عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 04-14-2018, 11:19 PM
 



الفصل الثامن


على طاولة الغداء اجتمعت العائلة في بيت ابو صالح عم اريج مع والدها وباقي اعمامها واولادهم

قطع لؤي الاحاديث المملة موجها كلامه الى والده وعمه بابتسامة مرحة:

- اذا عمي عامر وابي، منذ زمن لم نحضر عرس او خطبة، الم يتقرر موعد خطبة اريج من صالح؟...

توجهت الانظار الى اريج بينما هي نظرت الى لؤي متوعدة فقال صالح:

- سنتحدث بذلك بعد امتحاناتها، فلتوجه كل اهتمامها لنجاحها الان

نظرت الى صالح مبتسمة ليقابلها هو ايضا بابتسامة، نظر ابو صالح اليهما وقال:

- اشعر انهما سيكونا ثنائيا رائعا انظر اليهما...

اشتغلت وجه اريج احمارا من الغيظ لكنها صمتت مخفضة رأسها فأجاب لؤي عنها:

- اخشى ان يكون عكس ما تقول، شيء ما يخبرني ان اريج سوف تقتل اخي قبل ان يشيب

نظر احد الاعمام الى لؤي عابسا ليقول:

- انت تغار لانه سيخطب قريبا بينما انت مازلت تتسكع في الشوارع، جد لنفسك عروسا لنخطبها لك

بسط لؤي قدميه تحت طاولة المائدة ساندا ظهره على ظهر الكرسي ورأسه على ذراعيه خلف رقبته ثم قال:

- مرتاح بحياتي كما هي، لا انوي الزواج حاليا

قفز فجأة ليقول:

- لما لا تخطبان قبل الامتحانات؟ ربما ترتفع معنويات اريج ويسهل ذلك عليها الدراسة...

اصفر وجه اريج حينها بينما نظر اليه صالح ثم قال ساخرا:

- ان كنت مستعجلا لحضور عرس ما، فخذ بنصيحة عمي واخطب انت والا فاترك شؤون الغير للغير

- اخي!... انك تسير ببطء شديد، ابي العجوز يريد رؤية احفاده قبل الموت

نظر اليه والده غاضبا وقال: عجوز بعينك

بينما لم يتعنيا لتعليق الوالد ف رد عليه صالح:

- يمكنه ان يرى اولادك لو انك تقلع تلك الفكرة من رأسك

- تلك الفكرة لن اقلعها، وانت على كل حال الحفيد البكر في العائلة

ضرب ابو صالح بيده على الطاولة ليهدآ، توقفا عن الشجار ليعود الاثنين الى طعامهما، عبر السكوت نظر لؤي الى اريج بحقد بينما هي لا تدري ما قصة كراهية هذا الاحمق بالضبط...


---



حينما عادوا الى منزلهم طلب الاب ان يحدث اريج، جلس معها في الغرفة لينظر اليها بجدية ثم قال:

- اظن ان ابن عمك محق

عقدت اريج حاجبيها ليكمل والدها،:

- انكما تؤجلان هذه الخطبة منذ قرابة الثلاث سنوات، لقد حان اوانها

- ابي ان اردت ان افكر بامور الخطبة لن استطيع ان اركز على درسي

- امتحاناتك لم يبقى منها الا ايام لتبدا، في اقل من اسبوع ستكونين قد انتهيت منهم، اظن اول احد بعد الامتحانات سيكون جيدا

- ماذا!...

- لا اريد التأجيل بعد

- ابي انا لم اعطي موافقتي بعد

رفع الاب نبرة صوته ليقول :

- تعلمين انك لن تتزوجي من غيره، اتفضلين ان تعنسي على الزواج منه؟

- ابي... واين المشكلة في الزواج من غريب عن العائلة؟

- ذلك ممنوع، لن نمر بهذه التجربة مرة اخرى

- ابي ان كان حظ عمتي عاثرا فهذا لا يعني ان يكون حظي كحظها، دعني على الاقل اجرب

رفع سبابته محذرا:

- لقد قلتها سابقا واعود واكرر، لن تتزوجي رجلا من خارج العائلة

- لكن صالح مثل اخي، لن اتقبله زوجا لي...

- محمود خاطب لاخرى اتفضلين لؤي؟

- اعوذ بالله، الا ذاك

- لذلك اخترت لك صالح، لانكما كنتما على وفاق تام

- ابي ارجوك

- انا الذي ارجوكي... اريد ان ازوجك من رجلا يرتاح معه بالي واستطيع ان اطمئن عليك، ان تزوجت غيره سيبقى بالي مشغول عليك ولن يغمض لي جفن ابدا...

- لست اول من طلق...

- اعلم فقد طلقت عمتك قبلك، وذلك بعد ان عانينا انا واخوتي ما عانيناه حتى استطعنا ان نطلقها من زوجها، لذلك افعلي ما يملى عليك وضعي الامور تسير على ما يرام، ان رأيتي ان هذا الاحد مبكر جدا سنتركها للاحد القادم

اغمضت عينيها بيأس عندما علمت انها لن تستطيع ان تقنع والدها، نهض الاب وتوجه الى غرفته بينما ارتمت على الاريكة تغطي عينيها بكفيها تحاول ان تجد حلا للمشكلة لكن لا حل لها ابدا

اقبل اليها تامر مبتسما وهو يقول بحماس:

- هل سترتدين فستان عروس؟

حدجته اريج بغضب لتصرخ في وجهه فيركض ذعرا الى امه


---



اخذت تكتب احداث يومها في مذكراتها حتى اخيرا انتهت، وضعت المذكرة تحت وسادتها ووضعت راسها فوقهما، لكن النوم جفاها، اخذت تتقلب وتتقلب دون جدوى، نهضت عن السرير وتوجهت للمطبخ عسى ان تتسلى بشيء يؤكل، فتحت الثلاجة ونظرت داخلها بملل، شهيتها ليس مفتوحة على شيء بكل الحالات

توقفت لوهلة، رأت هاتف والدتها موصول على الشاحن في المطبخ، الساعة لم تصبح الثانية عشر بعد لكن الجميع نائم فما الضير في ذلك؟

اخذت الهاتف لتفتح المتصفح، ارادت ان تفتح الفيسبوك الخاص بها لكنها تذكرت ابن عمها وتهديده، قررت ان تفتح حسابا جديدا على الفيسبوك باسم مستعارا كي لا يعرفها ثم راسلت جواد

---


نظر جواد للرسالة الجديدة التي وصلته مستغربا، هذا الاسم لا يعرفه، فتح الرسالة ليقرأ:

- احتاج مساعدة عاجلة، في كل مرة لؤي يزيدها علي، لقد اقترح على ابي ان نحدد وقت الخطوبة قريبا وانا لم اعط الموافقة حتى، ارجوك ساعدني لاتخلص مما اعاني منه؟...

من محتوى الرسالة فهم جواد ان التي تكلمه اريج، عن غير عادة لم يسر بمراسلتها له بل سم بدنه من تلك الرسالة، اصبحت في كل مرة تحدثه يجد الامور تزداد صعوبة، ان كان قد نصحها مسبقا ان تقبل بصالح زوجا لها لما يجد صعوبة في اعادة الطلب مجددا؟

نظر الى الرسالة مطولا لا يدري ماذا يكتب لها فاعادة اريج الكتابة:

- هل انت متواجد حاليا؟

زفر بيأس ليكتب:

