عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 05-09-2019, 12:54 PM
 
ذهبي





[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.arabsharing.com/uploads/155739333516872.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]






-(1)-


كُنتُ عائدة من حفلةٍ حضرتُها مع أصدقائي في بيت أحد طلاب مدرستنا كان عُمُري حينها سبعة عشر عامًا بالتحديد ...
وصلتُ للبيت وقد فوتُ حظر التجوال المفروض من قبل أمي بساعات !! كُنتُ مُبللةٍ تمامًا فقد نزلتُ في بداية الشارع كي لا تمسكُني أمي !!
للأمانة كُنتُ خائفة من العودة وواتتني فكرة الهرب لكن التسلل لغرفتي وإدعاء النوم أفضل !!! لم يُكتب لخُطتي السخيفة النجاح !!
فقد أمسِكْتُ وأنا أتسلل عند الحديقة !! كان ابن جيراننا !! سحبني نحو بيته وهو يُكبلُ فمي !!
ما أن دخلتُ البيت حتى انتشلتُ نفسي من بين يديه بغضب :

" تبًا لك أيها الطفل المُدلل !! كيف تجرؤ على هذا التصرف الغبي ؟ من .... !! "


لم أكمل فقد كبل فمي مُجددًا هو يعرفُ أنّي إن غضبتُ فلن أهدء إلا بعد إفراقُ كُل كلمات الشتائم !!
أطلق تنهيدةً طويلة وألحق بها كلماتهُ بجدية !!!

" امنحيني فُرصة هذه المرة أرجوكِ !! إذا أخبرتُكِ بما رأيت فلن ترغبي بالعودة لبيتُكِ أبدًا !! "

أصابتني كلماتهُ بقشعريرةٍ سكنت كُل أنحاء جسمي !! جيفري الفتى المزوح ملكُ المقالب على الأطلاق ،
يطلبُ مني أن أمنحهُ فرصةٍ ليكون جادًا !! كُنتُ لأعتبرها أحد مقالبه لكن جيفري لا يمزحُ بجدية !!
كما أني لم يسبق أن رأيتهُ بهذه الملامحِ أبدًا !!



لحقتُ به للطابق العلوي وهو يُشيرُ لي بأصبعهُ بعلامة السكوت اصطحبني للغُرفة التي في نهاية الرواق ،
ترددتُ قبل الدخول وأنا أقولُ له بصوتٍ مُنخفض :

" أليست هذه غُرفةُ " جوني - Jony" ؟؟ لمَ أتيت بي إلى هُنا "



" أجل !! لكنكِ تعرفين أن أخي انتقل هذا الخريف للعاصمة من أجل الجامعة !! أنا الآن
استعملُ غرفته أحيانًا كي أبقى فيها وحدي كل ما أشاء !!"


قال ذلك بصوتٍ مُنخفض !! ثُم تابع وهو يُشيرُ نحو المنظار بجانب النافذة :

" هُنالك شيء يجبُ أن تريه ، شيء خطير !! ذلك أفضل مما كان سيحدُثُ لو عُدتِ للبيت الآن !! ستشكُرينني لاحقًا !. "



كلماتهُ بدت لي كطلاسمُ مُبعثرة ، لم أفهم نصف ما قَصَدَهُ ، الحقيقة لم أفهم سوى أول ما قالهُ !!

تقدمتُ وأنا لا ازالُ أقنعُ نفسي أنَّ جيفري يُخططُ لِمقلبٍ ما كالعادة !! أخفضتُ جُزء جسدي العلوي
وأنا أحاولُ أن أصل لمستوى المنظار وقلبي يخفقُ بسرعة !!



لا شيء !! لم أرى أي شيء !! ابتسمتُ باستهزاء وأنا أديرُ وجهي نحو جيفري المسكين والذي كان وجههُ قد أصفر من الرُعب !!

"حقًا ؟! أهذا هو الشيء المهم الذي يجبُ أن أراه أوه هيا ! كفاك عبثًا قد وَلَ عصر هذه الخُدع! . "



لم أكُن أقنعُ نفسي سوى بهذه الحقيقة جيفري يُحاولُ مَقلبتي !! لكنهُ أصر أن أنظُر مُجددًا وجيدًا جدًا !!

بعد إلحاحهُ المستمر أنزلتُ رأسي نظرتُ في المنظار بملل وكُنتُ أتابعُ القول أن لا شيء لأراه فكفاك عبثًا !!
لكنهُ بقى مُصرًا !!
نهضتُ من المنظار وأنا أتوجهُ نحو باب الغرفة مُنسحبة وقد اقتنعتُ تمامًا أنّ هذا أحد مقالبُ جيفري السمجة لا أكثر ...



أمسك بيدي وهو يقولُ بهستيرية بكلمات مُبعثرة وأول ما يأتي بباله :

" سو !! أنا أقسمُ لكِ بروحي أن ثمة من يتجول هناك و قد رأيتهُ بأم عيوني !! ثمة رجُل غريب يتجولُ في منزلك !! و قد .... "

" أكيد سيكونُ هُنالك رجُلٌ يتحرك هُنا وهُناك يا چف !! أنسيت أبي ؟ أو رُبما عاد أخي !! "

بقى مُصرًا على موقفهُ ولم يُفلت يدي !! وتلك النظرة تعلو مُقلتيه !! لا أعلم لقد بدأتُ أصدقهُ بعض الشيء !!
ليس جيفري من يمزحُ بهذه الطريقة السخيفة !! في العادة حين أكشفُ أمره ، يعترفُ وحسب !!



قال لي بحده وهو يضغط على عضدي بقوة :

" لن أسمح لكِ بالعودة لبيتك ! لقد رأيتهُ بأم عيني وهو يقتُلهُم !! "



لا أذكر ! لا أذكرُ كمّية المشاعر من الحزن والفراق التي كست وجودي في تلك اللحظةَ !
نظرتُ لأنعكاسي وأنا اتفحصُ نفسي ، لقد خسرتُهُم ! والداي ! أبي ، أمي ! لا ! لا أريدُ حياةٍ لا أرى فيها والداي يوميًا ،
لا أريدُ أن يتوقفا عن توبيخي ! لا أريدُ أن أعيش حياة بلا ظلالهم ولمساتهم على رأسي كُلَ ما أحسنتُ أو أخطأت !
لن أشتكي مجددًا من ملاحظات أمي ، لن أقول " كم هذا مُزعج " مجددًا !!
مجددًا ؟ هل سيكون ثمةَ مُجددًا بعد الآن ؟ ألن يكون ثمةَ فرصةً ثانيةً لكُلِ ذلك ؟ ليتني كُنتُ أعرف ذلك !
لكُنتُ ابنتةً جيدةً وأقل تمردًا مع أبواي !! أنتبهُ لدراستي أكثر وتجنبتُ الصُحبة السيئة والتزمتُ مواعيد حظر التجوال !
ياليت وياليت ! لكن ما عاد للتمني قيمة بعد الآن !

أشعر أن خسارتي غير قابلة للتعويض مع الأيام !
هل يكذبُ الناس لبعضهم قائلين " لا داعي للحُزن ! إنهم في مكانٍ أفضل الآن وسيكونون دائمًا معك . "
وأن كان كذلك ، هل ترياني الآن يا أبي و أمي ؟ هل ستمسكاني بيدي قبل أن أخطيء أو رُبما تمنعاني عنها !
أنا ابنتكُما الحمقاء كثيرةُ الذنب حتى إتجاهكُما ! كيف تركتماني لوحوش الدنيا ؟ لمَ لم تأخذاني معكُما ؟

من سيكبحُ جموح أخطائي ؟ كيف سأعيش ؟

*****

دخل جيفري الغُرفة لاهثًا :

" هذا سيء ! لقد كُنتُ أراقب كالآخرينَ فرأيتهُ معهم ! "

استدركتُ قائلةً بأستغراب :

" من تقصدُ يا جيف من الذي كان معهم ؟ ومع من كان ؟ "

قال شاحبًا :

" إنهُ ذلك الرجُل ! رأيتهُ مع أحد رجال الشرطة ! كان يتحدثُ مع الشرطي وبدا عليهم الصُحبة !
سو ؟ رُبما عاد باحثًا عن ابنة " آل-مَك كلاين " ! يجب أن تختبئي لفترة ! "



كانت مخاوفُ جيف في محلها فعلًا ! ذلك المجرمُ بلا شكٍ يبحثُ عني الآن !
أنا ؟ أنا لا يُمكِنُني البقاء في بيت جيفري أكثر ! إذا كشفت والدتهُ أمري فستطردُني !
أو أسوء ! تُسلمُني لُقمةً سهلة للشرطة ولن يصعب على المجرم إيجادي !



في مساء تلك الليلة هدأ الجو ! فتسللتُ مُبتعدةً عن الحي بسرعة ! أعرف أني لن استطيع البقاء في بيت جيف
لأني سأعرض حياة عائلتهُ للخطر !

ركبتُ أول حافلةٍ بلا وجهةٍ مُعينة ! لم يبقى في جوفي سوى شظايا صورة مُتلاشية ! وصلتُ لوسط المدينة حيثُ الوجوهُ غُربة !
لم أعلم إذا كان علي النزول أو البقاء جالسةً في الحافلة ! بقيتُ أفكر ، إذا وصلت الحافلة للمحطة الأخيرة فماذا سأفعل ؟
لمَ أهرب ؟ وإلى أين سأمضي ؟ نطق السائق محطمًا الصمت :

" يا آنسة ! عليكِ النزول فهذه آخر محطةٍ من المنطقة الشرقية ! وأنتَ أيضًا ... "

نهضت وترجلتُ من الحافلة بلا وعي وتابعت المشي وأنا أعرف أني ابتعدت عن منزلي كثيرًا جلستُ في حديقةٍ عامة
وأنا أعلم أني لن أجد من يُساعدني هُنا ! جلست و أنا احتضنُ قدمايّ لأدفيء نفسي ولو قليلًا إلى أن غفوت .

النسيمُ البارد وزقزقة العصافير ترنُ في أذني ، استيقظتُ وأنا أرفعُ جسدي بصعوبة ، لا أصدقُ أني قد نمتُ في هذا المكان أبدًا !
ما أن فتحتُ عينايّ حتى صُعقتُ بالكلب الجالس أمامي ! كلبٌ أسود وشرس المنظر ! خفتُ ، فتراجعتُ قليلًا ...
جلس الكلبُ يُحركُ ذيلهُ ، أخرج لسانهُ الطويل ! فجأة تحول الكلبُ المُرعب لكائنٍ لطيف ينبحُ وكأنهُ انتظر استيقاظي !
دوى صوتٍ رجولي من خلفي :

" يبدو إنكِ أفقتِ يا صغيرة ! لقد كان " ودلارس Vudlars" قلقًا عليكِ ! "

نظرتُ له مستغربةٍ من قوله لأصعق بشابٍ طويلُ القامة ذا ملامح هادئة ويلبسُ نظارةٍ طبية ، بشرتهُ فاتحة وفحمي الشعر !

ودلارس ! أيقصدُ الكلب ؟ مددتُ يدي أحركُها على فراءهُ مُبتسمة :

" سُعدتُ بالتعرف عليكَ ودلارس ! شُكرًا للأهتمام بي "

جلس الشابُ قائلًا باستغراب :

" لقد ركض البارحة إلى هُنا كمن يبحثُ عن صاحبه ! حتى أنهُ لم يرضى أن أحملكِ لبيتي بدل النوم هنا وبقى يحرُسُك طول الليل ! "
وجه نظرهُ للكلب " مع أنهُ غيرُ ودود مع الغرباء في العادة ! كيف أثرتِ به ؟! "

نظرتُ له بفراق وأنا أحاول استيعاب ما قاله لي ، هذا الكلب بقى بجانبي طول الليل مع أنهُ لا يعرفُني ؟!
وهذا الغطاء ، من الذي وضعهُ علىّ ؟

كُنتُ أمسكُ بالغطاء حين ترجم الشاب تصرفي قائلًا :

" ودلارس احضره ! "


نظرتُ له بصدمة ليُكمل مازحًا :

" هل هذا ما يُسمى بالحب من أول نظرة ؟ "

ابتسمتُ رُغمًا عني لم تكُن النكتة مُضحكة لكن الموقف هو الذي أضحكني !
كلبٌ رأف بحالي أكثر من صاحبه !!

نهض الشاب فأستوى واقفًا أمامي مادًا يدهُ نحوي :

" أنا " مارك ويذرسون Mark withersun" تشرفُ بمعرفتك ! "



ابتسمت ابتسامة باهتة وأنا أجيبه بصوتٍ متوسط :

" وأنا " سوزي مَك كلاين Suozi mak-klain" سُعدتُ بمعرفتك سيد مارك . "

نظر بشيء من الصدمة ، أكان يجب أن أخفي هويتي ؟ لقد أخطئتُ بالبوح باسمي ! تحركتُ بسرعة
للابتعاد مودعةً إياه ، ناداني بصوتٍ أظهر لكنتهُ الفرنسية :

" انتظري آنسة كلاين ! هل أنتِ ابنة البروفسور مك كلاين ؟ "

لقد عرفني !! كيف ؟ مستحيل ! ابتسمَ لي بشحوب :

" أقدم لكِ التعازي ، جعل الله خاتمة الأحزان ! هل أتصلتِ ب " سيدريك Siedirk " ؟ أيُمكِنُنّي مُساعدتك في أي شيء ؟ "



واليتهُ ظهري مُبتعدة ، هذا الشخص يعرف عني أكثر مما توقعت ! تبعني ودلارس ! فوقفتُ أنظرُ له لفترة ، جلستُ ومسحتُ فراءهُ بهدوء :

" لا تتبعني يا ودلارس ! مفهوم ؟ "

ونهضتُ مُبتعدةً عنه فتبعني مجددًا وكذلك صاحبهُ السيد مارك !

" إذا تركتُكِ تُغادرين فلن يسامحني سي دي ! وكذلك ودلارس سيحزنُ كثيرًا ! اسمحي لي أن استضيفُكِ ريثما تُرتبينَ أمورك ،
النوم في الحديقة لا يُلائمُ ذكرى البروفسور!"


كان يسيرُ خلفي وليس لهُ نيةً بِتركي ونجح بذلك حين سأل :

" هل أنتِ جائعة يا سوزي ؟ "


*****

أخذتُ حمامًا ساخنًا رغم أعتراض السيد " الجو بارد ستمرضين " ! شقة السيد ويذرسون دافئة جدًا ،
حتى إنهُ قد تكرمَ عليَّ بغرفةٍ خاصة قائلًا :

" كان سي دي يستعملها كُلما بقى هُنا ! يُمكنُكِ استعمالها ريثما تتواصلين معه ! "

وكأنني سأبقى هُنا ! في أولِ فرصةٍ تسنحُ لي سابتعد عن هذا الرجلِ المزعج ! لا أصدقُ أنهُ أقنعني بالقدومِ لهُنا ؟
وأنا لا أتوب أثقُ بالناس بسهولة !
خرجتُ من الحمامِ بحذر بعد أن جففتُ نفسي ، كان ودلارس يلعبُ بذيله معبرًا عن سعادته ، ربتتُ عليه بابتسامة
فنبح بصوتٍ عالي هز أركان الشقة !





بقيتُ حبيسة الشقة لفترة ولم أتمكن من الأتصالِ بأخي ! ولكن ذلكَ لم يُقلّل من لُطفِ السيد مارك كرمه عليِ
لم يبخل بأي شيء أحتجتهُ حتى إن لَم أطلبه !


ذات مساء أحضر طعامًا صينيًا للعشاء ، أفصحتُ عن فضولي أخيرًا :

" سيد مارك ؟
" منحني إنباههُ فتابعت : " كيف تعرف أبي وأخي ؟ "

قال بابتسامةٍ بلهاء : " كُنتُ أحد طلابهُ في الجامعة ! أما سي دي فقد كان من أقربَ أصدقائي "

" إذًا فأنت متخرج من الجامعة ؟ ماذا درست ؟ وماذا تعملُ الآن ؟ "

" أجل منذ ثلاث سنوات ! لقد تخصصتُ علم النفس ! "

صمت فأعدتُ سؤالي الذي غض الطرف عنه :

" وماذا تعملُ حاليًا ؟ "

نظر لي مطولًا قبلَ أن يُجيب ! أنا أعيش معه الآن نوعًا ما ولكنهُ لا يُكلمني عن عمله مع أنهُ رجُلٍ كثير الكلام !

" أنا مُحلِلٌ نفسي . "


×يُتبع×



مارك ويذرسون Mark withersun - العمر 27 سنة
الجنسية ؛ فرنسي
مكان الاقامة ؛ ولاية فيرجينيا



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

التعديل الأخير تم بواسطة FREEAL ; 05-09-2019 الساعة 05:40 PM
رد مع اقتباس