عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 07-18-2017, 09:28 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_564jnrwr1.gif');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]




~تم تعديل البارتات السابقة~

يرجى إعادة قراءتها قبل قراءة الفصل







سيان أوتو دينلاس ~الكاهنة~



هي العالمة بأحوال الناس، مختارة الملوك وحامية الاستقرار

ابتسامة لطيفة ومعالم طفولية زينت بشاعة التصرفات، هي سادية محبة

لنشر الرعب وسماع الآهات







الفصل الأول: سيان كاهنة أركلاهال



نائما هو. يراوده حلم عجيب.. عن أشخاص لم يتبين ملامحهم وان كانت أصواتهم تبدو له

مألوفة بغرابة أدهشته. في ذلك الحلم تواجد ثلاثة أشخاص، ظلين في شاكلة رجلين لا يبوحان بشيء

وفتاة بشعر سماوي باهت جذبت انتباهه، كانت أصواتهم بعيدة، خاملة وغير مفهومة..

لكنه يقسم أن حديثهم ليس بالسار أو المفرح، وجوههم قد باحت باتهامات تدور في الفراغ بينهم..

شجار حول مسألة حساسة وان كانت غير واضحة. فهنا حيث يقبع الضلال ولا شيء غيره

من الصعب ادراك السيء من الصواب.. حاول الاقتراب منهم بدافع الفضول، لكن.. مع كل خطوة يخطوها

تكبر المسافة بينهم، حتى لو زاد من سرعته، حتى لو ركض فلا شيء يجدي..

توقف بعد مدة لا يدري فحواها وقد غرق في الظلام تماما.. يسبح في الأسود حيث تقبع الشياطين وأشباهها.

حيث يوجد الشر العظيم الذي تسبب في كوارث جمة، موت إيثر كان أولها وبداية حياته هو مجملها..

الأن هو بطل الرواية.. ليس إيثر، ولا لاسكيريا.. زيوس قد زالت والسدم تبعثرت، هو الوحيد الذي

سيعيد كتابة القصة من البداية راوي جديد وأسلوب مجهول سيصعب اتباعه.

تأمل التموجات الرمادية في السطح شاردا.. ربما هو اعتاد الوحدة والحياد لكنه قطعا ليس بكاره لرفقة.

راقب الظلال القرمزية الطويلة تتلوى أمامه في مجموعات.. كانت مشكلة من ذكريات..

ذكريات غريبة لا تمد له بصلة، عن إيثر، لاسكيريا، زيوس والباقين الذين لم يعرفهم..

رآها وهي تلتهم ببطء من قبل حلكة المكان.. ليظهر شخص شبه شفاف أمامه.. شبح أشقر بعيون

خزامية أخرجته بلطف من البحر الأدجن الراكد.. طفى على صفحة ليلكية متمايلا بسبب لطمات تموجات

الرمال السوداء التي تراقص عاصفة المشاعر المكبوتة.. بصمت راقب تسابق الأحداث أمامه..

أمور حصلت قبل قرون من وجوده هو، عن أشخاص قد زالوا الآن.. تحولت تلك الأطياف المجهولة

إلى سرب ذهبي من الأسماك الصغيرة، كثيرة العدد ومرتعبة تسبح في كل الاتجاهات.. راقبها أجيس بتمعن

وابتسامة متفاجئة قد اعتلت ثغره.. لامست انامله بخفة احداها فاختفت جميعها في هياج، لتظهر لاسكيريا..

كانت متبلدة المشاعر مكفهرة الوجه كما إعتادها.. وقفت هناك لثوان ثم اختفت سرابا

وسط المجهول.. وهنا في هذا السبسب الأسود تذكر ما رمي عليه من حجارة وثقلها..

ارتعابه، بكائه والدمار الحاصل بسبب خطأ اللا أحد. ربما هذا سبب شعوره بالخوف الآن

لكن لا وقت للنواح.. سيبكي حين تظلم عليه الدنيا. ومن هذا المنطلق اخترق الستار فانقشعت الأوهام

كاشفة عن بؤرة الضياء التي بدأت تكبر شيئا فشيئا.. ليزول الظلام وتنصهر رهبته.

من الصفر! سيبدأ كل شيء من البداية. هذا ما قرره وهذا ما سيعمل لأجله

سيتعلم ليصبح أقوى وأحكم، فإعادة جمع السدم لها الأولوية، هذه مهمته وهذا ما سيقوم به.

مالت شفته مظهرة نصف ابتسامة عندما مرت عليه لاسكيريا كخاطر في ليلة صيفية..

حرك رأسه بخفة ثم تنهد بهدوء ليبدأ سباحته

لعله يجد نهاية هذا النفق الأعمى الشبه أبدي. ثلم من الضوء يقوده إلى الواقع المرير.

ومن هذا العمق المظلم تفجرت بتلات دامية صحبها صوت أنثوي متململ (أجيس كريتوس ثيوفانس أفق!)

فتح أجيس أجفانه متأوهً، فقابله نور شمس اخترق فجوات الأوراق الخضراء المنتعشة التي غطت السماء.

عدل من جلسته بتعب وكل خلية في جسده تصرخ مشتكية من الألم

جال بنظره في هذا المكان المليء بالحياة.. الجالب لنوع من السكينة إلى الروح المتعبة

وهناك فوق أكبر شجرة كانت مفسدة نومه، جالسة بعيون ابتسمت مستمتعة وجسم صغير بدى له هشا للغاية

-على الرغم من كونها أطول منه وأكبر أيضا-

ذكره شعرها السماوي بالأميرة في حلمه فبقي صامتا واجما.. يخشى من كونه داخل حلم يقظة أخر
-لقد استيقظت أخيرا، بعد ان تسرب الملل إلى خلايا جسدي

لم يجب بل قابلها بصمت جعلها تقطب حاجبيها بتعجب بعد أن أمالت رأسها، ثم بخفة قفزت إلى الأسفل

كقرد صغير مشاكس. كانت عينا أجيس تتبعان كل حركة تصدر منها، غريبة الأطوار هذه التي لم يرتح

لها.. راقبها وهي تقترب منه بخطوات خرقاء غريبة أدخلت الرهبة إلى قلبه.. امتلأت جبهته بالعرق

وفكر: أيهرب؟ لكن إلى أين وإلى متى، من الواضح انها تعرف هذا المكان أحسن منه.

احتبست أنفاسه. وتبع بؤبؤ عينيه اليد التي تقترب منه. فجأة. توقفت عن الحركة حين بلغت

أقرب مسافة من وجهه. أغيرت رأيها؟ ربما من يدري، لا أحد هنا يعرف ما تفكر فيه..

فتح الأشقر الجاهل للحياة فمه إلا أنّ كلماته أبت الخروج، صفعة مفاجئة تركت أثر لاحمرار

خفيف على وجنته البيضاء. ومن دون سابق انذار وجد أجيس نفسه مستلقيا على

الأرض تعلوه هي، بشموخ تعدى عنجهية الملوك، ورقة ازهار الربيع المتوردة.

هي حطمته! لم يقدر على تصديق ذلك بالرغم من الحرارة التي تتسرب من وجنته لكفه

الذي يتحسس مكان الصفعة.. بادرت الفتاة بالحديث متهمة إياه بالغباء والجهل
-أيها الحيوان المتشرد أتجرأ؟ أي غباء بشري هذا؟ أيجب علّي التورط مع الغافلين الجهلة دائما؟
-عفوا؟
-يا وليد الدماء أفق.. فوقتي ثمين، وأنت كائن لا يستحق الكثير

عدل أجيس من جلسته.. ثم سأل وهو يبعد بارتعاش خصلاته الهائجة كقلبه الذي يقرع بجنون

داخل جسده الواهن
-أما آن أوان البوح بالحقيقة؟ فكما قالت حضرتك أنا جاهل لما يعتمر صدرك الآن

صفقت سيان بفرحة غامرة وضحكت بصخب، ثم ابتعدت عنه وهي تشبك يديها خلف ظهرها.

ابتسمت بخفة لتسعل بهدوء كمن يستعد لإلقاء خطاب على العامة، انحنت بنبل

كانت تفتقده قبل برهة ثم ابدعت في الحديث
-سيان هو اسمي وأنا هي قديسة هذا العالم.. أما أنت يا أجيس كريتوس ثيوفانس فستكون تلميذي
اللطيف، تصرفاتك، أمنياتك، طموحاتك وكل ما ترغبه أنا من ستحدده

راقب بتوجس الاصبع المرفوع أمام وجهه ثم قال وهو يبعده بنوع من الاشمئزاز
-قديسة أم لا.. ما شأن هذا بي؟
-الأيام هي من ستجيبك على هذا.. فهذا العالم بدأ يتداعى، وكارثة الألف عام ستحل من جديد
-كارثة الألف عام؟

كانت لمحة من الحزن قد طفت على وجهها، باردة قاسية وغير رحيمة بالفؤاد المفطور

أحس أجيس أنه أخطئ السؤال، فشتت نظره في أرجاء المكان منتظرا انقشاع ضباب

غريبة الاطوار الذي تخيفه. وهناك خلف احدى أشجار أبواق الملاك الموجود هنا لاحظ جسما صغيرا

يراقبه بتمعن.. قط ظريف بعيون عسلية مرتعبة تماما.. تبادل هو والفتى المختبئ نظرات استفهام لمدة

طويلة. وفجأة. من غير إحساس ولا شفقة ضربته سيان على رأسه.. ساخطا صرخ وقد أمسك موقع الألم
-أيجب عليك ضربي؟ أيتها الشيء غريب الأطوار

اغتصبت ابتسامة بصعوبة -وان كانت مرعبة قبيحة لا تفي بالغرض- ازدرد أجيس ريقه برهبة

ثم خطى بضع خطوات إلى الخلف. حساسات الخطر أشارت إلى كارثة قادمة فمن الحكمة تلطيف الأجواء.

أجفل برهبة حين لمح كتلة اللهب التي أحاطت طفولية المعالم. تقهقر إلى الخلف ثم تكلم بضعف،

بصوت مرتجف تضرع - بعيون قط مرتعب-
-سيدتي إذا قتلتني فمن ستدربين؟ أرجوكِ اصفحِ عن هذا البشري المسكين.

همهمت سيان في مكانها. فكرت بصمت لتستكين نوبة غضبها تدريجيا. طفت في الهواء ثم أوجدت بسمة

حانية اثارت ارتياعه. وبنبرة متعالية امتزجت في طياتها طفولية بريئة خاطبته
-نادني بالشيء مرة أخرى وسترى نفسك تتعفن في أرض الجحيم المستعرة
-حسنا إذن سيدتي أيمكن أن تخبريني من هو هذا؟

سألها هامسا وهو ينظر إليه بطرف عينيه.. وبنفس طريقته المثيرة للجدل اجابت
-ذاك زاسلير شريك تدريباتك.. وهو أحد الملوك
-ماذا؟

تهلل وجهها فظهر صف من الاسنان اللؤلؤية. جمال رباني ينسي الهموم ويثير الوجدان

إلا أنّ هذه المعالم سببت الرعب لأجيس المشكك. ومن دون رغبة في السؤال استفسر
-أيمكنك الشرح بالتفصيل.. فتلميذك المسكين غبي بطبعه
-هه على الأقل انت عالم بجهلك.. انك ادمي فريد من نوعك، فمنذ ولاتك وانت تملك
دماء ملوك أغارثا.. الدماء النقية لعائلة كريتوس ثيوفانس..
-أبسبب كوني وُجِدت من إيثر؟
-ذاك المتفاني بعيد عن الأسباب.. منذ مئة وسبعين سنة أقيمت طقوس الدم الخارجة عن المألوف.
تلك الحادثة التي أدت إلى بداية الزوال. أنصت لي.. زاسلير هو رفيقك ومستقبلكما لن يكون باليسير
-أنا لا أفهم ما تعنينه.. سيان، أخبريني ما الحاصل في العالم؟