- اجل انا هنا

- اذا لما لا تجيبني؟

- ما المفترض ان اجيبك؟

- لست ادري، لطالما نصحتني عند الحاجة، لما تجافيي اليوم وانا في امس الحاجة

وضع رأسه بين كفيه شاتما، لا يستطيع ان يتزوجها ولا يستطيع حتى مساعدتها، وما بيده ان يفعل، هذه المسافة التي تبعد بينهما كأنها قيود تمنعه من الكثير، لولا سفره لكان الامر اسهل عليه ولو قليلا، وبعد ان راى ان الابواب كلها موسدة بحكمة في وجهها من جميع الجهات قال:

- لقد نصحتك تلك المرة لكن نصيحتي لم تعجبك

- بالطبع لم تعجبني فانا اطلب نصيحة للابتعاد عن صالح فاذا بك تطلب مني الزواج منه

- انه الحل الامثل

- انه ليس كذلك

- بل هو كذلك فصالح انسان شهم والعائلة كلها راضية بالامر، هكذا سترضين كل الاطراف

- الا انا

- عليك ان تعتادي على الفكرة

- وهل ستكون انت راضيا؟

تمعن جواد في سؤالها اذ لم يفهم مقصدها، او لم يجرؤ على الفهم، فهو بالطبع لن يكون راضيا لكنه بالنسبة اليها مجرد استاذ مزعج، فكتب لها:

- حسنا، وهل يؤخذ برأي الاساتذة عندكم في العائلة عند تزويج احدى فتياتها؟

عضت شفتها بحقد، وضعت كفها على السلسلة المتدلية من رقبتها لتعقد العزم، ما امامها الا ان تكون اول من يعترف له بالمشاعر، هكذا تتأكد من مشاعره تجاهها فإما ان تحارب لاجله واما ان تنساه للابد

كتبت له:

- متى ستعود من فرنسا؟...

- بعد اسبوعين تقريبا

سمعت خطوات احدهم في الرواق ثم سمعت صوت باب دورة المياه تغلق، أخفت الهاتف في جيبها واسرعت لغرفتها، اطفأت النور ووضعت الهاتف تحت الوسادة كي لا يلاحظ احد اضاءة الشاشة

تفكرت بطريقة لتسأله عن مشاعره تجاهها، لكن الامر لم يكن بتلك السهولة التي ظنتها، بعد تفكير طويل كتبت له:

- حسنا... سنتكلم مباشرة بعد ان تعود

رد ساخرا:

- وهل سيسمح لك بزيارتي؟ ام ستضعين نفسك في المزيد من المشاكل؟

سمعت صوت الحمام يفتح فأطفأت الشاشة ووضعت الهاتف تحت الواسادة ومثلت النوم، مشت امها الى المطبخ ثم جالت في المنزل وعادت الى غرفتها،

اخرجت الهاتف من تحت الوسادة لتكمل الحديث لكن الهاتف رن فجأة، ارتبكت ماذا تصنع حين قطع رنينه السكون الذي لازم البيت خشية ان يوقظ اهلها حتى نفذت اول فكرة خطرت لها وهي ان تغلق الخط،

لكن لسوء حظها اكتشفت ان المتصل كان والدها، حين رأت رقمه في سجل المكالمات اصفر لونها وادركت ان نهايتها قد حانت،

فجأة اضيئت غرفتها، التفتت الى الواقف قرب الباب لتجد امها تحمل هاتف والدها وتنظر اليها غاضبة، اقتربت منها وهي تسألها عن الهاتف

اخفته اريج تحت دثارها الصيفي ونكرت معرفتها مع علمها ان نكرانها امر سخيف، نظرت اليها الام بتحدي لترفع الوسادة ثم الدثار فتجده هناك

اخذت الام الهاتف لتشغله وتنظر الى محادثتها مع جواد، نظرت لابنتها بضيق لتقول لها:

- انت الا تتعلمين ام ان عقاب ذلك المرة لم يكن كافيا؟ تصوري لو ان الذي اكتشفك كان والدك وليس انا، ما الذي تظنين ستكون النتيجة؟ كما انه قد يشملني العقاب لانك تستعملين هاتفي فيظن والدك انني من سمح لك باستعماله

ابعدت اريج وجهها عن امها اذ لم تجد ما تجاوبها به، قرات الام المحادثة لتشهق مصدومة:

- هل تخططين لمقابلته؟

ظلت اريج ساكتة فاقتربت منها امها تحدثها بترجي:

- اريج... ارجوك... حاولي نسيان ذلك الشاب، تعلمين ان مصيرك الزواج من ابن عمك

التفتت اريج الى امها بعينان تكاد تفيض منها الدموع:

- وماذا لو اتى وطلبني؟ ربما يحبه ابي ويغير رأيه

- لا تحلمي بذلك حتى، لقد سألته مرات عديدة لكنه فقد ثقته بكل الرجال بعد ما حدث لعمتك

- لكن يا امي لا اريد الزواج من احد من العائلة...

- اريج...

فاضت اخيرا دموعها فعانقتها امها مواسية، حين هدأت اخيرا قالت اريج:

- اطمئني... على كل حال هو يحب غيري، ولن يأتي حتى ليطلبني...

تنهدت الام لا تدري ما تفعل، اتسر لما سمعت ام تحزن، فهي قد رأت نظرات جواد يوم عيد مولدها، كانت تحمل نفس المشاعر التي حملتها عينا اريج

مستها الام بالخير ثم عادت لغرفتها بعد ان حاولت نصحها بنفس ما نصحها جواد

---


على جانب ملعب لم يألفوه الا من ثلاث ايام، جلست نوال تنظر للطلاب يخرجون من الامتحان، البعض سعيد مستبشر والبعض حزين مكتئب، والبعض من شدة خوفه استرسلت دموعه مدرارا، حتى اخيرا وجدت اريج تنزل متجمهة الوجه، اسرعت اليها تسألها:

- كيف وجدتي الامتحان

- تبا... لم افهم شيئا من الاسئلة...

- لكنه كان سهلا جدا

- تقولين ذلك لانك درستي جيدا، انا لم استطع ان ادرس شيئا بسبب مشاكلي، اثار الضرب اخيرا حل عن بشرتي واستطعت ان آت بقميص لا يخنق وسط حرارة الصيف

- اوه يا اللهي، اتمنى لك النجاح

- هه... حلم بعيد المنال... اقرب اليك ان تتمنى الف دولار بلا تعب

- لا تكوني متشائمة جدا

- لست كذلك لكنني واقعية... اه ها امي تنتظرنا خارج المدرسة لاصطحابنا

- هيا دعينا نسرع كي لا نجعلها تنتظر كثيرا

صعدتا السيارة واخذت الام تطمئن عليهما وعلى تحليلهما للامتحان لكن اريج ازالت كل الطمينة من قلبها بقولها:

- اظنني سأعود للبيت لابدأ بالدراسة للدورة الثانية

تفكرت بحزن "يبدو ان المباركة التي وعدني جواد بها لن احصل عليها لانني لن تنجح... "

---


نهت صوت الببغاء شرح الدرس لاريج لتنظر اليها فتجدها شاردة، عيناها البنيين بائستين انطفىء نور الحماس فيهما ونظراتها تسبحان في الفراغ، منذ اسبوع معها على هذه الشاكلة، بالكاد تستمع الى شرح الدرس، وإن انبتها تعتذر وتعود لشرودها

لكن اليوم لا وقت للمعاتبة، نظرت صوت الببغاء الى هاتفها لتبتسم وتقول:

- حسنا، يبدو ان الدرس انتهى لليوم فيجب على ان اخرج


تنهدت اريج بارتياح قائلة:

- الحمد لله فقد كان الدرس مملا


نظرت اليها المعلمة بانزعاج لتقول:

- من يسمعك يقول انك كنتي تركزين معي


قلبت المعلمة ملامحها الى الحماس لتقول:

- اذا هل تأتين معي؟


استغربت اريج وسألت:

- الى اين؟

- الى اين؟ وهل هذا سؤال يسال؟ الا تعلمين ان جواد سيعود الان من فرنسا؟


فتحت عينيها على وسعهما لتعود اليهما لألئتهما بينما صبغ وجهها بالاحمر وقالت بابتسامة طفيفة:

- سيعود الان؟

ابتسمت المعلمة بحماس قائلة:

- لا اذكر حتى متى كانت اخر مرة ارى فيكي هذه البهجة، اذا هيا دعينا نذهب

عادت للحزن لتقول:

- تعلمين ان ابي لا يسمح لي ان اخرج الا برفقة امي او ابن عمي...

- لا تقلقي سأحدث والدتك


اخرجت الهاتف واتصلت:

- مرحبا انا معلمة اريج

- اهلا... كيف حال الدراسة؟

- فظيع... على كل حال، سأضطر للخروج لكن لن استطيع ان اقود مع ابنتي، ايمكن لاريج ان تأتي معي؟

- اوه... انا اسفة لكن والدها...

- لن نتأخر كثيرا... ساعة على الاكثر

- لست ادري فوالدها...

- مشواري يعتمد على اريج، ان اقبلت معي يمكنني الذهاب والا سأضطر ان ألغيه...

- حسنا لكن عودا بسرعة، حاولا الا تتأخرا

- حسنا... شكرا لك، لن انسى جميلك


اغلقت الخط بعجل لتقول:

- هيا بسرعة انهضي لقد وافقت والدتك، سأغير ملابسي وملابس الطفلة وانت راجعي درسك في هذا الوقت


نظرت اريج الى كتابها، وكأنها ستستطيع ان تركز بعدما سمعته، نظرت الى ملابسها، كنزة قطنية صيفية وسروال حينز قديم بعض الشيء، اما شعرها فمالعادة تركته منسدل بخرية دون موظيل معين، تبدو عادية جدا، لو علمت مسبقا بقدومه لاختارت ملابسها بعناية، ولصففت شعرها بكريقة اجمل، على كل حال الان لن تستطيع ان تفعل شيئا...

اقبلت المعلمة وهي تضع قبعة على رأس ابنتها ثم اعطتها اياه قائلة، بسرعة فقد اخبرتني امي ان الطائرة وصلت، احمر وج اريج ثم اصفر ثم اخضر اذ ان اهل جواد سيكونان هناك وستقابلهم لاول مرة، حملت الطفلة واسرعت مع شيماء لتصعدا السيارة وانطلقتا

---


وصلت للمطار لتراهم مازالوا ينتظرونه، سلمت شيماء على امها ثم اباها ورولا ختها الكبرى، فتشوا حولها ثم سألت امها:

- اين ياسمين

- اه لقد نسيتها


التفتت لتنادي اريج فاقبلت بخطى خجولة، حملت الام حفيدتها ثم قدمت شيماء اريج اليهم:

- هذه اريج تلميذتي

- ضحكت رولا لتقول:

- ولما تحضرين تلميذتك معك الى المطار؟

نظرت اليها شيماء بانزعاج لتقول:

- لا استطيع القيادة مع الطفلة فطلبت منها المساعدة

- هل هذا كل ما في الامر؟

قالتها بشك وهي تنظر الى اريج مما ادى الى تصاعد الاحمر في وجنتي اريج، فقالت شيماء:

- تجاهليها، عادة ما تكون اختي الكبرى مزعجة

ابتسمت بينما تستمع الى شجارات الاختين ودون ان ينتبهو شعرت باحدهم امسك بمعصمها وسحبها بعيدا عنهم، التفتت لتنظر اليه فتجده لؤي، توقف ونظر اليها بحقد بينما هي ارتعدت فرائسها وكاد يغمى عليها، عقد ذراعيه وقال:

- ايمكنني ان افهم ما الذي تفعلينه هنا؟

فتحت فاهها لتتكلم فقال غاضبا:

- لقد اخبرتني امك انها اوصلتك لبيت معلمتك لتدرسك، هل هذا هو بيت معلمتك؟

تمسكت بها شيماء وهي تقول بعجل:

- اين اختفيتي؟ لقد اتى جواد

نظر لؤي الى شيماء ليقول لها:

- هكذا اذا... انت معلمتها...

نظرت شيماء للؤي مستغربة لتقول له:

- وما الذي ات بك انت الى هنا؟

رفع لؤي رأسه بعجرفة ليقول:

- لدي اسباب لاكون هنا ولكن ما الذي تفعله اريج هنا؟

- انها هنا لمساعدتي بالطفلة

قالتها رافعة رأسها بعجرفة لتمسك يد اريج وتسحبها خلفها، سارت خلف شيماء ترتجف، تمشي وتتخبط بمن حولها حتى وصلتا عند جواد فترى حسناء متعلقة به تعانقه مرحبة به اما رولا اخته الكبرى اقبلت اليها محاولة ابعادها عن جواد، نظرت اليها حسناء بحقد لتقول:

- انا وجواد نحب بعضنا وسنعود خطابا كما كنا هذا الصيف

لسماع هذا الكلام شعرت انها دخيلة بينهم وفضلت الاختفاء عن الانظار فاختبأت خلف شيماء، نظر جواد لحسناء ثم للؤي الذي بدا واضح للعيان ان كلام حسناء لم يعجبه لكنه سكت لانه يعلم انها تحبه، عاد لينظر الى عائلته ينتظرون جوابه، التفت جواد الى يمينه ليقرب منه شابة واقفة الى جانبه ثم قال:

- اسف حسناء لكن ذلك كان في الماضي، اما الان...

ابتسم قائلا:

- اعرفكم على انجلا زوجتي وام طفلي المستقبلي

نظروا الى بطنها ليروه بارزا وواضحا ان الفتاة حامل في الشهر السادس على الاقل، اعتلت الاعتراضات من جهة اهل جواد بينما حسناء وجهت اليه بعض الشتائم واتهمته بالخيانة ثم انصرفت باكية، نظر لؤي الى جواد باحتقار ثم تبع حسناء

نظر اليهما جواد مبتسما وقال:

- هم وزال عن ظهري


تمسكت به شيماء لتجعله يركز معها وقالت بحزم:

- جواد... انت تمزح معنا، اليس كذلك؟...


هز كتفيه بلا مبالاة وقال:

- لما تقولين ذلك؟ انظري اليها، انها رائعة، طويلة شقراء عيناها زرقاء كما انها ذكية جدا، لقد كانت الأولى في الجامعة على مدى ثلاث سنوات

- وان يكن؟

- وإن يكن؟ نحلم بإيجاد فتاة مثلها هنا

- جواد!... قل انك تكذب

- ولما؟...


نظر الى الواقفة قرب شيماء ليرى اريج تنظر اليه وكادت عيناها تدمعان، لرؤيتها انفرجت اساريره، ابتسم تلقائيا بينما تراقص وميض الحب في سواد عينيه، اقترب منها ليسلم عليها لكنها ابعدت نظرها عنه محاولة اخفاء دموعها

- كيف حالك؟

اجابت بصوت مبحوح:

- بخير

- لم اتوقع حضورك...

اقتربت رولا وقالت مازحة:

- اذا... من اين تعرف تلميذة شيماء؟

ابعدها جواد بانزعاج قائلا:

- ايجب ان تحشري انفك بكل شيء؟ لقد كانت تلميذتي ايضا، هل ارضى الجواب فضولك؟...

- بالكاد، وماذا ايضا...

دفعها والدها ليبعدها عنهما قائلا:

- كفي يا فتاة، لقد احرجتي الطفلة

- اه صحيح، فجواد اصبح الان متزوجا

سكت الجميع لينظروا اليه بحقد، نظرت الام الى تلك الشقراء والى ملابسها الفاضحة وقالت بازدراء:

- ذلك المنظر الفظيع لن يدخل بيتي

- امي...

- الاب: امك محقة... ان اردت ان تتزوج دون ان تخبرنا على الاقل اختر فتاة مناسبة، لا يكفي ان تكون جذابة وذكية، لدينا صيت محترم في الحي نسعى للحفاظ عليه، يكفي الفضيحة التي نشرتها عنك حسناء


تنهد جواد بانزعاج ليقول:

- جواد: من اتى بذكر حسناء الان

- اريج: لقد كانت محقة بعد كل شي... لقد خنت ثقتها... ها قد اتيت مع امراءة حامل...

قالتها اريج والدموع التي حاولت ايقافهم منذ فترة فقدت السيطرة عليهم فقالت امه:

- ارأيت؟... هذه اول من يتعرض لسيطك

نظر الى اريج بحقد ليقول:

- ولما يضايقك خيانتي لها لهذا الحد؟... اه لقد نسيت، فانت لست افضل منها... محجوزة لابن عمك وتحبين فتا في صفك بينما تمضين طول ما بعد منتصف الليل تحدثين غريبا...

توجهت الانظار الى اريج بينما صاحت شيماء:

- انت محجوزة لابن عمك؟ منذ متى؟

نظرت اريج الى جواد بحقد وصرخت: " حقير... اكرهك... "

التفتت وولت هاربة بينما عادت شيماء الى جواد:

- اريج محجوزة؟ انت تعلم بذلك ولم تخبرني!


نظر اليها جواد بجفاف ثم قال:

- انها محجوزة لابن عمها... صالح لا غيره


فغرت شيماء فمها مصدومة، بينما قفزت رولا:

- صالح!... صالح ذلك اخ لؤي لا غيره؟...


ابعد جواد وجهه بضيق فوقع نظره على تلك الشقراء واقفة بينهم محتارة لا تفقه شيئا مما يحدث حولها الا ان الجميع يتشاجر دون ان تدري السبب فقال:

- حسنا، ان لن تستقبلوني في بيتي سأضطر للذهاب الى بيت اختي العزيزة

نظر الى شيماء ليراها مازالت مصدومة مما سمعت عن صالح فقال الاب:

" لا لن يحدث ذلك، زوجتك ستذهب مع شيماء لتجنب كلام الجيران بينما انت ستاتي معنا لننظر في امركما..."

- ابي... انها زوجتي فما شأن الجيران

- منذ ثلاثة اشهر انت لم تكن متزوجا وها قد اتيت بامراة حامل في الشهر السادس

- لو علمت انها ستجلب كل هذه الفوضى لما احضرتها معي

- لكنك احضرتها فتحمل ما فعلت، الان هيا معنا


وصل صديقه سامر يمشي الى جانب نتالي يجران حقائبهما بالعربة، توقفا قربهم لينظر الى جواد فقال له:

- ما هذا الترحيب، الكل منزعج من حضورك، عد الى فرنسا خير لك


نظر اليه جواد باستخفاف ثم قال له:

- خذ انجلا معك سأكلمك لاحقا، يبدو انني ادخلت نفسي في مشكلة


نظر الى نظرات الجميع البائسة مستغربا ثم نظر الى انجلا قال بالفرنسية:

- حسنا انجلا تعالي معنا...


توجهت اليهم انجلا مع حقائبها وذهبوا، عانق جواد شيماء ليقول لها:

- اصبح بامكانك ان تأتي معنا فقد طاق قلبي لعناق هذه الطفلة الصغيرة، لاول مرة اراها مباشرة منذ ان ولدت


ابتسمت شيماء شبه ابتسامة وسار الجميع سوية لمنزل العائلة

---

__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية