عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > ~¤¢§{(¯´°•. العيــون الساهره.•°`¯)}§¢¤~ > أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه

أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه هنا توضع المواضيع الغير مكتملة او المكرره في المنتدى او المنقوله من مواقع اخرى دون تصرف ناقلها او المواضيع المخالفه.

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2009, 01:38 PM
 
روايات سعوديه كامله

روايات سعوديه روايه سعويه روايات سعودية رواية سعوديه الروايه السعوديات الروايات روايات رويات سعوديه الروايات الروايه الرواية روايه روايات

إرادة رجل

الفصل الأول



كانت جالسة قدام المرايه تتأمل عينوها اللي فيها معاني لازم ما يشوفها أحد. ناظرت لصورة أختها المنعكسة على المرايه وهي منهمكة في قراءة كتاب تاريخي و حست بقلبها ينقبض يوم سمعت صوت أخوها اللي أصغر منها وهو يسأل أمه عنها .تجاهلت هذا الإحساس الغريب ورجعته لضيق اللي تحس به داخلها. دخل عليهم أخوها ناصر بابتسامته المعهودة اللي ما تفارق وجهه
" لينا الوالد يبغاك "
رفعت عبير رأسها عن الكتاب وقالت
" أخيراً يا آخي!! من ضيفكم الثقيل هذا ؟؟ "
أبتسم ناصر وقال
" علمي علمك أنا عني هاذي أول مرة أشوفه فيها "
" أجل خلني أروح أسولف مع أبوي "
" لا يا عبير أبوي يبغي لينا لحالها "
ابتسمت عبير وقالت
" أيه رجال يجي يزورنا ويروح بعدين أبوي يبغي لينا لحالها؟ بس خلاص واضحة "
ما علق ناصر مثل ما كانت عادته مع أنه كان صاحب ظل خفيف ولسان عذب لكن الحين اكتفى بالابتسامة لأخته.رمت لينا فرشاة شعرها بمزح على أختها وقالت
" بلا سخافة, بعدين لا تنسين أنك ألكبيرة يعني يمكن يقول لي أكلمك بأسلوبي الخاص بعد الخطاب اللي رفضتيهم "
تغير وجه عبير 180 درجة .خصوصا إنها بدت تقلق من هذا الموضوع من كثر اللي طلبوها. هي رسمت لنفسها رجل معين وما تبغي غيره. ما كانت تفكر في شخص مستحيل أو يكون أسطورة في صفاته لا أبدا, ما كان لها غير شرطين الدين والخلق. لكن متى يتقدم لها هذا الشخص؟! اللي تقدموا لها أغلبهم إما دين بلا خلق أو العكس .أندمت لينا على اللي قالته لأختها وطلعت مع ناصر بسرعة عشان تروح لأبوها. قامت تسأل نفسها ليش عبير تبكي في كل مرة إذا فاتحها أبوها في مثل هذا الموضوع؟! مع أنه ما كان فيه شيء رسمي إضافة إن أبوها قد قال لهن بعد وحده من نوبات البكاء لأختها عبير أنه ما راح يزوجهن من دون رضاهن. وهذا زرع الطمأنينة في قلوبهن بعد ما كانت كل واحده تتوقع أن والدهن المتمسك بالعادات والتقاليد بيرفض أنه يزوجهن من واحد ما هو من قبيلتهن فضلاً على أنه يكون ما هو ولد عمهن و بعدين قالت لنفسها
"إلا صحيح ليش لازم هو اللي يفاتحنا في الموضوع مهوب أمي؟"
ما كانت لينا تعرف هي كانت تحاول تلقى مبرر لأختها عبير؟ أو إنها تحاول تهدي قلبها وتسليه اللي للحين منقبض؟؟! طيب كيف لو كان الأمر يخصها وش بتسوي ؟ هل بتعامله بطريقتها المعروفة بلا مبالاة وتأخذ الموضوع بغير جدية وقتها أبوها بيفهم أنها يعني رافضة الموضوع. فجأة حست بخوفها يزيد وهي تفكر إنها بتقابل عيون أبوها وهو يقول لها الموضوع وبشكل مباشرة .بدت وكأن جسمها يتكهرب من الموقف كله في النهاية قررت أن كل هذا ما يهم لأن والدهم صار أكثر تفهم و ما راح يقنعها بشيء ما تبيه مثل ما سوى مع أختها الكبيرة هيفاء اللي زوجها من دون رضاها مع أن أختها الآن سعيدة مع زوجها وتحبه كثير لكن لينا ما تبغي يصير نفس الشيء معها أو حتى مع عبير. وفي محاولة أخيرة منها عشان تبعد القلق بدت تشغل ذهنها وقالت لنفسها إنه ما هو بالضرورة يكون أبوها طالبها عشان يكلمها في هذا الموضوع و ما هو بالضرورة إن زيارة رجال تعني كل هاذي الأمور. كل ما فيها إن أبوها صلى العصر في المسجد والتقى برجال يعرفه أعزمه للقهوة وانتهت السالفة. التفتت لناصر اللي يمشي بجنبها ساكت وبدأت تتكلم معه وتعلق على عبير وتضحك لكن هو ناظرها بأخوة وعلى وجهه ابتسامة مجاملة و في داخله شعور قوي أنه يأخذ لينا بعيد قبل ما تدخل وتسمع اللي بيقال لها. زاد هذا من قلقها لأن هي وأخوها مرحين بشكل غير طبيعي وكثيرين حركة وفي الأحوال العادية ما تكون هاذي ردت فعله واستنتج عقلها أن فيه شيء لكنها بتتعامل معه بالطريقة المناسبة .هي قوية شخصية وقادرة تتعامل مع مختلف الظروف والأهم إنها تقدر تقنع أبوها بالشيء اللي هي ما تبغيه يعني ما له داعي كل هذا الخوف.حاولت تظهر إنها طبيعيه وما توقفت عن الكلام مع ناصر و أول ما حطت خطوتها الأولى ومشت مثل عادتها بسرعة جهة أبوها قالت بمرح يغطي توترها أو بالأحرى عشان أبوها يلغي اللي بيقوله
" سم يا أبوي قالوا تبيني "
تغير وجه أبوها شوي أما هي بداء قلبها يدق وكأنه في سباق ما هو منتهي منه و كان فيه شيء حولها غريب. هي ما كانت مع أبوها لحالها لا فيه ناصر اللي واقف عند الباب وانتبهت من زاوية عينيها اليسرى لشماغ أحمر ما انتبهت له يوم دخلت لأنها كانت لافه وجهها لأخوها ناصر. ألتفتت لرجال الجالس وهي تحسبه أخوها الكبير الوليد لأنه في مثل ذا الأمور يكون أخوها موجود لكنها أنصدمت بوجود رجال غريب يتأمل وجهها البيضاوي من عيونها الواسعة و انفها الناعم إلى فمها الحلو وكان الأكثر أثارة بنسبة له بشرتها البرونزية المشرقة و شعرها الكستنائي اللي طوله إلى أسفل كتفها. تداركت لينا نفسها و بسرعة تركت لرجليها القرار واتجهت للباب لكن ناصر كان واقف قدامها ومسكها ومنعها من أنها تطلع . ما عادت تفهم شيء ويا كود لقت صوتها وقالت
" ناصر وخر فيه رجال أبغى اطلع! "
" أستني يا لينا بتفهمين كل شيء الحين "
قالت بخوف
" الحين؟ أقول لك رجال ...."
قاطعها صوت أبوها
" بنت! "
بدأت الأسئلة تتسابق لرأسها واحد وراء الثاني وما لقت جواب لأي واحد منهم خصوصاً صوت أبوها اللي تغير واللي ما سمعته يوم يناديها بذي اللهجة. رجع لها صوت أبوها مرة ثانية
" التفتي وشوفي الرجال "
هذا كثير عليها عشان تستوعب الموضوع خصوصاً وأنهم ينتمون لقلب صحراء نجد ومن أشد الناس تمسك بعادات وتقاليد أجدادهم حتى القاسية منها و اللي نساها كثير في مثل ذا الوقت. فهمت من كلام أبوها أن هاذي هي النظرة الشرعية قبل الزواج لكن هو ما كان يؤمن بهذا أبداً بدليل أنه زوج أختها من دون نظرة شرعية طيب وش اللي تغير الحين؟؟ ثم حتى وإن كان هذا جيد من جهة إن أبوها صار يؤمن بالنظرة الشرعية لكن كان لازم يأخذ موافقتها قبل كل شيء. كان لازم إنه يسألها عن رأيها بعد ما يطرح عليها صفات الرجال اللي تقدم لها. قام أبوها من مكانه وطلع ولده ناصر وصك الباب وراه ثم مسك بذراع لينا عشان تلتفت لرجال الجالس لكنها ما طاعته وارفضت إنها تلتفت وظلت مصرة أن ظهرها يظل ناحية الرجال الغريب ثم قالت بهمس لأبوها وفي عيونها احتبست دموعها
" بس أنت ما كنت ترضى بالنظرة الشرعية وش غير رائيك الحين؟! "
كان على وجه والدها قناع جديد ما شافته قبل اليوم و قال لها بحدة
" وإلى ها الحين ما أرضى فيها "
للحين ما فهمت بما أنه ما يؤمن بالنظرة الشرعية إلى الآن كيف سمح لها تدخل على رجال أجنبي عنها؟ عقدت حواجبها و ناظرت باستفهام لأبوها اللي أنكرت وجهه وهو يقول
" هذا زوجك أمس العشاء كتبنا كتابك عليه "
كان وقع الكلام قوي عليها ولا زال صداه يتردد في رأسها وله رنين بيفجر أذنها. كذا؟! من غير مقدمات تتزوج و من دون علمها. كان صوته جاف وهو يقول لها الخبر صوت قاسٍ خال من أي عاطفة. ما فهمت أبوها ولا راح تفهمه أبد. قالت معترضة أكثر من كونه سؤال
" وش قلت؟! "
قال وهو مغتاظ من طريقتها
" اللي سمعتيه التفتي لزوجك عشان يشوفك "
ما عرفت وش صار لها صحيح إنها مرحة نشيطة كثيرة الحركة لكن عنيده و قوية وسريعة في انفعالاتها ولها إرادة حديدية . حست لينا إنها نار تحترق جفت الدموع من عينها وزادت حدت نظراتها لأبوها ما راح ترضى باللي يصير لها أبد وما راح تسكت على اللي سواه فيها حتى وإن كان أبوها, هذا ما يعطيه الحق يتصرف بحياتها المستقبلية من دون استشارتها و بمثل ذي الطريقة البدائية. نست كل شيء حولها حتى ذاك الرجال الساكت اللي ما تعرفه إلى الآن واللي يقولون أنه زوجها ونست أن اللي واقف قدامها الحين هو والدها وغاب الخوف ورهبة الموقف من نفسها حتى خجلها من الرجال الجالس تبخر كل شيء تغير لأن بركان خامد انفجر و بيصهر كل من يوقف في وجهها صاحت في وجه أبوها بصوت مرتفع تنفي كل ما قاله لها قبل شوي
" ما هو زوجي ولا أنا ما خذته واللي يصير يصير "
شدد قبضته على ذراعها يهددها
" التفت ولا تفضحيني عند الرجال "
لكن هي نفضت ذراعها من يده
" ما أنا بملتفتة والفضايح مهوب أنا اللي اخترتها وأعلى ما بخيلك أركبه"
حاول أبوها يسيطر على نفسه من تصرف بنته الغير لائق
" لا ترفعين صوتك علي أنا أعرف الرياجيل وأعرف اللي فيه مصلحتك أكثر منك "
رفعت صوتها المخنوق أكثر وكأنها تسمع العالم
" بس هذا ما يخليك تزوجني وأنا ما أدري هو أنت اللي بيتزوجه ؟ "
قطع صراخها يد أبوها اللي صفعت خدها وخلت جسمها يرجف من الغضب .الحين وبعد ما لطم وجهها رجع لها شي من عقلها و حست بحرارة تقتحمها وبمرارة ظلمها تخنقها. هي أخطأت على والدها حتى وإن كان هو أساء لها بتزويجها من دون علمها بس هذا ما يعني إنها تسيء الأدب وتتجاوز الحد وتعالج الخطاء بخطأ ثاني. قال أبوها وهو واصله معه
" و أرفعي صوتك في وجهي مرة ثانية"
كان تهديد واضح منه أما هي بدت تفتش في شخصيته الجديدة هل هو أبوها اللي دللها أكثر من أمها؟ وين نظراته الحنونة ؟ وين صوته العطوف ؟ وين ابتسامته الأبوية ؟ ما فيه شيء من هذا أبدا؟ وبقي شيء واحد تشوفه قدامها أنها فقدته بتهورها. أقل شيء ما هو قدام الغريب كان المفروض إنها تأجل الموضوع وتكلم أبوها وتستلطفه عشان يخلصها من ذا الزواج اللي ما تبيه, و لأنها تعرف مدى حبه لها أكيد بيسمعها. لكن الحين شافت الحدة والغضب على ملامح وجهه واللي كانت هي من رسمها بتصرفها. حاولت تجمع أفكارها وقوتها وتشجع نفسها اللي انهارت ما يكفيها فاجعة زواجها حتى تخسر أبوها . قال أبوها بعد ما رجعت يده لجنبه
" عرسك بعد ثلاث شهور في بداية أجازة الصيف "
قالت في نفسها بما أنها خسرت كل شيء وخربته هي بنفسها فما فيه مشكلة من المحاولة مرة ثانية وما راح توقف عن محاولاتها أبد و بتستخدم كل الطرق عشان تنتهي من ذا الكابوس. كانت بتفتح فمها إلا أن الرجال الساكت قد قام من مكانه وقرب منهم حتى وقف وراها على بعد مسافة قليلة وقال
" إن سمحت لي يا أبو الوليد لينا الحين صارت زوجتي ولا أحب أن أحد يمد يده عليها طالما أني صرت ولي أمرها والوصي عليها "
التفتت له لينا بحده هاذي هي المرة الأولى اللي أقدرت فيها تناظر له مع أنها ما بينت ملامحه بسبب دموعها اللي للحين ما نزلت من عينها لكنها أدركت إنه أطول منها ولأنها نست إنها فوق أرض نجد ناظرته بجرأة و واحد من خدودها زايد حمرة عن الثاني من الكف اللي أخذته . ثقتها اللي تزعزعت كأنه رجع شيء منها ولازم تقوم ولو بمحاوله بسيطة ترجع شيء من كرامتها المهدورة قدام هذا الشخص فصرخت في وجه هذا الثاني وقالت وهي ترفع يديها بعصبية قدام وجهها
" أسمع لا أنا زوجتك ولا أنت ولي أمري فاهم ؟ شايفني وش أقول من اليوم ما تسمع؟"
مد أبوها يده مرة ثانية من وراها لكن الرجال اللي قدامها مسكها بيدها وبعدها عنه ومرت يد أبوها في الهواء. حاول أنه يمسكها من ذراعها بيأدبها لكن الرجال حال بينه وبينها . خبت وجهها بين يدينها لأن عينها ما قدرت تحتفظ بدموعها أكثر من كذا كان هذا أسوء شيء توقعته أنها تذوق طعم الذل في حلقها وهو يحميها من أبوها اللي معصب من أسلوبها الطفولي وسمعت صوته الرجولي الهادئ وهو يحاول يهدي أبوها
" قل لا أله إلا الله يا أبو الوليد "
" لا إله إلا الله محمد رسول الله "
" ما عليه يا أبو الوليد هد أعصابك وأمسحها في وجهي ها المرة "
" ما عليك من كلامها جاهلة ما تعرف وين مصلحتها "
" إذا ما عليك أمر يا أبو الوليد أبغى أكلمها لحالها عشر دقايق "
ناظر له أبو الوليد بحده لأنه ما كان بيقتنع أنه ينفرد مع بنته حتى مع عقد الزاوج اللي يجمعهم فقال الرجال
" من بعد أذنك يا أبو الوليد كلها كلمتين وأمشي ما راح أطول "
واضح أن الرجال نجح بإقناعه بكلماته القصير لأن أبوها هز راسه وقال
"طيب"
ثم التفت لها وقال
"أسمعيني لا تقلين أدبك على الرجال لا يجيك ما جاء جدي عوض "
طلع وتركها وراه مع الغريب اللي التفت لها وحاول يأخذها من ذرعها يجلسها لكنها بعدت عنه. قاومت دموعها ومسحتها عن وجهها بسرعة ومثل عادتها أخذت نفس طويل لضبط أعصابها يمكن تقدر تفكر بوضوح لأن هذا ما هو وقت البكاء. قدامها ليل طويل على مثل ذي المهمة وما قدامها غير عشر دقائق بس عشان تقوم بتجربة ثانية تخلصها من هذا الشخص اللي فرض نفسه عليها أو بالأحرى فرضه عليها أبوها. تكلم الرجال اللي قدامها
" أجلسي يا لينا "
ناظرت له بحده وقابلها بنظره هاديه وقال وهي يأشر بيده للمجلس العربي
" استريحي وما راح يصير إلا اللي يرضيك "
بيكون هذا أفضل لها لأن الطاقة في ساقها خلصت. مشت بعيد عنه و جلست على رجليها وضمت يديها لصدرها أما هو فاختار أنه يجلس قدامها وكان جالس على رجله اليمنى وناصب ساقه اليسرى و متكئ بذراعه عليها وقال
" طيب يا لينا الواضح لي أن أبوك ما قال لك شيء عن موضوع زواجنا "
لو كانت النظرات تقتل كان قتلته نظرتها له. هو ما يشوف وش قاعده تسوي من يوم دخلت؟ كمل وهو متجاهل ردت فعلها
" و زي ما قلت لك ما راح يصير إلا اللي يرضيك فأنا أسألك الحين والأمر راجع لك أنت تبيني ولا لا؟ "
من سؤاله السخيف اللي ما لقت له وزن أو قيمه صارت تشوفه الحين بوضوح. بشرته السمراء وانفه العربي المستقيم بأرنبته الدقيقة و فكه المربع اللي طلع عليه شيء من شعره و شكل ضلال خفيفة تتصل مع شاربه الخفيف كانت ملامح وجهه مع وسامتها تدل على قسوته خصوصا عند حواجبه السوداء المعقودة فوق عيونه الحادة ومع أنها اعترفت بجماله إلا أنه ما منعها تقول له باختصار
" لا "
تجهم وجهه وتحركت عدسات عينه يمين ثم شمال وكأنها عين الكترونية في رجل آلي ثم رجعت لوجهها مرة ثانية وهو يقول
" قبل ما تقولين لا لازم تصيرين في الصورة "
قاطعته بعصبية
" أي صورة أنت الثاني هو فيه أشين من أني اعرف أني متزوجة وأنا ما أدري؟! "
مر خيال ابتسامة سريع على شفايفه قبل ما يختفي وقال
" والله هذي غلطت أبوك وبعدين لا تقاطعيني وأنا أتكلم "
" وش شايف نفسك أنت أقول لك ما أبغيك فلا تقعد تخربط علي بكلامك الفاضي"
" ماشي أبعذرك الآن لأن أعصابك مشدودة وأنتي مرتبكة وما تدرين وش تقولين لكن صدقيني فيه أشين مما تتوقعين يا لينا "
توقف شوي عشان تفهم كلامه ولاحظ أن اللي قاله خلاها تنتبه له و هي كانت تسأل هو فيه أسوأ من اللي صار لها اليوم من تزوجيها دون علمها وخسارتها لأبوها وأخرها الذل اللي ذاقته قال يقطع أفكارها
"أنتي مستعدة تسمعيني الحين والا أخليه في يوم ثاني ؟! "
"ما فيه شي أسمه يوم ثاني أخلص قل لي كل اللي عندك الحين "
" طيب أنتي عارفه طبعاً أن أبوك تزوج قبل سنة تقريباً من وحدة ثانية "
ردد عقلها كلمة لا ..لا مستحيل يتزوج أبوها بالسر من دون علمها هي وأهلها وهذا اللي قدامها يعرف و هم أهل بيته ما يعرفون شيء عن الموضوع ومن تكون اللي أخذها وحده من قريبات هذا الرجال؟ قالت في نفسها إن المهم ما تبين شيء قدام اللي ما تعرف أسمه إلى الآن وتستدرجه عشان تعرف وش عنده. قالت له بكبر كاذب:-
" وين الخطاء فيه هذا لا عيب ولا حرام و لا تصير المدام أختك بس و حنا ما ندري؟ "
ضحك شوي من سؤالها وقال
" لا لا ما هي أختي ولا وحدة من جماعتي ولا حتى من قبيلتي ارتاحي شكلك ما تدرين أنها من نفس قبيلتكم بس ساكنة في مكة "
هو وش يقصد ؟ يعني أنه من قبيلة ثانية ؟ غريب أن أبوها يتنازل عن أهم عاداتهم وتقاليدهم في الزواج بيوم واحد بس! وتعرف بعد أنه هو نفسه متزوج من دون علمهم . لكن وش تفسير كل هذا فقالت
" ممكن تختصر وتجيب من الأخر وش دخل زواج أبوي بوضعي أنا ؟ "
" أنا أقول لك أبوك الله يعطيه العافية تزوج قبل السنة الماضية وتدين من ناس كثير عشان يتمم زواجه من هذا عشر ألاف ومن ذاك عشرين المهم أنه طقطقها ألين صار عليه ميتين وخمسين ألف ريال وهذا كله عشان يوفر مصاريف الزواج والسكن من غير تغطية مسؤولياته إلى أخره......ما علينا من هذا كله المهم إن زوجته تركته بعد شهر من زوجهم وطلبت الطلاق وقعد هو فيها و الديانة بدت تطالبه بفلوسها وما كان عنده شيء وكان بعضهم ناوي يشتكيه لشرطة فا رحت لأبوك وقلت له أني بأعطية المبلغ كامل يسدد ديانته بس بشرط يبصم لي على ورق أنه يسددني بعد سنة و كان هذا يناسبه ومرت سنة وما سددني ويوم جيت أطالبه بفلوسي ما كان معه غير ثنين وخمسين ألف "
الآن صار كل شيء واضح بنسبة لها وإن صحت العبارة إن أبوها باعها, هذا أسوء من كونها مجبورة . ما كان فيه حاجة يكمل لكنها ما لقت الكلمة عشان توقفه فا كمل
" والدنيا ما هي مضمونه فقلت له أنا ما عندي استعداد أنتظر أكثر وعرفت أن عنده بنات فقلت له أنه يزوجني وحده منهم وتكون الخمسة والعشرين ألف ..."
"ما له داعي تكمل "
كان صوتها مخنوق وفي عيونها العسلية اشمئزاز واضح و ملامح وجهها تقلصت دلالة على قرفها منه. ما عادت تبغى تسمع أنه عفا دين أبوها مقابل أنه يتزوجها. هي كانت عند أبوها سلعة رخيصة إلى هاذي الدرجة؟ والا صفقة مربحة وقت الأزمات. عرف هو اللي تفكر فيه لأنه كان شيء بديهي فا كمل متجاهل اعتراضها
" لا تفهمين غلط بنعتبر هذا المبلغ مهرك "
فتحت عيونها على أتساعها هو قاعد يستغفلها؟. تغيير الأسماء ما يغير من حقيقة الشيء و لو كانت في غير وضعها هذا كان قالت أن هذا غباء. هو الآن يا يمزح معها أو أنه يستخف فيها وهذا الأكيد؟. ناظر في عيونها العسليتين وتأمل أهدابها السوداء الكثيفة واللي بللتها دموعها و كمل كلامه
" هذا إذا كنت موافقة تتزوجيني ؟ "
"و إذا أنا ما أوافق عليك ؟ "
رفع حواجبه وقال
" عادي أروح للمحكمة من بكرة وأجيب لك ورقة الطلاق "
كأن ملامح وجهها بدأت تلين شوي لأنها بتخلص منه أخيراً لكن رجع و أتقلص أكثر يوم قال
" بس هاه بالمقابل بأرفع قضية على أبوك أنه ما سدد ديني "
قالت وكأنها بتصرخ
" كيف؟ "
" أجل وش توقعتي مني أكون مؤسسة خيرية أعاون الفاشلين في زواجهم و الا قالوا لك مشروع أبن باز الله يرحمه "
" لا بس عطه فرصه يجمع لك حقك ..."
أشر بيده بحركة نافيه يقطع كلامها وهو يقول
" لا لا لا أنا عطيته فرصة سنة وبعدين لا تنسين أن أخوك الوليد ضابط برتبة نقيب يعني كان ممكن خلال السنة أنه يدبر المبلغ بالراحة عموماً هاذي أمور عائلية أنا مالي دخل فيها أنا ما علي إلا من اللي يخصني فا وش قلتي "
" على؟ "
"يا تتزوجيني ويصير أبوك مع أمك وإخوانك أو تقعدين بينهم ويروح هو لسجن "
ناظرت له بكره و فتحت فمها بترد لكنه سبقها وقال
" أنا ما قاعد أضغط عليك أنا بس قاعد أوضح لك الوضع عشان ما تلوميني بعدين ومثل ما قلت لك من البداية أنا بسوي أللي أنتي تبين وفي النهاية ما يصح إلا الصحيح "
قلبت الموضوع في عقلها ما راح ترمي بنفسها وتسوي وكأنها بطلة تنقذ العائلة ولا راح تمثل دور البنت اللي تضحي بحياتها مع إنسان كرهته من كل قلبها لغطرسته. ألخطاء خطاء أبوها وما راح تكون هي اللي يدفع ثمن ذي الغلطة لكن وش بيكون ردة فعل أهلها وكيف بتتحمل نظرات الاتهام في عيونهم؟ يوم تنطق أنها هي سبب أبعاد أبوهم عنهم بأنانيتها والشيء الأهم قلبها هي اللي ما راح يعرف الراحة في كل الطريقين. كل الأمرين سيئ بنسبة لها لكن ليش أختارها أبوها؟ ليش ما كانت عبير اللي تاخذه؟ هي أكبر منها ويمكن تتفهم الموضوع أكثر منها أما هي ما تقدر تتحمل ها الشيء أبد فقالت له بيأس
" عطني وقت أفكر "
"معك وقت تفكرين بس أعرفي إن أنا ما عندي وقت أنتظرك طويل "
" أخر الأسبوع أعطيك خبر "
"لا لا أخر الأسبوع طويل يا لينا "
"طيب بعد ثلاث أيام "
بتحاول فيها استعطاف أخوها الوليد اللي أنكرهم بعد ما تزوج بسبب زوجته السيئة لكن اللي قدامها قال
" أسف بس متأخر بنسبة لي "
أسألته بقرف وبدون صبر
" أجل كم تعطيني؟ "
" قبل ما أطلع من هنا "
"كيف؟! ما يمديني أفكر صح وأشوف إذا كان ...."
"تقدرين تلقين طريقة تسددين فيها الدين غير الزواج ؟ "
"تقريباً "
"قلت لك أني انتظرت طويل ها الدين والحين بما أني مو متزوج أبغى يا حقي يا الزواج وما عندي غير كذا "
"أنت قلت تبي حقك خلاص نبي نحاول نعطيك إياها بس عطنا وقت "
"كيف أقساط؟ والا تبين تعلقيني على ألفاضي؟ لو أدري أن فيه أحد بيسلف أبوك يمكن أقبل أوكي بس الكل عارف وضعه وإن راتبه التقاعد يا دوب يغطي على أهل بيته الشيء الثاني هو كان من المفروض أني أتزوج قبل سنه لكن في ظروف منعتني وأعطيت أبوك فلوسي وألغيت زواجي "
" و تبغى تعوض خسارتك بذا الزواج ؟ "
"أنا ما قلت كذا أنا عرفت أنه ما ألي نصيب فألغيته وبعدين أنا الحين صار عمري واحد وثلاثين و بصراحة ما راح ألقى نسيب أفضل من أبو الوليد مع أن أخوك الوليد كلام الناس عليه كثير بس ما هو مهم أبوك مشهود له بالمراجل و.....على فكرة عشان ما تظلمين أبوك اللي مدللك هو كان قال لي أخذ أختك عبير بس أنا ما بغيت إلا أنتي "
هذا شيء جديد! أبوها حاول يبعدها عن هذا الزواج؟ وليش أصر هذا على أنه يتزوجها هي؟ قالت تسأله
" ليه؟ "
قيمتها العدسات السوداء الالكترونية و شافت أعلام الكره في عيونها فقال
" ما أدري يمكن عشان فيه ناس أمدحوك لي؟! ما رديتي علي قبلت والا أمشي ترى ما عاد بقي معي وقت "
فكرت شوي بعقلها الوليد وعلى ضخامة راتبه اللي يستلمه شهرياً ما فكر حتى بتسديد الدكان اللي يطلبهم مائتين ريال بس! فكيف يكلف عمره بمبلغ مائتين وخمسين ألف؟. الشيء الأخر أن هذا أللي ما له أسم قال أن أبوها حاول يجنبها هذا الزواج وهذا ترك قلبها يلين أكثر حتى إنها ندمت على إنها رفعت صوتها عليه. والثالث والأهم أنها متعلقة بأبوها بقوة وما راح ترضى تشوفه ولو ساعة واحدة بالسجن ويمكن ما تسامح نفسها لو أنه وقف قدام القاضي عشان فلوس عجز يسددها وكان ممكن إنها تساعده. أبوها أللي له هيبته وكلمته في مجالس الرجال ياخذونه الشرطة عندهم ويعلم الله كيف بتكون حياتها بدون ما تشوفه؟. بس هذا ما يعني أنها بتوافق على الزواج من هذا الإنسان الكريه اللي وين ما اتجهت ما تلقى قدامها إلا خيارين ما لهم ثالث إما إنها تتحمل ألإهانه مع هذا الشخص ويبقى لوالدها مكانته وسمعته وهيبته عند العرب أو....... حتى ألتفكير في العواقب صعب عليها فقالت بحقد واضح
" موافقة "
" ممتاز اتفقنا أجل "
ناظر لجيبه ومد يده يطلع منه قلم و لاحظت إنه في أصبعه البنصر خاتم فضة بفص بيضاوي كبير لونه رمادي يتخلله موجات بيضاء خفيفة واللي أنسلت من بينها موجة بنية محمرة وكأنها شعلة نار يلتف حولها الدخان وأثناء ما هو مرخي عيونه انتبهت لكثافة رموشه و طولها واللي زادت من جاذبيته مع ظلال الشعر اللي على عوارضه وأثناء ما هي تتأمله مسح وجهه بيده ومررها على حواجبه ثم داعب طرف أنفه واستقرت يده عند ذقنه وكأنه يفكر في شيء يبغى يقوله ثم فجأة رفع رأسه يناظر لها ومباشرة أندفع اللون الأحمر يزحف حتى غطى وجهها. أنتبه لهذا الشيء و قدر حرجها منه فسألها وهو مبتسم
" أنا أخذت رقم جوالك من الوالد ما فيه ورقة عشان أكتب لك رقمي "
ما عاد لجلوسها الآن أي ضرورة بعد ما فهمت أن حياتها كلها انقلبت مثل ما يبغى ذا الشخص. فقالت بحده
" ما هو ضروري "
رفع حواجبه وقال
"أدري أن ما هو من عاداتكم أن اللي يكتبون عقد زواجهم يكلمون بعض بس إحنا عندنا عادي وممكن يزورها بعد في بيت أهلها يعني تعتبر فترة يكون كل واحد عرف أفكار الثاني قبل الزواج"
" وأنت بتفرق معك أصلاً؟ "
" ليه ليكون ما تبين تكلميني؟! ترى من الآن أذكرك يا لينا أنا ما أجبرك على شيء الموضوع للحين بيدك وبيكون هذا أخر نقاش فيه "
" هو أنت أساسا تركت لي خيار ؟ "
"شوفي ما أعتقد أني ضربتك على يدك عشان تقبلين فيني, المهم أنتي على الأقل عارفه أسمي والا؟"
" تستهبل معي أنت؟ من دخلت ما عرفت حتى نفسي "
أبتسم وهو يقول
" خلاص .خلاص طيب لا تعصبين أسمي راكان. راكان بن محمد الـ ( ....) وأتمنى تستخدمينه بدل أنت أللي ما لها محل و شغلي في مجال البرمجة وهندسة الكمبيوتر والباقي بتعرفينه عني في اتصالاتنا "
ثم مد يده ومسك الجريدة اللي على الأرض وقطع منها ورقة صغيرة وكتب عليها رقم جواله وأعطاه لها وابتسامته للحين على وجهه
" سجليه في جوالك عشان تعرفين أنه أنا اللي أدق و.......شكلي طولت و أخاف الوالد الحين يزعل فا ممكن تنادينه أبغى أسلم عليه قبل أمشي "
وقفت ووقف هو بدوره وتركها تمر من قدامه وهو يتأمل قامتها ودقة خصرها .

----------------------------------------------------------------

الفصل الثاني

جلست لينا على حافة سريرها وهي معصبة من كل شيء حولها من أبوها اللي حطها في هذا الموقف و زعلانه من أخوها اللي تخلى عنهم و من نفسها لإنها قبلت بوضعها. ما كانت تتوقع إنه في يوم يصير لها مثل هذا . يمكن بسبب كلام أبوها اللي فقدت ثقتها فيه بعد اللي صار معها لو إنها أجبرت على الزواج من راكان لأن أبوها أعطى له كلمه كان أهون عندها من إنها تكون مقابل مبلغ كان دين عليه. بدت تتذكر كيف إنها كانت تدعم صديقتها نفسياً يوم زوجها والدها من دون رضاها وعرفت إن القول أسهل من التطبيق بس في كلا الأمرين فيه اختلاف لأن صديقتها ما أجبرت عشان مقابل تزوجته لأنه أبن صديق أبوها والشيء الثانية إنها ممكن تحب زوجها مستقبلاً وتتكيف معه لأنه ببساطة ما يعرف إنها مجبورة على الزواج منه وهذا بنسبة لها فرق جوهري. أما هي فعلى العكس من كل هذا أجبرت بمقابل والمصيبة إنه شاف ردت فعلها على الموضوع بكبره وحتى لو انه ما عرف بينظر لها على إنها إنسانة تافهة يوم رضت فيه وإنه أشتراها بفلوسه . فكرت أنه على الأقل هذا أمر انتهت منه الآن لأنه عارف فكرتها عن الوضع كله لكن بالمقابل هذا يعني إن حياتها بتكون جحيم معه و بيذلها بعد العز اللي هي فيه لكن كيف بتكون ردة فعل الوليد يمكن ما يكون ميئوس منه إلى ذا الدرجة هو برتبة نقيب في أمن الطرق وهذا يعني أن راتبه يتجاوز الأربع أو الخمس عشرة ألف في الشهر يعني يقدر يساعدها وأكيد أنه يدخر له شيء في البنك مع كل ذي السنين لأنه مهما يكن هم من دم واحد وعمر الظفر ما يطلع من اللحم زي ما يقولون وهي بتحاول معه. ما راح تهتم للي قاله هذا الركان وبتطلب من أخوها العون وإن شاء الله ما يخيب أملها لكن كيف لو صار العكس؟ هي ما سمعت الصراخ اللي صار بينه وبين أبوها و كان فيه الوليد عديم الذوق تماماً جارح في كلماته قاسي في نظراته ومع إن أبوها أظهر صبره لكن في الأخير طرده من البيت لأن الوليد كان يتعمد يأذي الجميع عشان يرضي زوجته و رجعت لذهنها كلمه سمعت أبوها يقولها وهو يتحسر على الوليد
"ربيته عشان يساعدني وهاذي أخرتها أللي في القلب واحد "
كان واضح أنه هذا شيء جرحه لكن هو يكابر قدامهم .قالت في نفسها أن أبوها تحمل الكثير وهذا أكبر ألم يحمله لأنه مع كل اللي صار هو للحين يذكر الوليد ويتصل به ويتودد له مع أن المفروض الوليد اللي يعتذر لكن أخوها عديم القلب في كل مرة يطلب فيها والدها منه المعونة يكرر ويردد على مسامعهم
" أنا ما لي دخل "
" والله ما أحد قال لك حط نفسك في الدين وأنت عارف أن ما معك شيء "
الآن تذكرت كل ذيك المحاولات في سداد الدين ...البحث عن من يسلفه... أدوات البيت اللي يتم تسجيلها ولا تدفع إلا في أخر الشهر إن توفر المبلغ أو من مكافأة أحمد وناصر... طريقة الوليد القاسية وهو يرد في كل اتصال
" ما عندي شيء "
حتى حفظت هاذي الكلمة عن ظهر قلب وكانت تردد دايما في نفسها
" الحمد لله أننا ما نحتاجك لك "
هل كان أبوها غارقاً في الدين من ذاك الوقت؟ وهذا يتناسب مع اللي قاله راكان ...عنفت نفسها بقوة عشان ما تبكي وهي تسأل ليش يتزوج طيب؟ إذا زوجته مخلصة له لطيفة ودودة ومطيعة عياله من حوله أولاد وبنات باستثناء الوليد اللي أصلاً كان يدور عذر عشان يبعد عنهم, كل شيء حوله ما نقصه شيء من دون ذكر الفلوس اللي كانوا يقتصدون في مأكلهم ومصاريفهم عشان لا يثقلوا عليه و هاذي هي أخر تضحيتهم أنه يجمع ويتدين و يفكر في الزواج ويا ليت الزواج كان ناجح تقول أنه في احد استفاد! الزواج كان فاشل والديون تراكمت إضافة لتزويجها هي ككبش فداء للعايله بسببه.والمصيبة إنها تعرف كل هذا من الرجال اللي بتتزوجه وتتصنع قدامه إنها على علم بزواج أبوها قالت بصوت خفيف مسموع
"و خزياه ".
تأملت في وضعها إن كانت هي نفسها أقسى من الوليد يوم سمحت لطبعها البركاني أنه ينفجر في وجه أبوها و فضحته قدام الرجال. أبوها اللي ما عمر أحد يشوف عينيه إلا ويرخي طرفه مهابة له تجي هي وتنظر له بتحدي وترفع صوتها اللي شوي ويفجر أذنه .هو حاول أنه يجنبها هذا الزواج ما قال راكان كذا؟ لكنه في النهاية زوجها وصدمها بالخبر هزت رأسها بيئس وهي تفكر في هذا الشيء. الوضع يختلف بينها وبين الوليد هي لو تملك مال الدنيا ما بخلت عليه به لكن حياتها صعب؟! ابتسمت بحزن لأنها كانت دايما تكرر إن أبوها هو حياتها. أخيراً وبعد التفكير الطويل قررت إنه إذا ما ساعد الوليد أبوها بتنسى أحلامها اللي بنتها مع مرور الزمن وترضى بالأمر الواقع.

انتبهت لمقبض الباب وهو يفتح وسألت في نفسها كيف نست تقفله يوم دخلت. هي فاضيه لعبير الحين ولا هذا وقت للنكت ناصر ومزحه ولو كانت أمها فهاذي مشكلة أكبر . تفاجئت إن اللي دخل أبوها ونظرته الحادة للحين في عينيه دخل للغرفة وقفل الباب. كان والدها في الخمسينات من عمره يتميز بطول واضح و شخصية مهيبة قوية ومع أن الشيب كان منتشر في شعره إلا أنه للحين يتمتع بقوة جسمه وملامح وجه حادة ما ورثها أحد منهم إلا أختها هيفا. سحب أبو الوليد كرسي الزينة و جلس قدامها أما هي فكانت تذكر نفسها أنه مهما يكون يظل هو والدها و لازم تتعامل معه بأدب وهذا تركها تحس بوخز الدموع في عينيها لكنها نهرت نفسها وبدت تكرر
" أنا قوية ...أنا قوية وكبيرة وقادرة أتعامل مع الوضع"
أثناء ما هي تحاول السيطرة على أعصابها ما كانت منتبهة إن في عيونها نظرة عتاب له فقال بهمس
" لينا يا بنتي الزواج قسمة ونصيب و راكان رجال ...."
قاطعته
" ليش تزوجت؟ "
ناظر لها أبوها ما هو مصدق إنها عرفت فقالت قبل ينكر أو يتهرب
" يوم انك عارف أن ميزانيتك ما تغطينا ليش تتزوج؟ وفي النهاية ما تقعد أسبوع وتهج اللي ما عرف منهي وتورطني أنا !!"
كان صوتها متحشرج مثقله الألم والهم فهز أبوها رأسه باستسلام وقال
" عاد اللي صار صار وأنا أبوك ولو أني ما سألت عن راكان وطلع رجال ما كان وافقت عليه "
" و ما لقيت غير تزوجني؟ ليه ما رحت للوليد وقلت له ما أظن أنه شين لذا الدرجة وما يفكر فينا "
"الوليد داري بكل شيء من البداية وكان رافض حتى يساعدني في زواجي حتى يوم طلقت الثانية وطلبته يساعدني يسدد الدين قام يتشمت "
"وقال لك كلامه ألمعروفه ما عندي شيء ولا يقول لك مثل العادة إنك ما تعرف تخطط "
سبقها لسانها بذي الكلمة القاسية اللي دايماً يقولها الوليد لأنها كانت في قمة انفعالها وما تقدر تسيطر على نفسها إذا عصبت. شافت وجه أبوها يتجهم ثم شوي وتلين ملامحه ورفع لها عيونه اللي احمرت .والدها اللي كان دايما من هي صغيره مثلها الأعلى كانت تشوفه صانع العجائب كان بطلها اللي يحميها ويحافظ عليها و القادر على تحقيق كل شيء تتمناه ما شافته يوم ضعيف وما شافته يوم مستسلم كانت معجبة فيه لدرجة ما تشوف أحد غيره لكن الحين تشوف لمعان دموعه بسببها. قامت وقبلت رأسه وهي مختنقة بدموعها وتقول
" السموحه يا أبوي والله ما قصدت "
مسك يديها وطلب منها ترجع لمكانها ثم قال
" إن كنتي ما تبين الزواج من راكان قولي لي وأنا أخلص كل شيء لكن الله يشهد إن راكان رجال "
هاذي هي الفرصة ترجع لها من جديد لكن النهاية أنه بيصير بعيد عنهم. ثم وين الفايده فيه؟ هي أخذت صدمه وحده وتعذبت فيها وتعبت نفسيتها وما هي مستعدة تتعرض لصدمه ثانية تعيشها بألم جديد وهم ما يوقف من غير تأنيب قلبها اللي ما راح يستريح . قررت وهي تتأمل عيون أبوها أنها تتزوج بذا الراكان لأن أملها في الوليد خاب و بتشوف كل يوم سجنها بنفسها ويبقى أبوها في بيته معزز مكرم. على الأقل ما فيه أحد يعامل أولاده مثل أبوها كانت تضحك وتنكت وأحيان تعلق على أبوها وما كان يزعل كانت تقدر تناقشه عادي وهو يتحمل انفعالاتها هي وإخوانها كان مثل الصديق لهم كلهم مع أن غير عائلته ما كانوا يقدرون يسوون الشيء نفسه معه. لدرجة صاروا زميلاتها يقولون إن هم ما يحترمون أبوهم ما كانت هي وأخوتها مثل معظم البنات اللي تنزل القهوة عند أبوها وتروح ما تجلس معه كانت تناقش وتطرح مواضيع وتحاج وترفض وتبدي رأيها عودها على الشفافية وأنه ما تكون في حواجز بينهم. قالت في نفسها وهي تشوف أبوها قدامها ينتظر ردها أن هذا ما هو حق تعبه معهم إنها في النهاية تجحد معاملته الطيبة وتعب تربيته لها بمثل ما سوى الوليد فقالت له وهي ترفع أكتافها
" اللي تشوفه يا بوي هماك تقول أنه رجال أنت أبخص "
هي كانت تثق بنظرة والدها وحكمه في الرجال مع إنها حالياً نست معنى ذي الكلمة في أي شيء يتعلق بأفعاله و زواجها يعيد وضع زواج هيفاء وبصورة أشين من قبل لكن في قرار نفسها تعرف أن أبوها ما راح يتركها وناصر وأحمد أخونها اللي يحبونها ما يتخلون عنها أقل شيء لو بمشاعرهم وهذا اللي هي متأكدة منه. قاومت نفسها لا تبكي أكثر وهي تشوف نظرته الحنونة رجعت له يكفي إنها أرجعت تنطق بعاطفته الأبوية حواجبه المرتخية سماحة وجهه و وقاره كل هذا يرمز لرحمته وحنانه هي تعرف مع كل اللي صار أن لها أب عظيم ما يملك غيرها مثله. هو أبوها وأخوها وصديقها وغلطة منه ما تنسيها خيراته. حب أبوها اللي للحين عينه حمر أنه يبدل ها الجو الكئيب فقال يمزح
" متأكدة أنك موافقة يا لينا؟ "
ولأنها تعودت على الشفافية مع أبوها قالت بصدق
" أيه متأكدة وهذا قراري أنا وما لأحد تأثير علي فيه ولا تقعد تقول إنه عشانك ولا من ها الخربيط هذا اختياري أنا يعني لا صار شيء مستقبلاً لقدر الله لا تلوم نفسك "
قال وهو مبتسم يجاملها
"الله لا يقدر لك إلا الخير. وإنك قبل شوي صجيتي العالم و أزعجتيه وبغيتي تأكليني عند الرجال "
ابتسمت من بين دموعها وهي تقول
" دلع بنات وبعدين شفته أميليح يعني حليو ما عليه كلام من الناحية الشكلية فغيرت رأيي"
كان أبوها عارف إنها تحاول تخفي حزنها بأسلوبها المرح و الأفضل أنه يتركها الحين لأنها ما عاد تقدر تمسك نفسها أكثر من كذا. قبل رأسها و هي خجلت من نفسها لأنها المرة الأولى اللي يقبل رأسها. أجتاحها شعور مؤلم في نفسها لأنه ما هو بالأمر السهل أنه يكون من هو أكبر منك سن والأولى باحترامك وتقديرك أنه يقبل رأسك و كأنها رسالة اعتذار لك عجز يعبر عنها بلسانه .قال أبوها قبل يتركها وهو حاط يده على راسها
" الله يوفقك ويسعدك ويسترك يا بنتي قولي آمين "
قالت من بين شفايفها من دون ما تصدر صوت
" آمين "
طلع وصك الباب من بعده ووقفت هي وقفلت الباب قبل ما يدخل أحد ثاني. ناظرت في غرفتها ونزلت دموعها على وجهها من غير توقف فمسحتها بيدها وقالت تروح عن نفسها
" أصحي يا لينا ولا تقعدين تسوين لنفسك فيلم هندي "
اتجهت للمراية تشوف وجهها كانت هاذي طريقتها في التخلص من الدموع في البداية تبكي شوي ثم تبدءا تتأمل عيونها وبعدها تنتقل إلى أسنانها ثم تشغل نفسها بترتب شعرها وتمسح أنفها بالمنديل وكذا شوي شوي و ما هي إلا دقايق حتى تنسى ليش كانت تبكي وهذا يرجع لطبيعة نفسها اللي تحب السعادة والأمل وتكره الحزن و الوحدة. بعد ما مسحت عيونها بمنديل و اختفى الاحمرار منها بدت تشوف وجهها و تسأل ليش أصر راكان على الزواج منها؟ هي ما لها بشرة بيضاء و شعر أسود و لا تعرف هل كانت بنسبة له جميلة هي بنسبة لها ولثقتها بنفسها كانت مقتنعة إنها جميلة وإن بشرتها البرونزية تكسبها جاذبية خاصة لكن ما تدري عن رأيه هو فيها؟ ثم ليش ما أخذ عبير؟ عبير عكسها تماما لها بشرة بيضاء وشعر أسود طويل يصل إلى أسفل خصرها وإن كانت ما تختلف عنها كثير بالملامح لكن هذا السؤال ظل عالقاً في ذهنها وكلامه أن الناس يمدحونها ما دخل مخها لأن الناس يثنون على عبير أكثر منها خصوصاً إذا رجعوا لقضية أن عبير تتحمل المسؤولية وفنانة في الطبخ وتعرف كيف تستقبل الناس وتقدر تدخل في المجتمعات بسهوله عكسها تماما. هي ما تتحمل المسؤولية و لا تعرفها وما تعرف من المطبخ إلا أسمه ولأنها دايم مع أخوانها الشباب كل سوالفها تقريباً شبابية وتهتم بالسيارات مثلهم لكنها تختلف عنهم في إنها تكره متابعة الرياضة وخصوصاً كرة القدم و إذا جاهم جيرانهم يا تكون مع أخونها أو تجلس في غرفتها أو تكون مع الحريم ساكته وما أحد ينتبه لها يعني بالعربي من اللي يعرفها وبعدين قبيلة راكان من جنوب المملكة وهي من نجد فمن وين سمع بها ؟ لا يكون من طرف جارتهم أم خالد لأنها هي الثانية من الجنوب من منطقة أبها بس فيه بعد أم سعيد وهي من الباحة. مسكت راسها لأن المشكلة أن كل الثنتين من نفس القبيلة ولا يقربون لبعض. يا ترى هي أي وحده فيهم؟ والأهم من كذا مستقبلاً كيف بتتكيف مع عائلته وعادتهم وتقاليدهم مختلفة عن عاداتها وتقاليدها اختلاف السماء عن الأرض؟ من وين بتعرف طريقتهم في حفلات الزواج أو الصباحية أو حتى وش الشيء اللي ينقدون ويعد عيب عندهم وش الشيء المستحسن؟ ما راح يجاوبها على كل أسئلتها إلا صديقتها شمس. بس وين؟ اليوم الخميس وشمس وعائلتها مع أهل أخوانها المتزوجين طالعين للاستراحات كالعادة في أي عطلة أسبوع وبكرة الجمعة و تشك أنه بيكون لها خلق تكلم أحد لأن عندها كويز في درس المسرحية اللي أخذوه يوم الاثنين. ما عندها حل إلا يوم السبت تقابل شمس في الكلية وتقول لها على إنها تزوجت. ابتسمت وهي تتخيل وجه شمس اللي ما راح تصدق و بتزعل أنه ليه ما قالت لها من البداية لكن ما تقدر تقول لها الحقيقة لأن الموضوع يخص عائلتها و راكان ما يخصها لحالها و أكيد لو فضفضت لشمس بيتضايق أبوها فما لها إلا أنها تدبر كذبة محترمة. دق باب غرفتها فما ردت عليه لينا ورجعت تجلس على سريرها وهي تسمع صوت عبير
" لينا أفتحي الباب ... لينا ... لينا "
لا ما راح تفتح لعبير أبداً لأنها عارفه أنها بتتفلسف وتجيب لها التاريخ العربي كله وبتزيد همها اللي تبي تنساه وترتاح منه. شوي و تسمع ضرب أقوى على الباب و صوت ناصر يستهبل
"لينا ... لينا أفتحي الباب لا يكون زعلانه مني ما لك هم أدخل عندك الحين وأدغدغك لين تقولين بس يا الله أفتحي "
شوي إلا صوت أحمد
"ما فتحت لكم أفآآآآآ نونا أفتحي الباب يا بابا عيب تخلينا واقفين كذا طابور وكأننا سرا على المستوصف أنا بابا أحمد كبير العايلة في المرتبة الرابعة والضابط مستقبلا "
ناصر:-" تشرفنا معك الدكتور ناصر و ولي العهد من بعدك بس ترى على فكره الدلع اللي أنت جبته ما هو حلو"
صوت مشاعل
"خلاص يا عيال أتركوها أصلاً المفروض إن كانت بتزعل تزعل عليك أنت يا أحمد "
أحمد بنبرة تهديد:-"ليه وش سويت أنا؟ "
مشاعل :-"ترى بقول لها "
أحمد:-"عن؟ "
"عن ؟! أقول لك يا عمي يوم ملكوا تدرين وش سوى يا لينا .."
عض أحمد على شفايفه يهددها فقالت مشاعل
" لا ما فيه ما عندي أنا ما أستلم مكافأة مثلك يا حضرة الضابط مستقبلاً و توي في الثانوية وعلى المصروف فا عطني والا بقول "
ناصر متضايق منها:-"هيه هيه ابتزاز عيني عينك روحي وراك بس... لينا أختي أفتحي الباب قبل ما تجي أمي و تزفنا كلنا على غرفنا "
كانت لينا تسمعهم وهي تبتسم وتتخيل أخر يوم لها كيف تتركهم وتودع أيامها البريئة معهم بتترك الدلع والشقاوة وتبعد عنهم ويوم حست أن دموعها بترجع قامت من مكانها
عبير:-" أقول شكلنا ضايقناها؟ "
أحمد:-" محاولة أخيرة بس"
ناصر:- " أتركها علي لينا ترى معي برنجلز و....."
فتحت الباب وقابلتهم وهي ساده الطريق بجسمها كانت لابسه بلوزتها الوردية الملامسة لوسطها بنعومة فوق تنورتها الرماديه الواسعة وقالت
" خير يا أكبر مزعجين في الدنيا "
بعدها ناصر عن الباب ودخل الغرفة بسرعة و لحقه أحمد وقفز الاثنين فوق السرير وجلسوا وكل واحد يقول لثاني وخر ضايقتني أما لينا فضحكت على حركت أجسامهم الطويلة وهم مالين الغرفة
لينا :-" هيه هيه أرفقوا دمرتو الدنيا علي "
ناصر :- " لا ما عليك ترى خفيفين الأخ أحمد ذبحته تمارين الكلية شوفيه نحيف و جاي أسمراني وش حليلة "
أحمد:-" الحين أنا أسمراني يا اخي حرام عليك بشرتي حنطيه "
ناصر:-" ما فرقت الحنطي درجة من درجات السماره "
أحمد:- "لا يشيخ الحين الحنطي أسمر؟ "
قال ناصر وهو ياكل من البرنجلز
"أية نعم وأنا أشهد, ما يكفيك أني طالب في العلوم الطبية يعني أفهم في مواضيع البشرة و الشغلات هاذي "
أحمد :- " إذا أنا أسمر أنت وش؟ "
ناصر :- " شفت اللمبة عبير أنا مثلها "
أحمد :- "بسم الله على عبير منك يا ضب "
ناصر:- " أنا ضب يا الجربوع"
لينا :- " خلاص بس أزعجتونا تعالي عبير مشاعل اجلسوا بصك الباب ولو أني أشك بتلقون مكان مع ها الاثنين "
دخلت مشاعل وجلست على الكرسي حق المكتب الصغير وعبير جلست على كرسي الزينة أما لينا فوسع لها أحمد وناصر وجلست معهم على طرف السرير وهي تسأل
"أمي وينها ؟ "
مشاعل :- "جالسة مع أبوي "
أحمد:-" الحين هاذي من عازمها ما كأنها صغيرة تسمع اللي بنقوله؟ "
ناصر:- " المشكلة مو هاذي قل بتروح و تعلم أمي باللي نقوله ما على فمها سد .شوفي شعوله تسوين حركات مبزره قسم بالله أمسح بك الأرض "
عبير تجاهلتهم :-" هو وش اللي صار يا لينا؟ "
قالت لينا بيأس :- " ما صار شيء اكتشفت أن زواجي بعد ثلاث شهور يعني بداية الصيفية "
ويوم حس ناصر الحزن في صوتها مد عليها البرنجلز وهو مالي فمه منه ويقول
"عادي تصير في أحسن العائلات "
لينا:-" ما الي نفس "
ناصر:- " واحد يا بنت الحلال "
لينا :-" والله ما أشتهيه "
ناصر:-" والله لتاكلين منه يلله عاد أنا حلفت "
مدت يدها وأخذت قطعه أكلتها فقال أحمد بمرح ولا كأن الموضوع فيه مشكلة
"صحيح ذكرتيني مبروك يا عروسة "
الكل سكت يناظر له بلوم بعد ما عقدت لينا حواجبها فقال
" لا ما يصير عروسة تتقبل التبريكات بوجه معصب "
عبير:-"أحمد! "
ناصر يساند أحمد:-"هي ما هي زعلنه أن أحد يهنيها يا فالح بس أنت قلت مبروك وهذا أسم مفعول من برك والصحيح أنك تقول مبارك عليك يا لينا "
الكل التفت للينا واضح أن الضغط وصل معها فقال أحمد يغني
" يا ناس لا تزعلو لينو ترى اللي يزعله يزعلني "
وبدا ناصر يردد معه فقررت لينا أن الكآبة ما تسر أحد والموضوع انتهى خلاص فقالت لناصر
"عن الفلسفة يا سيبويه توك تقول أنك علوم طبية "
ناصر:- "أيه بس عرب "
عبير :- " وأنتي وش رايك بالموضوع؟ "
لينا باستسلام:-"حلوه وش رأيي هو بقى فيها رأي ملكوا لي وقالوا شوفيه وعرسك في الصيف و وافقت "
عبير:-" وافقتي على اللي صار وقافلة على نفسك الباب ومخوفتنا؟ "
لينا :- " وش تبيني أسوي أطمر وأرقص في البيت وأقول أعرست!...والا أقوم و أسوي مناحه وأخلي البيت كله يكره اليوم اللي جيت فيه؟ أنا زعلانه من طريقة الزواج بس. يعني لو قايلين لي من قبل كان أهون وبعدين أموت وأعرف الشيخ كيف قبل يملك لهم؟ "
مشاعل:-" أسئلي أحمد "
راح المزح عن أحمد وقال
"مشاعل قومي أطلعي برا "
مشاعل:-" ما راح أطالع غرفت لينا ما هي غرفتك "
أحمد كان على وشك يقوم وهو يقول
" والله ما أنتي طالعة لين أوريك شغلك أنا "
أمسكته لينا وهي تقول :-" أحمد أتركها ما حنا ناقصين مشاكل ونكد خلقة نفسي قافله"
بس هو ما سمع لها وصرخ على مشاعل :- " بتطلعين ولا كيف ؟ "
ناصر بتهديد :- " مشاعل وش تستنين أقوم معه يعني ... أطلعي برا لخليك تتفلين العافية"
مشاعل :- " خلاص طيب بطلع "
عبير :- " صكي الباب معك "
يوم أطلعت مشاعل التفتت لينا لأحمد وقالت:-" أنت عارف شي عن الموضوع ؟ "
أحمد:-" أيه "
ناصر قاطعهم:- " أنا اللي بقول لك "
لينا :-" و ليش أنت؟ "
ناصر:-" أنا بقول لك هو وش سوى لأني بخليه يقول لك أنا وش سويت كذا أسهل لنا "
لينا :- "شباب خلصوني تراه واصله هنا "
ناصر:- " طيب هذا يا طويلة العمر والسلامة يوم وقع الأخ راكان عطوا أحمد العقد على أساس يعطيك توقعين ودخل و وقع بدالك "
التفتت لينا لأحمد اللي قال يدافع عن نفسه:-"غصب عني يا لينا أبوي هو اللي قال لي ..."
لينا بعصبية:-" أبوي اللي قال لك رجال خط شاربك في وجهك وتقول أبوي اللي قال لك "
ناصر:-" لينا أهدي ترى حتى لو أحمد ما وقع كان أبوي اللي أخذ العقد وهو اللي وقع "
لينا بعصبية:-" يعني عارفين من قبل بس ما قلتو لي!"
عبير:-" أهدي يا حياتي أنت توك تقولين موافقة "
لينا بانفعال:-" كنت أتوقع انه ما أحد كان يعرف غير أبوي ما كنت أدري أن كلكم ما شاء الله عارفين إلا أنا! "
عبير:-" أنا ما دريت إلا قبل أشوي من أمي"
لينا :- " وأمي متى عرفت؟ "
عبير :- " قبل الملكة بيوم "
لينا تقول لأحمد وناصر:-" من عارف غيركم ؟"
أحمد :- " حنا الشباب بس "
هزت لينا رأسها ثم قالت:-" وأنت وش سويت يا ناصر "
أحمد :- " ناصر هو اللي تكفل بقضية الفحص الطبي لأن له علاقة بالمستشفى اللي سجلاتنا الطبية فيه وافتحوا ملفك الطبي وجهزوا أوراقك لأنك قبل أسبوع كنت رايحه تشوفين نتايج تحليلك لفقر دم "
لينا مخنوقة:- " ما هقيتها منكم "
ناصر :- " لينا صدقينا الموضوع أكبر مما تتوقعين "
لينا تستفهم :- " قد أيش عارفين عن ها الشيء؟ "
أحمد بهدوء:- "كل شيء من طق طق لسلام عليكم "
ناصر :-" عبير ممكن تروحين وتسوين لنا شاهي "
وقفت عبير وقالت مبتسمة :- " طيب ومتى تبيه في خمس دقايق والا بعد ساعة؟ "
أحمد :- " إذا خلص في العشاء بيكون أحسن "
عبير :- " ما تبين شيء لينا ؟"
لينا وهي تفكر بمشكلتها :-" لا "
طلعت عبير وصكت الباب فقال أحمد :- " لينا الموضوع أصلاً له قصة طويلة حدود السنة "
لينا :- " أدري "
ناصر مستغرب :- " وش دراك ؟ "
لينا :- " حضرة سموه هو اللي قال لي "
أحمد :- " راكان ؟ "
لينا بيأس :- " أيه ...بس كان المفروض قايلين لي من قبل أصير فاهمة الوضع ولا أنكم تحطوني في الصورة و أنصدم بكل شيء فجأة "
أحمد :- " شوفي يا لينا اللي صار صار و انتهى حنا مثلك تفاجئنا يوم قال لنا أبوي وما كنا نتوقع أن الموضوع ياصل لها الدرجة و رحنا للوليد وحاولنا فيه بس أنتِ عارفه... "
لينا :-" تكفى لا عاد تجيب لي طاريه "
ناصر :-" المهم يا لينا ترى ما أحد يدري بزواج أبوي غير أنا وأحمد والوليد وأنتي بس البقية ما يدرون فلا تقولين لأحد حتى البنات و لا حتى هيفاء مفروض تدري لأن لو وصل الخبر لأمي والله ما تمرح في البيت دقيقة "
لينا :- " أنت بتقول لي! "
أحمد :- " فيه شيء تبين تسألين عنه؟ "
لينا :- " أيه متى يا طويل العمر وقعت عني؟ "
أحمد يمازحها:- " يوم الأربعاء يوم أخذت التوكيل من أبوي وقعت عنك يعني أمس "
ناصر :- " شفتي أننا حلوين ما طولنا عليك الخبر توه طازج "
أحمد :- " أسئلة ثانية يا حضرة الأستاذة ؟ "
لينا بتعب واضح:- "أنت فاضي "
ناصر :- " ما كأن عبير نست الشاهي قوم يا أحمد شكلنا ربعنا في غرفة الآنسة "
فهم أحمد قصده فقاموا يطلعون و يوم وصل ناصر نصف المسافة أنتبه أن البرنجلز بيده قال
"أوه نسيت خذي كمليه عني "
حطه بيدها وطلع بسرعة أما أحمد وقف عند الباب وقال
" ترى سألت عنه قبل ما نملك له وقلبت تاريخه كله الرجال ما عليه قصور ارتاحي "
أخيراً طلع أخر واحد بقي في الغرفة وصك الباب وتركها وهي تناظر للبرنجلز بين أيدينها أرفعت عينها و شافت الورقة الصغيرة اللي مكتوب فيها رقم راكان على مكتبها الصغير مطوية مثل ما كانت عليه يوم أخذتها ...



الفصل الثالث



يوم السبت الصباح الساعة سبعة جلس في المطبخ لينا وأمها وأبوها وعبير و ناصر.أما أحمد فا راح لكليته يوم الجمعة الساعة ثمانية ونص ولا راح يطلع إلا الأربعاء وهاذي أخر سنة له في الكلية الأمنية و بيتخرج برتبة ملازم .أما مشاعل لحقت مدرستها مع أخوها التوأم مشعل وكلهم في مرحلة ثالثة ثانوي وكان للينا أخوان صغار سامي في المتوسطة وعبد السلام في المرحلة الابتدائية و اللي وصلهم أبوهم مدارسهم ورجع للبيت . أما أختهم عبير تخرجت العام الماضي من قسم التاريخ و تفكر أنها تحضر دراسات عليا بعد ما تأخذ هاذي السنة راحة. قال ناصر وهو يشوف ساعته
"يلله يا لينا قومي البسي عباتك أوصلك كليتك قبل أتأخر على جامعتي "
لينا :- " أوكي "
قبلت رأس أبوها وأمها وطلعت
ناصر:-" توصون شيء؟ "
أبو الوليد :- " الله يسلمك أنتبه في طريقك "
ناصر :-" إن شاء الله مع السلامة "

شوارع الرياض مزدحمة في مثل هذا الوقت و كان الجو بنسبة للينا كئيب على غير العادة. وقفت السيارة عند الإشارة و قال ناصر
" لينا عندك شيء المحاضرة الأولى؟ "
"لا, لا الأولى ولا الثانية"
" أجل ليش رايحه بدري؟ "
"لو ما رحت معك كان رحت مع الباص من صباح الله "
"كان خليتي أبوي يوصلك متأخر"
" لا أخاف يفتح معي الموضوع وتنسد نفسي على الصبح. أنت عندك شيء المحاضرة الأولى ؟ "
"عندي محاضرة بس تدرين خلينا ندج اليوم "
" لا الله يعافيك أنا عندي كويز الثالثة "
" ما يهمك بنزلك في الكلية قبل الساعة تسع يعني بتلحقين على الثانية و عندك off راجعي فيه للكويز "
"طيب أنت عندك محاضرة الأولى "
"غياب ساعة ما يضر بعدين الدكتور ما هو باللي يحضر "
" لا الله يخليك أنت باقي لك سنة وتتخرج والمعدل تراكمي فا شد حيلك "
"أيه بصير دكتور وأنا للحين أسوق سيارة العايلة "
"أحمد الله جيب فكس أر ما هو جمس بيكن موديل 77 و المكيف خربان و اللي من ندخل الحارة الكل عرف أننا جينا "
ضحك ناصر وهو يتذكر الجمس القديم وقال
" ميزة ذاك الجمس أنه عند الإشارة كل السيارات تهج من صوته يخافون أدعمهم "
سكت شوي ولا حظ شرودها وعرف إنها تفكر في موضوع راكان فقال مبتسم
" تدرين في نكته على الجمس يقول لك هذا بريطاني أسمه جمس بيكن قابل واحد أسمه لينو فقال له لينو أسمك أيش؟ قال مستر جمس بيكن فقال لينو يستهزئ ما هو مصدقه طيب أنا مستر جمس لينو "
قالت لينا بملل
"هاهاها ما تضحك "
"أدري لأني محرفها إلا كم باقي لك وتتخرجين "
"سنتين بتمام والكمال "
"لينا شدي حيلك ولا تخلين فكرة الزواج تأثر فيك "
قالت تقلد طريقة عبد السلام إذا ما فهم شيء
"إن شـــــــــــاء الله... إلا حنا وين رايحين؟ "
"ليه مستعجلة على الكلية؟ والا تبين الفكه مني؟ بنروح لكوفي شوب عمرك ما تحلمين بزيه ونأخذ لنا كوبين كوفي يقعدون روسنا عشان إنمخمخ على الصبح ونعرف نداوم "

وصلوا للكوفي شوب و شاف ناصر الزحمة عند خدمة السيارات فا نزل يشتري ويرجع لها .حست لينا بجوالها اللي كانت حاطته على الهزاز و لقت رسالة واردة أفتحتها و إلا هي من راكان

"صباح الحلم صباح النور صباحك آآآه ما يمدي أنا وحدي أتمتم …نور
صباحك غير صباحك خير صباح الضحكة لا طارت! ولا صارت !
صباح البسمه لا مست نسيم الصبح واحتارت !
صباح أحلى ..خطاويها أمانيها صباحي يومي أناديها
صبحي غير… بشعورك......"
وقفت عن القراءة وهي مكشرة وضايق صدرها. لمحت شكل ناصر داخل الكوفي و قررت ما تخرب اللي قاعد يسويه ناصر عشانها من الصبح ومسكت الرسالة وسوت لها إعادة إرسال و أرسلتها له. ما تدري كم بقت تستناه لين قطع تفكيرها ناصر وهو طالع من الكوفي و شايل في كل يد كوب كوفي وهو يأشر لها براسه تفتح له باب السيارة قال وهو يجلس مكانه
" يا حبيبي على الرقة على الصباح تسلمين على الرسالة الحلوة ما خبرت إن أحد فيكم ذكرني بالرسايل اللي تفتح النفس على الصبح ما غير أنا اللي طفرتوني من كثر ما أرسل بس الحمد لله جهدي ما راح عبث طلع فيه نتايج حلوه على كذا عطيتيني حافز أوصلك كل يوم للكلية"
" شفت أني أصيلة "
" أيه أصيل وأخت ارجال بعد "
"أيه أمدح نفسك "
"يا أختي حر بمدح نفسي بلاش ما على حسابك شيء وبعدين لا تراهنين الحين أنزلك عند الكلية وتشوفين ردت فعل البنات "
" وأنت الصادق عشاني أختك "
"بس ؟ "
" ليه في سبب ثاني؟ "
"يمكن يتقربون منك عشاني "
" يمكن من عارف "
" ألا ما قلتي لي زواج شمس قبلك والا بعدك "
ارتبكت لينا لكن هي كانت مجهزة جواب من قبل لمثل ها السؤال
" للحين ما حدد زوجها بس ما أتوقع يتزوجون السنة ذي"
ما قدرت تقول له أن شمس طلبت الخلع من زوجها محمد قبل زواجها بشهرين لأن شمس وصتها ما تقول لأحد أبد قال ناصر
"الله يتمم لهم على فكرة قلتي لها إنك ملكتي؟ "
"لا اليوم بقول لها "
أضحكت بكآبة وهي تقول
"تتوقع تصدقني؟ "
" ما أدري بس انتبهي لا تقولين لها عن كل شيء . أعرف أنك أنتي وهي مثل التوأم وتعرفون بعض من زمان بس مهما يكون بعض الأحيان لازم يكون فيه خصوصية ولا تنسين اسأليها عن عاداتهم لأن راكان من نفس قبيلتهم لكن من فخذ ثاني "
بعد كذا غير ناصر الموضوع و بداء يقلب رأسها بمصطلحاته الطبية ثم طلب منها أنهم يتكلمون باللغة الإنجليزية عشان يختبرون مهارتهم فيها. وصلت لينا للكلية الساعة تسع إلا ربع وقبل تنزل من السيارة أرسلت لشمس رسالة إنه إذا كانت فاضيه تنتظرها عند قاعتها. مشت لينا متجهه لقاعتها وقامتها مشدودة بثبات واستقامة وهي تاركة الزرين العلويين للبلوزة البيضاء مفتوحة لعنقها الجميل الملتف حوله خصلات من شعرها الناعم اللي تركته مايل بفرقة على جانب من راسها ومعلقة على كتفها شنطتها السوداء كل شيء حولها يجزم أنها واثقة من نفسها وحياتها مستقرة ومرتبة و منظمة بدقة من دون تعترضها مشاكل أو فوضى واللي أساسا كانت موجودة في داخلها من غير ما أحد يعرف عنها. شافت لينا صديقتها شمس واقفة مقابل باب القاعة ومتكئة بذراعها على السياج اللي يكشف على الساحة الداخلية للكلية ولأنها كانت متلخبطه من البداية وش بتقول سلمت عليها بحرارة غير معهودة فقالت شمس
"خير كل هذا مشتاقة لي! "
"شفتي قد أيش أحبك "
" هاتي من الأخر ما هو على شمس شايفتني أخوك عبد السلام "
استندت لينا على السياج بظهرها وقالت
" لا أبداً. توقعي اليوم في السيارة سألني ناصر متى زواجك و قمت أخبط وقلت للحين ما حددوا "
تدرج اللون الأحمر لخدود شمس وهي تقول
"يا فشيلتي كان قلتي له تراه بطي "
"على طاري الزواج بقول لك خبر خمني؟ "
"عبير خطبها واحد؟ "
"لا "
"غريب! هو فيه يعني سالفة زواج؟ "
"أيه "
التفتت لها شمس واللي كانت صاحبة بشرة بيضاء نقية أبرزها لون بلوزتها الأسود ولها طول معتدل لكن أقصر من لينا شوي.رجعت شعرها اللي صابغته أشقر عن وجهها ورفعت راسها وقالت
"و الله ما عاد بقي غير مشاعل لأن أنتي يئست منك"
"ليه وش قالوا لك؟ "
"أنا أدري عنك كل يوم تقولين ما جاء مجهول الهوية "
" طيب ترى الموضع يتعلق فيني "
شمس تناظرها بمكر
" صادقة؟ لا تخليني أفرح على الفاضي, أعرفك تعجبك ذي الحركات"
" لا ذي المرة جد "
شمس بحماس
"أحلفي؟ "
"والله "
شمس طارت من الفرح وقبلتها وهي ما هي مصدقة
"مبروك ألف ألف مبروك ومن هو عدنان زمانك ومتى تقدم لك؟ "
" هو ترى الموضوع خلصناه لأن الملكه كانت يوم الأربعاء "
" يا خاينه ألحين أنا كنت أعلمك بكل شيء أول بأول حتى لو بس أهلي لمحو لي أقول لك وأنتي تقولين لي بعد الملكه "
" هو كل شيء جاء بسرعة وبعدين أنا ما كنت حاسة أنه بيكون فيه شيء أكيد "
"حتى ولو؟ "
" هيه شمس ما هي حلوة أقول انخطبت وبعدين أقول خلاص هونت "
"وش معنى أنا اللي أقول لك كل صغير وكبير وأنتي ...."
قاطعتها لينا
" لا فيه فرق أنتي لو أخذت الخبر كان علمتي أهل بيتك كلهم أما أنا ما قلت لأهلي إلا يوم ملكتي وأخرتها يوم أنك تراجعتي و فركشتي الموضوع تركتي مهمة التغطية علي "
" أممم معك حق"
" أسألك شيء وتصدقيني ؟ "
"تفضلي "
" أنتي للحين متعلقة في محمد؟ "
" لا "
"أكيد؟ "
ناظرتها شمس وقالت
"أيه ليه ؟ "
مدت لينا رقبتها وهي على وضعها تشوف البنات اللي يمشون تحت عشان تهرب من عين شمس وقالت
"مدري عنك هذا رابع واحد يتقدم لك بعد محمد وترفضينه من دون سبب!"
" لا ارتاحي بس ما جاء مجهول الهوية على قولتك ...إلا على طاري مجهول الهوية حقك أخبر إن شرطك الوحيد فيه أنه يكون حنون هو حنون والا لاء؟ "
دارت لينا حول نفسها و سندت يدها اليمنى على السياج و ريحت راسها عليها و جت تفتح فمها بتتكلم أنه هي وش يعرفها؟ لكن شمس انتبهت للوقت من ساعة لينا و استأذنت بسرعة
"يهـوهـو دايم إذا وصلنا للمواضيع الساخنة تنقطع السالفة مع السلامة لينا عندي محاضرة الحين أقدر أشوفك اليوم؟ "
" ما أتوقع ما عندي off إلا المحاضرتين الأولى "
"خلاص أجل أشوفك بعدين وبيكون بينا اتصال سلمي على الأهل "
" الله يسلمك "
راقبتها لينا ألين اختفت عن نظرها ثم ابتسمت من فكرة إن راكان يكون حنون هذا من سابع المستحيلات. استرخت وهي تتأمل اللي يمشون في الساحة الداخلية هل فعلاً شمس صادقة يوم قالت لها إنها نست محمد ؟ كانت لينا دايما تتفق مع شمس في أمور كثيرة إلا في تخصصاتهم وقت التسجيل للكلية لينا اختارت اللغة الإنجليزية وشمس اللغة العربية. كان هذا هو الفرق الوحيد في اهتماماتهم وإضافه على الخمس سنوات صداقة بينهم هذا كله خلاها تفهم شمس وتعرف وش ممكن تفكر فيه. رجعت بها ذاكرتها لمنتصف السنة الأولى لهم في الكلية. وقتها شافت لينا إن شمس كثيرة سرحان وأفكارها توديها يمين وشمال فقالت وقتها
" أيه اللي ما خذ قلبك يتهنا به "
ابتسمت لها شمس وما ردت قالت لينا
" أقول شكل السالفة جد من سعيد الحظ هذا اللي أمه داعية له بأخر الليل؟ "
" واحد ما يقرب لي "
" أنا كنت أمزح والبنت عطتنياها على وجهي كاش. أوكي يا شمس أزين و ازينين بعد أنه ما يقرب لك وش المشكلة؟ "
" ما فهمتي "
" فهميني شكل أستاذة الفقه كملت معكم درس الخطبة اليوم "
"وهذا اللي ذكرني في الموضوع "
" والله شكل القصة على أخر طراز حمستيني تكلمي "
" هدي لا تحمسين والا شيء لأنه ما فيه كثير ينقال فيه واحد يقرب لزوج أختي الأول ومن كثر ما تمدح فيه عجبتني شخصيته يعني فعلاً تحسين أنه مختلف "
" يا حبيبي على الأفكار بالله سلمي لي على أخوك عبد الله وقولي له يعطيك على دماغك هذا ضربة تعدل وضعه "
"لينا أنا ما أمزح "
"أوكي وأنا بعد ما أمزح أنا ما أقول أنه فيها شيء الوحدة تعجب بشخصية إنسان محترم خصوصاً أنك تقولين عنه مميز بس أني أشغل تفكيري فيه هنا الغلط لأن أولاً أنتي تقولين ما هو قريب لك وكأنك تقصدين أنه ما يدري عنك أو يمكن تقصدين أنه ما فيه أي أمل أنك ترتبطين فيه خلاص أجل يا أختي أنسيه "
" يا حياتي الموضوع ما هو كذا بس "
"أجل؟ "
" قبل فتره كان عندهم عشاء وعزمونا و شفته قدام باب بيتهم يرحب بضيوفه ومن ذاك اليوم عجزت أنساه "
" لا يا قلبي تقدرين و تو الموضوع في بدايته و نصيحة من أخت لا تربطين نفسك بأوهام وإذا تقدم لك في ذيك الساعة عاد أحلمي زي ما تبين وأنا بساعدك "
ابتسمت شمس بحزن وقالت
"المشكلة الشيبان موزعين الزوجات على كيفهم. من يوم الناس أطفال وهم مسوين إعلانات إن فلان لفلانة وفلانة لفلان وقليل من الشباب اللي خالفهم وأولهم ولد أختي فهمهم أنه لا أحد يدخل في حياته بس عندوا فأخذ شهادته ودخل أرامكوا يقول أحسن له يبعد عنهم لين يفهمون أنه رجال وإذا تخرج بيأخذ البنت اللي يبي"
" رهيب يعجبني هذا عرف يتعامل معهم "
"أيه بس شوفيه هبل فيهم تخرج الآن له ثمان سنين وكل ما خطبوا له وحده وشافها قال ما تناسبني "
"يوه شكله مرة شايف نفسه "
" والله ما تصدقين أمه وأبوه يوم اسمعوا شروطه التعجيزيه أحلفوا ما يتدخلون عقب ما فشلهم عند الناس"
ضحكت لينا وقالت تمزح
"هذا علاجه أنكم تزوجونه من غير ما يشوف البنت وتحطونه في الأمر الواقع "
" لا هو مصر إن الشوفه من حقه والله ليعجّز ما أحد أخذه أمه تقوله إن البنت اللي وصفها بيلقاها في الجنة "
"ما عليك منه العيال يعرفون يدبرون أمورهم ومصيره يقتنع, أنتي أهم شيء لا تضيقين خلقك وترى حتى الشيبان عندنا زيكم بس ما يقولون فلان لفلانة لا يقولون فلانة مسماة لفلان وهذا أكثر ارتباط وأخرتها يوم كبروا الشباب كل واحد أخذ وحده غير اللي قالوها له ولا حسبوا لأحد "
" عاد هو بلهجتكم مسمى لبنت عمه "
ضحكت لينا غصب عنها وقالت
" معليش أسفه شمس ما قصدت بس لا يسمعونك ولا ذبحوك إحنا الرجال عندنا ما عمري سمعتهم يقولن أنه واحد مسمى لوحدة لأن كذا عندهم أنك تنقصين من هيبة الرجال يعني هم يقصدون أنه ما هو حكر على وحده "
"يوه على ذي العقليات المتخلفة بتجنني "
"طيب أنتي شفتي البنت اللي بياخذها... إلا على فكرة ما قلتي لي أسمه؟ "
" محمد "
"طيب أللي بياخذها محمد عاجبها الوضع؟ "
ما قدرت شمس تتكلم فا هزت راسها قالت لينا
" أها كذا الوضع أكتمل وهو أيش رأيه ؟ "
" ما أدري هم ما يقربون لنا عشان كذا ما ادري بس حسب ما سمعت من أختي أنه بيخطب الشهر الجاي وما أحد عارف من هي بس أنا ما أتوقع أنه يخالف أبوه و عمه "
"وكليها على ربك ولا تشغلين ذهنك والزواج قسمة ونصيب وما تدرين يمكن خيره أنك ما تأخذينه "
ابتسمت لينا لا شعوريا وهي تتذكر أنه بعد الشهر من جلستهم هاذي شافت السعادة بعيون شمس وهي تقول
"صباح الخير "
"صباح الورد الأخت متشققة من الفرحة فرحينا من دخلنا الكلية ما عاد نسمع أخبار حلوة "
"وش دراك أني فرحانة ؟ "
"وش دراني ؟ يا أختي بسم الله عليك إذا صرتي مبسوطة والنفسية تمام تصير بشرتك ثـلج و شفايفك تحمر أكثر من قبل بس إن كنت محزنه والهموم على راسك تصير بشرتك محمره وعاقده حواجبك و شفايفك الحلوه هاذي لونها شاحب وتقل عاصرين ليمون عليها ما قلتي لي وش مفرحك؟ "
" أنتي قولي "
" البنت تسحي لا تقول خطبك محمد "
قالتها لينا بمزح لأنها تعرف إن شمس ما عاد تتبع أخباره لكنها تفاجئت بشمس تعقد حواجبها
"أسفه شمس ما كنت أتوقع أنك للحين تفكرين فيه "
ضحكت شمس العالية لفتت الانتباه لهم وقالت
" اللي قلتيه صح "
"أشوى خوفتيني الله يرج بليسك ظنيتك زعلتي مني "
" هيه بنت أفهمي زين كلمتك الأولى صح"
" محمد خطبك؟ "
ابتسمت شمس لها وهزت راسها فضمتها لينا وباركت لها من كل قلبها وقالت
"من كان يتوقع والله حركاآآآآآآآآآت وكيف عرفك؟ "
" أم زوج أختي تصير خالته وكانت تذكرني وكذا اتصلوا فينا أمس يخطبون مبدأي يعني بيعرفون رأيي أول بعدين يجون يخطبون رسمي "
"لحظة لحظة زوج أختك لطيفة ما غيره "
" أيه الأول مو الثاني "
"ممكن تعطيني بالأسماء عشان أستوعب "
" ما هو المشكلة أن زوج لطيفة الأول أسمه محمد بعد "
"هاذي والله اللخبطه "
"شوفي هذا محمد وخلينا نقول طليق أختي أمه تصير خالة محمد اللي بيخطبني "
"أيه كذا فهمت طيب وش قالت لهم أمك "
" قالت عطوا البنت مهلة تفكر"
شهقت لينا بمزح
" يا مفتريه مزعجتني ذاك الأسبوع و مسوية مناحة وخفت تذبحين البنت اللي مسمينها له وأخرتها قال بتفكر! عطيني عطيني رقم أمك والا أقول أم محمد بالمرة أقول البنت موافقة من قبل ما تدقون "
ضحكت كل وحده بسعادة غامرة و بعد هذا بشهر خطب محمد شمس رسمي وكتب عقد زواجهم وحدد الزواج وكانت لينا تضحك أحيانا وهي طفشانه من كثر ما أزعجتها شمس بمحمد وصار كل كلامها عنه خصوصا وإن عادتهم تسمح له أنه يزورها ويجلس معها وهذا اللي ترك الاثنين يتعلقون في بعض لكن الغريب أنه قبل الزواج بشهور تغيرت شمس وصارت دايم متضايقة و متكدرة وكان السبب الرئيسي راجع لردة فعل قريبات محمد واللي ضايقوها بكلامهم و أفعالهم لأنهم ما يرحبون أبدا بزواج ولدهم من بنت غير بنت عمه فتعبت نفسية شمس ومع إنها تجاهلتهم إلا أن ألاكتئاب صار يسيطر عليها ويخنقها وهي تحاول تضغط على نفسها لأنها تحب محمد لكن في النهاية ما قدرت تتحمل و طلبت من أخوانها واللي أكبرهم أسمه عبد الرحمن إنها ما تبي تتزوج. عصب عليها كل أهلها وهاوشها وقالوا لها إن الزواج ما هو لعب توافق في يوم وتغير رأيها في اليوم الثاني لكنها أصرت على موقفها وبكت عند أخوها عبد الرحمن واللي تعاطف معها ورحمها واتصل بمحمد وقال له الخبر. وأكثر ما أعجب لينا في محمد صدقة و إخلاصه لأنه رفض لدرجة اضطروا يكلمون أعمامه واللي حاولوا يقنعونه لكن هو رفض بطريقة أقوى من قبل وتركهم في المجلس وراه وطلع. وظلوا شهرين على ذا الوضع وفي النهاية جابوا شيخ قبيلتهم وأعمام محمد وأخوله وأبوه وأخوان شمس واستحى محمد أنه يردهم بعد ما يأس من شمس اللي ما تركتها لينا يوم من غير ما تحاول معها وهي تسأل عن السبب لكن شمس ظلت على موقفها وبعد ما صدر الخلع من المحكمة ترجت شمس لينا إنها تقفل هذا الموضوع للأبد .

ضاق صدر لينا لأنها تذكرت كل هذا وفكرت في محمد اللي للحين ما تزوج وحالته صارت غير عن قبل وسألت الله أنه يجمعهم مرة ثانية .رفعت لينا ذرعها اللي أوجعتها من كثر ما سندت نفسها عليها وأنكمش وجهها للغبار اللي أثر في بلوزتها البيضاء. أنفضته عنها بضيق وهي تشوف بنات قاعتها جالسين على شكل مجموعات صغيرة متفرقة ويراجعون للكويز اللي بقى عليه ثلث ساعة .طلعت لها ربطة من شنطتها و أرفعت شعرها اللي كان منسدل على كتفها بحرية على شكل ذيل حصان و فضلت أنها تنظم للبنات وتدرس بدل الهواجس أللي ضيقت صدرها وما فارقت تفكيرها وهي تسأل عن الشيء اللي ينتظرها في مستقبلها القريب مع راكان...

------------------------------------------------------------

الفصل الرابع


"لينا ...لينا قومي صلي المغرب "
لينا متمددة على سريرها نايمه والتعب واضح عليها من دوام اليوم
"لينــــــــــــــا قومي الله يهديك "
سحبت لينا لحافها وغطت وجهها وهي تململ وأمها وقفه على راسها تصحيها وهي رايحة في سابع نومه ولا تسمع كلمة من اللي تقوله أمها
"بس أشوي الله يخليك خمس دقايق وأقوم "
"خمس دقايق ما هي مشبعتك نوم بسرعة قومي "
أخيراً فتحت لينا عيونها وتمددت بأقصى حد قدرته وهي تحاول تستوعب أمها وش كانت تقول
"طيب بقوم الحين "
" إذا صليتي و خلصتي تعالي أبغى أكلمك في الصالة "
"ليه خير فيه شيء؟ "
"إذا قمتي أقول لك يلله لا تأخرين "
"أوكي "
قالتها لينا وهي تتثاءب حاطه يدها على فمها وقبل ما تطلع أمها قالت
"لا ترجعين تنامين "
هزت لينا راسها أنها ما راح تنام لكنها حست بثقل في جسمها وأجفانها بدت ترتخي تدريجيا. بعدت ذراعها عن جبهتها وبتمهل أجلست عشان يطير النوم. ألتفت لساعة وكأنها ما تشوفها ثم قامت تستعد للصلاة . بعد ما انتهت لينا وغيرت ملابسها نزلت لأمها و لقتها جالسة لحلها تشرب شاهي. جلست لينا قريب منها وصبت لنفسها كاسه ومخيلتها تسترجع موقف أمها لما جت تواسيها وتسندها بعد ما أنصدمت بزواجها المفاجئ كانت ساعات ما حبت لينا تتذكرها فقالت لأمها
" وش فيه يمه؟ "
"أنتي الحين ما أنتي بصغيره وعارفه إن قدامك بكرة بيت ومسؤوليات ...."
قاطعتها لينا
"أدري والله أني عارفه بس وش تبيني أسوي؟ "
"أنتي ما تعرفين تطبخين ومن يوم ورايح أنتي اللي بتسوين العشاء كل ليلة "
فتحت لينا عيونها ومن غير ما تدري قالت بربكة
"هاه!"
" من قال هاه سمع واليوم أنتي اللي بتسوين عشانا "
" ما قلنا شيء أتعلم أطبخ بس ما هو كل ليلية أنا عندي دراسة "
" أبد المطبخ ما هو معطلك وبعدين هذا أهم من الدراسة "
كان هذا اللي خايفه منه لينا ومزعجها و أول شيء بدا يقلقها كيف بتتعامل مع الزيت الحامي قالت لينا لأمها
" خلاص أجل بس أول مرة لازم تصيرين معي "
" يوم بصير معك ويوم بتكون عبير "
"أها طيب اليوم وش أطبخ "
" الحين روحي للمطبخ وسوي قهوة وشاهي لأبوك "
ابتسمت لينا لها وقربت منها بدلال
"طيب وش مقدار السكر و ورق الشاهي وكيف أسوي القهوة ؟"
ناظرتها أمها بعصبية
" أمشي معي للمطبخ أنتي ما تنفعين في شيء غير الدراسة "
طاعتها لينا وهي ساكته شكل كل يوم بتاخذ لها علقه من أحد. هي تعرف أنها ما تقدر تدبر شيء وخصوصا في المطبخ. كانت أمها جالسة وهي ترشدها وتقول لها حطي وسوي وأحيان تعصب وتوبخ لينا أما لينا فما صدقت خبر إنها خلصت عشان تروح لغرفتها. دخلت عليها عبير وهي تضحك
"هاه كيف أول درس لك في المطبخ؟ "
" الله يرحم والديك بغت أمي تشوتني ببريق المويه بس الحمد لله النتيجة النهائية مرضية "
" وش بتسوين في العشاء؟ "
" والله شوفي أنا كذا كذا أكلتها فخليني أتعلم الحين وأخذها منكم بدل ما أخذها مستقبلاً "
"هذا الكلام السليم وأنا أنصحك أبدي في الأساسيات وبعدين الباقي بيصير سهل "
" أيه هي فيها أساسيات بعد؟ الله يخليك شوفي طبق لوجبة وحده في اليوم يكفي, عندي ثلاث شهور يعني اضربيها في ثلاثين يوم يصير تعلمت تسعين طبخة "
ضحكت عبير وهي تقول
" لا يا أمي شهرين بس لأنك عارفه ما أحد يخلي عروس تشتغل في الشهر اللي قبل زواجها "
"أوهو علينا، شوفي عبير من جد لا تقولين كلمة عروس هاذي تراها رافعة ضغطي "
" من عيوني بس ما قلتي لي متى تبدين تجهزين لنفسك ترى ما عندك وقت؟ "
لينا ما كنت مركزة معها فقالت
" أجهز لأيش؟! "
"يوه لينا أنتي علامك تخبصين باقي بتروحين لسوق تقضين من غير ما أذكرك أنك تفصلين فساتن الزواج من غير طبعاً ذكر الذهب اللي أنتي عارفه أنه أهم شيء عند الناس بنسبة لأي عروس ولا تنسين العطورات و الماكياج و حجز المشغل و أيش بعد يا ربي أنا نسيت شيء؟ "
قالتها عبير وهي تفكر أما لينا فكانت تسمعها بملل ولا هي متحمسة وقالت
" خلصت محاضرتك أستاذة عبير؟ "
" لينا أنا أتكلم جد ما عندك وقت خلصي كل يوم شيء عشان ما تنضغطين في دراستك "
"يا أختي أنا عجزت أستوعب أنا أدرس ولا أطبخ ولا أروح لسوق اللي يسرق الوقت سرق "
"هذاك قلتيها وبعدين لا زم تفكرين بموديل حلو يناسبك أيه صح تذكرت! فستان الصباحية أيش لونه وكيف بيكون تصميمه "
" يا راسي؟ "
" أنتي ما أنتي متحمسة؟ "
" متضايقة "
"شوفي في حل سهل و بيوفر عليك كل شيء خذي المهر وقسميه "
جمدت لينا مكانها تفكر في المصيبة الجديدة المهر؟ وعبير كانت تتابع كلامها وما هي منتبهة
" يعني مثلا هاتي كذا ضرف واكتبي على هذا للملابس والثاني للعطور والثالث الذهب وزي كذا وبعدين حطي في كل ضرف القيمة اللي تناسبه وفي كل أسبوع تأخذين ظرف و تطلعين لسوق عشان غرض محدد يعني قولي مثلاً يوم الخميس بتكونين مرتاحة ولا عندك دراسة و الشباب فاضين لك وعندهم وقت. أنا أشوف إن هذا حل منطقي لأنك بتصيرين منظمة وما تداخل أمورك "
قالت لينا تسايرها مع أن مشكلة المهر للحين شاغلتها
" طيب السوق والتجهيز حلينها المطبخ والدراسة! "
"حبيبتي أنتي مصعبة على عمرك المطبخ ما ياخذ وقت وغسل المواعين وتنظيف البيت عفيناك منه خليه علي أنا ومشاعل يعني ما عندك في اليوم غير ساعتين في المطبخ والباقي أدرسي فيه على كيفك "
" والله ما أدري وش أقول أنتي تسهلين الأمور بشكل ما هو طبيعي بس كل ما تذكرت إنها ثلاث أشهور قلبي ينط من مكان "
قالت عبير مبتسمة
"عادي كل بنت في وضعك تحس كذا "
" الله يسهل "
" طيب وش رايك أبداء معك اليوم في المطبخ لأنه واضح أن أمي متنرفزه منك وضغطها مرتفع "
" تسوين معروف و أبغى أطلب طلب سوي خير وعلمي مشاعل عشان ما يصير لها اللي صار لي "
" حبيبتي مشاعل ما شاء الله عليها تعرف الأشياء البسيطة اللي ما تعرفينها أنتي شاهي قهوة وأحسن شيء متفننة فيه الحلى "
" يا شيخه الحلى أكثر ما كثر الله منها في الكتب "
"على طاري الكتب روحي مكتبة جرير وأشتري لك كتب توعيك لأنه أنتي عارفه أمي ما تحب تتكلم مع أحد في ذي الأمور وتفهمه وبيني وبينك الكتب أحسن لك بعيد عن الإحراج "
" لحظة تبيني أروح مع مين يا حلوة إن شاء الله مع ناصر؟ "
" والله صدق مشكلة ...ما تقدرين تفرين منه كذا ولا كذا في المكتبة وتأخذينها "
" ما تعرفين أخوك أنتي رجله على رجلك وحتى لو قدرت أفر منه عند المحاسب بيمسكني "
"طيب يا حبيبتي هم يفهمون أنه هاذي أمور ضرورية يعني ما أتوقع يتضايقون أو يسوون شيء "
" لا يا أختي هم ما يقولون شيء بس أنا أستحي منهم "
" خلاص أجل لا تشيلين هم أنا بشوف لك حل المهم أنتي خلصي شيء من دروسك عشان تلحقيني في المطبخ بدري لأني أتوقع إذا ما لقطتك أمي هناك ما راح تعدي الليلة على خير "
"لحظة عبير بقول لك شيء إذا اتصلت شمس و سولفت معك عن موضوعي لا تقولين لها الصدق ترى قلت لها إن أنا أصلا كنت عارفه بس ما حبيت أقول لها إلا إذا ملكت "
رجعت عبير لمكانها وقالت
" إلا صدق لينا هو أبوي ليش سوى كذا حتى إن الرجال من قبيلة ثانية يعني حاجة ما تدخل المخ بصراحة؟ "
تذكرت لينا زميلتها اللي زوجها أبوها من أبن صديقه بس عشان أبوه فأخذت هذا عذر
" هذا عشان أبوه صديق عزيز على أبوي أعطى لهم كلمه وتعرفين عاد لا قالوا كلمة الشيوخ ما تنعاد "
" أقول لا تفكرين في الموضوع أهتمي بللي أنتي فيه الحين وركزي على الدراسة ترى الأدب الإنجليزي ما هو سهل "
وقبل تطلع قالت مبتسمة
" see you in the kitchen darling"
وصكت الباب ردت لينا عليها الابتسامة ثم جفلت من مكانها على صوت الجوال ومجرد شافت أن المتصل راكان قطعت الاتصال لكن رجع صوت الجوال يدق مرة ثانية فحطته في الدرج وسكرت عليه وبما أنه غير مزاجها عرفت إنه ما فيه أمل تدرس و لحقت عبير اللي تنتظرها في المطبخ ...

</SPAN> 29-02-2008, 11:39 AM
الفصل الخامس

اليوم التالي بعد صلاة المغرب
ناصر:-" لينا ترى راكان دق علي وقال بيجي "
"لا يسمعك أبوي "
"أدري هو ما هو فيه لكن أمي موجودة و بتذبحني لو درت أني بس أفكر أخليه يشوفك "
"ومن قال لك أني أبغى أشوفه؟ "
" عارف وهو بعد أصلاً عارف رأي أبوي لأنه كلمه! بس غريبة ليش بيجي هو ما قال لك؟ "
" أحد قال إني أكلمه ؟ "
" ليه هو ما يتصل عليك؟ "
"يدق بس ما أرد عليه "
"لا يا لينا كبري عقلك الرجال صار زوجك واللي تسوينه ما يسهل عليك حياتك معه "
" أفكر"
" أنتي لو تتركين عنك العناد و ألأفكار الغريبة ذي"
"أيه بس أنت ما فكرت ليه ما شفنا أحد من أهله أمه أو خواته عشان تنسق مع أمي وقت الزواج الواضح أن ما أحد منهم راضي "
دق جرس البيت فقال ناصر
" هذا راكان وسعي بالك أظن إن أهله في الجنوب عشان كذا ما حضروا "
"في شي أسمه تليفون "
" أنتي يبيلك قعده و الرجال واقف عند الباب خليني أروح له يمكن يشكي لي منك الحين وتصير وظيفتي الجديدة إصلاح ذات البين "


ومع إن مالها خلق إلا إنها ضحكت من ناصر وهي تتخيله فعلاً مصلح .جلس ناصر مع راكان اللي ما طول و رفض القهوة بحجة أنه مستعجل وكلها ربع ساعة ومشى. رجع ناصر لأخته لينا اللي ما غيرت مكانها وقالت وهي تشوف ابتسامة ناصر
"خير؟ "
" تعالي بكلمك في غرفتك "
" ليه "
" لينا وش فيك من يوم ملكتي صايره مملة .أكيد عشان ما أبغى أحد يسمعنا "
"طيب "
دخل ناصر وصكت لينا الباب من بعده و انتظرته يتكلم وهو جالس قدامها فوق المكتب وقال
" متى تبين أوديك السوق؟ "
"مدري! وأنت عارف انه ما عندي شيء أجهز فيه "
" لا على هاذي راكان جاي عشانها اليوم "
وطلع من جيب ثوبه ظرف مغلف لينا باستغراب
" وش هذا؟ "
"هذا من راكان لك قال لي أعطيك إياه "
مع إنها خمنت اللي فيه قالت
" طيب وش داخله؟ "
" هو قال لي ما أقول لك افتحيه أنتي وشوفيه "
مدت لينا يدها بتاخذ الظرف لكن ناصر حطه على المكتب وراه وقال
"خلينا من هذا الحين في موضوع أهم أنتي لازم تردين على اتصالات راكان "
" ليه كلمك هو؟ "
" لا ما كلمني بس كان واضح عليه إنه متضايق "
" أحسن هو متضايق من شيء تافه زي كذا أجل أنا وش أقول؟ "
" لينا أخاف بعدين...يعني أنتي عارفه ...أخاف يدخل قلبك ثم تندمين إنك ضيعتي ذي الأيام "
" ناصر ممكن تقفل على الموضوع ؟ "
" بكيفك بس راكان ...."
ودق جوال لينا يقطع كلامه فأخذه ناصر وشاف اللي مكتوب على شاشته <راكان يتصل بك > مد عليها الجوال وقال
" ردي "
" ناصر ما لك دخل "
فتح ناصر الجوال وحطه على السبيكر وتركه فوق المكتب وطلع من الغرفة هو يبتسم لها وصك الباب بهدوء لأن الصوت الوحيد بالغرفة كان لراكان
" آلو ....آلو ..."
لينا بدون أي تردد أخذت الجوال
"آلو نعم "
" أهلاااااًً لينا لي فترة أدق ما تردين على جوالك عسى المانع خير؟ "
"مشغولة بالدراسة "
" إيه الدراسة! الله يوفقك فيها وكيفها معك؟ "
" تمام "
" زين شفتي الظرف؟ "
لينا ببرود
" هذا هو قدامي بس لسى ما فتحته "
راكان بعتاب ناعم في صوته
" أفااااا "
ارتبكت لينا وحست بخوف يسيطر على قلبها بسبب صوته وقالت
" ما أمداني ...يعني ...ما كان عندي وقت "
لاحظ هو أن نغمة صوتها تغيرت وأن البرود اختفى وجاء مكانه التردد فغير موضوع الظرف وبدا يتكلم في أمور ثانية معها.ومع أنها ما كانت تشجعه أبدا بسبب تعمدها في انتقاء كلماته وأختصارها إلا أنه بداء بدراستها وبعدين تكلم عن نفسه تدريجا حكى لها شوي عن طفولته و الديره اللي هو عايش فيها وعن عاداتهم وتقاليدهم وأتاح لها المجال تسأله عن أي شيء تبغى تعرفه عنه وسألها هو بالمثل عن نفسها وعن اهتماماتها وتكلم معها في الروايات اللي درستها في الأدب الإنجليزي وأهم الكتاب اللي قرأت لهم و البرامج اللي تشوفها وبدأ يطرح عليها مواضيع ويتناقش معها في رأيها وفي النهاية ختم مكالمته بذكر وقت لمكالمته الثانية و ودعها...ما صدقت لينا خبر أنها انتهت من المكالمة على خير و كأنها منتهية من جلسة تحقيق هي المتهم فيها. رمت الجوال على السرير وناظرت في الفراغ اللي قدامها ثم مدت يدها وأخذت الظرف وفتحته و تفاجئت إنها لقت مبلغ خمسة وستين ألف لأنها كانت تتوقع مبلغ أقل من هذا. ضحكت بقهر من غبائها أجل هي كانت تتوقع من إنسان متكبر مثله أنه يرضى بجاهز عادي بسيط ولما طلعت المبلغ من الظرف طاح منه كرت صغير على المكتب قدامها أفتحته ولقت مكتوب بخط يدل على ثقة صاحبه
"إلى الملتقى ليلة زواجنا
مع حبي
راكان "
فكرت لينا هل هو فعلاً إنسان رومانسي؟ لكنها مباشرة استبعدت هذا الاحتمال بمجرد ذكرها لصورة وجهه المطبوعة في دماغها وكان الواضح لها إنه قاعد يتلاعب بأعصابها و ينرفزها لأنه يعرف موقفها اتجاهه وإن كان يتوقع أنها بتلين له بمثل ذي البطاقة فهو غلطان وبتثبت له ها الشيء ليلة زواجهم .رجعت كل محتويات الظرف ودخلته في درج مكتبها وقفلت عليه. الآن وبما أن الفلوس توفرت لها لا زم تبدأ ترتب أفكارها وتنظم وقتها حتى ما تتضرر دراستها. فتحت جهازها الكمبيوتر وبدت تبحث في الانترنت عن تصاميم فستان الزواج وإزياء الملابس و تسريحات الشعر وهي تحاول ترسم لنفسها موديل مبتكر يناسبها و يلاءم ذوقها وهذا ما هو لأنها فرحانة بزواجها أو حتى عشان تكسب رضاه وتنال إعجابه لا أبداً .كان هذا أبعد شيء عن ذهناها وإن كانت تتمنى أنها تقوم بالعكس علشان يذوق طعم خيبة الأمل والتعاسة مثل ما ذاقتها لكن هي تبي تكون في جمالها الكامل قدام اللي يرفضون قدومها من أهله اللي من بداية مكالمته كان يتهرب من أي سؤال تسأله عنهم وخصوصا عن أمه. جمعت كذا صورة أعجبتها عشان تستوحي الشكل اللي هي تتخيله لفستان الزفاف ولما انتهت من جمع الصور احتارت كيف ممكن تقسم المبلغ وما طاوعت نفسها إنها تفكر كثير لأنها بتروح بعيد بأفكارها وتنسى وش الشيء المهم اللي المفروض يشغلها. أخذت جوالها ودقت على جوال عبير
" عبير عندك شيء؟ "
" لا أبداً "
"تقدرين تجين غرفتي؟ "
" يا كسولة و داقه علي! كان جيتي أنتي لغرفتي "
" أنتي ما عندك كمبيوتر يا شاطره "
" تعرفين أني أكرهه "
" طيب تعالي بأخذ رايك فيه أشياء عندي بوريك إياه "
" ما يصلح بعدين؟ "
"لا ما يصلح وبعدين ترا صرفتي علي وأخرتها تقولين بعدين "
" طيب بجي لك الحين "

جت عبير وأطلعت على الموديلات وأعجبها موديل لينا اللي كانت راسمته قدامها على ورق A4 وهي تحاول تقرب الموديل اللي في دماغها و اللي أجرت عليه عبير بعض التعديلات المناسبة وسألتها لينا إنها ما تعرف كيف ممكن تقسم المبلغ وساعدتها عبير على كل هذا وكانت لينا ملاحظة إن عبير تتكلم وهي متحمسة و واضح إنها فرحانه من كل قلبها وهي تقوم بتجهيز أختها اللي أصغر منها لزواج. واعترفت لها عبير إنها مستمتعة بهذا أكثر منها لما كانت تساعد هيفاء . طق باب الغرفة وفتح ودخل مشعل اللي كان عكس توأمه مشاعل كان هادي زي عادته وقليل كلام
"سلام عليكم "
لينا وعبير "وعليكم السلام "
" لينا في وحده تبيك على التلفون "
لينا :- " ما قالت لك من؟ "
" ما سألتها بس من صوتها أتوقع إنها شمس "
"أوكي أنا جايه الحين "
تركها مشعل وطلع مثل ما دخل من دون أي أزعاج والتفتت لينا لعبير
"عادي أخليك تقومين بكل هذا لحالك لأني ما أفهم في مثل ها الأمور "
" أيه عادي يا عمري يوه وبعدين أنا ما عندي شيء "
"مشكورة عبير "
"هيه بنت حنا خوات ما بينا شكر أقلبي وجهك الحين وخليني أشوف شغلي "
" عادي من عيوني أقلب وجهي تامرين أمر أنتي "

وطلعت وهي مبسوطة إنها تخلصت من ضيقتها بمجرد ذكروا لها أسم شمس. مسكت السماعة وهي تقلد اليابانيين
"مش مشي "
شمس مباشرة بلخبطه ولهجة سريعة
"good morning.......yeas.....hello... fine thank you"
شمس ما تعرف إنجليزي ولما سمعت ضحك لينا على كلماتها صرخت فيها
" والله إن تكلمتي إنجليزي مرة ثانية لأطبق السماعة "
" أدري تسوينها بس اللي قلتها كلمة يابانيه ما عرفتها إلا أمس "
شمس تتكلم فصيح بطريقة مبالغ فيها ومضحكة
"دعينا من هذا الآن يا أخت العرب"
" أيواه أبدعي الحين "
" لا خلاص إلا وش أخبارك و اعلومك؟ "
"تمام باقي ساعتين وتزفني أمي للمطبخ "
" أيه صح أنتي ما تعرفين تطبخين "
" هاهاها جبتي شيء جديد عن شماتة "
" ما علينا وكيف وضعك رتبتيه "
" الله يعطي عبير العافية شايله عني هم كل شيء كله عشان دراستي"
" والله بيني وبينك شدي حيلك ما هي حلوة يسألك بكرة زوجك نجحتي و يسألك عن التقدير فا تبلمين "
" ليه هو بيتزوج شهادتي؟ "
" إلا تعالي من هو؟ ولد عمك "
" لا, واحد حتى ما هو من قبيلتي من قبيلتكم "
"ما شاء الله وأنتي اللي تقولين أبوي ما يقبل "
"أبوي هو اللي وافق يقول رجال ما في مثله "
"يا بخته ها الولد على فكرة أنا قلت لعبد الله إنك ملكتي ومن يومها مسوي إضراب عن الطعام "
" يا شيخه طيري بس عبد الله متقلب وبعدين توه صغير "
" تراه أكبر منك بسنة وبيني وبينك أشك أحيان أنه غبي لأني ما تعودت أشوفه رومانسي والحين كله عند الثمامة يطعس يقول ما اللي خلق اجلس في البيت "
"حبيبتي أنتي يتهيأ لك أنه مهتم فيني "
" أنا مستعدة أحلف "
"شمس ممكن تتركينا منه لأني بسالك عن أشياء كثير الحين مثل طريقتكم في الزواج و إذا فيه صباحية عندكم و أشياء مثل كذا "
" ما تفرق كثير عنكم انتم مثلاً العروس بكيفها إذا تبي زفة أو لا أحنا عندنا لازم زفة "
" لازم لازم "
"أيه "
" هلا هلا"
" أجل وش ظنيتي .أقول لينا هذا ولد أختي جاء يتعشاء عندنا بكلمك بعد ساعتين "
"أوووووف "
"معلش أنا قايله لك من قبل وقت الموضع يسخن تجيه عوارض "
"أوكي بس خليها ثلاث ساعات مع السلامة "
"مع السلامة "
حطت شمس السماعة وهي تسمع
" حيا الله خالتي "
" آهلين راكان جديدة خالتي علي "
أبتسم لها وقال
"كيفك وش أخبارك؟ "
" الحمد لله بخير"
"طيبون؟ "
"طيبات. وش أخبار أخوانك "
" ينعمون بخير الله فضله إلا كأني سمعتك في التلفون تقولين أن خالي أبو عابد رومانسي ليه ما هو عاجبك ها الشيء؟ "
"ليتك تكلمه الغبي "
" ليه عسى خير؟ "
" أبد تزوجت خويتي وهو متعلق فيها "
"من؟ "
" ما غيرها لينا "
راكان مصدوم من داخله و بداء يستدرجها
" أيه لينا عرفتها .... و أنتي عاد ما شاء الله عليك خليتي كل العايلة يعرفونها ويمكن أنتي اللي علقتيه فيها؟ "
" لا أنا ما للي دخل و أصلاً هو بس يشوف رقمها في الكاشف يرد على التلفون وأضارب أنا وياه عشان السماعة كله يبي يسمع صوتها لا وأزيدك من الشعر بيت إذا شافني أكلمها دخل وسوى نفسه بريء وقام يغني وصاير يكتب على كل ورقة تطيح في يده أسير الشوق"
من دون ما تبين ردت فعله الحقيقية قال
" أيه عاد هو صوته حلو "
"أقول لك لا تقول لعبد الله أني قلت لك كل هذا "
" لا ما أنا قايل له بس لينا تدري إنه يحبها؟ "
" لينا ما تصدق أنه في أحد يحب قبل زواجه "
" يعني أنتي قلتي لها "
"أيه أنا ولينا ما بينا أسرار ولو يدري عبد الله أني قلت لها كان ذبحنبي "
فكر راكان أنه من المحتمل هو اللي يذبحها الآن ما هو عبد الله . سألها بعفوية
"وهي وش رأيها فيه ؟ "
" بصراحة ما أدري ما فكرت أسألها بشيء محرج زي كذا؟ بس ما أتوقع أنها تهتم فيه لأنها لو كانت تبيه ما تزوجت واحد ثاني خصوصا وإنها تدري عن عبد الله من زمان"
راكان بضيق و بصدق
" أجل والله مشكلتنا مشكله مع ذا العبد الله"
كان على وشك يقول لها خبر زواجه لأنه ما توقع أنه في تعقيد بالموضوع لكن دخل عبد الله ولا كأن في حياته شيء متغير ويوم شاف ولد أخته قال بترحيب شبابي
"سلآااام حيا الله الشيخ "
"الله أبقه "
"علومك؟ "
"تسرك. أخبار أبو عابد؟ "
" على حطت يدك وأنت علموك سمعت إنك خطبت عسى ما هي زي كل مرة تخطب وتبطل؟ "
"لا الحمد لله المرة ذي بتحضرون عرسي "
قالت شمس بفرحة
" وما قلت لنا ؟ "
"وش تبيني أسوي على ما أقنع أبوي و أجيبه من أبها انشغلت والحين شوفيه يدق علي كل يوم يقول رجعني لبيتي .وبعدين أنا قلت أفاجئكم "
" و أمك تدري؟ "
" أيه أنا بلغتها عشان تحضر معي الملكه بس ولدها الصغير مرض عليها واعتذرت "
" وما قالت لي "
" أنا حرصتها ما تقولكم قبلي
" ومن البنت اللي أخيرا قدرت تفر راسك؟ "
راكان يتهرب
"من أولها هجوم عليها "
" لاااااااااااا ما أصدق انك بتتزوج "
"ليه وش ناقصني أنا؟ "
" لا أسم الله عليك وأنا خالتك بس أتوقع أن كل شروطك مسحتها و ما بقى منها إلا شيء واحد إنها تكون بنت "
ما توقعت شمس وهي تشوف وجهه إنه ياخذ الأمور بعصبية فقال عبد الله
" ما كان مفروض تقولين كذا؟ "
" أقول والله أنك أنت وياه قالبين راسي ما عاد تتحملون شيء "
رد عليها راكان
" أحنا اللي نقلب راسك و إلا أنتي أللي ما ندري وش تبين بعد اللي سويتيه في ولد خالتي محمد "
تغير وجه شمس فضحك عبد الله وقال
" تستاهلين رفعتي ضغطه وحدة بوحدة. ما قلت لي يا ابو شباب متى زواجك؟ "
" في شهر ستة يعني بعد الدراسة بأسبوعين أو ثلاث "
عبد الله :- " الله يسهل لك "
شمس:- " ومن البنت نعرفها؟ "
راكان تجالها :-" جدتي وين؟ هي ما تدري أني جاي "
عبد الله :- " معزومة عند جارتنا اللي فوق "
راكان :- " ونورة و عايشه وينهم ولا ما أحد مشتاق لي؟ "
شمس :- "مع أمي يعني أنا اللي مشتاقة لك بس"
قالتها شمس مبتسمة و في خاطرها كانت متضايقة ليه أنه سفها وراحت تصلح العشاء لأن الاثنين دخلوا بسوالف شبابية تجيب لها النوم . بعد العشاء جلسوا الثلاثة يتكلمون في مواضيع مختلفة وقبل ما تستأذن شمس وتتركهم عرف راكان إنها رايحه تكلم لينا لأنه سمع مكالمتهم فا طلب منها تجلس معهم وقال
"لا يكون ما عجبنا الآنسة ؟ "
شمس :- " يا أخي مليت من سواليفكم وبعدين أنا وعدت وحده إني أكلمها "
راكان :- "وأنت يا عبد الله عندك شيء؟ "
عبد الله بعد عن المركى اللي متكي عليه يتمدد وقال انه ما عنده شيء
راكان :- " اجل وش رايك نفر بالسيارة؟ "
عبد الله بدون روح :- " أنت وجهني وأنا أمشي "
راكان:- " قمنا أجل شمس تروحين معنا؟ "
قاومت شمس أغراء الروحه معه لأنها تعرف أتمشيه مع راكان شيء مختلف وإن كانت ما تقدر تتكلم معه براحه
" لا مشكور ما هي زينة تجي أمي وتلقى البيت فاضي "
بعد ما طلعوا قال راكان
"عبد الله خذ المفتاح وركب السيارة بأرجع أقنع شمس تروح معنا "
" يا ابن الحلال أنت ليه مهتم! كذا أريح "
" يمكن في طريقنا نشتري كرت الزواج وأبغيها تساعدنا أنت تعرف ذوق شمس حلو "
رمى المفتاح في الهواء لعبد الله ورجع لشمس اللي كانت توها رافعه سماعة التلفون وبدون أي مقدمات قال لها
" شوفي شمس في شيء مهم لازم تعرفينه أنا كنت بقول لك بس عبد الله دخل وقطع علينا "
" راكان وش قاعد تقول ما فهمتك؟ "
" لا تقاطعيني وأنا أتكلم. أنا اللي تزوجت لينا "
شمس أفتحت عيونها ورفعت حواجبها و الدهشة واضحة عليها مع أن شعور بسعادة خالطها فجأة لأن اللي بيتزوجها راكان تكون أعز صديقاتها إلا أن سعادتها اختفت وقت تذكرت عبد الله. كمل راكان كلامه وبنفس نبرته الهادية
" إذا قالت لك لينا أي شيء لا تقولين إنك تعرفين "
"راكان ..."
"سوي اللي قلت لك عليه وترى أنا قايل لعبد الله أني رجعت عشان أقنعك تروحين معنا تساعدينا نختار كرت الزواج فا خلي كلامنا واحد "
لف بسرعة بيلحق عبد الله فا مسكته بذراعة وقالت
" لحظة ليش ما تبي لينا تعرف؟ و كيف بتسوى مع عبد الله لو عرف "
" بعدين أقول لك كل شيء المهم أنتي ما تقولين لأحد انك تعرفين حتى جدتي و خواتك لأني أنا اللي بقولهم أما عبد الله اتركيه علي "
والمرة هاذي طلع وتركها واللي أكد لها خروجه صوت باب البيت اللي نبها إنها وقفه مكانها ولا حولها أحد.هي ما تتوقع إن لينا بتعرف أبداً إن راكان يقرب لها لأن أبو راكان نسبة ما يرتبط مع نسبهم وله من أختها لطيفة اللي أنفصل عنها ثلاث أولاد وبنت سعيد مدير مدرسة و سعد دكتور و راكان مهندس كمبيوتر وأختهم أسماء مدرسة كيمياء. وبعدين تزوجت أختها لطيفة من شخص ثاني ورزقها الله بثلاث بنات منال وتهاني وسامية و ولد صغير أسمه عبد الإله . شمس تشتت تفكيرها وتشك إنها تقدر تتخلص من ملاحظات لينا لأن لينا تعرفها و بتقدر تقنعها تتكلم .ما قدرت تتصل بلينا فأرسلت لها رسالة تعتذر فيها أنها بتكلمها في وقت ثاني. راكان في السيارة مضطرب شوي و ما يعرف من وين يبدأ مع عبد الله. هذا إن كان يقدر يعتمد على كلام شمس . قال له عبد الله
" على فكرة البنت اللي خطبتها بنت من؟ "
راكان جاوب على سؤاله بعفوية :- " بنت خالد ال(...) أظنك تعرفها هي صديقة شمس لينا بنت خالد "
عبد الله بحرج :- " والنعم فيهم والله, الله يبارك لك يا راكان "
راكان منتبه لنبرة صوت عبد الله اللي تغيرت و لارتباكه في حركاته وكان يرجع نظره له بين مرة وثاني يتفحص وجهه فقال
" ويبارك فيك وعقبال ما نسمع خبرك إذا تخرجت من الجامعة "
" وش يدريك يمكن أقعد مثلك لين يجي عمري واحد وثلاثين "
"لا يا رجال أنت غير عني أنت شخصية ولك صوت حلو و ...."
عبد الله بمزح يبعد إحراجه من كلام راكان
"أقول لا يا كثر "
أبتسم راكان له فقال عبد الله
" و من اللي أختار لك البنت "
" يا حليلك يا عبد الله أنت ما انتبهت أن كل العايلة تعرفها من أخوك الكبير عبد الرحمن لأصغرهم علي "
"أيه بس هم يعرفونها بالاسم "
" هو أولاً كلام شمس اللي دخل الموضوع في رأسي وثنين قابلت الوالده أستشيرها وفرحت ومدحت البنت لي ووصفتها وتوكلت على الله وجبت أبوي و خطبناها "
" بس اللي أعرفه أن أبوها من القديمين اللي ما يقبل بواحد من غير قبيلته "
" هاه ترى ما أرضى صار عمي ها الحين "
ضحكوا كلهم مجاملة و راكان ضايق صدره وهو قاعد يناقش الموضوع مع عبد الله اللي كانت أسالته في ظاهرها طبيعية لكن في داخلها شيء غريب يحس به راكان في صدره. وبمجرد ما شافت عينه على الطريق صالة بلياردو عرف إن الجو الشبابي اللي داخل بيكون أنسب لهم كلهم عشان يتخلصون من التوتر وشد الأعصاب اللي هم فيه .


---------------------------------------------------------



الفصل السادس

في صباح اليوم الجديد, لينا جالسة في أخر الباص مثل عادتها وهي تتأمل الشوارع من خلال القزاز المظلل من غير اهتمام . إلى الآن ما تدري وش اللي ممكن تسويه؟ سابقا كانت تفكر إنها لو تزوجت بتحاول قدر ما تقدر إنه يكون زواجها ناجح لكن الآن كل أفكارها سوداء تجاه مستقبلها المجهول. غيرت لينا من وضعية جلوسها وغمضت عينها يمكن يكون فيه شيء متخبي في عقلها ما طلع إلى الآن. صوت جوالها بنغمة منخفضة ينبها إنها لازم ترد مدت يدها بكسل وشافت إن المتصل راكان . في داخلها حست إنه من الغباء تهرب منه كل هذا الوقت لأنها في النهاية بتواجهه فالأفضل إنها تبين له من الآن موقفها عشان يكون مستعد ومتقبل لفكرة إنها بتسود عيشته بسبب اللي سواه معها. فتحت الخط وحطت الجوال على أذنها وبصوت عملي
" هلا "
"أهلين لينا صباح الخير "
" صباح الخير "
" كيفك إن شاء الله تمام؟ "
" تقريبا الحمد لله "
توقعت إنه بيفتح لها موضوع الظرف أو إنه بيتلاعب بكلمات عاطفية على الصبح لكنه فاجئها بصوته الرجولي الهادي
" لينا في شيء لازم تعرفينه عن أهلي "
كل ذرة من لينا تسبح في عالم ثاني لأنها ما تخيلت يكلمها عنهم أبداً. كانت مستعدة لتقبل فكرة إن أهله ما يبغونها ومع هذا حست بشعور مفاجئ في صدرها وقلبها يتسارع في ضرباته وهي تحاول ضبط تنفسها وإظهار صوتها بطبيعته
" عن اهلك؟ "
"أنتي تعرفين أهلي يا لينا على الأقل من جهة أمي هو أنا المفروض أقول لك كل هذا من قبل لكن أنتي ما كنت تردين على تلفوناتي ولا حبيت بعد أقول لك من أول مكالمة أكلمك فيها "
" أها "
ما لقت لينا شيء تقوله غير كلمتها المعتادة فكمل راكان بشكل طبيعي لكن عن طريق سؤال
" لينا أنتي تعرفين وحدة أسمها شمس ...شمس ظافر؟ "
كمية كبيرة من الهواء البارد لمكيف الباص اندفعت لصدر لينا واحتبس داخله في استعداد للكلام اللي بتسمعه وهي تقول بصوت غريب
"أيوه؟ "
"شمس ظافر تصير خالتي "
لينا مصدومة
"كيف؟ "
"هذا اللي مفروض تعرفينه أنا أصير ولد لطيفة أخت شمس من زوجها الأول ويمكن ما سمعتي شمس تتكلم عني لأني عشت مع أبوي في الجنوب أما أمي وأهلها سكنوا في الرياض وما احتكيت معهم كثير إلا في السنوات الأخير بعد ما تخرجت من أرامكوا "

لينا تخدرت من الصدمة و حست إنها لحالها توقف في فراغ رمادي ما له أي أبعاد وساعتها البيولوجية داخل جسمها فقدت نظامها وكل عضو من جسمها تجمد في ثواني . هذا اللي تكلمت عنه شمس وعن شروطه التعجيزية ومزاجه الغريب وأنه من الصعب التفاهم معه بعكس عبد الله. تفاجئت والخوف يغطيها لما جاء ذكر عبد الله بشكل تلقائي لذهنها هي ما تهتم له أبداً وإن كان يحبها فما هو بضرورة إنها تبادله المثل لكن الفرق بين شخصية الاثنين فرق شاسع عبد الله صريح طيب يحن على أخواته ويحتويهم يهتم لأمه يحس بكل شخص حوله إنسان اجتماعي نشيط يحب يخدم كل من يحتاج له بعكس راكان فا من كلام شمس عنه أنه فض وجلف وجافي ما يكثر الكلام وإنه اجتماعي في المحيط الشبابي بس أما بين عائلته لا. شخص ذكي وقوي ملاحظة ومكرس معظم وقته لعمله وصداقاته يتخذ قراراته وينفذها حتى لو ضايقت من حوله و أصعب شيء تقدر تتقبله أنه كان من الممكن يمد يده على أخواته إذا طولت وحده منهم لسانها عليه. أبلعت لينا ريقها لأنها تشك في ضبط لسانها وعصبيتها. والمصيبة الجديدة الآن شمس اللي سبق وكذبت هي عليها قد أيش معرفتها بكل هاذي الأمور اللي حطها راكان فيها؟. كررت في نفسها أن في كل مشكلة راكان راكان و راكان وبطريقة ما تخيلتها لينا أنطقت أسمه ولأول مرة على مسامعه
"راكان أنا ما استوعبت شيء من اللي قلته لكن أسمح لي بسؤال واحد شمس تعرف بالقصة كلها؟ "
راكان باقتضاب
"لا "
أخيراً خرج الهواء من صدرها دفعة وحده وارتخت أكتافها وهي تسند ظهرها على الكرسي واجتاحتها برودة في جسمها و في أطرافها. أنتبه راكان لتنهيدتها فقال
" لينا ما أحد يعرف غير أني خطبت وحدة وأهلها وافقوا بس أنا بأعرف أنتي وش قلتي لشمس؟ "
لينا وهي عاقده حواجبها بعصبية
"شمس سألتني فقلت لها أنه واحد أعجب أبوي وافق عليه "
راكان سأل بيتأكد
"ما قلتي لها غير كذا؟ "
رجع طبع لينا الحاد لها واللي ينسيها مع من تتكلم. فوق إنه هو اللي ورطها وحطها في أكثر من مرة في موقف سخيف ما يصدقها
" شف عاد ما هو أنا اللي تنقل سيرة أهلها ولا أسرار بيتها على كل لسان "
راكان أدرك خطأه فقال يهديها
" يا صباح الهدوء و السلام "
ما ردت عليه لينا فقال
" شكلي خربت عليك يومك عموما أنسي كل هذا ولا كأن أي شيء صار "
لينا بانفعال
" لحظة لحظة لحظة حلوة ذي ولا كأن شيء صار أنت قلت لشمس ولا لا؟ "
"على ؟ "
" على موضوعنا "
" قلت لك لا "
لينا بحرج و ارتباك
" ما أقصد قضية الدين "
راكان يتعمد يحرجها
" أجل وش؟"
لينا توترها زاد و تضايقت في مكانها وبصوت تمنت أنه يكون طبيعي قالت
" يعني أنت قلت لها على أني خطيبتك؟ "
"أيـه تقصدين زوجتي وإننا ملكنا, أنا بس أصحح لك لأن كلمت خطيبتك خطأ يا عزيزتي"
" أللي هو قلت لها ولا لا ؟ "
" تركت هذا لك بس خلينا على هرجه وحده أنا جيت لأبوك وقبل فيني والسلام "
" أنت دايم كذا أسلوبك استفزازي و أناني "
ما تغيرت نبرة صوته عن طبيعتها وهو يقول بعتاب
" شوفي يا لينا خلينا واضحين مع بعض أنا ما أرضى أن حرمة تطول لسانها علي أو حتى تناقشني في شيء أنا أسويه أيا كانت ها الحرمة "
لينا بعصبية
" حتى لو كان اللي سويته يتعلق بحياتها ما لها دخل؟ "
" وش تقصدين؟ "
" بالعربي أنا ما أحب أحد يعطيني أوامره و يبغى مني أنفذها من دون ما يناقشني فيها من قبل "
"قصدك إنه لو عشنا مع بعض بهمش وجودك؟ "
" ما يهمني إن همشت وجودي! اللي يهمني إنه تلتفت لرأيي لصار الموضوع يتعلق فيني "
" في هاذي ما أقدر أعطيك كلمة "
" نعم ؟! "
راكان بتهديد
"ما أدري وش ممكن أسوي أنتي جربيني, وقتها نعرف "
لينا بعصبية
" خلني أقول لك شيء بما إنك صريح لذا الدرجة أنا إنسانة ما أضبط أعصابي ولا أعرف أسكت عن أي شيء ما يعجبني "
أخيرا وضح الضيق اللي مخفيه في صوته البارد
" إذا صار بنشوف وش نقدر نسوى عشانك "
"ما أحد قال لك تأخذني "
" يمكن شمس هي اللي قلبت راسي من كثر ما تكلمت عنك "
"تقدر تخلص مني لو بغيت "
"هذا الشيء أنتي اللي تبينه أما أنا عندي استعداد أشوف طبعك و أتعامل معه"
الكل منهم صار الآن ضايق وما بقي عنده شيء يقوله وخصوصا إنهم ما توقعوا أنه من ثاني مكالمة يبدون بالمجادل فقال راكان اللي ما توقع خاتمة هاذي المكالمة
"طيب أنا عندي الحين دوام تامرين شيء "
"لا "
"مع السلامة "
"مع السلامة "

كل شيء بداء يذبل قدام لينا الألوان كلها باهتة وكئيبة تصور عالمها اللي بداخلها و بشكل سريع مرت عليها ذكريات يوم الخميس يوم اكتشفت زواجها و حقيقة دين أبوها وقسوة أخوها الوليد والآن وصلت المسألة لصديقتها شمس ومع تفكيرها هذا تحسست لينا رقبتها بأصابعها الطويلة وهي تحاول تلقى الحبل اللي قاعد يخنقها وتركت لعيونها تسكب دموعها بسبب الضيقة القاتلة اللي تغلفها طالما إنه ما في أحد جالس جنبها وينتبه لها وبما أن دموعها البسيطة اللي ظهرت تركت لها مجال تتنفس وترتاح شوي سندت ظهرها على الكرسي و سحبت طرحتها فوق برقعها وغطت بها عيونها وتركت لمشاعرها مطلق الحرية ترثي حياتها اللي فقدتها قدر ما تبغى طالما باقي عشان تاصل الكلية ثلث ساعة. كان كل اللي يشغل تفكيرها شيء واحد, كيف ممكن توقف قدام تهديد رجال شرس متعجرف مثل راكان وهي ما تملك من القوة غير لسانها وشخصيتها؟. أول ما دخلت لينا الكلية راحت لقاعتها مباشرة لأن الوقت بدري وطبيعي ما راح يكون فيه كثير من البنات هناك هذا إذا ما لقت أحد أصلا . وبالفعل كانت القاعة فاضيه ومثل عادتها راحت لأخر كرسي وجلست عليه وطلعت من شنطتها مراية تأملت وجهها وما أعجبها الشحوب اللي فيه ولا أثر البكاء في عيونها وبشكل آلي أخذت البلاشر البرتقالي ومررت الفرشة بخفة عشان تكتسب خدودها لون مشرق يبعد شحوب بشرتها البرونزية وبعد كذا أخذت المسكرة وبضربات سريعة زادت كثافة رموشها, باقي شيء واحد وتنتهي من زينتها البسيطة. أخذت الروج و رسمت طبقة خفيفة منه على شفايفيها يرجع لون الحياة لها. تأملت لينا وجهها وهي راضية على زينتها الخفيفة اللي تتناسب مع جو الصباح و الدوام و شكرت الله إن محفظة ماكياجها الصغيرة ما زالت معها بعد ما كانت ناوية تتركها في البيت بدل ما تأخذها معها كل يوم لأن ما كان من عادتها تحط شيء على وجهها إلا في المناسبات .
" صبـــــــــاح الخـيـــــــــــر "
نزلت لينا المراية من قدام عينها وهي تعرف صاحبة الصوت
" صباح الورد "
" خير يا آنسة لينا ما هي بالعادة نشوف ها الزين كله؟ "
" نوع من التجديد "
" يا حبيبي إلا قولي خلاص بتدخلين عالم السيدات "
لينا بخجل ضربت كتف شمس بخفة وقالت
" أقول لا يكثر "
شمس تحاول تعرف من لينا إذا هي عارفة إنها تصير خالة راكان
"هيه يا حلوة بطلي حركات العرابجه بكرة بتتزوجين و تطيرين الرجال من الأرض"
" خلاص خلاص خليني أخذ كورسات منك "
" والله أنا ما عندي مانع بس تعرفين الدروس في الصوت دوري أحد ثاني لأن صوتي خلقه يا صل لدور الثاني بسم الله ما شأ الله "
" أها على مشكلة الصوت أنا أتوقع أنك أعديتيني وانتهينا من زمان "
" ما قلتي وش له كل ها الزين؟ "
"لأنه ..."
" أسمع أنا "
" خمني "
" مخي مقفل على الصبح "
" يسلم لي ذا المخ "
" اختصري لأنه أيش ؟ "
" الرجال اللي بيتزوجني ..."
شمس بكل براءة
" أيوه "
لينا بستهبال
" باقي على زوجنا شهرين ونص "
فتحت شمس عيونها لأنها كانت تتوقع أسم راكان أما لينا فضحكت بقوة على شكل شمس اللي عقدت حواجبها وعلى وجهه ملامح خيبة أمل. لينا في قرار نفسها كانت تعرف أن ما في داعي لضحك بس هي كانت محتاجه له .قالت شمس
" لينا تستهبلين أنتي وجهك! "
" توبة خلاص لا تزعلين كنت أمزح معك وعشان ترضين عندي خبر يفرحك "
" تتهربين؟ "
" لاااااااا هذا الخبر من صلب الموضوع الرجال اللي بتزوجه أسمه راكان محمد ال(...) واللي يصير ولد أختك لطيفة "
شمس تظاهرت أنها توها تسمع الخبر و قبلت لينا وهي تقول
"ليه ما قلتي لي من قبل؟ "
" لأنه ما قال لي إلا اليوم "
" المجرم يأخذ خويتي ولا يقول لي "
" أجل هو ما قال لكم ؟"
" لا قال لنا أن زواجه قريب ويوم سألنها من من؟ قال مفاجأة "
" أجل خربتها أنا بس ليش أختك لطيفة ما جت يوم الملكه؟ "
"تعرفين إنها متزوجة واللي عرفت من راكان أنه يوم ملكته مرض واحد من عيالها وما قدرت تجي . المهم اتركينا من كل هذا أنا الفرحة ما هي واسعتني أخيراً بتشوفين ديرتنا و أوديك للمشتل اللي دايم أقول لك عليه وبطلع أنا وياك جبال أبها لحالنا ما كنت أتخيل إن كلامنا الخرطي بيصير صدق "
" أرفقي أرفقي قالوا لك بروح رحلة سياحية أنا؟ بصير مع راكان وهو اللي بياخذني وين ما يبي "
" ما عليك منه بأخطفك و أروح "
" لا يا أمي عشان أول خبر في كل الجرايد وبخط أسود عريض عروس تهرب في شهر عسلها مع خالة العريس "
ضحكت شمس وقالت
" والله الفكرة ما هي سيئة لدرجة اللي تتخيلين "
" يا ولــــــــــــــــد متى عرفت التخطيط الإجرامي ؟ "
شمس وهي فاتحة وحده من عيونها وتبتسم
" يوم عرفتك "
لينا تتصنع البراءة
" أنا علمتك الإجرام! "
"ما هي لايقه عليك البراءة . وبعدين ترى أنا بخطفك ما هو عشان سواد عيونك هذا رحمة بولد أختي ما سمعتي إن الخالة أم ؟ "
" يا سلام يعني خايفه عليه مني "
" أجل أيش؟! وحده دايم مع أخوانها الشباب لا وتتعلم الرماية معهم وش تبيني أتوقع منها "
" أنا بنت أبوي "
" أيوه اعتزت بنت خالد"
" الحين أنا اللي كلي رقة وبراءة ..."
" أي رقة وأي براءة يا شيخه! أنا أشك بيطلع لك عضلات بس مدري متى؟ "
لينا تناظر لشمس بنص عيونها وهي تبالغ
" ترى هاذي هي السناعه. تدرين عاد أنا قررت إذا اشتريت الذهب أشتري خواتم ضخمة لكل أصبع تدرين ليه ؟"
" ليه؟ "
" عشان ألعب ملاكمة مع السيد و خالته لو فكروا يمسون شعرة من راسي "
" ما يحتاج أنتي روحي لأمه وبتفتك لك منه لأن المدام متعلقة فيك "
" يا حياتي أنا بعد حابتها "
" وبيني وبينك أتوقع أنك تعجبين أبوه بعد وهذا إذا بغيتي راكان يسوي شيء ما يبيه روحي له "
"حلو يعني عندي أسلحة بس إن شأ الله ما أحتاجها "
" ما قلت لك إنك مجرمة ؟ "
دخلت فاطمة للقاعة وهي متضايقة على الصباح .فاطمة زميلة لشمس ولينا لكن معرفتها فيهم سطحية لأن لينا وشمس دايما يجلسون لحالهم .رمت فاطمة شنطتها من دون نفس على الكرسي وقالت لهم
" يا الله صباح خير ترى أصواتكم مسويه إزعاج على الصبح وماليه السيب "
كانت شمس معطيه ظهرها للباب ولما سمعت كلام فاطمة قالت بصوت خفيف
"يا ويلنا ما قلت لك أصواتنا عاليه "
عضت لينا شفايفها تمنع ضحكته وهي تشوف شمس توقف وتقول لفاطمة
" ما عليش ما قصدنا يا فاطمة, صباح الخير "
" صباح النور, بس من جد يا شمس أنتي ولينا مزحكم كله هواش هزئيها وتهزئك! . يا أختي أمزحوا زي العالم والناس ولا أسكتوا "
" ما عاد يمدي تعودنا لنا على ها الحال خمس سنين بس ولا يهمك بترك لكم قاعتكم وأنزل "
شمس مراعية عصبية زميلتهم لأنه أكيد في شيء مضيق خلقها على الصبح ومكدرها فما حبت تتدخل في خصوصياتها. علقت شنطتها على كتفها وقالت لينا
" قومي قومي ننزل أزعجنا المسلمين على الصبح "
بعد ما طلعوا من القاعة قالت شمس
" وبهذه المناسبة السعيدة فطورك على حسابي. نروح الكافتيريا؟ "
" وأنا أقدر أقول لا لشمس؟! "
" إيه عشان أنا اللي بدفع "
" أنتي كريمة وأنا أستاهل "
" يا شيخه أنتي أكرم "
لينا بدلع
"بس أنا عروسة "
"يا ذا العروسة اللي ورطنا فيها. أسمعي إذا جاء دوري بخليك تفطريني على أحسابك "
" تدللي ما عندي مانع "
شمس تمزح
" مانع ولا راكان "
لينا الخجل واضح عليها وهي تناظر شمس فقالت شمس وهي تشوف السماء ومسوية إنها تضيع السالفة
" ما تشوفين النجم القطبي؟! "

--------------------------------------------------------------------------------

الفصل السابع


كانت جالسة في غرفتها تقرأ في الكتب اللي جابتها لها عبير واللي أخذتها من وحدة من صديقاتها . لينا الحين واصلة معها بعد ما أحترق عشاها وهي مشغول تفكيرها بمكالمة راكان وكيف أنهم تجادلوا و طبعا أكلت من أمها تهزئيه محترمه خلتها تروح غرفتها وهي تسمع ناصر يضحك عليها ويتبرع أنه يجيب لهم عشاء من المطعم. دخلت عليها عبير وهي متقطعة من الضحك و تقول
" والله أنك صدق أعدمتيها "
رمتها لينا بالوسادة وهي تبتسم غصب عنها لأن عبير ماسكة بطنها ولا وقفت ضحك
"يوه يا لينا ليتك شفتي القدر, لا وما هو أي قدر اللي حرقتيه أفضل قدر عند أمي "
" أيه أنا وش عرفني كان حطيتوا لي مختبر أطبخ فيه أحسن "
قعدت عبير وهي للحين رافضة توقف ضحك
" لا يكون زعلانه منا "
" لا عادي أنا أعرف أصلا أني رفعت ضغط أمي و زين ما أسطرتني كف اليوم. بس أصلا أنا استاهل أخذت من الدلع حقي والحين أدفع ضريبته. أنا ما قاهرني غير ناصر قام يعلق وينكت لين ولعها "
" أيه ما تعرفينه أنتي؟ "
" أوريك فيه شايف نفسه حبتين لكن هين "
" أنتي عاد الله يهديك من اليوم في المطبخ ما انتبهتي؟ "
" أنا وش عرفني فكري يوديني يمين وشمال لين سمعت الطقطقة في القدر و شميت ريحة الحراق لا وليتني سويت خير و قفلت النار رحت أنادي أمي "
عبير أرجعت تضحك وهي تتذكر صوت أمها لما صاحت وقامت تهاوش وجمعت البيت كله ولينا واقفة بجنب الثلاجة مثل الطفل ما تدري وش تسوي وهي تفرك كتفها بسبب قرصة أخذتها من أمها ولما دخل ناصر عرف كيف يحرجها ويلعبها صح . فتح باب غرفة لينا أخوها مشعل وهو يبتسم ويقول
" عادي يا لينا ترى ما صار شيء أنتي طبخك كل ليلة حلو بس شكلك متضايقة اليوم "
" يا أخي يسعدني أن فيه واحد متفهم مثلك في البيت هذا "
ضحك وقال
" صحيح أن أمي معصبة بس ما عليه القدر غيره قدر "
" أمي وينها الحين ؟ "
" أظنها تحرى المشكلجي ناصر, أقول لك شيء أنا شكلي صاير سكرتير لك جيت أقول لك أن شمس على التليفون "
هنا عبير ضحكت وقالت لينا وهي تهز راسها متحسرة
" وأنا أقول جاء يواسيني "
مشعل:-" لا بسم الله عليك ما تحتاجيني بس لا تشوفك أمي ولا يمكن تصيرين أنتي وشمس في الهواء سوا "
لينا :-" عبير روحي لشمس قولي لها ما أقدر أكلمها "
عبر:- " لا يا قلبي روحي كلميها لأن شكلك مهوب عاجبني وأنا اشغل أمي عنك بس لا تطولين "
لينا :- " أنا خايفة تزفني مرة ثانية؟ لأن اليوم الكل مبسوط على حسابي "
نزلوا كلهم تحت, مشى مشعل مع عبير لأمه ودخلت لينا لصالة بسرعة وأخذت السماعة
" آلو "
" السلام عليكم "
" وعليكم السلام "
شمس كان في شيء مضايقها وما يخليها تتكلم زي عادتها لكنها لاحظت من نبرة صوت لينا إنها مثل حالتها
" خير لينا في شيء؟ "
" هاه لا ما فيه بس ....."
قبل ما تكمل لينا شمس جت في بالها فكره فا صاحت
" لينا وش فيك يا قلبي صاير لك شيء؟! "
" بسم الله الرحمن الرحيم روعتيني قلت لك ما فيه شيء "
واضح أن خطة شمس أنجحت لأن اللي مضايقها من اليوم لقط السماعة وقال
" آلو لينا فيك شيء؟ "
لينا ارتبكت و ميزة الصوت اللي ما توقعت تسمعه مرة ثانية
" لا ما فيه بس شمس ما هي طبيعية "
راكان:-" أسألك بالله صار شيء؟ "
حست لينا بالإحراج وهي تحس الاهتمام في صوته والمشكلة أنه أستحلفها فقالت
"هو ما هو شيء كبير حاجة عادية صارت وشمس كبرت الموضوع "
"أجل قولي لي وش صار؟ "
" لا ما له داعي أنا كنت متضايقة شوي وشمس حست به من صوتي وقامت تستهبل عليك "
قال راكان
" أيوه, لحظة يا لينا لحظة "
بعد السماعة عن فمه لكنها قدرت تسمع الكلام اللي بينهم وهو يقول
" ممكن تتركيني الحالي "
شمس :-" يا سلام الحين تخليني أدق بعدين تقول روحي تراها صديقتي قبل ما تعرفها أنت "
راكان :- " الله يعني على اسطوانتك ذي دوري غيرها "
شمس تتصنع البراءة:-" بشوف خويتي وش فيها "
راكان :-" أقول شمس عطيتك وجه أنا "
قالت شمس وهي تخلي له الغرفة وتضحك
" طيب طيب بروح والله شكلي ما راح أشوفها حتى بعد زواجها "
لينا مبتسمة وهي تسمع كلام شمس بس الحين بدت قلقانه يوم قال لها
" هاه يا لينا قولي لي وش اللي مضايقك؟ "
لينا صارت متضايقة أكثر وهو يكلمها بمثل ذي النبرة الحميمة خصوصا بعد اللي صار اليوم . وكانت شايله هم أمها تشوفها الحين ثم تكتمل النتيجة صح فقالت بسرعة
"لا يا ابن الحلال ما فيه شيء مضايقني "
" أجل وش اللي صار؟"
قالت تبغى تخلص منه
" حاجة صغيرة ما تستاهل بس انتم مكبرين الموضوع .أقول وين شمس ممكن أكلمها؟ "
جاها صوته بارد
" لا مو ممكن "
لينا بلعت ريقها وقالت في نفسها " هذا والله الورطة " قال راكان
" لينا لا تقعدين تتهربين ما أنا مسكر لين تقولين لي "
"أقولك ما فيه شيء "
" بدينا نغطي من الحين؟ علميني يا لينا أنا استحلفتك بالله "
لينا نست نفسها لأنها خافيه من أمها و تكلمت بطبيعتها
" أبو الإحراج يا شيخ "
ضحك راكان وقال
" معناه في شيء والظاهر انه شيء حلو "
قالت ومعاد بقى فيها صبر
" خلاص بقول لك عشان ترتاح أنا حرقت العشاء اللي سويته الليلية وأمي هزأتني ارتحت يا عمي "
سمعت صوت ضحكه عالية وما قدرت تمنع نفسها من أنها تبتسم و هي تتخيل شكله فقال
" بس وهذا اللي مضيق خلقك؟ "
" قلت لك شيء ما يستاهل "
" طيب أنا ضايق خلقي بعد "
لينا تذكر نفسها باللي بينهم لكن الحياء يخليها تتصرف بعكس ما تبي وما قدرت تقول له غير كلمة وحده وما لها أي طعم
"خير؟ "
" كان قلتي ارتحت يا حبيبي يا عمري يا قلبي ما هو يا عمي لأني زوجك ما هو عمك "
لينا حست بوجهها وكأنه صار خريطة جغرافية من كثر ما أنقلب لونها أما هو فا واضح أن الوضع أعجبه وكمل كلامه
"طيب أنا بقول لك شيء ما قدرت أقوله لك بس أنتي ذكرتيه الحين، لينا ترى ما له داعي تتعبين عمرك تتعلمين الطبخ أهم شيء عندي الحين دراستك وبعدين تتعلمين زي ما تبين "
ارتاحت لينا كونها ما سمعت كلام عاطفي وأرتخت أعصابها لكنها عصبت لأنها ما توقعت شمس تقول له فهذا ما هو طبعها
" شمس اللي قالت لك أني أتعلم الطبخ؟ "
" لا والله بس أنا كنت متوقع ها الشيء لأني أعرف أنك ما تعرفين تطبخين"
" ومن قال لك؟ "
" هو تقريبا من سنتين تعرفين أنتي شمس دايم تكلم عنك فعرفت انك ماتعرفين واللي أكد لي أنك توك ساءلتني من قال لي أنك تتعلمين الطبخ "
ما يدري راكان أنه أحرجها أكثر وفي نفس الوقت خلاها ترتاح وما تحمل هم ها المسألة مستقبلا وما لقت تقول غير
" أها "
" لينا ما كنت أتمنى يصير اللي صار اليوم إن شاء الله ما ضيقتك "
لينا إذا أحد قال لها كذا كانت تتكلم بشكل تلقائي فقالت
" لا عادي ما صار شيء"
" شمس قالت لي أنك قلتي لها عن زواجنا "
" أنت اللي قلت لي قولي لها "
" خلينا نطلع من سالفة المطبخ وشمس المهم عندي الحين أنتي يا حبيبتي كيفك؟ "
لينا ما عرفت وش تسوي فقالت بخجل واضح في صوتها
" راكان ما عليش أنا مشغولة الحين "
راكان يتعمد يزيد حرجها
" ما عليه يا حبيبتي الشغل ما هو أهم مني ولا ؟"
" توك تقول لي أهتمي بدراستك "
"وأنتي توك تبين شمس ولو جلستوا تكلمون بعض ما تخلصون إلا عقب ساعة "
لينا تحاول تلقى لها تصريفه بس حست إن راكان جريء وتخاف يقلب عليها الكلام كل ما تمادت معه, فقال راكان يصرفها لها بعد ما تأكد أنه زودها
" أيه أجل طالما أننا وصلنا هنا روحي أدرسي بس أكيد ما أنتي زعلانة من اللي صار اليوم؟ "
" أيه أكيد "
"حلو خلاص أجل يا عمري بترك الحين و أعرفي أن قلبي معك "
لينا من ارتباكها ما حست بنفسها وهي تقول كلمتها الغبية
"شكراً"
راكان أنفجر ضحك وقال
" مقبولة بس أبغى غيرها بعدين توصين شيء يا عمري "
قالت وهي ودها تموت نفسها
"لا "
"مع السلامة "
"مع السلامة "

ما تحركت من مكانها بسبب الخوف الغريب اللي يجري في عروقها. ما تعرف هل هو بسبب الفكرة اللي سبق وكونتها عن شخصية راكان ؟ أو بسبب طريقته في الكلام واللي هي متأكدة من إنها كلها نوع من الدبلوماسية بس؟ أو إنها ما عادت واثقة من طريقتها معه بعد الزواج بسبب شخصيته المهيبة؟ ما لقت غير الخوف في داخلها وقلبها يدق بشكل فضيع وهي متجمدة في مكانها من غير حركه و الستارة الحمراء ما اختفت عن وجهها البرونزي .
"بــــــــــــوووووووووووووو"
"بسم الله الرحمن الرحيم"
حطت يدها على قلبها ولتفتت لناصر وهو يضحك. كان الكل اليوم يضحك إلا هي
"سلمــــــــــــات يا المزيونه وش في وجهك أحمر وحالتك مختبصه ؟ "
" ألا يا ثقل دمك بغيت توقف قلبي "
ناصر يمازحها
" أصلا هو قلبك معك أشك أنه مع راكان "
وقفت لينا وقامت تلحقه وهو يضحك ويقول
" هذا كله حب تغارين أنطق أسمه "
" أنت سخيف "
ناصر كان يركض لأمه اللي يوم شافت لينا صرخت عليها
" خلي عنك لعب العيال و حطي العشاء لإخوانك بس شاطرة لي في الهبال والسوالف"
ناصر:-" صح صح أنتي كلها شهرين وتروحين بيت زوجك "
لينا :- "أنت ولا كلمه "
أم الوليد :-" بس يا علك اللي ماني قايله بنات الزمن هذا ما يستحن "
لينا :- " شوفي دلوعت قلبك خليه يمسك لسانه "
أم الوليد :- " والله لين لزمت لأقوم أوريك شغلك "
لينا واضح إنها متنرفزه والكل فسر وجها الأحمر على إنها معصبه فقال أبو الوليد
" كلش عاد ولا لينا وأنت يا ناصر أترك حركات البزران عنك ولا تقرب منها لشوف شغلي معك أنت وأمك "
ناصر:-" انبسطي يا حلوه معك حليف قوي "
لينا تضحك لأبوها:-" يسلم لي رأس الحليف طول العمر يا رب "
أم الوليد:-" أنتي ما خربك غير الدلع روحي للمطبخ "
لينا:-" طيب طيب عبير تعالي معي "
أم الوليد :-" أنا بنت أبوي بنته, هذا و العشاء جاهز كسلانة تحطه "
قالت لينا وهي رايحه للمطبخ :- " ما عاد ورى اليوم من الشرشحه من الصبح لليل! خلاص بروح أحطه لكم يا جعلكم ما تاكلونه إلا بالعافية "
الكل ضحك منها عدا أمها لأنها كانت تفكر في مستقبل بنتها وهموم الدنيا فوق راسها وهي تحس إنها ارتكبت أكبر غلطه يوم أهملت تعليم لينا لكل شيء يخليها تقدر تدبر أمورها بحياتها الجديدة وتعتمد على نفسها بس الواضح إن لينا للحين عايشه طفولتها . أما لينا فكانت متعودة على إن أمها تعاملها مثل الأطفال وهي عاجبها إنها تشوف اهتمام أمها فيها مع إن أمها تعامل مشاعل بطريقة وكأنها أكبر من منها. تذكرت لينا المكالمة اللي قبل دقايق فعرفت إنها كانت خايفه إنها ما تأخذ راحتها وإن ما أحد يتحملها ويصبر على دلعها وعصبيتها مثل ما يتحملونها أهلها ويتركونها على راحتها.


-------------------------------------------------------------


الفصل الثامن


مضى شهر على لينا من غير أي جديد يذكر إلا أنها ارتاحت من دروس الطبخ وتستعد الآن للاختبارات النهائية. خلال هذا الشهر انتهت لينا من معظم الترتيبات الكمالية لزواج واللي حضرت فيها مفاجأة لراكان وكانت واثقة إنها ما راح تعجبه وكان هذا هو المطلوب. ولأن عبير كانت المشرفة على كل هذا التعب و هي ما تعرف بالضبط السالفة عن زواج أختها عاتبتها و ما وافقتها على الشيء اللي هي تسوية و ما كانت تدري بالخطط اللي في رأس لينا .لكن لينا مثل عادتها قدرت تلف الموضوع بطريقتها وجابت عذر ما أقنع عبير اللي في النهاية استسلمت لما شافت صلابتها. أما أخوها ناصر اللي كان يويديهن السوق في كل مرة كان ناوي يتكلم مع لينا في الموضوع لكن الخجل منعه من هذا الشيء وكانت لينا في السوق تفهم تلميحاته البريئة لكنها مشت على اللي يقوله لها قلبها المشحون على راكان. خلال هذا الشهر ما كان راكان يوقف عن مكالمتها أو يرسل رسالة إذا ما ردت عليه وكان هذا أكثر شيء يصير وعلى كثر رسائله ما ذكر إنها أرسلت له رسالة وحده ولأن الآن فترة اختباراتها ما صار يرسل لها غير رسائل دعم لأنه ناوي يزعجها بعد ما ينتهي ها الأسبوعين على خير .

في صباح أول يوم اختبارات ما نامت لينا إلا قبل الفجر بساعة والحين هاذي هي في المطبخ من بدري وماسكه كتابها تقرأ فيه. دخل ناصر ومعه هو الثاني كتابه وملازمه وحالته أسوأ من حالتها بس كان مهندم ولابس وكأنه بيطلع بدري فقالت لينا
" صباح الخير شكلك بتروح بدري اليوم "
"أيه بروح الحين بس عطيني كاس حليب أحس معدتي تعورني "
صبت له لينا وأعطته الكاس وهي تقول
" ما كأنه بدري أتوقع انك ما شفت الساعة زين ترى الساعة الحين ست إلا ربع "
"أدري بس أبغى الحق على الشلة أنا وعدتهم اليوم أجيهم بدري نسوي مراجعه جماعية "
شرب الكاس دفعه وحده وقام بسرعة وقال
" أح حار مع سلامة لينا و انتبهي لا يفوتك الباص ترى ما في أحد في البيت "
هزت راسها ورجعت تقرأ في كتابها لما ترك لها المكان هادي. ما كانت قلقانه من الباص لأنه ياخذها بالعادة ست ونص يعني باقي معها وقت. لينا ضابطة المنبه حق الجوال على ست وعشرين دقيقة ورجعت تدرس في كتابها ومجرد سمعت صوت المنبه قفلته ودخلت الجوال شنتطتها وأخذت عبايتها وطلعت للحوش. صكت الباب الداخلي ولبست عبايتها ولفت الطرحه على رأسها وربطت برقعها ورفعته عن وجهها ثم جلست على الدرج وهي تراجع. انتبهت لينا أن الوقت مر و الباص ما جاء ولأن الباص يمر على بيت شمس أول دقت عليها
" صباح الخير شمس "
" صباح النور هلا لينا "
" أقول شمس الباص مرك؟ "
"لا ما مر بس أتوقع بيمر لأنه وقت اختبارات ما أظنه يتغيب "
" أيه بس الحين الساعة سبع إلا ربع؟ "
"يمكن تغير نظام وصول الباصات !"
"طيب دقي عليه شوفي وينه و اسأليه, على الأقل نرتاح. حنا خلقه ننتفض عشانه أول يوم "
" خلاص أنا بدق و أرد عليك "
ما جلست لينا غير ثواني و دقت شمس
" هاه بشري؟ "
" والله ما أقول إلا هذا وهو أول يوم ومن الصبح صار فينا كذا أجل الله يستر على الاختبار "
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر فالك, قولي لي وش قال؟ "
" الرجال قام الصبح و لقى نفسه في الفراش تعبان يقول ما يقدر يمر علينا "
"كيف؟! طيب ليش ما كلمنا من أول يقول لنا! يا الله وش بنسوي الحين ؟ "
" ليه و أخوانك وين ؟ "
"ناصر طالع من بدري وأبوي مسافر وما راح يجي إلا بكره وأحمد تعرفين في كليته يعني ما عندي أحد "
" طيب ما عليه أنا بشوف إذا واحد من أخواني أو واحد من عيالهم يجي ياخذني وأمر عليك "
"لا وين أنتي صاحية ما أقدر "
" أجل كيف؟ يفوتك الاختبار؟ "
"ما أدري بدق على ناصر يشوف لي حل, يا يرجع ولا يدبر لي صرفه "
" خلاص بس طمنيني إذا لقيتي ولا قولي لي أمر أخذك "
"يصير خير "

دقت لينا على ناصر وهي تحس إنها مضطربة لأنها ما تعودت تركب سيارة غير سيارتهم وتستحي كثير وما تحب تنحط في مثل ها المواقف
" آلو ناصر "
" هلا لينا "
" ناصر الباص مهوب مار اليوم علي "
" كيف؟ "
" أي و الله "
"و ليه إن شاء الله ؟ "
" تعبان السواق وما راح يمر فتعال أرجع وأخذني "
" صادقة أنتي المسافة من جامعتي للبيت نص ساعة على ما أوديك الكلية صارت ساعة وبعدين من كليتك لجامعتي ما يمديني أدخل الاختبار "
"أجل وش أسوي أقوم أمي وأخذ تاكسي؟! "
ناصر من غير شعور عصب وأرتفع صوته أشوي
" لا ما عندنا بنات يركبون تاكسي "
" أجل كيف؟ "
"شمس من بيوديها ؟ "
" ما أدري؟ "
"خلاص أجل ثواني وأدق عليك "
جلست لينا تقلب أوراق كتبها وهي ما تفهم كلمه منه حتى دق عليها ناصر
" لينا "
"هاه "
"شوفي أنا كلمت راكان وهو اللي بيودي شمس و بيمر ياخذك معه "
لينا نست شيء أسمه اختبار وقالت
" لا ماني راكبه معه "
ناصر قال وهو قافله معه بسبب الاختبار
" توك كنت بتروحين مع التكسي! وبعدين راكان ما هو غريب تراه زوجك "
"يــــوه طيب كلم أبوي قل له أروح مع راكان ولا مع التاكسي؟ "
" لينا خلي اليوم يعدي على خير "
" نصر صدقني ما أقدر أروح معه "
" يا الله اللي يشوفك يقول أنه بياكلك "
"طيب كلم أبوي؟ "
" يا أختي الله يشغلك خلاص أنا بكلمه الحين و أرد عليك "
كلم ناصر أبوه وشاف أن أبوه يوافقه وحذر من إنها تروح مع التكسي وعصب بس من مجرد طرح الفكرة عليه و رجع ناصر و دق عليها وقال
"شفتي حتى أبوي زعل يوم قلت له التكسي حقك "
" يا ربي "
"شوفي ترى راكان لو وقف عند باب البيت بيدق عليك اطلعي له خلاص "
لينا بصوت يائس
"أوكي خلاص"
" لينا لا تسوين لنا قلق على صبح الله أستهدي بالله و أذكريه و ركزي على الفاينال "

قفلت الجوال وقلبها ينتفض من فكره إن راكان بيوصلها الكلية أكثر من كونها بتدخل على امتحان نهائي. جلست على حالها ما تعرف تركز وبحكم إن المسافة بين بيتها وبيت شمس قصيرة ما طال انتظارها أكثر من خمس دقايق ولا و صوت جوالها يخلي قلبها ما يتوقف عن نبضه السريع
راكان:-"صباح الورد "
لينا:-"هلا راكان صباح الخير "
راكان:-" أنا واقف برا بالسيارة أطلعي "

نزلت لينا برقعها على وجهها وسحبت طرحتها تستر عيونها ورفعت عباتها على راسها وأخذت شنطتها بيد مرتعشة و أفتحت باب الشارع وهي تحسب لكل خطوة تخطيها علشان ما تتفشل. ومن غير ما ترفع عينها لراكان دارت حول جيب الكسز عشان تركب في المرتبة الثانية في أبعد مكان عنه ولما ما فتح الباب معها دقت بيدها على القزاز لكن راكان مال بجسمه وفتح لها باب المعاون عشان تجلس جنبه. ما قدرت لينا تتحرك من مكانها وكان ودها تقول لشمس تفتح الباب لكن هي خجلانه تقول لها قدام راكان مع إنها تعودت عليه وعلى كلامه في التليفون لكنها ما قدرت تكلمه كذا مباشرة وبمثل هذا القرب صحيح إنها أول مرة شافته فيه ناقشته بجرأه لكن كان ذاك بسبب عصبيتها اللي أعمتها. صوت راكان وهو معصب من شكلهم كذا في الشارع و شايل هم الناس خصوصاً اللي ما يعرفون أنه زوجها
" لينا أركبي "
انتفضت لينا وقالت
" ممكن تفتح الباب اللي ورا؟ "
" أقول أركبي ولا تخلين الناس تفرج علينا "
أول مرة تسمع لينا صوته بمثل ها الشراسة مع إنها كانت لما يكلمها تختلف معه في النقاش وتكون في نفسها عارفه أنها زعلته بس ما كان هو يبين زعله إلا في هدوءه بكلامه أما الحين فكان صوته خشن وعالي و لأنه كان لابس نظرات شمسية ما شافت شيء يبين عصبيته في وجهه العابس أكثر من حواجبه العريضة المعقودة وشده لشفايفه ومن خوفها أركبت السيارة على مهل وقفلت الباب. حست لينا وقت تحركت السيارة و أسندت ظهرها بقطرة عرق تنزلق على رقبتها. شمس شافت أن الجو ثقيل بينهم وما كانت أساسا تتخيل اللي بصير إلا بعد ما هددها راكان إنها لو فتحت باب المرتبة الثانية للينا ما راح يرحمها. شمس تتمنى تراجع بس ما قدرت تفتتح مذكرتها وهي تشوف كل واحد من الاثنين ساكت. راكان يسوق السيارة وهو واصله معه لأنفه ولينا في مكانها ما يتحرك منها شيء حتى راسها ولا حتى طلعت كتابها تدرس فيه, فقالت شمس تسأل راكان يمكن يتعدل الجو
"راكان تدل الكلية؟ "
كان واضح من صوته أنه ما وده يتكلم
" لا ما أدل أنا قلت أوديكم وأنتم تدلوني "
لينا اختنقت وشمس بلعت ريقها وقالت
" أيه بس أنا ما أدل "
هنا راكان حط كل حرته في شمس وصب عليها كل غضبه
" وأنتي خبله ما تدلين طريق كليتك سنتين رايحه جايه على الفاضي "
لينا كل عرق فيها يرتجف وكأنها هي المتهزئة واللي زاد من رجفتها أن صوته العالي كان قريب منها وكأن الكلام موجه لها أما شمس فكانت متعوده عليه وتعرف طبعه لكن هاذي هي أول مره تشوفه منفعل بمثل ذا الشكل. خافت شمس إن لينا تاخذ فكره غلط عن راكان و زواجهم ما عاد بقي عليه غير شهر فقالت بشكل ظريف وهي تضحك
" أعرف أني خبله وهبله ويمكن أكبر غبية على وجه الأرض وما أفهم بس عاد البركة فيك أنت أسأل ومن سأل ما ضاع "
شمس كانت تقول في نفسها " الحمد لله وشكر أضحك وكأني قايله نكتة وأنا متهزئة " . راكان كان منتبه للينا يوم ارتجفت أول ما صرخ عليهم لكن طريقة شمس الودية معه خلته يعدل في أسلوبه فقال وهو يبتسم ابتسامه بسيطة
" لا محشومه يا شمس محشومه"
شمس تلطف الجو
" أعترف يا راكان أعترف أنك متوتر عشان اختبري اليوم "
ضحك راكان وهو يحاول يصلح الوضع اللي خربه
" والله ما أتوقع أني متوتر عشانك بتدخلين الفاينال أنا متوتر عشان ناس ثانين "
شمس:-" يا سلام يعني الحين صارت المدام أغلى من الخالة؟ "
راكان:-" فكيني من كلام الحريم هذا و الكل له غلاة عندي "
شمس:-" لا يا قليل الخاتمة المهم ترى لينا تدل الطريق للكلية "
لينا بسرعة وصوتها مخنوق يرتجف:-" لا ما أدل "
راكان مشكك:-" تعرفين الطريق يا لينا ؟ "
لينا ما كانت تقدر تتكلم أكثر من كذا فعاد عليها سؤاله وهو في نفسه متأكد إنها تعرف الطريق
"لينا تدلين الطريق ؟ "
" لا "
"خلاص ما هي مشكلة بدق على واحد من العيال يوصف لي "
سكتوا شوي ثم قال راكان
" وش أخبارك يا لينا "
" الحمد لله "
" وعلومك ؟ "
"الحمد لله "
" و كيف المذاكرة؟ "
لينا حست أنها كررت أجابتها كثير ومن غير ما تركز على سؤاله قالت
" بخير"
راكان وشمس ضحكوا من غير أي تحفظ أما لينا فا وصلت معها أتش و ما انتبهت لنفسها أنها التفتت بحده لراكان ولما شافت وجهه وعليه ابتسامة عريضة وهو مشخص بشماغة ترددت و حست بقشعريرة في جسمها فا قفلت فمها ورجعت على نفس وضعها الأول . ناظرها راكان بطرف عينه فمد يده ومسك يدها اللي حاولت تسحبها لكن هو ظل ماسكها و بابتسامته ما فراقت وجهه سألها
" وش عندك اختبار اليوم ؟ "
"رواية إنجليزية للمؤلفة جين أوستن "
" وأي وحدة من مؤلفاتها؟"
" الكبر والهوى "
شمس تنحنحت وقالت
" أحم أحم أححم نحن هنا يا ناس "
راكان:-" أنا قايل لك تروحين مع أخوك بس أنتي اللي رازه عمرك معي "
شمس:-" لا خلاص ما أسمع شيء بس ترى البنت عندها اختبار فخلاها تراجع و بلا إزعاج "
حست لينا بيد راكان وهي تمسك معصمها وأصبعه تتحرك بهدوء و تحاول تلقى العرق اللي ينقل نبض قلبها له فقال
" شدي حيلك كلها أسبوعين وترتاحين "
لينا مرتبكة من كل حركه من يده لأنه قاعد يحرجها بشكل هي ما تقدر تتحمله وعشان تتخلص من يده قالت لشمس
" شمس معك منديل؟ "
شمس :- " لحظة خليني أشوف مثلك عارفه في وقت الاختبار أنسى كل شيء أنا "
ترك راكان يدها وطلع من جيبه بكت منديل صغير و أعطاه لها
راكان :- " خلاص شمس ماله داعي أنا عطيتها "
شمس مبسوطة:-" أجل الله يعافيكم لا أحد يقاطعني أبغى أراجع "
راكان يشوف انعكاس عيون شمس على المرايه لأنها رفعت طرحتها عشان تقدر تشوف مذكرتها وما هاوشها لأن السيارة مضللة وشاف لينا تتحرك هي الثانية وطلعت كتابها ولأنها جالسه قدام و القزاز ما هو مضلل اضطرت تقرا من تحت الطرحه فقال لها راكان
" لو ما كنتِ جالسه قدام كان قلت لك ترفعين الغطاء أشوف عيونك "
لينا قررت تغير الموضوع خصوصا أنه لو أستمر على مثل هذا الوضع بتدخل القاعة وهو ناسيه كل المعلومات
" باقي ربع ساعة وأنت ما تدل الكلية "
" أكيد أنك ما تعرفين الطريق؟ "
تضايقت لينا من كثر أصراها على كذبتها وهي تحسه كاشفها من أول والدليل إلحاحه عليها فقالت
" قلت لك أني ما أدل "
أخذ راكان جواله وأتصل على أخو شمس وكان حاط على الجوال على أذنه مع أن الصوت الخفيف لشخص الثاني كان مسموع للبنتين بسبب هدوء الجو
" سلام "
" هلا وعليكم السلام "
" أقول أبو عابد تدل كلية البنات؟ "
عبد الله يبي يقهره
" أنا قايل لك خلني أوديهم على طريقي بس أنت الله يعافيك عنيد "
" يا أخي كان سويت خير وأخذت أختك المزعجه معك "
ضحك عبد الله من طريقته لأنه يعرف شمس وقال
" والله ما دري عنها شفها عندك صف أحسابك معها "
" هذا شيء ما يبي له كلام "
"تبيني أساعدك؟ "
"فيك الخير و البركه ما تقصر"
كان ثنينهم يضحك وكأنهم يقولون نكته أما البنتين فا كل وحده منزله راسها على كتابها وعيونهم ما تشوف شيء . وصل راكان للكلية ووقف السيارة عند البوابة
" هذي هي الكلية ؟ "
شمس :- " أيه لينا خلينا ننزل بسرعة نشوف وين اللجان "
راكان :- " بالتوفيق "
فتحت لينا الباب لكن يد راكان رجعتها مكانها أما شمس فانتبهت لهم وطلعت بسرعة وتركتهم و هي تفكر تنتظر لينا داخل الكلية. قالت لينا لراكان
" لو سمحت راكان أنا عندي فاينال وأي شيء تبي تقوله أجله بعدين لأن هذا مهوب وقته "
" يا الله أنا ما صدقت شمس تنزل وأخرتها أسمع ها الكلام "
لينا تتكلم وهي تتجاهل الخوف اللي بداخلها
" ترى حرام اللي سويته في شمس من ركبت ألين وصلنا وأنت بس تهزئ وتنقد "
" أنتي أنسي شمس الحين وخلينا ...."
" أصلا لو ما كانت شمس معك ما كان ركبت "
وبصوت واضح فيه أنزعجه قال
" عسى ما تضايقتي بس؟ "
لينا من حبها لشمس قاعدة تجمع شجاعتها ونست نفسها
" إلا متضايقة واصله معي كيف تبيني أشوف وجهها الحين بعد ما أحرجتها بكلامك قدامي "
" ما عليك شمس متعودة علي وتعرف طبعي "
" حتى ولو أنت تبي من كل واحد يتحملك ويسكت عنك "
قال وهو معصب
" اختصري يا لينا وش تبيني أسوي؟"
" أبيك تعتذر لها "
ارتعشت وهي تسمع صوته الخشن
" أنا أعتذر ولمن؟ لحرمه! أسمعي يا لينا أنا عمري ما اعتذرت حتى لرجال والحين تبيني أعتذر لشمس "
لينا عصبت من كبريائه اللي في صوته ومن غير أي تردد قالت بصوت يوازي برود صوته
" ومن أنت عشان ما تعتذر ولا حتى تفتخر بها الشيء "
" تراك زودتيها عن حدها "
" أجل شيء واحد يمكن يرضيك إذا صرت أنا بين أخواتك وأهلك أو مع شمس يا تهزئنا كلنا أو تتركنا كلانا لأني ما أبغى أخرب علاقتي معهم "
" وأنتي مسئوله عنهم ؟ "
" أنا أتوقع لو أتكلم معك إلى بكره ما راح تفهم مع السلامة "
" لحظة يا لينا لحظة إن كان يعجبك أني أعتذر, خلاص أجل روحي أنتي لها و اعتذري عني "
" وليه ما ترسل لها أنت رسالة تعتذر فيها قبل ما تدخل شمس للقاعة وهي ضايق صدرها "
قال بطريقة غير مقنعه
" يصير خير أنتي روحي الحين و ركزي على الاختبار وأنا بصلح الوضع رضيتي؟ "
" أيه "
" موفقه إن شاء الله "
ودعها راكان وهو ضايق من تصرفاتها لأنه ما عمره كلمها إلا وتتجادل معه. كان دايم قبل يخطبها يسمع من شمس إنها عصبية بس ما توقعها إلى ها الدرجة والمشكلة الأكبر أنه ما صار يفهم متى تكون خجلانه منه ومتى تكون خايفه . وقرر أنه الآن بيسمح لها تعامله زي ما تحب هي لكن بعد الزواج بيعاملها هو مثل ما يحب و بيعلمها كيف تفتح فمها و تأمر عليه وتفلسف بكلامه. بعد سيارته عن الكلية وهو يكلم نفسه
" قال أيش قال لا أخرب علاقتها معهم!! "

شمس واقفة وهي تشوف أن لينا تأخرت عليها ومجرد دخلت لينا مشت لها وقالت
" بسرعة يا دوب نشوف وين اللجان ونقرا كلمتين تنفعنا "
" أوكي دقيقة بس أرتب نفسي "
شمس ما كان موقف راكان مأثر عليها زي ما تتخيل لينا عشان كذا قالت تتعمد تحرجها
" وش قالك عدنان على الصبح؟ "
" خرابيط "
" أنا أعرفه رومانسي درجة أولى "
" أقول يا حلوة ترى تأخرنا "
--------------------------
------------------------------

* تتوقعون راكان بيسمع كلام لينا ويعتذر لشمس ؟؟؟
* تتوقعون تتقبل لينا راكان , ويمشي الزواج بهدوء ؟؟؟

------------------------------
---------------------------------






مشت شمس ولينا في ساحة الكلية كانت شمس تقلب أوراقها أما لينا فرافعه صوتها تكرر بعض الكلمات . صوت نغمة الرسائل لجوال شمس ترك كل وحدة تلتفت لثانية
لينا:-" يمكن ناصر يبغى يتأكد إذا أنا وصلت لأني نسيت أرسل له "
ولما شافت جولها ناظرت لشمس
"مهوب جوالي أكيد أنه جوالك "
طلعت شمس جوالها و لقت رسالة اعتذار من راكان وما كان اعتذار صريح لكن كلمته أدت الغرض اللي لينا تبيه. التفت شمس و عطت لينا الجوال
" غريبة ما تعودت إن راكان يعتذر كنا دايم نتصالح على طول من غير أي ...."
ما تدري شمس وش تقول لأنها مستغربه وقالت
" أنتي قلتي شيء له؟ "
لينا فعلاً مستغربة لأنها ما توقعت يسوي اللي قالته له وردت على شمس على طول
" أنتي تعرفين أني أستحي منه فكيف تتوقعين مني أكلمه "
" هو الولد بيني وبينك من أخذك وتصرفاته غريبة "
" أنتي ما أنتي زعلانه منه؟ "
" ومن قال بالعكس أنتي ما تعرفين هذا الإنسان وما تعرفين وش كثر أحبه "
لينا تمزح
" أفا عيني عينك ما عليها مني "
ضحكت شمس وقالت
" أقول أنسيه الحين قدامنا اختبار يبي له تركيز مو أي كلام "
انتهى الموضوع إلى هنا و دخلوا في معمعة الكلية من غير ما يكون لموقف الصباح أي تأثير على أحد إلا أنه ترك للينا شيء تفكر فيه .

