عرض مشاركة واحدة
  #95  
قديم 06-29-2017, 01:38 AM
 
الجزء الثالث


فاتن أقل ما يقال عنه ~ سنو

.
.
.

بهدوء تام وملامح جامدة . كان يعزف سيمفونية بيتهوفن التاسعة
و على عكس ذلك اللحن السعيد والمبهج ، كانت نيران الحزن تعزف داخله بعنف
تصاعدت النوتات و تسارعة الدقات
في هذا الجزء كانت دائما ما تقف وتبدأ الرقص
كما لو انها صنعة من الريش ، حركاتها خفيفة
ترقص كما لو انه ليس هناك احد تتحدث الموسيقى اليه سواها
ابتسامة تعلوا وجهها وسعادة تنشرها بلطف في الهواء بحركاتها المتناسقة
تتمايل هنا وهناك كما لو انها اغصان شجرة تحركها رياح الموسيقى
او كانها دمية بخيوط اجاد محركها ارقي فنون الرقص ( الباليه )
كان يتعمد ان يطيل تلك التوقفات في المعزوفة لانه احب نظراتها المتجهمة
احب ان تنظر له ولكنه كان يعاود العزف حتي تعاود هي الرقص ويعود مجددا يتوقف
رفع عينه الي مكانها فوجده فارغ
صحيح هو يعزف هذه السيمفونية من اجل ذكرى وفاتها
ولتخليد ماضيه و حياتها
تبدلت ملامحه الي الابتئاس واصبحت اصابعه اثقل علي المفاتيح
فقام باخفاض السيمفونية الي سلم موسيقي منخفض حتي يعيد رابطة جأشه
اعتقد الجميع ان هذا نوع جديد من ابتكاراته فاخذوا يصفقون له لكنه لم يسمع صوت التصفيق
ولكن ما انفك حتي اصبح يشعر بحرارة جسدها قربه كما لو انها ترقص وتدور حوله وحول البيانو
شعر بنظراتها لكنه لم يرفع عينيه
هو يخشي ان يفعل فيجد ذلك المنظر مجددا
هو عانى ثمانية اشهر لينسى شكل جثتها !!
اغلق عينيه بقوة يحاول ان يطرد تلك الفكرة ثم اعاد فتحها ونقل السيمفونية الي سلم اعلى واسرع من حرك اصابعه فصفق الحضور مجددا مندهشين من قدرته على الانخفاض و الصعود بسهولة
لكنه اخطأ ورفع بصره فوجد ذلك المنظر امام عينيه
فاخفض عينيه فورا لكنه ذاد من سرعته في العزف وهو يجد كل شي حوله يملئ بالدماء
مفاتيح البيانو البيضاء تصبح حمراء و لزجة و كذلك يديه
اجهشت ملامحه فادنى رأسه الي المفاتيح يحاول استعادت صلابته و قوته
و الحضور يتهامسون يعتقدون انه اندمج مع الموسيقى كما عهدوه
فاخذو يلقون بوابل من المديح عليه انه تجاوز مشكلة موت رفيقته
اوليفيا
ما ان سمع اسمها حتي تبددت تلك الصلابة و اغرَورَقَت عيناه بالدموع
واصبح عزفه اثقل عند قرب الخاتمة
رفع رأسه وهو ينظر الي المفاتيح وعينيه هَمَت بالدموع حتي اغرقت لحيته
وتلتها تلك النشجات التي خرجت بطريقة لا ارادية من فمه
انهى السيمفونية و ارتفع صوت الهتافات والتصفيق من الجموح التي كانت تملى المكان
بينما هو وقف بقدمين تهتزان قابل الجمهور وانحني
رفع نفسه لتجول عينيه في ارجاء المطعم الفارغ من احد عداه هو وخادمه
ليسقط علي ركبتيه علي الارض وهو يعْوَلَ بصوت مرتفع
اقترب منه خادمه واصبح يقف امامه هو لا يمكنه مواساته
هو يعلم كم هو يعاني كم هو يتالم علي فقدانها
مجرم ، حقير ، مجنون ، معتوه ، مريض نفسي ، بارد ، بلا مشاعر ، كتلة الجليد
كلها اوصاف نعت بها سيده
القوا بتلك الكلمات دون اي اكتراث لاثرها عليه
لم يهتموا لمركزه ولا الي شهرته
لم يفهموا مهما شرح لهم انه لم يكن يعلم
لم يعلم انها توفية حين احيا حفله هنا
لكن في عيني المجتمع هو فقط
المجرم
الذي قام بقتلها !

.
.
.

التعديل الأخير تم بواسطة Snow. ; 06-29-2017 الساعة 07:23 PM
رد مع اقتباس