عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 11-30-2017, 07:10 PM
 





الفصل السادس ( الشريط الثاني : كارلوس )



بعض البشر هناك رجاء يرجى منهم للصلاح و آخرون فلا ، لأن ذلك التغيير يعتمد على ركيزتين ،
الأولى هي الرغبة بداخلك للتغيير والثانية هي الشخص المُناسب في الوقت المُلائم ! ،
وكارلوس جاءته الفرصة وابتسم له الحظ فعلياً بامرأة مميزه في حياته بدأ يغير طباعه السيئة ليفوز
بقلبها وذلك ما اشعل نيران الغيرة و الحقد لدى روز .. والمعلوم عندما يَسْتبين مفعول الغيرة
يغيب العقل المُفكر ! ، أصبحت تتربص لهما سراً حتى لمحت الخيط الأخضر ، عندما كانا يتجولان
ذات مرة بمول فاخر ، فأقدمت على دفع زوجته المستقبلية من على درجٍ شاهق خطير بنية الأذية
الأبدية وحدث فوق المطلوب إذ ماتت المسكينة عَقِب الدفعة القوية التي أطاحت بها على الدرج و
أصيب رأسها حيث المركز ! ومن هول الموقف لم يبال أحدهم بموقع رزو كمتهمة بل اهتمامهم كان
مُرَكْـزاً على المُلاقاة في الأرض بحال يرثى لها ! و حالما هدأت الأوضاع بعد طلب الإسعاف والتأكد
المُفجع بخبر وفاتها ، شخص واحد لم ينسى الحدث السابق وتولدت لديه رغبة عارمة للانتقام وشرع
بالتنفيذ مع ذلك لم يرغب أن تُقيد حريته بكآبة السجن المتحورة إلا أن الانتقام أمر آخر إن لم تتحكم به
جيداً سيفقدك عقلك الحكيم وستنتهي حياتك النقية و تصبح ما وراء القضبان ! .

***

الساعة 2:30 مساءً– مكتب التحقيقات الجنائي التابع لمدينة كارسون سيتي :

رجل بدائي و آخر مُعاصر ، من المفترض توقع الكوارث في حال اجتماعهما ، إلا إن شذت القاعدة
وخرجت عن المألوف كهذين الإثنين ! ، خارج مكتب التحقيقات الجنائي وتحت ظل شجرة هرمة تقابله ،
بِنية رجلٍ بدائي ضليع العضلات عاري الصدر جذبت أنظار المارة نحوه ، بدا شكله العام كأنه من
العصور الوسطى ، بينما المُعاصر بجانبه كان حليفه أصابه القلق خوفاً ألا تناسب البيئة الحالية ذوق
صاحبه فيتعرض للخدوش كتحايا أولية ، أوضح حنجرته وبنبره ثابته مُقنعه قال :" سيدي ، أرجوك عُد
للملجأ وجودك هنا يعرضك للخطر ! "
نظر الثاني لتابعه ولارتباكه البارز ثم ببرود نطق :" بارول ، بارول ! كف عن القلق بشأني ،
لا أحد يمكنه التعرف عليّ لست وأنا بهيئتي الحقيقية اليوم ! ، وعلى كلٍ تعلم لما أتيت إلـى
هنا بنفسي أليس كذلك ؟ "
أطلق بارول آهه مُستاءة لاستبداد سيده وعِناده مع مراعاته لهز رأسه للجانبين حسرة ! ،
حالما يصدر قرار لن يتراجع عنه حتى لو عنى ذلك مصرعه ! زفر الهواء من رئتيه في محاولة
لتبديد سحابة توتره علّه يُلامس السلام الداخلي به ، ثم سار ناحية المكتب ، فعلياُ هو الآن يقدم
على شنق نفسه بحبل المنشقة بناءً على وسوسة شيطانٍ مارد ! ، أول منْ صادفه لدى دخوله منطقة
الخطر ، شبح الموت ، تسمّر في مكانه وكأنما قُطِعت أوتار عضلاته و شُل عن الحركة ، و لحسن
الحظ أن مُرعبه لم يكن واعياً بحضوره لانشغاله بأمرٍ آخر كان سجين كفيّه ، مر بجانبه وكأنه سراب
ووقف هو يشاهد بتعجب قطار اندفع خلفه مكون من ثلاث مقطورات ارتطمت الواجهة بعمود قوي أو
بالأحرى صُفق الباب في وجهها بعنف ! ، وإثر الموقف صدر صوت أقرب لنهيق الحمار من المقطورة
الوسطى ، و الثالثة أصدرت ضجيجاً كزئير الأسود ثم انفصلت من تلقاء نفسها وشقت طريقاً آخر ، الأمر
الذي أثار دهشة بارول ، هل تنهق المقطورات على الواقع و تزأر وتنفصل من تلقاء نفسها دون مُتحكم بها
أم هو في عالم الغرائب والعجائب ؟
من شدة غيط الواجهة أعربت عن هيئتهم : " لم أمقت بحياتي كلها شخصاً بمقدارك يا زاك ! "
بلؤم رد الثاني :" و لم يصادفني أخرق منكِ ! "
" بماذا أجرمت الآن ؟ "
" أكان عليك مواصلة الركض خلفه حتى يصفق الباب في وجهك ! "
" حسناً ، لم أكن بكامل تركيزي ، و نسيت أنه من شيم ذلك المُتحجر الوقاحة ! "
" لذلك وصفتك بالخرقاء ! " سكت يحاول تذكر إحدى أقوالها الشهيرة سابقاً ثم أكمل
بتراشق :" أتنعتينه بالمُتحجر الآن ؟ بعد أن وبختني سابقاً على لقب كومة الجليد بتباهيك الأعمى له
كونه وسيم وطويل و .. ماذا كان الباقي ذكريني .."
ودت لو تنقض على زاك فتغرز أظافرها الحادة
في جلده و تخربشه خاصة وجهه الذي يتفاخر به ، ربما تنتقم من مرارة لسانه السليط ، إلا أنها سرعان
ما انتبهت لغريب بدا مستمتعاً بمسرحيتهم الكوميدية و فور انتباهه لعيني لويز المُستفسرة
بشأنه أطلق بصره بنظرات مبتذلة مُتفحصة من الألف للياء لجسدها الأنثوي مُثيراً نرفزة عصبيتها
لتشتم في سرها قبل أن تسأله بنبرة أقرب للصراخ : " منْ تكون ! ومن أين قدمت ! "
لدى استجوابها أدار زاك رأسه لرؤية المُستجوب وفي الحال عاد لنَهيق الحمار مرة
أخرى ! ،
و بتباطء وابتسامة صفراء عَدّل المجهول نظارته الطبية مُكشفاً الغطاء عن عينيه المتفحمتين سواداً
بدون إخفاء هالة القتل فيهما ثم سار باتجاهه برأس مرفوع لأعلى ، بوقفة شامخه تلتها نظرة تهز
الجبال صوبها نحوه و بازدراء قال :" مُهرجي السرك المجانين يطلق سراحهم في هذه المواعيد ؟! "
نظر لساعته ليتبين ثم أكمل : " على كلٍ ربما ضللت فلا بأس ولا ضير أن تطلب المُساعدة من
أسيادك " ثم ربت على كتفه مُشجعاً ، وهنا طفح الكيل والتهب وجه زاك بحُمرة كرزية فجهز قبضته
للكمة فولاذية ولكن تدخلت لويز على الخط فعرقلت الشبكة :" مهلاّ ، مهلاً ! " ، صكّ زاك على
أسنانه حانقاً :" اللعنة ! أيعقل أنكِ تريدين أن تتقاسمي معه الفضل آنسة لويز ؟ "
"و هل هي شطيرة لحم لنتقاسمها في المقام الأول ! "
انفجرت به فضربت جبهته بكفها الأيمن ثم تابعت :" أخبراني فقط أن
سبب بدء مصارعة الثيران هذه .. لا يمت بصلة بطريقة لباسكما ، أم حِدسي يُكذبني ؟ "
في تلك اللحظة تبادل المعنيين الأنظار وبدأت هي بالمقارنة ، بنطال رمادي مُدرج بتي شيرت أصفر باهت
وسترة جلد سوداء لماركة لويس فويتون والآخر سروال أبيض وقميص أزرق فاتح مُقلم بلوني
البنفسج و الوردي الفسفوري ، تحت تأثير ذهولها للمفارقة المتفاوتة بينهما بدأت تصفق لهما بحرارة
عارمة :" كأن أحدكما قدم من الشمال والثاني من الجنوب ، أيجتمع رجال الشوارع والمصحة النفسية
في آن معاً ، لغز عجيب ؟ " قبل أن يتسنى لهم الدفاع عن نفسيهما تدخل طرف رابع بخروجه من
عرينه باعثاً خواءً مُكِلّ داعب ظهر لويز وواجه الثائران :" هل افتتحتم سوقكم الشعبي رديء المستوى
وقررتم المبايعة هنا ، أمام مكتبي ! " ، بطَلة أميـاس تبعثرت الكلمات في فم لويز وأصبحت تبربر
بلغة أقرب للعجم وشحب واصفر وجه بارول لأن قناة الرعب التي يتوجس منها أعيد بثها فجأة
بينما نفش زاك ريشه وتأهب بوضعية دفاع كونغ فو ، وعادة المِزاج المُتقلب لصاحبنا تجاهل
الجميع عدا واحد :" من أنت ؟ " ، بصعوبة بالغة نطق باورل باسمه المزيف :" بُوفـي ! "
وعلى الفور تفعّل وضعيّ الهزاز للويز و الرنين لزاك حتى حدجهما أميـاس بتعبيرٍ مُفحم
ثم أكمل :"و ماذا تريـد ؟ "
" أنا هنا للعمل .. "
" إذن فلتعمل ! " قاطعه بزجر ثم :" آآآه ، لما بحق السماء قبِلت العمل بداخل حديقة للحيوانات ! "
وشق طريقه للمخرج ثم كاد زاك أن يلحق به جاهز لافتعال المشاكل فتشبث
لويز بخصره تردعه فأطلق جماح غضبه :" أتعشقين مُبجلك ذاك ! "
" إن يكن ، فقط دعه وشأنه ولنهتم بـ .. " التفتا ناحية بارول وفوجئا بغيابه عن
الساحة أيضاً ..

***

الساعة 3:00 مساءً– شارع فريمونت :

بأحد أزقة شارع فريمونت توقفت سيارة لامبرغيني مُعلنة بوصول دخيل بالمنطقة ، إذ كان تشارلز
الذي قرر أنه المكان المثالي للبحث عن إجابات لأسئلته ، وعلى وشك أن يمضي بخطته استوقفته
ذراع صديقه تعيقه حيث قال:" تشارلز أواثق أنك لا تريدني مرافق ؟ "
التفت المعني ناحيته و بضجر عقب :" هل أبدو لك طفلٍ رضيع في الثانية يحتاج لرعاية ؟ "
زم ديف شفتيه استياءً فبلطف ومراعاة عدّل تشارلز نبرته وقال :" لا تقلق ، فقط لدي شخص
ما علي زيارته.. بمفردي ، ولن أطيل البقاء معه "
ليعبس الثاني وبِحدة يعارض:" أتثق بعنوان منحته لك امرأه تعمل بفندق فينيشين ؟! "
ابتسم بتفهم :" لأنني لا أثق أريد التأكُد بنفسي .."
لم يقتنع ديف لقراره المتهور مع ذلك عزم على احترامه :" حسناً ، ولكن اتصل بي إن احتجت
لأي مساعده " ربت تشارلز على كتفه وهز رأسه موافقاً ثم ترجل من سيارته وخطى في طريقه ،
غاص أكثر في المجهول لآخر المسار ثم انعطف يمينا فيمينا فيساراً حتى وصل للوجهة ،
طرق الباب عُدة مرات بلا مجيب حتى هتف باسم كان المفتاح لتحرك الآخر من الداخل لفتحه ،
استقبله رجل مُلثم كسى جسده بعباءة سوداء فضفاضه ولم يملح تشارلز به سوى عينيه
السوداويين الغائرتين مع ذلك فتح فمه للحوار وانتقى كلماته المصيرية
بدقه :" ابحث عن إجابة لسؤالٍ يخصني و أُخبرت أنك الوحيد المُتبقي ! " بطبيعة الحال مال
الآخر برأسه للجانب مُستفهماً ثم قال :" الاسم الذي سمعته للتو قليلٌ جداً من يعرفه ، منْ أخبرك به
و ارسل لك عنواني ؟ "
بدون تماطل سلمه تشارلز الورقة التي بها خُط العنوان فلم يحتج الآخر
أن يُعيد تساؤله عن صاحب الورقة إلا أنه خرج من منطقته الآمنة للعراء و تقصى برؤية شاملة
لكل الاتجاهات المحيطة به قبل أن يقول :" لديك فقط مُهلة خمس دقائق للحديث بيننا ! "
تهللت أسارير تشارلز إذ توقع مُقاومة وفشل واحباط وليس نجاح ! ، دلف للداخل وعينيه تصور
الأرجاء حوله ، اضاءة خافته وأثاث بُندقي رث وغبار اكتسح وطغى على المكان وكأنه يقيم
بمخبأ وليس منزل ، قصد أريكة بدت له صالحة للاستعمال والجلوس عليها بينما سحب مستضيفه
كرسي خشبي من عند المائدة وقابله به :" إذن ، ماذا تريد و ما علاقتك بسينول؟"
سينول ؟ فكر تشارلز في سره أنه بدوره لا يعرف الاسم أيضاً ، ثم تذكر شيئاً غاب عن
ذاكرته فقال :" علاقتي مع صديقتها آنـا كريل وهي سبب زيارتي لك ! "
لسبب لم يفهمه تشارلز طال الصمت بينهما لفترةٍ من الزمن حتى قطعه الرجل
بعبارة :" من أين أبدأ ؟ "
" من البداية .. و أتمنى عدم تجاوز التفاصيل الدقيقة إن امكن " رمقه المُلثم بنظرة
فارغة :"همم ، لم تكن لتُغرم أو لتحتك بشخصٍ .. مثلك بلا سبب ، وذلك
المعروف عن شخصيتها .."
برزت العُقدة بين مُلتقى الحاجبين عند تشارلز بالتشابك من وقع كلماته المُبهمة
فاستفسر:"ماذا تعني بقولك و إلام تلمح ؟!"
" كما هو المعنى الحرفي لكلامي ! ، لم تكن سهلة المُعاشرة و سطحية ،
بريئة ، ساذجة ، كما أوحى لك مظهرها الخارجي ، و إن ظننتها كذلك فلابد
أنها أرادت أن تدرك جانبها هذا فحسب ! "
ثم سكت ليضيف :" ماذا تعرف أنت عنها ؟ "
فاجأه السؤال المُباغِت فانصرف ذهنياً يبحث عن إجابه ثم تأخر في سبيله
وكثر تخبطه بين دهاليز عقله حتى جاءته المُساعدة
" ليصعب عليك الإجابة عن سؤالي لهذه الدرجة ، دليل على أنها لم تكشفنفسها لك ،
فهل كنت أحد ضحاياها الأبرياء ؟ " اختتم سؤاله بقهقهة احتقرت سذاجة
وحب تشارلز العفوي لها، ولم يتحمل ضيفه الإهانة فركل كُرسيه بقوة وأطاح
به على الأرض ثم استقر بجسده فوقه يثبته كأنما
نصب خيمته وها هو يثبت أركانها وبالمقابل لم تبدر أي مقاومة من الطرف الآخربل تابع
باستخفاف:" ردة فعلك هذه تصف حالة شخص أطاحت به كريل حتى النخاع ! ، ألديك أدنى
فكرة حتى باسمها الحركي الشهير باسم .." لم يكد يكمل جملته المفيدة لتناثر حُطام نافذته
الزجاجي مرشوشاً عليهما من الأعلى نتيجة اختراق زائر مُستبعد وشقه لطريقه إليهم عنوة ،
فانتفض طريحيّ الأرضية و تدحرج كل منها بصوب ليحميا بقية أجزائهما من التضرر
مُتجاهلين قضية الـألم التي توغلت ببدنهما ، ولكن الأغرب استهداف ثالثهم لصاحب المنزل
بلا توانٍ بعصا حديديه أريد بها إصابة خلفية أعلى العنق منطقة الأعصاب لولا إعاقة تشارلز
له بردعه ورسمة للوحة حانقة ملونة بالامتعاض بتعبير" لم انتهي منه بعد ! " تنازع الأثنين
ولخفة وبراعة الخصم بأن ركز لكماته نحو المناطق الحيوية حيث الأوردة والشرايين انتقل
تشارلز مُرغماً من وضعية الهجوم للدفاع ثم حاول آخر انتهاز الفرصة بالهرب فباغت الخصم
تشارلز بطعنة سكين قتالية بنصل لم يجاوز طول 7 بوصة أَوْلجه لجوفه ثم بحركة بهلوانية ،
حُسم النزاع بينهما وبدأ العد التنازلي للغياب عن الوعي يداهم الخاسر .. كان آخر صورة
التقطتها حدقتيه أنه أمسك بآخر ورقة رابحة له وعلى وشك تمزيقها ! ..

***







التعديل الأخير تم بواسطة S O H A N I ; 11-30-2017 الساعة 08:38 PM
رد مع اقتباس