عرض مشاركة واحدة
  #152  
قديم 07-03-2019, 11:35 PM
 
بارت رقم 14






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تنويه : الفصل السابق كنت قد صرحت أني سأكتب على لسان الشخصية ولكني سأعيد الأمر كما كان....وأعتذر ان أزعجكم الأمر



.....................

تذكير: صعدت للقطار بعد أن قرأت رسالة أمي والتي كان محتواها بقدر ما جعلني أبكيها مجددا بقدر ما أراحني، جلست أنتظر أن ينطلق القطار متجها إلى بيت تارو، أحدق في صورة أمي كنت أشبهها أنا وجاين كثيرا لنا نفس الملامح تقريبا.
شعرت بأحدهم جلس بجانبي ولكني لم آبه ولكنه تكلم ضاحكا
: يبدو أنها كانت لكمات وليست كلمات.
التفت متفاجئ
: بيرلا ماذا تفعلين هنا في هذه الساعة؟؟.
كان وجهها أصفر متعب وعيناها حمراء كالجمر وشفتيها جافة بيضاء، ردت عليّ تحاول الابتسام
: مثلك أتسكع، أحاول إراحة نفسي ثم أعود لمنزل السيد ميريل لديهم حفل عيد ميلاد ورغم أني وعدت بالحضور ولكنها الثامنة ولم أذهب بعد... ما سبب الكدمات على وجهك؟.
أجبتها وأنا أتحسس أماكن في وجهي تؤلمني
: مع أنني أكره العنف، ولكن وَجَبَ ذلك.
وافقتني بقولٍ استغربته من فتاة،
ولكنها في النهاية "غريبة الأطوار"
: أجل أحيانا اللكمات تعبر أكثر من الأحاديث.
لأستأنف أنا الحديث وأنا أضع إيطار الصورة في جيبي
: أنا أيضا عائد لشقة تارو.
التفتت إليّ تسأل باهتمام على ذلك الأبله الذي أحبها في لحظات
: بالحديث عن تارو هل وجد أي أثر لأخته؟.
: على حد علمي ليس بعد، ولكنه موقن أن من تبنوها في هذه المدينة.
رأيت عيناها تتوسع ولكنها لم تقل شيء وأعادت بصرها للأمام ففضلت الصمت أيضا.
توقف القطار في المحطة المنشودة وركبنا سيارتا أجرى كل عائد إلى منزل احتواه عندما لم يعد لنا مكان حيث كبرنا وترعرعنا.

الفصل 14


سعدت بيرلا وهي تدخل من الباب الخارجي لمنزل السيد ميريل كانت الحفلة لم تنتهي بعد والحضور لا يقل عن عشرون شخص ولم تحسب الأطفال بأعمار حفيد السيد لتفكر بغباء
: { ماذا كان اسمه}
تجاوزت الحراس وتجاوزت كل الطاولات الموزعة على الحديقة التي تغير ديكورها ليكون كحديقة لعب للأطفال وقريبا من تلك النافورة وزعت الطاولات حيث بعض الحضور جالسون يتناولون الطعام وآخرون مع أولادهم،
اتجهتْ فورا حيث يجلس القائد لما رآها ابتسم ووقف فابتسمتْ هي أيضا لأنه لم يغضب لأجل تأخرها على حفل حفيده وتركها تتصرف على راحتها في منزله.
صافحته قائلة بكل احترام وامتنان
: مرحبا سيدي
: أهلا وسهلا يا ابنتي بيرلا جيد أنك التحقت بالحفلة.
كان ذو هيبة تجبرها على تذكر أنه قائدها رغم لطفه عندما يكون مع عائلته، وقفت السيدة ماريا الرائعة،
بعد أن صافحتها بابتسامة نظرت لشاب جالس أمامها بدا في نهاية العشرينات وقالت بفخر
: هذا ابني نيكولاس.
التفتت بيرلا له بسرعة وأخيرا ستتعرف على ابن القائد بينما أكملت والدته
: نيكولاس هذه بيرلا وأخيرا تعرفتما على بعض أليس هذا رائعا..؟.
كانت عينا نيكولاس تقيمانها بشك، نظرتْ له بدورها
بهدوء تنتظر ردة فعله فكرت أنه كثير الشبه بوالدته،
وقف بعد برهة مادّا يده قائلا بسخرية مبطنة
: وأخيرا أشرقت الشمس أم أقول طلع البدر بما أنك أتيتِ ليلا!.
أسلوبه الساخر ذكرها بسام نوعا ما صافحتهُ متوترة ومحرجة فهي قد قصرت في حقهم
: لي شرف معرفتك سيد نيكولاس وأنا أعتذر على عدم لقاءك قبل الآن.
فجأة تغيرت تعابير السخرية وابتسم ليبدو أكثر شبها بأمه،
ومع تركه ليدها التصقت ليلا برقبتها من الخلف قائلة بحماس يرافقها دوما
: أخيرا أتيت عزيزتي انتظرتك طويلا.
بادلتها بيرلا العناق ضاحكة،
اقتربت أيضا زوجة نيكولاس سيلينا التي تعرفتْ عليها في اليوم الثاني لها هنا في المنزل
عانقتها بعاطفة لم تدر بيرلا ما سببها..؟
ثم ابتعدت وأمسكت وجهها وقد دمعت عيناها، رفرفتْ بيرلا برموشها متعجبة منها ثم سألتها
: ماذا هناك سيلينا؟؟ لما تبكين؟ هل أزعجك شيء؟.
نظرت بيرلا لنيكولاس ووجهها مازال بين يدي سيلينا الذي قال بغموض
: ربما هرمون الحمل هو السبب انها سريعة التأثر.
: وما دخلي أنا في هذا؟؟.
سألته لكنه لم يجبها وعاد للجلوس.
نقلت عيناها للقائد فابتسم لها ونظرت أيضا لزوجته فابتسمت بقلق أصابتها الريبة من حولها ولكن ذلك لم يدم سوى ثوانٍ وإذ ليلا جذبت ذراعها متجهة للداخل فتبعتها بصمت،
دخلتا غرفة بيرلا وتركتها ليلا بعد أن طلبت منها الاستحمام ريثما تجلب لها شيء لترتديه.
دخلت بيرلا الحمام المرفق بالغرفة ولما نظرت للمرآة شهقت متراجعة ثم عادت للأمام تمعن النظر في وجهها
: يا الهي ما هذا؟ كأني شبح خرج من أحد الأفلام.
كان وجهها شاحب لعبت فوقه سحابة سوداء وشفتاها متشققة وبيضاء وعيناها كانتا حكاية أخرى حمراء ومنتفخة وذابلة.
قالت وهي تلتمس أطراف وجهها وتحركه و كأنها تريد بعث الحياة فيه
: لهذا كانت سيلينا تبكي....هل رآني الجميع بهذا الشكل؟؟؟.
غطت وجهها لأنها لم تحتمل النظر فيه أكثر وانتحبت داخليا،
سمعتْ جلبة في الخارج فعرفت أن ليلا قد عادت، أنهت حمامها في عشر دقائق رقم قياسي بالنسبة للماضي وهذا بفضل السرعة التي عليك الاستحمام بها في الجيش وإلا أغلق عليك الماء وخرجت بنصف حمام.
وجدتْ فستان فوق السرير وحذاء أنيق عالي الكعب وليلا تنتظرها جالسة مبتسم وبجانبها مجموعة كبيرة من المكياج!!!..
تتوهم ان ظنت أن بيرلا سترتدي ذلك وتضع المكياج
اتجهت للخزانة بدون قول شيء وأخرجت بنطلون أبيض جديد وقميص أخضر قاتم بلا أكمام وسترة طويلة بنفس اللون ولكنه باهت ومن درج الخزانة جذبت صندل جميل ذا لون بني
فقاطعت ليلا لامبالاتها بفزع
: بيرلا لا تقولي لي أنك ستنزلين للحفل ببنطلون؟.
: أجل.
أخذت الملابس وعادت للحمام، وأثناء ارتداءها للملابس عادت بذاكرتها لميرا..؟
: {هل يمكن أن تكون شقيقة تارو؟ ولكنها لا تشبهه .. لو لم يموتا والداي البيوليجيين لشككت أني أخت تارو أيضا وبذكر ذلك ترى كم يبلغ عمر شقيقته؟؟؟ علي أن أسأله عنها.}.
أخرجتها ليلا من أفكارها عندما خطفت السترة من يديها وهي خارجة من الحمام
قائلة بحزم
: لن أسمح لكِ بارتداء هذه الملابس في الحفل أنتِ لستِ في الثكنة بيرلا تستطيعين ارتداء ما تريدين.
أخذت السترة من يدها وارتدتها أمام المرآة قائلة
: أنا مرتاحة هكذا ليلا.
: ولكن عزيزتي استمتعي بوقتك.
تنهدت بيرلا بكبت ونظرت لها بصمت عبر المرآة لتستشعر هي الخطوط الحمراء التي اقتربت على أن تدوسها لتتراجع جالسة على السرير بإحباط ظهر جليا على وجهها
نظرت بيرلا لنفسها ربما عليها اخفاء شحوبها
: ليلا هل تستطيعين طرد الشبح أو الزومبي من على وجهي بالمكياج الذي جلبـتِه؟.
وقفت ليلا بحماس اتقد مجددا
: اتركني الأمر لي .
ابتسمت بيرلا
: ولكن لعلمك أريد شيء خفيف فقط.
: أعلم عزيزتي أصلا المكياج الثقيل لا يتناسب مع ملابسك هذه....سأخفي امارات التعب فقط.
وبقولها هذا عادت بيرلا تفكر في ميرا كيف ستكون ردة فعلها فمِنْ منظرهما صباحا وردة فعلهما لا علاقة بينهما وميرا أكيد ولامجال للشك هي أيضا متبناة.
بعد دقائق أخذتها ليلا بالدوران حول بيرلا تركت شعرها منسدل بطلب منها وقد مشطته جيدا بعد تجفيفه وأصبح وجهها بعيدا كل البعد عن ذي قبل.
نزلتا للأسفل بعد أن شكرتْ صنيعها وبهذا عادت ليلا للومها على عدم ارتداء الفستان ولكن نظرة باردة أسكتتها ربما عليها أن تستفيد من هذا مع جولي عند عودتها للثكنة
والرد على إهانتها للقائد.
جلستا حول طاولة مع صديقات لـليلا، بحثت بيرلا بعينيها عن القائد فوجدته بجانب أحد معارفه يعرفه على أحدهم ففتحت عيناها متفاجأة وسعيدة في آن
: أليس هذا ...كيفين؟؟.
لم تدرك أنها نادت باسمه إلا عندما سألتها ليلا بقلق
: أتعرفينه..؟!! أكيد تعرفينه فأنتما تعملان مع أبي.
لم تجد بيرلا سببا يجعلها تفكر ماذا بها ليلا فأسرعت ذاهبة إليه ولكن يد ليلا امتدت وأمسكتها بعد أن وقفت خلفها بسرعة هي الأخرى وهي محتارة من لهفة بيرلا على كيفين فسألتها بنبرة بدت يائسة
: ما مدى القرب بينكما؟.
احتارت بيرلا من تصرفها وصوتها ولكنها أجابتها على أي حال بدون فضول
: نحن أصدقاء.
ثم جذبت يدها وسارعت نحوه ونادت باسمه
: كيفين
بينما قال هو الآخر اسمها وهو متجه نحوها بعد ان لاحظ وقوفها من البداية
: بيرلا.
أمسكا بيدي بعض فشعرت به بيرلا يشد على يديها أكثر من المعتاد
: هل أنت بخير اتصلت بك ولم تجيبي على اتصالاتي؟ قلقت كثيرا فكرت بالمجيء قبل أيام ولكن العمل لم يسمح لي ثم أتت حفلة حفيد القائد في وقتها لقد.....
ثبتت بيرلا يديه اللتان ممسكتان بيديها ولكن تتحركان عشوائيا من فرط قلقه وسؤاله
: تمهل كيفين أنا بخير ...الآن على الأقل.
: ولكن نيكولاس قال أنكِ عندما أتيتِ كنت في حال يرثى لها!!.
ضحكت بتوتر على قلقه ولكنها ممتنة على ذلك
: لابد أنه يبالغ...وأنتَ متى أتيتَ؟ لم اجدك عندما دخلت قبل قليل.
رد عليها وهو مازال يحدق فيها بإمعان
: قبل دقائق... هل أنتِ متأكدة أنكِ بخير؟.
: لا تقلق كيفين أنا بخير في الوقت الحالي.
ترك يديها أخيرا ووضع يد على كتفها كحركة معتادة منه لها يشد أزرها وقد بدى فخورا بها وهو يقول
: أنا أعلم من أنتِ، وكم يعتمد عليكِ ولكني أنتظر منكِ قول كل شيء بالتفصيل الممل.. بعد عدم اتصالك بي وكذلك تجاهل اتصالاتي.
شعرت أنها مقصرة في حقه وحق صداقتهما
: لقد أكثرت من اعتذاراتي ولكني آسفة لقد اختلط علي كل شيء ونسيت حتى نفسي ، لذا لو تتكرم علي مجددا وتتفهم وضعي سوف أكون سعيدة بذلك.
ضحكت بخفة حزينة وأكملت
: وأنا احتاج مشورتك.
أنزل يده ووقف أمامها بثبات و ثقة
: كلّي آذان صاغية واعلمي أني بجانبك.
: ما هذا اللقاء الحافل لقد أصبحتما مفرجة للجميع.
التفت كلاهما لنيكولاس الساخر كلمة بعد كلمة تراه بيرلا أقرب لسام من سخريتهما المتواصلة، أجابته بهدوء وعدم مبالاة
: وما دخلهم؟ أصدقاء والتقوا ألن يفرحوا ببعض سيد نيكولاس؟.
رفع حاجبيه مستنكرا ولكنه تجاهل غباءها وقال
: نيكولاس تكفي بيرلا، أنتِ تعيشين معنا سيكون الأمر غريب
وأنت تقولين إسمي بالتشريف كما أني لست قائدك.
احتارت بيرلا فيه شخصه أحيانا يبدو لطيف وأحيانا ساخر،
ولكنها تجاهلت ذلك ووجهت سؤالها لهما
: هل تعرفان بعضكما عن قرب.
أشار لهما نيكولاس للسير الى إحدى الطاولات وقد كان في نيته معرفة بيرلا أكثر من كلام أبيه،
تكلم بعد أن جلسوا
: أعرفه منذ أدخله أبي للجيش.
: متى حدث هذا؟
كان هذا سؤال بيرلا لكيفين
أجابها كيفين ناظرا لها بهدوء غامض
: كان عمري حينها تسعة عشر عاما.
قالت بيرلا وهي تتذكر
: امم وأنت الآن تسعة وعشرون سنة...أي منذ عشر سنوات.
استأنف كيفين حديثه مجددا
: رغم أنه تمت ترقيتي ولكني فضلت البقاء بجانب القائد.. وساعدني هو على ذلك.
ضحكت بيرلا بخفة وحماس
: أجل سمعت البعض هناك ينادونك بالأسطورة ولكني لم أعلم حتى اليوم السبب.
كان سؤالها التالي هو لماذا ولكنه قطع بسبب أحد الرجال وهو يلقي التحية ويجلس بوقاحة دون أخذ إذن الجالسين
جلس مقابل بيرلا نظر لها جيدا عاقدا حاجبيه ثم صرخ واقفا وهو يشير إليها بسبابته
: أنتِ!!؟...أنتِ تلك التي أفقدت ابني وعيه.
نظرت له بيرلا هي الاخرى جيدا وقد عرفته أجابته بهدوء عكس انفعاله وهي تحرك سبابتها على ذقنها بحركة استفزته رغم عدم مقصدها
: ولماذا ذهبت لأسوء جزء لقد أنقذت حياتكما
اقترب بجزئه العلوي مشيرا باتهام
: كيف أسوء جزء؟ لقد رفعت يدك على طفل لم يتجاوز السادسة.
ردت عليه بنفس الأسلوب وكيفين ونيكولاس يتابعان ما يجري بحيرة وانتظار فهم الموضوع
: لقد وجهت قبضتي ليفقد الوعي من أجل إرباك اللص.
هنا انفجر نيكولاس ضحكا بينما كان كيفين فاتحا فمه ينظر اتجاه بيرلا ثم سألها بانفعال وقلق من أن تكون هناك مصيبة قادمة
: بيرلا هل جننت؟؟.
أجابته وكأنها لم تفعل شيئا
: كيفين لقد أخبرتني مرة أن الجاني يفقد تركيزه عندما تغيب الضحية عن الوعي.
أمسك جبينه و أخفض وجهه قائلا
: بيرلا لم أعني أن تتسببي في الأذية.
رفعت بيرلا كأس الماء وهي تجيبه ولسبب ما ذلك الرجل أزعجها
: لقد أنقذت ابنه من طعنة سكين من المرجح أن تكون قاتلة، عليه أن يكون شاكرا.
: أنتِ !!!!...
صرخ الرجل مجددا في وجهها ولكنها تجاهلته فمزاجها أصبح سيء،
ضرب الطاولة بيداه حاول كيفين تهدأته ولكنه صرخ عليه بتركه
: أخبريني من هو والدك لأخبره أي الفتيات ابنته.
شعرت بيرلا بقلبها قد أصبح قطعة جليد وعيناها عادتا لإحراقها بينما الماء في فمها أبى أن يبتلع بصقته ووقفتْ تنظر إليه قائلة بصمت في نفسها وهي تنوي المغادرة لغرفتها
: [ليس لدي أب محدد في الوقت الحالي واحد ميت منذ زمن والآخر لست متأكدة بأي طريقة سأعامله أو سأناديه]
أدارت ظهرها راحلة والألم الذي غادرها منذ ساعة قد عاد.
سمعت خطوات الرجل الغاضبة خلفها ثم نيكولاس و كيفين أوقفاه.
.....
جلست في غرفتها ومزاجها سيء للغاية ومحتارة،
هل هي تعد يتيمة؟ أم يتيمة بأهل على قيد الحياة؟ أم شخص قدر له بعائلتين ولكنه عديم الحظ مع كلاهما؟
رن هاتفها نظرت للرقم إنه رقم تحفظه عن ظهر قلب الرقم الأرضي لمنزل فيرناندو تشوش الرقم حتى غاب عنها ثم سقط شيء على يدها التي تحمل الهاتف دافئ وبارد نقيض بعضه ولكنه أراحها لتعرف أنها دموعها عادت للسقوط.
بهدوء قبلت المكالمة ووضعت الهاتف على أذنها بصمت
: بيرلا هذا أنا والدك حبيبتي...لقد بحثت عن رقمك.
لم تبالي بكيف وجده لأن له معارفه ولم تبالي لماذا اتصل بل سألته بانكسار وأمل وكل مشاعر مختلطة تعاني منها في صدرها
: أبي هل كنتَ ستغضب إن ضربني أحدهم؟؟.
رد بيير ولم يفته انكسار صوتها ولا مناداتها إياه بأبي رغم الأمل الذي شع في قلبه اتجاه علاقتهما سألها والغضب قد اكتسى صوته
: لماذ؟؟ هل تعرض لك أحدهم؟؟
لم تدري هي نفسها سبب سؤالها ربما غيرة من ذلك الصبي الذي ضربته ليفقد الوعي أم أنه حنين لوقوف والدها معها رغم كل شيء
: لا سألتك هكذا فقط؟؟
سمعته يتنهد خلف الهاتف ويقول بعد برهة
: بيرلا أريد رؤيتك غدا.
: حسنا...
كان ردها بهدوء فاجأه
لكنه قال على أي حال
: هل أنتظرك في المنزل؟؟ أم آتي إلى مكانٍ ما تريدينه انتِ؟؟
مجددا صوته الحنون وقوله المتفهم أتعبها وأشعرها بتأنيب الضمير ولكنه أراحها وأراح غيرتها.
: سوف آت للمنزل.
~~~~~~~~~~~~~
في الغد
عندما أيقظ ديفيد تارو صباحا وهو سعيد نوعا ما،
رجح تارو ذلك أنه بسبب رسالة امه التي أخبره عنها عند مجيئه مساء أمس لم يرد سؤاله رغم فضول فضل أن يصمت حتى يخبره عنها بنفسه نظر تارو لسام بجانبه وهو يبدو مشغول البال، يقود السيارة لأحد المنازل التي يمكن أن تكون لديهم خبر عن أخته، كان يجب أن يكون تارو هو القلق ولكن سام قلق أكثر منه، هو كان سعيد ومتفائل فسأله
: سام لماذا أنت قلق؟ سوف نجدها ، في ما مضى كنت أنت من يهدئني والآن الأدوار تغيرت.
ضحك ببلاهة بعد جملته
خطف سام نظره له بنظرات جليدية وقال
: أنت أكبر أبله عرفته في حياتي، تارو.. إنها آخر أمل كيف لكَ أن تحضر هذه الابتسامة البلهاء في هذا الوقت من كل الأوقات؟؟.
ليدرك مدى توتره ويدرك أنه عليه مواساته وليس عتابه على تفاؤله ليسأله بعد برهة
: على كلٍ اقرأ العنوان مجددا إن كنا اقتربنا.
نظر تارو للورقة في يده للمرة العاشرة ربما.. وقرأ بصوت متساءل
: شارع جي بي المنزل السابع آل جايدن كريستوف...ما هذا الاسم؟؟.
أجابه سام
: الأغنياء هنا من عائلات فاحشي الثراء و عريقة منذ زمن لذا تجد حرفي " آل " عند أول الاسم، أما الأغنياء حديثوا العهد مثل والد ديفيد فهم معروفون بأسمائهم أو أسماء أباءهم أي ليسوا ذو سلالة معروفة...
وأدار العجلة في يديه عند المنعطف المنشود وهو مازال يشرح
ظهر أحدهم فجأة أمام السيارة فصدمته ولكنها كان ضربة خفيفة لأن السرعة لم تكن عالية، نزل كلاهما يتفقدان بهلع الشخص المنبطح
سام وصل أولا أمسك كتفاه وأجلسه بلطف وهو يسأله ان كان بخير وأين يشعر بالألم؟ وصل تارو هو الآخر و بحلق في الشخص بعينين منفتحتين كليا !!!!...
: بيرلا!!!...
فرح وفزع في آن ثم صرخ مجددا وهو يدنو منها
: بيرلا هل أنت بخير هل أصابك شيء؟ هل عظامك بخير؟؟.
قاطعت هلعه ولم ترفع عيناها رغم أنها لم تتعرف على الصوت من الصدمة
: أنا بخير.....تارو و...سام؟؟ ماذا تفعلان هنا؟؟.
ثم صمت ثلاثتهم سام مركز فيها لسبب ما و تارو يديرها هنا وهناك يتفقد إن كانت مصابة وتنزف فأمسكت يداه قائلة بلطف وقد زالت الصدمة عنها
: توقف تارو أنا بخير حقا.
: حقا؟؟
سألها يتأكد بقلق
: حقا.
ثم أجل كلاهما من سام الذي صفق بيداه قائلا بنصر
: أخيرا تذكرت أين رأيتك...قبل أشهر قريبا من هنا كدنا أن نصدمك بالسيارة.....منذ أن التقيتك وأنا أحاول التذكر، واخيرا.
استغرب تارو وأدار بصره بينهما وهو يسأل
: متى حدث هذا بالضبط سام؟
: أحقا نسيت؟ إنه اليوم الذي كان قبل ذهابك للجيش لمّا خرجنا من قاعة البلدية عندما رفضوا توقيع احدى الأوراق لك حتى تذهب للخدمة، ألم تتذكر بعد؟.
سأله في آخر جملة متأففا وعيناه أظهرتا بلاهة تارو
فأكمل قائلا
: إنها كتلة الجليد التي لم تخف من السيارة واعتذرت مغادرة.
أمسك تارو رأسه ثم نظر لهما بيأس
: لا أتذكر
فأفلتت منهما ضحكة خافتة نظر تارو لبيرلا التي ابتسمت له كما أول مرة لتجعل قلبه يرفرف
: أما أنا أتذكر ذلك اليوم جيدا، كان آخر يومٍ لي هنا ، ففي اليوم الموالي ذهبت مع القائد للثكنة ولكني لا أذكر وجهيكما.
فكر تارو [ انها تبتسم لي مجددا هل أنا الوحيد أم أنها مع الجميع بهذا السحر؟ حسنا لأزيل كيفين ذاك ثم ديف ثم سام و...القائد]
ولم يدرك أنه يعد على أصابعه إلا عندما ضربه سام على رأسه قائلا بتوبيخ
: ماذا تفعل سنتأخر عن الموعد.
أراد تارو أن تذهب معهما فسألها ذلك فسألت بدورها عن مكان ذهابهما فرد عليها قائلا
: تلك العناوين التي أعطيتني إياها ساعدتنا كثيرا، سنذهب للقاء أحد العائلات التي ربما تكون تبنت أختي.
أجفلت بيرلا تسأله عن العنوان بتوتر
فأجابها سام هذه المرة حائرا
: إنه آل جايدن كريستوف.
لتسأل مجددا تارو وقد عاد البرود ليغلف صوتها، وليس سوى خوفا من الضعف
: كم عمر أختك؟
: خمسة عشر عاما
ان كانت أخت تارو في الخامسة عشر ان ميرا في الرابعة عشر
أليست اخته؟؟ أم أن هناك تلاعب في الأعمار؟؟
عليها ان تتصل بأمها لتلتفت إليهما قائلة
: انتظراني للحظة سوف أجري اتصال وأعود.
وبدون أن تسمع ردهما ابتعدت عنهما بما يكفي حتى لا يصل صوتها لهما وطلبت رقم هاتف المنزل
كانت أصلا ذاهبة إلى هناك ولكن طرأ هذا الأمر وعليها كشف المزيد من الأوراق والغموض أول أمر هو كيف لها أن لا تتذكر كيف تم تبني أختها الصغرى؟؟.
رفعتْ السماعة ليأتيها صوت أمها بدا متعب
: مرحبا منزل آل فيرناندو.
بدون ادراك منها وجدت نفسها تقول
: أمي هذه أنا.
: صغيرتي...
انحسرت أنفاس بيرلا ماذا فاعلة هي بنفسها وهي تناديها بهذه اللهفة ..أجابتها بصوت متداعٍ
: أمي لقد...
لتقاطعها بلوعة
: قلب وعينيْ أمك صغيرتي.
مجددا تجعلها تشعر بأنفاسها تتوقف في صدرها ولكنها تماسكت وقالت
: أمي ...أنا في مدخل الشارع ..كنت.. كنت سآتي ولكن صديقي يبحث عن شقيقته وهي تقريبا بعمر ميرا و...
: لا...!!!!
قاطعتها صارخة بهلع
: بيرلا أرجوك لا تخبري ميرا لا أريدها أن تكون قاسية علي وتقاطعني مثلك.
شعرت بيرلا بشظايا قلبها عاودت الانكسار وازداد الألم في صدرها وهي تسمعها تصفها بالقسوة هل لهذه الدرجة كانت ردة فعلها مؤلمة لها؟
هل لأنها تركتها خلفها وذهبت خلف حفر الحقائق وكشف المدفون أصبحت في نظرها قاسية؟!.
كثيرا من الكلام اجتمع لقوله ولكنها كابرت على نفسها وأكملت قولها بهدوء باهت ولكنه حاسم
: اسمعيني، تارو يبحث عن أخته من سنوات طويلة وهرب من الميتم لإيجادها ولم يبقى له غيرها من العائلة، لذا أرجوك.. أرجوك تفهمي، ان هدفه في الحياة هو ايجادها، انها ما تجعله يستمر ويقاوم.
بيرلا قالت ذلك رغم أن تارو لم يبح به ولكنها استطاعت معرفة ذلك من ما حدث وما قاله سابقا.
كانت أنفاس أمها التي تصلها عبر الهاتف قد سكتت للحظات قبل أن تقول
: لحظة هل تعنين أنهما كانا في الميتم؟؟.
: أجل
أجابتها بيرلا وهي مستغربة من هدوءها المفاجئ
: اذا هي ليست أخته فميرا والداها على قيد الحياة.
: ماذا؟! .
هذا ما نطقت به بيرلا وهي تشعر بأطرافها تبرد فجأة وطنين في رأسها وأكملت والدتها بلهفة خائفة
: بيرلا هذا الأمر لا يناقش على الهاتف تعالي إلى البيت إن ميرا في المدرسة الآن، تعالي دعينا نتحدث بهدوء لا تكسري قلبي أكثر.
مجددا شعرت بيرلا بثقل في أنفاسها وعلى صدرها لم تشعر بالهاتف الذي سقط من يدها لفت بصرها لتارو وعصفت الأفكار بعقلها المصدوم...ميرا أهلها على قيد الحياة.. كيف ولماذا هي ليست معهم؟؟.. وتارو الذي لسبب ما لم تعد تراه جيدا كانت تعتقد نفسها ستساعده، باعتقادها أن ميرا هي أخته المفقودة، أي حياة عاشها وأي نشأة بدون عائلة احتوته!!...
ازداد الضغط على قلبها فوضعت يدها عليه ولم تعد ترى تارو وسام اللذان هرعا ركضا اتجاهها فقد اسود كل شيء في مرآها واحتضنتها الأرض بألم.
جلسا عند جسدها الساكن والهلع تمكن من تارو وكان أول من تحرك هو سام الذي ركض لأقرب محل لإحضار الماء أما تارو فقد وضع رأسها على ركبتيه وهو يحاول ايقاظها عبثا، أتى سام راكضا بقارورة الماء ورش على وجهها الشاحب، لحظات حتى تحركت عيناها من ما دل على قرب استعادة وعيها، بدأت الرؤية تتضح بصعوبة كان سمعها أقوى من رؤيتها فسمعت أصوات قلق وخوف عليها تنادي باسمها
اعتدلت جالسة على الأرض وسألت بتشوش
: ماذا حدث؟؟.
أجابها تارو وهو يتفحصها بعينين قلقتين
: كنت تتحدثين على الهاتف ثم نظرتِ نحونا وفجأة قبضت على يسار صدرك وانهرت على الأرض فاقدة الوعي.
ليكمل سام وهو يناولها ما تبقى من قارورة الماء
: يبدو أنه ضيق في التنفس مما سبب لك الدوار ثم الاغماء للحظات عليكِ مراجعة الطبيب ربما كانت لديك مشكلة...
ولم يكمل لأن أحدهم صرخ باسمها وهو يبعده عن بيرلا ليدنو نحوها شاحب الوجه ركع بركبتيه أمامها وأمسك كتفيها بحنو قلق و حماية.
مرت فترة طويلة منذ أن شعرت بالأمان والاستقرار نفت برأسها ولا تدري سبب فعلتها، ضغط والدها برفق على كتفيها فنظرت له بتساؤل صامت
: فقال لها وهو يلهث جراء ركضه
: بيرلا هل تتألمين؟ هل نذهب للمستشفى؟.
لم ترد واكتفت بالنفي برأسها وسألته بهدوء
: كيف أتيت؟
: لقد أخبرتني ليندا أنكِ كنت تتحدثين معها وفجأة سمعت صوت ولم تردي ولم تغلقي الخط وأن أشخاص صرخوا باسمكِ.
لتتذكر أنها أخبرتها مكانها قبل قليل.

.....................



أشكر سنو على تحريرها للفصل



سيتبع بالفصل القادم في أقرب وقت ....
__________________
مهما زاد عنائي
لا يمكن أن أنساك
حتى إن تنساني
باقية لي ذكراك
لأن الروح داخلي
لا زالتْ تهواك


نبع الأنوار ايناس نسمات عطر
رد مع اقتباس