عرض مشاركة واحدة
  #160  
قديم 03-29-2018, 12:15 AM
 
ألماسي





كُنتَ أنت ترتيلةً خاشعة ، بينما كُنتُ اللعنة . أنتَ تُذهِبُني ، تقضي على حواسّي و تخرّب كُلّ ما فيّ
أنا صمتُ الطبيعة و أنت رياحٌ عاتيّة تعصفُ صَمتي .
أنّى لك أن تأتي ؟ من أنت ؟
.
.
كُنتَ تمرُّ يومياً بجانب ذاك المحلّ ، و إن كنتَ تذرَع الطريق لا أكثر ، بفضولٍ جامح تمدّ مُقلتيك علّك تلمَحُ ما خلف الواجهات ، تشعُر بأن شاغلك الأكبر هو الدخول عَبر بوابته . أن تخترِق سديم عتمته . لكنك تكتُم أهواءك . تقتُل ذاتك ، و تتلو على روحك صلاةً تُخمِد نيرانك . حتى تآكلك الروتين كالصدَأ ..
أنت يا بُركانيّ الأحداق كُنت حُمَما صهَرت عَزمي ، كنتُ أنتظرُك من خلف الزُجاج ، أدعو أن تراني .
و إن كُنتُ أعلم أنك لن تفعل ... إلّا أنّي أنتظرتُك في مصراعِ غيهب ، هناك بقيتُ أراقبُك ، أعدّ الثوان ... أنتظرُك
لكن ما كان لدي وقت ، لم أملك من أَمري تَحويلاً ، ففُرصي على اللائحة قد فَنَتْ ، أنا سأنتهي قريباً و أنت لم تنتبه لكياني بَعد .!
ياللغرابة ، يالاختلافِ طُرقنا ، رغم أننا كُنا نتقاطع الدروب يومياً ، إلّا أني كنتُ نسمةً عابرة تشتتت في حضورِ سُلطانك ، بينما أنت كُنتَ لي كُلّ شيء .

و ها أنا و قلبيَ واجِفٌ ، أتطلّع لأن تتضعضع دُنياي و تنهار ، عليّ النزول ، نحو دَركِ الهاوية ، عليّ السقوط ، عبر ذاك السِرداب ، و كما أختفيتُ لمراتٍ عدّة ، اختفيتُ مُجدداً ، و نسيتني .... مُجدداّ .. مُجدداً و مُجدداً حتى الركود
ظهرتُ لك ، حاولتُ جذب إنتباهك و استرعيتُ فضولك و لعبنا الغُميضة . ثمّ افترقنا ، بقيتُ أنا في مكاني حتى تعثُر عليّ لكنك مللتَ قبل ذلك ، لم تجِدني أبداً و نسيت .
و هذه المرة ليست بالنقيض .! فها أنا أنتظرك على أعتابِ المتجر و أنت قد تجاهلت كلّ شيء .
و ها قد آن لنا أن نفترق مُجدداً ، الفارق الوحيد أننا لن نلتقي أبداً بعد الآن .

و يبدو أن لاوعيك قد أدرك هذا ، ما جعلني اتحلّى بإبتسامة قبل تلاشيّ . رُغم ذلك سَرتْ رعشَة في سائر جسدي دفعتني للإرتجاف .
لن أراك .! خائفة ... خائفة للغاية ... لدرجة الإرتعاد !
و دون أي إنذار ، رأيتُ السراب يُعمي بصيرتي ، كما إعتدت أن يكون ، وَهماً يجعلُ أمر إبتلاعي أقلّ إيلاماً . يا تُرى كيف سأشعر حين أختفي ؟
لقد كنتُ دائماً أتوقُ لأراك ، لأرى كم تغيرت ، كم صار عُمرك ، ما اكتسبت ، و كيف تُبلي في حياتك .
و من الآن فصاعداً لن أعرف أيّة تفاصيل عنك ، الأمر يبدو كما لو أنك أنت ستختفي .!
ستتوارى عَني ، ستختبِئ ، على ناصية العالم ، سنلعبُ الغُميضة بتبادلِ الأدوار ، ستكون أنت مَن يهربُ مني ، لكني لن أُطيقَ البحث عنك ، سأختنقُ باللُهاث ، و لن أجدك ، فأنت مُتخفٍ بارع .!

إذاً هيّا إبدأ العدَّ معي واحد ... اثنان ، فثلاثة ..

__________________

التعديل الأخير تم بواسطة مَنفىّ ❝ ; 06-11-2018 الساعة 01:11 AM
رد مع اقتباس