عرض مشاركة واحدة
  #158  
قديم 03-24-2018, 12:47 PM
 


فكرة مميزة و أسلوب مُتقن
أعمليها رواية و أوعدك بكون أول متابعة



هالمقتطف من رواية كنت كتير خابة اكتبها من فترة طويلة
بس تركت كتابتها لنقص الافكار
او ربما مش نوعية سردي الي لتقنه 😅
مش شاطرة بالاستراتيجيات والتخطيط :


انصياع الضوء الى كريستالة ذات زاوية متقنة برونقتها الشفافة ادى الى تكسره، ادى الى تمزق بياضه ليتفرق ويتخذ كل فرقة منهم لونا مبتعدا عن اصله وعن اقرانه منعزلا عنهم منفردا بشكله الجديد متناسٍ انه ذات يوم كان ممتزجا مع غيره في رحم النور متنعماً في نقاوته وصفائه مرتميا في ربوع سلامه، ابتعدوا في كل مرة اكثر واكثر، حين طمع كل لون اثبات نفسه امام البقية وفرضَ كل امكانياته ليتغلب عليهم، حلت في قلوبهم الظلمة وغرقوا في دياجيرها ليحل السواد في الارجاء...

الحياة البشرية...
سلسلة نزعات متباينة...
تفرقهم العرق، الطائفة، الجنسية، القوى وغيرها من الإختلافات...
التفرقة اصبحت اصل الانتماء... كل متشابه ينتمي الى دائرة تحتويه...
كل منها تتميز بما ينقص غيرها، وكل منها ناقص بدون غيرها...
اندماجها يعني مجتمع متكامل، متكاتف امام الصعوبات،
لكن كل منا اخذ لنفسه زاوية نابذا البقية محاولا فرض هيمنته
حتى تكسرت سلسلة مجتمعاتنا لنصبح حلقات مغلقة...

الكلام عن الوحدة والتناغم اصبح حلما يتداوله طلاب مدارس مناطقنا غير الامنة، في كل مرة تتنافس المدارس على اي انشطة يذهب لاحداها ضحية على الاقل، كل مدرسة تريد الصدارة ولكن يحصلون ذلك على طريقتهم الخاصة، هناك قوانين تحكم بالعدل، التقيد بها يحفظ حياة البشر، قويا كان ام ضعيفا، يساوي بين الجميع، المنافسة على لقب الافضل غرز العداوى بين اولاء الطلاب ليجعل كل مدرسة حلقة مغلقة يصعب تركيبها مع بقية الحلقات...

اقترحت فكرة لجنة اتحاد المدارس ليختلط الطلاب المختلفة ويحّتكو لازالة الحزازيات بينهم، عسى إن تعرفوا على بعضهم عن كثب حنّت قلوبهم ولو قليلا، عسى ان يدركوا ان من يسببون بموته في كل مرة بشر مثلهم، لهم ذكريات تجمعهم مع عائلة واصحاب ومعارف ولهم مستقبل يطمحون بترصيعه بأجمل الاماني، كل ذلك قد يدركونه لو اختلطوا، فتح كل واحد قلبه للآخر، شاركه الآمه وأمآله، كل ذلك لن يحصل الا بكسر تلك الحواجز لتفتح حلقاتهم على بعضها مشكلين سلسلة إجتماعية متينة متماسكة يصعب للطفيليات الخارجية كسرها، وبذلك الحياة تصبح اكثر امانا واكثر استقرار... ارجو ان يسير كل شيء كما اتمنى لزرع الامان في قلب كل طالب منا...


رسم ابتسامة على محياه لينحي راسه نسبيا باحترام ثم ينزل عن المنصة ويجلس على احدى مقاعد الشخصيات المهمة، خلف اقنعة صفيق الحضور الحار تخللت قلوب باردة لم تأخذ كلامه على محمل الجد بسبب الضياع الذي لازمهم لفترة طويلة، جلس في كرسييه وهو ينظر الى مدير مدرسته الذي اعتلى المنبر واخذ يثني عليه وعلى الفكرة التي برز بها:

كان معكم رأفت *** افضل طالب في مدرستنا، صاحب افضل العلامات في جميع المجالات، قدم من..." نظر الى الطالب متفكراً : من اين جئت؟..." هز الطالب يده لا مباليا ليقول" ليس مهما، المهم انني بينكم الان" اصطنع المدير ابتسامة يخفي خلفها احراجه ثم اردف خطابه للحضور: " جاء من المهجر منذ شهر تقريبا، يبدو ان دخوله في مجتمعنا سيغير الكثير، مدرستنا تتشرف باستقبال تلميذاً مجداً ونابغة مثله...

