عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 03-26-2019, 11:51 PM
 




[8]#
SOUND OR RAIN

\
EVERY THING IN THIS WORLD,
NO MATTER WHAT IT IS . . IS A KAY
TO LEAD FOR SOMETHING
. . IT COULD BE AN
ANSWER
OR IT COULD BE . . ANOTHER PAZZLE




-
“ كل شيء بات وشيكاً على الأرض ، حتّى ما كان متواجداً تحت نطاق الخيال، أصبح عُقدَة تَرتبط بالواقِع .”
الكون يهطل الأمطَار الحمرآء ! والأرض تغتسل بهذا الفيض المدمّى .. ! لقد اشتدّت عتمة الليل ثم تلاشتْ.
إلى أنْ أحُيلَت السماء إلى فضاءٍ قرمزيّ . إنهمرَت منه الدماء .. !!
فتحت عيناي وأطرافي الثلجية لم تستفق من غيبوبتها ، بلل غزير .. خواء حالك في أحشاء الليل ، تصادمات برق ،
"هاه ؟ "
إنفكّت الحروف من فمي عندما عاد لي بعضٌ مِن الوَعيّ ، كنت ملقاة على الرصيف البارد المتسخ بالوحل والمطر ،
وشاشة الهاتف مفتوحة والضوء ينبثق منها مخترقاً حجاب الظلمة ، كان كل شبر في المكان شديد السواد ،
وكان صوت المطر يحكم فوق كل الأصوات التي قد أسمعها إن لم أكن في فصل الشتاء .
رمشت بنظرات ناعسة وجسدي منبسط على جهته الأمامية في ذلك الزقاق ، مروراً بذراعاي الممدودتان بجانبي
وساقاي المعطلتان عن الحركة. وميض خاطف مر امام عيناي وحلّ بي صداع ينقر فوق جمجمتي !
تشوّش في الذكريات ..! مقتطف يُعاد .. !!
" أجل .. لقد كنت أهرول لوحدي .. ورأسي كاد ينفجر من الألم ! " همَست بصوت فحيح محادثة نفسي.
وسرعان ما تذكّرت ما حدث رغم الصداع الذي كان يشتد ،
" سيتم محو النظام البرمجيّ من دماغك بعد أربع ساعات من تحرّكك ...، ... الساعة الثانية عشر... ! "
ظننت أن جمجمتي ستنفلق إلى نصفين في ذلك الوقت ، لقد توقعت أن أنسى بعض الوجوه التي عرفتها في تلك القلعة ،
عندما يقومون بنزع ذلك المسمى .. بالتأثير العفن ، لكني ما زلت أتذكر ملامح أنطوان الخاوية التي أمقتها،
وتلك العيون الليلكيّة ، والسائق ذو الشعر الرماديّ ! ... "..... والحرّاس المرعبون .. "
ولكني أشعر بأمر ما مختلف ! أمر ما ، لا أتمكن من تفسيره ، تغيّرْ .. أو ربما إختلاف ! ، لربما كيفية سماع الأصوات الحيّة حولي ،
أو الإحساس بالإشياء .. ، أنا متأكدة ولكن عقلي لا يساندني في كل مرة أريد فيها أن أفهم تغييرات ذاتي،وجسدي.
رفعت رأسي وأمسكت بالهاتف المفتوح ، شعرت بدوار اثناء نهوضي ، ودب طنين في أذني اليسرى ،فجلست قليلاً دون حراك ،
كان النصف من شعري متسخ ،ضربت بكفي ضربات خفيفة متتالية على خصلي المبللة لأنتزع بعضاً من الوحل ، نظرت إلى الشاشة ،
كانت الساعة الرقمية قد أشارت إلى الثانية وست دقائق ! مما يعني أنني كنت فاقدة للوعي قرابة الساعتين .. !
ولحسن الحظ وسوء المنظر لم يتم اكتشافي من قبل أحد ! صدفة عظيمة !.. فمن ذا الذي سيكون متيقظاً في وقتٍ متأخر جداً
ويقوم بجولة بين عواصف الأمطار ؟! لا أريد تصوّر نفسي بأن أجيب على سؤال مندفع يسألني عن وضعي الصحيّ
أو نظرة أسى موجهة لمظهري ، إني بالفعل لا أرغب بالخوض بحديث في وضعي الحاليّ ، أرغب فقط بمكان أقل برودة
من هذا الصعيق الذي أتعرض له ، وغطاء قطنيّ يحتضنني بالدفء .
صفعتني الحيرة وحلّ بي تيهآن شديد، كظلٍ أسود يظهر فوق الحيطان فاقدٌ هويّته ،
فكيف أتمكن من العثور على مكانٍ أقضي فيه ليلتي الضائعة،وأنا أملك اللاشيء للجوء له أو دفعه .
" هل علي سرقة بعض الباوندات .... ؟ كم سيكلّف السكن في غرفة لليلة واحدة .. ؟ "
.. ، غرفة معيشة .. ربما ، أو سقف حجرة .. ، نظرت إلى كفي وسرحت فيها ، قلبت الجهاز الخلوي ، ما هذا الجهاز الغريب ؟
ألا يحتوي على بطارية ؟! ..
ضرب البرق السماء واضيئ الزقاق كشرارة كهربائية ، حويت كتفاي والتفت الى وشاحي المبلل الذي كان ملقى على مقربة ،
فإقتربت منه وأمسكته ، ثم لففته حول عنقي وغطيت شفتاي وأنفي ،بضع سويعات حتى أفقد آخر أنفاسي .
قررت أن أتحرك وأقوم بالبحث عن أقرب فندق أو مبنى سكنيّ سيقبل إلحاحي على المبيت إلى الظهيرة إن استطعت كسب بعض الرحمة ،
أو شروق الشمس إن كان صاحب الفندق متحجّر القلب ولا يقبل بالمقايضات ، كيف سيكون سعر الهاتف مقابل تأجيرغرفة لفردٍ واحد ؟
خرجت من الزقاق فانكشف لي الشارع و أضواء أعمدة الإنارة المزخرفة، كان بعضٌ من مصابيحها محترقة بسبب سوء الطقس ،
كنت أخطو وكأني أرشد ذاتي عن طريق نجوم السماء الوهمية التي من المحال أن يكون لها أثر ضوئيّ في السماء ،
لقد كان كل شيء دامساً في الأعلى،وكأن المطر يهطل من فجوة سوداء بعيدة،
وكان علي البحث وأثناء بحثي أسأل الفضاء الأدهم: أي وجهة أسلكها ؟
هذا بطن لندن العاصف ، أعلي الإستنجاد بملائكة السماء لعلّ وابل رحمة يُنصَبُّ ويغمرني ..؟
ولكن الصمت كان يتسيّد المحيط بكل مافيه .. ، لا أريد أن أهوي في هذه اللحظات ، مهما بلغ وهني إزدياد.
لقد قمت بالإعتماد على حدسي دون رغبة في التفكير ...،

" سأسير فحسب .. ".




،،
- زخات المطر حين ترتطم بالسطح .. ، تعطينا صوتاً فريداً من نوعه .. ! -

لطخات من الطين الرماديّ على حواف الحذاء ... ، توَقُّف عن الحركة ! ..
كانت لافتة بخشب السنديان معلّقة فوق عصا معدنية قصيرة،
و مركونة على الرصيف بجانب نُزلٍ متوسط الطول،أشبه بمنزل أثريّ الطراز ،
طلائه أبيض ،ويحيط بواجهته الأمامية سور معدنيّ قصير أسود .
-بالمورال هاوس هوتيل - لقد تم نَقش ذلك العنوان على لافتة الخشب بخطوط سميكة .
تنهدّت براحة قليلة ،لكنها كانت أقرب للشعور بالتأمّل اليائس ! لم أعلم لمَ كانت نظرتي بذلك الحزن .. ،
كان الباب مصنوعاً من الخشب الحديث نوعاً ما،ومطليّ باللون الأبيض كما هو لون حائطه ،
ويحتوي على قطعة زجاج تصل الى نصف الباب، تم تغطية الزجاج من الداخل بشراشف ستارة دانتيل زرقاء ذات زخرفة ناعمة ،
و نافذتين على كلا الجانبين بلا ستائر ، انبثق منها الضوء الاصفر الدافئ .
أدرت المقبض بأصابعي المتجمدة ودخلت ،تصادمت الكريستالات المعلّقة فوق الباب وأحدثت أصواتاً رنّانة .
خالجني الدفء الساكن في المكان بسرعة ! شعرت أني نُقِلت من ثلاجة موتى إلى مدفأة مُتَّقِدَة، كان الأثاث بسيطاً و أنيقاً بطريقةٍ ما ،
.. لم يبدو فندق فاخر بدرجة عالية ، كان أشبه بمكانٍ للسائحين والمقيمين من عامّة الشعب .
وخلف طاولة الإستقبال الزجاجية ، جلست سيّدة متخمة ،
تمتلك خدان متوردان لكن ممتلئان كالعجين ، قد سرّحت شعرها البندقي للخلف وعقدته بقسوة .
لم أكن مرتاحة لنظراتها التي إخترقتني من الأعلى حيث شعري المتعب من المطر ،مروراً بمعطفي المبلول كلياً ،
ووصولاً إلى فردة حذائاي الملطّخان . كانت ترمقني بحرفيّة تامة واثقة أنّي متشرّدة من الأحياء الفقيرة .
وذلك ما جعل أسلوب الإمتعاض والصدّ يتملّكها .. ، يبدو أنها ليست من النوع الذي يمنح القليل من الرأفة .. !
" مساء الخير ..."
يبدو أنها اكثر عبارة استطيع قولها في هذا الموقف .. ! لعلّ التحية ستلين من حدّة نظراتها .
" مساء النور .. " ردّت بجفاء .
" همم .. هل يوجد غرفة متاحة لشخص واحد ؟ "
" 48.11 باونداً ! "
يا للروعة، بالكاد أطبقت على شفتاي لتجيبني بفظاظة ... !!
إحترت عن كيفية تعاملي مع تلك العيون الحادة ، بل كيف سأكون قادرة على إقناعها بالمبيت لليلة واحدة
فقط وتأجيل الدفع !
" حسنٌ .. إنه .. اممم .. "
حدجتني بإستنكار .
أكملت وقد استحوذني الإرهاق من البرد والبلل.
" بحاجة إلى ليلة واحدة ، فقط ليلة !،.. أعاني من ظرف معقد وصعب جداً في الوقت الراهن ولا استطيع الدفع ! "
" عذراً يا فتاة لا نستقبل المتشردين ! "
رجوتها بدهشة يائسة
" أعلم أن مظهري يوحي بذلك ، أنا لست متشردة .. ، ولا أعرف المنطقة هنا جيداً ..والجو عاصف بالخارج ...
حقاً بحاجة إلى بضع ساعات ،أعدك بأني سأدفع لك فور أنـ .. "
" هذا النزل لا يقبل المتشردين ! أنا لا أقدم خدمات مجانية هنا !! "

جاء صوتها صارماً ، واجهتها بخيبة .. ،
" أرجوكِ !! "
" إبحثي عن نُزل آخر قد يتعاطف معكِ.. "
" في هذا الطقس .. هل تظنين بأني وجدت المكان بسهولة !؟ "

هزت رأسها كحركة لامبالاة، والتفتت لشاشة التلفاز المدبب الذي كان معلّقاً في زاوية من الصالة الصغيرة ،
كان هناك بث اخباريّ متذبذ منعدم الصوت ، هي فقط قامت بإحتقاري مثل شخص غير مرئي .
" أنا لا أقيم في هذه المنطقة أساساً .. لقد أضعت الطريق .. "
لا إستجابة .
" هل يمكنني الدفع بشيء غير النقود ؟ .. هاتف مثلاً ؟ "
التفتت لوجهي الشاحب ، ومدت يدها ،
"اذاً أعطيني ما عندك .. ، إن كان ثمنه مساوياً للغرفة "
اقتربت من الطاولة الزجاجية وأخرجت الجهاز الخلوي من جيبي ووضعته في يدها ،
" هل تسخرين مني ؟ "
صاحت بسخط وهزو،
" هذه الخردة لا تساوي عشرون باونداً ، من يقوم بإستخدام هاتف لا يحتوي حتى على عدسة تصوير في القرن الواحد والعشرون !!؟"
أجبت باستسلام ،
" أخبرتك اني لا أملك النقود الآن ،أنه مقابل بضع ساعات ، لحينِ شروق الشمس على الأقل !! بعدها ساغادر ، أعدك ! "
" أقل من عشرة باوندات لا تساوي نصف ثمن الغرفة الواحدة ، عليك على الاقل دفع ما يساوي 14 باوند ، وسوف أأجرها لكِ لنصف يوم ! "
أحسست بالقهر يغلي في داخلي ،سحبت الهاتف منها بعصبيّة وضربت به على زجاج الطاولة وأخرجت البطاقة ذات اللون الكحلي
وضربت بها على الطاولة ايضاً ، ثم خلعت معطفي ورميته على ذات المكان ! ،كانت تنظر بغرابة ولم تنطق.
" هذا كل ما أملك ، هل أصبح مساوياً لنصف الثمن !؟ "
في ذلك الوقت كان صوتي قد بدأ يتلاشى .. ، فجاء خفيضاً لكنه ثائر.
ولم تلبث بضع ثوانٍ على تبادلي النظرات لها بإصرار ،
حتى تبدلت سحنتها الصارمة إلى دهشة عندما نظرت إلى البطاقة السميكة التي وضعتها بمحاذاة الهاتف .
سألت بتعجّب،
" لا تملكين النقود وبحوزتك بطاقة بنكية لا يمتلكها إلّا ذوي النفوذ الكبيرة؟ ! "
أطلت النظر مطولاً بإستنكار وحيرة ، حسنٌ في خضم كل تلك الظروف آخر ما وددت معرفته هو كنه هذه البطاقة ، لم أفكّر في أنها قد تمدّني بفائدة .
" هل تقربين للعائلة الحاكمة أم قمتِ بسرقتها ؟"
إنها تحفة بديعة ، هذه المرأة الشمطاء .. ستحصل على المال ولازالت تقوم بإستفزازي واتهامي ؟!!
فلم أجب عليها واكتفيت بالصمت ، كنت بالفعل مجبرة على الوقوف بقوة مستنفذة .
أخرجت السيدة البدينة جهاز ماسح ضوئي صغير الحجم من تحت الطاولة ووضعت البطاقة فيه وقربته ناحيتي ،
وكأنها تنتظرني للضغط على تلك الازرار بنفاذ صبر .
ظننت بأنه علي كتابة رمز سري أو ماشابه ، وذلك كان الجزء الأسوء ، لم تكن لي معرفة إطلاقاً بما علي إدخاله ،
إن قمت بإدخال رموز خاطئة سيزداد الموقف صعوبة ، وستخال بالفعل أني سارقة و تقوم بطردي دون أي رحمة !!
فكري يا سيروليت .. ، ماذا يمكن أن يكون .. ؟ لا أظن أن أنطوان سيعطيني شيء دون أن أعلمه مسبقاً !
اللعنة عليك يا أنطوان!! .. في أسوء حالاتي تجعلني تحت رحمة اختباراتك الغبيّة !
حينها رفعت كفي بتردد .. ، أدخلت شيء ما..، ...0 .. 0 .. 1 .. 8 ... !
هذا أقرب شيء تراود إلى ذهني .. !
رمقت السيّدة بقليل من الريبة وإلى البطاقة ثم تحاشيت النظر وأنا أدعو في سري أن لا يحدث ما ليس في صالحي ،
مرّت دقيقتان وأصدر الجهاز ضوء أخضر ثم خرجت قصاصة ورقية بيضاء منه.
قطعت القصاصة وأخرجت البطاقة وناولتني أياها،فتحت دفتر سجلات كبير وعلى مستطيل فارغ فيه أمسكت القلم ،
" الإسم ؟ "
في تلك الثانية أصابني شيء من الشك والتوتر ! كنت سأتفوه بإسمي ، أو بالأحرى الإسم الذي عرفته منذ
أن إستفقت في تلك القلعة ،لكني خشيت بشكل أو آخر ..،
شخص ما تابع لهم يقوم برصد تحركاتي أو يلحظ الإسم عن طريق الصدفة ويكشف هويتي !
بالرغم من قصر مدى تحليلاتي إلّا أني بعد ما حدث ، أردت أن أتسلّح بالحيطة في كل شيء .
بينما كنت أفكّر لمحت شاشة التلفاز المعلّقة عن طريق الصدفة ، كان هناك نشرة إخبارية تذاع من طرف مذيعة مأنّقة ،
وشريط أحمر متحرك في نهاية الشاشة ممتلئ بالعناوين والعبارات ..، سرّحت ،
"همم . كـ ..كَايْ .. ناثْيآن ... ! "
حدّقت لي ببلاهة ، وأنا بادلتها بإشارة صامتة وواثقة كـ "ماذا ؟ هل من خطبٍ في إسمي ؟ "،
فأطلقت ابتسامة جانبية بسخرية وهي تكتب البيانات
" يبدو أن أبويك كانا يودان أن يحظيا بولد ! "
لم أكن في مزاج يسمح للرد على دعابة لطيفة كهذه ، فتحت صندوق مثبّت في الحائط وناولتني مفتاح ذهبي معلّق فيه ،
" حجرة 13 في الطابق الأول .."
التقط المفتاح و معطفي وخطوت لعتبات الخلاص ، إنه سلّم ضيّق خشبيّ ملاصق للحائط ، يقع في نهاية صالة الاستقبال .
يالحظي البديع ،كان من الصعب خوض نقاش وتفسير مطوّل ..، الهروب من قلعة مخفية تقوم بقتل البشر ،
الحصول على أعراض غريبة من يراني قد يخال أني في حالة من الجنون ، و الاستيقاظ في زقاق تحت جو عاصف
..،كلٌّ قد أوصد باب منزله في سبات على وساة قطنية كالنعيم !
ومنذ سويعات أتوسّل إلى صاحبة نزل شمطاء لأبيت في غرفة لعلّي أحصل على شيء من الراحة ... !
الدوارٌ الشديد يعصف برأسي ، لم يكن وضعي الصحي والجسدي يحتمل الوقوف أكثر ومتابعة الترجّي في وضعي المزري هذا،
بحثت بين الأرقام فوق أبواب الحجر على كل جانب ، وكان الضباب يغشيني ،حتى عثرت على الحجرة المنشودة .
أدخلت المفتاح في فتحة القفل وأدرته ، خطوت للداخل ، كل شيء يحتضن الظلام .
مررت يدي على الحائط المجاور للباب ، ولامست أزرار المصابيح فأشعلتها .
أنبثق النور الأصفر من ثريا صغيرة توسطت السقف ، كانت الغرفة متواضعة وقليلة الأثاث ،
تحت طراز ليس بمستوى مرتفع من الحداثة ، إنبعثت منها رائحة الخشب العتيق المختلطة بعبق عطريّ هادئ ،
يوجد سجاد فارسيّ مزخرف يتوسط الغرفة ، سرير واحد ذو رأس بيضاويّ ،
مصباح نوم فوق طاولة مربعية بمحاذاة السرير ، شراشف ستار مخملية قاتمة ، و الأهم من هذا ، مدفئة كهربائية .
ما أن أوصدت الباب خلفي ،تقدمت قرب المدفئة ، ورميت معطفي الذي كانت تتساقط منه قطرات الماء ،
وتماماً كما ينهار سد ورقي أمام طوفان جارف ، هويت على ركبتاي وأنفجرت دموعي وتساقطت ..
كما لو أنها كانت تنتظر اللحظة المباغتة للتحرر !! أطلقت الأنين وهو مأسور بين حنجرتي ،
لم أشأ أن يسمعني أحد ، ولكن صوتي كان مسموعاً لإذناي،وللأثاث الصامت،
لم أحتمل إكمال إرتداء قناع الشجاعة المزعومة ، لقد كدّست ذلك كثيراً ،
الخوف والرعب ، الدماء ، اليأس والوحشة، فما من أحد يستجيب نداءاتي ، وما من أحد يعلمني عن هويتي .




لم يخطر لدانسي أن يخبر آذربيان عن الرعشة الغريبة التي تصيب ذراعه الإصطناعيّة !
كان إفشاء ذلك مدّعاة للقلق من تعامل آذربيان مع العطل التقنيّ بشدّة لا يريد الخوض فيها .. ،
لكن لم يكن ذلك ما يخيفه كثيراً ، فهو سيتعامل مع الاهتزازات بسلاسة وطبيعيّة إن ظهرت ، في حال كانت قليلة وغير مستمرة ،
هو فقط يحرص على أن لا يعلم أحدٌ من الطاقم الطبّي عن هذا الأمر ، أو رؤساء آخرين ، حتى لا يكون محطّة مكشوفة !
العميل 12 .. ! ،فكّر في سرّه : هذا صحيح ، أجسادنا تأخذ زمناً حتى تتكيّف مع الأجزاء الإصطناعيّة ، لقد كنت أتكيّف
مع ذراعي بشكلٍ جيّد إلى حين هذا الوقت ،قد يكون عارض معروف لا يشكّل ذلك الخطر ..

لم تكن حدود الساعة الخامسة فجراً وقت متأخر أو مبكّر لتوقيت القلعة ، ولم يكن أيضاَ الإستيقاظ على صوت التنبيهات
من أجهزة الإتصال الإستشعارية المثبتة فيهم يدعو للتساؤل ، بأن تزيح رأسك وتُنتَشَل من نعيم النوم على تلك الوسائد الباردة،
ثم التجمّع في قاعة الإجتماع الخاصّة بالفرق،إن حدث ذلك ،
فإنه يعني الكشف عن عملية قتل طارئة،عدم وقوعها سيسبب خطر على القلعة !
تثائب دانسي بكسل وهو يحرّك المقعد المعدنيّ للخلف ويعيده ، عدّة مرات .
ثلاثة عملاء تم أمرهم بإنتظار رئيس يملي عليهم إجراءات معيّنة أو خطة محكمة ، لم تبد على روزي
إستعدادات للخروج بحجم ما كانت مشدوهة النظر الى شاشة هاتفها الذكية وهي تصارع الخسارة في لعبتها المفضلة ،
أما آرثبييتو فكان يريح قبضته تحت خده وهو مغمض العين ، في وضعية نوم،لكنها كانت يقظة .
" هيه .. يا شباب ! ماذا تظنون أنه لدينا ؟ .. كبش فداء من الخارج أو مِن هنا؟ "
نظر دآنسي للحاضرين معه واللذين بدو من عالم آخر، منتظراً إستجابة ،
" آه .. حسنٌ .. لا يهم ، لا اعلم بصراحة .. أوه سحقاً إنها مرحلة صعبة! "
أجابت روزي وهي مشتعلة الحماس مع هاتفها ، هذا إن انتبهت لما قاله زميلها .
حدّق فيها بشيء من البلاهة وهزّ رأسه فاقد الأمل
" ومتى كنتِ تهتمين أصلا ..ً "
ثم نظر إلى آرثبييتو ، وكان يعلم أن الأخير لن ينطق أو يكترث لحديثه .
" ومتى كانت الجثة قادرة على الكلام .. "
أكمل حديثه بسخرية .
هذا هو حال المجموعة ، دآنسي يحمل طباعاً عكس العميل 14 .. آرثبييتو ، لأنه يمقت الهدوء الزائد ويميل للإندفاع .
زفر 12 بملل ،
" سحقاً متى يأتي ذلك الوغد آذربيان ، يقوم بإيقاظنا دون إكتراث ويتأخر عن مواعيده .. ياله من مهمل "
وبغتة أنفتح الباب بسرعة لينتفض العملاء في مكانهم ، خبئت روزي هاتفها في جيبها وأنزل دانسي ساقيه من فوق الطاولة ،
وفتح آرثبييتو عيناه الليلكيّة .دخل آذربيان بطليعة غير محببة وخلفه ظهر أنطوان بهآلته المعهودة.
إبتسم دآنسي ابتسامة واسعة
"أهلاً بالأصدقاء !"
حدجه آذربيان بجانب عينيه رداً على طرفته ، وابتسم انطوان إبتسامة جانبية .
لدى آذربيان عادة التصرّف بتسلّط وتغطرس عندما يجتمع مع أنطوان في مهمة مشتركة ، لكن الطبيب العبقري أقل مبالاة
لملاحظة هذا ، لذلك أتخذ مقعداً بجوار آرث وجلس ، سامحاً لآذربيان بشرح إجراءات العملية .
وقف الأخير بتبختر أمام الطاولة الفسيحة،
" يؤسفني أن أقول هذا الخبر ولكن .. ، أظن أن لدينا هارب آخر من القلعة..! "
كان هناك مقصد يختبئ خلف آخر عبارة منه ، نظر آرث لأنطوان من جانب،
" أهو مستجد آخر ؟ "
أجاب ساخراً ،
" لا ، لم يسبق أن تجرأ أحد غير حفنة من الأطباء الغير كفؤ بالإهتمام بمحسنّيهم ! .. عملية الهروب هذه مختلفة يا عزيزي"
تبادل دانسي النظرات مع روزي التي أصبحت كدمية صامتة ، هي غالباً ترهب من وجود آذربيان أمامها ،
رمق العميل 12 أنطوان منتظراً منه ردة فعل ، كجملة توضيحية سيتفوه بها
حتى انبلج صوته بعد سكوت ،
" ألن ندخل في التفاصيل ؟ .. لا أظن أن هذه العملية المنشودة،أليس كذلك ؟"
أهدَى أنطوان الأخير أشارة الرضا من خلال ملامحه ، أنه يدرك أن دآنسي لا يحبذ رؤية الأطباء بين أحاديث محتدّة ،
أو حين يشعر أن أنطوان تتم إهانته لفظياً بطريقة غير مباشرة ، هو كان دوماً يفضّل سلوك أنطوان العقلانيّ على طيش و عجرفة طبيبه.
قطع أنطوان الصمت موضّحاً،
" يوجد طبيب من الأطباء قام بسرقة بحوث علمية تخص الساق الاصطناعية التي نعمل عليها دون علم أحد ،
كان في مهمة خارج القلعة .. لكنه نزع جميع أجهزة الإتصال وحذف بياناته الرقمية.. ومنذ ذلك الحين لم يعد "

سأل آرثبييتو ،
"حذف بياناته ؟ "
أجاب أنطوان،
" لا أعلم كيف فالبيانات التي نملكها مشفرة ببرامج حماية عالية ضد الإختراق ، ولكن يبدو أن هذا الطبيب أستعان بمهكّر
فاخر الطراز لا يقوم بذلك النوع من الخدمات دون مقابل كبير "

فكّر 14 ،
" اذاً على الأرجح أنه يقوم ايضاً بعمليات تهكير لأجهزة حكومية ، لأن نظام الحماية لدينا لا يستهان به "
قال آذربيان بضيق صبر
" على كلٍ .. هذا الطبيب أو ذاك الجرذ ، أياً يكن ،عليكم ببساطة ... قتله ! "
نطق آخر كلمة بإبتسامة مصطنعة ،مما جعل دانسي يضع كفه على فمه كأشارة تمثيليّة على التقيؤ ..
"أحمق .. لا تناسبك حتى الابتسامات المصطنعة "
صرخ آذربيان بحنق
"ماذا ؟"
لاح طيف ابتسامات بين الحضور بعد سماع تعليق دانسي ، روزي ضحكت بصمت مخفية شفتاها،
هي ستقوم بالضحك على أي طرفة يلقيها زميلها ، ولكن سرعان ما أن لمحت عين آذربيان لها حتى إبتلعت الصمت بوجل .
نهض أنطوان من مكانه ، وتمشّى لمقدمة القاعة..،
" لأننا نملك نسخ من البيانات لكل شخص هنا في الذاكرة المركزية،إستطعنا استخراج معلومات عنه وعن سيرته الذاتية ،
مكان إقامته وأسمه الحقيقي "
قاطعه آذربيان ،
" ومعلومات عن أفراد عائلته ، .. تعلمون ما يجدر بكم فعله بهم ، صحيح ؟"
نظر العملاء بوجه خاوي من المشاعر الإنسانية ، الكل يدرك الإجابة دون طرح السؤال ،
إنه عمل تبرمجوا على فعله ،دون خطوة للتفكير.
عدا روزي ، كان قيد الرهاب يلتف حول قلبها ، بالرغم من وجهها البارد الذي لم يتحرّك.

،،




خطوة للعالم الأسود ... من بين خطى .. لم أيقن أنها كانت هوّة من الجحيم .... ،


،،


... TO BE CONTINUED












__________________








THINKING IN OWN SPACE BETWEEN PIECES FROM ME
[ LOST BETWEEN MIRAGE AND REALITY ]



BLOG#NOTE#ART#NOVEL#

رد مع اقتباس