04-06-2018, 07:49 PM
|
|
الفصل الرابع والعشرين : رغبة في القتل
تمكنت جين بعد جهد عسير من النجاح جزئياً في خطتها ..
حيث تغلب النوم على مراقبيها فانتهزت الفرصة .. ولكن العقبة
الرئيسية تمثلت في حراس البوابة الخارجية .. وبينما كانت شاردة الذهن
في البحث عن مخرج كاد أحدهم أن يتمكن منها لولا تدخل أحدهم
في اللحظة الحاسمة، نظرت بدهشة إلى هويّة منقذها، رجل بدت
ملابسه رثه إلى حدٍ ملحوظ .. قميصه الأبيض ممزق كما أفسدت تلك
القطرات الدموية المتساقطة عليه جماله ، وعلى ذراعه اليسرى جرح
لفهُ بقطعةٍ استعارها من قميصه ، ووجهه مصاب بكدمات طفيفة
إلـى جانب خدش بسيط على خده الأيمن بالقرب من فمه .. فهمست
بصوتٍ ضعيف وخافت : " ويـــل ؟! أهذا أنت ؟" هدر بها غاضباً :
" جين ؟ ما الذي أحضركِ إلى هنا ؟ أما زلت تتنكرين ؟" "هل أبدو كذلك أيها الذكي ! ، كما أنني لم أكن لأذهب
بعيداً بتصرفاتي هكذا " "حقاً ؟ ومـا سبب تواجدك الآن ؟" "كأنك لا تعلم ؟" " أنا بالفعل لا أعلم شيئاً " " لقد تم خطفي ! ومن قبل ذلك الرجل السيء ، لابد بأنه يعمل
هنا ولكنني أتعجب أن الجميع رهن إشارته ، ربما لأن سلطته على
ما تبدوا أقوى من الجميع " قال ويل بشرود : "كــارلا" "ماذا قلت ؟ من هو كارلا ؟" " جين حاولي الهرب ، سأحاول إلهاء حُراس البوابة ، اتفقنا" أراد ويل أن يشرع بتنفيذ خطته ولكن جين منعته : " لا ! لن أفعل، ليس قبل أن تخبرني عن سبب مساعدتك وتعاونك
معي ، ألست تابعاً لذلك الرجل أيضا ؟" "بلى .. ولكنني لم أعد تابعاً له، والآن نفذي ما قلت فلا وقت لدينا !" أرادت جين أن تعترض مرة أخرى إلا أنه تحرك مسبقاً للأمام ولم يكترث
للأمر .. وفي غصون ثوانٍ تمكن من إخلاء السبيل .. بيد أن جين ظلت
قابعة بمكانها فاقترب نحوها : "تـباً ! ما الأمر ؟ لماذا لا تزالين هنا ؟" أجابته متلعثمة : " لا .. لا أستطيع ..الهرب" " حقاً ؟ ، كنت مستعدةٍ منذ لحظات مضت ، والآن عندما تيسر
الحال غيرتِ رأيك ؟ ، أنصتي إلي .. لن تتوفر لكي فرصة أخرى ..
بسرعة تحركـي ! "
|
" لا أستطيع فعلها ! " "و لمــا ؟!" ردت بانفعال : "لأنك ستلقى حتفك أيهـا الأحمق! "
رمقها ويل بنظرةٍ جانبية .. فخفضت بصرها نحو الأرض كردة فعلٍ
عفوية فابتسم و أردف : "أنت مثيرة للاهتمام بالفعل .. فآخر شيء أتوقعه أن تفكري
بشأني وفي هذه الأثناء .. على كلٍ لا تقلقي فأنا لم أعد أبالي" نظرت إليه في قلق فواصل :
" لاشك أنكِ من النوع الحساس ألست كذلك ؟ حسناً اذهبي
أنا أشعر بالذنب مسبقاً بسبب وفاة ذلك الرجل المسن ، لقد كنت
مسؤولاً عن موته بتلك الطريقة " "لا .. لقد حاولت المساعدة ، بالرغم من أنني أتيت في اللحظة
الأخيرة ولكنني رأيتك وأنت تحاول فعل شيئاً ما وتم منعك " " ما زلت مسؤولا ، طالما لم أفعل شيئاً يذكر إلى جانب كوني
لا أزال برفقة قاتله ، وإن لم تهربي الآن سأشعر بذنب مضاعف،
فلا تجعليني بموقف كهذا " ترددت جين في أمرها ثم أخذت نفسا عميقاً وأردفت :
" حسنـاً ، شكرا لك ، لن أنسى مساعدتك لي "
ركضت جين بأقصى سرعتها ولفّت على الطرقات كأنها تبحث عن
أمرٍ ما مهم .. ثم خطر ببالها أن تذهب للمركز .. ففعلت وبحثت
عن ماثيو .. وأخبرته بمقتل العم و العصابة فأعلمها بمعرفته
بالأمر مسبقاً فسألته: " كيف علمت بذلك بهذه السرعة ؟" "كنت هناك للتو ، ولكن السؤال كيف علمتِ أنتِ بذلك ؟ هل قال
لكي ليث شيئاً ؟"
"إنها قصة طويلة ، ولكن مهلا ما الذي تعنيه ؟ هل يعلم ليث
عن الأمر أيضا ؟" "بالطبع .. لقد كان معي " شحب وجه جين وكأنما تخيلت نفسها مكانه فاستطردت:
"آه .. ذلك سيء ! لقد رآه إذن ، وكيف هو الآن ؟" "يبدوا كشبح وقريباً سيتحول إلى سفاح" نظرت بفزع لماثيو وصاحت بانفعال :
"ماذا تعني ؟!، أهناك ما هو بأسوأ ؟"
"أتمنى ألا يكون .. لقد أخبرني المواطنين أن العم قد مات مقتولاً
بفعل عصابات ، فنقلت الخبر لليث وليتني لم أفعل والآن ها هو عازم على
إبادة جميع العصابات أقلاها التي تتواجد هنا في منطقتنا هذه " "ولكن ذلك مستحيـــــــــــل ولرجلٍ واحدٍ فقط ! "
" إنه ليس بكامل قواه العقلية الآن .. وإني لأخشى أن يلقى حتفه
نتيجة قراره المتهور هذا ، ولكن صدقيني إنه عازم على ذلك ،
وقد فعلت ما بوسعي لردعه وعرقلته دون فائدة، ليت هناك
من يتمكن من منعـه"
" أنـا سأفعل .. أتعرف أين ذهب ؟" "لا .. لم يخبرني .. ولكن لا أظن أنه أبتعد كثيراً عن هنا
ما دامت العصابات هدفه " انطلقت جين في البحث العشوائي في الطرقات وبين الأزقة
لعلها تجد ليث .. وظلت ساعات تبحث عنه حتى أصابها الإرهـاق
فجلست على الأرض لتستريح لبعض الوقت فقالت تخاطب نفسها بيـأس : " لا يمكنني إيجاده في هذه المنطقة الكبيرة .. لا يمكن "
فاجأها صوت قوي من الخلف كـان ينـاديها ، فذعرت ونظرت ورائها
فإذا به ليث ينظر إليها في قلق وحيرة .. شعرت جين بالسعادة
لأنها تمكنت من رؤيته سالمـا .. إلا أن رؤيته ذكرتها بشيء آخر فلم
تستطع كبح دموعها عن السيلان وكرهت ذلك فأدارت رأسها
تخفيهما عنه .. أما هو فقد شاهد محاولتها الفاشلة في اخفاءها ،
فأقبل ناحيتها وركع أمامها ثم مسح بأنامله دموعها فقالت بصوتٍ حزين: "لقد مات العم .. مــات أمامي ولم أستطع فعل شيء ،
وقفت بمكاني أرقبه وهو يموت حتى آخر لحظة "
وضع ليث يده على رأسها وظل يمسح بكمه الدموع المتساقطة
على خديها فأقبلت تبكي بحرقه وازداد نحيبها ، فلم يعرف كيف
يواسيها خاصةٍ وهي في حالة هستيرية فظل بجانبها حتى هدأت
أعصابها " ليث .. أنـا آسفة لأنني لم أتمكن من المساعدة"
"لم يكن موت العم خطأكِ " "و ليس بخطأك أيضاً.. فلا تلوث يديك بالقتل ، ودع العدالة
تأخذ مجراها" "إنني في صف العدالة ومع العدالة"
"إلا أن القتل ليس بطريقتك ! خاصةً في التعامل مع الآخرين" "ولكنه أصبح كذلك الآن "
نظرت إليه في خوف وقلق فأردف :
" أعلم ما تفكرين به .. و لا يمكنني أن أعدك بعدم حدوثه ..
قد أعود و قد لا أعود لذا أهتمي بنفسك وعودي للمنزل" "ألن تسألني عن كيفية معرفتي بكل هذا و عمْ أصابني ؟ " "وهل أصابكِ مكروه ؟!"
" لقد تم خطفي مرتين من قبل شخصٍ واحد ، وقتل العم بفعله
أيضاً ، بينما تم ضربي من قبل أتباعه ، وقد لا يتردد بقتل ذهبي
الشعر الذي أنـا بفضله هنـا الآن ولست واثقة ما إن كان يدعى كارلا أم لا" طحن ليث أسنانه من شدة الغضب : "لابد أن يكون هو !، هل أنت بخير الآن، هل ما زلت تتألمين؟" "لا ، أنـا بخير .. لكن " "ماذا ؟" " لا تذهب أرجوك .. أرجوك ! " أمسكت بيده في محاوله بائسه لردعه ، فتخلص من قبضتها بلطف "آسف جين .. لا مفر من ذلك "
تركها وغادر في طريقة إلى حيث يكمن عدوه اللدود .. |
|