عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 01-17-2018, 09:50 PM
 

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www13.0zz0.com/2018/01/16/21/176526067.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]











الفصل 3

آسى تجلى على وجهه ‘ فمتزجت عيناه الزرقاوتين بالحزن ‘ تلكما العينين المحدقتين بإبنه طريح الفراش ‘ وقد ملأت الضمادات صدره ‘ فنتاب التأثر والده الجالس قربه على الكرسي ‘ اطال النظر به ليتذكر قول الطبيب :
- سيد الحاكم انا سعيد لنجاته ..السهم كاد ان يصيب قلبه ..احمد الله على هذه السلامة..
فأغمض عينيه بثقل بعدما تذكره هامسا بحزن :
- الحمدلله
فصمت بعدها بحزن يسكنه.
اطل القمر ينظر اليه بحاله هذا من تلك النافذة الكبيرة المفتوحة على مصرعيها ‘ حتى الرياح الهادئة شاركت القمر اطلالته فتبلاعبت بستار النافذة الذهبي.
تلائم لونه مع جدران الغرفة ناصعة الحمرة المزخرفة باللون الذهبي ‘ لتنسجم مع البساط الحمر الذي يكسو ارضية الغرفة.



مضى الوقت وطريح الفراش الذهبي لم يفق بعد ‘ فجأة تحركت عيناه ليفتحهما بهدوء‘ فظهرت زرقتهما الصافية ‘ انتابه بعض الألم ‘وقبل ان يستوعب شيئا او يتذكر ما حدث سمع صوت والده الهادي :
- إستيقظت اخيرا.. لقد طال غيابك .
تفاجى اليكس بصوت والده فالتفت بسرعة يساره ليراه جالسا قرب سريره ‘ فهمس بدهشة:
-ابي..
ثم اراد النهوض فستوقفته يدا ارياس اللتان وضعتا على اكتافه ‘ فصحبهما قول والده العطوف :
- ابقى كما انت ..يجب ان تلزم فراشك الى ان تشفى .
احترم اليكس قوله فعاد لإستلاقه متحسسا عطف والده وحنانه عليه.
سأله ارياس :
- كيف تشعر الان?
رد اليكس بهدوء :
- انا بخير تماما .
ابتسم ارياس مطمئنا فأردف ابتسامته بقوله :
- هذا جيد.. لقد اصابني القلق عليك فانت بقيت فاقد الوعي لساعات عدة .
نظر اليكس اليه ‘ وقد انتابه الذنب ‘ فنطق بشئ من الندم :
- انا اسف جعلتك قلقا ..سامحني على ذلك.
تحير ارياس لوهلة منه ثم ابتسم بعدها بطيبة قائلا :
- ماهذا الكلام ..ليس عليك الاعتذار من شى.
صمت للحظة فأتم :
- اثبت للجميع عدم ضعفك ..لقد برهنت لهم خلاف مايعتقدون.. لقد وفيت بوعدك لى ولم تخلفه فعرضت حياتك للخطر من اجل ذلك .



كلمات والده اشعرته بالتأثر لسبب ما ‘ فكتفى بالنظر اليه دون قول شئ.
ادخل ارياس يده في جيب عبأته الزرقاء الداكنة ليخرج منها قلادة دائرية ذهبية اللون نقش عليها نسر يفرد اجنحته عاليا‘ فمدها لإبنه قائلا :
- خذها.. انت تستحقها.
زهل اليكس كثيرا ‘ حتى انه نهض يجلس تاركا إستلقائه‘ فراح يحدق بالقلادة دون ان يأخذها.


في حديقة القصر المزدهرة عند نافورة المياه العملاقة ‘ كان يجلس على حوافها الفضية ذلك الشاب ذو الشعر الرمادي الداكن ‘ المشابه للون عينه ‘ بدى مكتئبا وهو يتذكر خسارته امام اليكس ‘ فأرقه القلق بتذكره السهم الذي اقتحم نزالهما فجأة‘ فراح الفكر يأخذه بعيدا لدرجة انه فقد الحساس بما حوله.
لم يلحظ الجمال المحيط به ‘ فتلك النافورة الضخمة بدت كشلال متدفق ‘ فتلالات ميائها كدر مضئ بفضل القمر الفضي المكتمل ‘ عم نوره البهي المكان كله ‘ حتى جسد ويليام احاطه القمر بضوئه ‘ فذاده بهاء على بهاء.
ظل بشرود يأخذه الى ان احس بوقوف شخص امامه‘ رفع عينيه ليبصر والده يرمقه بنظرات تحمل الغيظ فيها.
ادرك ويليام غضب والده ‘ اراد النطق لكنه عجز فأشاح بعينيه المكتئبتين جانبا ‘ لم تتم تانية حتى استقبل وجهه صفعة قاسية رمته ارضا .
فتكلم هلان بكل غضب :
- يالك من ولد عار.. لقد خسرت امام من هو اصغر منك .
توقف للحظة متمالكا غضبه ثم اتم :
ب بل كان اضعف منك ..كيف تخسر وهو بتلك الاصابة .

ألمه قول والده اكثر من تلك الصفعة ‘ نهض من وقوعه لكن ظل على الارض يجلس عليها‘ فأغمض عينيه ناطقا بأسى :
- انا اسف..اسف على ضعفي .
فقال هلان بغضب شديد :
- اكثر مايثبر غضبي تعلقك به ...فاليوم اثبت لى ذلك. .
اهتز شعور ويليام بهذا ‘ فظل يرمي نظره ارضا بتوتر اربكه .
ادام هلان نظره القاسي به لثواني عدة ‘ ثم استدار بجسده معطيا ظهره لمن خلفه‘ فقال حينها :
- سأسامحك هذه المرة .


لم يبدى ويليام اي فرح ‘ فنطق بهدوء يغمره الحزن :
- شكرا لمسامحتك لي.
إلتفت هلان بعين خالية من اي تعبير ‘ فنطق بنبرة باردة :
- عليك ان تنساه وتخرجه من عقلك .
صدم ويليام ‘ فرتجفت عيناه ‘ لم يستطع الرد ‘ وملامح والده الباردة اذادت من صدمته.
فنطق هلان مجددا :
مازلت انتظر.
فسلم ويليام نفسه لواقعه القاسي‘ وانزل براسه لتحجب خصل شعره ملامحه الجريحة المكسورة ثم رد :
- امرك ياابي.

في الغرفة حيث اليكس ووالده ‘ ظهر تعجب في ارياس فنطق بحيرة :
- قلت انك لا تريد اخذها .
رد اليكس :
- اجل.. لا يمكنني ..فهي قلادتك ورمز منصبك.
ضحك ارياس ضحكة جميلة‘ جعلت ابنه يتحير منه .
كف ارياس عن ضحكه فقال :
- هذه القلادة توارثتها عائلتنا مدى الاجيال ..كما انها تمثل شعارا للمملكتنا .
فقال اليكس بستغراب :
- لكن لما تعطيني اياها!!.
نظر ارياس اليه بنظرات هادئة فرد :
- ان الاوان لك بأخذها ...انت تستحقها الان .
اتم قوله ليمسك بيد اليكس اليسرى‘ فوضع القلادة عليها ببسمة زينت وجهه فبادله اليكس ببتسامة متأثرة ونطق :
- شكراا لك ابي.



بعدها ساد الصمت للحظات بينهما‘ الى ان هدم جداره ارياس بقوله الهادي :
- لقد كبرت حقا.
استغرب اليكس ‘ فرفع انظاره لوالد ليراه يتم قوله :
لا ازال اذكر كيف كنت تبكي على موت والدتك ..لقد كنت حينها في الثامنة من عمرك .
فتذكر اليكس امه التي تشبهه تماما ‘ وطغى التاثر على عينبه ‘ حتى ارياس ظهر فيه شيئا من التأثر ‘ فنهض من الكرسي قائلا :
-يجب ان تحظى بالراحة ...فتصبح على خير.
اجابه اليكس ببتسامة :
وانت بخير.
ثم مشى ارياس نحو الباب ‘ ففتحه ليخرج ‘ لكنه توقف لتذكره امرا جعله يلتفت حيث اليكس ‘ فقال :
- لقد نسيت. ..ويليام كان قلق عليك .
رداليكس بتعجب :
- قلق علي.!!
اجابه ارياس بهدوء :
- اجل.. فهو لم يغادر هذا الباب حتى اطمئن عليك .
ثم خرج بعدها سادا الباب خلفه.
فستلقى اليكس على فراشه ‘ محدقا بالسقف ‘ فهمس
" انه طيب لولا عمي "
فتذكر السهم الذي اصابه ‘ فنطق بتحير كببر
" من اراد قتلي حينها ? "
فتذاحمت افكاره المتحيرة.


في صباح اليوم التالي ‘ إجتمع فردين من الوزراء بالحاكم ارياس في مكتبه‘ فجرى بينهم نقاش بشأن ما حدث البارحة.
فقال احد الوزيرين ‘ وقد تجلت الحكمة والخبرة على وجهه ذو الاربعين :
- مهرجان المحاربين السنوي عادة جرت في ممالكتنا منذ القدم .. كل مبارز يشارك ليحظى بلقب المحارب الاقوى.. لكن ما حدث البارحة افسد نزاهة التقاليد لمملكتنا العظيمة .
ايده الوزير الاخر قوله ‘ فكان يقابله في الجلوس امام درج مكتب الحاكم ‘ فقال موجها كلامه لارياس :
- انه على حق ..فهناك من يكيد بالوريث يوم امس اصيب امام انظر الجميع ..وغدا لا ندري ماذا سيحدث!!

اصغى ارياس اليهما دون ان يجيب بشئ ‘فاتم الوزير قوله بقلق :
- اخشى ان يسوء الامر اكثر سيدي .
اجابه ارياس بهدوء :
- لاتقلقا... سنتوخى الحذر ..كما ان المجرم لن يفلت منا بسهولة .
اطمئنا قليلا بقولة ‘ فنطق ذو الاربعين بأسى :
امل ذلك .



اقتحم حديثهم صوت الباب الذي طرق‘ فأذن ارياس لمن يقف خلفه قائلا :
- تفضل.
ففتح الباب ليدخل منه جندي محنك‘ إتسمت ملامحه بالقوة ‘ فوقف امام الحاكم مبديا له الاحترام .
فخاطبه ارياس :
- الى ماذا توصلت ايها الجنرال ياسو.
رد ياسو :
- لقد عثرنا على المجرم مقتولا في في احدى ضواحي المملكة .
تفاجأة الوزيرين بالخبر ‘ فهمس احدهما بتعجب :
- قلت مقتول!!
اما ارياس لم يتفاجأة بهذا ‘ بل كان واثقا بحدوثه‘ فتكلم بجد هادئ :
- فقدنا الدليل اذا.
أجابه الجنرال بحسرة :
- للاسف سيدي ..هذا ما حدث .
ثم سأل بجد :
- سيدي ..الاتشك بشخص ما .
رد ارياس :
- الشكوك لاتكفي من غير أدلة تثبتها .
فأغمض عينيه بثقل ‘ متخيلا وجه هلان ‘ فحدث نفسه بهم :
الى متى ستظل حاقدا علي .


تلكما العينان الزرقاوتان ‘ حدقتا بصفحات الكتاب الذي بين يدي صاحبها ‘ اراد ان يبدد ملله الزائد ‘ بسبب بقائه في الفراش ‘ فسلى نفسه بمطالعة الكتب ‘ اخذه الهدوء اليه كما كان حال غرفته المرتبة الهادئة ‘ عدا الرياح الطيبة المتلاعبة مع ستارالنافذة.
فقطع هدوئه المتأمل بالكتاب صوت طرق خافت لبابه.



انتبه لصوته فرفع نظره نحوه قائلا :
- تفضل بالدخول .
فتح الباب ليدخل ويليام ‘ تفاجأة اليكس قليلا برؤيته امام بابه.
لم يزد ويليام خطاه اكثر ‘ فوقف عند الباب قائلا ببتسامة قطنها الحزن :
- كيف صرت اليوم .
فرح اليكس لقدومه ‘ رغم دهشته ‘ فرد بعد ان زينته الابتسامة الفرحة :
- انا بخير شكرا لهتمامك .
ثم قال :
- تفضل بالجلوس .
تردد ويليام بطلبه ‘ فاشاح بنظره عنه فرد :
اعتذر ..انا في عجلة من امري ...كنت مارا من هنا فودت معرفة حالك ..(.
- واراد الخروج بعد قوله ‘ فستوقفه جملة اليكس الهادئة :
- شكرا ..اشكر اهتمامك .
اسكنه قول اليكس في محله للحظة غير ملتفت له ثم حرك قدماه وخرج دون قول شيئ.



بقي اليكس يحدق بالباب الذي سده خلفه ‘ والتمع حزن في لون عينيه ‘ فسبحتا بعيدا لتتذكرا الماضي.
تذكر نفسه الصغيرة ذو السابعة‘ كان يمشى في ممرات القصر الواسعة ‘ بعجب احاط عقله الصغير وهو يسمع همسات الخادمات وهن يقولن :
- اجل لقد ماتت اماسيا ..توغل المرض بها .

وكذلك همسات اخري
- لقد تركت ابنها انه يبكي عليها بكثره.. كم اشفق على حاله .



صعب عليه ان يستوعب ‘ فواصل خطاه بااقدامه الصغيرة الى ان وصل حديقة القصر
فلمح ويليام بعيدا ‘ يجلس خلف احدى الاشجار.
مشى نحوه ‘ فقترب منه ليسمع نحيبه ‘ فواصل الى ان وصله متوقفا امامه.
صدمت عيناه عندما ابصر شكل ويليام الجالس ارضا ‘ ويضم ركبتيه اليه ‘ ليخفي بهما وجهه الباكي.
تاثر اليكس بحزن عليه ‘ فهمس باسمه مناديا له.
لم يبدي ويليام اي فعل ‘ فظل على حاله الباكي .
لم يستطع اليكس تركه ‘ فشرع بالجلوس جواره ‘ لعله يخفف عنه حزنه حتى وان لم يكلمه .
فمضت لحظات عدة ‘ فتوقف ويليام عن البكاء ‘ رفع راسه ليبصر بعينيه المختنقة بالدموع اليكس الجالس يمينه.
لم ينطق بحرف وكذلك اليكس ‘ الصمت كان اكثر جدوى من الكلام‘ فالجراح تذداد نزفا ان فتحت.وفجأة ظهر امامهما هلان ‘ كان بوجه غاضب وهو يتقدم ناحيتهما ‘ ارتعب ويليام منه ‘ فنهض يقف بسرعة .



توقف هلان امامه قائلا بقسوة :
- كم مرة على اخبارك ..افهم اني لا اريد رؤيتك معه مجددا .
ارتبك ويليام كثيرا ‘ فجره والده من يده بكل عنف يسوقه معه غير مهتم لمشاعره الجريحة المكسورة.
تزعزععت عينا اليكس بخوف من منظر عمه المبتعد جارا خلفه ويليام.
لم يدري ما الخطأ الذي ارتكبه ليعامله عمه بهذا النحو السيئ.
فنهض مغادرا ظل الشجرة الممتد ظلها بعيدا‘ سار وسار ‘ الى ابصر والدته تقف قرب الازهار بثوب ابيض بدى كقمر منير لانعكاسة الشمس عليه‘ اسرع نحوها ‘ فلتفتت اليه ‘ لتلمح حزنه .
نزلت تجلس امامه واصبحت كطوله ‘ فسألته بهتمام :
- مابك ..لم الحزن يتضح عليك هكذا?
رد اليكس بحرن :
- لماذا رحلت والدة ويليام ..لماذا تركته وحيدا .
اهتزت نفس والدته بكلماته ‘ فقمرها الحزن ‘ لم تشعر بنفسها والا باختناق عينيها الزرقاوتين بالدموع ‘ فردت بأسى شديد :
- اتعبها المرض ..انهكها بشدة...فرحلت.
قال اليكس بحزن وخوف :
- وانت ياامي ..هل سترحلين ايضا وتتركيني ابكي كما كان يبكي وليام? ?
ارتجفت عيناها بتأثر ‘ فما كان منها الا ان تحتضن ابنها بألم ‘ وقد جرى دمعها‘ فهمست له بحزن شديد :
- لا احد منا سيبقى ...جميعنا سنرحل لذا علينا العيش بسعادة ..علينا اسعاد من حولنا.
ابكته كلماتها‘ فمنظر ويليام الباكي لم يفارق مخيلته وهو في حضن والدته.
تذكر الماضي الان ‘ ليعمه الحزن بشدة ‘ فبقى يحدق بأسى بكتابه ذو الغلاف البنى بعد ان اغلقه.

حل المساء عابقا الاجواء بجمال الهدوء‘ فترأس القمر بجماله حفلة النجوم المتراقصة على السماء .
وفي عبق الهدوء المسائي ‘ امسى ارياس على ابنه ‘ حدثه كثيرا وهو يجلس قربه على الكرسى ‘ فنتبه للقلادة الذهبيه فوق المنضدة التى تقرب السرير ‘ ماان راءها حتى سرح بفكره ‘ متذكرا قوله :
- ان الاوان لك بأخذها ..انت تستحقها الان .
ارتجفت عيناه قليلا لما تذكره‘ فحاول تملك نفسه المضطربة بحيث لم يظهر ما فيه .
قضى وقته مع ابنه ‘ فنهض مغادرا بعدها.
دخل غرفته بصمت شديد
‘ يخفي خلفه خوف كبير ‘ قام بفتح احد ادراج على المنضده التي تقرب سريره ‘ فأخرج منها قلادة كرستالية حمراء اللون معلقة بسلسلة سوداء‘ وبات يحدق بها بحزن واسى شديدين.


انتهى....





[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة Crystãl ; 02-18-2018 الساعة 05:44 PM