اثارت طبيعته المتسائلة سخطها. وبرعد ثور الهادر صرخت
-بأي طريقة تنوي انقاذ العالم؟ وما انت إلا دودة بكاءة غبية لا تملك من المقدرات الكثير؟
عقدين.. سيكونان كافيين لكي تغدو قويا.

تنهد أجيس بقلة حيلة.. فكر. فيما تقوله، وما قد يحصل.. في هذه التفاهات التي تلتوي حول الماضي

مغلفة إياه وحاجبة المستقبل الملعون الذي ينتظرهم. نظرت سيان بشزر فأحست منه عدم الاقتناع

تمتمت بسخط ثم أردفت مكملة بهدوء مغتصب من جمرة غضب خامدة
-لديك عشرون سنة.. أما المكان فها هنا على هذه الجزيرة المنسية
وكل ما عليك فعله هو البقاء حيا.. زاسلير صغير لكنه يعلم الكثير فلتتعلما الاستفادة مما حولكما
-حسنا.. حسنا أيا يكن.. المهم أن يضمحل هذا الجهل الذي يصلبني على عمود مدبب

باقتناع وتفهم نادت سيان على فتى الأوبال المرتعب الذي لم يجب ندائها

حركت نفسها بخفة في الهواء. وقفت أمامه، ثم تمتمت في أذنه كلمات

جعلته يحرك رأسه بنوع من التوتر. راقبه أجيس يقترب منه ببطئ في حين اختفت سيان

على شكل ندى بعد ان ودعتهما بإحدى ابتساماتها المخيفة.

تأملا بعضهما.. بصمت كأبلهين لا يجيدان فنون الحديث.. كل واحد يترقب مبادرة الأخر

مل أجيس الانتظار فذاك القزم الذي اكتسى بالأبيض والسماوي.. ابتداء من الحذاء إلى العباءة

الطويلة التي اخفت نصف جسده وصولا إلى قبعته غريبة الهيئة لم يكن بالفريد

وبغتة. حين كان متلهيا بتأمله لزهور الأشجار الخضراء، أتاه قول زاسلير هادئا خفيضا

كخرير جدول في يوم ربيعي مشمس
-لقد أخبرتني سيان عنك.. وأرى أنه دوري في التعريف، أنا زاسلير أه شي جرايجور
ملك الإكريتيور وحامي حجر الفلاسفة
أحس أجيس بالألفة معه، كأن لقائهما قد حصل منذ امد بعيد..

احاديث عادية دارت بينهما، شملت العمر والبعد والنسب على الرغم من أن أجيس كان المبادر

في كل الاسئلة وإجابات زاسلير كانت مقتضبة لا تروي ظمأ معرفته إلا أنه تقبلها كبداية

فلديه ألاف الأسئلة.. عن هذا الإكريتيور وعن حكامه السابقين ، سكانه وخاصة عن حجر الفلاسفة

الذي سمع عنه من إيثر مرة.. الحجر جالب الشر والظلمات، من يغوي سائر الكائنات العاقلة..

من يبتغيه كل مشتهٍ للحياة الأبدية.

سارا في أغرب جزيرة منسية -كما سمتها سيان- تباين فيها الزمان والمكان.. وانقلبت الأحوال

والاحجام، بهية الطلة غزيرة العطاء.. اختلفت أنواع الأشجار الموجودة فيها، منها من عرفها

أجيس وأخرى أخبره عنها زاسلير في حين بقيت بعض الأنواع مجهولة لم يتبينا اسماءها أو استعمالاتها.

لم تترك لهما غريبة الأطوار إلا خنجر صغير أخذه أجيس وخريطة احتفظ زاسلير بها.. كنقاط إضافية في لعبة

الحياة والموت التي سيخوضانها. تنهد عسلي العينين. تلمس الجذر الأملس للشجرة المتفرعة التي استظل تحتها

حين أضناه التعب، نظر إلى الأشقر الذي ملأه العرق.. حاله أسوء من زاسلير، فهو لم يعتد السير الكثير وهذه

الكيلومترات العشر كانت كفيلة بامتصاص كل قوة تحمله.

بان التعجب وعدم الفهم واضحين في عيني زاسلير الواسعتين.. ففتى الادغال هذا لم يعتد على

ضعاف الجسد عديمي الاحتمال. كوّر أجيس قبضة يده بهوان ثم قال بتعب وانهاك
-توقف عن النظر بهذه الطريقة، أنا اموت هاهنا كما ترى
-أسف.. لكن تبدو مثيرا للشفقة على نحو ما، أخشى عليك الموت فعلا لا قولا هنا
-هه لست هزيلا بهذا القدر القبيح.. أسبوع لا غير وسأعتاد الأمر

ولأول مرة منذ التقائهما ظهرت معالم السخرية على وجه زاسلير.. ففي نظره أسبوع

كفيل بجعل أجيس يختفي كضباب الخريف.
*بعد خمس سنوات*

| الجزيرة المنسية ~شلال نيغورا الأعظم~ |

صرخة كتمت سريعا بعد ان سقط زاسلير في البحيرة أسفل الشلال من فوق الطائر العملاق الذي امتطاه

الخمس سنوات مرت عليهما معا، تعلما فيها كيفية الاستفادة مما حولهما.. جربا ما جهلاه وتعاونا

على حماية بعضهما من الوحوش التي أحاطتهما.. عملاقة مهشمة كانت أو ضئيلة سامة

فلمرات يعجزان عن عدها قاربا على الهلاك، إما بسبب نبتة أكلة للحياة أو فراشة منذرة

بالعذاب.. جرحا، وكسرت العظام لكنهما لم يستسلما قط، هما هنا معا وقد أصبحا أكثر قوة.

استلقى أجيس على طائر العندليب الأشهب خاصته وقد أتاه ضحك هستيري عجز عن كبحه

فها هي ذي فرصته السانحة قد أتت.. الفرصة التي منحه إياها الاله ليثأر من زاسلير على سخرياته الدائمة.

فهو لا ذنب له إذا بقي قصيرا لا يتعدى طوله المئة وثمانية وستين سنتميتر..

مسح على عنق طائره بنعومة فنزل متفهما رغبة سيده.. بخفة وبراعة وقف على ضفة البحيرة

التي اهتاجت مياهها الراكدة بسبب الشلال المندفع للأسفل ورفيقه الساخط الذي يصرخ بغضب وهو

يضرب المياه بقبضته.. صوت أثار اهتياج الغابة الساكنة من خلفهما

وتسبب في فرار الضعيف من الحيوانات.. ترجل أجيس بخفة فتراقصت خصلات الذهب التي طالت لنهاية

ظهره.. أطلق صوتا ساخرا مستفزا ثم قال وهو يعدل واقية يده السوداء التي صنعها من جلد

مدرع عملاق قاما باصطياده
-كانت سقطة موفقة أليس كذلك يا كاره المياه؟

تمتم الأخير بسخط من بين أسنانه. خرج من البحيرة ثم عصر شعره المصاغ من الأوبال المتخِلل بخصلات بلاتينية

والذي طال على نحو جذاب أبرز لون عينيه الفيروزية التي غدت حادة متقدة كجمرة ملتهبة.. ابتسم بانزعاج

وهو يقول بسخرية
-ما كنت لأقول غير ذلك يا شبيه الفتيات. صمت لبرهة ثم أكمل بنوع من الجدية: أجيس أنخيم هنا؟

ضرب أجيس بقدمه الأرض الطينية بانزعاج ثم قال بقلة حيلة وهو يراقب السماء التي

بدأ نصفها يكتسي بحمرة الغسق الليلكية
-أجل فالظلام قد حل والطائرين قد تعبا، ولا تنسى أنّ الليلة المقمرة قد اقتربت..
أصحيح ما أقوله؟

اخرج زاسلير من حقيبته الحريرية التي صنعها من بقايا العباءة الثمينة البيضاء ورقة مسطحة عريضة

من شجرة الأريك خُط عليها تواقيت ورموز غريبة، معلومات عن النجوم وحركة الكواكب.. لكن ما منحه

جل اهتمامه هو القمر والمعطيات التي كتبت بجانب رسمته
-أجل ما تقوله عين الصواب.. فقد مضى بالفعل ستون يوما على أخر ليلة مقمرة وتغير للخريطة
لننتظر هنا حتى تغير هذه الجزيرة الملعونة تضاريسها مرة أخرى

أعطاه أجيس علامة الموافقة ثم بدئا يجهزان مخيمهما.. النار التي ستدفئهما في الليل

الجليدي والأكل الذي سيملأ معدتهما الخاوية

افترشا الأرض العشبية على مقربة من البحيرة التي ركدت مياهها أخيرا بعد توقف الشلال..

راقبا السماء الجرداء الحالكة، والنجوم المعدودة الباهتة تزينها وحدها من غير رفقة القمر الضئيل الفضي

الذي اختفى خلف السحاب الرمادي
-زاسلير؟
-هممم
-أخبرني كيف تبدو الإكريتيور
-أنا جاهل مثلك لها.. قد تكون بنيتي الجسدية صنوان لجسد اعتاد التعب والحياة
لكني كنت في أيام حياتي الأولى عندما التقينا.. مجرد جاهل ضعيف فاقد لذاكرته

كانت أصواتهما هادئة.. فبعد ما تجرعاه هنا ما عاد المستحيل والغرابة يتوفران

ضمن مفرداتهما المتداولة.. فضلا طرح الأسئلة لعل النوم يقرر الرحيل عن هذه الجفون المثقلة

فهذه الليلة هي الليلة المقمرة حيث تتجانس التضاريس ويمتزج الواقع بالخيال..

إن غفلا للحظة التغير الجيولوجي الذي يصاحب ظهور قمر الستين يوم ستكون أيامهما

القادمة رعبا مريعا لن يتحملا خوضه ثانية.. استطرد زاسلير هذه المرة مكملا سلسلة التساؤلات
-أخبرني كيف كان والدك
-إيثر شخص يصعب التنبأ بتصرفاته.. فتارة تجده غريب أطوار متباه وتارة أخرى يكون نقيض ما ذكر
لكنه حنون.. معاشرته تضفي السرور وكل يوم أحصد معلومات لا تحصى
-أتحبه؟
-هه بالرغم أنني لست ابنه الحقيقي إلا أني أحبه كثيرا حقا.. دوري في السؤال: كم من ملك مر على
الإكريتيور
-من وجهة نظرك كم تظن؟
-من يدري.. في أغارثا إيثر كان الملك الرابع
-همم الملك الحديث الرابع.. هه في الإكريتيور الوضع مختلف
سيان لا تختار الملك بل تدربه.. نحن على خلاف بقية الملوك لا عرافة حياة لنا
-ما قصدك؟
-أتعرف العنقاء أجيس؟
-ومن ذا الذي يجهل طائر اللهب الذي يتفحم بعد موته ليعاد بعثه من الرماد
-بالضبط.. إنّ دماء الـ آه شي جرايجور هي دماء العنقاء.. نحن كائنات نموت لنغدوا رمادا
ثم من الرماد يولد الملك.. ظاهريا كل 100 سنة يظهر ملك جديد لكننا في الأصل واحد
يختلف شكلنا لكن ذكرياتنا ذاتها
-إذن: من الرماد إلى الرماد؟
-بالضبط
-لقد قلت آنفا أنك لا تتذكر شيئا.. فأين ذكريات الملوك السابقين.
-في أبعد جزء من ذاكرتي.. تنتظر حتى تحين الفرصة على ما اعتقد
كيف نسيت أو ماذا حصل أنا جاهل له تماما.. لكني أكيد أنّ في الأمر مؤامرة.

أنهى جملته وعم الصمت ثقيلا كئيبا يجلب النعاس والأرق في آن.. وفيما هما هكذا

لمعت أول نجمة، بضوء شديد ثم صدح صوت انشطارها صاما تجفل له الأبدان. تبعتها الأخريات في سنفونية

كئيبة اعتادا عليها تماما كمستوطني الجزيرة. ترقبا بصمت.. بانتباه شديد وتلك الخريطة قد تعلقت بين يدي زاسلير

ومع أخر نجمة تنفجر ظهر أول شعاع منذ 60 يوما.. هناك في الفضاء حيث الشرخ

المضيء قد كبر وتجمعت فيه النجوم المنفجرة معا.. انصهرت وفق نظام معين واحدة

بواحدة حتى غذوا كتلة عملاقة فضية اللون.. أو ما يطلق عليه قمر الليلة الستين

في حين مال القمر الأصلي للون الذهب الشبحي

بدأت الجزيرة تتفكك لقطع، الجبال لوحدها والبحيرة التي افترشاها قد طفت

تماما كالغابة التي تنقلت من مكانها لتعاود التموضع في منقطة ما.. فتح زاسلير الخريطة

وقابلها للضوء الفضي المنبعث من قمر النجوم المنشطرة فبدأت هي الأخرى تتغير تدريجيا

مع تغير موقع كل قطعة.. كالبزل كانت، دقيقة ومتكاملة لكنها تستغرق من الوقت الكثير.

استمر الأمر طوال الليل ومع ظهور حمرة الفجر في الأفق بدأ القمران يبهتان إلى أن اختفيا

تماما وقد تبدل شكل الجزيرة.. محال التجول هنا من دون خريطة، فمهما كانت الذاكرة قوية

فهي لن تتذكر المتغيرات غير الثابتة.

تثاءب أجيس وعيونه شبه مغلقة.. فأي جنون هذا، الطيران وهو لا يبصر أبعد من أنفه.

كثيرا ما أحس أنّ زاسلير غير بشري ربما أحد المتحولين. في النهاية دم العنقاء يمنحه من الميزات

ما لا يملكه هو.. فبحق خالق الكون كيف لا يتعب؟ أعرض عن سؤاله بعد أن شعر بتفاهة الإجابة

التي سيحصل عليها وما كان منه إلا أن تعلق على الطائر.. اقترب أجيس من رأسها ثم همس
-سأعتمد عليك في القيادة.. كوني حذرة حسنا؟

حرك العندليب رأسه بخفة.. ثم خفق جناحاه بقوة ليبدأ الارتفاع عن الأرض في حين

خلد أجيس إلى النوم

وتحت نفس السماء الزرقاء على مقربة منهما كانتا جالستين على غصن شجرة

طافتا في الهواء.. تراقبان كل حرك تصدر منهما، تنهدت فضية الشعر لمرات

وقد أخد الملل مأخذه منها.. وبشزر راقبتها سيان لتسأل بعد مدة
-أرفقتي مملة لهذه الدرجة؟ أم أنّ صبر الأميرة قد نفذ؟
-كلاهما على ما يبدو.. أنا هنا منذ سنة ولم أفعل شيء إلا المراقبة

حركت سيان رأسها كمن فهم للتو ما يعتمر صدر رفيقه.. لكنها أجابت

بغير اكتراث رغم ذلك
-مهمة عرافات الحياة هي المراقبة.. فلتعتادي الأمر يا سنو دي كريتوفيا
-يا الهي.. ما يجعلني أتمسك بهذه المهجة هو أجيس، لولاه لكنت اخترت مفارقة الحياة
-لا تلعنِ قدرك أو تنوحي.. فحتى أنا لم أختر أن أكون ملاكا

كان الجوع ينخر معدتها قبل برهة لكن بعد هذا الحديث الصغير فقدت كل شهيتها.. خصوصا شطره الأخير

فدائما ما اعتقدت أنّ سيان شيطان، لأنّ تصرفاتها الهمجية الجامدة بعيدة كل البعد لتتشبه بالملاك..

تنهدت بقلة حيلة ثم قربت المنظار الكلاسيكي -الذي أحضرته معها من أكويلا- إلى وجهها وتابعت مراقبتها

بصمت.. خيل لها صوت تكتكة الساعة العملاقة في بهو منزلها.. تلك الأصوات التي تسبب لها

التوجس والرهبة منذ أن كانت رضيعة.. وقفت بانزعاج وقد حسمت أمرها

وبوجه ما عرف التضرع قبلا نطقت كلماتها أوامرا.. هي من لم تعتد الرجاء
-سيان سأراقب أجيس عن قرب خذيني إليه
-أوتحسبين أنك قادرة على الحياة هناك؟ ستموتين مع أول خطوة تخطينها
-اسمعيني أنا زوجة أجيس المستقبلية.. ان مت فأفضل الموت بجواره

استغرقت سيان مدة من الوقت حتى تلقت الرسالة الواضحة.. وباندهاش صادق قلما أظهرته استفسرت
-زوجة أجيس المستقبلية؟
-طبعا.. لقد قررت هذا عندما رأيته أول مرة..
-حب من أول نظرة هاه.. لنذهب سمو الأميرة
ابتسامة خبيثة علت ثغرها وهي تمد يدها لسنو التي لم ترتح لها.. فهذه الفتاة

لا يؤمن جانبها كما لاحظت في كل يوم يمر، لكن.. ما من طريق أخر للنزول غير الأخذ بهذه الكف الممدودة أمامها

ومن غير اقتناع أرغمت نفسها على الثقة.. وتماما كما خشيت فثقتها هذه لم تكن في محلها

فها هي ذي سيان قد تركتها تسقط.. إلى الهاوية السحيقة، شاهدت الجبال الطائفة تُسَير بسرعة

صعودا إلى الأعلى بينما هي تتدرج بجنون إلى الأسفل.. اخترقت صرخاتها موار الحيتان الخضراء الطائرة

وتغلغلت قطرات انبثقت من النهر الهائم بين ثنايا ملابسها البيضاء المحاصرة بخطوط بنفسجية

راقبتها سيان من الأعلى.. باستمتاع وهي تضحك بصوت مرتفع، مسحت الدموع التي تجمعت

في عينها اليمنى ثم قفزت بخفة في الهواء مراد أن تمسكها.. إلا انّ الشلخ الذي ظهر

من العدم قد منعها.. فجوة أفقية دبقة ماجت بلون فيروزي ابتلعت سنو وصراخها في ثوان لتختفي

بعدها كأنها لم توجد.. ظهر التوتر واضحا على معالم سيان التي التفت بسرعة تبحث عن أجيس وزاسلير

لتجد أنهما لقيا نفس المصير.. اختفيا من دون أثر واضح، تاركين طائريهما في هياج ماثل هيجان مشاعرها

المرتعبة.




اوهايو مينا سان

كيفكم؟ أخباركم؟ ان شاء الله تكونوا بخير

طبعا بعد سنة تقريبا رجعت مشان أكمل القصة مع بعض الاضافات على الفصول السابقة

المهم الفصل ذا مشان سنو لأنها عن جد عن جد عن جد كانت رح تقتلني مشان

أنزلوا مع انها قراتوا مرتين 0.0

المهم اتمنى يكون فالمستوى وكدة

استنوني فالفصل نمبر 2


دمتم بود




[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________




وَ تزهو بنا الحَيآه ، حينما نشرقُ دائماً بـإبتسآمة شُكر لله ..
أحبُك يالله





رد مع اقتباس