عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-29-2018, 10:16 AM
X
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:800px;background-image:url('https://b.top4top.net/p_997jqr1a2.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الفصل الأول: قيودٌ فاصلة!

- لعنةُ الحَياة الأبدِية ليستْ أبَديةً حقًا! ستنتهي مع انتهاءِ الحياة..

توفيَ إمبراطور آديسيوس بعدَ 43 عامًا من توليه العرش! ورثَ ابنه هيليوس الحكمَ عنهُ وبدأ يهتم بكُل كبيرة وصغيرة تخص الإمبراطورية وسعادة الشعب!
فيما بعد أدركَ أنَّه ليسَ متزوجًا وقد ينقطع نسل آل سيموس الملكي عنده لذا تزوجَ من أكانثا إبنةِ أحد النبلاء حيثُ كانَ يعرفها ومعجبٌ بها!
مرت ثلاث سنواتٍ لم تحمل له أكانثا وريثًا، كانت تخبرهُ أن لا بأسَ بالزواج من إمرأة أخرى لكنَ ذلكَ لا يروقه فهو دومًا ما يرى إنكِسارها ومَقتها لنَفسها لذا لم يكنْ ليُقدِمَ على الزواج من غيرِها، إمرأة تحمل لهُ وريثًا وتبدو للناسِ أنها ذاتُ فائِدةٍ عكسَ أكانثا!
قررَ المحاولة مجددَا وإيجادِ حلٍ لمشكِلتها؛ نُصِحَ من ضيوفٍ زاروا الإمبراطوريةَ بأن يذهَبَ إلى القرية المنبوذة فراغرس والعثورَ على العجُوز آلكانيون ولم يتردد بالذهاب أبدًا!
أعطاها العجوز دواءًا سحريًا استخدمَ لصنعهِ قطراتٍ من دمها وزوجها؛ لم تتردد بشربه عكس هيليوس الذي كان قلقًا عليها من أن يؤذيها لبشاعته إن لم يكن سيئا بذاته!
ما جعلهم واثقين من صدق العجوز أنه لم يكن يريد سماعَ مشكلتهم لولا أنَّ هيليوس أخبره أنه سيمولُ القرية لعامٍ كامل إن ساعده؛ وإن نجحَ ستتكفل الإمبراطورية بها لمدى الحياة وليس عليهم القلق حيالَ كونهم منبوذين حيث سترحب بهم بغض النظر عن كونهم ذوي إعتقاداتٍ شاذة عن الواقع!
مرت بضعة أسابيع حملتْ أكانثا بعدها بالفعل! مَرَت التسعة أشهر وحان وقتُ ولادة الطفل لكن ذلك الشهر الذي لا يجبُ أن تكون الحاملَ فيه في شهرها التاسع!
أصبحتْ العناية بأكانثا كأنها لو أنجبته خلال هذه الأيام الثلاثة ستحل نهايةُ العالم ولكنهُ اختَنقَ بالفعل فركلَ الجميع وخرج في يومٍ قمرهُ أزرق مَقيتْ.
حلَ العزاء في البلاط كأنَّ الطفل مات؛ والدته بالفعلِ دخلت في غيبوبة، بينما والدهُ لا يصدقُ أنَّ وريثَ آل سيموس الذي بالكاد حصلوا عليه ولدَ في هذه الليلة! أهذه نتائجُ السحر.
أصيبَ الأخير بالهلوسة وظل متشبثَا بابنهِ لا يُفارقُ زوجتهُ؛ كان يراه كشيء سيتلاشى من بينِ يديه؛ سيحترقُ ويتحولُ إلى رمادٍ تنتشلهُ الريح! ظلَ مصرًا على أنه رماد حتى نوديَّ بـ تيفريس.
هاجَ الوزراء والأُمراء وكُلُ النبلاء ومن في البلاط على حال الإمبراطور التي أصبحت هشة قابلة للمحوة بأسهل الطرق، تكاد الإمبراطورية تتأثر بالوضع ماديًا ومعنويًا! هذا وإبنهُ بينَ يديه.
قرروا أن يطلبوا إبقاءهُ وعدم قتلهِ وسيطلبون ذلكَ متمردين ليضطر هيليوس على قبول الطلب! واقعَ خطتهم أن لا يتركوا إمبراطورهم في موقفه الحرج فهو لا يجرؤ على إبقاء إبنه بينما كل الأهالي قَتلوا أبناءهم من قبل! سيتركه بحجة أنه يأخذ بطلبِ الكبيرين في البلاط!
تُرِكَ الأمير ليعيشَ وكلَ عامٍ يَمر يزداد حبهم له وشفقتهم عليهِ! كانَ أميرًا وسيمًا ذو شعرٍ أبيضَ يميل للونِ بتلات أزهار الساكورا؛ خصلاتهُ مبعثرة طويلة تَصلُ حتى شحمة أُذنيه، عيناهُ واسعتين لازورديتين كسماء الصبح الصافية حتى من الشمس الدافئة! بشرتهُ بيضاء ناصعة، يمتلكُ ملامح هادئة ولطيفة ومشرقة دائمًا! ملأ القصرَ بالحياة وبعضٍ القلق والخوف الدفينين.
كان ذلكَ حتى أدركَ كُلَ شيءٍ عن القمر اللازوردي وأدركَ أنَّ عيدَ ميلاده في تلكَ الليلة! أصبحَ قلقًا خائفًا مع كُلِ صباحٍ يتفقدُ والديه ويسأل الجنود إن قام بفعلِ شيءٍ سيءٍ بالأرجاء ولم يكن سوى في العاشرةِ من عمره!
مع كلِ صحوةٍ لهُ ينفضُ القصرَ متأكدًا من أنَّ نصفه الملعون لم يظهر، وظل أربع سنواتٍ أخرى على ذلكَ الوضع حتى ظهر وحطم بضعَ فخاراتٍ قبلَ أن يمسكهُ الجنود؛ لم يخبروه بظهوره لكنه عرَف من تشديد الحراسة حولهُ!
أصبحَ يظهر أيضَا في وعيهِ لذا يرافقونهُ أينما حلَ وبالطبعِ كانَ يدركُ فائدة وجودهم لكنهُ يَشعر أنهُ عبئٌ فحسب فلا يمكنُ للإمبراطورية أن تكونَ تحتَ رعايتهِ يومًا لذا لا فائدة من بقائه!
إختفى قلقهُ وخوفهُ وتحولَ إلى شخصٍ صعبِ الإرضاء منعزل؛ متطلبٍ لدرجة أنَّ الحراس قد يخلطونَ بين شخصيتيه خصوصًا أنَّ الأخرى لم ترتكب الكثير بجهود الحراس! حينَ تُصبح عيناه خالية منَ الحياةِ ويزداد لونها حدة ويَختفي بؤبؤه يكون نائمًا على حضن شيطانٍ مارِد.

في ذلكَ اليوم بعدَ أن بلغَ الثامنةَ عشر بـ أسابيع كانَ في غرفته جالسًا على أحد الكرسيين اللّذين تتوسطهما طاولة طويلة السيقان صغيرة مدورة السطح عليها فنجانُ شاي وبعضُ الكعكِ بطبقٍ مزخرف! قربهُ حارسهُ رايس الذي اعتادَ عليهِ كصديق، وعندَ الباب منَ الخارج يوجدُ أربعة آخرين؛ منهم من هو ذو بنية قوية مفتول العضلات ومنهم سريع ذو حَركاتٍ خاطفةٍ وعقلٍ يمدهُ بعضلاتٍ من نوع آخر.

كان يضعُ أمامهُ كتابًا ذو صفحاتٍ داكنة؛ أغلقهُ بضجر وتنهد، أرخى جسدهُ متمتمًا
- أشعرٌ بثقلٍ في جسدي ورأسي يؤلمني، أحقًا الترهات المكتوبة هنا مفيدة؟!

أجابهُ رايس بنبرة مرحة وهادئة كما يجبُ أن تكون
- لا تقل هذا تيفريس-ساما؛ تاريخُ الأمبراطورية ليس ترهات، أنتَ كأميرِ يجب أن تدركَ كُل شيء بقلبكَ وعقلكَ وفي إتاد.

- آه... صحيح.
قالها بصوتٍ باردٍ كأنَّ مياه البحرِ جفت وظلت الأملاح والصخور.

بهدوءه الرزين قال رايس مستفسرًا
- تيفريس-ساما أتريدُ القيامَ بشيءٍ يعدلُ مزاجكَ!

كانَ يريدُ التأكدَ أنه بخير لكنَ الأخيرَ أكدَ عكسَ ذلكَ حين التفت بنظرةٍ جافةٍ من حدقتيه الميتَتَين والصافيتين حتى من البؤبؤ، وابتسامة مرعبة متَصلبة تشقُ ملامحهُ؛ سحبَ رايس الأصفاد من جعبتهِ منطلقًا نحوه بخفة لكن تيفريس راوغهُ وأصبحَ خلفهُ ليضعَ كفهُ على ظهر رايس الذي تسمر مكانهُ فجأة يرتعش بشدة والحرارة تتدفق من جسده، بدأ يبصقُ الدماء كما تسللت من أذنيهِ وأنفه ثم سقط كجثةٍ متفحمة!
صوتُ سقوطه جذبَ انتباه الحراس ليهتفَ أحدهم
- رايس؛ أكُلُ شيءٍ بخير!

إندفع آخر وفتحَ الباب متجهًا نحو أميرهِ يحاول ترويضهُ وتبعهُ الباقون! حينَ لمسه عاشَ آخر ما عاشه رايس وتبعهُ إلى العالم الآخر! شعرَ الباقون أنَ قوةً ما إستيقظت بداخل أميرهم؛ أخذوا حذرهم وأمسكوه بعدَ أن خدرهُ أحدَهم.
رُفعَ على سريره ومن يمينه هيليوس وعن شمالهِ أكانثا! يكبتان دموعهما خوفًا من أن يستيقظ ويراهما بموقفٍ ضعيفٍ يزيدُ ضعفهُ؛ إتفقوت على إخفاء أمر رايس والآخر عن الجميع كي لا يصل الخبر لتيفريس وستكونُ الحجة أنهما ذهبا للبحثِ عن شيءٍ ما يفيدُه!
حينَ إستيقظَ لم يذكر شيئًا بعد أنه كان يقرأ شيئًا عن تاريخ الإمبراطورية وكان متأكدًا أنه تحول لنفسهِ الأخرى!
وافقوه وأخبروه أنَّ رايس خدرهُ فورًا وكلُ شيءٍ على ما يرام؛ وسيذهب برحلة للبحث عما يفيده! غضبَ بدايةً رافضًا إبتعاد رايس لأمرٍ لا فائدة منه وتبديل حارسهِ الشخصي! ولكن لم يكن طفلًا وحتى لو خدعته الإمبراطورية بأكملها هو يدركُ كذبتهم لكن كيفَ آذاه والآخر وهل قتلهما أم أنهما في رعايةٍ ما وحينَ يتحسنان سيعودان على أنَّهما لم يجدا شيئًا! أصبحَ في وضعٍ سيء بإنتظارهما؛ لم يجرؤ على طرد حارسهِ الجديد ليبكي فهو يدركُ أنَّ نفسهُ قد تستغلُ الفرصة.

قاموا بالبحث عن قدرتهِ وأدركوا أنه باتَ يستطيع التحكم بجريان الدم في الجسد الذي يلمسه؛ أدركَ ذلكَ أيضَا فحين يلمس كائنًا حيًا يشعر بجريانِ الدماء في جسده وتأكد حينَ كانت والدته تضمهُ وكفهُ على ظهرها ، كان يشعر بجريان الدمِ في عروقها والمشاعر المكبوتة بداخلها!
كل شخصٍ يلمسهُ يشعرُ بالخوف الذي بداخله والقلق؛ ربما الوحيد الذي لم يكن يخاف بالإضافة لحراسه كانَ والده! لكِنَ القلق؛ الخيبة والألم؛ أقوى عندهُ من أي أحدٍ آخر.

خرَج إلى الشرفة فيما يهطلُ المطر؛ رفعَ رأسه يستقبلُ القطرات التي تنحدر على بشرته الناصعة أو تثقلُ خصلاتِ شعره وتزيدهُ دكانه! فتحَ عينيه لتلمعَ حدقتيه الخاليتين من البؤبؤ. ابتسم ابتسامة حادة وقفزَ على السور يقفُ فاتحَا ذراعيهِ؛ تمتمَ بصوتِ جافٍ مستمع فيما يميل للأسفل
- لنتسلى قليلًا...

سقط فاتحًا ذراعيه بالهواء سرعان ما عدل وضعه ليجهز قدميه ويقف كبهلواني على الأرض، ركض بهدوءٍ في العتمة متخطٍ الجنود وخرجَ منَ القلعة!

طرقَ الحارس البابَ، توقعَ أن تيفريس على الشرفة فدَخلَ قائلًا
- تيفريس-ساما أحضرتُ الشاي!

وضعهُ على الطاولة واتجه نحو الشرفة التي كانت يمينه ، لم يره ولم يفعل حتى بعدَ أن بانت له كل مساحتها؛ هتفَ بصدمة
- الأمير اختفى!

دخل الحارسين من عند الباب بسرعة وقال أحدهما بصدمة
- هو لم يخرج من الباب بعدَ خروجكَ!!

نظروا لبعضهم بفزع سرعان ما أطل الواقف في الشرفة من السور؛ التفت بعدها قائلًا
- سأذهب لأعلم هيليوس-ساما وابحثا عنه ريثما أفعل!

أومأ كلاهما هاتفين
- سنفعل.

خرجوا بإتجاهين مختلفين، وأدركَ كلُ من يراهم أنَّ شيئًا حصل لـ الأمير! دخلَ بعدَ الإذن وأخبرَ الإمبراطور وانتشرَ الجنودُ للبحث!

بينما يسير بابتسامته ونظرته الخالية من البؤبؤ مبلَلًا بالمطر ويهربُ منهُ الجميع؛ كانوا قلقين عليه لكن لم يجرؤا على التقدم بعدَ ذلكَ الذي تقدمَ متوسلًا بـ "تيفريس-ساما أرجوكَ عُد لرشدكَ." وسقطَ بغضون خمس ثوانٍ من لمسهِ!
خرب وأسقطَ البضائع المصطفة في طريقه، منها ما تحطم ومنها ما لم يعد صالحًا بعدَ سقوطه في الوحل ومن الطعام ما فسدَ مدهوسًا.
قابلَ بعضَ الجنود وانضمَ إليهم بعض الرجال القلقين على أميرهم؛ حاولوا مراوغته لكنهم لم يعلموا بقدرته إلا بعدَ فقدانهم لرجلٌين وجندي!
إنسحب الرجال بأمر الجنود الذينَ إندَفعوا بدروعهم، خمس جنودٍ لم يدرك إلا وأحدهم متسللًا خلفهُ ممسكًا بذراعيه!
وصلَ أربعة جنودٍ آخرين وهتفَ أحدهم
- أعلمنا القلعة عن وجوده وأننا بحاجة للدعم!

أومأ أحدُ الواقفين قرب تيفريس الساكن
- لقد سيطرنا على الوضع لكن لا ندري إن كان من الممكن التحركُ به إلى هناكَ!

نظروا إلى بعضهم ثم تقدم الأخير بهدوء نحو تيفريس متمتمًا
- سمو الأمير هل عدتَ؟

رفعَ رأسه وابتسامة عريضة خبيثة تعلو محياه ونظراته الحادة جعلت الجندي يرتعش! رعدت السماء فجأة لتزيد الموقفَ رعبًا، إنضمَ جنديان آخران للجندي الذي يمسكُ بذراعيه للخلف!
أخذَ تيفريس نفسًا طويلًا ليصرخَ بقوة؛ رعدَت السماء تزامنًا مع صرختهِ وانتشر البرقُ فوقَ المدينة سرعانَ ما ضربَ الجنود الموجودينَ أمامه؛ سقطَ الستة على الأرض متفحمين بينما الثلاثة الذين يمسكونه يرتعشون! سيموتون على كل أحوال لذا ظلوا ممسكينَ بهِ حتى اللحظة الأخيرة التي يرونها أمامهم!

صوتُ الأحصنة وضربات حوافرها على الوحل والصخب الذي يصدر من العامة يقترب نحوهم حتى الكلام بات واضحًا حينَ صرخَ أحدهم
- أفسحوا الطريق للإمبراطور!

تهللت ملامح الجنود بينما يضحك تيفريس بخفوت متأملاً الجثث أمامه! توقفت الأحصنة لكن الرعشة المسيطرة عليهم منعتهم من الإلتفات! قفزَ حارس تيفريس وخلفهُ الآخرين! نظر هيليوس نحو ابنه من العربة ليقف واضعًا قدمه على أول درجة لكن حارسه هتف معترضًا
- سموكَ! لا يمكنكَ الخروج من العربة هذا خطير لا شيء مناسبٌ لخروجكَ.

هتف باعتراض
- أتقول أنَّ ابني خطيرٌ علي!

تمتم بأسف
- بالطبع لا، لكن يقولون أنَّ البرق ضرب الجنود ولا نعلم شيئًا عن الوضع بعد والمطر غزير كما ترى سموكَ!

تنهد متمتًا
- معكَ حق؛ أنا قلقٌ فحسب!

تقدم حارس تيفريس ممسكًا به مكبلًا؛ نظر إليه هيليوس بصدمة؛ إبتسامته المستمتعة والهادئة كأن وعيهُ في عالمٍ آخر وعينيه الميتَتَين ومظهره من قدميه الحافيتين المليئتين بالخدوش وسرواله الرمادي العريض الذي امتص الوحلَ وجسدهُ المبتل بالكامل! تسمر للحظة وداخلهُ ينفي أنَّ ابنه قد يبدو بهذا الشكلِ يومًا! نزل الدرجة الثانية لكن حارسه تمتم بهدوء
- سموكَ ابقى في العربة وليصعد هو يكفيهِ تبللًا بالمطر ولا نريدُكَ أن تتبلل أيضًا!

صعدَ حارس تيفريس به إلى العربة لكن مشاعر هيليوس التي كانت ستنفجر أدركَت الموقف وانسحبت! جلسَ هيليوس مجددَ ومقابله تيفريس الذي لم ينفك يبتسم ابتسامته تلكَ! حدقَ به هيليوس كشخصٍ لا يعرفهُ ولا يدركه. هتف بغيظ
- كف عن الابتسام؛ أتستمتعُ بتعذيبنا أم ماذا، أتستمتعُ بتعذيبهِ هكذا؛ أتستمتع بتعذيب ابني...

صمت يحدق به وأنفاسهُ تتلاحق غضبًا، رفع تيفريس حدقتيه الميتتَين وتلاشت الابتسامة لتقولَ ملامحهُ "لما أزعجتني؛ يحب أن تموت" بدا واضحًا للجميع أنَّ هذا ما في باله ليسرعَ حارس تيفريس بوضعِ كفهِ على عيني الأخير هاتفًا
-سموكَ قد يؤذيكَ بقدرةٍ ما، أرجوكَ لا تتهور معهُ!

هتف هيليوس بنبرة قوية محذرًا
- لا تلمس جلدهُ بجلدِكَ مباشـ...

بدأ الحارس يرتعش أمام نظراتهم ليدفعهُ أحد الجنود عن تيفريس الذي كانَ يحدقُ للأمام بمقلتيه متسمرًا بلا حركة؛ أمسكهُ جنديٌ آخر متخلٍ عن الإمساك بتيفريس متفحصًا نبضه، قال بقلق
- إنه حي لكن نبضه سريع!

هتف هيليوس بنفاذ صبر
- اللعنة، ألا نهاية لهاذا، لقد خسرنا فوقَ العشرة جنود وحراسهُ يتساقطون كورق الخريف.

من العدم بدأت تظهر نقطة سوداء بحدقتيه ثم تكبر حتى عاد بؤبؤه متقلصًا من الصدمة؛ حدقَ بوالده الذي كان يرفعُ رأسه وكفه على عينيه، إلتفَ رأسه المتصلب إلى اليمين حيث حارسه الفاقد للوعي!
حركَ رأسه رافضًا يمينا ويسارًا مرارًا وتكرارًا لينتبه له حارس والده والجنود؛ حاولَ إدراكَ مكان كفيه في جسده حتى استوعبَ أنهما مكبلان خلفَ ظهره!
شدهما يريد تغطية وجهه وهو يهزه رافضًا، سيبكي الآن لكن أينَ كفيه ليختبأ خلفهما لما لا يحضران! البرد يغلفه وقدميه تؤلمانه وجسده بدأ يرتعش!
تسارعت أنفاسه يحدق بحارسع ليتمتم
- أنا من فعلَ ذلك!

أعاد جملته أكثر من مرة ثم صمت لتتوسع عيناه صارخًا بفزعٍ خوفًا من نفسه، خرجَ صوته من قلبه قبل حنجرته؛ رفعَ رأسه كي تبقى دموعه في مقلتيه لكنها غارت بالفعل!


[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________

-

-
لا تَبُح بما في داخِلكَ لنَفسِكَ فهي لا تَحْفظ الأسْرار.

نُقطَةة إِنتَهىٰ •
رد مع اقتباس