الموضوع: Neverland رواية
عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 10-25-2017, 06:11 PM
 


الفصل الرابع : كان يا مَكان ، في قديمِ الزَمان.
" الاسعافات الاولية !."
هتفَ بها كريس بينما يسرعُ نحوَ آرثر إلا أنهُ ما كادَ يلمسهُ حتى أجفلَ الأخيرُ فاتحًا عينيهِ محاولًا إبرازَ نظراتٍ عدائية حادة.
صُدمَ كريس قائلًا " واو هذا الشاب لا يزالُ واعيًا !."
فورَ أن سمعت ليديا كلماتَ كريس هرولت نحوَ آرثر بقلقٍ لتجثو قربَ الأخيرِ هاتفة " آرثر !، لا تقلق حسنًا ؟، هم سيساعدوننا !، سَتكونُ بخير !."
تخللت كلماتُ ليديا مسامعَ آرثر رغمَ وهنِ صوتها و بعدهِ بالنسبةِ له فأغلقَ عينيهِ مستسلمًا للتعبِ ليفقدَ وعيهُ كأنما لا شيء يخشاهُ بعد الآن .
أما آيدن ما يزالُ سارحًا في حيزهِ الخاص و في باله ألف فكرةٍ عَن شبهِ آرثر بوالدته، عينانِ ياقوتيتانِ اكتسبتا منَ الزَهرةِ شيئًا و شعرٌ أشبهُ بغيوم الصيفِ بياضه ، لَم يسبق لهذا الشابِ أن رأى شخصًا بمظهرٍ كهذا عدا والدته طوالَ سنواتِ حياتهِ العشرين
همسَ الكلمات التي عصفت في رأسهِ غيرَ واعيًا " بحقِ الإله ما بالُ مظهرُ هذا الشخص ؟."
أجابت ليديا بصوتٍ هامسٍ ارتجفَ ذنبًا بينما تحدقُ بآرثر النائمِ نظراتٍ غرقت حزنًا وهمًا " أنتَ أمير صحيح ؟، أنا آسفة.. لا يمكنني إخباركَ أنتَ بالذات..."
جملتها جعلت آيدن يعودُ أرضَ واقعهِ فأجابها مرتبكًا " لا !، لكِ كُلّ الحقِ في الصمتِ بعدما قاسيتماهُ ليلةَ أمسٍ... لا بد و أنّ الأمرَ كانَ صعبًا..."
اخترقت ذكرياتُ الأمسِ جوفَ ليديا التي شعرت و كأنّ روحها قَد سُلبت منها ثُم ارتدت إليها فهمست " أجل.. لقد كانَ صعبًا."
شدّ آيدن على قبضةِ يدهِ و شعور المسؤوليةِ أكثرُ منهُ غضبًا يجتاحُ قلبه، بنظرهِ ما حدثَ كانَ خطأه.. خطأه لأنه لَم يخلع والدهُ عَن عرشه لا لسببٍ آخر.. و هو بالتأكيدِ لَم يكُن كذلكَ فهاهو يحاولُ جاهدًا لكنَ الأمرَ يأخذُ وقتًا أكثرَ مما يبدو عليه.
قالَ " لا أطلبُ منكِ أن تغفري لإيزيكيل فعلتهُ لكن فلتعلمي أنهُ يتلقى الأوامرَ مِن والدي.. و أنّ ما فعلهُ فعلهُ مفكرًا بمصلحةِ الشعبِ أولًا و آخرًا.. هو ذلكَ النوعُ منَ الأشخاص ."
سَكتت ليديا دونَ إجابة.. هي تعلمُ أنّ والداها كانا قَد ماتا سلفًا حينَ قتلهما إيزيكيل.. و تعلمُ أنّ هذا التعبيرَ خاطئٌ تمامًا.. هو لَم يقتلهما بَل أوقفهما عنِ الحركة.. فكيفَ لشخصٍ أن يقتلَ شخصًا ميتًا ؟.
رغمَ معرفتها لذلك.. قلبها يأبى الانصياعَ للمنطق، و ما زالت لَن تسامحهُ لا لشيءٍ إنما لإيذائهِ آرثر.
