عرض مشاركة واحدة
  #151  
قديم 10-31-2018, 09:13 AM
 

الفصل 29d

مرت ايام كئيبة على حسناء وهي تحاول الاكتفاء بالتحدث يوم الاحد فقط مع جواد، كانت احيانا نادرة ان فرغ من درسه باكرا يتحدثان على الواتساب

وهكذا مضت السنة الجامعية بقدر ما تسمح لها بالخير واقبل الصيف اخيرا

استقبل جواد اهله بحرارة ودعوا اخوته المتزوجون وخطيب شيماء وحسناء للاجتماع معهم على الغداء، وعلى هذه المناسبة الجميلة قررت شيماء وخطيبها ان يزيدوا الفرحة فرحة واعلنوا عن موعد زواجهم وفرح لهم الجميع

بعد اسبوع ارتدت شيماء الثوب الابيض وكانت بابهى طلة، لم تنسى ان تدوس على قدم حسناء لتكون اول من يتبعها في الزواج (عادة عند البعض بيقولو اذا العروس داست على اجر وحدة تانية بتلحقها بالزواج )

كانت ثلاثة اشهر هادئة بل رائعة للجميع حتى حان موعد سفر جواد، ذهب لزيارة شيماء قبل السفر بعدة ايام وجلسا على الشرفة

وبينما هم يتحدثون نظر للبرية المقابلة وسرح عن كلام اخته اذ رأى فتاة غبية تدخل البرية بصعوبة، في كل خطوة تخطوها تتأوه بسبب الاشواك المحاطة التي نبتت ايام الصيف الحارة،

وعندما تكرر هذا المشهد عدة مرات امامه فرط ضحك، نظرت اليه شيماء مستغربة اذ لم تكن تتحدث بشيء يضحك، عادت لتنظر الى حيث ينظر ففهمت سبب ضحكه فقرصته قائلة بعتاب:

- لا تسخر من تلميذتي

نظر اليها متسائلا:

- تلميذتك!

عاد ليضحك ثم يقول:

- يبدو ان لا سبيل للملل في حياتك، لا هنا ولا في المدرسة، بوجود شخص مثلها، اراهن انك تقضينها ضحكا

نظرت اليها شيماء بحزن الى ان استقرت الاخرى تحت جذع شجرة زيتون بعيدة من الشارع نسبيا واخرجت دفتر يومياتها وبدأت تكتب فقالت شيماء:

- لست من النوع الذي يحب ان يضحك لمصائب الاخرين

نظر مستغربا الى شيماء ثم الى الاخرى ليجدها تكتب فقال:

- تبدو مجتهدة... انها تدرس حتى ايام الصيف

حينها فرطت شيماء ضحكا لتقول:

- مجتهدة!... اريج مجتهدة!... هاتان كلمتان لا تتحدان ابدا...

نظر لاخته ببرود ليقول:

- اذا بما تفسرين ما تفعله الان ان لم تكن مجتهدة؟

- حسنا لست ادري، لكنها اقل من تشارك في الصف، اقل من تركز، اقل من يهتم بالدراسة... كل ما يدور في رأسها في المدرسة فتى في صفها يحب صديقتها

- تحب حبيب صديقتها؟

- حسنا هي لا تعرف بذلك... فهما لم يرتبطا بعد، لكن يمكنك ان تعرف من النظرات المتبادلة، الحب بينهما واضح وكما يبدو انها لا خبرة لها بذلك ولا احب ان اخبرها بذلك بنفسي خوفا على مشاعرها

نظر جواد اليها شاردا يفكر في امرها حتى استيقظ اخيرا على صراخ اريج وهي تقفز فزعة فقالت شيماء بملل:

- لا بد ان حشرة تسلقت قدمها كالعادة، اتحب ان تشرب الليموناضة؟

هز رأسه ايجابا فدخلت شيماء لتحضرها بينما جواد مازال يراقب اريج تفر ذعرة من البرية حتى وصلت للشارع تنفض ملابسها بفزع حتى اطمئنت من خلوهم من الحشارات،

عادت لتنظر الى البرية وقالت بغضب:

- غبية متوحشة، كيف تجرئين على تسلق قدمي

هنا فرط جواد ضحكا اذ لم يستطع احتمال المزيد، بحثت هي حولها عن مصدر الضحك لكنها لم تجد احد فأكملت طريقها، لم يكد يهدأ من ضحكه حتى وجدها تعود لتدخل البرية مجددا تراقب حولها بفزع، ضرب رأسه وامسك شتيمة، الم تخرج منها الان شاتمة؟ :

رآها وصلت الى قرب الشجرة وانحنت لتأخذ من الارض دفترها، ضمته اليها بحب ثم عادت لتخرج من البرية، رفع حاجباه مستغربا "ايعقل انها كانت تكتب رسالة حب لذلك الاحمق؟..."

تناسى الامر حين عادت اخته تحمل ابريق زجاجي من الليموناضة علا سطحها معكبات ثلج وجلست لتسكب في الكوبان بينما يتقلب العصير والثلج على بعضهما وهما يتصاعدان داخل الكوب الذي سرعان ما اكتسب خارجه الندى بفعل اختلاف الحرارة...

قدمت اليه كوبا وهي تنظر للبرية قائلة:

- يبدو انني ضيعت الشتيمة

ضحك واخذ الكوب منها ليرتشف منه رشفة فقالت:

- للاسف لن تستطيع ان تتعرف عليها عن قرب لانها ستنتهي من الثانوية قبل ان تبدأ انت التعليم بها

رفع حاجباه ساخرا ثم قال:

- هذا مؤسف

عادت لتضحك شيماء ثم قالت:

- لكن احتمالية نجاحها في الامتحان الرسمي ضئيل، ربما لو اعادت صفها عدة مرات قد تلحق وتتعرف عليها

ضحكا سويا وعادا ليشربا الليموناضة

---


عاد لفرنسا وكانت الحياة مثالية كأول كل سنة ولكن ما ان بدأ جواد ينشغل بدراسته فعلت حسناء عكس كل سنة، واكبت على الاتصال حتى لا تضحى علاقتهم جافة ككل سنة

عادت من الجامعة واول ما فعلته ان رمت حقيبتها في غرقتها ثم توجهت للهاتف

رفع سامر السماعة ثم قال:

- جواد، الاتصال لك

اشار له ان بعد قليل لانه مندمج بالدراسة فقال سامر:

- انها خطيبتك

نظر لسامر بملل ليقول هامسا:

- الامر بدأ يصبح مملا

ضحك سامر وناوله السماعة وعاد الى درسه، لم تمر خمس دقائق حتى نظر سامر لجواد الذي مازال يراعي كلام حسناء بقلة صبر وهو ينظر لكتابه تارة والى ساعة يده تارة اخرى فصاح سامر:

- الن ينتهي حديثكما يا جواد؟ اني انتظر مكالمة من نتالي

تفكر جواد بكلام صديقه حتى فهم قصده وابتسم قائلا:

- اسف حسناء، نتكلم لاحقا فسامر ينتظر مكالمة

- اوه... حسنا متى ما انتهى من الكلام اتصل بي

فغر فاهه مصدوما من طلبها ثم قال:

- حسنا حسنا سافعل الى اللقاء

وضع السماعة على الهاتف واراد ان يعود الى مكانه فقال سامر معاتبا:

- بربك ارفع السماعة كي لا تتصل بعد نصف ساعة

نظر اليه جواد مستغربا:

- الا تنتظر اتصال؟

- بالطبع لا، كان مجرد عذر لاخلصك منها... هه، لا اصدق انكما نفس من جمعت بهما منذ سنوات

ابتسم جواد قائلا: "مازلنا نحب بعضنا لكن انشغالاتنا تجعلنا مملين، لكننا ترانا صيفا، اولا يغار منا عصافير الحب؟..."

نظر اليه متشككا ثم قال:

- في الواقع، حسناء لم تعجبني هذا الصيف، حتى هذه السنة، الم تلاحظ انها تغيرت؟ لقد اصبحت لحوحة جدا ومتطلبة بشكل لا عقلاني

- لنقل ان الفتيات يمررن بمزاجيات عجيبة من حين لاخر

- لكن ليس هذا ما يحدث مع حسناء، فلا تستمر هذه المزلجيات لاشهر متواصلة

تفكر جواد بالموضوع ثم هز كتفيه قائلا:

- لم الاحظ شيئا من هذا النوع

- هذا لانك متيم بها... اذهب واكمل درسك فلم اقطع حديثك معها الا لهذا السبب

عاد جواد ليجلس امام كتابه شاردا بكلام سامر

---


جلست حسناء في حديقة الجامعة بين اصدقائها غاضبة غير عابئة بما يتحدثون حتى انتبه لها سعيد، قال:

- ما بال القمر اليوم مش عاطينا وج

نظرت اليه حسناء بانزعاج فنظرت اليها بقية الصديقات والتفتن حولها:

- ما بك حسناء، لا تبدين اليوم طبيعية

- هذا صحيح، حتى انك كنت تستعملين هاتفك وقت المحاضرة، من عادتك ان تكوني مركزة طوال الوقت وتكونين مرجعنا في حال لم نفهم شيئا

- حسناء: لا شيء مهم... انا منزعجة اليوم قليلا

- حسنا... اتمنى ان ينتهي ضيقك هذا باسرع وقت

ابتسمت مجاملة وما ان عدن لحديثهن حتى عادت للتجهم، انحنى اليها لؤي يسالها:

- اذاك هل الاحمق هو السبب؟

نظرت اليه بانزغاج:

- اي احمق؟

- جواد طبعا

- وما شأنه، بل وما شأنك؟

- اولسنا اصدقاء طفولة؟ يفترض ان تخبريني بكل شيء

- وان كان، بما سيفيدك؟

- سأذهب اليه والقنه درسا، لم اتنازل عنك له ليعاملك هكذا

نظرت اليه بازدراء ثم قالت:

- لم اكن ملكك كي تتنازل عني

- لكنك كنتي تحبيني، كنا نحب بعضنا ربما لاني تصرفت في وقت ما كوغد تناسيت الامر لكننا كنا نحب بعصنا حقا

نظرت اليه ببرود ثم قالت:

- اسمع لؤي، صداقتنا عزيزة ونحن متفقين من سنة، لا تعيد كلامك هذا كي لا تفسد هذه الصداقة

صمت لؤي وهو ينظر اليها بحقد ثم ابعد وجهه عنها متجهما "لقد كنا نحب بعضنا وكان جواد الصديق، اضحت الان تحب جواد واصبحت انا الصديق، لا وفوق هذا صداقتنا معرضة للخطر، في هذه الحال افضل ان انسحب من حياتها كليا..."

نظر اليها مقررا النهوض والانصراف ومقاطعتها للابد ولكنه غيير رأيه حين نظر اليها، لن يحتمل ان يواسيها احد غيره، كما لن يحتمل رؤيتها تضحك للجميع الا له... حسنا... ربما يبقى معها هذه السنوات المتبقية الى ان يتهي جواد دراسته وحينها يفكر بطريقة للاختفاء كليا...

تنهد ثم قال بخفوت:

- انا اسف لازعاجك

نظرت اليه متفكرة ثم ابعدت وجهها اذ صراحة لا تدري ما يدور براس هذا الاحمق، تارة متكبر وتارة لطيف، اقل ما يمكن وصفه بانسان عجيب

---

مرت ايام وحسناء على هذه الحالة، بل وتزداد حالتها سوءا حتى الح عليها اصدقائها لتفتح لهم قلبها، نظرت اليهن بحزن لتقول:

- اشعر ان جواد يتجنبني... لم يعد يرغب بالكلام معي على الهاتف، اخر مرة اتصلت به سمعته يهمس لصديقه كي يخبرني انه ليس موجودا...

البعض ابدى اسفه عليها بينما البعض الاخر ابدى غضبه على جواد، بينما القلة نصحوها بالصبر، لكن حالتها تفاقمت مع الايام حتى بدأ الشك يلعب بعقول الاصدقاء وما لبث ان نقلو لها عدوى الشك

---

نظر سامر لجواد متفكرا ثم قال له:

- الا تظن ان هذه الايام مرت هادئة اكثر من المعتاد

- لا بأس... اظنها فهمت انني مشغول فامتنعت عن الاتصال، او ربما يأست بعد كثرة تهربي...

- اتمنى ان لا يكون الامر هدوء ما قبل العاصفة

قطب جواد متفكرا ثم قال:

- لا اظن ذلك...

نظر لهاتفه ثم فتح الواتساب، وجد حسناء متواجدة، القى التحية لكنها لم تجبه، اكتفت بان تفتح الرسالة ثم تخرج من المحادثة

اراد ان يرسل اليها بعض كلمات الغزل وانه اشتاق اليها ربما يرق قلبها لكن سامر منعه، قال له:

- يمكنك ان ترسل كل ذلك يوم الاحد، يومين وتحدثها، الان لا تشغل بالك ولا تدعها تشغل وقتك فما اخذته من وقتك كاف، لقد رسبت في مادة لا تريد ان ترسب بالمزيد والا اضطررت ان تعيد السنة

تنهد بانزعاج حين وجد ان صديقه محق ثم وضع هاتفه جانبا ليعود الى درسه، علما ان باله كان مشغولا

---


يوم الاحد اخيرا قرر الاتصال بعد ان انعدمت للتواصل كليا مع حسناء حتى على الواتساب، اجابت ام حسناء وسرعان ما نادت:

- حسناء انه جواد

صرخت حسناء من الداخل:

- اخبريه اني لست موجودة

- لا اظن ان هناك داع لاخبره فقد سمعك بنفسه

- هذا جيد، سيعفيكي عناء اخباره بذلك

رمشت الام مستغربة ثم قالت لجواد:

- لا ادري ما بالها، سأذهب واحدثها

- حسنا...

ذهبت الام لتحدث ابنتها وعندما رأى جواد ان المسألة اخذت من الوقت اكثر مما ينبغي اقفل الخط واتصل على جوال حسناء

نظرت حسناء الى جوالها ثم اظهرت انزعاجا لتطفئ الخط، نظرت اليها الام مستغربة:

- ما بالك حسناء؟... لقد كنتي تطوقين لمكالمته

هزت الاخرى كتفيها غير عابئة بالاجابة فجلست الام قربها لتحدثها، عاد هاتفها ليرن مجددا فسلمت حسناء الهاتف لامها قائلة:

- اخبريه اني خرجت ونسيت الهاتف في المنزل

نظرت الام اليها بشك ثم قالت:

- لا لن افعل... ان حدث مشكلة بينكما عليك مواجهته وليس الفرار منه، ان ذلك سيزيد الامر سوا

- لست اهتم

- حسناء!... ما الذي حدث!

تكتفت لتبعد نظرها عن امها وعندما رأت ان الهاتف ما زال يرن عادت لتقفل الخط وعادت لتتكتف

اخذت الام تستجوب حسناء وما هي الا ثوان حتى عاد ليرن الهاتف مجددا، اخذته الام وردت عليه:

- ما الذي حدث بينكما جواد؟ لما حسناء تصر على عدم مكالمتك

- وانا ما ادراني، احدثها على الواتساب منذ ايام ولا تجيب، واتصل بها الان ولا تجيب

- اذا لا تعلم شيئا؟

- لا... فجاة تغييرت هكذا

- حسناء بحقد: بل يعلم لكنه لا يريد ان يخبرك، انا لن احدثه بعد الان

-الام بصدمة: حسناء!

- جواد اعطها الهاتف ودعيني اكلمها:

ناولت الام الهاتف لحسناء قائلة:

- يريد مكالمتك

هزت حسناء كتفها دلالة على عدم رغبتها بالاجابة فاعادت الام الهاتف الى اذنها وقالت:

- ساضع الهاتف في اذنها تحدث فهي تسمعك

وضعت الام الهاتف في اذن حسناء فقال جواد:

- حسناء... حسنا قد تظنين انني اعرف حقا ما بك لكنني حقا لا اعرف، ربما الامر كان سوء تفاهم او شيء من هذا القبيل، لكني لا اذكر اني فعلت شيئا يغضبك...

حينها ثارت حسناء لتأخذ الهاتف من يد امها صارخة:

- حقا؟... الم تكن تتهرب من الحديث معي طوال الاسبوع، لقد سمعتك تطلب من صديقك ان يخبرني انك لست موجودا، او تظنني صماء ام حمقاء...

فغر جواد فاهه اذ تبيين له انها سمعته حينها فقال مدافعا:

- حسنا ربما قد اخطات حينها، لكنك اخذت الكثير من وقت دراستي، لدرجة اني رسبت في احدى المواد، ان رسبت في مادة اخرى سأضطر ان اعيد السنة، لا اظنك تريدين ان ابقى سنة زائدة في فرنسا

- ارتسم الحزن على وجه حسناء لتقول:

- بالطبع لا اريد...

- اذا فلنكتفي بيوم الاحد للتواصل... سيأتي الصيف ويكون الوقت كله ملكنا

- الا يمكن زيادة يوم واحد فقط للتواصل... اشعر بوحدة كبيرة طوال الوقت

- اسف حسناء لا وقت لدي ابدا

- فقط نصف يوم... نصف ساعة...

- حسناء... اني بصعوبة اتفرغ يوم الاحد لاجلك فقط... ثم لديك اصدقائك، لما لا تقضين بعض الوقت معهم

تنهدت شيماء بانزعاج اذ ان اصحابها هم الذين اوصلوها الى هذه الحالة حين اصروا عليها كي تزيد من التواصل مع خطيبها، قالت ببؤس:

- حسنا سأنسى الامر وأكتفى بيوم واحد في الاسبوع...

- حسنا... شكرا لك على تفهمك... ممم... الان ايمكنك الابتسام ليكون حديثنا اجمل؟

ابتسمت حسناء مرغمة ثم انقلب لحديث وديا، حين اطمئنت الام على الاوضاع انسحبت من الغرفة لتتركهما يتحدثان بحرية...

---


كانت ذاهبة الى الجامعة شاردة البال بما يجري معها، بين حبها لجواد وبعده عنها، وصداقتها للؤي ورفض جواد لها، كانت تعاني من حالة نفسية مزرية حتى قطعت الشارع ودون انتباه كادت ان تصدمها سيارة فخمة

خرج صاحب السيارة ينهال عليها بوابل من الشتائم لانها رمت بنفسها هكذا امام سيارته، وعندما نفس عن غضبه وجد حسناء مازالت مصدومة، اخذ نفسا عميقا ثم اطلقه واخذ يطمئن عليها:

- هل انت بخير؟

على سؤاله عادت لوعيها فهزت رأسها ايجابا، قال:

- ان اردت يمكنك توصيلك الى حيث تذهبين، لا تبدين لي بخير، قد تصدمك سيارة اخرى وانت بهذه الحالة

تهربت منها ابتسامة ثم قال:

- بلى انا بخير، شكرا لك على كل حال

استدارت واكملت طريقها بينما هو يتبعها بنظراته ثم عاد ليركب سيارته وانطلق مكملا طريقه

---


ما ان وصلت للجامعة حتى حاوطنها كل اصدقائها يطمئنون عليها بما جرى معها ومع خطيبها، قالت بانزعاج:

- اتفقنا على ان يكون حديثنا فقط يوم الاحد

فغرت صديقتها فاهها وقالت:

- من الان سترضخين لكل ما يقرره، انت ايضا لك رأي، عليك ان تكوني اكثر صرامة معه

كلامها اشعر حسناء ببعض التحقير ازاء نفسها فقالت مدافعة عن نفسها:

- لكنه محق، انه يقضي وقته بالدراسة، لا يمكنني ان اخذ من وقته اكثر من ذلك فلا اريد ان يعيد السنة ويبقى سنة اضافية في الخارج، يكفي انه يحاول قد الامكان التفرغ يوم الاحد لمحادثتي

- صديقة اخرى: اذا هو يربحك جميل صنعه ايضا... لا يكفي انه يتجنبك طوال الاسبوع، ثم يأت ويمن عليك لاجل يوم واحد

- ليس الامر هكذا... هو فقط منشغل جدا، لما لا تفهمون... حتى انه رسب في مادة بسببي

حينها فرط سعيد ضاحكا وقال:

- يدرس طوال الوقت ورسب لانه تحدث اليك بعض الوقت من ايام الاسبوع، لا بد انه يخدعك، ربما هو يلهو مع اخرى طوال الوقت ويتحجج بالدراسة

قطبت منزعجة ثم قالت:

- ذلك لانه يدرس اختصاص صعب وليس اختصاصا سهلا مثلنا... لا يمكنك مقارنة دراستنا بدراسته، ثم انه يدرس في فرنسا، ربما الدراسة هناك اصعب

نظر اليها سعيد باستهزاء ثم قال:

- انا رأيي ان تتركيه وتخطبيني فانا سأكون لك اكثر وفاءا وصحبتي اجمل

ضربته احدى الصديقات قائلة:

- كفى انت عن ازعاجها، ما فيها يكفيها

قالت اخرى:

- لكني ارى ان سعيد قد يكون محقا... عليك ان تكوني اكثر حذرا

- اخرى: وخاصة انه مغترب في بلد فاسق، تعرفين كيف يكون لبس الفتيات هناك، وكثير منهن وقحات لا يخجلن، وخطيبك لا يستهان بجماله

- اخرى: انها محقة... فكم من شاب سافر للدراسة وعاد في يده طفل...

كادت تدمع حسناء فوجهت نظرها للؤي لترى اشامت على حالها ام يرثي عليها لكن لم يبدي اي تجاوب، لا معها ولا ضدها، تشجعت وتوجهت اليه ثم سألته:

- وانت ما رأيك؟

نظر اليها ببرود وقال:

- وهل سيكون لرأيي اي قيمة

- انت صديقي منذ ايام الطفولة... لا بد ان تنصحني قبل الجميع... ثم انك الوحيد الذي يعرف جواد، ربما امكنك ان تحكم ان كان يصدر منه شيء من ذلك القبيل

انقلبت نظراته حقدا ليقول:

- الصديق الذي يخدع صديقه ويسرق حبيبته لن استغرب لو خدع خطيبته وخانها...

قطبت حسناء بضيق ثم قالت تدافع عن جواد:

- لكنه اخبرك منذ البداية انه يريدني وانت لم تمانع

- انت طلبتي رأيي به وانا اعطيتك اياه، لك ان تتقبليه او ترفضيه...

نظرت للجميع الذين بدا جليا من نظراتهم انهم يؤيدونه بالرأي فانسحبت باكية، شعر الاصدقاء بوخز بالضمير لكن سعيد قال:

- حسنا عليها ان تكون اكثر دراية لما يحصل حولها، لا نريدها ان تصدم غدا ان كان كلامنا صحيحا

وافقه الجميع بحزن وسرعان ما غيرو الموضوع ودخلوا في موضوعات اخرى اكثر مرحا...

---

عادت الى البيت قبيل الغروب منزعجة، كان نهارها من اقرف ايام حياتها، رمت بحقيبتها جانبا واستلقت على السرير شاردة، سرعان ما اخذت الهاتف لترى ان كان قد تفرغ جواد ولو لبعض الوقت وارسل لها سلاما لكن خاب ظنها، ترددت قليلا لكنها اخيرا تشجعت وارسلت:

- كيف حالك اليوم؟

انتظرت قليلا فلم يجاوب، ارسلت اليه بعدها الكثير من عبارات الحب والاشتياق لكنه جاوبها بعبارة مختصرة "فيما بعض حسنا... انا الان مشغول جدا"

شعرت بغيظ كبير وهي تقارن وضعه الحالي بكلام سعيد صباحا، ايعقل حقا انه مع اخرى؟ ايعقل ان كثرة رسائلها ازعجه خوفا ان تنتبه الاخرى انه خاطب

رمت بهاتفها جانبا ووضعت يديها على رأسها اذ ان كثرة التفكير اصابها بالصداع

---

في اليوم التالي الامر نفسه، حاوطنها اصدقائها للاطمئنان فقطبت دون ان تجيب حين تذكرت جوابه المختصر، ففهمن عليها تلقائيا وابدين بعض

الاسى ثم غطوها بعبارات الاسف، اعطوها بعض النصائح التي اعتبروها تصلح حالها مع خطيبها ثم خاضوا في مواضيع اخرى

شردت حسناء عن مواضيعهم التافهة امام موضوعها وسرعان ما استأذنت منهم للدخول الى الحمام لكنها ذهبت لتتوه في ازقة الجامعة المتفرعة

تبعها لؤي ليصل اليها واخذ يطمئن عليها لكنها جاوبته بانها بخير، نظرت اليه بحزم ثم قالت:

- انت صديقي هذا صحيح، لكن تعلم ان جواد لن يعحبه كثرة تقاربنا الى هذا الحد

تنهد بانزعاج ثم قال:

- امازلت تصرين على الوفاء له وهو يخدعك

- هو لا يخدعني... انه فقط مشغول بالدراسة

- حسنا... يبدو انه ليس الوحيد الذي يخدعك... انك تخدعين نفسك بجدارة... الامر واضح للجميع، لما لا يمكنك ان تفتحي عينيك... اتركيه وانسي امره

حين لاحظ انها مصرة على موقفها مل وانصرف قائلا:

- افعلي ما شئت... انت حرة...

زفرت بضيق ثم جلست على احدى المقاعد الفارغة قربها تغطي وجهها بكفيها محاولة التهرب من الواقع، ما هي دقيقة حتى استأذن احدهم للجلوس الى جانبها، نظرت اليه محاولة العودة الى الواقع وهي تحاول تمييز ذلك الشعر الاشقر والعينان الخضروان والطول الفارع والملابس الانيقة، هذا المنظر مر عليها سابقا لكن لا تدري اين، ادركت اخيرا اين حين سألها مندهشا:

- الست انت نفسها التي رمت بنفسها امام سيارتي البارحة؟ هه واو!... لا اصدق، لو كنت اعلم اننا في الجامعة نفسها لكنت اصريت على توصيلك

ابتسمت وهي مازالت شبه ضائعة وقالت:

- شكرا لكن لا داعي لتعذب نفسك

جلس بقربها ليقول:

- اعذب نفسي بماذا، ان السيارة هي التي يتحمل ثقلك وليس انا

فرطت ضحك فاردف:

- طبعا لا اقصد انك سمينة بقول ثقلك، لكن من المعلوم ان لكل الاجساد ثقل ما مهما بلغ خفته...

ابتسمت له فمد يده مصافحا معرفا عن نفسه:

- انا شادي في العشرين من العمر، وانت؟

صافحته مبتسمة لتقول:

- اسمي حسناء... ابلغ التاسعة عشر من لعمر


سرعان ما سحب يدها ليقبل ظاهرها ثم قال:

- اسم على مسمى

سحبت يدها بسرعة واحمرت خداها، ارادت الانصراف غاضبة لتصرفه لكن سرعان ما تبادر الى ذهنها كلام لؤي "اما زلت تصرين على الوفاء له وهو بخدعك"

عادت لتفكر "لا انه ليس بخدعني انه..." وقبل ان تكمل حبل افكارها قال الاخر:

- ويزداد حسنك وانت خجولة

قطبت بانزعاج وهي تصارع افكارها فسألها:

- هل انت مرتبطة؟

فتحت فمها لتجاوبه لكنها عجزت عن الكلام، صارت ترمش وهي تحاول الكلام فضحك عليها قائلا:

- في حياتي لم ارى فتاة ببرائتك... انت حقا رائعة

عادت لتقطب بانزعاج لكثرة ما سمعت مؤخرا عن برائتها، رغم ان هذه المرة كانت مدحا الا ان الباقي كان ذما... الكل يقول ان جواد يستغل برآتها لخداعها، وهي تستمر بالوفاء له، لكن هل هي حقا بريئة لدرجة الغباء التي وصفوها بها صديقاتها

استيقظت على صوت شادي وهو يقول:

- اين غبت يا فتاة... اني احدثك منذ برهة

اطلقت زفرة ضيق لتقول:

- انا اسفة لكني امر هذه الايام باوقات عصيبة

- اتمنى ان تنتهي صعوباتك هذه فلا يليق بهذا الوجه الملائكي التجهم

ابتسمت ابتسامة مصطنعة واستأذنت لتعود الى اصدقائها واسرعت بالذهاب دون انتظار اذنه، جلست بين اصدقائها مرتبكة ولم يلاحظ عودتها الا لؤي الذي جلس ينظر اليها بريب، تجاهلت نظراته وصارت تفكر:

- حسنا ما الذي فعلته انا الان... تبا اكان يصعب علي ان اخبره انني مرتبطة! انني لا اتوقع الارتباط به مثلا، لو تركت جواد فانا على الاغلب سارتبط ب...

نظرت الى لؤي لتجده عاد ليندمج مع الاصدقاء ويضحك معهم، تفكرت بغيظ:

- انه المسؤول بعد كل شيء... هو من لامني على وفائي الاعمى لجواد... ويريدني ان اكون مثله احب شخصا واواعد اخر... حسنا لن يحدث ذلك... سأبقى هلى حبي لجواد باخلاص، ان قابلني ذلك الاحمق الوسيم مجددا سأخبره انني مرتبطة واني لن اقبل بكل تلك التصرفات وكل ذلك الغزل... اخخخ... لكن من الجميل ان تسمع الفتاة تغزلا طوال الوقت... لقد كان الامر جميلا حين كنت مع جواد سويا في الثانوية... كان الامر اجمل من ان يوصف...

عادت لتنظر الى لؤي، لقد كان معهم في المدرسة حينها، لكنه كان قد غيير اصدقائه فلم يكونا يتواصلان ابدا، على عكس ما هي الان، انهما طوال ساعات الفراغ في الجامعة سويا

---


بعد عدة ايام، بينما هي ذاهبة للجامعة اوقفها بوق سيارة، نظرت تجاهها لتجد انه شادي، قال لها:

- اصعدي لاوصلك الى الجامعة

تجاهلته واكملت طريقها، عاد ليمشي بالسيارة بمحاذاتها قائلا انهما ذاهبان الى الجامعة نفسها فلن يضر به شيئا وهي ستستفيد، اجابت ساخرة انها تمارس رياضة الصباح، فرط ضحك ثم ترجل من السيارة ليوقفها كي يحدثها، ما ان اصبح بقربها لا اراديا وجدت نفسها تخفي يدها ذات خاتم الخطوبة في جيبها، قال شادي:

- اسمعي... انا معجب بك من اول يوم التقينا... و... حسنا ربما يمكننا ان نتعرف و... كما تعلمين

تفكرت بالامر ثم دون ان تجيبه التفتت وهربت منه فعاد ليلحق بها قائلا:

- حسنا يبدو انك فتاة محافظة لذلك لا اظن انك ستقبلين التعرف الا بالطريقة التقليدية... هات عنوانك وسأطلبك من اهلك

احمرت حين سمعت كلامه ووقفت شاردة، قال بعد ان لاحظ تقاعسها:

- حسنا... اظن انني استعجل قليلا... سأتركك لتفكري بالامر ثم اخبريني بما قررته

اخفضت رأسها بانزعاج فتركها ليعود الى سيارته وانطلق نحو الجامعة، نظرت لسيارته بحزن، لما لم تستطع اخباره الحقيقة مجددا!...

مشت للجامعة حزينة حتى حاوطنها اصدقائها وكالعادة انهالوا عليها بالاسئلة المزعجة فابتعدت عنهم مباشرة وذهبت لمكان بعيد

تبعها لؤي ليطمئن عليها وهذه المرة لم تطرده، جلسا في مقعد من مقاعد حديقة الجامعة وراح يسألها:

- هل انت على ما يرام؟ تبدين متعبة جدا، هل حدث امر جديد؟

قالت دون ان تنظر اليه:

- هل انت مهتم لانك تريدني ان انفصل عن جواد؟

صمت قليلا ثم قال:

- بل تهمني سعادتك... ان كانت مع جواد فانا سأكون مسرور لاجلك...

نظرت اليه متفحصة ثم قالت:

- وان اردت الإنفصال عنه؟

- سأؤيدك بكل قراراتك الى النهاية

ابتسمت له واسندت رأسها على كتفه، اراد ان يعانقها لكنه فجأة توقف ثم ابعدها عنها بانزعاج قائلا:

- توقفي عن هذه الحركات طالما انت مرتبطة لغيري

نظرت اليه مستغربة

- اي حركات!

- لا تكوني غبية... لا تنامي على كتفي

قطبت بانزعاج:

- لم اكن نائمة... كنت فقط مسرورة ان هناك كتف يمكنني الاستناد عليه

- حسنا هذه عبارة مجازية ولا تطبق بهذه الطريقة

ضحكا سويا ثم قررا ان يعودا الى البقية

---

جلست حسناء في سريرها شاردة فيما حدث صباحا مع شادي، انبها ضميرها لاخفائها انها مخطوبة، لكن هل من الخاطئ ان تسمح لشاب بمغازلتها وهي مخطوبة، هي لا تتجاوب معه، لكن الاهتمام بها يعجبها...

ومع ذلك الامر ليس مستحسن، كان عليها ان تخبر شادي انها مرتبطة، حسنا ستخبره عندما يسألها عن قرارها... الواقع ان شادي يبدو شابا لطيفا، وسيم كما ان سيارته رائعة... لكنها تحب جواد، لكن جواد يهملها كثيرا... وان صدق اصدقائها، فهو يخونها، فلما عليها ان تبادل خيانته بالوفاء؟

غطت رأسها بيديها حين احست ان راسها سينفجر، حتى اخيرا استرخت حين اصدرت القرار، ما ان اقبل ابوها ليلا حتى اخبرته انها تريد الانفصال عن جواد،

صدم ابوها لقرارها فاخبرته انه يهملها كثيرا، طلب منها التريث فاخبرته عن شكوكها عنه، طلب منها ان تنتظر عودته صيفا ليتحدثا بروية فلم تجد امامها حلا الا الكذب:

- ابي انه يخونني مع فتاة اخرى، انه يعرف شابة هناك يقض معها طوال الوقت ويحتج بالدراسة... ابي لقد مللت من هذا الوضع

شرد الاب في كلام ابنته مصدوما لكن ردة الفعل هذه لم تكن كافية بالنسبة اليها، احتاجت الى ردة فعل اقوى ليخلصها من ارتباطها فقالت:

- كما انها حامل منه

فغر الاب فاهه مصدوما ثم احمر غضبا وانتفخت اوداجه، ارسل ابنته الى غرفتها، نظرت لابيها حائرة، لا تدري ان صدقها ام لا لكنه صرخ بها صوتا لتفر ذعرة الى غرفتها

لم يلبث طويلا حتى اتصل والدها بجواد وبعد ان بهدله وشرشحه اخبره ان خطبته من ابنته ملغية

فقعو فيوزات جواد، الصدمة الجمته من الكلام حتى اغلق والد حسناء الخط فظل هو واقفا مصدوما، عاد واتصل على رقم بيت حسناء لكن لم يجبه احد

اتصل على رقم جوال حسناء لكنها اغلقت الخط في وجهه، حدثها واتساب فلم تجاوبه، جلس في سريره يكاد ينتف شعره من عصبيته وسامر ينظر اليه مستغربا حاله

قال سامر:

- ما بك يا صاح؟... هل الجميع بخير؟

اغلق عينيه بقهر ثم قال:

- بل يبدو ان الجميع فقد عقله

- لما؟

اجاب بعصبية:

- وما ادراني... فجاة قرر والد حسناء ان ينهي خطبتنا دون ان يذكر سبب وجيها

فغر سامر فاهه مصدوما وهو يفكر ويحلل فعاد جواد ليتصل بأهله، اجابت والدته:

- امي... هل تحدثت الى حسناء او احد من اهلها مؤخرا؟

- لا، لما؟

- لست ادري... الا تذهبين اليهم وتعرفين منهم ما حدث معهم بالضبط؟ اخبرني والدها انه يريد ان يفسخ خطوبتنا

شهقت ام جواد ثم سالته عن السبب فاجابها انه لا يدري، وان الامور حدثت فجاة، وعدته بالذهاب لتعرف بالقضية وتحل المسألة

نادت ابنتها رلى وذهبتا سوية، ادخلهما والد حسناء البيت بعد ان رمقهما باحتقار، جلسن في الصالون وابتدأ والد حسنا بالحديث:

- ان كنتما قد اتيتما لتقنعاني ان اعدل رأيي عن فسخ الخطوبة فانتما تضيعان وقتكما فقد صدر القرار...

- ام جواد: هل لنا ان نعرف لما تفعل ذلك على الاقل؟

- اسف يا سيدة ولكن ابنك عديم الاخلاق

فغر كل من الام ورلى فاههما ثم نهضت رلى مهاجمة فنهض الاب صارخا، تدخلت ام حسناء لتهدئ الاوضاع وحكت لهما ما سمعته من حسناء

وضعت ام جواد يدها على قلبها مصعوقة بينما نهضت رلى مدافعة عن اخيها:

- لا يمكن ان يصدر شيئا مشابها من جواد فقد تلقى تربية جيدة، هذا اخي وانا اعرفه

- اسفة عزيزتي لكن شهادة الاقرباء مجروحة... بالطبع ستدافعين عن اخوك

- ليس الامر هكذا، لكنه خلوق حقا والحي كله يشهد على ذلك

- حسنا، يبدو ان سفره لفرنسا غيره... كما تعلمين شابا وحيدا محاطا بشتى انواع النساء

نظرت اليها رلى بحقد ثم قالت:

- من الجيد ان معدنكم ظهر اصله قبل زواج اخي من ابنتكم

امسكت بيد امها التي كانت ضائعة بسبب ذلك الحديث وجرتها للخارج

---

استمر جواد في محاولة الاتصال بحسناء دون جدوى، رغب سامر ان يكسر الهاتف على رأس جواد لانه حذره مسبقا عن حسناء لكنه لم يقتنع وها هو الان يرى بعينه ولا يريد ان يصدق، لكنه فضل ان يبقى صامتا لان حالة جواد لم تكن مطمئنة

اخيرا وصله اتصال من رلى، فتح الخط بعجل ليقول:

- ماذا حدث معكما؟

- انسى امرها، لقد فقدو عقولهم الجماعة ولا يمكن التحدث معهم

- لكن ما الذي جرى؟

- حسنا يقولون... انك... ستصبح ابا قريبا لطفل فرنسي

فغر جواد فاهه مصدوما ثم قال:

- ماذا!... انا سأصبح ابا!؟

فرط سامر ضحك فحدجه جواد غاضبا وعاد ليكلم اخته:

- من اين اتو بتلك المعلومة؟... اني بالكاد اقابل البشر هنا، لولا وجود سامر في نفس الشقة معي لكنت وحيدا منذ قدومي الى فرنسا

- حسنا لقد اخبرتهم بذاك لكنهم لا يريدون ان يقنعوا... انسى امرها افضل لك

- عما تتحديث انت!... انسى امرها، وكأن الامر بهذه السهولة، جدي طريقة لتقنعيها

- جواد... اخبرتك ان الجماعة فقدوا عقولهم ويرفضون الاستماع

- تبا...

اغلق الخط محاولا كبت غيظه، اخيرا اخرج سيجارة وبدأ يستنشقها محاولا ان يهدأ، نظر الى صديقه سامر وقال ببرود:

- ابحث لي على النت عن اول طائرة تعود للوطن

فغر سامر فاهه وقبل ان يعترض قال جواد بحزم:

- افعل ذلك فحسب

عاد ليدخن سيجارته وما ان انتهت حتى بدأ بواحدة اخرى، قال سامر:

- الا تظن انك تجاوزت الحد في التدخين

تجاهله جواد فاردف سامر:

- تعلم ان لديك امتحان قريبا، وان ذهبت سترسب به اكيد، وحينها ستضطر ان تعيد السنة

- لا يهمني، حل مشكلتي مع حسناء اولى من النجاح في الجامعة

هز الاخر كتفيه ليبحث في الانترنت، اخبره عن الموعد فحجز تذكرة وما ان حان الموعد عاد لوطنه وتوجه رأسا الى بيت حسناء، لم تكن حينها في المنزل بل في الجامعة اخبرته والدتها انها لن تعود قبل ساعات فعاد الى منزله ليسلم على اهله

تفاجئ الجميع برؤيته اذ لم يخبرهم عن عودته كي لا يحاولوا منعه، كانت الاجواء مثقلة بالتعاسة، واخيرا حين مرت تلك الساعات ذهب جواد مع ابيه لبيت حسناء، طلب جواد ان يكلمها لكنها امتنعت عن مقابلته

ارجحت الام ان الامر لانها غاضبة منه بسبب فعلته، فنهض غاضبا ليدخل اليها لكن والدها منعه، حاول ان يدافع عن نفسه لكن دون جدى:

- عمي ارجوك صدقني... لم افعل شيئا مما ذكرت... حتى انني صدمت حين اخبروني عن سبب قرارك لفسخ الخطوبة، فالمشكلة الوحيدة التي كنت اعاني منها مع حسناء انني لم اكن اعطيها من الوقت للتواصل معي بالقدر الذي تطلبه...

- وذلك لانك كنت منشغلا بغيرها عنها

- تبا هذا غير صحيح... لم اتعرف حتى على فتاة هناك... يمكنك ان تسأل سامر عن الامر

- هه... سامر! انت تعلم ان سامر تربى في فرنسا ولا نثق بتصرفاته، ولن استغرب لو صدر منك فعل مشابه لذلك، فالعشرة تعدي

فغر جواد فاهه ثم صاح مدافعا عن صديقه:

- ربما تربى سامر في فرنسا لكنه محترم ولا يفعل امور شائنة كالذي ذكرت

- اسمع جواد... قد تكون ابنتي صادقة، وقد تكون انت صادقا، لكن فكر بالامر مليا، ما الذي حدث بينكما حتى قررت ان تكذب كذبة كهذه لتتخلص منك

- لست ادري انا نفسي لا افهم...

اب جواد:

- لكنني اعرف وافهم... لم اشأ ان اقولها امامك احتراما لك كأب واحتاما لمشاعر ابني... لكن ابنتك حسناء تتقابل مع لؤي منذ ان دخلت الجامعة، وقد كان يأت لزيارتها ومساعدتها في الدراسة، وكلنا يعلم انهما كانا يحبان بعضهما

حينها دخلت حسناء اليهم وكانت الدموع قد غسلت وجهها، قالت بغضب:

- صحيح انني كنت اقابل لؤي ولكن ليس ذلك سبب تركي لجواد... بل لان جواد لم يكن يهتم بي كما يجب

عادت لتنظر لجواد غاضبة وصاحت:

- وانت تقول انك تبقى تدرس كل الوقت، ان كان كلامك صحيحا فلما ترسب، لو انك حقا تدرس طوال الوقت لما رسبت ابدا

صاح جواد بحقد:

- ذلك لانك كنت تتصلين بي طوال الوقت ولم تسمحي لي بالدراسة


- لم اكن احدثك ابدا فقد كنت تتهرب مني طوال الوقت وتطلب من صديقك ان يكذب علي ليخبرني انك لست موجودا

- ذاك بعد ان رسبت بسبب كثرة اتصالاتك

- ذلك غير صحيح...

عادت حسناء لتبكي فطلب منهم والدها الخروج من المنزل فلا سبيل للاتفاق بينهما، ظل جواد ينظر الى حسناء محللا الموضوع حتى قال اخيرا:

- اذا هذه كانت خطتك من البداية... تشغليني عن الدراسة بكثرة اتصالاتك ثم بعد ان ارسب تتهمينني باني كنت التهي مع وقحة

فغرت فاهها ثم صرخت ناكرة للامر وعادت تبكي بصوت اعلى فطردهما والدها من منزلهما

عاد الاثنين للمنزل غاضبين، صعدا والتفتت الجميع حولهم ليطمينوا الا رلى التي كانت واثقة من النتيجة فعادوا الى اماكنهم خائبين، ماهي ثوان حتى نهض جواد وخرج الى الشرفة ليخرج سيكارة ويدخنها،

تصاعدت صرخة الام باسم جواد فاسرع الجميع الى الشرفة ظانين انه قرر ان ينتحر لكنه وجدوه مكانه، اقترب منه والده ليراه يدخن بينما جواد يبعد وجهه عنه ببرود

سأله والده بحزم:

- منذ متى تدخن؟

تجابه جواد بلامبالاة

-منذ سنوات

- تعلم ان التدخين يضر وخاصة امثالك... لما تفعلها؟

نظر جواد الى والده بانزعاج ليقول:

- لو اراد ان يضرني لفعل منذ زمن... ها انا ادخن ولم يحدث لي شيء

- فاذا حان الوقت لتترك التدخين

- لن افعل

- بل ستفعل

- وهل يجب ان يتخلى عني كل ما احب في لحظة واحدة

- ان كان وجوده يضرك فانت من سيتخلى عنه، لست مضطرا ان تؤذي نفسك من اجل من لا يستحقك

ابعد جواد وجهه عن والده بحقد وهو يتذكر كلام حسناء فاخذ والده السيجارة من يده ليطفئها على حافة قضبان الشرفة ثم قال:

- لا اريد رؤيتها في بيتي مجددا...

انزل جواد رأسه يسك على اسنانه كي لا يفجر غضبه على ابيه وما لبث ان خرج من المنزل ليدخن في الخارج،

في الشارع سلم عليه بعض الجيران وهم يرحبون به ويتسآئلون عن سبب عودته مبكرا هذه السنة لكنه تجاهلهم ومضى

---

بعد مرور ايام بائسة على جواد، وهو يتجاهل اصرار والديه ليعود للجامعة اقبلت اليه اخته بحل من نوع اخر، اقبلت اليه شيماء مبتسمة:

- اتعلم؟... في الثانوية يحتاجون الى معلم بديل لمادة الفزياء لان المعلم سيخضع لعملية، انها فقط ثلاثة اسابيع، ما رأيك؟... اتعلم بدلا منه؟

اجاب ساخرا:

- اسف لكني لا احب التعامل مع الاطفال

- انهم ليسو اطفالا... انهم شبانا

- وهذا اسوأ ما في الامر... المراهقين يرهقون، وانا لا جلد لي على نفسي، فكيف بغيري...

- ارجوووك سنذهب سوية ونعود سوية، ثم ستخرج من هذا الجو الكئيب المزعج...

- لكني مسرور بوضعي

- لكني لست كذلك... تعلم اني لطالما تمنيت ان اتوحم عليك ليشبهك ابني... لكن حالتك تجعلني اغير رأيي فلا اريد لابني ان يكون بآئسا كئيبا مثل حالتك

نظر اليها مستغربا:

- هل انت حامل؟

دفعته بغضب قائلة:

- الم تكن تلعم... اني حامل منذ خمسة اشهر

فغر فاهه ثم قال:

- ولم لم تخبريني؟

عادت لتدفعه قائلة:

- كانت محقة حسناء بتركك، انك لا تسأل عن احوال من يحبونك

نظر اليها ببرود بعد ان اعادت له حالة التجهم ثم قالت:

- حسنا دعنا نترك موضوعها جانبا فانه يزعج الجميع هنا... اذا هل ستأت لتعلم معي؟... ولما انا اسالك؟ انت ستأت رغما عنك

نظر اليها باستهزاء فصاحت لامها وما ان اقبلت حتى قالت لها بسعادة:

- جواد سيعلم معي في الثانوية

ابتسمت الام واقبلت اليه لتضمه بفرح وباركت له واعربت عن مدى فرحتها لقراره وهو صامت ببرود وما ان اختفت الام لتكمل اشغالها حتى قرصها قائلا بانزعاج:

- ايتها المحتالة، تعلمين ان امي نقطة ضعفي ولا يمكنني ان اخيب ظنها

ابتسمت بفخر لتقول:

- سأتصل بالمدير لاخبره انك قبلت الوظيفة، ربما عليك ان توضب اغراضك لتأتي للسكن عندي، ستكون اقرب للثانوية

نظر اليها ثم قال:

- اشعر انك تخططين لشيء اكبر من مجرد التعليم...

ابتسمت بغنج ثم قالت:

- تعلم ان اختك حامل وتتعب بسرعة، وانت اخي الحنون الذي لن يتوان عن مساعدتي في اشغال المنزل

فغر فاهه ثم قال:

- في احلامك، لو ان طبخك مقبول لكانت نصف مصيبة، يكفي انني ساتحمل يوميا تسمم غذائي فقط لاكون اقرب للثانوية

- اصمت ايها الاحمق، ان زوجي يأكل اصابعه مع الطعام بسبب طعمه اللذيذ

- الامر واحد من اثنان، اما ان زوجك يكذب عليك كي لا تحزني اما انه عديم الذوق، واني ارجح الخيار الثاني بما انه اختارك زوجة له

فغرت فاهها ثم خلعت حذائها ورمته به، صرخ من الالم ثم قال:

- اني منذ الان اشفق على طفلك من شحاطتك

يفضل ان لا يكون وقحا مثل خاله والا ستشفق عليه كثيرا

---

يتبع...

كلمة سأؤيد جلطتني لاعرف اكتبها اضكريت فتش عتصريف الكلمة عالنت ولما عرفت كسف بتنكتب انجلطت هالحرف ؤ فيها بتنقرا أ وال أ بتنقرأ ؤ مش طبيعية

المهم
اظن اليوم ما في اسئفة
اظن ما كان في بالفصل احداث مهمة
كول عالفاضي

اه صح
في اول مرة جواظ بيشوف اريج بحياتو
سألته هيداك الفصل بس ما مان نازل هالجزء الفصل بعد

وكمان
شو رايكم بوصف اللينوناضة
اكيد لو اننا بالصيف كنت شهيتكم على الليموناضة

بشكل عام ها هي الاسئلة

بالنسبة للي ما قرا الجزء الاول
شو بتظنو رح تعمل حسناء بعد هالخطوة صحك1
ترتبط من لؤي او شادي او تندم على ترك جواظ وبتقرر ترجعلو،

الفصل القادم ان شاء الله رح حط تعارف جواد باريج


__________________
شكرا دودي عهدية العيد ميلاد الحلوة




هديتي لاني انشط روائية