عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 03-24-2018, 04:59 PM
 


الفصل الخامس

دخلت الام غرفة اريج وهي تحاول عدم الدوس على الملابس المنتشرة في الارض حتى وصلت الى قربها، حيتها اريج بينما عيناها ما تزالان على شاشة حاسوبها، القت الأم نظرة على الغرفة حتى وقع نظرها على صندوق من الكرتون على الارض في داخله ملابس مبعثرة، تأففت الام منزعجة:

" اريج!... الم توضبي ملابس الصيف في الخزانة بعد!..."

- اسفة امي، تعلمين اني على مشارف امتحانات مهمة جدا ولا استطيع ان اضيع وقتي بتوضيف ملابس الصيف

نظرت الام اليها بسخرية ثم الى الحاسوب لتقول:

- انا لا اراك منشغلة بالدراسة، هيا قومي ووضبيهم

- امي ليس الان... ان هذا يوم عطلة، من الايام النادرة التي تسمحين لي فيها استعمال حاسوبي، راسي بحاجة الى هذه الاستراحة

اقتربت الام لتغلق الحاسوب قائلة:
- فاذا هيا انهي التوضيب سريعا لتعودي للحاسوب

نظرت اريج الى امها مصدومة لتقول:

- لقد كنت على وشك ارسال رسالة مضيت وقت طويل في كتابتها

رمشت الام بفزع بعد ان انتبهت الى ما فعلته لتقول:

- اسفة... لم يخطر ذلك على بالي، على كل حال الان ذهبت الرسالة فبادري العمل لاني لن اسمح لك بفتح حاسوبك قبل ان ارى غرفتك مرتبة بالكامل

فغرت اريج فاهها مصدومة:

- غرفتي بالكامل!... لقد قلتي فقط ملابس الصيف

- الغرفة كلها

- لكن امي...

- هيا

زفرت اريج بكسل لتنهض وتبدأ التوضيب، رمت ما بقي من ملابسها الشتوية في الخزانة على الارض وحشرت الملابس الصيفية التي في الصندوق في الخزانة، اعادت ما رمته على الارض الى الصندوق ووضعته في زاوية الغرفة، نظرت الى الملابس في الغرفة حولها، ماذا تصنع بكل تلك الكومة!...

احضرت اكياس كبيرة وبدأت تلملم عن الارض وتضعها داخلها، عادت الى الاريكة محاولة تفريق الملابس المستعملة عن الغير مستعملة، لكنها لاحظت ان ذلك ياخذ الكثير من الوقت فوضعتهم كلهم داخل الكيس وهي متيقنة ان امها سيجن جنونها حين ترى كمية الملابس التي سيتوجب عليها غسلها

وجدت اخيرا كتاب الجغرافيا بعد ان فرغت الاريكة من الملابس، حملته لتنظر اليه مستغربة: "امازت هنا؟... ويقولون ان الكلاب وفية، ماذا سيقولون لو سمعو عن مكث كتابي لسنة كاملة تحت كومة ملابس ولم يشتكي يوما!..."

اعادت رميه على الاريكة لكنها تذكرت ان الامتحانات بعد شهر، وستضطر ان تدرس به قريبا، ان ضاع بين الملابس مجددا ستضطر ان ترتب غرفتها مجددا، حملته ووضعته مع بقية الكتب

ملئت قرابة الخمس اكياس، وضعتهم قرب الغسالة وعادت مسرعة الى حسوبها الحبيب، فتحته وخلسة فتحت صفحة جواد لترى مستجداته، لكن لا شيء، بحثت في صفحات اصدقاؤه لترى له بعض الصور معهم في شقتهم وقد كتب صديقه شرحا للصورة "تفضل جواد... لقد انزلتها على الفيسبوك، اريني ما ستفعل"

استغربت الشرح

حين تمعنت بالصورة علمت المقصد، كان جواد جالسا على سرير ضيق يخمل كتابا بجانبع صديقين له حفظتهم من كثرة ما رأتهم معه في الصور، يرتدي احدهما قميصا مع بنطلون كتان بينما الاخر يرتدي سترة قطنية صيفية مع بنطلون جينز، اما جواد فقد كان يرتدي ملابس النوم مادا كفه امام الكاميرة محاولا اخفاء وجهه، لكن صديقه الذي كان يعانقه ابعد يده ليبدو محياه المبتسم بانزعاج جليا، والاخر بجانبهم ينظر للكاميرا مبتسما بشماتة بينما ياخذ سيلفي

غطت فمها غير مصدقة وكتمت ضحكتها مما رأت كي لا تسمعها امها، تابعت الردود على الصورة لترى جواد قد وجه اليه تهديدا:

- انتظر لالتقي بك، سأقتلك

ابتسمت اريج تلقائيا لكن اخذت خديها تحمر حين قرات رد صديقه:

- ولما انت منزعج من الظهور للعلن بالبيجامة؟ هل هناك معجبة تخشى ان تغيير رايها بك بعد رؤيتك غير مرتب

- لن ارد عليك هنا، لنا حديث اخر حينما نلتقي...

