عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-21-2018, 05:37 PM
 
Post منقولة~ رصاصة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


هذه الرواية منقولة من شبكة روايتي الثقافية


قراتها العام الفائت، ففكرت بنقلها هنا لانها اعجبتني


وطبعا اخذت اذن الكاتبة، وسمها دنيازادة ووافقة بشطر ذكرها


وذِكر أن


جميع الحقوق محفوظة لشبكة روايتي الثقافية

*
*
*
*









الجزء الأول

بقلم دنيازادة

تأملت بعينيها المطعم الصغير الذي يتناولان به العشاء، أضواء الشموع الخافتة منحت المكان جواً ساحراً، انتهت نظراتها للرجل الأنيق الجالس أمامها، لمحت عينيه الحزينتين الكئيبتين بينما لاحت على شفتيه ابتسامة ساخرة.
- هل تخافين مني ؟
- أحياناً تثير ريبتي .
لاحظت يديه اللتين لا توحيان بالقسوة، فعادت لذكرى فجر يومٍ بعيد اجتاحتها فيه نوبة نحيب هستيرية فصرخت بانهيار "أريد أن أموت"، هزها بعنف وأخذ رأسها بين كفيه مغمغماً "يجب إن تعتادي على الأمر... التزمي بمبادئ اللعبة ولا تتورطي عاطفياً فيما تفعلين".
هي إنسانة طبيعية عادية، وضعتها ظروفها القهرية لتمارس عملاً غريباً، خضعت لتدريب مكثف على يديه.
بمدة وجيزة استطاع تعليمها بكل دقة وحرفية، فحولها من مجرد طعم إلى صياده ماهرة تضع الخطط والتدابير.
سرعة استيعابها وفطنتها فتحت لها الأبواب على مصراعيها، تنظيمات وحركات لجهات عدة متباينة تطلب جهودها.
- لن يصدق مخلوق أننا ننتمي للكائنات البشرية... والحقيقة ليس لدي رغبة في تصحيح رأيهم لأنني شخصياً لا أهتم لأمرهم ولا لمعتقداتهم.
تنبهت أن أحدهما لم يلمس طعامه بعد، سمعته ينادي النادل طالباً زجاجة نبيذ، تم إحضارها فوراً.
- أنت لا تشرب هذا السم .
- أود تجربة ذلك الليلة.
سكب كأساً لنفسه، بدا أنه لا يستسيغ ما يتذوقه لكنة لم يتوقف عن شربه.
- ألن تقدم لي كأساً ؟
- أنتِ لا تشربين .
-
سأفعل الليلة .
رمقها بنظره حائرة ممتنعاً عن تلبية رغبتها. التفت أصابعها الرقيقة حول الزجاجة تسكب منها السائل الأصفر في كأسها، شعرت أنها بحاجه لهذا الشراب الذي يزيل بعضاَ من عقلها السوي .
سعلت عندما لسعتها المرارة لكنها واصلت احتساء شرابها دون ان تكترث لنظراته النارية...سألته:
- ما أسمك الحقيقي ؟
- لم اعد أذكر...أسمائي المستعارة وجوازات سفري المتعددة الجنسيات أنستني.
- ما عمرك ؟
- أعيش عمراً فائضاً ... من الغريب ان تسأليني ذلك الان بعد كل هذه السنوات التي مرت على معرفتنا ببعض.
- ربما هذا السائل اللعين يجعلني أبوح بأشياء لطالما راودتني ولم أتجرأ يوماً على ان أقولها .
ملأ كأسه مره أخرى، شربه وهو يتفحص ملامحها عن كثب.
- تبدين متعبه ... هل تعانين من إي اضطرابات ؟
- تلقيت مؤخراً مهمة خاصة...لا أنكر أنها جعلت أعصابي متوترة بحيث منعتني من النوم...أعلم ان هذا خطأ لا يليق بي كمحترفة .
- انه الصراع بين ما يجب إن ينفذ كالتزام في مبدأ العمل وعدم القناعة بالتطبيق لأسباب وجدانية.
- لا أظنك مررت يوماً بتجربة مماثلة...حتى ولو أننا افترضنا انك خضت تجربه مشابهة فسوف تحسم أمرك بلا تردد لصالح العمل.
- إذن أنتِ تعتبرين أنني بلا عواطف.
- دعني أقول انك خبير وقادر على السيطرة فتتحكم بقوه بمشاعرك.
- مع ذلك لم أستطع حتى ألان أنجاز المهمة التي أنا بصدد القيام بها.
- انا واثقة ان هذا التردد لن يطول .
أخذت تأكل من طبقها الطعام .
- لذيـذ .
- جيد ... سعيد انك تستمتعين بوجبتك المفضلة.
- تقول ذلك بطريقة غريبة !... كأنني لن أتذوقه مرة أخرى في حياتي .
أجابها بالصمت الرهيب، فطنت في تلك اللحظة لكل ما يجري معهما، تجرعت من كأسها المر وقد بدأ مفعوله يسري في شرايينها .
- أذن كنت تتبعني ؟
- نعم .
- منذ متى وانت تراقبني ؟
- 43 ساعة بالضبط .
- دعوتك لي للعشاء ليست وليدة الصدفة مثلما تهيأ لي.
أحتسى شرابه دفعه واحدة قبل ان يجيبها بصراحة قاسية.
- لا ... لقد رتبتُ لكل شيء.
- لستُ فريسة سهلة.
- لكني كما تعرفين قنّاص ماهر.
- تعلمت على يديك سر المهنة... الطالب النجيب يفوق على أستاذه أحياناً.
ارتشفت من شرابها هامسة بتأني تشد على كلماتها.
- لا أرغب بالمـوت.
- لن تحرميني شرف قتلك.
أجهز على كأسه بعدما ملأه قائلاً ببرود .
- ليس أمامك خيار فرصاصتي لا تخطأ هدفها مطلقاً.
- هل كان المبلغ ضخماً ؟
- أؤكد لك انه ليس السبب

-نحن نقتل لأجل المال.
- و أسباب أخرى... لقد تم اتخاذ قرار تصفيتك وان لم أفعل أنا سيقوم بهذا أحد أخر...في الحقيقة لا أريد ان تتعذبي سأجنبك المعاناة...رصاصه واحده فقط وينتهي كل شيء...لن أدعك تشعرين بأي ألم فلا تخافي انها مجرد لحظة.
أفرغت باقي السائل في جوفها ودون ان تنطق بكلمة نهضت فجأة، ترنحت قليلاً من أثر الشراب المخدر، قاومت رغبتها بالعودة لمقعدها وقد مادت بها الأرض تحت قدميها، تمالكت نفسها وخطت تخرج من المطعم.
أرتاح لهروبها بعدما أعترف لها بالحقيقة كاملة، أتى على كأسه الأخير، دفع الفاتورة وغادر المكان.
في ظلام الشارع النائي صدم بها واقفة قرب سيارته وقد أشهرت مسدسها كاتم الصوت في وجهة قائلة:
- لا تظن أنني أدافع عن نفسي...مهمتي تنفيذ الأوامر.
كان قد سحب بخفة مسدسه من تحت سترته يواجها به، لم يرَ وميض خوف في عينيها رغم اهتزاز يدها التي حملت السلاح وصوبته إلى رأسه بدقة مثلما دربها يوماً، أنتابها غثيان مفاجئ أفقدها التركيز متيحة له الفرصة للنّيل منها، لم تسمع شيئاً فسلاحه أيضاً كاتم للصوت، سقطت على الأرض وقد لفها الدوار، توقف كل ما حولها لتغيب عن الوجود
.


نهاية الجزء الأول


__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر