عرض مشاركة واحدة
  #133  
قديم 09-06-2018, 06:24 PM
 

الفصل 28


جلس سامر محتارا امام جواد الغاضب الذي يرفض ان يخبره بما جرى معه، فقد مل من كثرة تدخله في علاقته باريج ودون جدوى ترجى،

قطعت سلسلة افكارهما صوت شابة وقفت امامهما تلقي التحية، وجها نظرهما اليها، ابعد جواد وجهه عنها بانزعاج بينما اخذ سامر يتأملها شاردا

كانت شابة في اوائل العشرينات متوسطة الطول ذات بشرة بيضاء صافية، عيون زمردية وشعرها البني يتخلله خصل ذهبية

قطع تامل سامر فيها سؤالها:

- هل رأيتم اخي وزوجته مع صديقه في الارجاء؟

عقد سامر حاجباه مفكرا ليقول مبتسما بلهجة ساخرة:

- في الواقع رأيت الكثير من الاخوة والكثير من الزوجات وكذلك الكثير من الاصدقاء... لكن لا اظنني اعرفك حتى اعرف ما قرابتهم اليك

ابتسمت بحرج لتمد يدها قائلة:

- انا زهراء، اخي سليم اقبل مع زوجته جلنار وصديقه ايمن، اتوا منذ قليل، الم تلتقوا بهم؟...

ما ان سمع جواد اسم ايمن حتى التفت اليها يتفحصها ثم قال لسامر:

- لقد اقبلت الى مخييم عائلة ابو صالح، اوصلها اليهم

نظر اليه سامر بانزعاج وقبل ان يعترض صاحت الشابة:

- الست انت الاستاذ جواد!...

نظر اليها جواد بازدراء لتردف بحماس:

- كنت انت واريج صديقة اخي تحبان بعضكما

فنجر جواد عيناه لسماع كلامها، يبدو ان الاشاعات من حينها ما زالت تصدق ليومنا، لكن زهراء اخفضت راسها بحرج لتصحح كلامها:

- اوه... نسيت... اخبرني اخي انها كانت مجرد كذبة اخترعتها اريج لتطمئن صديقتها وتتصالح مع ايمن

قالت اخر جملة بانزعاج واردفت بتململ:

- تبا لما يجب على كل الفتيات ان يتيمن بايمن؟...

نظر سامر اليها متفحصا ثم قال:

- يبدو انك واحدة من تلك الفتيات...

احمرت وجنتاها لتنكر بتوتر:

- انا... كلا... هذا غير صحيح...

نهض سامر بحماس ليقول:

- حسنا جواد... تعلم انك صديق عزيز ولا ارفض لك طلبا، سأوصل الانسة الى مخييم عائلة صالح ثم اعود اليك

- خذ وقتك... لست مستعجلا للتعامل مع ازعاجاتك

ضحك سامر ثم قال لها:

- هيا اتبعيني

- مهلا انتظر!

نظر اليها ليراها تتوجه الى مجموعة كبيرة من الحقائب وتحاول لملمتهم، تحمل واحدة وتسقط منها اخرى، تنهدت بانزعاج واعادت النظر الى سامر بحرج قائلة:

- مهلا... اني اتدبر امري... فقط امهلني ثوان

اقبل اليها مدهوشا يقول:

- ما كل هذه الحقائب، ان اخوك وايمن بلا ضمير، كيف تركوكي تحملين الحقائب كلها وانصرفا!...

- في الواقع... لقد حذروني من البداية، اخبروني اني لو احضرت كل تلك الحقائب معي سيتركوني لاحملها وحدي، لكني لم اصدقهم واصريت وهكذا انتهى بي الحال

بصدمة اكبر قال:

- اتقصدين انها كلها لك؟

نظرت اليه بخجل صامت فادرف:

- هل ستبقون هنا لمدة اسبوع او شهر

- بل غدا نعود مع نهاية العطلة الاسبوعية

فغر فاهه بصدمة فصرخ:

- ولما كل هذه الحقائب!؟... انها تكفي لعائلة بكاملها ليوم واحد واكثر

قالت بانزعاج:

- ولما كل هذا الصراخ؟... لقد حملتهم مسبقا وسأحملهم الان، فقد انتظر لاجمعهم كلهم

نظر اليها ومازال مصدوما حتى اخيرا هز رأسه منهيا النقاش وتوجه الى الحقائب ليحمل اغلبيها ويترك لها البقية قائلا:

- فلنعيدها الى السيارة، تأخذين منها بيجامة لهذه الليلة وهذا كاف

فغرت فاهها بصدمة لتقول:

- نحن في النهر، يعني بالطبع ستبتل ملابسي، لن ابقى بملابس مبللة الى ان يقبل الليل

- حسنا فاذا خذي ملابس اضافية

- لقد اخذتها بالفعل

- بنطلون واحد وكنزة واحدة كافيان، لما كل تلك الملابس

قالت بسخرية:

- لاني بالتأكيد لن انزل مرة واحدة للنهر فقط

- واين المشكلة؟... ارتدي الملابس المبللة قبل ان تنزلي الى النهر مجددا

نظرت اليه بتقزز لتقول:

- ان ذلك مقرف... لا ارتدي نفس الملابس مرتين

رفع حاجباه ساخرا فاردفت:

- كما ان نصف المرات التي سأنزل بها الى النهر ستكون صدفة

نظر اليها مستغربا ليقول:

- صدفة!... كيف ينزل الناس الى النهر صدفة؟

هزت كتفاها لتقول:

- حسنا ذلك يحدث كثيرا

حين رأت ملامح الحيرة في وجه سامر توجهت اليه لتأخذ منه الحقائب وتقول:

- بما انك معترض فلا تكلف نفسك، سأحملهم بنفسي، هيا اعطني اياهم

ابعدهم عنها ليقول:

- لقد اعترضت لاجلك، لكن ان كنتي مصرة فدعينا ننطلق

مشى امامها فهزت كتفاها وصارت هي خلفه، ما ان ابتعدا عن جواد قليلا حتى عاد ليكلمها:

- اذا؟... انت تحبين ايمن...

نظرت اليه بانزعاج:

- لماذا تصر على ذلك؟

هز كتفاه:

- هذا واضح عليك... لا داعي للإنكار، انا خبير حب وهوايتي الجمع بين المحبين

- يا لها من هواية

- المقصد انني مستعد لمساعدتك على نيل حبه

نظرت اليه بشك ثم قالت:

- ولما قد تفعل؟

- اخبرتك

- هل تعرف ايمن منذ زمن؟

- انا لا اعرفه اصلا

نظرت اليه مصدومة وقالت:

- لا تعرفه اصلا!... انا التي اعرفه منذ زمن ولم استطع ان اجعله يحبني فكيف بك وانت لا تعرفه ابدا

- وما شان هذا بذاك؟

- انك لا تعرف ما يحب وما يكره، ربما تفسد علاقتنا اكثر مما هي عليه

- اتقصدين ان علاقتكما فاسدة؟

- حسنا... هي ليست فاسدة لكن... انني احاول ان اتقرب اليه وهو ينفر مني

- حسنا... اول نصيحة لك، ابتعدي عنه ودعيه يتنفس

نظرت اليه بانزعاج:

- انا لم اقصد القرب المكاني بل قصدت مجازيا

- وانا ايضا كنت اقصد ان تدعيه يتنفس مجازيا، لا اظن انك كنت ستحبين ان يلتصق بك شخصا طوال الوقت وانت غير مهتمة به، ذلك سيجعله ينفر منك اكثر

- اذا ماذا افعل؟

- انسي امره وابحثي عن غيره

جمدت مكانها صارخة:

- ماذا!... ظننتك قلت ستساعدني

توقف هو بدوره عن السير ليقول:

- انت محقة... يجب ان اجعله يتعلق بك... تبا الم يضع القدر امامي الا غبية مثلك لاجعل ذلك الاحمق يتعلق بها

فغرت فاهها ثم قطبت حاجباها، اقتربت منه لترفسه على ساقه، تأوه ثم انحنى ليمسك موضع الرفسة فسقطت منه حقائبها

اخذتهم منه قائلة:

- افضل حمل كل هذه الاوزان على ان استمع الى اهاناتك

- هذا جيد... اذا اذهبي... افعل خيرا وارمي في البحر

التفتت بتكبر وهي تنظر حولها، الاماكن كلها متشابهة، الكثير من الخييم الكثير من الناس لا تعرف احدا منهم، عادت لتلتفت اليه لتجده ينظر الى مكان الرفسة الذي ازرق لونه واخذ يشتمها بهمس نهض ليقف امامها بحزم ثم قال:

- حسنا... لاكون صريحا... بيننا مصالح مشتركة، انت تريدين حب ايمن، وانا اريد ان ابعد ايمن عن اريج، لذلك يمكننا ان نتفق على هذه النقطة

نظرت اليه بازرداء ثم ابتسمت بمكر لتقول:

- انت تحب اريج اذا

بسخرية اجابها:

- ليس انا... بل صديقي

نظرت اليه بشك ثم فنجرت عيناها:

- اتقصد الاستاذ جواد؟... هل هو يحب اريج حقا؟... اذا الاشاعات كانت صحيحة بعد كل شيء

- اجل وانا متأكد ان اريج تحبه ايضا لذلك علينا ان نفرق ايمن عن اريج قبل ان يحبا بعضهما

- حسنا... لاول مرة انت محق

ابتسم سامر بفخر لكن ما لبث ان انتبه لكلامها نظر اليها بانزعاج ليقول:

- ماذا تقصدين ب "لاول مرة"؟

ابتسمت باستفزاز لترمي اليه حقائبها وهي تقول:

- بما اننا اتفقنا عد واحمل الحقائب، واتمنى ان لا تشير مجددا الى انني شخص غبي

- كما تشائين... يبدو انني سأضطر ان اكذب كثيرا الى ان نصل الى مبتغانا

- انك تشير الى ذلك مجددا

مثل غلق سحاب فمه ثم قال:

- اغلقت فمي... هل هذا افضل؟

رفعت كتفاها لتقول بابتسامة غنج:

- هذا رائع

التفتت بحماس لكنها عادت لتلتفت اليه قائلة:

- من اين طريقنا؟

تنهد بانزعاج وهو يحمل الحقائب عن الارض ثم قال:

- هيا اتبعيني

---


وصلا الى مخييم صالح ليجدا العائلة مجتمعة مع بعض الجيران والاصدقاء لكن لا صالح هناك ولا اريج ولا ايمن وصديقيه

نادت ام صالح سامر ليأت ويشاركهم القعدة لكنه رفض باحترام ثم سأل عن اريج وصالح، اخبرتهما انها لم ترهم منذ مدى فترك حقائها قرب خيمهم ثم قوس ظهره للوراء وهو يفرقع فقراتها شاكيا الالم

قال لها:

- من الجيد انني حملتهم عنك والا ربما ما كنتي لتكملي نصف الطريق

نظرت اليه بحقد ثم قالت:

- بل انت من عليه ان يمارس بعض اللياقة البدنية، لم كسرت ظهرك بعض الحقائب

نظر اليها بحقد ثم قال:

- هكذا اذا !... بما انك اقوى مني فلا تتوقعي ان احمل الحقائب عنك يوم العودة...

فغرت فاهها فقال:

- الست قوية بما يكفي؟... يكفي انني نصحتك بترك حقائبك في السيارة لكنك رفضتي

هزت كتفاها ثم قالت:

- ومن يهتم، سأتكفل بالامر، المهم الان اين اخي واصدقائه؟

- حسنا... الاحتمالات كثيرة... دعينا نبدأ البحث قبل ان يخييم الليل علينا وفي طريقنا سنتباحث خطة لجمعك مع ايمن

صرخت بحماس فنظر اليها مستغربا بينما اكملت هي طريقها مبتسمة، فسار خلفها

---



وصلا الى حيث الاصدقاء مجتمعين وهما يتحدثان ويضحكان حتى وقع نظرها الى ايمن فاحمرت وجنتاها، سارت بخجل حتى وقفت قربهم والقت التحية

نظر اليها سليم ساخرا:

- اذا اين حقائبك؟

نظرت الى سامر تسأله:

- اين تركناهم

اشار سامر الى صالح قائلا:

- قرب خيمتكم

ارادت ان تجلس زهراء قرب سليم لكن سامر سبقها ليجلس بالقرب منه مشيرا لها لتجلس بالقرب منه، نظر اليه سليم مصدوما بينما نظرت اليه مستغربة وفعلت ما طلب ثم همست له:

- ايمكنني ان افهم ما تفعله؟

قال لها هامسا: احاول ان اذكرك بما اتفقنا عليه منذ قليل، ابتعدي عن الشاب، دعيه يتنفس

نظرت اليه رافعة حاحبيها ثم قال:

- هذا الذي جلست بيني وبينه يكون اخي

نظر مصدوما الى سليم ثم اليها ثم الى ايمن ليقول:

- لا اصدق... انه اسمر بشعر اسود وعيون سودا... لا يشبهك ابدا... بعكس الاخر، الوانه تشبك اكثر

ابتسمت ابتسامة حالمة وهي تنظر الى ايمن قائلة:

- وهذا ما يجعلنا مناسبين لبعضنا اكثر

ضربها على رأسها هامسا:

- عودي للواقع واتركي الاحلام جانبا، ثم انه... ليس بذلك الجمال الذي يجعل الفتيات يتيمن به

لكشته على ذراعه معترضة:

- لقد قلت توا انه يشبهني... ثم تقول انه ليس بذلك الجمال... اتقصد انني قبيحة

نظر اليها مصوما من استنتاجها ثم قال:

- ليس الامر هكذا... جمالك انوثي... انه لا يليق بالرجال

- اتحاول مدح نفسك بانك بعكسه؟

- بفخر: لست بحاجة لمدح نفسي فصفاتي تنضح فخرا دون عمد

فغرت فاهها مصدوما:

- انت حقا مغرور

- لست مغرورا بل واثقا... بربك انظري الي واعترفي

ضحكت لتقول:

- انت مزعج فعلا

قطع حديثهما سليم:

- هل تعرفان بعضكما معرفة مسبقة؟

نظرا للبقية ليجدوهما ينظرون اليهما بفضول فقال سامر:

- اعتمادا علي، اشعر انني اعرفها منذ سنين

حدجه سليم نظرة جافة ثم نظر الى زهراء قائلا:

- وانت ابتعدي عنه، كيف تتحدثين هكذا الى شاب بالكاد تعرفينه؟


- ليس ذنبي ان ذهبت وتركتني وحدي مع حقائبي اجوب هذا الغاب لى غير هدى

- انا لم امنع مساعدته لك بل اشكره على ذلك، لكن منعتك من تلك التصرفات الطائشة

تدخل سامر قائلا:

- اي تصرفات طائشة، انها فقط كانت

- انت اصمت

وجه سليم تلك الكلمات لسامر غاضبا ثم عاد لينظر الى اخته:

- انهضي واجلسي قرب جلنار وسأتعامل معك لاحقا

قطبت زهراء بضيق ثم نهضت لتفعل ما امرها به اخوها بينما نظر اليهما سامر متفكرا:

"أهذا ما كان يحدثني عنه جواد منذ سنوات عن الفرق بين تربية الفتاة في مجتمعنا والفتاة في الغرب... لكن نظرا الى السهولة في التعامل فافضل حياة الغرب... حسنا... ربما لو تربيت هنا لفضلت الحياة هنا... لكن..."

لاحظ سامر ان اخوها يزأره نظرة لؤم ثم قال بوقاحة:

- حسنا شكرا على ايصالك اختي الينا، اظن اصبح بامكانك الانصراف الان...

نظرت زهراء الى اخيها بحقد فتجاهل سليم نظراتها، تنهد سامر بانزعاج ثم قال لزهراء:

- اذا القاك غدا صباحا لنكمل ما بدأناه

فغر سليم فاهه بصدمة بينما اخفضت زهراء رأسها لعلمها ان اخوها يرغب الان بخنقه

نهض سامر ليذهب لكنه تفاجئ بجواد قد اقبل يتفحص وجوه الموجودين حتى استقر نظره عند اريج ثم استأذنها ليحدثها، احمرت اريج لرؤيته وتوترت لسماع طلبه، ابعدت وجهها بانزعاج رافضة طلبه فقال صالح ناصحا:

- اذهبي معه وكلميه، لديه بعض النقاط يريد الاستفهام عنها والتأكد منها

هزت كتفيها رافضة فنظر صالح لجواد وقال:

- لا اظنك ستمانع لو اتيت معكما؟

تفكر جواد بالامر، ان كانت هذه الطريقة الوحيدة فلا حل امامه الا القبول، هز راسه موافقا فربت على كتفها قائلا:

- دعينا ننهي هذه المسألة للابد

نظرت اليه بحزن ثم نهضت بينما اصدقائها يترقبونها وابتعدوا ثلاثتهم عن البقية

توقف صالح قائلا:

- حسنا... اظننا ابتعدنا بما فيه الكفاية، يمكننا التحدث الان (توجه لجواد قائلا) اذا؟... ماذا لديك؟...

القى جواد نظرة تفحص لصالح ثم نظر لاريج التي كانت تبعد وجهها باستحياء وانزعاج، رطب شفتيه بلسانه استعدادا للكلام، فكر بطريقة مناسبة ليفاتحها بالموضوع حتى قال:

- ان كنت تحبينني منذ سنوات... فلما رفضتني؟

ما ان سمعت جملته الاولى حتى تغيير لونها، نظرت بفزع الى صالح ثم عادت لتنظر الى جواد وقبل ان تسمع جملته الثانية صاحت:

- انا كنت احبك؟... من اين اتيت بهذه المعلومة السخيفة؟

نظر اليها جواد متفكرا فقال صالح:

- جواد!... اما ان تتكلم كلام منطقي اما ان ترحل من هنا ولا تعد ابدا

نظر اليه جواد متجهما ثم قال:

- مصادري موثوقة، وكلامي صحيح

توجه اليها قائلا بترجي:

- ارجوك اريج... على الاقل اهترفي بذلك

كتفت ذراعاها وابعدت وجهها عنه ليسهل عليها النكران ثم قالت:

- هذا غير صحيح

- اريج!...

خلل اصابعه بشعره بعصبية فقالت:

- اخبرتك ان ذلك غير صحيح لكنك لا تقنع، انك تضيع وقتنا سدى

التفتت لتهرب لكنه امسكها من معصمها ليعيدها الى حيث كانت وتواجهه بعينيها وقال بحدة:

- ان كنت متأكدة من كلامك فقوليها وانت تنظرين لعيناي

نظرت اريج لعينيه متوترة ورمشت عدة مرات، ثم ابعدت وجهها محاولة افلات يدها قائلة:

- لقد اصبح الامر مملا، دعني اذهب

- افعلي ما طلبت وسأسمح لك بالذهاب

نظرت لعينيه ثم ابعدت عينيها خجلة لكنها علمت انها الطريقة الوحيدة لتخرج من هذه الورطة بكرامتها فعادت لتنظر اليه وهي ترمش محاولة ان لا تزيغ بعينيها عن عينيه اثناء كلامها وقالت بلسان مرتجف:

- لست احبك

اغمض عينيه ليتنهد بانزعاج فقالت:

- ها قد نلت ما اتيت لاجله، الان دعني اذهب

- اريج!... ما زلتي تكذبين

نظرت اليه غاضبة وقالت:

- اخبرتك انني لا احبك فاتركني

صاح غاضبا:

- انت كاذبة

صاحت بدورها:

- لقد قلت انك ستتركني ارحل في حال نفذت ما طلبت

- انا ايضا كاذب

فغرت فاهها فتقدم صالح ليفرق بينهما قائلا:

- جواد... اظن الامر اصبح واضحا... لا داعي للمزيد من الكلام

نظر جواد مصدوما الى اريج التي كانت ما تزال تبعد وجهها عنه غاضبة محمرة، اغمض عيناه محاولا الاستيعاب للوصول الى نتيجة،

ان كانت حقا لا تحبه فما تفسير ما كتبته في دفتر يومياتها؟... لقد كان واضحا انها تحبه ومتعلقا به جدا، هل كانت تكتب من خيالها مثلا!... لكن لطالما كانت تكتب فيه الحقائق، ام ان زواج ايمن افقدها صوابها ولم تعد تعلم ما تكتب!...

حينما رأى صالح ان جواد لم يعترض حاوط كتفي اريج بذراعه ليبعدها عن المكان معيدا اياها الى حيث يتجمع الاصدقاء فوجدهم كلهم متوترين، طمئنهم ان الامور حلت وجلس كل منهم منزعجا في مكانه الا سامر انكلث للاطمئنان على صديقه

---


عاد سامر الى جواد ليجده مازال واقفا حيث تركاه صالح واريج، اقترب منه مطمئنا لكن ابتعد عنه بضيق طالبا اليه عدم التفوه بكلمة واحدة جديدة

ظل سامر يراقبه بحزن بينما عاد جواد مسرعا الى خيمته، هذا ما توجب عليه منذ البداية، بدلا من ان يسألها كان عليه ان يكمل قراءة يومياتها عسى ان يفهم ما جرى، مع ان الصفحات المتبقية قليلة جدا، فما الذي سيذكر بتلك الاهمية في تلك الصفحات القليلة

اخذ حقيبته ليبحث بين ملابسه ويخرج يوميات اريج، فتحه ليجد اخر حدث فيه خبر نوال اريج عن خطبتها لايمن

اخذ الكتاب وذهب لمكان بعيد لا يجده فيه احد تحت شجرة ليسند ظهره على جزعها، وعاد ليفتح الكتاب ويقرأ، بداية كانت الاحداث مملة، تتحدث عن الدراسة المزعجة وتحضيرها للامتحانات الرسمية، وزياراتها لشيماء لتعلمها، وتعبيرها اعجابها وحبها لياسمين،

مر على تلك الصفحات مرور الكرام الا حين كان يقرا عن شدة اعجابها بياسمين، وانها تحلم لو تزوجت من جواد ان تنجب له طفلة جميلة مثلها، ضحك جواد ساخرا، اذ حتى لو تزوجته لن تستطيع ان تنجب طفلة مثلها لان الطفلة تشبه زوج شيماء وليس اخاها جواد، اكمل التصفح سريعا حتى وصل اخيرا الى صفحة عليها اثار دموع جافة

امعن القراءة حينها، طريقتها بالكتابة تغييرت فجأة، اصبحت اقل مرحا واقل سخرية عن العادة، اكثر غضبا، كلما ذكرت تعلقها به ارفقت اسمها بكلمة غبية، خصوصا حين اظهرت حماسا لمعرفة انه سيعود اليوم من فرنسا

اكمل القراءة ليرى مدى فزعها عند التقائها بلؤي في المطار، اذ صارت تخافه اكثر مذ اخبر والدها عن تعليقها على الفيسبوك

اكمل القراءة ليرى كم هائل من السباب لخطيبته السابقة حسناء حين رأتها متعلقة به تعانقه وتطالب بالعودة خطابا احبابا كما كانا وازداد حيرة اذ ان من الواضح انها كانت تحبه كي تنهال عليها بكل هذا الكم الهائل من السباب

ثم تبعته هو بكم هائل ايضا من السباب حين اعلن عن زواجه، وسخرت من طريقة مدحه لزوجته "الشقراء الطويلة الذكية"

ضحك حين تذكر مقلبه، الجميع صدق حينها امر زواجه لكن في اليوم نفسه علم اهله بالامر انه مجرد مقلب، وبعد اسبوع علم الجيران انه مجرد مقلب ومنهم وصل الخبر الى حسناء

اقبلت اليه حسناء يومها بكامل زينتها ولكن اكثر ما جذبها بها شعرها الذي ملسته كي تبدو نسخة طبق الاصل عن اريج، اتت يومها لتعاتبه على مقلبه طالبة بان يعودا خطيبان، وهو ما ان رآها على تلك الهيئة ضمها اليه بشوق فبادلته العناق بسعادة، استنشق عبير شعرها ثم كسى وجهه الحزن فقال:

- رائحتك مختلفة

رمشت عدة مرات مستغربة لتقول:

- بل استعملت نفس العطر الذي استعمله عادة

ابعدها جواد عنه ليقول بحزن:

- اسف حسناء... كلما انظر اليك ارى اريج... لن نستطيع ان نستمر سوية فانت تذكريني بها وذلك سيدمي فؤادي

سرعان ما ابتعدت عنه حسناء عند سماعها كلامه لتشتمه وتذهب باكية، وبالتأكيد ذهبت الى لؤي كالعادة شاكية، ولؤي بالتأكد ذهب لعائلته شاكيا من سوء تصرف جواد مع خطيبته حسناء صديقة طفولته للؤي، وبالتأكيد من العائلة وصل الخبر لاريج وعلمت كما علم البقية انه كان مجرد مقلبا

ابتسم حينها، علما ان تلك التيام كتنت صعبة الا انها تحمل بعض اللحظات المضحكة

عاد الى يومياتها ليكمل القراءة ليرى كم هائل جديدا من السباب موجه اليه، علم من خلالهم ان وقوفها يومها الى جانب حسناء حين اتهمته بخيانة ثقة خطيبته لم يكن حبا بحسناء بل لقهرها بسبب زواجه،

لم يخطر ذاك الاحتمال في باله يومها بل هاجمها واتهمها بانها فتاة لعوب محجوزة لابن عمها تحب فتى اخر في صفها وتتحدث الى غريب بعد منتصف الليل على الفيس

وبالتأكيد عدد السباب اللامتناهي وبعدها اخذت سيارة اجرة وتوجهت مباشرة لى بيتها لكنها فضلت ان تجلس قليلا في البرية لتخفض من تأجج مشاعرها لكن تاثير البرية

اتى عكسيا لتزيد من تأجج مشاعرها حين ذكرتها بالكثير من الذكريات مع جواد وانفجرت ببكاء لا متناه ومر الوقت دون انتباه منها حتى اقبل اليها لؤي ابن عمها ليلا وعرض عليها الزواج

فنجر جواد عيناه مصدوما، "لؤي يعرض على اريج الزواج! "

حسنا كما يبدو الامر لم يكن مجرد عرضا بل كان اجبارا بطريقة خسيسة

اكمل جواد يقرأ الاحداث وفي كل لحظة يزداد للؤي كرها حتى وصل الى حيث قرر لؤي ان يغير رأيه ويعدل عن فكرة الزواج منها بشرط ان تخبر الجميع بموافقتها على الزواج من صالح ولا تحدث جواد مجددا ولا تفكر بشابا اخر ابدا

عبرت كم كانت تعيسة حينها وفي اليوم التالي عبرت كم كانت بائسة لان الجميع سعيد بموافقتها في حين انها تعاني ولا احد يشعر بها

ادار الصفحة ليجد اخر صفحة مكتوبة في الدفتر، الكثير من الكلمات لم تكن واضحة بسبب الدموع التي اذابت الحبر عنها لكنه استطاع التكهن بها من سياق الكلام

"
"


انتهى جواد من القراءة، قلب اخر الصفحات ليتأكد انها فارغة جميعها دون ان تمر عليه معلومة لم ينتبه لها فأغلق الدفتر معمضا عيناه بانفعال يحاول ان يكمش اعصابه كي لا يقتل احدهم

هذا الكلام البائس بعد اجبار لؤي على الارتباط من صالح ومنعها من التحدث اليه او الى اي شاب اخر، لا بد انها عانت كثيرا بسببه ولا بد انها الى الان ما تزال تخافه وهو الذي يمنعها من الاعتراف بحبها له، ولا بد انه الذي اجبرها على الرفض

حمل الكتاب وتوجه مباشرة الى خييم عائلة صالح، بحث بينهم عن لؤي وما ان رآه بينهم حتى توجه اليه ليرفعه من ياقة قميض ويلكمه، سقط لؤي ارضا فجثى فوقه جواد يكمل لكمه بينما ام صالح وحسناء تصرخان وابنته تنظر اليه وتبكي، اسرع البقية الى جواد لابعاده عنه فصرخ جواد:

- ايها الحقير... لقد اجبرتها على الخطبة منه... لم تكن تريده... اجبرتها رغما عنها

لم يفهم البقية عما يتحدث جواد لكن لؤي فهم، فقد كان سنويا يرى ما آل اليه حال اريج وصالح ويؤنبه ضميره لما فعل، لا هي سعيدة ولا صالح سعيد بهذه الخطوبة،

اخبر اريج عدة مرات انه لو ارادت الانفصال عن صالح فهو لن يعترض، لكنها كانت تنظر اليه بحقد وتنصرف كأنها تخبره ان الوقت قد فات على ذلك، ولم يجرؤ يوما على اخبار صالح بذلك خوفا ان لا يسامح

ابدا على فعلته لانه يعمل مكانة اريج ومعزتعا في قلبه، لكنه لم يتوقع ان يعلم جواد بالامر ابدا، نهض لؤي عن الارض يمسح الدم من فمه ثم نظر الى جواد بجفاف ليسأله:


- اذا اخبرتك اريج اخيرا؟...

نظر اليه بحقد ليقول:

- لم تفعل، فكما يبدو لا تجرؤ الى الان ان تتحدث معي بسببك

نظر اليه الجميع مستغربا ففتح يومياتها على اخر الاحداث التي كتبتها ثم قال:

- اقرأ

ظل ينظر لؤي لجواد بحقد فقالت ام صالح:

-ما هذا؟...

-جواد: انها يوميات اريج... تعبر بها عن مدى امتنانها للؤي لاجبارها على الزواج من صالح...

فغرت الام فاهها مصدومة لتنظر الى ابنها، اقترب ابو صالح ليأخذ المذكرات من يد جواد ليتأكد من كلامه ويفغر فاهه، نظر لابنه وقال معاتبا:

- هل فعلت ذلك حقا؟... هل وافقت يومها على صالح لانك ارغمتها على ذاك؟

ابعد لؤي وجهه عن والده بخجل بينما كان حينها قد وصلت عائلة جواد وتحوكمو حولهما، اقترب والده معاتبا:

- ما الذي فعلته مجددا جواد، اعدت لشجاراتك مع لؤي؟... ظننتكما كبرتما على تلك الحركات

- ابي!...

- امضي امامي...

- لكن

سحبه من ملابسه ليجره بعيدا عن خيام صالح واجلسه على كرسي بين خييم عائلته، نظر اليه بغضب ليقول:

- ما الذي حدث توا

- لقد كانت تحبني ابي... وقد اجبرها على الارتباط من صالح

- لم يجبرها على شيء، لقد كانت محجوزة له منذ سنين وانت تعلم ذلك

- كانت محجوزة دون ارادتها، لم تكن تريده

- لقد كنت انت ولؤي تسخران منها منذ زمن وتلقبانها ب"ناكرة الجميل" لانها ترفض صالح بعد ان تخلى عن حبيبته لاجلها لينفذ طلب والدها، هل تغيرت الان بنظرك؟

- حسنا، بعد ان عرفت ظروفها اصبحت اتفهمها

- بعد ان علمت بظروفها ام ان الحب اعمى بصيرتك

- ليس هذا ابي...

- لقد منعتك من التواصل معها منذ سنين، لما مازلت تتواصل معها

تنهد جواد بانزغاج فقال الاب:

- لا اريد لما حدث اليوم ان يتكرر

- لكنها انفصلت عن صالح الان، وصالح يحب غيرها

نظر الاب الى جواد متفكرا ثم قال:

- ابتعد عن تلك العائلة، ليس فقط اريج، ابتعد عنهم كلهم فقد تسببت بمشاكل معهم جميعهم

- ليس الى تلك الدرجة ابي

لم يجاوبه والده لانه كان قد انصرف غاضبا

---

- شو رايكم بالشخصية الجديدة زهراء
- شو ظنكم رح يكون دورا بالقصة؟
- شو رح يصير بعد ما جواد قرأ يوميات اريج بالكامل
بغض النظر عن ضرب جواد للؤي
- خلصت الاسئلة بسرعة
خذو راحتكم باعطاء رايكم
- اه نسيت اي اكتر مقطع اعجبكم

يلا نلتقي في فصل جديد
في امان الله ^^
__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية