عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية

خطب و محاضرات و أناشيد اسلاميه صوتية و مرئية القسم يهتم بالخطب بالاناشيد الإسلامية والمحاضرات المسجلة بالصوت والصورة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-04-2009, 02:21 PM
 
لا يُرْجى منهم شفاء، بل عندهم الداء والبلاء

بسم الله الرحمن الرحيم



خطبة الجمعة من الجامع الكبير بالرياض بتاريخ: 20-5-1430ه
للشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله بعنوان: لا يُرْجى منهم شفاء، بل عندهم الداء والبلاء


الخطبة الأولى:
إنّ الحمدلله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ الله؛ فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل، فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعد:
فيا أيُّها الناس اتقوا الله -تعالى- حق التقوى.
عباد الله، جاءَ الإسلامُ بالنَّهي عن الشِّرك قليله وكثيره، وتحرير العقول من التعلُّق بالخرافات والخزعبلات والأوهام.
ومن أنواع الشِّرك التي نهانا عنها الإسلام: السِّحر والشَّعوذة؛ فقد نهى الإسلام عن السِّحر، ورتَّب على السَّاحر العقاب الشديد في الدُّنيا والآخرة؛ وذلك النَّهي عن السِّحر؛ حمايةً لإيمان العبد، وسلامة مُعتقده، وإنقاذه من الوقوع في شَرَك الجاهلين الغاوين كالسَّحرة والمشعوذين؛ لما فيه من إفساد دين العبد، وإفساد أخلاقه، ووقوعه في المعارك والبلاء.
وشريعة الإسلام حثَّت على صيانة الأبدان، وطلب العلاج لأمراضها التي بها، فما أنزل الله داءً إلَّا وأنزل له دواء، ولا مرضًا إلَّا له شفاء ما دامت مدة العبد باقية {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون: 11]، وأرشدَ إلى الرُّقى الشَّرعية مع الأدوية النافعة، وحذَّر من الرقى الشيطانية ومن آراء المشعوذين والسَّحرة وأعوانهم.


أيُّها المسلمون: وشريعة الله دلَّت على تحريم تعلُّم السِّحر، وتحريم تعليمه، واستعماله، بما دلَّت نصوص القرآن العزيز وسنة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وجمهور المسلمين يرون كفر الساحر؛ لأنَّ كلَّ وسائله التي يتوسَّل بها لتحقيق مطلوبه كلُّها شرك وكفر بالله، وذبح لغير الله، ودعاء لغير، الله نسأل الله السلامة والثبات.
قال الله –تعالى-: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [البقرة: 102]، فنفى ربنا –جلَّ وعلا– السحر عن سليمان، وأنَّ اليهود في عهده هم الذيناستبدلوا السحر عن دعوة الرسل، ونفى الكفر عن سليمان، فهو نبي الله ورسوله مبرأٌ عن ما يقوله عنه اليهود السحرة، وكفَّر الشياطين باتباعهم السحر {وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ} كفرهم بتعليمهم السحر {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} وأنَّ الملكين ينصحان من أتى يريد التعليم {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}، وأخبر أنَّ السَّاحر لا خلاق له في الآخرة، لا نصيب ولا دين له، والله يقول: {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 69]، فنفى الفلاح عنه في كلِّ أحواله ممَّا يدل على ضلاله وغوايته، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] والجبت: السحر.


أيُّها المسلم: فتعلُّم السحر أو تعليمه أو استعماله والترويج له ضلال مبين، بل يرى بعض جمهور العلماء أنَّه من نواقض الإسلام –نسأل الله السلامة والعافية–.
وكان موقف الشَّرع من السَّحرة اجتثاثهم والقضاء عليهم؛ فهم عناصر شرٍ، ودعاة فساد وضلال، ومروجي الباطل، يبتزون أموال الناس، ويفسدون عقائدهم، ويوقعونهم في الضلال من حيث لا يشعرون، فقد صحَّ عن جندب مرفوعًا -رضي الله عنه-: "حدُّ السحر ضربة بالسيف"، وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى عُمَّالِه: أن اقتلوا كلَّ ساحر وساحرة، وأمُّ المؤمنين حفصة بنت عمر -رضي الله عنهما- أمرت بقتل جاريةٍ لها سحرتها، هكذا موقف المسلمين من السَّحرة والمشعوذين، وأنَّهم فئة مريضة مذمومة لا خير فيهم، ولا يُرْجَى منهم نفع.


أيُّها المسلم: إنَّ ضرر السَّحر عام على السَّاحر وعلى الأفراد والجماعة، فضرره على ذات السَّاحر أن هذا السَّاحر بسحره أفسد دينه، ووقع في الشِّرك بالله والكفر به؛ لأنَّ هذا السَّحر لا يتحقَّق له إلَّا بالاستعانة بالجن والشَّياطين، وعبادتهم من دون الله، والذبح لهم من دون الله، ودعائهم من دون الله، وطاعتهم فيما يأمرونه به من رديء الأخلاق وسوء الأعمال -نسأل الله السلامة والعافية-، فهو ضررٌ على السَّاحر ذاته، فهو مفسدٌ لدينه، مدمِّرٌ لأخلاقه، فالساحر أخبث الناس نفسًا، وأسوأهم خُلُقًا، مظلم القلب، بعيدٌ عن الرحمن، قريبٌ للشيطان، الخير معدوم منه -نسأل الله العافية والسلامة-.
وضررهم على الأفراد: خداعهم لهم ومكرهم بهم، يدعونهم إلى عبادة غير الله وإلى دعاء غير الله، وما يحيطون طلاسيهم بشيء من القرآن خداعًا للجاهل وقاصر النظر، فهم مفسدون بلا إشكال، وهم أعداء للمجتمعات، فكم بيتًا سعيدًا دمَّروه، وكم زوجين فرَّقوا بينهما، وكم من معافىً سلبوه عافيته، وكم من إنسانٍ حمَّلوه من الدُّيون ما لا يطيق.


إن السِّحر له تأثيرٌ لكن بقدرة الله، فمنه ما يُمْرِض، ومنه ما يقتل، ومنه ما يدخل عقل الرجل أو المرأة، ومنه التفريق بين الزوجين، وغير ذلك من أضرارهم -نسأل الله العافية والسلامة-، ولكن المسلم واثقٌ بربه، معتمدٌ عليه، في قلبه يقينٌ جازم أنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} [البقرة: 102].

أيُّها المسلم، أيُّها المؤمن، إن هؤلاء السَّحرة لا دواء عندهم ولا شفاء تحت أيديهم، إنَّما عندهم الداء والبلاء وفساد الأخلاق والقضاء على المعتقد السليم، فيأمرون أتباعهم ويأمرون من يأتيهم بالذبح لغير الله ودعاء غير الله وطلاسم كلها مجهولة لا يُعْلَم حقيقتها.

أيُّها المسلم: إنَّ الإسلام حرّم على المسلم إتيان السَّحرة، وحال بينه وبينهم؛ حمايةً لدينه، حمايةً لمعتقده؛ حتى لا يصدِّق أولئك فيما يدَّعون من علم المغيَّبات، والله -جلَّ وعلا- يحمي المسلم من وسائل الشر {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء: 140].

أيُّها المسلم: فإنَّ أولئك السَّحرة عندما يثق البعض بهم، وعندما يحسن الظن بهم إنَّما فهو مفسدٌ لدينه، فهم يدَّعون علم الغيب، أفيصدِّق المسلم ذلك؟! {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65].
إنَّهم يوحون لمن أتاهم قدرتهم على اكتشاف الأمراض، ومعرفة من سَحَرَ ومن أصاب بالعين، وأنَّ لهم القدرة على ذلك؛ وقد كذبوا ولو صدقوا حينًا، فالكذب هو المسيطر على حالهم، وإنَّما هي استعانةٌ بالشياطين وتوسلٌ بهم؛ لتحقيق المطلوب السيئ، ولذا النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: (من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول؛ لم تُقْبل له صلاة أربعين يومًا)، إنَّه عقوبةٌ شديدةٌ، بمجرد سؤالك لن تُقْبَل لك صلاة أربعين يومًا، ويقول أيضًا كما في السنن (من أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-).


أيُّها المسلم: للعلاج طرقه ووسائله، فكتاب الله علاجٌ لأمراض القلوب والأبدان، والتمسُّك به وتلاوته؛ حمايةً لنفسك وبيتك من شعوذة المشعوذين، والأدوية النافعة ما أنزل الله من داء إلَّا أنزل له دواء تداووا عباد الله، ولا تتداووا بالحرام.

أيُّها المسلم: إنَّ إعطائهم المال جريمةٌ نكراء، فإنَّك تعطيهم تعينهم على باطلهم، فهم لا يحلُّ لهم أخذ ذلك المال، ولا يحلُّ لك أن تدفع لهم، فالنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نهى عن ثمن البغي، وعن حلوان الكاهن، أي: ما يأخذه الكاهن من الأموال مقابل ما يدَّعيه وما يقول عنه أنُّه يكتسب المغيبات.

أيُّها المسلم: إنَّ أسباب انتشار السِّحر في بعض المجتمعات يرجع إلى ضَعف إيمان المسلم، وقلة ثقته بربه، أو جهله بحال أولئك وتعلُّق قلبه بهم وإحسان ظنه بهم، فهم لا خير فيهم، ولا يرجى منهم شفاء، بل عندهم الداء والبلاء.

أيُّها المسلم، إنَّ البعض من المسلمين قد يساهم في ترويج السحر، إمَّا -والعياذ بالله- بالدعوة إلى أنَّ إتيان السحرة لحَلِّ السحر أمرٌ مشروع، يخالف بذلك كتاب الله وسنة نبيه وما عليه المحقِّقون من هذه الأئمة من علمائها الراسخين الذين حذَّروا المسلم من إتيان الساحر بأيِّ وسيلةٍ كانت، وإنَّ البعض من القنوات الفضائية ومنتديات الإنترنت كلُّها تروج بعضها للسِّحر، فهناك قنواتٌ خاصة يُتصَل بها لأجل الاطلاع على هذا العمل السيئ، فالاستفسار والاتصال بهم أمرٌ محرٌم شرعًا، وإعانتهم بكلِّ وسيلة، وتسهيل مهمة الاتصال بهم أو إعانتهم، أو إخراج أفلامهم، أو الوقوف معهم، كلُّ ذلك من الضلال والباطل.
إن بعضهم خدعوا الجهلة، فزعموا أنَّهم يقرءون على المريض من بُعدِ آلاف الكيلوات، أنَّه يشاهد على شاشة التلفاز، أو بالهاتف والجوال يقرأ على المريض من بعد الآلاف.
كل هذه خرافات وخداع للإنسان وابتزاز للمال، وإفسادٌ لعقيدة المسلم الذي يجب أن يتعلّق قلبه بربه وتكون ثقته بربه {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} [الأنعام: 17]، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2].
أيُّها المسلم: إننا نسمع عن قصص أولئك، وما يروِّجونه من الباطل، وما يقولون ويدَّعون خداعًا للناس، ومن أتاهم يومًا؛ تكرَّر إتيانهم مرار، فهم –والعياذ بالله– يخدعون الناس، ويجعلونهم يتعلَّقون بهم، ويثقون بهم، وهم والله ليسوا محل ثقة، ولكنهم لصوص الأموال، ومفسدوا العقيدة والأخلاق.


أيُّها المسلم: كن واثقا بالله وراجيًا من الله الشفاء، ونبيك يقول: (إنَّ الشيطان ينفر من البيت الذي تُقْرَأ فيه سورة البقرة)، ويقول: (اقرؤا البقرة؛ فإنَّها بركة، ولا تستطيعها البطلة)، يعني: السحرة، فهم لا يلجون على بيت معمور بالخير والقرآن والصلاح، ولا يلجون إلَّا عند أرباب الفجور والفساد، فلنكن على حذرٍ منهم ومن دعاياتهم ومن أفكارهم، لا نروِّج لهم، ولا نيسِّر أمرهم، بل يكون موقفنا موقف الحق عداء لأولئك وبغضًا لهم ولأحوالهم الشيطانية المبنية على الكذب والدجل والتقرب للشياطين ودعائهم من دون الله، يقولون أقوالًا سيئة وأكاذيب، وأراجيف فهم لا خير فيهم.
فاتقوا الله أيُّها المسلمون، واحذروا أولئك الأعداء، وكونوا على ثقة بالله في كلِّ أحوالكم.


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمدلله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحبُّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعد:
فيا أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إنَّ الله يقول: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وإنَّ الرُّقية بالقرآن والمأثور من سنة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- خيرٌ وشفاء لمن أراد له الله الشفاء.
أيُّها الإخوة: أيُّها الرقاة، يا من يرقي مرضاه، ويقرئون عليهم، أُحبُّ أنْ أوجِّه نصيحةً لكم، وأحذِّركم من كثيرٍ من الأخطاء التي ربما تقع من بعض مُدَّعي الرُّقية؛ فعليهم تقوى الله في أنفسهم، ومراقبة الله في أحوالهم كلِّها، عليهم أن يتقوا الله في أنفسهم، ويتقوا الله فيما يزاولونه من الرُّقية، عليهم أن يبتعدوا عن الكذب والدجل، عليهم أن لا يُنْزِلوا أنفسهم منزلةً فوق حالهم، فيدَّعون أنَّ لهم كرامات ومنزلة رفيعة، وأنَّهم يستعينون بالمسلمين من الجنِّ ليحققوا لهم أهدافهم، ويشخِّصوا المرض الذي يدَّعونه، فلتجتنبوا هذه الخرافات كلَّها.
عليكم بتقوى الله في تعاملكم مع المريض، فلا تحمِّلوه من المال ما لا يستطيع، ولا تُدْخِلوا عليه الأوهام والوساوس، فربما تزيدوا مرضه مرضًا، إنَّ بعضهم إذا أتاه المريض قال فيك من كذا من الأمراض ما فيك، ولو كان خِلْوًا منها، لكنه يزيده بلاءً إلى بلاءه، ووجعًا إلى وجعه، ومرضًا إلى مرضه؛ ليتعلَّق بهذا الدَّجال الكاذب الأثيم.
اتقوا الله في محارم المسلمين، فعاملوا النساء بالعدل والإيمان، واتقوا الله في المرأة المسلمة، فلا يحلُّ لك مسَّ جسدها، ولا يحلُّ لك الخلوة بها، ولا يحلُّ لك كثرة التحدُّث بأمرٍ غير واقع ولا مقتضىً له.
تأدَّبوا بآداب الشرع، فإيَّاكم والخلوة بالنساء، وإيَّاكم والاتصال بهن لغير ضرورة، وإيَّاكم وسوء الأخلاق، ولا تستغلوا تلك الرقية لأمورٍ تخالف الشرع، اتقوا الله -جلَّ وعلا- في كلِّ الأحوال هكذا يجب، أمَّا أن تُسْتَغل هذه الرُّقية لبعض الأمور السيئة، أو بعض انحرافاتٍ خُلُقية وسلوكية أو مطامع زائفة، أو أكاذيب وأراجيف، وتوجيم للمرضى وزيادة بلائهم على بلاء؛ فهذا غير لائق بالمسلم فلنتقي الله في أحوالنا كلِّها.
أيُّها المسلم، في عهد محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- نفرٌ من أصحابه نزلوا بحيٍ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فلم يضيفوهم، لُدِغَ سيد ذلك الحي، بحثوا عن كل علاجٍ، فلم ينفع، فقالوا: لو جئنا لأولئك النفر لعلَّ عندهم علاجًا، فأتوهم، فقالوا لهم: إنَّ سيدنا لُدِغ، فهل من راقٍ منكم؟ فقالوا: استضفناكم، فلم تضيفونا، ولا بد من جُعْلٍ بيننا وبينكم، فاتفقوا عليه، فجاء ذلك الصحابي الجليل وماذا عمل؟
قرأ فاتحة الكتاب: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، يقرأ، وينفث على المريض، فما استكمل الفاتحة إلَّا وقد نُشِط ذلك السَّيد من عقاله، وقام سليمًا لا بلاء به ولا مرض، ونفع الله بهذه الرقية -بهذه الفاتحة أمِّ الكتاب-، مع صدق المتكلم، وقوة ثقته بالله، فإيمان الراقي وقوة ثقته بالله لها أثرٌ بلا إشكال، فأعطوهم ما أعطوهم، فامتنعوا حتى يأتوا النَّبي فيسألوه، فقال: (ما الذي أدراك أنها رُقْية؟ اقسموا واضربوا لي معكم بسهم) صلَّى الله عليه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


فلنتقي الله في أنفسنا، ولنبحث عن القرآن والأدوية النافعة المؤثرة، ولنبتعد عن هذه الخرافات والأكاذيب، وكم من بعض من يرقي المرضى يعطونهم من الأدواء والأعشاب ما لا يعلمون حقيقته فكم أضرُّوا الناس بكثير ممَّا يصفونه من الدواء؛ لجهلهم بحقيقة ذلك، فلنتقي الله في أنفسنا، ولنتعامل بالصدق والوضوح في كلِّ أحوالنا.
اللهم اشفِ مرضانا وعافي السقيم منا، إنَّك على كل شيء قدير.


واعلموا رحمكم الله أنَّ أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وشرُّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، وصلُّوا رحمكم الله على عبد الله ورسوله محمد، كما أمركم بذلك رب العالمين: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين...
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأرسنال من الألف إلى الياء !!1 Real Madrid is the Best رياضة و شباب 1 02-28-2009 10:18 AM
قصة خوفي من الحب.... اكوس وحدة أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 11-20-2008 11:25 PM
اسمع الباكستاني بيشيلون طياره ما عندهم مشكلة بــو راكـــــان أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 6 08-20-2007 01:51 PM
لاينتصرون الابخير عندهم وشر فيكم dijla نور الإسلام - 6 04-10-2007 12:29 AM


الساعة الآن 05:03 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011