عرض مشاركة واحدة
  #84  
قديم 07-10-2018, 07:40 PM
 

الفصل الخامس عشر


ركنت سيارة صالح امام المدرسة، نزل ليدخل غرفة المعلمين باحثا بين الوجوه عن اريج لكن تصادمت عيناه بعينان خضروان مذهولتان لرؤيته، اتسعت عيناه غير مصدقا ما يرى

رمش عدة مرات ليرى الشابة قد نكست رأسها بضيق، ابعد عيناه عنها بحرج ثم نظر الى معلمة كانت معهم في الغرفة وسألها عن اريج، نظرت المعلمة الى ساعة يدها مستغربة لتقول:

- لما تأخرت هكذا اليوم؟ اجلس وانتظرها ستكون هنا في اي لحظة

هز صالح رأسه موافقا ليجلس على احدى الكراسي منتظرا، ما لبثت ان القت المعلمة التحية عليهما لتنصرف ويبقيا وحدهما، نظر صالح الى ليلى ليجد الزمن قد غير فيها ما غير وبان عليها امارات التعب

لكن شعرها الرملي الاملس مازال محتفظا برونقته وجماله، اما عيناها التي كانت تأسرانه يوما هما اكثر ما عكسا التعب، اخفض رأسه متفكرا بكيفية حياتها خلال هذه العشر سنوات، قال لها:

- اخبرتني شيماء منذ سنين انك تزوجت وانجبت طفلا

نظرت اليه متفكرة ثم قالت:

- لم اكن ادري بانك مهتم... فقد تركتني بكل برود لاجل اخرى

قال بالحاح رجاء:

- لقد اخبرتك باسبابي

- لا يهم الان... ما حدث قد حدث

- انا اسف...

ابعدت وجهها عنه فساد الصمت لبرهة حتى عاد ليسألها:

- كيف كانت حياتك هذه السنين

- مقرفة... مقرفة جدا

نظر اليها بحزن ليقول:

- لكن زوجك... وابنك... الست سعيدة معهما؟...

هزت رأسها نفيا لتمسح دمعة تجارت في خدها وقالت:

- لا... تزوجت لكن لم استطع ان اتقبل زوجي... طلقت منه بعد سنتين... املت في ان تدرك انك ما زلت تحبني كما ما زلت احبك وان تترك خطيبتك انت ايضا ونتزوج... ولكن كما يبدو انك سعيد معها

لسماع اخر جملة قالتها تهربت منه ضحكة قصيرة ساخرة ثم قال:

- سعيد معها... بالطبع... سعيد جدا...

اخفضت رأسها لتقول:

- اذا... لا امل من ان نعود لبعضنا ابدا

هز رأسه شاردا ليقول:

- اسف... ذلك غير ممكن... لا يمكنني ان اخذل ابنة عمي...

اجابت بانفعال:

- لكن يمكنك خذلاني... لقد كانت حبنا يحسد من قبل العاشقين

- اسف ليلى... لكن لا يمكنني تركها

ابعدت نظرها عنه ماسحة دموعها، لاحظت معلمة دخلت الغرفة، اخفضت رأسها لألا تراها تبكي، لاحظت انها اقتربت من صالح ثم سلمت عليه ببرود، نهض صالح ليجيبها ببرود ممزوج بالغضب:

- هيا دعينا ننطلق

رفعت رأسها عندما ادركت ان الاتية هي خطيبة حبيبها السابق، نظرت اليها مصدومة لرؤية تعابيرها الباردة وما لبثت ان نهضت غاضبة وقبل ان يخرجا قالت بغير تصديق:

- هل هذه هي خطيبتك؟...

لم يجبها صالح بل امسك ذراع اريج ليسحبها خارج المدرسة لكن ليلى حالت بينهم وبين باب الخروج وقالت:

- هل هذه هي التي بدلتني بها...

نظرت اريج اليها مستغربة ثم الى صالح لا تفهم شيئا بينما قالت صالح برجاء هادئ:

- ليلى ارجوك... انس الماضي ودعينا نمضي بحاضرنا كما هو

ظلت ليلى تنظر الى اريج مصدومة لتقول:

- لكنها... لكنها لا تحبك... هي لم تبتسم حتى لرؤيتك... لم ترحب بك

- ليلى...

نظرت الى اريج بغضب لتقول لها:

- ان صالح جوهرة لا تقدر بثمن بينما انت لا تقدرينه كما يجب، لقد تخلى عني لاجلك حين كنت اكن له كل الحب، بينما انت تعاملينه هكذا!...

فغرت اريج فاهها حين ادركت ان الواقفة امامها هي حبيبة صالح السابقة، ولما تصرخ بوجهها، لو بيدها لتنازلت له عنها منذ زمن لتذهب هي وترى حياتها، لكنها مجبرة عليه

نظرت اليها اريج بازدراء لتلتفت وتكمل سيرها قائلة بجفاف:

- ساسبقك الى السيارة، اتبعني حين تنهي حديثك مع حبيبتك السابقة

فغرت ليلى فاهها بينما اغمض صالح عيناه شاتما، اسرعت ليلى خلفها لتشدها من شعرها وما ان استدارت اريج حتى صفعتها، ثارت اريج لكرامتها فامسكت ليلى من شعرها وشدته، اسرع صالح محاولا ابعادهما عن بعضهما لكنهما كانتا متشابكتان

على صوت صياحهما خرج من تبقى في المدرسة ليعرفو ما القصة، اقتربت الناظرة بحزم لتقول:

- اريج سيدة ليلى... سارسل تقريرا للادارة عما حدث، وسينظرون في امركما

لدى سماع ذلك افلتت كل واحدة منهما الاخرى فتابعت الناظرة:

"قد تفصلين من عملك اريج لضرب ام احد التلاميذ بينما انت سيدة ليلى قد يفصل ابنك لضربك احدى معلماتنا"

نظرت ليلى لاريج بصدمة لتقول:

- هل انت المعلمة اريج!... معلمة ابني تامر...

ابتعدت عنها اريج لتنضم الى صالح بينما بحثت ليلى بين وجوه الطلاب لتجد ابنها يبكي، غطت فمها بصدمة لتعتذر من الموجودين لما حدث واسرعت الى ابنها، مدت يدها اليه ليذهبان لكن ابنها سحب يده غاضبا وصرخ:

- لقد ابعدتي عني والدي والان تريدين ان تؤذي معلمتي المفضلة

هرب لداخل المدرسة بينما اسرعت خلفه ليلى واختفت بين مجموعة المتفرجين، نظرت الناظرة لاريج بتكبر قائلة:

- اؤكد لك ان الادارة لن ترضى بما حدث توا... طردك اصبح مؤكدا...

نكست اريج رأسها بحزن وراح يتداول ما حدث السن المتفرجين حتى خرج من بينهم شابة لطيفة الملامح بينما عيناها الزرق عكسا قوة ارادة زاد على هيبتهما شعرها الاسود الداكن المربوط للخلف على هيئة ذيل حصان، اقتربت من الناظرة لتقول بحزم واحترام

- لكن الاخرى هي التي ابتدأت، اريج فقط ردت لها فعلتها

- ما كان عليها ان ترد لها شيء... على كل حال ستصل شهادتك الى الادارة ايضا وقد يساعد ذلك

ابتسمت لها بلطف لتلتفت الى اريج، نظرت اليها اريج بامتنان قائلة:

- شكرا لك راوية

جال صالح بنظره بينهما بغضب ثم قال:

- ليلى من ابتدأت !... ان كنت لا تعرفين شيئا عن الموضوع فلا تتدخلي

فغرت راوية فاهها بصدمة فقالت اريج بضيق:

- دعنا نمضي وانسى الامر الان

- راوية:

ينسى الامر!... ان كنت تحب ليلى ما كان عليك التخلي عنها من البداية، لقد ارتبطت باريج بارادتك فلتحترم هذا الارتباط

- ادافع عن الظلم لاحترم هذا الارتباط

- تدافع عن الظلم!... لقد كانت هي من ابتدأت... لقد رايتها بنفسك

- اخبرتك... ان كنت لا تعلمين شيئا فلا تتدخلي

رفعت راوية راسها شامخة وقالت بعزم:

- بل اعرف كل شيء فقد سمعتكما تتحدثان توا، ورغم ذلك لا يحق لك

ابتسم بسخرية ليقول:

- ما سمعته مختصر لمختصر قصتنا، اخبريني، ما تكون ردة فعلك لو كنت تحبين شخصا حبا جما وذلك الشخص يحبك حبا جما وفجأة يظهر دخيل من العدم ليمنع عنك ذلك الشخص، وبعد سنين من الحب عن بعد تكتشفين ان ذاك الدخيل يعامل من تحبين معاملة فظة فظيعة

صمتت راوية لوهلة تفكر بالامر ثم قالت:

- لكن بعد كل شيء هي من بدأت

- نظريا ربما... لكن عمليا الامر يختلف

استعدت راوية للدفاع لكن اريج انصرفت لتصعد الى السيارة فتبعها صالح ليقطع الموضوع، صعد للسيارة وانطلقا ليرافقهما الصمت التوتر طوال الطريق...

---


نزعت نظرها عن الكتاب بعد ان ادركت انها لن تستطيع ان تفهم شيئا، مع الافكار التي تتزاحم في رأسها،

اولا لقائها بوقح البرية بعد جفاؤه سبع سنوات، ثانيا ظهور حبيبة صالح السابقة وتجرأها على صفعها امام جميع من في المدرسة، والافظع من ذلك

انها تكون ام احدى تلاميذها المفضلين، ثالثا وهو الاهم، طردها من المدرسة اصبح شبه مؤكد

اغمضت عينيها بتعب لتزفر ثم بعد وهلة فتحتهما لتلاحظ احدهم يقف عند عتبة باب غرفتها

وجهت نظرها اليها لترى شخصا بلامح مألوفة، الشعر الاشقر الطويل، العينان البنيتان، البشرة القمحية، الرموش التي بالكاد ترى لبهاتة لونها، ضيقت عيناها محاولة تذكر هوية الواقفة امامها حتى سمعت صوتها:

- مرحبا اريج... هل يمكنني الدخول لاكلمك

فغرت اريج فاهها بصدمة ثم نهضت غير مستوعبة:

- نوال!...

نكست نوال رأسها بحرج لتقول:

- ان كان وجودي يضايقك فسأنصرف... لكن ظننت انه ربما قد يهمك الخبر

جالت اريج بنظرها في الغرفة المبعثرة اغراضها كالعادة ثم ازاحت عدة كتب من السرير لتوسع لها كي تجلس ثم قالت:

- تفضلي...

جلس كلاهما وصمتا يتفرجان على زوايا الغرفة لا يعرفان كيف يبدأن الحديث حتى قالت نوال:

- ما زالت غرفتك كما كانت دائما... يبدو انك لم تغيري عادتك القديمة في هذه السبع سنوات

ابتسمت اريج لتقول:

- لدي الكثير من الانشغالات، بالكاد انزع عيناي عن الكتب، بين التعليم والدراسة

- اصبحتي تعلمين وما زلتي تدرسين؟

هزت اريج رأسها ايجابا لتقول:

- وماذا عنك؟

- حسنا... لقد اكملت دراستي لكني لم اعمل... فقد كنت... ممم حسنا... كنت متزوجة ولكن يبدو انني لن ابقى كذلك

اتسعت عينا اريج من الصدمة فأكملت نوال:

- يبدو انني لم استطع ان اتفق مع ايمن، لن نستمر معا... لقد قلت في اخر محادثة لنا انك تحبينه ... لذا ظننت انه ربما مازلت كذلك... و... كما تعلمين

رمشت اريج عدة مرات ثم هزت رأسها محاولة استيعاب كلامها لكن لم يكن بالامر السهل، صرخت اريج:

- لكنكما كنتما كعصفوري حب... ما الذي جرى؟

ادمعت عينا نوال لتنظر الى اريج محاولة الابتسام ثم قالت:

- الزمن يغير الكثير...

مسحت دموعها لتنهض من مكانها، ناولت اريج ورقة وقالت:

- هذا عنوان ايمن ورقم هاتفه... لانني ما زلت اعتبرك صديقتي المفضلة رأيت انه ربما علي ان اخبرك عسى ان حاولت ثانية قد يحبك بعد انفصالنا قبل ان يتعرف على اخرى

تهربت من اريج ضحكة ساخرة غير مستوعبة لكلام صديقتها اما نوال فاسرعت الخطى للخارج قبل ان تنهمر دموعها مدرارا

نظرت اريج للورقة متفكرة ثم الى حيث اختفت نوال وتسآئلت:

- ما الذي جرى يا ترى؟ لما انفصلا بعد كل هذه السنين؟...

---




ارجعت اريج مفاتيح المنزل الى حقيبة يدها لتغلق الباب وتتوجه الى غرفتها، وقفت مصدومة على باب غرفتها حين رأتها مرتبة بالكامل، الملابس مطوية على الاريكة، الارض فارغة لا شي عليها الا السجادة، لا كتب على السرير كالعادة، فقط الشراشف موضوعة بترتيب وصبية جالسة عليها

"مهلا... من هذه الصبية... "

امعنت اريج النظر اليها مستغربة، هل هي خادمة احضرها احدهم لترتب غرفتها؟ مستحيل فرغم شعرها الاسود الداكن الا ان بياضها ناصع، ومن الواضح انها مثقفة بسبب تعمقها في كتاب بين يديها ويؤكد على ذلك نظراتها الطبية، فلو كانت مثقفة ما كانت لتبحث عن عمل كخادمة بل اي شي ارقى من ذلك

اذا من تكون بالضبط؟

دخلت اريج للغرفة ملقية التحية لتنزع الاخرى عينيها عن الكتاب وتقف سريعا وترد التحية بادب وحرج، ثم قالت:

- هل انت اريج اخت تامر؟

هزت الاخرى رأسها ايجابا بينما تجول بنظرها في غرفتها كأنها تسأل عما جرى

حكت الاخرى رأسها بحرج لتقول:

- كنت انتظرك منذ عدة ساعات ومللت وحدي... لذا رأيت ان اتسلى وفي الوقت نفسه اقدم ولو اليسير من المساعدة

هزت اريج رأسها متفهمة ثم قالت:

- ربما كان عليك ان تسألي عن وقت عودتي قبل ان تأتي دون معرفة، من انت وما تريدين على كل حال؟

اجابت بحماس:

- انا ريم، زميلة تامر في المدرسة، اخبرني انك عبقرية وتحبين الدرس كثيرا.

- و؟...

- حسنا... اممم... ربما استطعت ان تساعديني في الدراسة لاتفوق

- اسفة لكن لا وقت لدي

ارتسم الحزن على ملامح ريم لتقول:

- سادفع لك ما تريدين...

- ليس الامر مسألة دفع او مال، لكن حقا لا وقت لدي

اندفعت بترجي:

- سأكون ذكية وافهم كل شيء بسرعة، لن تشعري بوجودي، اعدك...

- لكن...

- ارجوك... فقط جربي ليوم واحد

- اسمعي

- ارجووووكييي

قالتها بعينان متلائلئتان تصعبان الرفض للجهة المقابلة لتقول اريج بقلة حيلة:

- حسنا... سأجرب فقط...

- شكرا لك

قطعت كلامها بتلك الجملة لتذهب وتحضر كتبها بسرعة وتضع الكتاب امامها لتفتح على الدرس الذي درسوه اليوم في المدرسة، نظرت اريج مليا للكتاب ثم بدأت تشرح واريج تكمل الشرح عنها حتى نظرت اليها اريج مستغربة لتقول:

- اظنك لا تحتاجين معلمة خاصة، فانت ذكية جدا

رمشت ريم عدة مرات متفكرة ثم قالت:

- حسنا هذا الجزء فهمته جيدا اثناء الشرح في الصف، لنكمل بالذي يليه...

ابتسمت اريج لتنتقل الى شرح المقطع التالي بينما ريم تتصنع الاستماع والتفهم

انتهت من الشرح لتعطي لريم مسألة تحلها، مثلت ريم التفكير والتحليل بينما انتقلت اريج الى دروسها الجامعية ووضعت فيهم كل تركيزها

نزعت ريم نظرها عن كتابها لتنظر الى اريج التي كانت تعصر دماغها لتفهم ما في كتابها، اسندت راسها على كفها شاردة:

"لما يحتاج البشر كل هذا المجهود للدراسة؟ فعلا الدراسة ليست صعبة ابدا، انها اشبه باكل البوظة، سلسة وممتعة وتنتهي دون ان تدري...

هل يا ترى لو تربت في عائلة عادية لكانت ستكون كباقي البشر؟ ربما لن يكون الدرس سهلا بالنسبة اليها، ولكن الحياة بمجملها ربما كانت لتكون اسهل...

عندما لاحظت ان اريج اطالت التفكير واخذت تتنهد بانزعاج، اقتربت منها لتقرأ في كتابها ودون انتباه منها قالت:

- واو هذا الدرس رائع

نظرت اليها اريج مستغرية فاحمرت ريم وقالت مبررة:

- اختي في الجامعة درسته مؤخرا، انه سهل جدا

اخذت تشرح لها بينما اريج تنظر اليها مصدومة حتى انتهت ريم وختمت شرحها بابتسامة عريضة حيث هذه اول مرة تشرح لاحدهم ويستمع الى شرحها للاخر دون ان تطرد

بل والاكثر نالت مديحا من اريج، بحرج قالت اريج:

- ربما انت من عليك تعليمي وليس العكس

ضحك الاثنتان ومضى وقتهما دون ان تشعرا

---



دخل تامر المنزل ليلا مع صديقيه ليسمع ضحكات اريج من اول المنزل، نظر الى صديقيه بريب ثم تقدم ليدخل غرفة اخته فيراها مرتبة، صفر باعجاب ليقول مذهولا:

- ما المناسبة يا اختي العزيزة

نظرت اليه اريج بابتسامة واسعة ليقول:

- لست انا بل صديقتك

اشارت اريج الى ريم لكن ريم لم تستدر نحوهم بل ظلت تعطيهم ظهرها تنظر الى زاوية من زوايا الغرفة بجفاف وخوف

استغربت اريج من ردة فعلها لكن ما اثار استغرابها اكثر ردة فعل تامر، اذ لم يحتاج الامر لتلفت اليه ليعرفها، فتلك الهيئة المنظمة المرتبة اكثر من اللزوم لا تنم الا عن ريم، صرخ غاضبا:

- الى هنا تبعتني!... الا يكفي اننا نهرب منك في المدرسة حتى تتبعيننا الى هنا

صمتت ريم غاضبة بينما دافعت عنها اريج:

- لماذا تكلمها بهذه الطريقة؟... ثم هي لا تتبعك بل اتت كي اعلمها واساعدها في التفوق

اجاب ساخرا:

- لتعلميها وتساعديها على التفوق!... مدللة اهلها ووحيدتهم بين عائلة اساتذة، لما تظنين انها تحتاج الى مساعدتك؟... هي قادرة على تعليمك لو ارادت

قطبت اريج مستغربة، اذ انها بالفعل قادرة على تعليمها فقد كانت تفعلها منذ قليل، لكنها قالت ان لها اخت كبرى تدرس ما تعرفه في الجامعة

نظرت الى ريم بشك لتسألها:

- هل انت حقا وحيدة اهلك؟ الم تقولي منذ قليل ان لك اخت كبرى علمتك كل ما تعرفينه ؟

اجاب تامر قبلها بغضب:

- فكري فيها، انها تخدعك... هل يمكنني ان افهم ما الذي تريدينه من اختي الان

نظرت اليها اريج لتراها قد بدأت تبكي، عبست لاخيها محاولة طرده من غرفتها لكنه اصر على البقاء وهو يحث ريم على الكلام، مسحت ريم دموعها لتسرع في الخروج من الغرفة لكن تامر امسكها ليوقفها، دفعها للداخل مجددا وقال:

- لن تخرجي من هنا قبل ان تتحدثي، ما الذي جاء بك الى هنا

نهضت اريج لتضم ريم اليها قائلة:

- قف عن معاملتها هكذا تامر، انها مخلوقة بشرية تستحق الاحترام

- اجل بالطبع، عندما تحترم هي ذاتها سافعل انا ذلك، والان هيا تحدثي

ابتعدت ريم عن اريج ثم لتعود الى السرير للبكاء، قال تامر بجلفصة:

- دموع التماسيح هذه لن تنفعك، حري بك ان تتحدثي

حدجته اريج ثم جلست بقربها، ربتت على كتفها لتقول:

- انا ايضا اريد ان اعرف لما فعلت ذلك، لقد خدعتني واخذت من وقتي، اظن انني استحق تفسيرا لما جرى على الاقل

مسحت ريم دموعها لتأخذ نفسا عميقا، قالت:

- اردت ان احصل على اصدقاء

باستغراب قالت اريج:

- اولم يكن من الافضل لو اخترت صديقا من عمرك

- لقد رفضو جميعهم صداقتي، كلما حاولت التقرب منهم نفرو مني

- لماذا؟...

- تامر: انت لم تحاولي التقرب الينا بل حاولت تفجير ادمغتنا ، كلما نزلنا للملعب لنريح عقولنا من الدراسة نراك تذكرينا بها مجددا

- ريم باندفاع: انها الطريقة الوحيدة الي اجيدها

- لن اصدق لو قلتي انها كانت تنفع في الصفوف السابقة

انزلت ريم رأسها بحزن لتكمل بكائها ثم قالت:

- انها اول سنة لي في المدرسة

بشك نظر اليها تامر ليقول:

- اتريدين ان تقولي انك تخرجت دون ان تدخلي المدرسة

- واين المشكلة في ذلك ان كانت المدرسة تابعة لعائلتي؟ لقد تولى اعمامي تعليمي منذ نعومة اظافري

- ولما دخلتي المدرسة الان بعد ان تخرجتي؟

جالت بنظرها بين اريج تامر ثم اصدقائه وقالت:

-اردت ان اجرب الحياة الطبيعية، لم يوافقو اعمامي في البداية قائلين اني سأضيع نص وقتي في التسكع مع الاصدقاء وهذه الاشياء، لكني اخبرتهم انهم لو لم يسمحو لي ان ادخل المدرسة لن اكمل الدراسة ابدا، فسمحوا لي بشرط ان تكون هذه السنة فقط... لكن كما يبدو انني لن اكمل هذه السنة حتى... فحياتكم لن تناسبني ابدا، تسموننا بالدكتاتوريين وانتم اشد قسوة مننا

صمت الجميع ولم تسمع الا شهقات اريج حتى قال تامر:

- ولم تجدي الا هذه الغبية لتصادقيها؟ ان كنتي تريدين تجربة الحياة اجتماعية بمعنى الكلمة عليك ان تبتعدي عن اختي قدر الامكان تعالي معي لاعرفك على الحياة الاجتماعية على اصولها

شفطت ريم مخطة نازلة وهي تهز كتفيها معربة عن رفضها اي مساعدة منه، رفع رأسه بكبرياء ليقول:

- انت حرة...

انصرف الى غرفته ليتبعه شادي بينما جال بلال بنظره محتارا بين صديقه وريم حتى اخيرا تبع تامر


__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية