الموضوع: قصيدة: الحكمة
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-21-2017, 07:30 AM
 

منورة القسم بردك الرائع
فلور~


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

غاليتي لون السحاب أتمنى أن يجدك ردي هذا

وانتِ بخير وعافية.

قصيدة الحكمة أو ماتسمى بقصيدة

دع الأيام.

قصيدة جد رائعة للإمام الشافعي رحمة الله عليه.

كان الشافعي شعر الناس و أأدبهم وأعرفهم بالفقه والقرآن.

وقال الإمام ابن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منّة

وقد تميز شعره بالحكمة المطعمة بنكهة إسلامية.

وظهرت هذه الحكمة والحذاقة بالغة في هذه القصيدة.



دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفسا إذا حكم القضاء

ولا تجزع لحادثة الليالي
فما لحوادث الدنيا بقاء

وكن رجلا على الأهوال جلدا
وشيمتك السماحة والوفاء


وإن كثرت عيوبك في البرايا
وسرك أن يكون لها غطاء

تستر بالسخاء فكل عيب
يغطيه كما قيل السخاء



يقدم الإمام الشافي في هذه الأبيات النصح والإرشاد

بأسلوب حكيم وسلس ، موظفا مختلف الألوان البديعية.

بداية يجسد الأيام ويجعلها شخصا لا يمكن ردعه عما يفعل

ولا يمكن توجيهه حتى إلى ما نرنو.

ولذلك لا بد من التسليم والإيمان بالقضاء والقدر .

ويتابع فيما بعد لينهى عن الجزع من حوادث الدنيا .

لأن هذه الحوادث مقدرة من الله ، وليس هناك شيء يبقى على حاله.

ويشير بعد ذلك إلى لزوم الصبر على أهوال الدهر والمصائب.

وضرورة ملازمة السماحة والوفاء .

وقد استخدم لفظة " رجل " للدلالة على الصبر والوفاء

حيث تبلغ هذه الصفات ذروتها عند الرجال.

أيضايربط لنا بين إخفاء العيوب والسخاء بأسلوب شرطي

حيث انه من كثرت عيوبه – وكلٌّ غارقٌ في عيوبه – عليه بالسخاء الذي سيغطي هذه العيوب.


ولا تر للأعادي قط ذلا
فإن شماتة الأعدا بلاء

ولا ترج السماحة من بخيل
فما في النار للظمآن ماء

ورزقك ليس ينقصه التأني
وليس يزيد في الرزق العناء

ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء

إذا ما كنت ذا قلب قنوع
فأنت ومالك الدنيا سواء

ومن نزلت بساحته المنايا
فلا أرض تقيه ولا سماء

وأرض الله واسعة ولكن
إذا نزل القضا ضاق الفضاء

دع الأيام تغدر كل حين
فما يغني عن الموت الدواء




هنا يقول إمامنا الشافعي أن على المرء أن يكون جلدا صابرا لا تظهر عليه علامات

الذلّ ، ليتقي بذلك شماتة أعدائه التي هي بلاء عظيم أصعب من الذل الذي حل به.

أيضا إلى استحالة الحصول على شيء من البخيل في قوله:

(فما في النار للظمآن ماء) وفي ذلك إشارة واضحة إلى النهي عن البخل.


وفي قالب ديني نابع من الإيمان ، يبين لنا بأن الرزق بيد الله.

وانه مقسوم للعبد لا محالة ، فلن يزيد الرزق بزيادة العناء ولن يقل بالتأني والتروي.

كما أنه يضيف بإن البؤس لا يدوم ، وكذلك الرخاء ولكن

إذا كنت قنوع القلب فأنت ومالك الدنيا سواء.

ويختم الشافعي هذه القصيدة بالتحدث عن الموت

فإذا دنا اجل المرء لا أرض تقيه منه ولا سماء.

وانه مهما اتسع الأرض فالموت حاصل بوقته ومكانه المقدران.

وان الدواء لا يغني عن الموت شيئا.

وفي الأخير يكرر الشافعي لفظة ( دع الأيام ) مرة أخرى ...

للإصرار والتأكيد على فعل دع.



دمتِ بخير
__________________


شكرا لكِ يُونا . على الطقم الأكثر من رائع

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 11-23-2017 الساعة 10:50 AM
رد مع اقتباس