حملَ كريس آرثر على ظهرهِ بعدَ أن ضمدَ لهُ جراحهُ بشكلٍ أولي قائلًا " عَلينا أخذهُ إلى الطبيب !، هذا الفتى على شفيرِ الموت بالفعل."
سارت في جسدِ ليديا رعشة، بردٌ قارصٌ صاحبتهُ قشعريرة حينَ سَمِعت كلمةَ - موت - مرتبطةً بآرثر فشددت الضغطَ على ملابسها كأنما تحاولُ إقناعَ نفسها أنهُ سيكونُ بخير فربتَ جين على كتفها معَ ابتسامةٍ مرحةٍ بريئة و نقية لطالما اشتهرَ بها " لا بأس !، لو قطعَ سيدي وعدًا فلا يحيل بينهُ و بينَ تنفيذهِ إلا الموت، صديقكِ سيكونُ بخير."
باشر الأربعة سيرهم نحو أطراف العاصمة حيث يقطن طبيب من معارف آيدن حسب ما زعم هو و عينا ليديا لَم تُفارقا آرثر النائم فوقَ كتفي كريس بينما تتذكرُ أولَ لقاء لها معهُ قبلَ خمسةِ سنواتٍ حيثُ كانَ كلاهما يبلغانِ منَ العمرِ إثنا عشرَ ربيعًا.
كانت الشمس قد أشرقت توًا، السماء بيضاء ناصعة ملبدة بالغيومِ و رغم ذلكَ فهي قاتمةٌ كذلكَ، الجو كما لو كانَ عديمَ اللونِ فلا زرقةَ تعم السماءَ و أخضرُ الحشائش باردٌ معتم.
في ذلكَ الوقت سارت ليديا تحمل بين يديها كومة من الحطب، وشاح يلف رقبتها و معطف يدفأ جسدها علها تقاومُ صقيع الشتاء.
زفرت أنفاسها ضبابًا لتهمس " البرد شديدٌ اليوم على الرغم من أننا ما نزالُ في بداياتِ أكتوبر... أتسائلُ إن كانت سَتُثلج..."
التفتت يسارا تبحث عن حطبٍ آمل أن يكون الجميع قد خزن ما يكفي من الحطب للشتاء."
أخذت تكمل سيرها في الغابة ببطء تجول بعينيها بحثًا عَن الأغصان المتيبسة علها تصلح حطبًا حتى رأت فتى يجلسُ أرضًا متكأ على شجرة فتأملتهُ لجزءٍ من الزمنِ مِن قدماهُ الحافيتانِ و ملابسهِ الخفيفة المبللة المشبعة بالدماء حتى وجهه الأسمر و عيناهُ الياقوتيتانِ اللتان أخذتا من الزهرِ لونًا تنبثق منها نظراتٌ واهنة ؛ باردة ؛ خالية من الحياة و إلى شعرهِ الأشقر المبعثر الذي تخللتهُ بضعُ خصلاتٍ مشيبةٍ تفرقت خلالهُ
فورَ أن أدركت حاله حتى هرولت ناحيته دون تفكير فرمقها بنظرةٍ حادةٍ مزمجرًا في وجهها مما دفعها للتوقف عن التقدمِ فتوقفَ عَن زمجرتهِ بدورهِ.
ابتلعت ليديا ريقها و واصلت التقدمَ لكن هذه المرة ببطء و حذر مما دفعَ بهِ للزمجرةٍ بصوتٍ أعلى .
همست بقلق " لا بأس... لَن أؤذيكَ."
لاحظت تنقلَ نظراتهِ بينَ كومة الحطب و عينيها فأجفلت قائلة " الحطب ؟، أتريدُ مني تركهُ ؟، أيخيفكَ ؟."
لَم تتلق منهُ أي إجابةٍ فتركت الحطبَ على مهلٍ " ألابأس الآن ؟."
هو لَم يزمجر في وجهها هذه المرة لكنهُ لَم يتخل عَن نظراتهِ الحادة أيضا رغمَ كونها واهنة كما أنها لم تمنع ليديا من التقدمِ نحوهُ فخلعت معطفها الشتوي لتغطيهِ بهِ قائلة " ارتدي هذا.. لا بد مِن أنكَ تشعرُ بالبردِ صحيح ؟."
Arthur's P O V
في ذلكَ الوقت... دفئ ليديا قد أنساني البرد لوهلة... كما لو كانَ العالمُ قد بدأ يشعٌ بألوانٍ دافئة فجأة...
و في الوهلة الأخرى ... لَم أعد واعيًا على ما حولي...
لَم أكن أعلمُ كَم منَ الوقتِ قَد نمتُ بعدها... لكن حين فتحت عيناي كنت أحدقُ بسقفٍ خشبيٍ أراه لأول مرة..
شعرت بصداع شديد يهاجم رأسي وكأنهُ كانَ هُناكَ منذُ أمدٍ بعيد...
بدأت أحاول استجماع أفكاري علي أعرفُ سببَ وجودي هنا و فورَ تذكري لما حدثَ اجتاحَ قلبيَ رعبٌ شديد.
لقد كُنتُ خائفًا حينها، وحيدًا، خائفًا لدرجةِ أني أخشى على أنفاسي أن تكونَ مسمومة، خائفًا لدرجةِ أني أشعرُ بظلِ الموتٍ يتشبثُ بأقدامي.
لملمت غطاء السرير نحوي مغلفني إياهُ و تراجعتُ مرتجفًا إلى زاوية السريرِ... و لكم تمنيتُ أن أختبئ بباطنَ الجدارِ علهُ آمن.. لكن أهو كذلكَ ؟.
و في أسوأ توقيتٍ ممكن فُتحَ الباب فجأة لتطلَ منهُ سيدة بخصلات برتقالية فاتحة باهتة و عينانِ بنفسجيتانِ تلمعانِ بإشراقٍ و ابتسامة بشوشة تعلو شفتاها
نظرت نحوي لتتسعَ ابتسامتها فقالت " أفقتَ أخيرًا ؟، لا بأس لا تقلق !، لَن أؤذيكَ لذا انتظر حتى أعد لكَ بعض الطعام."
ما إن خرجت تلكَ السيدة و قبل أن ينطبق الباب على عتبتهِ دخلت فتاة شقراء الشعرِ طويلٌ تدلى حتى تجاوزَ فخذها و امتلكت عينانِ بنفسجيتانِ بدورها فهتفت بسعادة " أنتَ مستيقظ حقًا !، واا~اه أنا سعيدةٌ فعلًا !."
اقتربت مني على عجلٍ مما جعلَ قلبي يخفقُ بقوةٍ حتى أني أكادُ أجزم أن صوته مسموعٌ على بعدِ أميال !
خائف لأنها تدنو مني، خائف أن يسمع أحد دقات قلبي، خائف أن هذه الدقات من صنع مخيلتي و أنه قد توقف سلفًا.
تراجعت إلى الخلف أكثر ، أريد أن أبتعد .. لا أريد أن أكون هنا !، لا أريد أن أكون موجودًا !، لكني خائف من أن أختفي ... لو أني أصبح شفافًا فقط...
وقفت الفتاة أمام السرير فسألت ببراءة " أنتَ بخير ؟، لا تريد مني أن أقترب ؟."
أردت الحديث، أردت الصراخ بها أن لا تقترب... لكن الكلمات لا تخرج لسببٍ ما هي اقتربت مني خطوةً أخرى و أنا حاولت إبراز نظرات حادة علها تخاف و تبتعد
لَم أركز في تعابيرها مثيرا لكنها بدت حزينة و خائبة.. توجهت نحو البابِ بهدوءٍ و بطء فتوقفت عند عتبتهِ قائلة " سأعودُ مجددًا.."
خرجت تاركةً إيايَ وحديَ أخيرًا، أما أنا فقد بقيتُ وحيدًا أحاولُ استيعابَ موقفي...
ما أريد و ما لا أريد .. تناقض شديد يتلبسني في هذه اللحظة... أريد أن أكون وحيدًا لكن أخاف الوحدة... أريدُ أن أبقى قربَ أحدٍ لكنَ قربهُ يرعبني.. لَو كان لانس هُنا فقط... لكانَ ساعدني كما كل مرة.. لا.. قربه وحده يكفي...
فقط حين تمنيت كل تلك الأماني ... فُتح باب الغرفة مجددًا."
END P O V
دخلت ليديا إلى الغرفة مبتسمة و هي تحملُ صينية فيها طبقٌ كبيرٌ منَ الحساءِ بغطاءٍ شفافٍ حافظ للحرارة و رغيف خبزٍ بالإضافة إلى كوبٍ منَ الماءِ
قالت " لقد عدت !، لقد حان وقت تناول العشاء لذا أحضرتُ لكَ حصتكَ !."
حدقت بهِ بنظراتٍ تلمعُ سعادةً بينما رمقها هو بنظراتٍ حادة مقطبًا حاجبيهِ فبقيا على هذهِ الحالِ بضعَ ثانيةٍ لتزفرَ ليديا بعد أن عبست بطفولية " أنتَ تعلم !، ليسَ و كأنهُ مسموم !."
اتخذ آرثر من الصمت إجابة لهُ فوضعت ليديا الصينية أرضًا وسط الغرفة ثم ابتعدت لتجلسَ قربَ الباب المغلق فقالت بعناد " لَن أغادر ما لم تنهِ طعامكَ !."
و كالعادة اكتفى لآرثر بالصمت دون إجابةٍ فاكتفيا بالتحديق ببعضهما بعضًا لفترةٍ منَ الزمنِ قاربت الخمس دقائقَ فزفرت ليديا " مهما كنتَ عنيدًا فأنا أشد عنادًا منكَ !، لذا أنهِ طعامكَ أو سيبرد !."
لَم يتنازل آرثر، ما زال مصرًا على أن تخرجَ، لكن رائحة الحساء قد توغلت في الغرفة بالفعل و هو لَم يتناول شيئًا منذُ أفاقَ ...
ازدردَ ريقه محدقًا بطبقِ الحساءِ فأمسى يتنقل في نظراتهِ بينَ الطعامِ و ليديا...
تحركَ بحذرٍ تاركًا سريرهُ و عيناهُ تتصيدانِ ليديا علها تقومُ بأي حركةٍ مريبة فأنزل قدمًا إلى الأرض ثم أنزل الأخرى و لاتزالُ عيناهُ مثبتتانِ عليها فسحب الصينية إليه سريعًا آخذًا يأكل على عجلٍ إلا إنهُ توقفَ فجأة لتذرف عيناهُ بعض الدموع
ابتسمت ليديا قائلة " ما رأيكَ ؟، أليسَ لذيذًا ؟."
أومأ إيجابًا فهمس " إنهٌ دافئ..."
هتفت بمرح " إذًا أنههِ قبلَ أن يبرد !"
عَم الصمتُ حتى أنهى آرثر طعامهُ فهمس بينما ينظرُ إلى الأرضِ " شكرًا."
التمعت عيناها فهتفت بسعادة " أجل !."
ازدرد آرثر ريقه مرتبكًا " و على المعطف أيضًا..."
اتسعت ابتسامتها " أنتَ على الرحب !... أمم.."
أجاب " آرثر... اسمي هو آرثر..."
اقتربت منه ليديا قليلًا زاحفة " على الرحب آرثر !... أنا أدعى ليديا، سررت بلقائكَ."
Arthur's P O V
لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي أقابل بها شخصًا مشرقًا لدرجةِ أنهُ ساطعٌ للغاية...
شخصٌ يبعثُ بالدفئِ أينما ذهب... و يهتفُ بِأنهُ سُعِدَ بلقائي.. ليديا مثل... ما هو التعبير المناسب لوصفها ؟.
انتصفَ الليلُ بسماءهِ السوداءِ و غيومهِ الرمادية تحجبُ ضوءَ القمرِ بينَ الحينِ و الآخر ... لَم تداعب نسمات الرياح الباردة أوراقَ الشجرِ و العشب فقط إنما دفعت بالسُحُبِ استعجالًا نحوَ الجنوبِ و خَلا البر و لو مِن عصفورٍ خشيةً منَ البرد...
داخلَ منزلٍ صغيرٍ منَ الخشب... حصلَ أشيبُ الشعرِ على نومٍ صاخبٍ على عكسِ الأجواء حولهُ...
يتقلبُ في سريرهِ يمينًا و شمالًا مقطبًا حاجبيهِ، أنفاسهُ تتسارعُ مضطربة بينما يتعرقُ بغزارة تتشبثُ في عينيهِ بضعَ دمعةٍ بينما تلاحقهُ ذكرياتُ ذلكَ اليوم...