- اي كنتي انت التي معجبة به، اخبرك من الان ان جواد يشخر اثناء نومه، وهو يتكلم كثيرا واحيانا يضرب من بجانبه، فانصحك بنسيانه وانفذي بريشك

- جواد: كف عن الكذب بشأني، انتظر لالتقت لك غدا صورة وانت نائم تجعل نتالي تتخلى عنك

هكذا سكت جواد وقطع الجدال بينما وصله الكثير من التعليقات، البعض تعرفهم والبعض الاخر لا، اخذت تقراهم وتضحك على السخريات التي وصلته منهم حتى انتهت، قررت ان تعلق هي ايضا، فكرت بشيء تكتبه بينما تنظر الى صورته، شعره الاسود مبعثر عكس ما اعتادت رؤيته عليه وملابسه النوم هذه تجعل منه شخصا اخر، لكن عيناه السوداء تلك، ما زالت نظرتها نفسعا التي الفتها، تحمل معان السخرية الدائمة وابتسامته المنزعجة رغم قلة ما كانت تراها لانها كانت هي في اغلب الاحيان التي تنزعج بينما كان هو المزعج، ومع ذلك ما زالت ذكراها حية كانعا تراها امامها، ابتسمت بعد ان استوحت تعليقا:

- مظهرك جواد حسن حتى لو بالبيجامة، فلا تبالي *فيس فارط ضحك* كما اني اتوق لرؤية المزيد من الفضائح، حين تصور صديقك اعمل لي تاغ

ختمت الكتابة برسم الدبتسامة عريضة على وجهها ثم قلبت الى صورة اخرى ثم اخرى، صور للاصدقاء بشكل عام، لا شيء مهم حتى وصلها ردا على تعليقها، فتحته لتجده:

- الفتاة تغزلت بك جواد، ارأيت لا داعي للغضب، ما من داعي لتصورني وانا نائم...

عادت خديها لتحمر مجددا وهي تتذكر ما كتبت، هل حقا تغزلت به؟ هي فقط حاولت مواساته ليس الا، ما هي ثوان حتى وصلها رسالة من لؤي ابن عمها، فتحتها لتجده قد صور شاشة هاتفه على تعليقها ورد صديق جواد، فجاة شعرت ان سعادتها وحماسها كله انخفض للحضيض، ووجها الذي كان في ذروة الاحمرار انقلب فجأة اصفرارا وتخدرت اطرافها من الرعب

هذا ابن عمها الذي هددها مرات عدة لتبتعد عن جواد، الان وقد رأى ما رأى لن يتركها وشانها، قطع افكارها رسالة وصلت منه:

- استعدي للتخلي عن حريتك من الان وصاعدا بمجرد ان يرى عمي هذا الحوار، الا تخجلين من التغزل بشاب وانت ستخطبين لاخي هذا الصيف؟...

صدمت من كلامه، اغمضت عينيها بعد ان شعرت بتعب مفاجئ، اسندت جبهتها على كفيها شاردة، ان وصل هذا الحوار لوالدها فهي حقا لن تسلم، لن يسمح لها ان تفتح حاسوبها بعد الان، ولن يسمح لها بالخروج، وقد يجبرها على الخطبة من ابن عمها الان قبل الانتهاء من امتحاناتها...

نظرت للشاشة، عليها ان تقنعه ان ما رآه ليس كما هو يظن:

- لا تكن سخيفا، انا لم اكن اتغزل به بل كنت فقط اواسيه

- حقا، لنترك اباك يحكم على ما قلتله

- انت لن تري ابي هذا الحوار

- حقا؟ سنرى...

- لا يمكنك ان تفهم خطأ وتتهمني

- ان كنت فهمت خطأ فلما تمانعين ان اريها لعمي؟

- قد يفهمها ابي خطا مثلك

- وكما سيفهمها كل العالم وكذلك سيفهمها جواد

- لا بأس، سأصلح الامر، سأحذف التعليق

- يستحسن ان تفعلي وبسرعة

نظرت للشاشة متجهمة، ستضطر ان تمحيه قبل ان يراه جواد، على كل حال لن ينفعها رؤية جواد للتعليق بشيء، هو يحب خطيبته كما يظنها ما تزال تحب ايمن...

---

ضرب سامي جواد على كتفه قائلا:

- ارأيت، عليك ان تشكرني، لقد جعلت حبيبتك تتغزل بك

دفعه جواد ليبعده بانزعاج بينما تهربت منه ابتسامة خجل:
"اصمت ايها الاحمق، انها ليست حبيبتي.."

عاد اليه سامي ليقول:
"حقا، ولما اركما تقضيان الليل كلاما وضحكا، هذا لم تفعله حتى مع حسناء..."

- انها غبية وتحتاج النصح الدائم، كما انني احتاج لوقت كي اقنعها بالتزام النصيحة، لذلك اقضي الليل بالحديث معها...

- طبعا طبعا... وابتسامتك هذه التي لا يمكنك التخلص منها مذ قرأت تعليقها، بما تفسرها؟

حاول اخفاء ابتسامته ليقول:

- اي ابتسامة! لست ابتسم...

- اضحك على غيري، تصرفاتك تفضحك

قالها ليخرج من الغرفة متجها للمطبخ باحثا عن شيء ليأكله بينما حمل جواد هاتفه مبتسما وعاد لينظر الى تعليقها لكنه لم يجده، قطب مستغربا، وعاد ليبحث عن تعليقها بين التعليقات ولكنه لم يجده، تفكر قليلا ثم انطلق الى صديقه في المطبخ:

- اعرني هاتفك قليلا

نظر اليه باستخفاف ليقول له:

- هل تحسبني احمقا؟ لن اسلمك ماء وجهي بيدي

- لا تكن غبيا، اريد ان اتأكد من شيء

- الذي هو انتقامك مني؟

- كفى، اني لا أجد تعليقها من هاتفي، اريد ان اعلم اين موقعه بالضبط بين التعليقات

هز صديقه كتفيه بعدم اكتراث وقال:

- ولما تريد ان تعلم، فانت لا تحبها على كل حال

- سامي ليس هذا وقت ازعاجك هيا اعطني هاتفك

- اعترف اولا انك تحبها

- لا احبها

- بلا

- غير صحيح اعطني هاتفك الان

مد يده محاولا اخذه من صديقه لكن الاخر ابعده عنه ليقل بشماتة:

- لن اعطيك اياه

نظر الى الشاشة مبتسما يستفزه لكنه فجأة انقلب مقطبا باستغراب وقال:

- اتعلم شيئا؟... يبدو انها غيرت رأيها بك، لقد سحبت كلامها...

اقترب لينظر الى شاشة صديقه ليرى ان ردها قد اختفى فعلا، استغرب تصرفها، هل خجلت بعد ان كتب سامي ذلك الرد، طبعا والا ما الذي سيدفعها لفعل ذلك؟

عاد جواد محبط لغرفته بينما صديقه ينكت ويضحك عليه، جلس على السرير ليجد رسالة من اريج:

" صديقك لؤي الغبي، كيف استطعت ان تمتلك صديقا مزعجا مثله؟... انه حقا لا يحتمل..."

نظر للرسالة مستغربا، ابتسم بشقاوة ثم كتب لها:

- كلكم في العائلة لا تحتملون

- تبا لك، انا اتي لاشكو لك فتقول لي ذلك

- ههههه وما الذي فعله ابن عمك هذا؟

- اوف
كل اصدقائك على هذه الشاكلة
لقد كتب صديقك ردا محرجا رأه ابن عمي و...
انسى الامر
المهم انه كاد ان يقضى علي

رمش جواد عدة مرات محاولا فهم ما كتبت لكن دون جدوى، كتب لها:

- كلامك طلاسم

- قلت لك انسى الان حل الامر ولو مؤقتا
بما انك نابغة هلاساعدتني في امري ووجدت لي حلا؟

ابتسم جواد بفخر وكتب:

- ما هو؟

- انت تعلم عن ابن عمي

- لؤي؟

- لا، اخوه صالح

فجاة اختفت ابتسامة جواد حينما تذكر انها محجوزة لابن عمها، اكملت اريج:

- جد لي طريقة لاقنع ابي بتغيير رأيه

التزم جواد الجدية متفكرا ثم كتب لها:

- هل كلمته واخبرته انك لا تريدينه؟

- بالطبع ومرات عدة
لكنه لا يستمع الي

- لما يريد تزوجك منه؟

- انها قصة قديمة جدا

- كلي اذان صاغية

- تزوجت عمتي منذ زمن من شاب احمق
اظهر لها انه شخص جيد قبل الزواج
وبعد ان تزوجها ترك البلاد ولم نعرف عنه شيء
فبقيت عمتي لا معلقة ولا مطلقة
عانو كثيرا ابي واعمامي حتى استطاعو ان يحصلو لها الطلاق
ومع ذلك ظلت حالة عمتي بائسة لسنين كثيرة
وهكذا خاف ابي ان يحصل لي نفس ما حصل لها
فأجبري على الزواج من ابن عمي
لانه الوحيد الذي يمكنه ان يؤمنني عنده دون الخوف من الخيانة
لكنني تربيت مع ان عمي وكنا كما الاخوة
لا استطيع تقبل فكرة انه سيصبح زوجي
ذلك مستحيل

تنهد جواد متفكرا، اراد ان يسمع القصة ليفهم نية والدها عسى ان يجد ثغرة، لكن بعد ما سمعه تيقن ان لا امل له بالزواج منها حتى لو انفصلت عن ابن عمها، فهو حاليا مسافر ولن يعود للوطن قبل اعوام، وفكرة سفره قد يرهب والدها بسبب ما حدث لعمتها، لكن اريج لا تريد صالح على كل حال، ولن تكون سعيدة بالزواج منه، فعليه مساعدتها، سألها:

- اليس من بنات في العائلة غيرك قد تزوجت من خارج العائلة؟

- انا الفتاة الوحيدة في العائلة، ما تبقى كلهم ذكور

- لك حظ يفلق الصخر

- الاحظت ذلك؟ اذا ماذا افعل؟

- حسنا... اليس هناك شخصا يثق به لتكلبي منه ان يكلم والدك بتغيير رأيه؟

- للاسف، الاشخاص الذبن يثق بهم يوافقونه بالرأي ويشجعونه عليه

قطب جواد متفكرا في الامر، اخذ وقتا طويلا في التفكير لكن يبدو انه لا امل لها، على كل حال صالح افضل من ايمن حسبما تعرف على كليهما، وقد تكون سعيدة معه لو تقبلت الفكرة، تنهد بانزعاج حين وصل الى تلك النتيجة ليكتب لها:

- للاسف، الافضل لك ان تتأقلمي مع الفكرة

نظرت اريج لما كتبه وجحظت عيناها، عقدت حاجباها بغضب ثم كتبت:

- أاطلب منك نصيحة لاقنع ابي ان يتخلى عن فكرته فتطلب مني ان اتزوج من صالح

- والدك لن يتخلى عن الفكرة، بالاخص ان كل من يثق به يحثه على الاستمرار، تقبلي فكرة زواجك افضل من ان تتزوجي وانت مرغمة

- لن اتزوجه لا مرغمة ولا برضاي، افضل ان ابقى بلا زواج

- صالح رجل طيب، انه افضل من ايمن، لن يهينك لو تزوجتيه، وستعتادين الفكرة رويدا رويدا

- تبا، لم اعد ارغب بالحديث معك، لم تفدني بشيء

- فليكن، اذا اذهبي افعلي ما شئت
مازالتي كعادتك ااسخيفة، تطلبين النصح ثم تتجاهلينه

اغلقت اريج حاسوبها وارتمت على سريرها غاضبة تفكر فيما قال لها جواد، ما كان لينصحها بالزواج من غيره لو كان حقا يحبها، فلم تعذب نفسها معه ان كان لن يحبها، بالتأكيد ما زال متعلقا بخطيبته، من الجيد ان لؤي اجبرها على حذف تعليقها قبل ان يراه، فليذهب هو وصالح وايمن للجحيم، الاحمق ما زال يظنها تحب ذلك المغفل ايمن...

---

حينما راى جواد ان الرسائل من قبل اريج توقفت رمى هاتفه جانبا واغمض عيناه متنهدا بضيق، دخل صديقه بعد ان انهى طعامه ليجده متجهما، قال ساخرا:

- اما زلت متأثرا بسبب حذفها لردها؟ لا بأس، الان اجعلها تكتب غيره

رفع هاتفه وصوره بذاك الوجه اليائس وقال:

- انا متأكدة ان قلبها الحنون لن يطاوعها لو رأتك بهذه الهيئة المسكينة

حدجه جواد نظرة تهديد واسرع خلفه صارخا:
- ان فعلتها مجددا سوف اقتلك، لن اسمح لك ان تضع المزيد من الصور المحرجة على الفيسبوك

هرب سامي في ارجاء المنزل بينما حواد يرمض خلفه محالا اخذ الهاتف منه ليحذف الصورة، لكن سامي استطاع ان يرسل الصورة لصديقه الاخر طالبا اليه ان ينزلها فيسبوك مرفق بشرح "حالتك لما حبيبتك تحذف تعليق كانت به قد تغزلت بك"

ابتسم سامي بمكر ليري رسالته الى صديقه، صدم جواد لرؤية ما فعله وزداد صدمة حين رأى جواب الصديق

"تم"


__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية