عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 04-07-2018, 03:12 PM
 


الفصل السادس

ارتمت في فراشها منذ ذلك الحين شاردة طوال الوقت، في يدها قلم تكتب به على دفتر يومياتها في كل ساعة كلمة بينما تخفي يومياتها داخل احدى كتب المدرسة كي لا يعلم احد به

سمعت صوت باب المنزل يطرق بخشونة، تجاهلت الامر اذ ذهبت امها لتفتح وهي تصبر الطارق، وما ان فتح الباب حتى تسمع صوت والدها يسأل بعجل:

- اين هي؟

استغربت الام سؤاله لتساله:

- من هي؟

بحث حوله بعينيه ثم دخل بخطى سريعة نحو غرفتها وهو يقول غاضبا:

- اريج، اين هي؟...

مجرد ان سمعت اسمها سارعت في اخفاء يومياتها تحت الوسادة ومثلت الدراسة، رأته دخل غرفتها ووقف ينظر اليها بحقد، لم تكد تفهم ما يحدث حتى قال وهو يسحب حزامه:

- الا تخجلين مما فعلته اليوم؟ أهكذا تسودين وجه صالح امام اصدقائه ومعارفه؟

نظرت هي الى نظراته المتوعدة ثم الى الحزام في يده فنهضت مسرعة محاولة التبرير، تعثرت الكلامات في فمها ولم يوقف تعثرها الا الحزام الذي اخذ يبطش ببشرتها الرقيقة، صارت تأن وتوون بينما سارعت الام اليه لتوقفه محاولة فهم ما يحدث، ابعدها عنه صارخا:

- احاول اصلاح ما لم تتعني الاهتمام به كما يجب...

عاد الى اريج بينما اريج ابتعدت الى زاوية السرير محاولة تجنب ضرباته، وعلى صوت صراخها اقبل تامر متسائلا عما يحدث حتى رأى ذلك المشهد، ادمعت عيناه بينما يطلب من والده ان يتوقف، لكن لم يهتم لطلبه بل حين رأى ان مكوثها في الزاوية صعب عليه مهمته، مد يده اليها وسحبها من شعرها لينزلها من السرير الى الارض

حينما رأت الام انها عاجزة عن مساعدة ابنتها التفتت الى تامر الذي اصيب بصدمة مما يرى، سحبته مرغما لتدخله الى ابعد غرفة لغرفة اريج واغلقت الباب خلفها كي لا يصله صوتها

حاولت ان تكلم تامر لتلهيه عما يجري لكنه كان كلما سمع صوت الضرب يتبعه صرخة اخته يهتز ذعرا

ضمته الام اليها عسى ان تخفف عنه الا انه لم يتغيير الامر كثير، اخرجت هاتفها من جيبها، فتحته ووضعت انشودته المفضلة ووضعت له السماعات،

حينما انحصر سمعه على الانشودة هدأ قليلا لكن مازالت عيناه تنشدان الرعب، وملامحه المتشنجة استمرت حتى فتح والده الباب بعد ان انتهى فتراجع تامر خطوة فزعا

نظر اليه الاب بشفقة لكنه لم يقل له شيئا، اكتفى بتوجيه التعليمات لزوجته وهو ما زال يلهث:

- يمنع على اريج الخروج من البيت، كما يمنع عليها ان تفتح حاسوبها بعد الان

نهضت الام متسائلة:

- لكن ما الذي حدث؟

حدجها الاب نظرة قاسية وفضل الانصراف دون ان يقول شيئا جارحا لزوجته، ارادت الام الذهاب الى اريج لتطمئن عليها لكنها وجدت تامر متمسكا بثوبها ينظر اليها نظرة رعب كأنه يخشى ان تتركه وحده

مسحت على رأسه ثم ركعت امامه، نزعت السماعات عن اذنيه وحاولت الابتسام له قائلة:

- لا بأس، لقد انتهى الامر، لا بد ان اريج فعلت شيئا سيئا جدا حتى والدك قرر عقابها هذا العقاب القاسي...

اخذته الى غرفته ووضعته في السرير لينام، تركت الهاتف قربه ليلتهي بالاستماع للاناشيد بدلا من تذكره ذلك المشهد المريع، وانطلقت الام لاريج

دخلت غرفتها لتجدها جالسة على الارض تسند ظهرها على حافة السرير بينما تخفي وجهها بين ذراعيها وركبتيها وبشرة ذراعاها البيضاء دبغت بالاحمر والازرق

اقتربت منها لتجلس بالقرب منها تسألها عما حدث، لكن اريج فضلت السكوت علما ان امها حذرتها كثيرا، وعلى سكوتها ادركت امها جزءا مما حدث...

ضمت الام ابنتها محاولة التخفيف عنها لكن اريج ونت مبتعدة ما ان لمستها، اقشعر بدن امها وهي تنظر الى العلامات في جلدها، تنهدت باسى اذ لا شيء يمكنها ان تفعله لابنتها، والى الان لم تفهم ما الذي حدث بالضبط كي تقدم نصيحة او تواسيها، نهضت من قربها لتعود الى تامر وتجده مازال مستيقظا شارد

استلقت بالقرب منه لتمسح على راسه كي يشعر ببعض الامان، قالت له:

- اترغب بان احكي لك قصة؟

هز برأسه ايجابا فبدأت الام تحكي له قصة حتى وجدته استطاع ان يغفى، قبلت جبهته ثم نهضت لكن لاحظت ان ثوبها معلق بشيء ما، التفتت لتجد ابنها يمسك ثوبها وهو نائم التماسا للامان، اقتربت منه لتفتح اصابعه ببطئ فيفتلت من يده ثوبها، سرعان ما بحث حوله فوضعت بطانيته في يده فتشبث بها

نظرت له بشفقة وحنان ثم نهضت وخرجت باحثة عن زوجها لكنها لك تجده، يبدو انه خرج بعد ان انتقم من اريج، عادت لغرفة اريج لتجدها مازالت على وضعيتها السابقة ودموعها لم تجف بعد، طلبت منها ان تنهض عن الارض لتنام على السرير لكن اريج لم تجبها، امسكتها من ذراعها من مكان خال من الاذى لكن اريج سحبت يدها مبدية اعتراضها لطلب امها

تنهدت الام متذمرة وما كادت تطلب منها حتى سمعت صرخة من غرفة تامر، اسرعت اليه لتجده يشاجر نفسه ويبكي، اقتربت منه لتحاول تهدئته فوجدته مازال نائما، حاولت ايقاظه وفعلت بصعوبة، اخبرته انه كان مجرد كابوسا مرعبا حتى هدأ مجددا وعاد للنوم


---



1:34 Am

تململ جواد فوق السرير يتنقل بين كتابه وبين الهاتف، ينتظر اريج من ساعة ولم تظهر، ليس من عادتها، هل اثر عليها لهذا الحد ان طلب منها ان تتزوج ابن عمها؟

هي من طلبت النصيحة، هل حبها لايمن اعمى الى هذه الدرجة؟ في هذه الحالة فلتفعل ما تشاء، لديه من الدروس ما يكفيه

رمى هاتفه جانبا لكن ليس لفترة طويلة، سرعان ما عاد لينظر ان كانت اريج قد فتحت حسابها مجددا، تنهد بانزعاج عندما لاحظ انها لم تظهر بعد، هل نامت اليوم باكرا وهو ينتظرها؟ ان انها غاضبة منه ولا تريد ان تكلمه؟...

"تبا لقد اخذت هذه الفتاة من وقتي اكثر مما تستحق، تبا لك جواد، بين فتيات العالم كله لم تجد الا تلك الغبية لتغرم بها، محجوزة لاخ غريمي السابق... لكنها لا تحبه على كل حال... يا اللهي، لو استطيع ان افعل شيئا لاحررها منه، تبا لكنها لا تحبني بكل الحالات... عععععع تبا للجميع..."

استيقظ صديقه في السرير الاخر لينظر اليه مستغربا:

"ما بك؟... اما زلت تنتظرها؟..."

- لا... لم اكن انتظرهة اصلا... واجهتني مسألة صعبة هذا كل ما في الامر

رفع الاخر حاجبيه ساخرا ثم قال:

- اجل بالطبع

تقلب في سريره وعاد لينام

استيقظ صديقه بعد اربع ساعات ليجده مازال بين الهاتف والكتاب، قال ناصحا:

" اسمع مني، خير لك ان تخلد للنوم، ربما هي الان تتنعم بنوم هنيء بينما انت هنا تضيع وقتك كالابله على الهاتف، نم الان وغدا صباحا تفتح الفيسبوك مجددا"

تفكر جواد بكلامه، بالفعل، يبدو كالابله وهو ينظر الى شاشة هاتفه في كل آن بينما هي اصلا لن تكون له، لما يسعى للتحدث معها في كل مرة هو يعلم ان مصيره فراقها؟ رمى هاتفه جانبا بيأس والقى بنفسه على السرير مغمضا عيناه فقال صديقه:

"لا تنسى ان تطفى الانارة، يكفي انك حرمت عيناي ثلاث اربع الليل من لذة الاغفاء..."

- ان اردت ان تفعل ذلك فافعله بنفسك

تنهد الاخر بانزعاج ليطفىء النور بينما شرد جواد في حالته الميؤوس منها، لم يعد قادرا على النوم الان، باله مشغول باريج كما انه اعتاد على السهر...


---



تقلبت في الفراش بانزعاج بسبب الالم الذي كسا كامل جسدها، دثرت البطانية الصيفية لفوق رأسها لتتهرب من ازعاج ضوء النهار كما ظلت تفعل منذ عدة ساعات واخيرا فتحت عينيها البنيتين بكسل بعدما ملت الهرب من الواقع بالنوم

ظلت شاردة لوهلة ثم اخذت مذكراتها من تحت الوسادة وصارت تقرأ اخر صفحة كتبتها

هل تلك الاحداث التي حسبتها مهمة في ذلك الحين لا بل غاية في الاهمية، هل تستحق كل هذا العذاب؟

أمن الطبيعي ان تحتمل المزيد مما حدث بها البارحة لاجل حب غير متبادل

هي تحبه، ادركت ذلك اخيرا بل تعشقه، لكن أيستحق ذلك الحب من طرف واحد ان تتعذب لأجله؟

بالطبع لا، هو يتسلى بالحديث معها اوقات فراغه واحيانا تأخذ بعضا من اوقات درسه،

لكنه في اخر المطاف يطلب منها ان تتزوج من غيره بينما هو مازال يحب تلك الغبية

للاسف، كان قد اقترب وقت عودته وهي كانت متشوقة جدا لتروي عينيها عذوبة رؤيته، لكن والدها منعها من الخروج من المنزل، يبدو انها لن تخضع للامتحانات الرسمية حتى...

مسحت دمعة تجارت في خدها تفكر: "اذا هل يتحتم علي ان أتزوج من صالح؟ لا... ليس علي ذلك، ان كان سيمنعني من اختياري لزوجي انا سأمنعه من رؤية احفاده"

تفكرت بالامر قليلا: "... تبا... هناك تامر سيمنحه احفاد، سأكون انا الخاسرة على كل حال... لكني لا اريد الزواج من صالح..."

اغلقت دفتر يومياتها متنهدة، القضية صعبة جدا ويبدو ان ليس لها حل، لكن يبدو انها ستضطر الى ان تنسى امر الحب نهائيا فمستقبل حبها محكوم بالفشل، الا ان كان الذي ستحبه هو صالح وذلك طبعا من سابع المستحيلات

بعد ان ملت من ارتمائها في السرير، استمعت للاصوات في البيت، صوت تامر المزعج كالعادة ووالدته كانت تؤانبه من حين لاخر، لا يبدو ان والدها في المنزل

نظرت للساعة لتجحظ عيناها، اصبحت الظهيرة، اغمضت عيناها بيأس، واين المهم في ذلك، في كل حال حياتها الرومنسية انتهت وكذا حياتها العلمية، حياتها اصبحت بمجملها فراغ، اذا لا شيء يدعوها للنهوض...

بعد برهة بدأت تتصاعد روائح زكية من المطبخ اذ كانت امها تطهي الغداء، لم تتعشى البارحة ولم تتناول اليوم الفطور، بدأت معدتها تصدر اصواتا، تريد ان تذهب للمطبخ لتبحث عن شيء يؤكل لكنها لا تريد ان تلتقي بأحد

فامها قد تعود الى اسئلتها اللامتناهية، اما اخوها فضولي درجة اولى ومزعج درجة ما قبل الاولى

ظلت مستلقية على الفراش الى ان انهت امها الطبخ، اتت لتوقظها لكنها وجدتها مستيقظة، اخبرتها بجفاف ان الطعام قد جهز لتنضم معهم على مائدة الطعام

نهضت ببطئ محاولة ان تتألم اقل قدر ممكن، مرت قرب امها خافضة رأسها خجلة شاعرة بالخزي بسبب عدم الاستماع الى نصيحتها بالتخلي عن جواد

جلست على الطاولة وظل تامر ينظر اليها صامتا والى العلامات في جسدها ولم ينزع نظره عنها حتى طلبت منه امه ان يعود الى الاكل

حين انهت اريج طعامها عادت الى غرفتها فتبعتها والدتها منتبهة خلفها كي لا يسمعها تامر

قالت بصوت منخفض:

- حاولي ان تلبسي ثوب طويل يغطي تلك العلامات حين تريدين الخروج من غرفتك، لست ادري ان لاحظت ذلك ام لا لكن تامر تأثر كثيرا لرؤيتهم...

التفت اليها اريج غاضبة لتقول:

- هل هذا كل ما يزعجك من ضرب ابي لي؟
ان يتأثر تامر من رؤية اثار الضرب؟
بينما انا التي ضربت لا تهتمين

بحقد اقتربت الام رافعة سبابتها:

- لقد اقترفت خطأ فظيعا دفعت ثمنه، واخوك دفع جزءا من ثمن ما فعلته دون ذنب، البارحة كل الليل كوابيس ونهض صباحا مبللا فراشه علما انه لم يفعلها منذ سنين، كل ذلك بسببك علما اني حذرتك...

اكتفت اريج بابعاد ناظريها عن امها عاقدة حاجبيها فخرجت الام من الغرفة غاضبة

زفرت اريج بتململ لتنظر تجاه خزانتها قائلة بتذمر:

- ومن سيرتدي ملابس طويلة ايام الصيف!...

عادت لترتمي في سريرها ناظرة للسقف دون عمل تفعله حتى رن في الهاتف في عصرا، جاءت صرخة امها من اخر البيت ان نوال تطلبها على الهاتف

نهضت اريج بكسل، اخذت الهاتف لتسمع في الجهة المقابلة نوال تتكلم بحماس:

- لقد انهيت اليوم كل الدروس، امامي اسبوع سأبدا بالمراجعة الان، اين اصبحت انت؟

على صوتها المتحمس ازداد قهر اريج، لما على البائس ان ينجرح فؤاده لسماع صوت احدهم سعيد؟ اهو الحسد ام انه عدم قدرة مجاراة الحماس والتمثيل؟

اجابتها بلهجة باردة:

- انا لم ادرس الا قليلا

جاءها الرد العفوي من جهة نوال صارخا:

- لماذا؟... الامتحانات على الابواب

- لا تقلقي فانا لن اذهب لامتحن...

- ماذا!... مهلا... انت تمزحين معي اليس كذلك

- لا لست امزح

- حسنا... ما الذي جرى؟... حتى صوتك لا يبدو طبيعيا، شككت في بداية الامر لكن الان اراك غريبة جدا، ماذا حدث...

وها هي صديقتي الوفية تكتشف اخيرا ان هنالك شيء ما حدث، حسنا، اظنها نالت كفايتها من التلميحات مني، على كل حال:

- لقد منعني والدي من للخروج من المنزل لاي مكان

شهقت نوال لتتبع شهقتها ب: " ماذا!...ولماذا؟..."

ابعدت الهاتف عنها لتحك اذنها بسبب ارتفاع صوت صديقتها، اعادت الهاتف الى اذنها لتقول:

- لست متأكدة، ولكن اظنه بسبب شيء كتبته على الفيسبوك، لكن لؤي اخبرني انه لن يخبر ابي لو حذفته، لست ادري ما الذي يحدث بالضبط، يبدو انه كذب علي...

- من لؤي

- ابن عمي ذلك الغبي الذي اتى لرؤيتي يوم ذهبت لمنزلكم بحجة ان امي ارادت ان تسلمني شيء ما

- اه اجل تذكرته

- حسنا... قولي عن الذي اتصلت لاجله

- ما هو؟

- لا تسأليني، حماسك اليوم غير اعتيادي

اغمضت نوال عينيها بشدة وعضت شفتها السفلى محاولة السيطرة على حماسها المفرط ثم قالت باندفاع:

- انه ايمن... اتى اليوم لخطبتي

- مهلا!... الم يكن المفترض بعد الامتحانات

- اجل لكن احب ان يفاجئني بعيد مولدي

- عيد مولدك؟... اه صح... لقد كان البارحة

- وانت لم تهنئيني لا هاتفيا ولا على الانترنت

- اصمتي فقد كان يومي اسوأ يوم في حياتي كلها

- لما؟

- القصة معقدة لن اخبرك اياها على الهاتف

- حسنا تعالي لرؤيتي سنتسلى سوية

- ايتها الغبية، لقد اخبرتك ان والدي منعني من الخروج من المنزل

- اه صح... في هذه الحالة سأتي لزيارتك مع ايمن في اقرب فرصة

ابتسمت اريج بألم ثم قالت:

- سأكون بانتظاركما، عجلا في ذلك فقد كان يومي مملا جدا...

اغلقت السماعة ثم توجهت الى غرفتها مدمعة العينين

والداهما هي وصديقتها كلاهما عرفا عن الاشخاص الذان يحبان، لكن كل اب كان تجاوبه مختلفا، لقد قبل به وهو مازال يتعلم لا يعمل، بينما والدها عاقبها حتى دون معرفة من يكون الشخص

على كل حال هي محجوزة، ومن يهتم برايها، ابنة الجيران هي التي ستتزوج، فما دخلها هي لتبدي رأيها، مرت تلك الفكرة الساخرة برأسها لتسلوها قليلا عن معاناتها، ابتسمت:

"على الاقل استطاع احدهم ان يعيش سعيدا، كان محقا جواد حين طلب الي ان اسعد لنوال، ففي كل الحالات ما كنت لاتزوجه انا، كان سيبعدني عنه ابي رغما عني ليزوجني من صالح..."

فجأة اختفت الابتسامة من وجهها ليحل البؤوس مكانه

"لما يجب على عقلي ان ينتهي بالتفكير بجواد في كل حين؟..."

---


فتحت اريج الباب لضيفيها، اقبلت اليها نوال بعناق حار بينما تأوهت اريج من الم العناق بسبب ضرب ابيها، ابتعدت عنها نوال لتقترب من تامر وتسلم عليه بينما سلمت اريج على ايمن سلام سريع الى ان وقع نظره على اثر الضربات

اقترب ليتمعن بها قائلا:

- ما هذا؟

- صمتت قليلا ثم قالت بحرج:

- ليس بالامر الهام، انسى امرهم

نظر اليها بريب بينما انتبهت لهم نوال اخيرا وصرخت:

- ما هذا؟

سكتت اريج بينما اقبلت اليهم امها ترحب بهم وادخلتهم غرقة الجلوس، جلست معهم قليلا وهنئتهم لخطبتهما، ثم استئذنت لتكمل بعض الاعمال العالقة

ابتسمت لهم اريج وصارت تسألهم عن سيرورة خطبتهم ونوال وايمن يجيبانها وفي كل لحظة تزيغ عينا احدهما الى اثر الضربات شاردين كأنهم قد علما اصلهم ولكن لم يعلما سببهم

طرق الباب فنهضت اريج، فتحت الباب لتنظر الى لؤي بحقد بينما ابتسم ابتسامة ساخرة وهو ينظر الى اثر الضربات في جسدها ثم قال:

- اجل، لقد جئت فقط لاشمت بك واحذرك، انه لو صدر منك فعلا مشابها لن اتوانى عن اخبار عمي

ادمعت عينا اريج وقال مهاجمة:

- لقد كذبت علي... قلت لي انك لن تخبره ان حذفت تعليقي...

- كلامك صحيح، ولكني اجبرتك على حذف تعليقك لكي تقطعي علاقتك به، فاذا بي اعلم بعد حين انك بعد حذفك للتعليق امضيت ساعة بالتحدث اليه
وهذا فقط اليوم ولكن عادة تمضيان الليل تتحدثان..
هذا ما كتبه صديقه واكده جواد

- عما تتحدث؟...
لم يحدث شيء من ذلك كله

- حقا؟...

قالها بحقد ليخرج هاتفه النقال ويفتح الفيسبوك باحثا في صفحة صديق جواد حتى وصل للصورة التي صورها لجواد وهو في عز بؤسه بعد شجاره مع اريج

اراها الصورة وقال:

- وبما تشرحين ذلك؟

نظرت اريج الى الصورة مستغربة اذ لم ترها هي بعد لكن ما ان قرأت التعليق الذي كتبه صديقه "حالتك لما البنت الي بتحبها تحذف تعليق كانت قد تغزلت فيه بك"

تهربت منها ضحكة لا اراديا فنظر اليها بحقد قائلا:

- وتملكين الجرأة لتضحكي... ان علمت انك تحدثت اليه مجددا فانت لن تسلمي

اكتفى بهذا القدر من الحديث لينصرف تاركا اريج تموت قهرا، اغلقت الباب بعنف ثم استندت عليه غاضبة لكنها فوجئت بايمن قريب منها يستمع، اشار للعلامات بجسدها قائلا:

- اذا هذا هو سبب تلك العلامات

حل البؤس في ملامحها لتهز رأسها ايجابا واردفت:

"كما منعني ابي من الخروج من المنزل واستعمال الانترنت"

- هكذا اذا...

سارت الى غرفة الضيوف وتبعها وجلسوا صامتين الى ان قال ايمن بخفوت وهو يراقب مدخل الغرفة خوفا من دخول امها:

"ان اردت ساعيرك هاتفي ان ارتدت التحدث اليه..."

قطبت اريج بضيق:

- لا... لن اتحمل المزيد من الضرب لاجله بينما هو لم ينسى بعد خطيبته السابقة

- ومن اخبرك انه لم ينسها؟ لقد قال انك كنت تقضين الليل بالتحدث اليه

مسحت دموعها:

- اجل، لقد كنت غبية، خسرت وقتي بالتحدث اليه، لم ادرس للامتحانات وخيبت ظن والدي بي، وكل ذلك لماذا؟...

- لكن حسب ما تكلم ذلك الاحمق بدا كأن جواد يحبك ايضا، الا تظنين انه استحق التحدث اليه؟ على الاقل اصبح يحبك

- لا... لا يحبني، لقد طلب مني ان اتزوج من غيره...

- ماذا؟... ولما ذلك...

سكتت اريج حين بدأت دموعها بالانهمار لتقول صديقتها عوضا عنها:

- لقد حجزها ابن عمها، وابوها لا يريدها ان تتزوج من غيره...

التفتت نوال الى اريج مستغربة:

"مهلا!... هل اخبرت جواد بالامر؟

- لقد كان يعلم سابقا... هو ولؤي كانا صديقين منذ زمن وكان دائما يخبره عن ابنة عمه التي تشبه خطيبته بشكل غريب

فغر الاثنان فاههما فقالت اريج:

- كما ترون، القدر يحيل بيننا حتى من قبل ان نتعرف...

اخفضت نوال رأسها بحزن بينما ايمن جلس يفكر بمخرج لكن اريج قطعت عليهما تفكيرهما لتطلب من ايمن ان يفتح الفيسبوك من اسمه خوفا من ان يراها لؤي ويخبر والدها

فتحت على صفحة سامر لترى الصورة التي اراها اياها لؤي، نظرو الثلاثة للصورة ليقول ايمن:

- انت حقا غبية... واضح انه يحبك، وصديقه يحاول اخبارك بذلك لكنك عمياء

تنهدت اريج بتضيق:

- هذا سيصبح اكثر ايلاما لي وله، فابي مصر على تزويجي من ابن عمي

سكت الثلاثة يتفرجون على صورة جواد بينما عقلهم في مكان اخر، خرج ايمن من الصورة ليرى مستجدات صديقه وكما يبدو ان صفحة سامر صديق جواد تحولت الى جريدة تخص اخبار جواد وعن معاناته بحبه

رأوا منشورا سخيفا:

- جواد المزعج سهر البارحة للخامسة فجرا وحيدا، ارجوكم اتركوا مشاغلكم بعد منتصف الليل لانه من كثرة ما اشتكى وحدته لم يتكرني انام جيدا

شعرت اريج بالضيق عندما تصورت ان جواد كان ينتظرها لمدة خمس ساعات متتاليات بينما نظر كل من ايمن ونوال الى اريج وفرطا ضحك

قال ايمن:

- وتقولين انه لا يحبك؟

اجابت مكابرة:

- لم يذكر صديقه اسمي

- يا لها من صدفة انك يوم لم تدخلي فيسبوك ليلا كتب ذلك الشيء

بحث بين بقية المنشورات فلم يجد ما يشابهها فقال:

- هل كانت هذه اول مرة لا تدخلين ليلا

هزت رأسها ايجابا فقال:

- ارأيتي، لا اوضح من ذلك... لم يكتب هذه الجملة الا اليوم

تفكرت اريج بالامر، قد يكون محقا، فهو حتى مع خطيبته لم يفعل ما فعل، لم يكن يمنحها من اوقات دراسته، الا ان كان ما اخبروها لها صديقاتها صحيحا، انه يمضي اوقاته مع فتيات اخريات لذا لا يهتم بها

تنهدت اريج بتعب:

- لكني محجوزة لابن عمي... وان احبني... ذلك لن يزيد الامر الا سوءا

- نوال: ولما؟... قاتلي لاجله... لو حدث معي الامر نفسه مع ايمن لقاتلت للنهاية...

نظرت اليها اريج بحزن، لا يعلم صعوبة الامر الا الذي مر به، لقد كانت تفكر مثلها قبلا، لكن بعد ما حدث البارحة غيرت رأيها، القتال لم يكن بتلك السهولة التي ظنتها

جاءت امها تحمل لهم عصيرا باردا فسكتوا، اخذ كل واحدا منهم كأسا وجلست امها معهم فغيروا الموضوع لكن ظل عقل اريج تائها في موضوعها


---



تأفف جواد بانزعاج ثم نظر الى صديقه متذمرا:

- حسنا لنقل ان البارحة نامت باكرا، لكن اليوم يوم الاحد، انهما اليومان الوحيدان التي تسمح فيهما لها والدتها ان تستعمل الانترنت...

- ربما خرجت مع صديقتها

- وماذا عن البارحة ليلا؟

- كانت نائمة

- كانت على الاقل ستخبرني

- اذا لا بد انها غيرت رأيها بك حقا لذلك سحبت تعليقها

- لا تكن سخيفا...

سكت شاردا:

"هل من الممكن انها استمعت لكلامي وقررت ان تفكر بصالح بجدية؟ ام انها كالعادة صغرت عقلها وقررت ان تجافيني لاني لا اتماشى مع عقليتها؟ ان كان الاحتمال الثاني فسوف اقتلها، اما ان كان الاحتمال الاول ف... "

قطع شروده ومضة ضوئية مفاجئة بسبب صورة التقتها له صديقه وهو ما زال يرتدي ملابس النوم، قفز على سامر ليأخذ منه الهاتف قبل ان يرسل الصورة الى صديقه الاخر كما في تلك المرة لينزل الصورة عوضا عنه في الفيس

حذف الصورة وقال له:

- كف عن تلك التصرفات الصبيانية، لقد هتكت خصوصياتي على الفيسبوك، لم يعد هناك من احد لا يعرف كيف انام وكيف اكل، والاكثر من لا يعرفني جيدا صدق انني اشخر اثناء نومي

- انت فعلا تفعل ذلك بعد ليلة طويلة من السهر

- هذا ليس صحيح

- انتظر لتنام غدا صباحا لاصورك فيديو عسى ان تصدقني

- حقا؟... وهل اضرب من حولي ايضا

- لا بأس ببعض البهارات تجعل الطعم الذ

ضيق عيناه بحقد بينما فرط صديقه ضحكا، تناساه قليلا متفكرا

"ايعقل ان لا تظهر اليوم مجددا؟... ماذا لو انها حقا قررت ان تاخذ بنصيحته؟... لقد حاول كثيرا الا يحبها لكنه بالنهاية وجد نفسه عالقا بالحب، ومع الايام نسي انها محجوزة وتعلق بها اكثر فاكثر الى ان ذكرته هي البارحة

في كل تلك الايام لم تذكر شي عن ايمن، لكن السلسلة لم يصله منها الى الان، علما انه لم يرسل لها السلسلة مع انه نسي خطيبته منذ زمن، لكنه يفعلها لكي يشجعها على النسيان، فما ان ترمي السلسلتين حتى تجد نفسها وحيدة مجددا وقد تكتئب

لكن ان كان هو معها في المصاب يشعر بالآمها قد تجد فيه بعض السلوى ومع بعض المنافسة تتحمس لتنساه، كانت اول ايامها اثناء كلامها معه كانت دائما تهدده انها ستنسى قمر الليل قبله وتجعله يخسر التحدي،

ومع الوقت انتقلوا من موضوع لاخر حتى اصبح الكلام عن حبهما القديم منسيا، واصبحت مواضيعهما اكثر تسلية وتشويقا الى ان ذكرته البارحة بانها محجوزة، فجأة انقلبت كئيبة واختفت عن الابصار

ذكرت شيئا عن ابن عمها لؤي انه كان سيورطها بما لا تحمد عقباه، وذلك بعد ان كتب سامر شيئا سخيفا قرأه لؤي، هل يعقل ان يكون قد قرأ التعليق وهددها باي طريقة مما جعلها تحذف التعليق؟ وبعدها اختفت... لكنها قالت انها حلت المسالة ولو مؤقتا..."

تأفف ساخرة:

" ان كانت هي التي حلت المسألة لا بد ان كوارث حدثت، اذا هل يمكن ان يكون سبب غيابها المفاجئ ابن عمها ومنشورات صديقي الاحمق؟..."

نظر الى صديقه وقال له بجدية:

- لا تنشر المزيد عني وعن اريج، لا تنشر اي شيء ابدا مهما كان صغيرا..

نظر اليه صديقه ببلاهة ليقول:

- لقد تأخرت، فقد نشرت للتو

نظر اليه جواد بغضب ليأخذ الهاتف منه ويقرأ:

" اين المواسي لجواد المسكين، انه يبكي بسبب جفاف الاحبة المفاجئ..."

ضربه جواد على رأسه ليحذف المنشور ويقول بجدية:

- لست امزح معك... ربما انت بمنشوراتك هذه تعرض الفتاة للخطر

- يمكنك ان تطمئن، لا اضع الغاما في منشوراتي

دفعه جواد بانزعاج قائلا:

- لقد اخبرتك انني لست امزح كي تبادلني بالمزاح، الفتاة حجزها ابن عمها ووالدها مصر على تزويجها منه بينما انت تكتب هذه المنشورات السخيفة يقرأها صديقي لؤي الذي يكون ابن عمها اخ خطيبها المستقبلي فيضعها بمشكلة كبيرة

رمش سامر عدة مرات مصدوما:

- انت تحب فتاة محجوزة لغيرك

قطب جواد متجهما ثم قال:

- هي لا تريده... كما انها لا تريدني...

نظر اليه صديقه بريب وقال:

- قصتكما اشبه بمسلسل هندي، انت تحبها وهي تحبك لكنك لا تستطيع ان تأخذها لانها محجوزة لغيرك ولا تستطيع ان تبوح لها لانك تظن انها لا تحبك بل تحب غيرك و...

ضربه جواد بوسادته آمرا اياه بالسكوت ثم قال:

- اوصف وضعنا بما شئت لكن ارجو الا تكتب شيئا عننا خوفا على مصلحتها

ارتسم بؤس مصطنع على محيا سامر ليقول:

- اذا هل تنتهي قصتكما هنا؟

- وهل كان بيننا قصة على الاقل لتنتهي، كانت تحب فتى في صفها بينما هي محجوزة لاخر، اخرتها اما مع هذا اما مع ذاك، اما انا ففي الخارج

- ولما تصر على ذلك

- انها الحقيقة

- لم اعهدك غبيا

- ستعهد مني الكثير ابتداء من الان

- اتمنى ان ما ساعهده شي ايجابي وليس العكس

- اتمنى ذلك ايضا، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

- السفن اب او بيبسي

نظر اليه جواد بانزعاج:

- انت تحول الآمي الى مسخرات

- بل انت تعمل من الحبة قبة، عندما تعود للوطن اذهب لوالدها واخبره انك راغب ابنته بالحلال وانك ستحترمها وتحبها اكثر مما يحبها ابن عمها وهو لن يخذلك ان علم انها هي ايضا تحبك

نظر اليه جواد باستسخاف ثم قال:

- انت اعتدت على الحياة في الغرب، نحن نتكلم عن فتاة نشات في دولة عربية، لن يكون الامر بتلك السهولة، لولا ركاكة العلاقة بين نتالي ووالدها لما قبل بك اصلا، لو انك جئت خاطبا ابنتي لما اعطيتها لك، انك انسان استهتاري ومتهور لا عقل لك، والدها لم يعلم شيئا عنك بالقدر الذي علمو انها تحبك وتحبها ونسيا الباقي، اشك اصلا انهما يتوقعان ان تستمر علاقتكما

فغر سامر فاهه بصدمة ليضرب جواد قائلا:

- ما الذي تقصده، بالطبع ستستمر، فانا احبها وهي تحبني

- احمق، ليس هذا ما قصدته، اقصد انها ربما عرفت على اهلها عشر شباب قبلك على اساس انها تحبهم وتريد الزواج بهم واصبح الامر بالنسبة لهم اشبه بلعبة اطفال

- تبا لك، لا تتكلم هكذا عن زوجني المستقبلية

- ولما؟ انك في بلد لا تأمن فيه غدر النساء

- ولما؟ هذا وجيه قد تزوج من اجنبية، فاين المشكلة؟

- لا مشكلة...

- اذا؟

- لا شيء... ما كنا نتحدث عنه اننا لا يمكننا ان نتعامل مع الوضع هناك مثل هنا، الامر مختلف

- حسنا حسنا، ان كنت مستغنيا عنها فلا تقدم على اي شيء، فقد اجلس وتفرج عليها وانت تخسرها

- لا تتحدث كأنني اتفرج فقط، لكن وضعها معقد جدا، لن استطيع ان اطلب يدها على الاقل الى ان انهي دراستي واستقر في الوطن

- لماذا؟ ما شان هذا بذاك

- لقد اخبرتك ان الوضع معقد جدا

- حسنا... اسطفل... افعل ما تراه مناسبا

تنهد جواد بانزعاج:

- للاسف لا ارى حلا مناسبا

- فاذا لا تفعل شيئا..

---






__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية