عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 03-12-2018, 02:05 PM
 
الفصل الأول: جرم أديم الليل.











«الشيطان لا يمهلك، إنه يمضي بك سريعًا إلى الجُرم.
يسوق روحك -عند الهوان- إلى النهاية الخالصة»



كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل.

طرقت يوري الباب ثلاث طرقات، و انتظرت.

إجتاح الشارع هواء بارد مفعم بالرطوبة، سرت رعشة عابرة في جسدها، فرفعت كلتا يديها و نفخت فيهما.

لم تلبث أن فتح الباب، و قابلتها فتاة صهباء ذات عينان عسليتان، و شعر قصير يطال منكبيها، ترتدي الأسود من كل شيء.

تبادلتا نظرات فارغة، بادرتها يوري الحديث:

_دعيني أدخل، آي.

مدت آي يدها.

_ المقابل!

أخرجت من جيب حقيبة يدها مبلغًا من المال، تنفست الصعداء قبل أن تقدمه لها.

_هاكِ.

تناولته، قلبته بين تعده، و لما انتهت، لم تبرح مكانها، إنما رددت رأسها بين يوري و ما تمسك به.

_ماذا؟

هتفت يوري مقطبة الحاجبين، فردت آي بذات النبرة:

_لا تستغبيني.

تنحنت يوري، و شابكت الوشاح حول عنقها قبل أن تجيب :

_ أجل، نصف المبلغ، سيكفيك لهذا الشهر.

رفعت آي أحد حاجبيها، و ابتسمت نصف ابتسامة.

_سأمررها لك، المرة القادمة، لن تطأ قدمك العتبة حتى.

افسحت آي لها المجال حتى تدلف، و لما فعلت، أغلقت الباب خلفها و قالت فيما تخرج سجارة من علبة جيب بنطالها، و تضعها بين شفتيها المكتنزتين.

_ما ستقدمين عليه أمر جلل، عليك النظر في قرارك مرة أخرى.

جلست يوري القرفصاء، و راحت تفك رباط حذاءها.

_ فليكن، لست أرى غير غايتي.

أخذت نفسًا عميقًا، ثم نفثته دخانًا، انبسط سحابة.

_كما تشائين أيتها «الميكيافيلي».

ضحكت هازئة، ثم غادرت. فخلعت يوري حذاءها في عجالة، و قامت إلى آي تتبعها على الأثر إلى أن بلغتا الصالة، و هناك، جلستا متجاورتين على الأريكة.

لملمت يوري شعرها-الذي يعكس لون السماء إذا ما غربت الشمس- و شدت وثاقه عاليا، ثم إنشغلت بإخراج الحاجيات من الحقيبة، و وضعها على الطاولة الدائرية أمامهما كيفما إتفق.

سكين، شموع معطرة، كبريت و ورقة.

طمست آي السجارة بيديها، بصقت فيهما، تمتمت كلاما غير مفهوم، ثم أخذت تنفض الرماد عنهما.

شمرت عن ساعديها، فظهر سواريها الذهبيين حول المعصمين، ثم جعلت تضرم نارا بكل شمعة و تضعها واحدة جانب أخرى حتى تشكل دائرة.

وضعت الورقة بالوسط، ثم إلتفتت برأسها إلى يوري.

-هات يدك.

مدت يوري يدها، فأطبقت آي بالكف على قفاها، و راحت تغمغم كأنما تلقي كلاما على عواهنه.

أخذت آي السكين ثم مررته بخفة على إصبع يوري، جُرحت عميقًا دون ان تدرك، و سال دم أحمر قاتم.

إستنكر وجه يوري دون لسانها، إذ آلمها ذلك، بيد انها خالته مجرد زلل.

لكن، بعد ذلك فهمت، أنه كان متعمد، لما أخذت آي بيدها المكلوم، و جعلته فوق الورقة، تسقط قطرات و تستقر على الورقة، تدنسها.

جفلت حين هتفت آي فجأة بصوت حاد:

_ميفيستوفيليس.

ثم حدث بغتةً أن سكنت عن كل حركة.

رنت يوري إليها بعينان ذاهلتان.

نادت اسمها.

لم تجبها، ظلت مطرقة الرأس، زائغة العينين.

أصابها الذعر، و تملكها التوجس.

أدركت بعد فوات الأوان أنها وقعت في الخطيئة.

لم ينفك قلبها يدق، و لم يكن لها أن تسأل، أو تبدي إعتراضًا.

فزعت، انتفضت من على الأريكة وجلة.

مشطت المكان ببصرها، لا شيء.

إذا، مما هي خائفة بحق؟!.

عادت لتجلس، تنفست الصعداء، تفقدت آي حينًا، ثم تراجعت.

أمسكت بالورقة الملطخة بدمها قلبتها، طلاسم أكثر منها كتابة.

إجتاحها شعور بالوجل مما هي مقدمة عليه، و لما وقع بصرها على أنملها، رأت أن الجرح قد إندمل، و لم تدري متى أو كيف.

لم تكترث، ضنًا منها أن آي وراء ما حدث، و كان شيء من الشك يساورها.

بعد لحظات، سكنت عواطفها، فقررت أن تغادر.

و قصدت قبل ذلك جيوب بنطال آي، أين وُضع مالها، أخذته و حملت حقيبتها ثم إنصرفت.



عادت أدراجها إلى المنزل، مرورًا بمفترق الطرق، و إزاء الليلة الحالكة، صعب عليها التماس طريقها إليه، إستغرقها الوقت نصف ساعة لتدركه.

كان الباب الحديدي مفتوح سلفًا، فرتابت لذلك، أخرجت المفاتيح و دستها في الباب و قبل أن تديرها، فُتح.

رفعت نظرها إليه، تنهدت.

_أحسبك لصًا. ما بلكما أنتما الإثنان، تتقصدان الظهور بوجهي.

ضحك. ثم عاد ليسأل:

_نحن الإثنان؟.

دخلت، ثم ردت دون أن تنظر إليه:

_أجل، في البدء أوكيغاوا، و من ثم أنتَ.

انطبع الإمتعاض في صفحة وجهه، تنهد و قال ضاغطا على مخارج الألفاظ:

_ذلك السافل.

حدجته بنظرة إستياء.

_لماذا؟!

تقدمها، ثم قال دون يحيل عينيه عنها:

_لقد إقتبس من أحد كتاباتي و نسبها إلى نفسه، كما أنـ

أشهرت يدها في وجهه و هتفت ثلاثًا: مهلا!.

_هناك سوء فهم.

ضحكت ثم تابعت إستطردت تقول:

_أنا من سردت له بعضًا مما أطلعتني عليه، لقد حفظته عن ظهر قلب و نسيت أنك من كتبه.

صفر و صفق مشدوها، و بدى لها أنه لم يصدقها بعد.

_كيف لك أن تنسي أني الكاتب!

_ إسمع، الأمر أنني لكثرة ما قرأت المسودة... أيا يكن، لم يتعمد ذلك، سامحه.

هز رأسه في شيء من الإنكار:

_لا أدري. تعال إلى هنا.

احاط بذراعه عنقها بغتةً، ثم جعل يحرك شعرها بيده، و يدغدغها.

_أيتها المشاكسة، إنتظرتك طويلا! مالذي كنت تفعلينه في ليلة كهذه خارجًا؟!!.

أمسكت خصرها من شدة الضحك، بالكاد نطقت بـ: توقف!.

و لما أفلتها، تراجعت للخلف، تنفست الصعداء، ثم قالت باسمة فيما تعدل خصلات شعرها.

_أقسم لك يوشيرو ! كانت مجرد تجربة، من أجل كتابي القادم.

تبادل النظرات هنيهة، ثم سألته:

_هات ما عندك، إني موقنة بأن لديك ما تقوله.

تلاشت إبتسامته، و ساد الصمت حينًا، كانما إستأثرت جملتها بوعيه.







أهلا أعزائي

أتمنى تستمتعو بهذا الفصل لليوم
الفصل يتجاوز عدد كلماته 700.
أعتبره قصير لكن مناسب حتى هذه الأيام -الدراسية-
العطلة قريبة، فرح أكتب أكثر بإذن الله

أحس، بدأ الضباب ينقشع، و بدأت الصورة تتوضح.:nop:

آسفة لأني لسا ما أعطيتكم صورة واضحة عن الشخصيات أو عن التصنيف، لأن أنا نفسي محتارة.

لكن، مستقبلا بنعرفهم، أنا الآن قاعدة أكتشفهم معكم.

+ لم أكن أنا من إختارت عدد الشخصيات الرئيسية، الحقيقة أنكم كنتم أنتم من إختارها و هذا أساس لعبتي:" class="inlineimg" />

كيف ذلك؟ لا أدري.

تفاعلكم كان سار جدًا، أسعدني، شكرا لكم مجددًا

تنويه، اتصنيف ما يتضمن رعب أبدًا.




التعديل الأخير تم بواسطة صه. ; 03-12-2018 الساعة 10:48 PM
رد مع اقتباس