الموضوع: ||جدتي||
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-21-2018, 12:58 AM
Yun
 
فصل تمهيدي

.
.
احتدمت الريح من حين لآخر مبعثرة أوراق أشجار القيقب المنتشرة بكثرة في المقبرة.
جمع غفير من عائلة السيدة كادوالدر وجيرانها تحلقوا حول مثواها الأخير بعد الانتهاء من مراسم دفنها.
فخمت السيدة هيلين صوتها وهي تتحدث عن السيدة المتوفاة لتبين أهميتها بينما تشير بيدها نحو تلة.
"لن تستطيع رؤية المنزل من هنا فهو في آخر بستان التفاح. إنه الأكبر في المنطقة!"
"كم بلغ سنها؟"
"تسع وسبعون سنة."

ثم ابتسمت برضى. كان سنها مقاربا لسن السيدة دوروثي كادوالدر وشكرا للرب؛ كانت لا تزال قوية وصامدة، غير أن السيدة كادوالدر قد توفيت فجأة.
تلك السيدة قد عاشت حياتها كلها من أجل بستان التفاح وفي اليوم الموالي وجدت ميتة في سريرها.
"موت عرضي" هذا ما صرح به الدكتور لاري "قلبها قد توقف".

الجميع يعلم بأن السيدة كادوالدر لم تشكو قط من مرض في القلب لذلك موتها المفاجئ قد خلف حزنا عميقا على الآخرين و أحفادها بالذات، الذين قد أصبحوا محل انتقاد من طرف سيدات يقفن في الخلف.
"أبناؤها الثلاث هنا حتى مايكل الذي عاش في هولندا و أولادهم كذلك."
"حضور أحفادها أمر بديهي."
"إن ريبيكا ترتدي فستانا أزرق اللون! لا فكرة لدي على الاطلاق!"
"السيدة كادوالدر قد أوصت أحفادها بألا يظهروا حزنهم عند موتها."
"كان بإمكانها ارتداء فستان أبيض مثل آن، أو رماديا مثل راشيل؛ إنها جدتها بعد كل شيء!"
"آه راشيل ترتدي اللون الرمادي دائما.. ثم انظري إلى توماس إنه يبدو وسيما في بذلته المطرزة."

في تلك اللحظة، التفت توماس لتلتقي عيناه بنظراتهن ماجعلهن يقعن في موقف محرج ثم انضمت اليهن سيدات أخريات.
"هنري كان أقرب أحفاد السيدة إليها.. انظري إليه، المسكين يبدو منفطر القلب.."
"إنه دائما منغلق على نفسه في كومة ملفاته. يبدو كأنه يعمل خلال الليل أيضاً" قالت احداهن حينما لاحظت قامته الطويلة، وجهه الشاحب وعينيه المتعبتين.
"كان على صوفيا المجيء! الخلافات يجب أن توضع جانباً أمام الموت!" قالت احداهن بحدة ليسود الصمت.
"صوفيا قد ماتت.. منذ سنة يا أمي."
"ولماذا لم تخبريني شيئاً؟!"
"لقد توفيت في حادث سير."
"حسنا لديها ابنة لم_"
"أمي! تعرفين أن صوفيا كانت مجبرة على الرحيل وعدم العودة أبدا!"
"هناك ريبيكا"
"إنها متزوجة"
"لماذا زوجها ليس هنا؟"
.
.
عائلة كادوالدر هي الأشهر في المنطقة. بالطبع البستان لم يكن مزدهرا إلا حينما استقر جون كادوالدر مع زوجته وخصص وقتا دائما ليعتني بالأرض التي تعلق بها.
حينما توفي، أخذت زوجته عنه مسؤولية إدارة أعمال البستان. لقد كانت السيدة كادوالدر دوروثي تتمتع بذكاء فريد من نوعه بل أكثر من زوجها حتى!
أولادهما كانوا مطالبين بالنجاح واختيار سبيل للسير عليه. نعم! كل عائلة كادوالدر قد كللوا بالنجاح.
باستثناء صوفيا.
.
.
"الميراث سيكون لأحفادها وليس لأبنائها."
"نحن نعلم هذا. لطالما تحدثت السيدة كادوالدر عن ذلك."
"لكل أحفادها. السيد دانيال قد كتب رسالة ل كلوي فيذرستون هذا الصباح."
"ابنة صوفيا!!"
"هذا إن قامت بتلبية الدعوة. أراهن على أن رأسها يابس مثل رأس والدتها!"
"أتساءل كيف تبدو ابنة صوفيا.."
.
.
لقد كان هذا هو السؤال ذاته الذي طرحه السيد دانيال كلاركسون كذلك.
كيف يدخل كلوي في حيز العائلة؟ كيف يتفادى الخلاف و الأحقاد القديمة؟
إذا قررت كلوي المجيء، لن يكون بحوزتها أي إجابة.
تذكر السيد الموثق الرسالة؛ لربما تكون مقنعة بعض الشيء، لكن كيف يجب عليه أن يقدم شخصا لأشخاص آخرين لا يعرفونه ولا يهتمون له أساساً؟
تلك العجوز قد وضعته في موقف لا يصدق. هذه الوصية التي تركتها تقتضي أن كل ممتلكاتها سيتم توريثها برغبة شغوفة منها.
أعاد في عقله كلامها عدة مرات: "خمسة عشر يوما يا سيد دانيال..إذا تعرفوا على بعضهم البعض سيتفهمون الوضع؛ ولن يتمكنوا من معرفة بعضهم إلا إذا عاشوا معا في منزلي."
بالطبع! إن هذا بديهي فكلامها يشمل أحفادها كلهم باستثناء كلوي فيذرستون، لأن الآخرين قد أمضوا كل أيام الإجازات والعطل منذ طفولتهم في منزلها. لكن شيئا واحدا كان يصب في مصلحة خطتها:
كل أحفادها كانوا مطيعين لجدتهم.
تنهد الموثق بارتياح وهو متأكد أن الأمر لن يختلف عند رغبتها الأخيرة.
سيرحب أحفاد السيدة كادوالدر بكلوي، سيرحبون بها بكل حرارة.
.
.
* * *





رد مع اقتباس