الحضور لم يبدو سعيدا بكلام المدير، فهو الذي يمدح الطالب لانه اتى بفكرة اتحاد المدارس نراه يمتدح مدرسته بهذا الطالب الذي سيعطيها قدرة تنافسية عالية امام بقية المدارس، على كل حال حسب نظرات الحضور للطالب الجديد يبدو انهم لم يحبوه، يبدو بالنسبة اليهم دخيلا، فكل موجود في هذه المدارس يحمل انتماء اعمى لاصله منذ نعومة اظافره وولائه لها قاطعة، وكما يبدو ان دخول هذا الطالب الجديد سيأتي بإرتجاج على كل ما اعتادوه منذ القدم، بالاخص تلك المدارس التي عملت بجد لتصل الى الصدارة، يبدو انها ليست راضية ابدا... بعد انتهاء الخطابات من جميع الجهات بدا الاحتفال، موسيقى كلاسيكية رقيقة انسابت في تلك الصالة محاولة تهدئة أعصاب الموجودين وإزالة الاجواء المشحونة بالتوتر لكنها باءت بالفشل، فكل مدرسة لم تجرؤ على القيام بالخطوة الاولى، لا زالت كل طاولة تحمل اسما مجازيا لكل انتماء، اقترب منه اخويه ويبدو انهما اول من قام بالخطوة الاولى اذ كان قد سجل كل واحد منهما في مدرسة مختلفة ليشجع الاخرين على الانخلاط، تقدما اليه والقيا التحيه ليبعثر شعرهما المسرّح بمرح ويدور الحديث بينهم بطلاقة، تسجيل كل واحد في مدرسة كانت خطوته الاولى، اما الثانية فيجب ان تكون قريبة، تعرف اخوته على اصدقاء من مدرستين مختلفتين ثم التقائهم في حفلات اتحاد المدارس سيكون سببا مشجعا لإختلاط تلاميذ هذه المدرستين بداية باصدقاء اخويه، وهذه ستكون فقط البداية...

تقدمت اليهم شابة والقت التحية على رأفت لتقدم نفسها: مرحبا، انا رزان مسؤولة صفك، اهلا بك بيننا يشرفنا ان يكون معنا تلميذ مجد وطموح مثلك...
أظهر رأفت ابتسامة حانية ليقول: الشرف لي، فانا ككل واحد منكم اتمنى ان تنعم مناطقنا بالسلام والامان" نظرت الى الفتيين بالقرب منه لتسأل:
- يشبهونك، هل هم اخواك؟
- نعم، هذا اخي الاوسط اسمه امل
احنى امل راسه بابتسامة لطيفة ليقول: اهلا تشرفت بمعرفتك رزان" بادلته الابتسامة ليشير إلى الآخر ويقول: "وهذا سلام اخي الأصغر" مد سلام يده اليها ليقول بحماس: سلام من مدرسة الرابية الخضراء الصف الخامس، تشرفت بمعرفتك" اختفت ابتسامتها عند سماعها لكلامها محاولة ابعاد يدها اذ انه منةمدرسة اخرى، شيء غير اعتيادي ان يمد احدا من مدرسة مغايرة للسلام، اعادت التفكير بالامر، ان فكرة اتحاد المدارس تنص على الاختلاط حتى لو لم يكن الامر اعتياديا فيجب ان يكون كذلك، ومسؤوليتها كونها مسؤولة الصف ان تبادر اولا تشجيعا للفكرة، اعادت ابتسامتها لتمد يدها ليده ويتصافحا، رعشة غريبة انتابتها لفعل ما لم تعتد عليه، وضعت قدما في المجهول، الى اين سيؤدي بها فعلتها، تجاهلت تلك الهواجس لتكمل ما عليها وتقول الشرف لي سيد سلام، نظرت الى امل وقات له:" وانت ايضا في الرابية الخضراء؟ ام انك معنا في الشمس الذهبية؟" هز الآخر رأس نفيا ليقول: " لا هذه ولا تلك... انا في مدرسة السماء السماء" بدت صدمة طفيفة على وجهها ثم انحلت كأنها فهمت ما خطت له لتبتسم وتقول:"جيد، أتمنى ان يجري كل شيء على خير ما يرام" محافظة على ابتسامتها استأذنت لتنسحب لقيامها بواجبات اخرى لديها، عانقررأفت كلا اخويه ليبشرهما بمستقبل باهر لأمتهم متفائل ببدايته الجيدة...
.

مقتطف من روايتي "حلقات مغلقة"
__________________













رد مع اقتباس