-
قلبه ممزق بين ماضيه وحاضره؛ لا يستطيع اختزال ما مر به ببساطة؛
كل ما قام به إلى هذه اللحظة هو المقاومة للبقاء على قيد العقل.
لم يفقد اتزانه ولو قليلا في العامين المنصرمين؛ هو قوي لينتقم،
لكنه لم يخمن أن ابتسامة طفل ستفقده السيطرة.
ذلك التهلل الذي لازم ملامح الصغير عُكس على وجهه وزاده اكفهرارا؛
الابتسامة المقيتة ذاتها لازمت وجه الملاك.
لم يتمالك نفسه، دفع الرهيف بكل قوته ليطفو كريشة حطها الريح من أعالي السماء؛ استقر
جسده النحيل على الأرض بقَساوَة، نشيج الشبل أدمى روحه.
"أبي" هي كلمة يسيرة نطق بها ثغره الباكي. أي ذنب اجترح ليرمى بهذه القسوة؟!
وثب نحوه بحسرة جلية، جذبه لحضنه وهو يردد "تبت يدي! لا ذنب لك".
"لماذا لم أمت حينها؟ لو فعلت لم أكن لأساير هذا القهر والضياع".
ثلاثون عاما عاشها بين رغد ومشقة لكن لم تكن شديدة عليه كما الأعوام الثلاثة الأخيرة؛
ضرب خلالها بفأس خسيس لم يقتله بقدر ما أذله وأخنعه.