عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 07-28-2019, 03:26 PM
 

[TABLETEXT="width:900px;background-image:url('https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at156392983621532.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

[/ALIGN]
[ALIGN=center]







أمام الحاجز الزجاجي كانا يقفان يتأملان الجسد الهزيل ممتداً على السرير الأبيض بجواره وقف ذو الشعر الأصهب وعينيه البنيتين تغطيهما نظارة طبية..

مضت دقائق سبقت خروجه من الغرفة لتسرع له الشابة تسأله بقلق بالغ : هل تحسنت حالها؟

بهدوء وأسفٍ أجابها : ليست جيدة تماماً.. لقد أخبرتكم من قبل أن عليكم أخذها لمركز العلاج ولكن لم تفعلو.. لقد ازدادت حالها سوءاً.. الخبر الجيد أن التليف لم يصل لمرحلته الأخيرة بعد لهذا لازلنا بأمان.. لكن ليس لمدة طويلة.. إن لم تتخلص من إدمانها على الفور سيكون الوضع خطيراً للغاية!

وضعت يدها على موضع قلبها بخوف ودموعها تحادرت على وجنتيها بينما تقدم شقيقها يربت على كتفها وهو يخاطب الطبيب : لقد حاولنا حقاً اقناعها.. لكنها عنيدة للغاية، إن كان بمقدورك أريد إحتجازها هنا واخضاعها للعلاج رغماً عنها

أومأ له ايجاباً : إن هذا هو الحل الأفضل.. رافقني لنبدأ الإجرائات على الفور..

_ حسناً.. تيريزا انتظريني هنا عزيزتي

انصاعت لأوامره وعادت تتأمل والدتها بأسى دفين بينما غادر الرجلان لينجزا عملهما..



كان يجلس في تلك الغرفة التي كانت يوماً غرفته.. يتأمل زواياها.. تفاصيلها البسيطة.. بتلك النافذة الخشبية متوسطة الحجم ، والمكتبة المزينة ببعض التحف اليدوية الصنع وغطاء أبيض مطرز بزهور حمراء جميلة وقليلاً من الكتب العتيقة التي حفظها عن ظهر قلب.. وفي الزاوية كان هناك صندوق بني عليه غطاء أبيض ذو نقوش هندسية كثيرة.. كان بمثابة الخزانة لتلك الغرفة تقليدية الطابع.. وثلاثة أسرة حديدية ذات أغطية ملونة مزخرفة بدت يدوية الصنع أيضاً..

كل شيء بتلك الغرفة البسيطة وحتى اللوحة الجميلة التي علقت كانت من صنع والديه وإخوته..

وضع يده على المذياع بتردد وماإن قام بتشغيله حتى إنبعثت منه أغنية روسية قديمة أحب دائماً الاستماع لها وهو يحتسي قهوته ويتناول بعض الخبز الطازج الذي تخبزه والدته لهم في كل صباح..

دمعت عيناه وقد أغمضهما بحنين وهو يستمع لتلك الكلمات واللحن المفعم ذكرياتٍ لاتنسى

" في وقتٍ مضى كان هناك رسام
يملك بيتاً صغيراً وقماش
لكنه يوماً عشق فتاة.. تهوى الزهور والأحلام

قرر بيع المنزل واللوحات ومأواه..
وشرى محيط زهورٍ كي يبلغ مناه

مليون زهرة قرمزية
عبر النافذة تلوح من بعيد
المغرم المحب العاشق بصدق
قد تنقلب حياته ورداً لأجلك

ذاك اللقاء كان قصيراً
والقطار في الليل حملها بعيداَ
لكن أغنية الزهور المجنونة
ظلت حلماً تعيش لأجله طويلاً
العاشق عاش حياته وحيداً.. يقاسي الكثير من العذاب
ولم يبق في حياته سوى.. حديقة مليئة بالزهور

مليون زهرة قرمزية
عبر النافذة تلوح من بعيد "

فتح عينيه وقد ترائى له طيفها جالسة أمامه تغني بحزن : المغرم المحب العاشق بصدق.. قد يقلب حياته ورداً لأجلك

همس بشوق غير مصدق" نتاشا.. عشقي "

واذا بالباب يُفتح ليخفي طيفها سريعاً.. مسح دموعه ونظر لها محاولاً الإبتسام بينما كانت الدهشة قد غلفت وجهها الطفولي البريء رغم سنيها ال١٥ .. بعينين عشبيتين واسعتين وشعر عسلي باهت مجعد جعلته حراً..

خاطبها بلطف : مرحباً مجدداً مارجريت..

أجابته بتلعثم : الحمام.. إنه ساخن و.. ينتظرك أخي

ابتسم لكلمة أخي التي نطقتها بعفوية لطالما كان يظنها حماقة.. وتذكر كم كان فيما مضي يوبخهم ويشاجرهم ويتسلط عليهم بغرور وتبجح..

أخرج كلماته بصعوبة : شكراً.. لكِ.. أختي

ازدادت دهشتها فخرجت دون أن تنبس ببنت شفة وقد اتسعت عيناها غير مصدقة لما سمعت ورأت..

خلف الباب استقبلها البقية متسائلين فتمتمت دونما قدرة علي الاستيعاب : قال لي.. شكراً.. وأختي أيضاً.. بل كان يبكي كذلك!!

حدقو ببعضهم البعض دون أن يفهمو شيئاً بينما بدا القلق على والدتهم التي همست بلا ارتياح : مالذي ألم به ياترى؟!

في تلك اللحظة دخل روسيل بابتسامة عريضة وهو يحمل كيساً ورقياً ويقترب منهم : انظروا ماذا اشتريت.. لقد أحضرت فطائر البيلني بالزبدة والعسل تفضلو

بسعادة هتف نيكولاي وهو يبعثر شعره الليموني : أحسنت أخي الرائع أعطني واحدة

وقبل أن يأخذها كانت يدُ الأم قد امتدت لتجذب الكيس من يد ابنها هاتفة بهم بسعادة : شكراً بني لابد أن ايفان اشتاق لتناولها

اتسعت عيناه بدهشة : لكن أمي.. لقد اشتريته بمالي الخاص لي ولإخوتي!!

_ لايجدر أن تجادلني بالأمر كما أن إيفان شقيقك أيضاً ولم يذقها منذ فترة

تجاهلته وقد غادرت بالفعل لتدخل لإيفان بينما نطق روسيل بإحباط : هذا ليس عادلاً

ربت نيكولاي على كتفه مستاءاً وهو يهمس : ستبدأ الآن وكالعادة بتدليله ونحن فلنذهب للجحيم..

صمت الجميع موافقاً ماقال بينما تركتهم فيكتوريا بغضب مطلقة اللعنات على مصدر تعاستهم....

..................

أنهى توقيع الأوراق فأعطاها للطبيب الذي وضعها في الملف وأغلقه بابتسامة هادئة : هكذا نكون قد انتهينا.. سأبذل مابوسعي لتكون بخير لذا لاتقلق

_ لن أقلق وأنت من يعتني بها دكتور برويل.. شكراً لكل شيء..

_ إنه واجبي بني..

صمت قليلاً قبل أن يقول بتردد : كيف حال والدك الآن؟.

نظر له بضيق مجيباً بتردد : لم.. أزره بعد

بتفهم خاطبه : عليك بذلك.. لاتجعله يشعر بالوحدة بني

أومأ إيجاباً مهمهماً ثم نهض وخرج من الغرفة وتلك الجملة ترن بأذنه كما لو كان يسمعها لتوه
" الحُكم الأخير للمتهم.. الإعدام!!!"

فقد قدرته على الإتزان للحظة إلا أنه أسند ذراعه على الجدار محاولاً أن لاينهار، أغمض عينيه لدقائق عله يستعيد بعضاً من قوته.. وماإن استعاد شيئاً منها حتى أكمل طريقه نحو شقيقته

_ هل نعود للمنزل؟

التفتت له بحزن وأومات بالنفي : أريد البقاء معها

_ لن يفيد ذلك في شيء.. لنعد رجاءاً

بترددٍ أومأت إيجاباً ثم سارت معه للخارج وماإن ركبا السيارة حتى بادر بسؤالها : لن تبقي بمفردكِ صحيح؟

_ أجل.. إن كان بالإمكان استضافتي هذه الليلة

ابتسم ضاحكاً مجيباً: تمزحين حتماً.. لطالما أردت ذلك.. أكره الوحدة حقاً مجيئكِ سيسعدني بكل تأكيد..

_ لاأظنك تشعر بالوحدة وكريسي إلى جانبك

اختفت ابتسامته وقد وجه ناظريه للأمام قائلاً بضيق :
لم نعد سوياً.. أعني لقد افترقنا

بذهول غير مصدق أجابته : تمازحني

_ أبداً.. رجاءاً دعينا لانتحدث بهذا الأمر إنني أشعر بالدوار.. هلا تبادلنا الأماكن

لم تفهم مايعنيه حتى أوقف السيارة وخرج متجهاً إلى حيث تجلس فماكان منها إلا أن جلست خلف المقود وحالما أغلق الباب انطلق كليهما بصمت..

كانت قد أمضت ربع ساعة داخل شقتها ترتب حاجياتها في حقيبة صغيرة، وماإن أنهت عملها حتى خرجت وتوجهت للسيارة لتجلس مجدداً خلف المقود ناطقة باعتذار : آسفة لتأخري...

بترت جملتها حالما شاهدته يغفو بتعب شديد وقد أسند رأسه للكرسي

التزمت الهدوء بابتسامة لتتم طريقها وينتهي ذلك اليوم الطويل أخيراً..

.





[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT]
[TABLETEXT="width:900px;background-image:url('https://www.anime-tooon.com/up/uploads/at156392983621532.png');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT]

التعديل الأخير تم بواسطة آدِيت~EDITH ; 07-29-2019 الساعة 07:10 AM
رد مع اقتباس