عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-15-2019, 08:31 PM
 
°جَسدٌ بلاَ رُوح °

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا اعضاء عيون العرب
كيفكم ؟ انشاء الله تكونوا تمام
احم..... هذه القصة كتبتها من قبل بس سحبت عليها و ما كملت نزلتها
رح نزل القصة كاملة هل المرة
انشاء الله تعجبكم و تنوروها بحظوركم
و تعطوني ارائكم
اترككم مع القصة

~المقدمة~

قد تتسائلون لماذا عجوز في مثلي عمري تتمشى في وقت مبكر في مكان نائي بعيدا عن الناس , تصارع رجليها اللذان بالكاد يحملانها . ماذا لو اخبرتكم انني اداوم على هذا منذ 55 سنة ؟مدة طويلة صح؟
اسمع صوت بكاء ،الحياة حقا لا تشفق على الناس تبدوا فتاة في مقتبل العمر , لكن اظن ان الحياة اذاقتها مرارة العيش لكونها تحاول التخلص منها الان .
يا فتاة ؟هل لك ان تستمعي لهذه المرأة العجوز التي تريد ان تسمع حكايتها لأحدهم , وتزيل هذا الثقل قليلا عنها. انا لا اعرقلك على انهاء حياتك , فانا ايضا سئمت اياما لياليها كنهارها , سئمت من جثة بقلب ينبض , يئست من انتظار ذاهب لن يعود لذا أنا لا أعرقلك على الانتحار , استمعي إلى قصّتي فهي لن تأخذ منكِ الكثير و عندما أنتهي فلتذهب كلتانا بعيدا عن هذه الحياة الّتي أشقتنا . حسنا؟

~الفصل 01~: اللّقاء الأوّل .
لا يمكنني أن انسى شتاء ذلك العام قبل 56 سنة , أعلم أنّها مدّة طويلة جدّا و لكن هناك أيّام تبقى في الذّاكرة ،أيّام لا يمكننا نسيانها ،أيّام نقشت أحداثها على الصّخر في جوف عقولنا . و كلّما تذكّرناها تهتزّ لها نفوسنا ،و تدقّ قلوبنا.
انتهى دوامي بعد يوم شاق من العمل ،و كانت السّماء قد أسندت ستارها بالفعل ، أحسست بالخوف فالظلام أصبح سيّد المكان و الصّمت يحوم من حوله ،سلكت طريقا مختصرا لأعود بسرعة الى المنزل . دخلت زقاقا مظلما و موحشًا ،ذبّ الرعب في أوصالي . شعرت بالنّدم لدخوله للوهلة الأولى ،و لكن ما ان لمحت ضوءًا في نهايته حتّى طمأنت نفسي قليلا . أسرعت بخطواتي لعليّ أصل بسرعة لنهاية هذا الزقاق و لكن ما لبثُّ أن تعثرت و سقطت أرضًا و ما ان حاولت النهوض إذا بي أرتطم بشيء ما . رفعت رأسي لأرى ما أمامي . فإذا بهم مجموعة من الشبان و لم تكن نظراتهم تبشّر خيرًا ، للحظة ظننت أن هذه نهايتي لكنّي تماسكت و حاولت تشجيع نفسي . وقفت بسرعى و تراجعت بضعة خطوات الى الوراء فإذا بي أصتدم ثانية و لوهلة ظننت أنه جدار ، و فجأة أحسست بيدٍ تدفعني إلى الوراء و جسدٍ يتقدّم أمامي. لم يكن بالتأكيد جدارًا .. بل رجلا . و في لحظة أصبحت أمامي معركة بين أولئك الشبّان و رجل الجدار ذاك . حاولت الهروب ، و لكني أحسست كما لو أنّ قدمي قد قيّدت ، فتعثرت و سقطت ثانية .
بعد مدّة خيّم صّمت ، و ها هي ذي يدٌ تمتد نحوي ، رفعت رأسي لأرى رجلا يبدوا في عقده الرابع ، تسللت بعض الشعيرات البيضاء على شعره الأسود ، عيناه الخضراوتان بّثا فيَ الرّاحة و طمأنَت نفسي الخائفة . و لكنّي شعرت كما لو أنّ الحزن يخيّم عليهما . رافقني تلك الليلة إلى الميتم –مكان سكني- و عندما غادر ..راودني شعور مفاجئ بأننا سنلتقي مجددا . لا أدري متى أو كيف لكنّنا سنلتقي .

~الفصل 02~: التقينا ثانية .
بعد أسبوع من تلك الحادثة ، و بينما كنت أنظّف رواق الميتم أفكر في من قد يكون الشخص الّذي زارنا هذا صباحًا فلا يزورنا عادة الناس بسبب سمعة الميتم السيّئة . و بينما انا منشغلة بالتخمين قاطعني صوت المديرة و هي تنادي باسمي فانتشلني من شرودي .
توجهّت مسرعة إلى مكتبها و ما ان ولجتُ حتّى رأيت ذلك الرّجل ثانية لوهلة راودني شعور بالاشتياق و الفقدان . التفتت الى المديرة بنظرة استغراب و نوع من الصدمة عندما أخبرتني أنّ هذا الرّجل يريد أن يتكفّل بي ، لا أدري لما وافقت بسرعة و بدون أيّ تردد لكنني فقط فعلت .
بعد يومين انتقلت الى منزل هذا الرّجل ، لم نكن نتحدُّث كثيرًا في البداية لكن مع مرور الأيّام اعتدنى على بعضنا البعض فأصبحنا نتبادل أطراف الحديث تارة و نلعب في الحديقة تارة أخرى لقد كنّا تماما كأيّ عائلة حقيقية أخرى .
في أحد الأيّام غادر العمّ المنزل لغرض ما وقد طال غيابه نوعا ما مما جعلني ذلك اشعر بالملل لذا ذهبت الى مكتبتنا الصغيرة و أخذت أنبش هنا و هناك لعليّ أجد كتابًا مسليّا أثارني كتاب عنوانه "شقاء و نعمان" فمددت يدي لألتقطه و ما ان ازحته حتّى لمحت صندوقًا صغيرا وراءه ،لم يسمح لي فضولي بأن اتناسى رأيته لذا فتحته و ها ذا أنا اقلب هذه الصور و مستندات تحليلdna و اختبارات الأبوّة هذه لما اسمي و اسم العم عليها ؟؟ جلست محاولة ربط افكاري و تهدئة روعي . و أجزم انّه لو أنّ شخصا كان امامي لسمع دقّات قلبي المتسارعة.

~الفصل 03~: الحقيقة
ذلك اليوم ... لا أدري ماذا أقول ، هل أندم أم أفرح لفتحي ذلك الصندوق ! أم أنّه كان مقدّرا لي معرفة الحقيقة في كلتا الحالتين هل تريدين معرفة ماذا وجدت في ذلك الصندوق ؟ ذلك الرجل ... ذلك العم الحنون ،الشّعور الدائم بأنّني أعرفه لم يخب و كيف لشعوري اتجاه أبي أن يخيب ؟ أبي الذي انظرته لمدّة 14 سنة !لا يمكنني وصف شعوري حينها . أن تعيش يتيما ثمّ تكتشف فجأة أنّ لك عائلة ، أنّك لست وحيدا كما كنت تعتقد . أن النهايات السعيدة لا تقتصر على القصص المصورة فقط .
عندما عاد أبي الى المنزل وجدني لازلت جالسة اتأمل ذلك الصندوق . رمقني و نظرات الدهشة كانت قد اعثرت محياه . كل ما كنت اريد فعله هو أن أصرخ ، أن اعاتبه ، أو على الأقل أن اطلب توضيحا لكن كل ما فعلته هو أنني توجهت اليه و احتضنته بكل قوّتي و بكيت كما لم أفعل من قبل . تلك الليلة ... كانت أوّل ليلة أقضيها بجانب والدي ، شعرت كما لو أنّني قد امتلكتُ العالم بأسره . تلك الليلة ، يا ليتها فقط دامت لوقت أطول .
مرّت بالفعل أربعة أشهر و أنا برفقت أبي . كان أجمل أيّام قضيتها . أحسست كما لو أنّ الأربعة عشر سنة الّتي كنت فيها بعيدة عنه عُوّضت في تلك الأشهر ، و مع هذا فأنا بالتأكيد لا أريد أن أفترق عنه و لو للحظة لانّه مهما حاولت أن أشبع اشتياقي له زاد .

~الفصل 04 (الأخير) ~: وداعا ثانية .
في الخامس و العشرين من شهر مايو ، اصطحبني أبي الى الحديقة . لقد بدى متحمسًا و سعيدًا . احتمينا تحت ظلّ أحد الأشجار . أترين ؟ إنّها هناك نعم . هناك تماما جلسنا و تبادلنا أطراف الحديث ، لقد قلنا الكثير و الكثير ، بنينا الكثير من الامال مع انّ كلانا كان يعرف حقّ المعرفة انّ الامل لا يمنع الكوارث ، فأخذنا نتصوّر مستقبلًا مشرقًا نحيا فيه معًا نهاية القصص المصورة . فلطالما كنت اريد اعرف كيف يبدوا العيش "بسعادة و هناء" . فجأة وقف ابي من مكانه مبتسماً ،طبع قبلة على جبيني و أخبرني أن انتظره هنا قليلا . جلست أتأمّل المكان حولي و أتذكّر كل ما مررت به حتّى الان . شعرت بالارتياح و السعادة ففي النهاية إستطعت أن ارى والدي و ان انعم بوجوده حولي .
أيقظني من شرودي صوت أبي ينادي باسمي : و ما ان التفتت حتّى رأيته في الحافة الاخرى من الطريق يحمل لافتة كُتب عليها "عيد ميلاد سعيد ابنتي" لقد كان يبدوا سعيدا جدّا فما بالكم بسعادتي ؟ عيد ميلادي الخامس عشر أحتفل به لأوّل مرّة مع والدي . أغمضت عيني بقوة و كأنني أحاول أن اطبع هذه اللحظة بذاكرتي ... و يا ليتني لم أفتحهما . فبطريقة ما ، و من يدري ، ربّما لسبب ما . صودف ان سيارة ما في طريق ما .. دهست رجل ما . اه ! لا أدري إن كانت صياغة الأمر هكذا تقلل من مأساة الحادث أم تزيده ُبأسا .
أبي ، الرّجل الّذي جعلني قبل دقائق أؤمن بأنّه يمكن للحياة أن تبتسم لنا ، ذلك الرّجل الّذي أشعرني بالانتماء . الّذي علّمني معنى ان تكون لك عائلة . نعم ذلك الشخص ... ممتد هناك دون حركة غارقا في بحر دمائه . و ما ان اوصلتني خطواتي الثقيلة الى مكانه . كانت قد علت وجهه ملامح تترجم عدم وجوده في هذا الجسم بالفعل .و قد تكرّر هذا السؤال في ذهني
" اذا هذه هي نهاية القصة ؟ "

و ها أنا ذا لا اشعر بالألم او الخوف او الرغبة ... و كأنّ كل شيء يجعلنا بشر يتلاشا لديّ.

منذ ذلك اليّوم يا صغيرتي و أنا اقصد هذا المكان يوميا . أتعلمين لماذا ؟ لمدة خمسة و خمسين سنة كنت متمسكة بالأمل لعلّ السماء تعطف عليّ يوما تعطيني فرصة اخرى ، ربّما تعطيني أربعة أشهر أخرى كهديّة لصبري طوال هذه السنين . قد تظنين أنّني مجنونة ما ام غريبة الاطوار لكوني انظر اليكي منذ مدّة دون النطق بكلمة ، لكنّني تحدثت كثيرا و يا ليتني كنت استطيع ان اوصل صوتي لكِ ، يا ليتك تستطعين فهم ما كنت احاول قوله . لا تكثرتي لهذه العجوز البكماء فهي لا تدري لما لازالت متمسكة بهذه الحياة او ايّا ما كانت . وداعًا .
__________________

و ها أنا ذا لا اشعر بالألم او الخوف او الرغبة ... و كأنّ كل شيء يجعلنا بشر يتلاشا لديّ.

°جَسدٌ بلاَ رُوح °
~ سَيظلُ مِقدارُ حبي لكَ سرًا بينَ الورقِ و قَلبي~
خراب
رد مع اقتباس