عرض مشاركة واحدة
  #91  
قديم 07-15-2018, 06:32 PM
 

الفصل 18


جلست امام كتاب من الفزياء تتفرج على الصور في هاتفها حتى اخيرا اقبل جواد، اخفت هاتفها بسرعة لتقلب صفحات كتابها

نظر اليها مستغربا ليجلس بقربها، سالها:

- هل هناك اي مشكلة؟

هزت رأسها نفيا فقال مبتسما: "حسنا دعينا نبدأ بالدراسة، هل قرأت الدرس؟..."

هزت رأسها نفيا فعاد لينظر اليها مستغربا ثم قال:

- ما الذي كنت تفعلينه طوال الوقت؟

اخفضت رأسها تفكر بما تجاوبه فقال محاولا تلطيف الاجواء:

- كنت اختصرتي علينا نصف الوقت، لا بأس، هيا دعينا نبدأ

اخذ يشرح لها مرارا وتكرارا لكن عقلها كان في مكان اخر، نظر اليها مبتسما ليقول:

- من سعيد الحظ الذي سلب عقلك؟

نظرت اليه مستغربة فقال:

- اعترفي، بمن تفكرين؟... لا يمكن ان تغيري شكلك هكذا فجأة وتصبحي كثيرة الشرود دون سبب

عبست حين فهمت مقصده لتقول:

- ليس الامر كما تظن

- اذا ما الامر بالضبط؟ لما هذا التغيير المفاجئ؟

- لقد كان اقتراح تامر واصدقائه

فجأة عبس ليقول لها:

- يفضل ان تبتعدي عن ذلك الشخص فلن يجلب لك الا المشاكل

- في الواقع... كنت افكر مثلك... لكن بعد ان عرفته عن قرب ظهر لي انه انسان طيب

- انسان طيب!... تامر!... اتمنى انه لا يخدعك ليستغلك

تذكرت ريم الاتفاق الذي بينها وبين الاصدقاء، صداقتهم مجرد اتفاق لا صلة للمشاعر فيها، اذا بعد كل شيء يمكن تسميتها بالاستغلال الى حد ما

كل واحد منهم يستغل الطرف الاخر، اذا هما متعادلان، لكن بعد كل شيء تامر يعاملها بلطف بعكس ما كان يعاملها سابقا، اذا فهي تربح اكثر مما تخسر

ناداها جواد ليوقظها من شرودها، قال لها:

- قد لا تكونين طفلة، لكنك مضيت اغلب حياتك بعيدة عن الحياة الاجتماعية فلا تعرفين كثيرا عن اطباع الناس، بينما تامر يمكن تسميته بثعلب ماكر يعرف كيف يصل الى اهدافه دون ان يتعنى لمشاعر الاخرين، لذلك احببت ان احذرك منه

ابتسمت له ثم قالت:

- لا تقلق علي فانا اعرف ما افعله

- تعرفين ما تفعلينه؟... وما الذي تفعلينه؟...

- ممم... لا شيء مهم... دعنا نكمل الدراسة

نظر اليها بحذر محاولا فهم ما يدور برأسها فقالت:

- اني فقط احاول ان اكسب بعض الاصدقاء وهو يساعدني على ذلك

- حسنا... ابقى معه مجرد صديقة لا اكثر

نظرت اليها نظرة ساخرة لتقول ضاحكة:

- "انا وتامر اصدقاء" جملة غريبة، فكيف اكثر من ذلك، على كل حال سبقك بلال بتحذيري منه، اتصدق؟... حذرني حتى من السير الى جواره

- لن استغرب ذلك

- لماذا؟

- لانه يحب ان يبدل كثيرا، كل يوم مع فتاة جديدة، على كل حال بما انك تفهمين جيدا من يكون تامر فلا ارى من داع لمزيد من التحذيرات، فقط اعملي بهم ولا تكوني غبية... اذا لنبدأ الدراسة

- حسنا

- وحاولي التركيز معي


مر الوقت بلظى على كلاهما بسبب كثرة شرود ريم حتى مل منها جواد وارسلها لتتمشى قليلا عسى ان يستعيد عقلها نشاطه

تمشت وهي تتفرج على صور اريج مع ايمن، من عساه يكون، هل تسأل عمها عنه؟ ربما يقتلها تامر لو فعلت، لكنه صديق قديم لا بد انه يعرف جواد، بالاخص انهم اتو على ذكره

ربما عليها ان تسأل ايمن عنه وعن اريج وليس العكس، فبكل الحالات ما سيفيدها من يكون فعلاقتهما بدت عادية

التفتت لتعود فوجدت جواد خلفها مباشرة، اخفت هاتفها خلفها وهي تحاول ان تطفىء الشاشة، ولشدة توترها سقط الهاتف من يدها

انخفضت هي وجواد لاخذه لكنه سبقها اليه، اخذ وسلمه لها قائلا:

- لقد تأخرت كثيرا، ان بقيت على هذه الحالة سيمضي الوقت كله وتعودين الى البيت قبل ان نبدأ الدراسة

قالت بصوت منخفض "اني قادمة" وسبقته الى الداخل، جلست امام كتاب الفزياء مجددا محاولة ان تهدأ، فكرت : "ربما يجدر بي ان لا افتح

الصور مجددا الى ان اخرج من منزل عمتي، كما الافضل لو استطعت ان انزع موضوع اريج من راسي..."

جلس جواد امامها قائلا:

- اذا؟... هل تنشط مخك؟... هل اصبحتي مستعدة لبدء الدراسة؟...

نظرت لعمها شاردة فلوح امامها ليوقظها، تنهدت بملل ثم قالت:

- يبدو انني سأتصل بوالدي ليأت ويعيدني للمنزل

نهضت لتخرج هاتفها بينما نظر اليها جواد متفكرا ثم قال:

- ما زال امامك ساعة قبل ان يأت والدك لاصطحابك، ما رأيك ان نخرج سوية لنأكل المثلجات

ابتسمت ابتسامة عرض وجهها لتعانق عمها بحماس، لم تكد تبتعد عنه حتى اقبلت فتاة صغيرة في السابعة من العمر، ثلجية البشرة ذات ضفيرتين ذهبيتين، عانقت جواد وهي تنظر اليه بعينيها البريئتين التين تذوبان قلوب البشرية وقالت:

- اريد الذهاب معكم

نظر جواد اليها ثم الى ريم محتارا، كان ينوي ان يفتح معها تحقيق عما يحدث معها، لكن مع هذه الطفلة ستصعب الامر، اولا ليس عليها ان تتواجد في حوارات للكبار، ثانيا ستأخذ ضفة الحديث لنفسها وقد لا تسمح لاحد بالحديث بوجودها

قال لها بحزم:

- غدا اخذك انت، اليوم دور ريم

ادمعت عيناها لتنسحب بمسكنة، تنهد جواد بقلة حيلة ليقول لها:

- حسنا لا باس، يمكنك ان تأتي معنا، اذهبي الى امك واطلبي منها ان تغيير ملابسك


ما ان سمعت كلامه حتى انقلبت 180 درجة واسرعت الى امها صارخة بحماس:

- ماما بسرعة بدلي ملابسي، خالي سيأخذني معه لتناول المثلجات

اقبلت شيماء مستغربة:

- هل هذا صحيح؟... اراكم انهيتما الدرس مبكرا اليوم

- في الواقع نحن لم نبدأ بعد

رفعت حاجباها مستغربة فقال:

- جهزي ياسمين بسرعة او ان استطعت ان تلهيها عننا لنأخذ راحتنا بالكلام يكون افضل

نظرت اليه باستهزاء قائلة:

- في المرة القادمة اخفض صوتك وانت تعرض المثلجات على ابنة اخيك، الان بعد ان وعدت لا شيء في الكون يلهيها عنك وعن المثلجات

هز كتفيه بقلة حيلة قائلا:

- امرنا لله

---



جلس الثلاثة تحت شجرة في البرية يتناولون المثلجات حتى رن هاتف ريم، قالت:

- لا بد انه والدي

نظرت الى المتصل ليصفر لونها، وضعت الهاتف على الوضع الصامت وعبست لتكمل اكل مثلجاتها بهدوء، نظر اليها جواد مستغربا

- لما لم تجيبي؟ اليس والدك؟...

قالت بتجهم:

- بل انه طارق، ان علم اني لم ادرس اليوم سيشمت بي لمدة اسبوع

فرط ضحك ثم قال:

- في هذه الحالة عليك ان تتخلصي من المشكلة التي تدور برأسك بسرعة لتعوضي عما فات، فطارق مثل امه، عندما كنا صغارا كانت رولا الاذكى بيننا

- هذا ليس عدلا، انه اذكى مني واكبر سنا

- انت من قمتي بتحديه، عليك ان تتحملي مسؤولية ما فعلتي

- اففف انهض ودعنا نعود للمنزل لنكمل الدراسة

ابتسم جواد اذ اخيرا عادت ريم لطبيعتها، لطالما كان تحدي طارق محفزا قويا لدفعها للدراسة، علما انه لم يستطع ان يعلم ما يجول بعقلها بعد لكن على الاقل استطاع ان يعيد اليها تركيزها

نهض جواد، حمل ياسمين ليعودوا الى المنزل لكن ياسمين بدأت تبكي تريد البقاء، تنهد بانزعاج ليرسل ريم للمنزل لتقرا الدرس قراءة اولية ثم يتبعها مع ياسمين ليشرح لها

اسرعت للمنزل وبينما هي على السلالم عاود طارق الاتصال، اكملت الصعود بسرعة لتطرق الباب، فتحت عمتها ناولتها الهاتف قائلة:

- اجيبي عليه واخبريه انه لا يمكنني التحدث لانني ادرس

اسرعت للداخل لتأخذ كتابها وتبدأ الدراسة، ابتسمت شيماء وفعلت كما طلبت منها ريم

---


بملل تركت كتابها جانبا حين سمعت رنين هاتفها، انقلبت الى الحماس عندما رأت انه رقم راوية لترد مبتسمة:

- مرحبا

- اهلا... لقد حدثت ادارة المدرسة عنك ويريدون مقابلتك، يمكنك ان تأتي غدا

- هذا جيد، هاتي العنوان...

- الم اخبرك عنه؟

- لا ولم تذكري لي اسم المدرسة حتى

- اوه حقا... حسنا كيف اشرح لك... اسمعي غدا اتي لاصطحابك ونذهب سوية

- حسنا

اغلقت الخط لتنظر مسرورة الى كتابها "يبدو ان الاوضاع عادت لتتحسن، اتمنى ان تعود حياتي الى روتينها السابق باسرع وقت لان تخربط الاوضاع حولي بدأت تظهر على علاماتي..."

---


ودع جواد ابنة اخيه على الباب قارصا خدها:

- ادرسي جيدا ولا تدعي طارق يسبقك

ابتسمت ابتسامة عريضة قائلة:

- حاضر، انت علمني كل يوم كما علمتني اليوم لننتهي بسرعة

- انا علمتك كالعادة لكن نسبة تركيزك كانت اعلى

ابتسمت بفخر ونزلت السلالم بسرعة وما ان اغلق الباب حتى سمع رنين هاتف ريم فتح الباب ليخبرها لكنه وجدها اختفت، كان المتصل اخاه والد ريم فرد على

الاتصال ليطلب منه ان تعود ريم لتأخذ هاتفها، اغلق الخط ثم نظر للهاتف، شيء ما اخبره انه عليه فتحه، ربما ارتباك ريم المفرط كلما تفاجئت بوجوده واخفائها للهاتف فجأة

فتح الهاتف ليرى صورة لاريج مع ايمن في المقهى، قلب الصور ليرى المزيد من الصور لها، تارة تبتسم وتارة منزعجة وتارة غاضبة

تجهم لرؤية ذلك المنظر ظل ينظر اليهم ببؤس حتى طرقت ريم الباب، فتح لها وسرعان ما سألته عن هاتفها

نظر اليها متوعدا ليرفع الهاتف ويريها الصور قائلا:

- ما قصة هذه الصور؟

اتسعت عيناها صدمة حين ظنت ان عمها علم بمخططتها هي والاصدقاء، فتحت فمها دون القدرة على النطق فاخذت الهاتف واسرعت تهرب،

اسرع خلفها وامسكها من ذراعها ليدخلها المنزل وقال:

- الى اين تهربين؟ لن تذهبي قبل ان تجيبي على سؤالي

نظرت اليه برعب لتقول:

- كنوع من التسلية قمت انا وتامر بمراقبة اخته حين خروجها مع احد الاصدقاء

نظر اليها مليا وسألها:

- باي صفة تخرج معه

- اخبرتني انه صديق قديم

ضيق عيناه بحقد ثم عاد لينظر الى الهاتف بيدها متذكرا الصور، افلتها ثم قال:

- انصرفي

ابتعدت عنه ببطئ وهي تنظر اليه بحذر، استدارت لتذهب لكنها توقفت فجاة، عادت لتنظر اليه وسألته:

- اكنت تعرفها؟

هز رأسه ايجابا فقالت:

- الى اي مدى؟...

نظر اليها متجهما ثم قال:

- اذهبي فان والدك ينتظرك بالسيارة

ما ان انهى كلامه حتى اغلق الباب لينهي حوارهما فانصرفت ريم تفكر بما جرى


---


نظرت اريج الى الثانوية بصدمة ما ان توقفت سيارة راوية امامها، اسندت رأسها على ظهر مقعدها بعد ان اصفر لونها، قالت:

- انا لن اعمل هنا

نظرت اليها راوية مستغربة وقالت:

- لكنها مدرسة جيدة كما ان دفعها جيد

- اعلم لكني اكرهها

- لما؟

- لدي اسبابي الخاصة

قبل ان تكمل راوية الحديث فاجئتها ريم وهي تطل من نافذة سيارتها قائلة:

- لدي فكرة جيدة لمشروع جديد في درس التاريخ الحالي

التفتت اليها راوية مبتسمة وقبل ان تتكلم سمعت صرخة ريم:

- اريج، انت هنا...

- راوية: اتعرفان بعضكما؟

- ريم: انها اخت تامر

فغرت راوية فاهها قائلة:

- لا اصدق، ان طباعكما مختلفة كليا، لن استغرب ان ابيتي التعليم حيث يدرس اخوك، انه فعلا لا يطاق، كما ستأتيك الكثير من الشكاوى

صرخت ريم بحماس:

- هل حقا اتيتي لتعلميننا

- كلا انا لن...

- هذا رائع، لا اصدق ان تامر لم يخبرني، سوف اخبر الاصدقاء بذلك

اسرعت للداخل فضربت اريج راسها فقالت راوية:

- يمكنك التجربة الى ان يجدو معلمة جديدة، ربما لا يكون الامر بذلك السوء

تنهدت اريج لتنزل مع راوية ويدخلا الادارة، لم يستلزم الكثير من الوقت حتى تسلمت اريج العمل، وتقرر ان تبدا التعليم بعد اسبوع

اخذتها ريم الى صفها لتعرفها على الجميع قبل ان تبدأ الدراسة، اجتمع التلاميذ حولها وسر الجميع بالتعرف عليها لحبهم لتامر حتى دخلت معلمة الكمياء

صفقت حين رأت التجمع الطلابي ليتفرطع التجمع ويعود كل طالب الى مكانه بينما امسكت ريم من يد اريج واسرعت بها الى عمتها بسرور قائلة:

انها اريج اخت تامر، ستعلمنا علوم الحياة بدلا من المعلمة المتقاعدة

نظرت شيماء لاريج بصدمة بينما اخفضت اريج رأسها بحياء، سرعان ما رفعته لتلقي التحية قائلة:

- لقد مضى وقت طويل

ابتسمت شيماء لتبادلها التحية قائلة:

- هذا صحيح

- حسنا... استأذنك، لن اخذ من وقتك بالتعليم

رفعت شيماء يدها مبتسمة تودعها حتى خرجت، فجأة بهتت ابتسامة شيماء متمنية ان لا يؤثر وجودها سلبا على جواد

ايقظها من شرودها احد التلاميذ وهو يسألها:

- اتعرفان بعضكما

ابتسمت له لتقول:

- لقد كانت تلميذتي منذ زمن، هيا... الان دعونا نبدا الدرس ونكمل احاديثنا اخر خمس دقائق من الحصة

---




__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية



التعديل الأخير تم بواسطة Mariquita ; 07-15-2018 الساعة 07:34 PM