم أعُد! أحد وردات مايو!
بعيدًا عن نفسي أطير!
.
.

الفصل الخامس : مايو الشُجاع !
.
.

رغم أن الوقت كانَ ليلًا إلا أن الضوضاء كانَت تصُم الأذان!
لم تكُن أيُ ضوضاء ، كانَ هُتاف جمهور يطُل على ذلك الملعب الأخضر ، كُرة القدم ليسَت لعبة اليابانيون المُفضلة لكنهُ كانَ مُختَلِفًا !

"زيرو ، أنتَ أمام المرمي! سَدد الآن!!"

شعرٌ أسود قصير ، عيون بنفس اللَون وبشرة قَد لَفَحَتها الشمس ، كانَ مُجرَد محلي فى السابعة والعِشرون من العُمر.. سبع سنين أُخرى ثم يعتزل اللَعِب تمامًا!

لكن في الوقت الحالي ، سيجعل من تلك المُباراة شيء يستحق المُشاهدة!
أو هذا ما ظنُه الجميع! فهوَ دائمًا يُعطي كُل ما لديه!

لذلك تفاجئوا عندما هَجَر الكُرة جاريًا خارج الملعب!

كانَ يُلاحِق شيء أخر ، شيء غَير الكُرة.. شيء لم يلحظهُ غيرهُ..

*

أمسَكَ بضالتهُ أخيرًا! والتى لم تكُن سِوى شَخص أخَر ، من الصعب مُلاحظتُه فى عتمة تلك الليلة بسبب ارتدائه لبنطال من الجينز الأسود ومعطف بنفس اللَون غَطَت قلنسوتهُ رأسهُ ونصف وجهه ، قد دَفَع كتفيه تجاه الحائط بذلك الممر الشبيه بالنَفَق وأسرَع بجذب القلنسوة في حِدة : من أنت؟!

وجه أبيض أحاطَ بِهِ شعر أسوَد مقسوم من منتصف الرأس يَصل إلى نِهاية رقبِة صاحبهُ ، لم تُنَشِط رؤية ذلك الوجه أي شيء برأسُه ، مُجرَد شخص غريب! فى العشرين من عُمره علي الأغلَب!

قابَل الأخر حِدَتُه بشيء من البرود وهوَ يبتَسِم : اسمي "يومي" .

حُلم؟! ليسَ اسمًا شائِعًا جِدًا للأولاد؟

لم يهتم أو يُصَرِح بأيًا من هذا وهوَ يترُك ياقتُه ويعود خطوة للخلف : ماذا تُريد؟ أنتَ دومًا هُنا عندما ألعب..
ابتَعَدَ "يومي" عن الحائِط وهوَ يقوم بعدل معطفهُ ، لِمَ يرتدي معطفًا فى مايو على أي حال؟! مايو بالصَيف!

-أنا مُدَرِب.. وأُريد أن أجعَل منكَ عالَميًا..

لم يستطع "زيرو" إيقاف أنفهُ من إصدار تلك الشَخرَة ، سأل بملل : كم عُمرَك يا طِفل؟!
قَضَبَ "يومي" حاجِبيه مُجيبًا : سأُتمم الواحد والعِشرين قريبًا!

دار اللاعب رقم "5" مُعطيًا "الحُلم" ظهرهُ ، وبسُخرية نَطَق : عُد إلى المَنزِل ، لا بُدّ أن أُمَك قَلِقة!

*

مَرَ يَومين ، الإعلام غاضِب ، الجمهور غاضِب ، المُدرب غاضِب وزُملاء الفريق بلا استثناء جميعهم غاضبون!

فَقَط لِمَ تَرَك "زيرو" المُباراة بتلك الطريقة؟!

كانَ وحدهُ بذلك الملعب ، أو هكذا بدا الأمر !
رَكل الكُرة تجاه المرمي بغضب لترتطم بالعارِضة !

-اخرُج ! أعلم أنك هُنا !

زَفَر "يومي" ليقترب ويجلس بالأرض ، تلك المرة يرتدي قميصًا عاديًا : لِمَ تفعل هذا؟!
حَوَل "زيرو" بصرُه عن الكُرة تجاه مُحدثُه : ما الذى تقصده ؟!
حَرَك الشاب الأصغَر كتفيه : تدفن موهبتك في ذلك المكان ، أنتَ لا تفعل شيء أخر في حياتَك غَير كُرة القدم مع ذلك ترفُض كُل العروض التى تأتيكَ من الخارِج! لا أُصَدِق أني جِئت كُل الطريق من ألمانيا إلي هُنا حتى يتم رَفضي بذلك الشكل!!

قَضَب "زيرو" حاجبيه قبل أن يرُد : ليسَ الأمر أني أدفن موهبَتي لأنها غَير موجودة من الأساس! ، أنا مُجرَد محلي.. والكُرة أكل عَيشي لا أكثر ولا أقل..
نَهَض "يومي" لينطق بهدوء : أنتَ تمزَح.. صحيح؟!
تَحوَل الهدوء إلي غَضَب في ثانية بطريقة غير متوقعة : هل أنتَ بذلك العَمي؟!

هَزَ "زيرو" رأسُه يُمني ويُسري مُجيبًا : لستُ أنا الأعمي هُنا!.. أنا فَقَط واقِعي!! لا سبب يجعلني أُغادِر بلدي وأترُك أهلي وحبيبَتي من أجل سَراب!!.. لديّ ما يكفي من المال!!
رَفَعَ "يومي" حاجِبيه : لكنَكَ هُنا لن تَكونَ إلا نَكِرة!! هل أنتَ سعيدٌ بهذا الشَكل؟!
سأل "زيرو" بفضول : تُريد أن تعرف ما أكون؟!
أومأ "يومي" في صَمت ليرُد الأخَر : انظُر على ظَهر قَميصي تَعلَم مَن أكون..

"زيرو"

صِفر..

تابَع "زيرو" وهوَ ينظُر تجاه المرمي مرة أُخري مُتأهِبًا للرَكل : فقط عُد للجحيم الذى آتيتَ منهُ..

أغلَقَ "يومي" قبضتهُ بقوة جازًا على أسنانُه ، ما لَبِثَ أن تحركَت قدماه مُبتَعِدة..!

*

رَمَشَ ساعي البريد للقمحي الواقف أمامُه كَونُه لم يُكَلِف نفسُه ارتداء قَميص بينما الأخر يحُك رأسهُ بنُعاس : أين أُوقِع؟!
أمسك القلم ليرسم رمز غريب من الصعب تقليده ما لَبِثَ أن نطَقَ : شُكرًا لك!
وأغلَق الباب في وجهه دون انتظار رد!
لم يأبَه لأطراف بنطالهُ الرمادي التى تمسَح الأرض وهوَ يسير ، نادي بصوتٍ عالٍ : حبيبَتي ، لدينا بريد!!
لم يصلُه رد ، تَوقَف أمام السَرير ليفتَح الظَرف بعد أن نَظَرَ لوجهها الأبيض النائم كالملاك وشعرها البُني الطويل يُحاوطه وينتثر حولُه بعشوائية ، أزاحَ خُصلة مُبتَسِمًا ليجلس بعدها مُعطيًا إياها ظهرُه.

~الحَل لجميع مشاكلَك!~

همس لنفسُه : يالَها من دِعاية! جميع مشاكِلي؟!

لَكن لا شيء أخر بداخل الظَرف سِوي تلك الورقة التى لا تحوي إلا جُملة واحِدة..؟!

بدأت الحروف تتجه إلى مركز الورقة ، فركَ "زيرو" عينه وكأن هذا سيُلغي أيًا كان نوع الخداع البصري الواقع تحته!
لكن الحِبر الأسود تحوَل إلى دوامة ابتلعته!
وجدَ نفسه يسقط فجأة من السماء فرَكَز على مُحاولة الهبوط بشكل يجعل إصاباته طفيفة إن لم تكُن معدومة!

-هبوط مثالي! ليس كأحدهم!

قالها أصهب ذو ملامح أجنبية مُحدثًا إفريقية ، الغريب فى الأمر ليسَ أنهُ قال ما قال بالإنجليزية بل أن "زيرو" فَهم وردَ بنفس اللُغة!

اقترحت السمراء أن ذلك المكان الذى يُجبرهم على التحدُث بالإنجليزية هوَ بوابة للعالم السُفلي!
كانَ واضِحًا جدًا أن سحرًا ما يُحيط بهم!
استمروا بالازدياد واحدًا تلو الأخر تبصقهم دوامة إهليجية حتى أتمموا الاثنا عشر!

نطق عجوز كان "زيرو" يظنه معظم الوقت ميتًا! : لقد اكتملنا!

تساءل لثانية أن كان مُجرمًا معتوهًا قد قامَ بخطفهم كفيلم "سو" المشهور وسيبدأ في قتلهم قريبًا!!
لكنهُ أخرَج تلك الفكرة من رأسهُ فلا مجال للرُعب الآن!

أضاءت الأرض من تحتهم لتتضح الرؤية فى المكان ، اثنا عَشر بابًا على كل واحد منهم جملة مُميزة لواحدٍ فقط منهم قد عَرفَها صاحِبها وفَهِم أن الأمر يعنيه!

تلكَ الجُملة ل"زيرو" كانت : "كُنتُ طِفلًا!"
*

استيقَظ ليتثائب بكسَل وينهض عن سريرُه : لماذا أشعُر وكإني شخصٌ مُختلف؟!
صَرَخ بفزَع أمام المرآة ! هذا هوَ! لكن قَبل سَبع سنوات من الآن!!
بدأ يتلَفت حولُه ، وهذا ليسَ منزلهُ !! بل منزل أهلهُ !!

نَظَر للتقويم : التاسِع عَشر من مايو 2010 .. حادِث المُدرب!!

لكن كيف؟ هذا لا يُمكن أن يكون صَحيح؟! كيفَ سافَر في الزمن؟!
جسده دليل ملموس أمامه لذا فقد صَدَق! وخَرَجَ من فوره بعد أن التَقَط قميصًا كان مُلقي على الأرض بإهمال!

بدأ فى ارتداء قميصه بعده الحِذاء الذى وجده جوار باب المنزل ليسمع صَوت والدتُه : "زيرو" ألن تتناول الطعام معنا؟!
رَدَ بسُرعة : لاحِقًا أُمي!

*

أخَذَ يستَرجِع ما حَدَث ذلك اليوم فى رأسه بينما يركُض..

سألهُ عجوز كسي الشيبَ شعره : لكنهُ عرضٌ جيد لماذا لا تُريد أن تقبله؟!
هَزَ رأسه مُغمضًا عينيه وهوَ يبتعد : أنا فقط.. لا أُريد!!
أمتَدَت يد العجوز لتجذبه وفى عينيه شيء من الهلَع لم يفهم "زيرو" سببه لكنهُ ضَمَ مرفقه إليهِ بعيدًا عن مُدربه فلم يجد العجوز مَفَر من دَفع "زيرو" ليقف مكانه وتصدمهُ سيارةً بدلًا عنهُ!

خَرَج من الذكري ليرى المُدرب واقفٌ على وشك أن يعبُر الطَريق ونفس السيارة قادمة إليه !!
صَرَخ : قِف!!
لكنهُ أصبح بالفعل فى المنتصف عندما وَصَل صوت "زيرو" لأُذنيه!
ألتفَتَ لينظُر إليه حينَها صَرَخ العِشريني ظاهِرًا على وشك ثلاثيني باطنًا : اجري !!

ما جَعَل دموعه تهبط لفورها أن العجوز استَمَرَ فى النَظَر إليه مُبتَسِمًا بآسي حتي طارَ فى الهواء وَسَط صُراخ "زيرو" !!

ظَلَ واقِفًا وهوَ يُشاهِد مُراهِقًا بالكاد انهى طفولته يبكي وينتحب جوار الجُثة : أبي! أبي!
كانَ لديهِ شعرٌ بُني فاتِح جِدًا يميل إلى الوَردي..

هذا ليسَ ما حدَث ذلك اليوم!!

*

كان مُمدَدًا على سريره على جانبه الأيمن ينظُر إلى دولابه الخشبي بينما ذراعُه قد تدلي تجاه الأرض : ما فائدة عودتي للماضي إن لم أستطع تغييرُه؟ بل ما فائدة علمي بالمستقبل؟ الذى هوَ حاضري!! كيف أعود؟! ماذا أفعل الآن؟!

والسؤال الأهم الذى لم يُصرح بهِ بصوتٍ عالٍ هوَ ~لماذا أنا مُتأثرٌ بما حدث بتلك الطريقة؟ ليسَ وكأنه أمرٌ جديد!! لقد ماتَ قبلًا!!~

كانَ يعيش الاكتئاب ذاته للمرة الثانية ولا يستطيع إيقاف نفسه!
وهوَ الذى ظَنَ أنهُ تخطي الأمر كأي راشِد بالِغ ، المَوت هوَ النهاية الحتمية المعروفة لكُل بشري وبشرية إذًا لِماذا مازال يجد الأمر غريبًا جدًا عندما يموت شخص يعرفه؟!

*

نهض فى اليوم التالي عن السرير بكسل ليعبث فى شعره ، نظر إلى التقويم ، التاسع عَشر من مايو، قام بأقتلاع الورقة بعُنف ليُمزقها ويرميها!

تعالي إليه صوت أُمه المألوف قبل أن يخرُج من المنزل : "زيرو" ألن تتناول الطعام معنا؟!
قضب حاجبيه قبل أن يُجيب : لاحقًا أُمي!!

*

إنها مدينته القديمة ، قدماه تحفظان طُرُقها وهوَ لا يستطيع التخلي عن جريُه اليومي ، الأمر أشبه بعادة ، وسط جريُه هذا شاهد ما لم يحسب لهُ حِسابًا..

المُدرب والسيارة.. مرة أُخرى!!

لم يُفكر قبل أن تندفع قدماه ويُبعد المُدرب عن طريق السائِق المتهور ، ارتمي العجوز على جانب الطريق لكن "زيرو" كان لهُ مصيرًا مختلفًا تلك المرة!

لم يستطع تحريك عضلة واحدة بعد أن هبط على الأرض من طيرانه ، أسوء ما فى الأمر أن رأسه تلقي السقطة..

سالَ الدمُ من فمه : اخبروا زوجتي أنني أُحبها..
كَح قبل أن يُردف : مهلًا هيّ لا تعرفني ، لم نتقابل بعد..

كانَ الأمرُ مؤلمًا ، لم يتوقع هذا ، سَكرات الموت..
خَرَجَ نفسه الأخير بصعوبة وكأنهُ لا يُريد أن يخرُج لكنَ شيئًا يجذبهُ دونَ رحمة ، مع ذلك النَفَس خرَجَت روحه ليتحول جسده الرياضي إلى جُثة هامِدة لا حياة فيها ، الدفن هوَ جوابُها الوحيد!

*

رَمَش مرتين ناظرًا لسقف غُرفتُه القديمة : كيف؟ لقد متتُ! هل هذا هوَ الجحيم؟!
نهض بتعب : عظامي.. تؤلمني..
استدار ليواجه المرآة ليرى سمارُه قد شَحُب قليلًا ، مَدَ يدُه لمؤخرة رأسُه ليصعقهُ الإحساس بدم مُتجلط هُناك : لم يكُن حُلمًا بالتأكيد!!
دقق النظر للتقويم : لكنني مزقتُ تلك الصفحة!!

خرَج من غُرفته تلك المرة دون أن يرتدي قميصُه ، فقط تجاهلُه وتركه مرميًا علي الأرض..

سارَ للمطبخ حتى وصل إلى أمه ، لديها نفس شعرُه الأسود لكن بشرتها بيضاء ، دارَت إليه لتشهق : "زيرو" ! أخفتني!! هل ستتناول..
قاطعها قبل أن تُكمل كلامها : نعم أمي سأتناول الطعام معكما اليوم!!

ابتسمت بحنان قبل أن تُردف : أبوكَ مازالَ نائمًا! اذهب وايقظه!

*

كان ثلاثتهم يتناولون الطعام مع كلمات بسيطة وسطُه حتى سُمِع صوت رنين ، زفر "زيرو" بعد استمرار الرنين لأكثر من ثلاث ثوانٍ : فليوقف أحد هذا الصوت المُزعج رجاءًا!
نظرت لهُ أمه وكأنهُ قد جُن : "زيرو" ..
صمتت لتُردف بعد أن تلاقت أعيُنهما : إنهُ هاتفك الخلوي..
ناولتهُ إياه من على طاولة صغيرة مُخصصة للمزهرية قد جاورَت الطاولة الكبيرة التى يتناولون عليها الطعام في ستايل -غير ياباني جدًا-
"زيرو" لديهِ دائمًا تلك العادة في نسيان هاتفُه الخلوي..
كان المُتصل أحد زُملائه بالفريق ، لم يُسمع سِوى جهتُه من الحديث : المُدرب صدمتهُ سيارة ومات؟ أنا مُتفاجيء جدًا! يا للهول! كم أنا مصدوم!
أنهي المُكالمة دون إنتظار رَد ليرمي بهاتفُه الخلوي خلفُه علي الأريكة التى لم يكُن مُتأكدًا من كونها هُناك بالفعل ، رُبما قصد رميُه على الأرض!
ثم تابع تناول طعامُه وكإن شيئًا لم يكُن ، كان فم أبوه مفغورًا من الصدمة فهوَ لم يُرب ابنُه ليكون شخصًا.. وقح؟
بينما الأم سألت بقلق : "زيرو" .. هل أنت بخير؟!
رَد دون أن يُشيح ببصرُه عن طبقُه : لِمَ لا أكون بخير؟!

*

مَدَ يدُه للتقويم قبل حتى أن يفتح عينيه ، التاسع عشر من مايو للمرة الرابعة على التوالي!

تمتم لنفسُه : لا أشعُر برغبة في الخروج من السرير اليوم!

*

المرة الخامسة في نفس اليوم ، فَرَك عينيه : لقد نمت ليومٍ كامل! أظُن أن جسدي أحتاجَ هذا فقد متتُ مؤخرًا!

إتجه للحمام بنية الاستحمام ، تلونت المياه التى تلمس رأسُه ثم تجري للبالوعة باللون الأحمر وقد بدأ الدم المُتجلط بالذوبان..

كانَ يُفكر ~رُبما الأمر يتكرر لأني لم أودع المُدرب بالشكل الصحيح؟!~

*

لم يُحاول إنقاذ العجوز تلك المرة ، لم يتحرك من مكانُه بل لم ينطق مُحذرًا حتى!

ثُمَ! بووم!!

ابتسم ببرود لتُغلق عينيه كعادتُه عندما يبتسم كاذِبًا ولوَحَ مودِعًا : ابق ميتًا هذهِ المرة!!

*

-رجاءًا كُن يومًا أخر!

لا..

أتسعت عينيه وقد جائتهُ فكرة : يا إلهي أنا غبي جدًا!
خَرَج من غُرفتهُ مُسرعًا ليصرُخ : أمي هل رأيتِ هاتفي الخلوي؟!
أشارَت على طاولة قد وضع عليها مزهرية : لا تُضيعه! لقد كان بين الأحذية؟!
قالت الجُملة الأخيرة كسؤال أكثر منها كجُملة ، أي نوع من الشباب يضع هاتفُه الخلوي بداخل دولاب الأحذية ؟!

أخذ يبحث بين الاسماء حتى وجد ضالتُه ، أتصل ليستمر الرنين مُدة طويلة نوعًا ما جعلت قلبُه يدُق بجنون ، ماذا لو لم يُجِب العجوز؟!
لكنهُ أجاب!
لم يهتم "زيرو" بقول صباح الخَير أو أي شيء من هذا القبيل ، لم يخرُج من فمُه سِوى جُملة واحدة بلهجة قوية آمِرة : لا تخرُج من بيتَك أبدًا اليوم!!
سألُه مُحدثه بتعجب : ماذا؟ لماذا؟!
قضب حاجبيه : فقط.. ثِق بي..

*

دَقَت الساعة الثانية عَشر ودقيقة بعد مُنتصف الليل ، ليتوقف "زيرو" عن هَز رجلُه اليُسري بتوتُر ويُمسِك هاتفُه الخلوي ، رَن مرتين قبل أن يآتيه صوت مُدربه : "زيرو" ..؟
زَفَر العشريني : مازلت حيًا!
تعجب العجوز : ماذا تعني؟!
فَرَك القمحي ما بين عينيه : أرجوك..
توقف عن التحدُث لا تُسعفهُ الكلمات ، أرجوك ماذا؟ لا تسألني شيء؟ ابق حيًا؟ ابق ميتًا؟ فقط اختفي؟ ساعدني في كسر لعنة مايو؟ أرجوك ماذا؟!

-سامحني..

أنهى المُكالمة دون أن يسمع رد العجوز والذى كان "سأفعل أن خرجت من خوفَك!"

*

تحرَك عِرق فوق حاجِبُه الأيسر : لِمَ مازلت فى ذلك اليوم؟! إنها ماذا؟ المرة السابعة؟! لقد مَرَ أسبوع!!

*

كانَ يُحدق بالسقف وقد استلقي على كُرسٍ طويل في مكتبٍ ما أمامُه رجُل في الخمسينيات شِبه أصلع عدا القليل من الشعر فى الجانبين ، تضغط نظارة طبية على أنفُه ليخرُجَ صوتُه مُخنَفًا..

تنحنح العجوز : إذن سيد "زيرو" لِمَ أنتَ هُنا إذا كُنت ترى الطب النفسي -علي حد قولك- هُراء محض؟!
رد "زيرو" بشيء من الهدوء : ألم يتضح لك سبب وجودي هُنا في النصف ساعة الماضية؟! أنا أفقد عقلي! اليوم نفسُه يتكرر للمرة السابعة! وهذا ليسَ زمني حتى!! الأمر أشبه بـ... وكأني أعمَل بتقويمي الخاص!!
خلع الطبيب نظارتُه : قُم بذلك! سِر بتقويمك الخاص! فقط لا تتوقف!
أعتدل "زيرو" ليصبح جالسًا : ماذا؟
أردف الطبيب : الجميع مرضي.. لا أحد كُليًا مُعافي ، لكنك بالكاد بلغت العِشرون وأيضًا لاعِب مُميز.. لا تترُك القليل من الضغط النفسي يضعك تحت تصنيف "مجنون" !
صمت قليلًا : إن كُنت تُريد رأيي كطبيب فأنت بلا شك تُهلوِس ويجب أن تُحجَز.. كإنسان.. لا أراك تُمثل خطرًا أكثر من بعوضة لذا لا مانع فى تركك ، الإحتمال الأكبر هوَ أن تؤذي نفسك..
رَمَشَ "زيرو" مرتين قبل أن ينطق : نادِني "زيرو" .. سيد لا تُلائمني.. فأنا فى.. العِشرون..
وَقَفَ القمحي ليزفُر : شُكرًا على وقتك..

سَبَ نفسُه بعد أن سار قُرابة الشارِع : كانَ هذا غبيًا!
بَعثَر شعرُه : سأكون مُغفلًا لو عُدت!

لكن ماذا لو كان بالفِعل يُهلوِس؟! الظَرف.. الباب.. والجُملة؟!
إما أن يكسر لَعنة "مايو" أو تكسِرُه!!

ماذا سيفعل "زيرو" الآن وقد بدأ الشك بالتسلُل لقلبُه؟!

*

تلك الأرض الخضراء الواسِعة ، ألا تسحرك في يوم مُعتدل الحرارة كالتاسِع عَشر من مايو مثلًا ؟! خصوصًا لو كانت لك وحدك!!

قامَ مُراهق بتنطيط كُرة قدم على كِلا رُكبتيه ومنهما إلى رأسُه لتستقر عدد لا بأس بِهِ من الثواني سقطت بعدها!
ليستقبلها بصدره قبل أن يتركها تقع ويشوطها للمرمي!

صفَقَ أحدهم ليجذب أنتباهه : كان هذا جميلًا..
توَرَدَ لَون وجنتيه لكن لم يقترب من لون شعرُه وهوَ يحُك رأسُه : كان هذا لا شيء.. أنا بهلواني لا لاعب حقيقي!

وقف "زيرو" أمامه لكن على بُعد ياردات : لا فرق! مَرر!!
مَرر وردي الشعر الكُرة : ما الذى تقوله؟! ألستَ "زيرو" ؟ أنتَ أفضل لاعب في اليابان!!
هَزَ القمحي كتفيه : هذا لا يُغير من حقيقة أن الكُرة مُجرد شيء للتسلية لكل شعوب العالم ، شيء نلتهي بهِ عن الواقع.. الحروب والمجاعات والأشياء من ذلك القبيل.. وبالتالي أنا أكبر بهلواني فى اليابان!
قضب المُراهق حاجبيه لثانية قبل أن يُمرر الكرة مرة أُخرى فى لعبة لا هدف منها بينهما!
-كُرة القدم تقوم بربط شِعوب العالم! إنها الرياضة الأشهر! ، وقد لا تتحدث فرقتين نفس اللغة لكنهم يتحدثون الكُرة!
-تربط؟ وكذلك الموسيقي! ماذا عن السنيما؟!

ساد الصمت لدقائق حتى قطعُه "زيرو" : ما اسمك؟!
رَدَ وردي الشعر وهوَ يتخطاه ليُسدد : يومي..
ابتسَمَ العشريني ، هذا الاسم يُذكرُهُ بشيء..؟
-ولماذا أنتَ هُنا؟ هل أنتَ ناشيء؟ و.. هل أنت في مرحلة التمرُد؟!
تَجَمَد "يومي" فى مكانُه بطريقة كوميدية : إنهُ الشعر الوردي أليس كذلك؟!
أومأ "زيرو" مُحاولًا كتم ضحكة ليُتابع الأخر مُشيرًا على رأسُه في غضب طفولي : إنهُ طبيعي!!
ثم تذكر بقية الأسئلة : و..لا! لستُ ناشِئًا! أُريد أن أكون مُدربًا كأبي!
توسعت حدقتي "زيرو" : تبًا..

الآن تذكرُه! إنهُ المُراهق الذى كان يبكي في اليوم الأول لهُ بذلك الجحيم!

أشار إليه أصبعًا وكإنهُ يتهمه : شعرُ المُدرب ليسَ ورديًا!
غمغم "يومي" لنفسُه : إنهُ إرثي من أُمي المتوفية.. لكن الشعر الغريب مع الاسم الغريب يجعلاني أبدو شاذًا.. سأصبغه أسودًا!.. في مدرسة جديدة لن يعلم أحد!!
قهقه "زيرو" دون أن يُعلق ، رُبما تلك المرة الأولى التى يضحك فيها مذ عَلَقَ فى مايو..
أستقرت الكُرة بعدها في وجهه!

لا ضغينة فِعلًا! فقط .. "يومي" مُحرَج!
هوَ لم يُصرح بهذا الأمر لكائنًا من كانَ من قبل!
تنحنح البالِغ الوحيد في المكان : البشر أغبياء!

يا لهُ من رد بالِغ فعلًا!!

أرتفع حاجبي "يومي" ليُتابع الأخر : إنهُ إرثك من أُمك المتوفية! ولا ينبغي عليك التخلي عنهُ!.. أتعلم لماذا؟!
هزَ المُراهق رأسُه نفيًا ، نظر "زيرو" إلى ساعتُه : لأن أبوك يموت الآن.. وليسَ لديك سِوى الكُرة منهُ وشعرَك الوردي من أُمك!!

كادَ يستهجن كلامه لكن أوقفه رنين هاتفه الخلوي الذى ما لبث أن سقط من يدُه وتبعتهُ دموع صامِتة..

نطق أخيرًا : من أنت؟!

لم يدرِ "زيرو" بما يُجيب.. أنا شَخص عَالقٌ بذلك اليوم منذُ أسبوعين؟!

سأل "يومي" مرة أُخرى بصوتٍ يتصاعد مع كل جملة : فضائي؟! من بُعد أخر؟! رُبما عالم موازي؟! المُستقبل؟! أم أنك مُجرَد قاريء طالِع!!

الأطفال بالفعل لديهم الخيال! ، يُمكنهم الإيمان!

اقتَرَب "زيرو" ليعبث بشعر "يومي" الوردي : كل ما أعرفُه هوَ أنّ لديّ ذنبٌ يمنعُني من التحرُك للأمام.. ما الذى ستفعله أنت الآن؟!
أبعَدَ "يومي" يدُه بغضب : سأُسافر إلى ألمانيا للعيش مع أقاربي هُناك..
عاد للسؤال الأصلي بسُرعة : ما هيّ خطيئتك الكُبرى؟! لِمَ أنتَ عالِق هُنا؟!

"يومي" هذا .. لِمَ هوَ مُتشبثٌ بالأمر بتلك الطريقة؟! بالنسبة لشخص فقد أبوه للتو ، لِمَ لا ينتحب كـ"يومي اليوم الأول" ؟!

هَزَ "زيرو" كتفيه : اسأل من وضعني هُنا!

دارَ مُقررًا المُغادرة ، فى الغد سينسي "يومي" كل شيء!
لكن بالنسبة لـ"يومي" .. لا غَد!
لذلك أمسك بمرفقه قبل أن يذهب مُكررًا نفس السؤال : ما هيّ خطيئتك الكُبرى ؟!

شيئًا ما في نظرة ذلك الطفل جعله يُجيب : قتلتُ شخصًا..

تركَ "يومي" ذراعُه ليُتابع "زيرو" : هذا ما ظننته!! لكن حتى إنقاذُه لم يُخرجني من هُنا.. صدقًا لم أعُد أفهم!!

~سأسافر إلى ألمانيا..؟~

شَرَد لتلك الجُملة ليسأله "يومي" مرة أُخرى : ما هوَ أخر شيء تتذكره قبل أن تأتِ إلى هُنا؟!

وكإن قطع الأُحجية تجاوَرَت فى عقلُه أخيرًا! لينطق : أخر شيء.. كان أنت!! أعني.. أنت المُستقبلي! ، أنت بِسني الآن! قد صبغت شعرك بالفعل!!

لا بُدّ أن "يومي" هوَ حل تلك الأُحجية بطريقةٍ ما!

تمتم الطفل لنفسه : ما الذى أعادُه؟! ما كُنت لأعود لليابان أبدًا بعد موت أبي!!

~ما كُنت لأعود أبدًا!~

وضع "زيرو" كفيه على رأسُه بيأس : لقد كُنتُ وغدًا معك! أقصد.. أنت الأخر.. ليس وكأني كنت أعلم من يكون!!


*

أربعة أيام ، شيئًا ما يُعيدُه بإستمرار إلى ذلك الملعب ، يقولون أن المُجرم دومًا يعود إلى مسرح الجريمة!
"يومي" ينسي ، يُعرف عن نفسُه كُل يوم!
مع ذلك يبدو فى عينيهِ السوداء شيء لا ينطقه ، شيء يُرعب "زيرو" بشدة وكإنهُ يقول "لِمَ أنتَ ودودٌ جِدًا معي؟ أنتَ قاتِل أبي!"
لكنهُ رغم نسيانُه إلا أنهُ الشخص الوحيد الذى لا يتَكرَر!
"يومي" ببساطة غير مُتوَقَع!

كانَ القمحي مُستلقٍ على ظهرُه وسط العُشب الأخضر القصير ، شعرُه الأسود مُقابل لشعر وردي الذى أستلقي صاحبُه أرضًا كـ"زيرو" ، لم يكونا مُتجاورين ، كالزوايا.. فقط تَقابَلا بالرأس..

كلاهما مُتعرق بعض الشيء و... الغيوم جميلة!
تلك أول مرة يُلاحظ هذا! ، مع "يومي" .. كل شيء يحدُث للمرة الأولى!!
رُبما هوَ يتوهم ذلك الإحساس بالسلام..

-هيه "زيرو" ، ما الذى قُلته فى مُقابَلَتَك؟ تعلم.. المُقابَلَة التى حدَدَت مصيرَك؟ وجعلتهم يقبلون بك؟!

"هُم" فى تلك الجُملة على من تعود؟ إدارة النادي؟!
حسنًا "هُم" فى البداية يضعونَ إعلانًا بالجرائِد يطلبون فيه "ناشئين" بدايةً من سن الثانية أو الثالثة عَشر ؟!
كم مضي من الزمن على كَون "زيرو" .. مِلكٌ لذلك النادي؟!
لم يُغير لَون قميصُه الأزرق ولا حتى مرة واحِدة!! إلا لقميص المُنتَخَب!!
بعد الإعلان ، إختبارات جسدية للمُتقدمين.. ثُمَ.. تصفية؟
المرحلة الأخيرة.. العقود!! والمال!!
ستتفاجأ جدًا من كم المال الذى يتقاضاه شخص كي يلعب بكُرة!
لكن الأمر ليسَ بتلك التفاهة التى يبدو عليها ! هُناكَ إصابات! وفريق طِبي!!

-"زيرو" ..؟

وبالطبع.. يتحدثون مع من يجذب انتباههم!
ما الذى قالهُ "زيرو" المُراهِق وقتها؟! من الصَعب التذكُر..

-"زيرو" ..؟!

-عندما سُئِلت عن حُلمي أجبت بكُل ثِقة "العالمية" وأن أُغير نظرة العالم عن اليابانيين.. أن أُخبرهم أننا نستطيع لعب كُرة القدم كالجميع! وأني..
صَمَت "زيرو" لثانية لا يُصدق أنّ هوَ الطِفل قال الجُملة التالية : وأني سأتبَرَع بالكثير وأُغير العالم!

سَدَ "يومي" عَين الشمس وقد أعتَدَل ليجلس علي رُكبتيه أمام القمحي : أنتَ جاد..؟
دَفَعَ "زيرو" بكفهُ الأيمن في وجه وردي الشعر ليُبعدهُ : بالطبع لا! لقد كُنتُ طِفلًا وكأي شخص في سِني قُلت ما قُلت كي أبدو رائِعًا!!

رَفَعَ "يومي" بصرَهُ للغيوم مرة أُخري لكن وهوَ مُتربع ساقيه تلك المرة : أبي آمَن بِك.. هل تنوي أن تخذُلَهُ بتلك البساطة؟!
زَفَرَ "زيرو" بتعب وهوَ يُشيح ببصرَهُ عن الغيوم : لقد فعلت.. بالفعل.. خذلته وانتهي الأمر..
نهضَ وردي الشعر عن الأرض مادًا للقمحي يده : انهض أيُها الكئيب! لم يَفُت الوقت بعد!
جاراه "زيرو" : ماذا يُفترض أن أفعل برأيك؟!
هَزَ "يومي" كتفيه وكإن إجابة ذلك السؤال الشيء الأسهل في العالم :

- أن تتمسَك بحُلمك طبعًا! وتتخلي عن جُبنَك!!

-جُبن؟! أنا لستُ جبانًا!

-لا بأس فى أن تخاف من المجهول! أو التغيير لكن لا تبق خائفًا للأبد!! أتعلم ما هيّ الشجاعة؟ التغلُب على الخَوف!

صمتَ وردي الشعر لثانية بعدها نطَقَ بتوسُل أخير : يجب أن تتحرَك.. صَدِقني ، هُناك الكثير من الأشياء الجميلة التى لم تَرَها خارِج اليابان!

التغيير؟ هل "زيرو" يُعاني بالفِعل من الخوف من التغيير؟!
رُبما لِهذا يستمر اليَوم بإعادة نفسه مرارًا وتكرارًا!!

-أنتَ مُحِق! يجب أن أتحرَك!!

ابتَسَمَ "يومي" مُظهِرًا صَفين من اللؤلؤ .
أنقَبَضَ قلب القمحي لثانية بعدها أصبَحَ أخَف! مُعلنًا أنّ "زيرو" من القانطون الاثنا عَشر باتَ مؤمنًا الآن!!

ظَهرَ نفس الباب الذى قاد القمحي إلى ذلك البُعد من العدم فجأة!
شيئًا بداخله أخبره إنهُ إن عَبَر للجانب الأخر من الباب فإنهُ سوف يعود من حيثُ آتي ، سيعود إلى عالَمهُ الحقيقي!

كانَ "يومي" مشدوهًا مما يرى! مع ذلك سأل : هل.. أنتَ فضائي؟!

لم يُجب "زيرو" على ذلك السؤال لكنهُ نطَق مع ابتسامة جانبية وهوَ يتجه للباب : لن أشتاقُ إليكَ يا طِفل..

~حُرٌ من كُل القيود وَشُجاعٌ ، تمامًا كمايو !~
*

-"زيرو" ..؟

كانَ يجلس على سريره مُعطيًا لبُنية شَعر ظهرهُ وبيدِهِ ورقة بيضاء ليسَ بها سِوى جُملة واحِدة!

شَعَرَ بيدان تضُمانهُ من الخلف ليستفيق من شروده وتسقُط الورقة!
سألَ : ما هوَ تاريخ اليوم؟!

-العِشرون من مايو!

سَحَبَ إحدى يديها إلى فمهُ ليُقبلها : ما رأيك بشهر عَسَلٍ ثان ؟!
فَزَت من مكانها خلفه بحماس لتنظُر إليه بعينيها العسليتان وقد توسعتا : إلى أين؟!
تظاهَر بالتفكير لثانية : ممم .. ألمانيا!
توسعت ابتسامتها : لماذا ألمانيا بالتحديد؟!

-لأن واحد من الأندية الألمانية يُريد التعاقُد معي!

-لماذا الآن؟! ما الذى يجعل تلك المرة مُختلفة؟! ما الذى حَدَث؟!

ابتسم بهدوء : "يومي" حَدَث!
ضَيَقَت عينيها : هل تخونَني؟!
أخذ يُلَوح بيديه فى الهواء : "يومي" شاب!!
خرَجَت النيران من عينيها وقُرون إبليس من رأسها : تَخونَني مع شاب!!

ملاكه البريء ليسَت بالفعل ملاكًا بل إنها تتقلَب كفصول السَنة!
لكنها أغلَب الوقت كـ "وردات مايو الحمراء" !

هدأت ثورتها فجأة عندما تذكرت شيء : أنا أيضًا لديّ أخبارٌ جيدة!
سأل بسُرعة : ما هيّ؟!
أشارَت على بطنَها بسبابتها هامِسة وكإنها تخشي إيقاظ أحدهم : أنا حامِل!
قرَبَ أُذنه من بطنها لثانية لكنه لم يسمع شيء كونها مازالت في الشهور الأولى ، تحركَت يديه لتُحيطها ويجذبها لحضنه..

*

-"يومي" هل أنتَ هُنا؟!
ظهر العِشريني من مخبأه : كيف تفعل هذا؟!
هَزَ "زيرو" كتفيه ، ساد الصمت لثواني حتى نطق القمحي : أنا قادِم معك إلى ألمانيا..
ألتمعت عينا "يومي" وهوَ يُخرج شيئًا ما من حقيبة الكتف خاصته : بدايةً ارتدي هذا!
كان قميصًا لفريقٍ ما لكن ليس هذا ما جذب أنتباهه : هذا ليسَ اسمي!!
أومأ الأخر مُبتسِمًا : أعلم!

#هيرو

خلعَ الياباني المحلي قميصه ليرمي بهِ على الأرض مُحولًا رؤيتنا للأسود عندما غطي الكاميرا!

لا بُدّ أنه يرتدي الآن القميص الأخر!

صوتيهما يبتعدان شيئًا فشيئًا..

-كيفَ أصبحتَ مُدربًا فى سنك هذا؟!

-من قال أني مُدرب؟ هل صدقتني؟! أنا مُساعد مُدرب! إلى جوار دراستي ، لا أستطيع الابتعاد عن الملاعب لفترة طويلة!

سأل "زيرو" بعد تردد : هل أنتَ.. ابن المُدرب السابق؟!
أومأ "يومي" ليردف القمحي : ألا تكرهني؟!

-لقد فعلت! كرهتك لفترة طويلة!

-لِماذا عُدت إلى اليابان؟!

-لزيارة قبرا أمي وأبي.

-آسِف..

-لا عليك ، كان هذا منذ زمن !

-بالمناسبة ، إنّ شعرك وردي!!

-لطالما كان!! أخبرَني شخص لا أذكر وجهه فعلًا أن البشر أغبياء لذلك فإن آرائهم لا تُهم!

*


يقولون أني إن تبعت قدري سيقع الخوف وتعلو الشجاعة .
اترُك دموعك خلفك .
اترُكها بعيدًا عن البراءة!
عندما تنظُر إليّ ما الذى تراه؟
هذا القميص الذى أرتديه يُغير شكلي!
لِمَ توقفت عن حماية كُل ما يعِز علىّ؟!
قُلتَ :
تحرر من كُل ما يُعيقك! .
واجري لحُضني .
معًا سنغزو مخاوفنا ! .

.
.

هُنا أنام مُحاطًا بوردات مايو الحمراء .



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

__________________



سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 🌠
لا إله إلا الله محمد رسول الله 🌠
الله أكبر 🌠


التعديل الأخير تم بواسطة آميوليت ; 05-19-2017 الساعة 07:48 PM
رد مع اقتباس