-:" إن خفقاتٍ لجناحيّ فراشة في البرازيل ، قد تخلقُ إعصاراً في تِكساس .!"
إسترجعها ذلك الأفنديّ ، وهو يعلمُ ما كان مُقبِلاً عليه .
يُدركُ أن ما ستؤول إليه الأمور سيكون ثمراتِ خطايا عن خطايا.!
وقفَ صوب بابٍ صُنع من خشب الجوز الروسيّ الداكن ، وقد اشتملَ على نفسه بجِلدِ حمَلٍ ذُبِح بعد نوبةِ إهتياج ، بين يديه فصوصٌ برونزيّة يعصرُها بقبضةٍ مشدودة و قد بان على صدره عقدٌ من الياقوت والذي بدا في هذا الظلام كأحداقٍ باهتة لشبِح متاهة الألف عام .
ياللتفاصيل التي يُحيط نفسه بها قبل أن يُقدم على خطوته الأولى ... تلك التفاصيل التي تجعل ولوجهُ نحو رَحمِ الدهليز المُنبلِج في الأفُق أكثرَ سلاسة .
سيكون الأمرُ سلِساً ، فقد أنهكهُ العمل على الطقوس ، جهّز نفسه للماض و الآت ، كان متأكداً بأن ما يوجد أبعد من هذه النقطة سيكون كتأثير المُخدِّرات.. لن يشعر بالألم ... و لن يَعي أي شيء .. لقد كرّس كلّ ما هو فيه لأجل هذا .. هو مَن خنَعت له الرؤوس لعلمه المُتّقد و حنكته الإستثنائية .
بلَع نَفَساً عميقاً .. نفَسَاً انسلّ إلى كلّ خليّة في بَدنه ، ثُمّ ألقى الفصوص على أرضِ السرداب القابع فيه .. الفصوص الأربعة وقَعت على باطنها .. و قد كان اللون الفاتح من البرونزيّ هو ما يلتمعُ في عينيّ الباحِث في السديم هذا..
و من العدَم .. تجلّى لونُ الفصوص كبّوابة استعرّت قُدُما . أهليجٌ مترامي الأطراف يبدو كثُقبٍ أسود ذو شهيّة نهمة .
يالسعادته .. نظريتُه قد فَرضت نفسها . لم يبقَ عليه الآن سوى أن يقفز .. أن يقفز من قعرِ الظلام هنا و يلقى نفْسه على ناصية العالم .. هناك حيث الودقُ و البغشُ ينهمران سوياً . هناك حيثُ تتجرّدُ الماديّاتُ من ماديّتها و تتلخصُ في مكنوناتها
سيجدُ خيالَ محبوبته هناك .. و إن كانت ليست بمحبوبته بَعد.!
لكن هو سيجدها هناك ، فيما بَعد الكون .. أبعد مما قد يتخيله إمرئ ... أبعد بكثير من أن يُوصف قاب قوسين بـ ( الحياة الأُخرى ) .!
فلسفته المنطقيّة قادته لذلك بنظريّة بسيطة .. السرّ فقط بأن تستصغر الأمور .. تجعلها صغيرة للغاية . فكما نعدّ بيتاً من بيوتنا هو كونٌ غامض من وجهةِ نظر نَملة .! بقليل من الخيال سنُسلّط الضوء على صِغر مجموعتنا الشمسيّة و صِغر مجرّتنا و صِغر مجموعة مجرّات .! هكذا فقط سنرى مدى سِعة العالم .!
الكون كفراشة تبسطُ جناحيها .. إن جعلنا تأثير ضربات الأجنحة أكبر قليلاً فالأمر سيفتح الأفُق الجديدة ...
أسدلَ جفنيه و بطشَ بقوة بأولى الخطوات .!
ليلتهمه نورٌ ساطع و يلفحه هواءٌ حارّ .. و يختفي كلُّ شي...
رُبما كان الأمرُ حُلماً ، عِلماً ، سِحراً ، شعوذة !
لكن الأفنديّ فتحَ عينيه مُجدداً و وجدَ جسدهُ مُمدداً على فراشٍ وثير . فراشه الوثير .!
بتاريخ اليوم نفسه . لم يبدُ الأمر حُلما ، كان أكثر واقعيةٍ من ذلك .... مالذي حصلَ بالضبط ؟!
التعديل الأخير تم بواسطة مَنفىّ ❝ ; 06-29-2018 الساعة 10:20 PM |