عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

Like Tree5Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-26-2009, 04:27 AM
 
آية جامعة لحسن الخلق مع الناس !

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحانه عزّ من قائل "
عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
"
فالحمدلله الذي علّمنا.. ولازال يتفضل علينا بتعليمنا ما لم نعلم

الآية التي أنا بصدد نقل الكلام عنها حقا لم أر أروع من هذا التفسير لها(من التفاسير القريبة المعاصرة).. سبحان الله كلماتها موجزة لكن جمعت معانٍ أخلاقية أفضل مما لو بسطت في 100 كتاب للتنمية البشرية !

يقول الله تعالى :
" خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "
[الأعراف :199]

من تفسير العلامة السعدي رحمه الله :

"
هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم، ولا يتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم.
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ أي: بكل قول حسن وفعل جميل، وخلق كامل للقريب والبعيد، فاجعل ما يأتي إلى الناس منك، إما تعليم علم، أو حث على خير، من صلة رحم، أو بِرِّ والدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر وتقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية، ولما كان لا بد من أذية الجاهل، أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه.
"أ.ه


أكثر ما استوقفني في التفسير هذه العبارة: (
فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم
)
أسأل الله أن يرزقنا حسن الخلق ويُزكِّي نفوسنا !
سبحان الله فأغلب مشكلاتنا مع من حولنا هي أننا نطلب منهم أن يعاملونا كما نحب..
وكلا الطرفين (نحن و هم ) نظل في حالة إنتظار أيُّنا يبدأ ويغيِّر طبعه ليوائم ما تطبع عليه هو... لكن هنا... أين التواصل ؟...بل كيف سيكون التواصل إذن ؟


وأتذكر أني عندما سمعت التفسير قالت المعلمة ما معناه:
"
في ناس طباعها فعلا جافة...هي لا تتعمد أن تكون جافة لكن هي طبعها كده فعامليها على قدر طبعها ده ...ولا تردي الجفاف بجفاف أو تتضايقي أنها بتتعامل بجفاف.
خذي العفو واشكري لها إحسانها في الجوانب الآخرى
. "

وهناك تعبير قرأته و أعجبني.. عن خاطرة حول نفس الموضوع:
"
كما تأخذ اليسير من الناس ولا تكلفهم فوق طبائعهم خذ أيضا الفريد منهم وحمله فوق طبعك !!
"
( وهذا المعنى لا علاقة له بالتفسير لكن نخرج منه بمعنى جميل حقا)
أن نأخذ من أخلاق الناس الأخلاق الحميدة ونتأسى بها..
مثلا احتككت بشخص ما ورأيت من جميل خلقه وطباعه.. لكن أكثر ما جذبك فيه خلق معين كخلق"التغافل" مثلا
قال الإمام أحمد بن حنبل "
تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
" وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
والحسن البصري يقول: "
ما زال التغافل من فعل الكرام
"..

و آخر لمست فيه أنه متسامح سليم القلب والسريرة يقبل العذر بسهولة و بلا غضاضة
قال تعالى :"
وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
"

فلما لا تكون أنت أيضا متغافلا متسامحا ؟
لماذا لا تجمع من كل بستان زهرة؟...تأخذ من هذا حلمه ومن هذا ورعه ومن هذا تغافله ..وهكذا.


المشاركة التالية.. من درر الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في تحقيق معنى الخلق.....
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-26-2009, 04:27 AM
 
رد: آية جامعة لحسن الخلق مع الناس !

كلام رائق جدا للإمام ابن القيم رحمه الله من كتاب مدارج السالكين يصب في نفس موضوعنا...


في البداية نقل كلامًا عن الشيخ الهروي مؤلف منازل السائرين.. ثم علّق عليه وذكر أن للعبد أحد عشر مشهداً فيما يصيبه من أذى الخلق.. وأسأل الله أن ينفعنا به.


======================


قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين:



"يقول : إذا عرفت مقام الخلق ومقاديرهم وجريان الأحكام القدرية عليهم وأنهم مقيدون بالقدر لا خروج لهم عنه ألبتة ومحبوسون في قدرتهم وطاقتهم لا يمكنهم تجاوزها إلى غيرها وأنهم موقوفون على الحكم الكوني القدري لايتعدونه استفدت بهذه المعرفة ثلاثة أشياء :
أمن الخلق منك وذلك ؛ أنه إذا نظر إليهم بعين الحقيقة ؛ لم يطالبهم بما لا يقدرون عليه وامتثل فيهم أمر الله تعالى لنبيه بأخذ العفو منهم فأمنوا من تكليفه إياهم وإلزامه لهم ما ليس في قواهم وقدرهم وأيضا فإنهم يأمنون لائمته فإنه في هذه الحال عاذر لهم فيما يجري عليهم من الأحكام فيما لم يأمر الشرع بإقامته فيهم لأنهم إذا كانوا محبوسين في طاقتهم فينبغي مطالبتهم بما يطالب به المحبوس وعذرهم بما يعذر به المحبوس وإذا بدا منهم في حقك تقصير أو إساءة أو تفريط فلا تقابلهم به ولا تخاصمهم بل اغفر لهم ذلك واعذرهم نظرا إلى جريان الأحكام عليهم وأنهم آلة وههنا ينفعك الفناء بشهود الحقيقة عن شهود جنايتهم عليك كما قال بعض العارفين لرجل تعدى عليه وظلمه : إن كنت ظالما فالذي سلطك علي ليس بظالم .



وههنا للعبد أحد عشر مشهدا فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه :


أحدها: المشهد الذي ذكره الشيخ رحمه الله وهو مشهد القدر
وأن ما جرى عليه بمشيئة الله وقضائه وقدره، فيراه كالتأذي بالحر والبرد والمرض والألم وهبوب الرياح وانقطاع الأمطار، فإن الكل أوجبته مشيئة الله، فما شاء الله كان ووجب وجوده، وما لم يشأ لم يكن وامتنع وجوده، وإذا شهد هذا، استراح وعلم أنه كائن لا محالة فما للجزع منه وجه وهو كالجزع من الحر والبرد والمرض والموت.



فصل المشهد الثاني: مشهد الصبر
فيشهده ويشهد وجوبه وحسن عاقبته وجزاء أهله وما يترتب عليه من الغبطة والسرور ويخلصه من ندامة المقابلة والانتقام، فما انتقم أحد لنفسه قط إلا أعقبه ذلك ندامة، وعلم أنه إن لم يصبر اختياراً على هذا وهو محمود، صبر اضطراراً على أكبر منه وهو مذموم.



فصل المشهد الثالث: مشهد العفو والصفح والحلم
فإنه متى شهد ذلك وفضله وحلاوته وعزته، لم يعدل عنه إلا لعشي في بصيرته فإنه ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلم بالتجربة والوجود وما انتقم أحد لنفسه إلا ذل.
هذا وفي الصفح والعفو والحلم من الحلاوة والطمأنينة والسكينة وشرف النفس وعزها ورفعتها عن تشفيها بالانتقام، ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام.



فصل المشهد الرابع: مشهد الرضى
وهو فوق مشهد العفو والصفح وهذا لا يكون إلا للنفوس المطمئنة، سيّما إن كان ما أصيبت به سببه القيام لله، فإذا كان ما أصيب به في الله وفي مرضاته ومحبته، رضيت بما نالها في الله.
وهذا شأن كل محب صادق يرضى بما يناله في رضى محبوبه من المكاره، ومتى تسخّط به وتشكّى منه كان ذلك دليلاً على كذبه في محبته، والواقع شاهد بذلك، والمحب الصادق كما قيل:
من أجلك جعلت خدّي أرضاً...للشامت والحسود حتى ترضى
ومن لم يرض بما يصيبه في سبيل محبوبه فلينزل عن درجة المحبة وليتأخر فليس من ذي الشأن.



فصل المشهد الخامس: مشهد الإحسان
وهو أرفع مما قبله وهو أن يقابل إساءة المسيء إليه بالإحسان فيحسن إليه كلما أساء هو إليه، ويهون هذا عليه علمه بأنه قد ربح عليه وأنه قد أهدى إليه حسناته ومحاها من صحيفته وأثبتها في صحيفة من أساء إليه، فينبغي لك أن تشكره وتحسن إليه بما لا نسبة له إلى ما أحسن به إليك.
وههنا ينفع استحضار مسألة اقتضاء الهبة الثواب، وهذا المسكين قد وهبك حسناته فإن كنت من أهل الكرم فأثبه عليها لتثبت الهبة وتأمن رجوع الواهب فيها، وفي هذا حكايات معروفة عن أرباب المكارم وأهل العزائم .
ويهوّنه عليك أيضاً: علمك بأن الجزاء من جنس العمل فإن كان هذا عملك في إساءة المخلوق إليك عفوت عنه وأحسنت إليه مع حاجتك وضعفك وفقرك وذلّك، فهكذا يفعل المحسن القادر العزيز الغني بك في إساءتك، يقابلها بما قابلت به إساءة عبده إليك، فهذا لابد منه، وشاهده في السنة من وجوه كثيرة لمن تأملها.



يتبع..
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-26-2009, 04:28 AM
 
رد: آية جامعة لحسن الخلق مع الناس !

فصل المشهد السادس: مشهد السلامة وبرد القلب
وهذا مشهد شريف جداً لمن عرفه وذاق حلاوته وهو أن لا يشتغل قلبه وسره بما ناله من الأذى وطلب الوصول إلى درك ثأره وشفاء نفسه، بل يفرغ قلبه من ذلك ويرى أن سلامته وبرده وخلوه منه أنفع له وألذ وأطيب وأعون على مصالحه، فإن القلب إذا اشتغل بشيء فاته ما هو أهم عنده وخير له منه، فيكون بذلك مغبوناً، والرشيد لا يرضى بذلك ويرى أنه من تصرفات السفيه، فأين سلامة القلب من امتلائه بالغل والوساوس وإعمال الفكر في إدراك الانتقام؟!


فصل المشهد السابع: مشهد الأمن
فإنه إذا ترك المقابلة والانتقام أمِن ما هو شر من ذلك، وإذا انتقم واقعه الخوف ولا بد، فإن ذلك يزرع العداوة، والعاقل لا يأمن عدوه ولو كان حقيراً فكم من حقير أردى عدوه الكبير، فإذا غفر ولم ينتقم ولم يقابل، أمِن من تولد العداوة أو زيادتها ولابد أن عفوه وحلمه وصفحه يكسر عنه شوكة عدوه ويكف من جزعه بعكس الانتقام، والواقع شاهد بذلك أيضاً.


فصل المشهد الثامن: مشهد الجهاد
وهو أن يشهد تولد أذى الناس له من جهاده في سبيل الله وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وإقامة دين الله وإعلاء كلماته.
وصاحب هذا المقام قد اشترى الله منه نفسه وماله وعرضه بأعظم الثمن فإن أراد أن يسلم إليه الثمن فليسلم هو السلعة ليستحق ثمنها، فلا حق له على من آذاه ولا شيء له قبله إن كان قد رضي بعقد هذا التبايع فإنه قد وجب أجره على الله.
وهذا ثابت بالنص وإجماع الصحابة رضي الله عنهم ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين من سكنى مكة -أعزها الله- ولم يرد على أحد منهم داره ولا ماله الذي أخذه الكفار ولم يضمنهم دية من قتلوه في سبيل الله.
ولما عزم الصديق رضي الله عنه على تضمين أهل الردة ما أتلفوه من نفوس المسلمين وأموالهم قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمشهد من الصحابة رضي الله عنهم: تلك دماء وأموال ذهبت في الله وأجورها على الله ولا دية لشهيد فأصفق الصحابة على قول عمر ووافقه عليه الصديق.
فمن قام لله حتى أوذي في الله: حرم الله عليه الانتقام كما قال لقمان لابنه: { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [لقمان:17]


فصل المشهد التاسع: مشهد النعمة
وذلك من وجوه أحدها: أن يشهد نعمة الله عليه في أن جعله مظلوماً يترقب النصر ولم يجعله ظالماً يترقب المقت والأخذ، فلو خيّر العاقل بين الحالتين ولابد من إحداهما، لاختار أن يكون مظلوماً.
ومنها: أن يشهد نعمة الله في التكفير بذلك من خطاياه فإنه ما أصاب المؤمن هم ولا غم ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه، فذلك في الحقيقة دواء يستخرج به منه داء الخطايا والذنوب ومن رضي أن يلقى الله بأدوائه كلها وأسقامه ولم يداوه في الدنيا بدواء يوجب له الشفاء: فهو مغبون سفيه؛ فأذى الخلق لك كالدواء الكريه من الطبيب المشفق عليك فلا تنظر إلى مرارة الدواء وكراهته ومن كان على يديه وانظر إلى شفقة الطبيب الذي ركبه لك وبعثه إليك على يدي من نفعك بمضرته.
ومنها: أن يشهد كون تلك البلية أهون وأسهل من غيرها فإنه ما من محنة إلا وفوقها ما هو أقوى منها وأمرّ، فإن لم يكن فوقها محنة في البدن والمال فلينظر إلى سلامة دينه وإسلامه وتوحيده وأن كل مصيبة دون مصيبة الدين فهينة وأنها في الحقيقة نعمة والمصيبة الحقيقية مصيبة الدين.
ومنها: توفية أجرها وثوابها يوم الفقر والفاقة وفي بعض الآثار: أنه يتمنى أناس يوم القيامة لو أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء.
هذا وإن العبد ليشتد فرحه يوم القيامة بما له قِبَل الناس من الحقوق في المال والنفس والعرض، فالعاقل يعد هذا ذخراً ليوم الفقر والفاقة ولا يبطله بالانتقام الذي لا يجدي عليه شيئاً.


فصل المشهد العاشر: مشهد الأسوة
وهو مشهد شريف لطيف جداً، فإن العاقل اللبيب يرضى أن يكون له أسوة برسل الله وأنبيائه وأوليائه وخاصته من خلقه فإنهم أشد الخلق امتحاناً بالناس وأذى الناس إليهم أسرع من السيل في الحدور. ويكفي تدبر قصص الأنبياء عليهم السلام مع أممهم وشأن نبينا صلى الله عليه وسلم وأذى أعدائه له بما لم يؤذه من قبله.
وقد قال له ورقة بن نوفل: لتُكذّبن ولتُخرجن ولتُؤذين وقال له: ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وهذا مستمر في ورثته كما كان في مورثهم صلى الله عليه وسلم.
أفلا يرضى العبد أن يكون له أسوة بخيار خلق الله وخواص عباده: الأمثل فالأمثل ومن أحب معرفة ذلك فليقف على محن العلماء وأذى الجهّال لهم وقد صنف في ذلك ابن عبدالبر كتاباً سماه محن العلماء.


فصل المشهد الحادي عشر: مشهد التوحيد
وهو أجلّ المشاهد وأرفعها، فإذا امتلأ قلبه بمحبة الله والإخلاص له ومعاملته وإيثار مرضاته والتقرب إليه وقرة العين به والأنس به واطمأن إليه وسكن إليه واشتاق إلى لقائه واتخذه ولياً دون من سواه بحيث فوّض إليه أموره كلها ورضي به وبأقضيته وفنى بحبه وخوفه ورجائه وذكره والتوكل عليه عن كل ما سواه: فإنه لا يبقى في قلبه متسع لشهود أذى الناس له البتة، فضلاً عن أن يشتغل قلبه وفكره وسره بتطلب الانتقام والمقابلة.


فهذا لا يكون إلا من قلب ليس فيه ما يغنيه عن ذلك ويعوضه منه، فهو قلب جائع غير شبعان فإذا رأى أي طعام رآه هفت إليه نوازعه وانبعثت إليه دواعيه، وأما من امتلأ قلبه بأعلى الأغذية وأشرفها: فإنه لا يلتفت إلى ما دونها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم." أ.ه
Aseel Soso likes this.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-26-2009, 04:28 AM
 
رد: آية جامعة لحسن الخلق مع الناس !

قالوا في خلق التغافل ..

قال الإمام أحمد بن حنبل "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
" وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .

والحسن البصري يقول: "
ما زال التغافل من فعل الكرام
"

قيل :
ما استقصى كريم قط
.

======================
موضوع منقول:

ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي


نحتاج دائما ان نكون أغبياء حتى نعيش

فلم يعد الماء والطعام والهواء وحدها تكفي للعيش

لا أعلم لماذا نملأ حياتنا بتتبع الأخطاء والإصرار على مناقشتها ونفقد بذلك

دقائق وساعات بل ربما أيام نناقش ونغضب وعندما نتسامح تبدأ الذكرى

ونتذكر تلك اللحظات المؤلمة


ومالنا لا نتذكر؟

وقد سمحنا لتلك الأخطاء ان تتخذ لها مكانا في ذاكرتنا بمناقشتها والبحث في ثناياها

وذهبت أيامنا كلها حزنا في حزن


لو أمعنا النظر في قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -: "
وليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم، بل ولا من شرطهم ترك الصغائر مطلقاً، بل ولا من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه التوبة
"[7].

قال أولياء الله المتقين

فما بالنا ببقية الناس؟

يتتبع الأب أخطاء ابنه ليرهقه بكثرة المعاقبة وكان هذا الابن ولد متعلما بل وكأن هذا الأب لم يأمر بتربية أبناءه

وأي تربية هذه التي تجعل من العقاب الخطوة الأولى ومن التعليم الخطوة الثانية؟

وأي نفس تتقبل النصح بعد العتاب وربما التهزئ أو التجريح؟

فينشأ الطفل محملا بالجروح والاهانات وتنعدم سبل التواصل بينه وبين والديه

هذا هو الحال مع أب وابنه أو أم وابنتها

فكيف سيكون الحال بين زوج و زوجته؟

الزوج اختار زوجته وهو يحلم بان تكون مثالية للغاية

وينتظر ان تفعل له ما يريد وان تقوم بما يحب

وكأنها تعلم بما في نفسه

أو خلقها الله شاذة عن الخلق الذين جبلوا على الخطأ

وما ان يعاشرها الا وتبدأ المشاكل


والسبب

لماذا فعلتي هذا؟

ولماذا لم تقولي هذا؟



فيموت في نفس الزوجة الطموح لإرضاء زوجها

والسعي لإسعاده

والسبب كثرة الانتقاد والمحاسبة وقلة التشجيع

ما ينطبق على الزوج ينطبق على الزوجة كذلك



ان التغافل عن الأخطاء ليس تأكيدا للخطأ أو عدم اهتمام

بل ليس سذاجة ولا غباء ولا ضعف

بل هو الحكمة بعينها


وقال عثمان بن زائدة، قلت للإمام أحمد:
العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل، فقال: "العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل
"


نعم والله انه العافية بعينها

لأن الناس جبلوا على الخطأ ومن الغباء والحماقة ان ننتظر من الناس ان يفعلوا ما نريد أو ان يقولوا ما نريد

بل يجب ان نتعامل مع الناس معاملة واقعية مرنه تأخذ في حسبانها طبيعة الناس التي جبلت وتعودت على الخطأ

لذلك الإيمان بأن كل بنو آدم خطاء يقتضي ان نتغافل عن تلك الأخطاء مالم تجر مفاسد

مذاهب الناس في الخطأ مختلفة

ولكن مهما ابتعدت أو اقتربت

اجعل من نفسك أعمى واصم

وتغافل عن الخطأ ولا تفكر في الوقوف عند الخطأ وتعاتب

فان كثرة العتاب تنفر وتفرق

ولا تنسى ان تلتمس العذر وتحسن الظن وتقبل الاعتذار

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "
لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً
"


قال الإمام ابن القيم: "
من أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته، حقاً كانت أو باطلاً، وتكل سريرته إلى الله..
".

ثم قال: "
وعلامة الكرم والتواضع أنك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفْه عليه ولا تحاجَّه، وقل: يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولو قضي شيء لكان، والمقدور لا مدفع له ونحو ذلك
".



قال الإمام الشافعي: "
الكيس العاقل؛ هو الفطن المتغافل
"



وكفانا قول المصطفى ((
يُبْصِرُ أَحَدُكُمْ الْقَذَاةَ فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَيَنْسَى الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ
))



لا تنسى


((المؤمن مرآة أخيه
))


كن المرآة التي يرى الناس فيها عيوبهم ومحاسنهم !
Aseel Soso likes this.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-26-2009, 04:29 AM
 
رد: آية جامعة لحسن الخلق مع الناس !

قالوا في خلق التغافل ..


قال الحسن -رضي الله عنه-:
"
ما استقصى كريم قط؛ قال الله تعالى: { عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ
}[التحريم:3]

و قال عمرو المكي -رحمه الله- :
"
من المروءة التغافل عن زلل الإخوان
"

وقال الأعمش -رحمه الله- :
"
التغافل يطفئ شراً كثيراً
"

و قال جعفر -رحمه الله- :
‏"‏
عظموا أقدراكم بالتغافل‏
"‏

و قال بعض العارفين :
"
تناسَ مساوئ الإخوان تستدِم ودّهم‏
"

قال الشاعر :
أحبُ من الأخوانِ كل مواتيِ **** وكلَ غضيضُ الطرفِ عن هفواتِ

و قال أخر :
ويغضُ طرفاً عن إساءةِ من أساءَ **** و يحلمُ عند جهلِ الصاحبِ


قالوا في التغافل:
هوِّن على بصر ما شق منظرُه فإنما يقَظاتُ العين كالحُلُم
ولا تَشَكَّ إلى خَلق فتُشمتَه شكوى الجريحِ إلى الغربان والرَّخم
وكن على حذر للناس تستره ولا يغرك منهم ثغر مبتسم
غاض الوفاء فما تلقاه في عِدَة وأعوز الصدقُ في الإخبار والقسم


وقالوا:
وإن أساء مسيءٌ فليكُنْ لك في * عُروضِ زَلّتِه صَفْحٌ وغُفرانُ

وقالوا:
ومن يُفَتِّشْ عن الإخوان يَقْلِهِمُ * فَجُلُّ إخوانِ هذا العَصْرِ خَوَّانُ

وقالوا:
لئن ساءني أن نلتني بمساءة ... لقد سرَّني أنِّي خطرت ببالك
Aseel Soso likes this.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اسباب التسول مدمن انترنت مواضيع عامة 6 05-09-2011 11:15 PM
قصة خوفي من الحب.... اكوس وحدة أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 11-20-2008 11:25 PM
كل شي عن يوم الجمعة .. الأحكام والشروط والسنن وفتاوي العلماء وأخطاء الناس فيه مبدع قطر نور الإسلام - 6 03-01-2008 02:12 PM
«¨`.¸.*.مع بعض الناس .*. ¸.¨`» عبدالرحمن الحربي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 24 06-11-2007 05:25 AM
((هذا الأخ الفاضل ..أساء إلىّ وشتمنى.. كيف أعامله؟))الأعداء خير لنا والناس كطبق البيض fares alsunna نور الإسلام - 13 03-30-2007 10:46 PM


الساعة الآن 01:37 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011