عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 05-25-2017, 02:51 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://up.arabseyes.com/uploads2013/02_05_17149372576444211.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]






فرقة نوا الجوالة
~
.
.
انفرجت شفتاه قليلاً مصدراً صوتاً أشبه بضحكة مكبوتة ولكن سرعان ما أعاد إطباقهما ، مسح بكفه الأيمن على وجهه ، لهفة وشغف وسعادة غريبة تغمره لدرجة أنه عاجز عن التعبير لأنه على يقين أن لا أحد سيفهمه ..


أخذ نفساً عميقاً ونفث بعدها الهواء بشكل تدريجي ، قرر بعدها إلقاء نظرة على أوليفيا التي كانت بداخل العربة ليجدها نائمة بسكينة ..
||
كم أنت بارعة في الهروب من واقعك||


عاد يحدق في الطريق الذي سلكوه هربا من الجنود ، ورغم أنه لا يرى شيئاً سوى السواد إلا أن مخيلته أخذت تنسج صوراً غريبة من جديد أساسها هو ذلك السائل القرمزي جعلت أساريره تنفرج شيئاً فشيئاً حتى أصبحت ضحكة عالية ليعود لكبت مشاعره مجدداً ..



إن بقي وحيداً فسيظل على هذا الحال حتى عودة البقية ، أنزل بصره إلى آندي النائم إلى جواره خارج العربة فقرر إيقاظه دون تفكير ..


-
أيها الطفيلي استيقظ..
رددها وهو يحرك جسد الصغير بقدمه بلا أدنى احترام فاستيقظ الآخر منزعجاً : ماذا هناك ؟؟


رسم بابتسامته البلهاء : من الممل البقاء وحيداً قم بتسليتي ..
-
وهل تراني مهرجاً أمامك ؟؟ اذهب إلى أوليفيا أو أخلد للنوم ..
أنهى عبارته ليعود للنوم مجدداً ليأخذ آرثر بنصيحته ويبدأ بإيقاظ أوليفيا لكن بطريقة أكثر لباقة من طريقته مع آندي ..


إلتقط ورقة شجر كانت ساقطة على الأرض وراح للعربة ليبدأ بمداعبة وجهها وبمجرد أن تلامس الورقة بشرتها حتى يبدأ وجهها بالامتعاض وتحاول إزاحته بيدها دون أن تفتح إحدى عينيها ..


كان مظهرها لطيفاً كالقطة مما جعله يستمر بإزعاجها حتى طرد النعاس عن عينيها وكان له ما أراد ..

سألت متعجبة بعد أن استيقظت : أين آش والبقية!!
فأجابها : في بقعة ما من الأرض..


رغم الإجابة الغريبة إلا أنها لم تكثر السؤال وأخذت تثرثر بأحلام كانت جميعها من نسج خيالها ولولا الملل ما كان ليستمع إليها ..


***


مع انقشاع الظلام بات من السهل تتبع الآثار التي يخلفها آرثر وراءه ، حجيرات تم تلطيخها ببعض الألوان ليسهل تمييزها عن غيرها ..
ساروا بحذر خوفاً أن يصادفوا مجموعة جديدة من الجنود ، لا لأنهم جبناء ويخشون مواجهتهم بل حرصاً على ألا تتسخ ملابسهم من جديد بعد أن غيروا القديمة المتسخة ..


-
أخشى أن تكون عزيزتي أوليفيا جائعة الآن ، أعرف أن ذلك البليد لن يفكر بتقديم الطعام لها يجب أن نزيد من سرعتنا..
قالتها آش وهي تضرب بقدمها فرسها الأسود لتتقدم المجموعة ، فيما علق ويل ساخراً : هي لن تموت إذا لم تأكل لبضعة ساعات ..


تمتم نيكولاس الذي بمحاذاته حينها : أنت لا تختلف كثيراً عن آرثر ..
رفع ويل إحدى حاجبيه مستنكرا : ماذا تعني !!
-
ليس بالأمر المهم..


اغتاظ الأول من إجابته المبهمة ، فحاول أن يستفسر أكثر حول مقصده لكن لم تصله الإجابة الكافية التي أراد سماعها ..




بعد فترة وصلوا أخيراً إلى المكان الذي اختبأ فيه آرثر مع أوليفيا وآندي ..
أخذت أوليفيا تلوح بيدها مستقبلة إياهم ببشاشة لترد آش التلويحة ، وحرصاً على سلامتهم لم يشعلوا ناراً ليعدوا به الطعام حتى لا يلفت الدخان نظر أحد الجنود فيأتوا إليهم مسرعين واكتفوا بتناول الخبز مع بعض الفاكهة ..




كانت عيناه تنتقلان من شخص إلى آخر ، وسؤال واحد كان عالقاً على طرف لسانه ويحاول جاهداً إخفائها إلى أن نفد صبره فحرر فضوله مجدداً : ماذا حصل بالضبط ؟؟ لم تسللنا هاربين من القرية ليلة أمس ؟؟


زفر نيكولاس متململاً : وأخيراً قالها ..

كان آندي كالكتاب المفتوح بالنسبة لهم ومن السهل قراءته ، لذا لم يفاجئوا من سؤاله فقد اعتادوا على فضوله الذي أصبح مصدر إزعاج للكل عامة وآش خاصة ..


وضعت آش اللقمة التي كانت على وشك تناولها على الأرض وقالت بهدوء لم يعتده اندي : اسمعني سأقولها لك لمرة واحدة فقط ودع ما ستسمعه الآن حلقة في أذنك ، أنت لا تملك أي حق لسؤالنا عن ما يحصل ، ابلع لسانك فهذا أفضل لك قبل أن أقطعه لك..


عادت بعدها لتأكل بعد أن تسببت كلماتها في رفع مستوى الفضول لدى الصغير ، فقال مجادلاً : ولماذا لا يحق لي ذلك ؟؟ أنا أصبحت جزءً من فريقكم لا يجدر بكم إخفاء الأمور عني ..




فقدت شهيتها رغم أنها لم تأكل سوى لقيمات والفضل يعود إلى آندي الذي بات كالشوكة في حلقها ، رفعت ببصرها نحو ويل ليفهم الآخر إشارتها فوقف محدثاً آندي : لم لا تأتي معي قليلاً أيها الصغير..



هو يدرك أنه إذا بقي آندي يكثر السؤال فقد يدفع آش لعمل شيء جنوني ، لذا وجب عليه إبعاده إلى حين أن تهدأ ..



لم يكن آندي ليستجيب لطلب ويل لكن نيكولاس لم يدع له مجالاً للرفض ، فقد رفعه عن الأرض وحمله على إحدى كتفيه رغم اعتراضاته ..




كانت تلاحقهم بنظراتها وهي تطلق ضحكات خافتة وبعد زوالهم قالت بنية بريئة :فضول الأطفال لا حدود لها ، لم نخطئ مطلقاً حين ضممناه إلينا ..


فقال آرثر بنبرته الخاملة : الشيء الوحيد اللا محدود هنا هو غباءك..



ثم أطلق بعدها ضحكة ساخرة لتشاركه أوليفيا ذلك ببلادة وكأنها لم تتعرض للإهانة قبل قليل ..

أخذ يختلس النظر إلى آش منتظراً ردة فعلها لكنه تعجب حين وجدها تركز ببصرها إلى شيء آخر بعيداً عن وجهه رغم أنها في العادة تحرقه بنظرتها الحادة والمخيفة ..
||
يبدو أنها لم تسمع ما قلته وآندي وحده من يشغل بالها الآن ، يا للملل ||



من جهة أخرى لم يكن الأمر كما حسبه آرثر بل هي قررت أن تتخذ أسلوباً آخر في التعامل معه ، فلم تعد نظرات الوعيد وعبارات التهديد تفيد بعد الآن ، حان الوقت لتتصرف بجدية فقد تحملت ما يكفي من تصرفاته الطائشة ..




أما آندي فقد تلقى محاضرة طويلة من ويل يُفهمه فيها ألا يكثر من السؤال مادام يريد مرافقتهم ..

بعد إنصاته الطويل نطق أخيراً : لماذا أشعر وكأنكم تخفون سراً عني ؟؟ دفن ويل رأسه في راحة يديه بيأس : لا فائدة ، لم يستفد شيئاً مما قلته ..

ثم عاد ينظر إليه بقلة حيلة وهو يمسك بكتفيه الصغيرتين : آندي افهمني أرجوك أنا أقول هذا لمصلحتك ، البقية لن يسدوا إليك النصائح كما أفعل بل قد يلجئون لسلوك لن يعجبك ، هل تفهم ؟؟

عيناه المتوسلتان جعلت آندي يهز رأسه بإيجابية ويقول مستسلما : نعم ، أنا آسف ..
زفر بارتياح : أرجو ذلك ، هيا لنعد الآن ..


وجه ببصره بعدها إلى نيكولاس الذي كان ملتزماً الصمت حتى هذه اللحظة وقال : هيا يا صاح لنعد ..
-
وهل عقلت هذا الصغير المزعج ؟؟
-
لا تقلق هو لن يعود لطرح المزيد من الأسئلة التي لا فائدة منها ..
-
أرجو ذلك من أعماقي..




رجعوا إليهم ليجدوا أوليفيا تثرثر بشكل متواصل ليبدو الأول وكأنه يتجاهلها بالكامل فيما الأخرى كانت منصتة لها بكل جوارحها ..


انضموا إليهم وصار الوضع أكثر مرحاً من قبل فآندي ينكر جميع ما تقوله أوليفيا من أمور لا يتقبلها العقل البشري فيما تحاول هي إقناعه بأدلة مجنونة أكثر من سابقها والآخرون يكتفون بالضحك وإلقاء بعض التعليقات الساخرة ..



بعد فترة قالت آش : ويل ما رأيك أن تأخذ آش في نزهة قصيرة ، يبدو أنها قد ملت من الجلوس..
النبرة التي نطقت بها أقرب من الأمر إلى اقتراح ، إذن لا خيار سوى الاستجابة ..


التفت إلى أوليفيا وقال مبتسماً رغم علامات الإرهاق التي على وجهه : ما رأيك أوليفيا ؟؟
قفزت من مكانها بحماسة : إذا هيا ..



بمجرد أن أدارت ظهرها وخطت خطوة واحدة سمعت صوت ارتطام شيء على الأرض صادر من خلفها فالتفتت متفاجئة ، لتجد آرثر مستلقياً على جنبه الأيمن بوضعية غير مريحة ويبدو أن الصوت قد صدر منه ، وعلى الجهة الأخرى منه تقف آش وقد رسمت على شفتيها ابتسامة انتصار عريضة ثم بصقت في وجهه قائلة : لا تعاودها مجدداً ..


لم يبد آرثر أي ردة فعل فيما كان الجميع مشدوهاً فما فعلت آش بآرثر ليس بقليل ، كسرت أوليفيا الصمت : ما الذي يحصل يا آش !!


استدارت آش إليها وبكذبة أوضح من الشمس في وضح النهار : آرثر كان يشعر بالنعاس فسقط نائماً دون شعور منه فحاولت إيقاظه ببصاقي فالنوم على الأرض دون فراش غير مريح..

انطلت هذه الكذبة عليها فأخذت تثني على صديقتها بغباء مطلق ..


||
ليرحمني الرب ، لا أستطيع تحمل غبائها أكثر||
أطلق تنهيدة طويلة معبراً فيها عن استيائه ، ثم تقدم باتجاه آرثر ومد ذراعه قائلاً : هل أنت بخير ؟؟ انهض عن الأرض ..



حتى الآن لازال آرثر على حاله ولم يستجب لويل ، فما كان من الأول إلا أن يرفعه بقوته ثم ألقى نظرة باتجاه نيكولاس ليفهم الأخير ما يفكر به ..
تحدث نيكولاس : آش أوليفيا خذا قسطاً من الراحة نحن سنتولى الباقي ..


غادرت الفتاتان ليطرح ويل سؤاله : ماذا فعلت يا آرثر في غيابنا لتركلك آش هكذا رغم وجود أوليفيا ؟؟


أمسك الأول رأسه بقبضته اليمنى وكأنه يحاول استيعاب الأمر بالكامل قبل أن يطلق ضحكة قصيرة وهو يقول مدهوشاً : يالها من قوة ، آش تلك لا تمزح إطلاقاً..

كان الثلاثة ينظرون إليه بيأس لم يفاجئوا بردة فعله فهو آرثر الرجل الغريب في نهاية الأمر ، ولم يتوقعوا ردة فعل أكثر من هذا ..


***


لا زالت أحداث القصة تدور فوق أرض مملكة سارفيت وفي إحدى مدنها ، كانوا قد أجمعوا على العودة فلا سبيل أمامهم لتجاوز حدود المملكة مع ذلك الكم الهائل من الجنود والعتاد ..


هاهم ذا ينقسمون مجدداً وكم كانت فرحت ويل كبيرة حين تبرعت آش بمرافقة أوليفيا ، وأتيح له الفرصة بأن يبقى وحيداً ويرتاح من عناء الرعاية بمدللتهم أوليفيا ولو ليوم واحد على الأقل ..


في حديقة هيرزد كان ينتشر صوت موسيقى آتٍ من مكان ما ، كل من اخترق سمعه هذا الصوت انتابه الفضول لمعرفة مصدرها وحين تتبعه تجد شاباً أسفل الشجرة يعزف على الناي بعذوبة ، يجلس طاوياً إحدى ركبتيه بينما بسط الأخرى ، أنامله تتحرك باحترافية على الآلة بينما عيناه مغمضتان وشفتاه تنفخان الهواء بخفة ..




نسمات الهواء اللطيفة كانت تداعب خصلات شعره الأشقر ليزيد من جماليته ، باختصار كان كقطعة فنية نادرة منحوتة بدقة واحترافية ..




هيئته تلك فتنت الجميع فكان الحشود من حوله يتكون من مجموعة من الإناث في مقتبل العمر اللاتي سُحرن بمظهره أكثر من عزفه وقلة من الرجال الذي أُبهروا بموهبته وامتزجت مشاعرهم بقليل من الغيرة ..



هدوء غطى المكان إلا من صوت الناي ، متلذذين بألحانه التي داعبت قلوبهم وأثرت في نفوسهم ، ولكن لم يدم الحال طويلاً فحال أن أُرهق الشاب حتى توقف ليستريح ، ثم فتح جفنيه أخيراً لتظهر ما تخفيه تحتها من تلك العيون البندقية الفاتنة ، ثوان من الصمت قبل أن ترتفع الهتافات والتصفيقات الحارة ..



انهالت عليه كلمات التشجيع والثناء التي خلت تماماً من المجاملة ، بل أن الحروف وحدها لم تكفي لوصف جمال ما قدمه ..

كانت عيناه تمسحان وجوه من حوله بشكل سريع باحثاً عن امرأة بمواصفات معينة اختارها بعناية ، جذب يدها البيضاء ليقبل ظاهر كفها بنعومة : آنستي ما قدمته لا يقارن أمام جمالك لو تعلمين فقط ..



احتقن وجهها وكاد أن يغمى عليها من فرط الخجل ، أما هو أكمل في التغزل بهن الواحدة تلو الأخرى ، فيما عبس الرجال حال إدراكهم أنه مجرد شاب لعوب أتقن استغلال موهبته ومظهره ولكن من سيقنع تلك الحمقاوات بذلك خصوصاً وأن عقولهن قد خدرت بالكامل ..


انفض الرجال من حوله ولم يتبقى سوى زمرة من النساء اللاتي كن منغمسات في الثرثرة معه دون وعي منهن عن المدة التي بقين فيه يتحدثن ..
||
هذا هو النعيم بعينه||


لم يمل من إغراقهن في كلماته المعسولة ، تمنى لو توقف الوقت في هذه اللحظة ويبقى معهن الدهر كله لكن هيهات ، مضى الوقت كالبرق وها قد أوشكت الشمس على المغيب وآن وقت العودة ..

كان الفراق صعباً للجميع ولم يدعنه إلا بعد أن قطع وعداً لهن بالعودة إلى المكان ذاته في صباح الغد مع علمه الكامل بعدم مقدرته على الوفاء بوعده ..




كان يسير في طرقات المدينة مدندناً بسعادة ، توقف لبرهة أمام نافذة محل زجاجي لينعكس صورته عليه ، أخذ يتأمل في انعكاسه لثوان قبل أن يقول : من هذا النبيل ؟؟ يبدو وسيماً حقاً ( ثم صمت لبرهة قبل أن يجيب على سؤاله واضعاً أصابعه فوق فمه ) أوه إنه أنا ، لم أتعرف على نفسي.



ثم انطلق وهو يضحك بغطرسة ، لكن ضربة وُجهت له من خلفه بغتة جعلته يخرس : كفى نرجسية يا ويل..

التفت ويل إلى محدثه منزعجاً وقد أدرك هويته من صوته : لا تعكر مزاجي أرجوك يا نيك ، لقد صبرت لفترة طويلة أستطيع أخيراً فعل ما يحلو لي ..
-
أنا أتفهم سبب كونك محترماً أمام آش ، لكن أوليفيا !! لا أجد سبباً لتكبح نفسك أمامها أذكر أنك كنت تتصرف أمامها بطبيعية في السابق ، مالذي تغير الآن ؟؟
-
سابقاً هي كانت في منزلة بعيدة كل البعد عن منزلتي ، لكن الان أصبحنا في مستوى واحد لذا ( تابع هامساً ) أخشى أن تقع في حبي..



تجمد في مكانه لثانيتين وبعدها وجه ضربة ثانية لويل وهو يقول مقشعراً :ثقتك المفرطة تشعرني بالاشمئزاز ، على أي حال أوزن كلامك قبل أن تنطق بها ، لذا قلت أنك تشبه آرثر ..
أخذ ويل يمسح مكان الضربة : لا تشبهني به أرجوك ، هو بعيد كل البعد عني لو أظهر حقيقته فقط ..
قال نيك مستفسراً : ماذا تعني ؟؟

كاد ويل يجيبه لكن شيئاً شد انتباهه جعله يتوقف مندهشاً ، اقترب من الملصق الذي كان يتوسط إحدى الحوائط وأخذ يتأملها لثوان قبل أن ينزعها سريعاً وهو يقول في قلق : نيك أنظر إلى هذا ..



أراه الورقة والتي كان إعلاناً لأربع مجرمين هاربين مكونين من رجلين وامرأتين وكان مرفقاً بصور شبيهة بويل وآرثر وآش وأوليفيا ..
بلع نيك ريقه : يبدو أن الوضع يسوء كثيراً..



نزع قبعته السوداء وألبسها ويل وهو يسترسل في الكلام : استعمل هذا إلى أن نصل إلى نزلنا ..
عدل قبعته ليغطي بها جزء كبير من وجه : يجب أن نخبر البقية في الحال بسرعة ..


ركضوا مسرعين وقد تلبسهم القلق والخوف بالكامل وقد استولت أوليفيا على جزء كبير من تفكيرهم ، هي الأساس إن حصل لها أي مكروه فلا معنى لكل ما فعلوه حتى هذه اللحظة ..


وصلوا أخيراً إلى مرادهم ، وقف خلف باب غرفتهم راجياً أن يجدها هي والبقية في الداخل ..


ببطء أدار مقبض الباب وهو يكتم أنفاسه وحانت لحظة الحقيقة ، جثى على ركبتيه حين وجدها فارغة ، خلخل يده في شعره وأخذ يجر خصلاتها : لقد تأخرنا يا نيك ..
شد صديقه على كتفه : ويل تماسك لعلهم في طريقهم إلى هنا ، لا تكن متشائماً ..


أدار رأسه تجاهه : الظلام قد حل بالفعل ولا أرى لأحدهم أثراً ، لا بد وأنهم قد وقعوا في قبضة الجنود ..
-
هذه هي مشكلتك يا ويل ، عندما تبدأ في القلق يتوقف دماغك عن العمل وتقفز إلى استنتاجات مجنونة ، دعنا ننتظرهم في الداخل أنا أثق بعودتهم قريباً..




لم يناقشه ويل آملاً أن يكون على حق ، وكل دقيقة تمر كأنها الدهر ، القلق يأكله لكن لا شيء أمامه ليفعله ..


نفد الصبر منه فنهض من مكانه : كفى انتظارا سأذهب للبحث عنهم ..
جذبه نيكولاس من يده ليرغمه على الجلوس : لم يمض سوى عشر دقائق على انتظارنا ، ثم من أين ستبدأ بالبحث فالمدينة كبيرة كما تعلم ..
أخذ يقضم أظافره بتوتر : أنا أشعر بأن شيئاً سيئاً قد وقع لهم ، حدسي لا يخطئ البتة ..


علق بجمود : كاذب ، حدسك دائماً في غير محله ، لست آرثر حتى أصدقك ، على أي حال لا أظن أن أحداً سيتعرف عليهم وأنت مثال على ذلك ..
-
لأن الصورة لم تكن متقنة ، لم يفلح الرسام في إبراز جمالي كما في الواقع..


هز نيكولاس رأسه بيأس ، رغم أنه في شدة قلقه إلا أن الجانب النرجسي منه لا يزال طاغياً على طباعه ..


صوت قدم من خارج الغرفة جعل ويل يقف مترقباً الشخص القادم ، ببطء فُتح الباب ليطل من خلفه وجه آش والبقية ورائها ..


بخطوات سريعة احتضن أوليفيا بسعادة بعد أن اعترته الراحة لرؤيتها أمامه مجدداً ..





||
ما الذي يفعله هذا الـ..... ||
همت آش بإبعاده لكن نيكولاس تدخل مسرعاً : أظن أنه لا بأس بما يفعله خصوصاً وأنه كان يعتقد بأنه لن يراكم مجدداً ..
قطبت جبينها بتساؤل : ماذا تقصد ؟؟
-
سأخبرك لاحقاً ..


أما أوليفيا فلم تفهم سر عناق ويل لها لكنها رغم ذلك بادلته العناق قائلة : لقد اشتقت لك كثيراً يا ويل..



رغم أنه يدرك أنها تكذب بشأن ما قالته لكن ذلك لم يمنعه من الابتسامة في وجهها ، ابعدها عنه لتتوجه أوليفيا حيث نيكولاس وتفرد ذراعيها لتحثه على احتضانها كما فعل ويل لكن الآخر تراجع للوراء بعد أن تملكه الخجل ..

الجميع يدرك أن نيكولاس شاب خجول عكس ما يبدو عليه جسده الصلب وملامحه الخشنة وحتى أوليفيا على معرفة بذلك لكنها تفعل ما يجول بخاطرها غير مبالية بمشاعر من أمامها ..


بقيت على حالها لبرهة وويل كان مستمتعاً برؤية صديقه يُصبغ بالاحمرار وعاجز عن القيام بأي شيء والحال كذلك مع آش ..


في النهاية تطفل آرثر وقام باحتوائها من الخلف وهو يتمتم : أنت طرية جداً يا أوليفيا..


تفاجأت آش من حركته لكن ذلك لم يمنعها من توجيه لكمة خاطفة في وجهه ولو لم يتفاداها آرثر بسرعة لكسر أنفه ..



مع هذه الأجواء المشحونة أطلقت أوليفيا ضحكة مرحة : أتشعرين بالغيرة يا آش !! لا تقلقي لا أنوي سرقة آرثر منك..



لو أن هذه الكلمات خرجت من شخص آخر غير أوليفيا لكان في عداد الأموات ..
هي تحاول جاهدة السيطرة على نفسها ، لم تعد تطيق تصرفات آرثر الغير مبالية وما يزيد الوضع سوءً كلمات أوليفيا ..




كان يحدق فيهم بصمت طوال الوقت ، مهما حاول فهو لا يستطيع التداخل معهم ، حتى بالرغم من أنهم يتشاجرون طوال الوقت إلا أنهم منسجين مع بعضهم من وجهة نظره ، وهو مجرد شخصية جانبية لا يعيرونه أي اهتمام ..


بذرة سوداء غرست في داخل هذا الصغير قد تنمو وتغلف روحه بظلمتها إذا لم يشعروا بها ويسرعوا باقتلاعها ..


كما لو أن أوليفيا قد شعرت به فقد استدارت نحوه تقول بلطف : إنه دورك يا آندي ..
تفاجأ الصغير : دوري في ماذا ؟؟
قفزت نحوه تعانقه : لتنال نصيبك من الاحتضان..


||
لست منسياً كما كنت أظن ، على الأقل أوليفيا دائماً تلتفت إلي وتحدثني بين حين وآخر ||


***


ـ أخيراً غطا في النوم..

قالها نيكولاس محدثا نفسه بعد أن غطى أوليفيا وآندي بالبطانية جيداً ، حينها سمع صوت ويل الضاحك : تبدو كالأم حقاً..
تجاهل ما قاله : أيقظ آرثر فهناك شيء مهم يجب أن نتحدث بشأنه ..
تدخلت آش : وجوده وعدمه واحد ، لا أظن أن هناك فائدة ترجى منه ..




تحرك آرثر الذي كان يتظاهر بالنوم : أنت تجرحينني بكلامك هذا يا آش ، نحن فريق واحد كما تعلمين وأنا جزء منكم..
سارع نيكولاس بمقاطعة حوارهم قبل أن يحدث شجار جديد : لقد وجدنا شيئاً لم نتوقعه إطلاقاً ، ويل أرهم ما بحوزتك ..


أخرج من جيب سترته الملصق وهو يقول : لم يعد بإمكاننا التجوال براحة بعد الآن..
حينها قال آرثر بضحكة في غير محلها : أوه يبدو أنني لم أكن الوحيد الذي لاحظ ..


أنهى جملته وهو يخرج مجموعة من الأوراق المشابهة لتلك ..
رفع نيكولاس حاجبيه مندهشاً : منذ متى كان كل هذا بحوزتك ؟؟
-
كان منتشراً بكثرة لذا نزعت ما استطعت..




||
رغم أنه رافقني إلا أني لم ألمح ولو ورقة واحدة ، هو سريع البديهة كعادته ياللإزعاج ||
حينها تحدثت آش بنبرة غاضبة : لو لم يبدآ نيك وويل بالحديث بشأنها ما كنت لتخبرنا صحيح ؟؟


ابتسم ببلادة حينها : أعتقد أنه ليس بالشيء المهم ، إنه من الحماقة إبداء القلق بمجرد أن وجدنا صورنا مرسومة على ورقة ..
-
أأنت غبي !! سيتـ...
كتمت أنفاسها حين أشار لها ويل بالسكوت مشيراً بإصبعه الأخرى على أوليفيا ، للتو كانت ستوقظ النائمين بسبب صوتها المرتفع ..




نطق نيكولاس مهدئاً الوضع : أظن أنه يجدر بنا البحث عن حل الآن ، فلا وقت نضيعه في الشجار ..
آش بتجهم : وماذا تقترح ؟؟
ـ يجدر بكم التنكر وإخفاء وجوهكم عن الناس ..

ويل
بفطنة : سنبدو مثيرين للشبهة أكثر ، هل لدى أحدكم حل آخر ؟؟خيم الصمت قليلاً باحثين عن فكرة تسعفهم ، ليفصح آرثر عن فكرته : السيرك..
صوبت الأنظار إليه ليستطرد كلامه : ماذا لو أصبحنا فرقة سيرك جوالة ؟؟ فأعضاء السيرك عادة يخفون وجوههم خلف مساحيق مبهرجة ونكون حينها قد ضربنا عصفورين بحجر ، كسب المال من جهة والتخفي من جهة أخرى ..




علق ويل على فكرته : حل جيد لكن المشكلة أننا لا نمتلك الموهبة الكافية لنكون أعضاء في سيرك ..



ابتسم آرثر قليلاً : بل تملكونها ، فمثلا أنت يا ويل لا أظن أن التصويب على تفاحة موضوعة فوق رأس أحدهم بالأمر الصعب ، ولن أبالغ إذا ما قلت أنك ستصيب حتى حبة العنب ..




ثم نقل بصره إلى ذات الشعر الليلكي : وأما آش فلا أحد بمثل رشاقتها وخفتها ستغدو أبرع لاعبة خفة في العالم ..



ثم نظر إلى الأخير : أما نيك فقوته الجبارة مثيرة للاهتمام وعروضه ستكون الأكثر دهشة على الإطلاق ، وبالنسبة لأوليفيا وآندي فيستطيعان أن يكونا مساعدين لطيفين للجميع ..

ثم صمت لبرهة وعاد ليقول بنبرته البلهاء : لحظة وأنا ماذا سيكون دوري ؟؟ ربما قد أتقمص شخصية حيوان أليف ..
ثم أخذ يضحك بكل غباء بشكل أزعج الجميع ..




ويل : رغم أنني لم أتوقع أن تصدر فكرة كهذه من آرثر لكني أقر بأنه الحل الأمثل لوضعنا ، ما رأيكما ؟؟
-
أنا لن أعارض فهي فكرة جيدة ..
ثم بقي الاثنان ينتظران ما ستقوله آش وقد شعرا ببعض القلق خصوصاً وأن الفكرة قد صدرت من آرثر لكنها فاجأتهما حين قالت : إذا من الآن وصاعدا نحن فرقة سيرك جوالة ولسنا رحالة ..


ثم أخذت تنظر إلى آرثر متوعدة : وأنت سيكون لك دور كبير في السيرك أفضل من الحيوان انتظر وحسب ..




عندها تنهد الاثنان بأريحية بينما بلع آرثر ريقه بخوف وهو يحاول معرفة ما تخطط له آش، وأخذوا بتدوين الحاجيات الضرورية وتوزيع المهام فيما بينهم ..




***




اسبوع ونصف هو الوقت الذي استغرقوه في التجهيز ، وكان معظم المهمات توكل إلى نيكولاس لكونه الوحيد الذي يستطيع التصرف بحرية مطلقة ، وآندي لم يدخر جهداً في مساعدته ..
أما البقية فلم يخرجوا من الغرفة إلا للضرورة القصوى ، وعند الخروج لا بد من القليل من التنكر للتخفي ..




حين ابتاعوا كل ما يحتاجونه غادروا المدينة واستقروا في منطقة قريبة منها لكنها تخلو من السكان ..
مسح ويل المكان الخالي بعينيه : من هنا سننشئ فرقة السيرك الخاصة بنا ..


ابتدأ العمل أولا على العربتين فقد أعادوا طلائها وتزيينها لتليق بفرقة سيرك ، ثم بعد ذلك بدلوا ملابسهم بحيث تكون مبهرجة ولافتة ..





آش وأوليفيا ارتدتا فستاناً أحمر يصل حتى أسفل الركبة بقليل وأسفله بنطال مخطط بالأحمر والأسود ملتصق ببشرتهما ثم حذاًء أسود ذو رقبة طويلة وكعب عالي أظهرهما بشكل جذاب للغاية ..

أما ويل و آرثر وآندي لبسوا قميصا ذهبي اللون بلا أكمام بحواف فضية مرسوم خلفها صورة نمر بالأسود وبنطال ذهبي ..



وأخيرا نيك الذي ارتدى قميصا أبيضا مقلم بالأحمر بشكل طولي أعلاه سترة سوداء طويل من الخلف يصل إلى أعلى الركبة بقليل بلا أكمام ، وبنطال أبيض ثم ربط على رأسه عصبة باللونين الأبيض والأحمر ..

كانت أوليفيا أول من انتهت من كل شيء ، لذا إلتفت حول نفسها بحركة استعراضية ليتحرك معها شعرها المستعار الأحمر : ما رأيكم ؟؟

أجابها آرثر بنبرة خاملة : جميلة جميلة لا شك في ذلك ..


فيما قال آندي : صحيح أنك جميلة لكن رقعة العين تشوه مظهرك ..
قال جملته الأخيرة بصوت منفض لكن بشكل مسموع ، ليؤيده ويل : هذا صحيح ، اقتربي قليلاً لأجد طريقة لإخفائها ..



كانت قد لونت رقعتها بالأسود وكامل وجهها بالأبيض ثم أحاطت عينها الأخرى بالأحمر وكذلك فعلت بشفتيها ..


حاول ويل إخفاء الرقعة بشعر المقدمة من الشعر المستعار وبالاستعانة ببعض دبابيس الشعر أفلح في ذلك ..



-
هكذا أفضل..
قالها ويل وهو ينظر إليها برضى ، لحظتها قالت آش : حتى لو ظهر رقعة عينها سيبدو الأمر كما لو أنها جزء من التنكر ، لذا أقترح أن ترسمي شيئاً عليها يا اوليفيا ليبدو الأمر وكأنها زينة وليس شيئاً أرغمت على ارتدائه ..
راقها الفكرة فقالت : إذاً ما رأيكم ببعض النقوش والزخارف اللطيفة بالأحمر ، أستطيع أن أقول بأنه سيبدو لطيفاً علي أكثر من شعر غرة يغطي نصف وجهي ..




عندها أخذ ويل بالتحلطم : رغم أنني أتعبت نفسي من أجل إخفائها ..
ربتت أوليفيا على كتفه : لا بأس حيناً سأخفي رقعتي وحيناً أظهرها ما رأيك..
زم شفتيه بطفولية : أفعلي ما شئت ..
-
جيد ، والآن حان دوركم لأرسم على وجوهكم ، فلتصطفوا من فضلكم ..




لم تأخذ أوليفيا وقتا طويلا في الرسم ، وهكذا انتهى الجميع من وضع اللمسة الأخيرة البعض كان راضياً بمظهره والبعض الآخر فلا والجزء الأخير لم يهتم كثيراً ..


كان عابس الوجه وهو ينظر إلى انعكاسه في المرآة ، فذلك الوجه الذي لطالما أحب النظر إليه أصبح مختبئا خلف قناع فضي غطى الجزء العلوي من وجهه ، أما الجزء السفلي فقد بقي مكشوفا لكنه صبغ بالأبيض ..

قال يرثي نفسه : في كل مرة أنظر فيها إلى المرآة كانت روحي تتجدد من جديد ، وكل جروحي تتماثل للشفاء بشكل سريع ، وأرى الأمل متجسداً في صورتي ، لكن الآن اختفى كل شيء ، أصبح الجمال مختبئاً خلف هذا القناع اللعين ، وبت لا أعرف نفسي جيداً ، آسف يا سيداتي لن تستطعن رؤية الجمال بعد الآن..




على مقربة كان نيك الذي لم يرسم سوى جمجمة على إحدى خديه يرمقه بنظرات استهزائية ، منذ طفولته وهو يتصرف بهذا الشكل ، إعجابه المفرط بنفسه هو أسوء صفة فيه وكم حاول نيك تغيير هذا فيه لكنه يفشل دائما ..


فيما استرسل ويل وهو ينظر إلى صديقه بغيظ : لماذا علي أنا صاحب الوجه الجميل إخفاء ملامحي أما أنت فلا ؟؟ هذا غير عادل إطلاقاً..
أجابه متململاً: لن يتعرف أحد علي لذا لا بأس بإظهار وجهي أما أنت فلا ..
-
أنا أجمل من أن يتعرفوا علي برسمة غبية كتلك التي نشرت ..
زفر بضيق : ويل أرحني أرجوك ..

ابتعد عنه وهو يتذمر بانزعاج ، حينها اقتربت آش وهي تخاطبه بجديتها المتعارف عليه : مابك تبدو متجهم الوجه ؟؟ ألم يعجبك ما قامت به أوليفيا..
أجاب بتلعثم : هاا لا من قال ذلك ، على العكس أبدو أجمل هكذا ، أحسنت أوليفيا العمل ..
-
أحسبك ستقول غير ذلك ، على أي حال هيا لتتجهزوا سننطلق الآن..




صاحت حينها أوليفيا بجدية لم يعهدوه : انتظروا لحظة لقد نسيتم شيئاً في بالغ الأهمية ..


شدهم نبرتها فأعارها الجميع اهتماما لما ستقوله ..
-
لم نختر إسماً لفرقتنا بعد..



قفز آندي بحماسة : أنا لدي اسم مناسب ..
آش بلا اهتمام : أي اسم سيفي بالغرض ..
-
إذا سيكون اسمنا فرقة نوا الجوالة..




ويل بتعجب : نوا !! لم هذا الإسم بالضبط ؟؟

أجاب آندي بإبتسامة : إنها الأحرف الأولى من أسمائنا ..



ربتت أوليفيا على رأسه : إذا سنعتمد هذا الإسم ، والآن فرقة نوا هيا إلى العربة سنقيم أول عرض لنا في أول مدينة تصادفنا في طريقنا ..


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة وردة المـودة ; 05-26-2017 الساعة 11:32 AM
رد مع اقتباس