مغمورٌ بالماء و صيحاته الغيرِ مسموعةِ، ذلكَ الشعور المقيت باحتراقِ كُلّ خليةٍ في جسدهِ حتى صارَ يخيلُ لهُ أنهُ قَد تفحمَ تمامًا.. يكفيهِ إغلاقَ عينيهِ حتى تتسربَ كُلّ تلكَ الصور إلى عقلهِ مرارًا و تكرارًا.
فتحَ عيناهُ الياقوتيتانِ على أوسعيهما لتنسابَ تلكَ الدموعُ العالقة مِن بينِ رموشهِ فأخذَ يحدقُ بالسقفِ المظلمِ فوقهُ بفزع
و لطفلٍ لَم يتجاوز الثانيةَ عشرة بدت لهُ بقعٌ دمساءُ أشدَ سوادًا منَ السقفِ في كُلّ ركنٍ و زاوية كما لو كانت ظلالًا تحاولُ ابتلاعهُ داخلها.
كبتَ أنفاسهُ داخلهُ و أحاطَ فمهُ بكفيهِ أما بؤبؤاهُ الياقوتيانِ فقد أمسيا يتجولانِ أرجاء الغرفةِ و عقلهُ يقنعُ نفسهُ أنّ كُلَ شيءٍ بخير.
فُتحَ بابُ غرفتهِ ليتسللَ ضوءُ الرواقِ إليها بخفةٍ فوقفت ليديا عندَ عتبتهِ و في يدها فنجانانِ كبيرانِ يتطايرُ منهما البخار
" ألا تستطيعُ النومَ ؟."
حدقَ بها آرثر بشيءٍ منَ الامتنانِ يلمعُ في عينيهِ فأردفت " أنا لا أستطيعُ النومَ كذلكَ !، لذا حظرتُ لنا بعضَ الحليبِ الساخن !."
Arthur's P O V
أومأت بالإيجاب مرتبكًا و أخذتُ كوبي منها بشيءٍ منَ التردد... حدقتُ بالكوبِ لفترةٍ محتارًا بينَ شربهِ مِن عدمه...
مازلتُ لا أثقُ بها تمامًا.. لكنَ رائحتهُ الحلوة و دفأه المتسلسل إلى راحةِ يدي يلسعها بخفةٍ مغرٍ جدًا...
ازدردتُ ريقي و شربتهُ على أي حال... لَم أتذوق طعمًا كهذا في حياتي... إنهُ حلوٌ جدًا بملمسٍ زيتي و هو يدفأ جسدي منَ الداخل... خاصةً قلبي و وسطَ صدري...
حقًا.. عندما أكونُ معكِ فأنتِ لا تقدمينَ لي شيئًا سوى الدفء ليديا...
أنهينا أكوابنا فأخذتها ليديا خارجًا لتعودَ سريعًا و معها وسادةٌ و بعضُ الأغطيةِ رتبتها قربَ سريري أرضًا و دست جسدها بينَ طياتها لتقولَ بلطف " سأنامُ هُنا الليلة !، تصبحُ على خيرٍ آرثر."
هذا يبعثُ على الارتباكِ قليلًا.. لا أعلمُ ما الذي يجري حولي حاليًا... ما الذي تحاولُ فعله ؟.
نظرتُ إليها مطولًا و هذهِ الأفكار تجولُ عقلي و على ما يبدو فهي فهمتها لتضحكَ بمرح " ستشعرُ بالوحدةِ إن نمتَ وحدكَ أليسَ كذلكَ ؟"
أومأت إيجابًا بترددٍ و قد غمرتني سعادةٌ كبيرة... فحتى و إن نمتُ سأنامُ قليلًا بسببِ كوني وحدي معَ الكوابيسِ بدونِ وجودِ ليديا.
قالت " هَيي آرثر.. أدلي بيدكَ مِن حافة السرير..."
فعلتُ ما قالت و بشيءٍ منَ الارتباكِ سألت " هكذا ؟."
تشبثت بكفِ يدي و بابتسامةٍ أجابت " أجل !، هذا يبعثُ شعورًا بالطمأنينة أليسَ كذلكَ ؟، هكذا لَن تشعرَ أنكَ وحدكَ أبدًا ..."
و بعدها... نمتُ دونَ أن اشعرَ بأيّ شيءٍ حولي...
END P O V

رد مع اقتباس