-------------------------------------


الفصل التاسع


بعد اختبارات لينا بأسبوعين جاء اليوم الموعود اللي كانت تتناسه وتهرب منه. ما كانت تحب تفكر فيه أبداً كان كل يوم يمر تقول أنه لسى باقي معها وقت لكن هي ما تقدر تقول الكلمة هاذي الحين لأن زواجها بكره. صحيح إنها نامت الأسبوع اللي بعد اختباراتها كله من غير هم لكن الأسبوع اللي بعده ما كانت تذوق طعم النوم إلا قليل. تذكرت كل شيء أشترته وجهزته عشان هذا الزواج وقالت في نفسها إنها ما تبيه ما تبغى أي شيء من هذا كله, كل اللي تتمناه إنها تنام في سريرها بعمق ثم تقوم تفتح عينها وتلقى غرفتها نظيفة مرتبه ما فيها إلا كتبها المرمية على الأرض وتعرف إن اللي كانت تعيشه كابوس مزعج انتهت منه. بدت لينا تحس بشمس الحين وتوها تعرف إنها ما تقدر تلوم شمس لما إنها تراجعت عن زواجها. مسكت لينا بطنها وهي تحس بمغص لأنها تخيلت وجه راكان ونظراته. ألشهور اللي راحت كانت تقدر تتهرب منه بسهوله لأن رأس مالها إنها ترمي الجوال عنها بعيد أو تقفله لكن بكره ما تقدر. ثلاث شهور مرت وهي للحين ما تصدق إن زواجها بكره كانت عايشه طبيعي ألين طلع راكان في حياتها وقلب كل أوراقها. دخلت عبير الغرفة وهي تتجنب أغراض لينا والهدايا اللي وصلتها واللي كان أغلبها من عائلة شمس فا بحكم علاقتهم اللي دامت خمس سنوات صارت لينا تعرف كل أخوات شمس وخالتها وعماتها وتعرفت على كل زوجات أخوانها الخمسة في أكثر من مناسبة وعلى بناتهم لكن الشيء اللي حز بنفسها أنه ما في أحد من أقارب أبوها دق يبارك لها وكانت تتمنى على الأقل لو يحضروا حفل زواجها عشان يظهرون لجماعة راكان إن بنتهم غالية عندهم لكن هذا شيء استبعدته من ذهناها يمكن اللي بيحضرون خالاتها وبناتهم وزميلاتها في الكلية. قالت عبير وهي تشوف لينا في سريرها و محتضنة وسادتها
" هيه لينا نايمه "
ردت لينا وهي على وضعها
" لا "
"طيب يا حلوة لازم تنامين "
"طالما إنك عارفه أني لازم أنام ليش جيتي ما تشوفيني أحاول "
اندهشت عبير من لهجة لينا الكسلانة وقررت ترجع من حيث ما جت. رفعت لينا راسها وشافت عبير بتطلع فا على طول انتفضت من مكانها وقالت
" لا لا عبير لا تروحين "
" توك تقولين بتنامين؟ "
" أمزح معك كنت بشوف وش بتسوين "
" وهذا وقته؟ "
" الله يعافيك والله أني مليت وأمي مسوية لي حظر تجول عشان أنام "
ضحكت عبير وجت بتقرب من سرير لينا وقالت
" يا الله غرفتك زحمه بفتح النور عشان أشوف طريقي "
لينا صاحت بصوت خفيف
" لا والله لو جت أمي لتهزئنا كلنا "
عبير بخطوة خطوة وصلت للينا وجلست جنبها
" أصلاً أمي كذا كذا بتجي أنتي ناسيه إننا بنودي أغراضك لبيتك "
" أيه بس باقي...الساعة ما جت تسع "
"من قال لك الحين الساعة تسع إلا ربع "
" والله أني أول مرة أتمنى فيها أني أبكي بس ما أقدر! مرة خايفه "
" أجل وش أقول على المسكينة هيفاء كانت خايفه أكثر منك لأن زوجها ما شافها ولا كلمها أما أنتي فالحمد لله راكان شافك وكلامك و مقتنع فيك "
" يا عمري يا هيفاء "
" لا عادي هذا الخوف طبيعي "
شوي إلا و دق خفيف على الباب رجع صوت الدق مرة ثانية لكن بطريقة غنائية ثم أنفتح الباب بهدوء وشافوا هيئة ناصر لأن نور الممر وراه وقال
" هيه لينا صاحيه؟ "
"هش أدخل بسرعة وصك الباب ما فيني حيل أرجع أسوي نفسي نايمه "
دخل وصك الباب وقال
" لا انبسطي هي بتجي تصحيك بعد شوي "
تحرك ناصر وما شاف الشنطه اللي على الأرض فا تعثر فيها وسوى إزعاج كبير. عبير شهقت أما لينا عضت شفايفها ومسكت جوالها وضغطت على مفاتيحه عشان تنور الطريق لناصر اللي مسك رجله وهو جال على الأرض وقال
" أح وش ذا الشنطة ولو إنها لغم بعدين خلونا نشغل النور "
لينا :- " لا ناصر أنا عاجبني الجو كذا "
ناصر:- " والله ولو إننا قاعدين نتسلل لبنك "
عبير :- " وين أحمد غريبة ما جاء معك؟ "
ناصر :- " أستني هو بيفقدني الحين و يجي "
وقف ناصر وجلس معهن فوق السرير وقال للينا
" الحين وش الزحمة هاذي كلها؟ "
عبير :- " هاذي أغراض لينا معظم الهدايا ما فتحتها "
ناصر :- " تبيني أفتحها عنك ترى أنا أحب أفتح الهدايا "
أحمد وناصر وعبير الوحيدين اللي ما قدموا هداياهم للينا وما اهتمت هي لهذا الشيء كثر ما يهم وجودهم حولها في أخر ليلة لها معهم. في هاذي اللحظة دق الباب ودخل أحمد ولما كان بيفتح النور قال له ناصر
" لا تفتحه لينا ما تبيه أدخل وصك الباب "
" ايه بس أخاف اتكرفس على وجهي مع ذا العفش "
" أستعمل جوالك "
صك أحمد الباب و انظم مع أخوانه فوق السرير وقال
" أحس أننا في مداهمة عسكرية "
ناصر :- " والله أنك صادق "
عبير :- " أقول شباب ولو أني مو حقت هبال زي لينا لكن أنا أشوف إننا نخلي ذا الليلة غير"
أحمد :- " وش تقترحين يعني؟ "
عبير :- " ما أدري أنتم ما شاء الله عليكم أفكاركم غير"
ناصر :- " خلينا نشوف بطلة الليلة وش ودها بما أن ها الهبال على شرفها "
لينا :- " أمممممم أنا بيني وبينك مليت من العناية اللي أمي مسويتها لي وكرهت غرفتي اللي حابستني فيها وأبيكم تطلعوني "
عبير:- " يا حياتي أمي تسوي هذا كله عشانك شوفي بشرتك وش نعمها "
لينا :- " والله من عرفت نفسي وهاذي هي بشرتي أحس أن هذا كله كلام دعايات "
أحمد :- " طيب أنتي وين تبين تروحين ؟ "
لينا تفكر :- " ما أدري "
ناصر :- " في حل أحمد هو اللي بيروح مع أمي وعبير عشان يوصلون أغراضك ويرتبونها وأنا أخذك و أوديك أي مكان تبين "
لينا :- " لا ما أبغى أتمشى بالسيارة أبغى ألعب, وبعدين ما أحس حلو لحالنا ودي أحمد وعبير معنا "
عبير :- " أنا قلت لك أنا مو حقت هبال بس عشانك أنتي بكسر القاعدة "
أحمد :- " طيب أنا عندي راي أمي غالبا تنام على الساعة 12 وإن طولت بالكثير 1 وقتها نجتمع كلنا "
عبير:- " لا مو زين للينا لأنها بكرة لا زم تقوم بدري الصباح عشان تنقش من غير أشياء ثانية "
لينا :-" الله يرحم والديك اللي يسمعك يقول أني أنام كل ليلة الحين "
ناصر يتفلسف :- " خروجاً عن الخلاف إذا أمي نامت وجينا ولقينا لينا قايمه بنلعب "
لينا ضحكت وقالت
" اللي يسمعك يقول عطيتني أغراء عشان أنام "
ضحكوا كلهم ونسوا حذرهم فا سمعت أمهم اللي جايه أصواتهم و فتحت الباب بقوة معصبه . طبعاً الشباب الكل يحترمهم و لهم ثقل في كل مجلس يحضرونه وكأنهم نسخة من أبوهم في شخصيته القوية لكن إذا صاروا في البيت يصيرون العكس تماما ولأنهم يعرفون إن أمهم ما تقدر تسوي لهم شيء حبوا يضحكون لينا. أحمد قفز و تخبى داخل دولاب لينا وكأنه في ميدان حربي أما ناصر فما كان يمديه بسبب العفش اللي قدامه فأخذ اللحاف وغطى نفسه وعبير بما أنها ما هي حقت هبال جلست مكانها تبتسم ومستعدة تاخذ تهزئ . أفتحت أم الوليد النور و خبطت ناصر على ظهره و هاوشت عبير أما أحمد اللي تخبي بأمان فناصر دل أمه عليه وأخذ هو الثاني علقة. الغريب في نظر لينا إن أمها ما صرخت عليها لأن بالعادة هي اللي تاكلها غير عن أخوانها وعرفت إن أمها تعاملها بشكل مختلف لأنها أخر ليله في عالمها البريء. أم الوليد استغلت وجود الثلاثة في الغرفة وخلتهم يا خذوا كل شيء رتبته لسيارة. لينا فوق سريرها تشوفهم يشلون كل أغراضها ألين انتهوا أخيرا و طلعوا و رجعت الغرفة فاضيه زي ما كانت تتمنى لكن التوتر والخوف لليلة هاذي لازال موجود. رمت نفسها على السرير وهي تناظر لسقف غرفتها وتفكر بلعبه تنسيها كل شيء.

أخيرا الساعة 12 واللي هو أساسا بداية يوم جديد و من المفترض يكون أسعد يوم في حياة لينا. انتظرت أحد يدخل غرفتها لكن ما جاء أحد وفجأة جوالها دق
" هلا ناصر هاه وش صار معك؟ "
"أمي في سابع نومه تعالي لغرفتنا "
" طيب ثواني و أجيك "
" لا تتأخرين "
رتبت لينا سريرها وحطت أكثر من وساده وشي من كتبها ثم غطتها بلحافها ولما اقتنعت بالشكل الوهمي لشخص النايم راحت لغرفة ناصر وأحمد. فتحت الباب و شافت كل واحد من الشباب جالس على سريره وعبير جالسه على كرسي ينتظرونها.
لينا :-" أكيد أمي نامت؟ "
عبير :- " أيه "
ناصر :- " أوكي وش تبونا نلعب؟ "
لينا :- " أنا لقيت لعبه بس قولوا تم "
أحمد :- قولي لنا أول ونشوف "
لينا :- " لا أحمد ما يصلح أنا طلبتكم "
ناصر :- " ما عليه بما إنها ليله غير بنوافق ما أحد يقدر يقول لعروسه لا "
لينا :- " أنا فكرت نروح للحوش ونغرق الأرضية صابون ونتزحلق "
عبير :- " أنتي تتكلمين من عقلك أفرضي تكسرتي "
لينا تتخيل :- " والله الفكرة ما هي بطالة بالمرة عشان ما أنزف بكره "
أحمد بنقد :- " بنت أنتي عروسه أنتي ولا وحده مخبولة؟ "
لينا :- " بلاه أنا اللي بنزف مهوب أنت "
أحمد:- " حتى ولو أنا عمري ما سمعت أن في وحده بنت قبل عرسها تفكر زيك "
ابتسمت لينا من كلامه هو قالها بنفسه ما فيه بنت بتسوي كذا أي عروسه ممكن تسلي نفسها بشيء معقول أو إنها تقعد تشوف أغراضها وتتفقدها أما هي فا تبغى تنسى إنها عروسه وتعيش أخر يوم بين أخوانها من غير أي هم أو أي تفكير في اللي ينتظرها بكره وهذا أفضل حل شافته .
عبير:-" شوفي فكره ثانية "
ناصر وهو يفكر:- " أنا ما أشوف فيها مشكله "
أحمد يهاوشه :- " صاحي أنت والله لتضحي فينا أمي قبل العيد "
ناصر:- " وجهني للقبلة وتشهد علي "
لينا تتمسكن :- " طالبتكم "
كل واحد يناظر لخويه فقال أحمد
"لا لا ما يصلح "
لينا:- " يا ربي يا أخي أنت وش فيك معقدها ؟ "
أحمد :- "لأني ما أتوقع أنه ...."
ناصر :- " يا ابن الحلال مشها "
أحمد :- " بكيفكم أجل بعدين أنا ما أستغربها منك لأن أنت ولينا عقولكم متشابهه"
لينا ابتسمت لهم لكن عبير قالت
" لا وين مروحين؟ عقولكم مقفلة أفرضوا طاحت و تكسرت "
ناصر :- " أنتي ممكن تتكسرين بس لينا قط بسبع أرواح إن شاء الله ما تطيح وتنكسر"
أحمد :- " تدرين لينا أنتي بنوته و نعومة و ما تليق عليك العربجه ولعب العيال "
لينا :-" يا ولد مهوب لآبق عليك دور المربي "
ناصر:-" بسرعة قبل يسري الليل وعشان ترجع الأخت تنام "
وقفوا كلهم بيطلعون واعترضت عبير
" بس... "
قال ناصر :-" عبير لا تزعجينا تبين تجين ولا روحي نامي "

طلعوا للحوش و اضطرت عبير تلحقهم وبدا اللعب ناصر واحمد رافعين ثيابهم و ربطوها عند وسطهم وسراويلهم البيضاء تستر سيقانهم الطويلة وهم واقفين مقابل للينا وعبير . عبير مثل عادتها مرتبة وشعرها الطويل رافعته كعكة فوق راسها أما لينا فثبتت شعرها القصير من كل جهة بأكثر من دبوس كان شكلها فوضوي على غير الأيام الثانية اللي تكون فيها دايما أنيقة. أخذوا كرة صغيرة لعبد السلام وحطوا لهم مرمى بعلب بيبسي فاضيه . الشباب كان معهم مكانس التنظيف بينما لينا وعبير أخذن المساحات. كانوا مبسوطين وهم مسوين نفسهم يلعبون الهوكي وطبعا فريق البنات كان ميئوس منه بوجود عبير اللي ما تحب تجازف أما لينا فما كان عندها مشكله وإذا حست أنها بتزحلق مسكت ثوب أقرب واحد منها . شوي شوي بدوا يدخلون جو اللعب حتى عبير نفسها ما توقعت تنبسط لها الدرجة أما لينا فنست كل شيء في العالم وما عادت تفكر إلا بالفوز المستحيل. أم الوليد نومها خفيف وقامت بسبب صوت الإزعاج اللي تسمعه في الحوش. صراخ الشباب المرتفع وعلب البيبسي اللي كل مرة يصر لها صدى وهي تطيح على البلاط أو تصدم بالجدار. أول ما طلعت مرت على غرفة لينا ولأن الغرفة ظلمة وهي في عيونها النوم ما انتبهت للخدعة. راحت للحوش معصبه وهي تنادي
" عبير ..عبير .."
لينا ارتبكت بس حست بسعادة كبيرة في هذا الموقف. ولأنهم ما لبسوا نعل تلخبطوا أحمد وناصر مسكوا لينا ويحاولن يسرعون بها للجهة الثانية من الحوش أما عبير مسكت المساحة و مسويه تشتغل. أحمد ترك ناصر ولينا في نص الطريق ومسك المكنسة وقعد يدعك الأرضية بكفائه عاليه أما المسكين ناصر لما وصل الزاوية وكان بيلف ويسوي حركت تفحيط تزحلق وطاح وكان الجدار أقرب شيء للينا عشان تثبت توازنها وهي تحاول تمسك نفسها من الضحك وناصر يقول لها وهو طايح
" أمحق منقذ ولو أنني في فيلم بوليسي "
لينا بصوت منخفض وهي تخنق ضحكتها بس ما هي قادرة
" بسرعة ناصر قم أمي لا تشوفك "
وقف ناصر على حيله وملابسه يملاها الصابون وسوى مثل أخوه أحمد ولما أطلعت أم الوليد و شافت الوضع استغربت
" وش تسوون؟ "
عبير:- " نغسل الحوش "
أم الوليد :- " وهذا وقته ؟ وها الثنين وش يسوون هنا؟ "
أحمد:- " ما جانا نوم قلنا نساعدها "
أم الوليد :- " وإذا ما جاك النوم تزعج النايمين أنت و أخوك أنا ما صدقت لينا تنام تقومون تثورونها "
أحمد ناظر في الأرض وناصر اللي فاتح عيونه يشوف الدهشة في عين عبير مثله .
أم الوليد :- " عجلوا نظفوا المكان وطفوا اللمبات وادخلوا داخل "
أحمد :- " خلاص أنتي روحي وحنا بندخل بعدك "
راحت أم الوليد وتركتهم يتلفتون لبعض. رقى ناصر الدرج وهو خايف ينزلق مرة ثانيه , طل مع الباب الداخلي لقى أن أمه راحت بعيد, صك الباب وقال
" خلاص زال الخطر عن المنطقة الوسطى وما جاورها "
أحمد بصوت هادي :- " تعالي يا لينا تعالي يا النايمه "
لينا طلعت لهم وهي تمشي على الصابون بمهل و الابتسامة من فمها الصغير مغطي وجهها اللي اختفى منه الهم ومتورد من كثر سعادتها.عبير لاحظت هذا فقالت
" مبسوطه الأخت ما عمر أحد فينا تهزئ كثرك واليوم كله نتهزئ عشانك "
لينا تمزح :- " ما عليكم أنتم قدها وأنا استاهل "
أحمد :- " أيه حبيبتي بس البركة فيك أنت وصوتك تضحكين وتصرخين وناسية الدنيا وما فيها "
لينا :- " أمش يا أبو الصوت المخملي "
ناصر:- " أنا أقول أن الطبخة خربت خلاص بس الجو صار حلو خلونا نريح أشوي وبعدين كل واحد يقلب وجهه لغرفته "
أحمد :- " هذا هو جو الرياض متقلب ما تعرف له "
عبير :- " ثواني بس أستنوني بروح وأجي "
ومن غير ما يقدر أحد يسألها دخلت داخل البيت وتركتهم يجلسون على الدرج .أرجعت عبير وهي جايبه معها أربع علب حمضيات مثلجة وزعتها بينهم وجلست معهم على الدرج
ولأنهم شافوا لينا أرجعت تفكر قعدوا يقطعون الوقت بالسوالف حتى اندمجت معهم . دخلوا البيت و كلهم أخذوا لهم شاور قبل ينامون ويحطون راسهم على الوسادة وناموا من دون هم إلا لينا اللي بعد الشاور صلحت لنفسها كوب (هوت شاكلت ) وجلست تشربه في غرفتها وتحاول ما تفكر في شيء غير طعمه .

----------------------------------------------


الفصل العاشر

أم الوليد :- " لا حول ولا قوة إلا بالله يا بنت الحلال قومي "
عبير :- " اتركيها علي أنا أقومها "
كانت لينا ما نامت من الليل ولما شافتها أمها في الصباح توقعتها قايمه من بدري لأنها متأكدة من إنها شايفتها نايمه مبكر. وقتها ما أفطرت لينا إلا على فطيرة صغيرة ثم بدو يرتبون أمورها ولا أرجعت ونامت إلا بعد الظهر. كان نوم لينا إذا جاء بعد تعب نوم ثقيل لو يدخل أحد ويلعب بغرفتها أو يضرب فيها ما تقوم إلا بعد جهد كبير من اللي يقومها. أخيرا فتحت لينا عينها وناظرت لأهلها وقالت بصوت ما هو واضح
" لا إله إلا الله خير وش فيكم؟ "
أم الوليد :- " يا بنت قومي الناس صلت العصر "
لينا تحاول تميز :- " أها طيب!"
عبير ما تبغى تقول لها وهي توها قايمه من النوم إن وراها زواج عشان ما تربكها لكن أمها صرخت فيها
" لينا قومي أنتي ناسية إن العرس اليوم قومي بسرعة "
لينا لما سمعت الكلمة أرجعت ودفنت نفسها في فراشها وغطت نفسها بالحاف. أم الوليد تسحب الحاف بس لينا مسكته بقوه ولما قربت عبير وساعدت أمها بعدوا اللحاف عنها و شافوا لينا وجهها أحمر و دموعها على خدها.
أم الوليد بحنان واضح في صوتها:- " لا اله إلا الله قومي يا لينا ولا تضيقين صدري "
لينا :- " طيب خلوني شوي وأنا بقوم "
أم الوليد كانت بتفتح فمها بس لينا قالت لها :- " شوي بس أغسل وجهي وأصلي بعدين يصير خير "
أم الوليد مسكت رأس لينا :- " لا تتأخرين "
طلعت أم الوليد وتركت عبير وراها اللي قربت من أختها وبدت تدغدغها
عبير:- " قومي قومـي قومــي "
لينا تبتسم من غير نفس وقالت :- " من متى جاك الهبال؟ قلت لك بقوم خلاص "
عبير :- " أنتي حاولي ما تفكرين وخلي اليوم يمر طبيعي و بترتاحين "
لينا :- " عبير ليه ما دخلتي علم اجتماع تصلحين مستشارة أسرية؟ "
عبير مبتسمة وفي قلبها متقطعة وهي تشوف لينا مسترخية على ظهرها و مغطية عينها بذراعها ودموعها تنزل بصمت. أخذت لينا نفس طويل و لما طلعته ارتخى صدرها وقالت تسأل عبير وهي تعرف أنه من دون فايده .
" عبير! "
عبير من غير ما تفتح فمها "همم "
"ما يصلح أبطل و أفركش الزيجة؟ "
" ليه قاعدين نلعب؟ "
" أدري كنت أبغى أتكلم بس "
" لو ما قمتي الحين ما راح ترتاحين"
"أقوم ؟ وين أروح ؟ "
" لينا بلا دلع "
" طيب "
تربعت لينا فوق سريرها ومدت يدها وهي تشوف خطوط الحناء برسم جميل على يدها وذراعها. عبير جالسه قدامها وهي تشوف وجهها لأول مرة أحمر لذي درجه ولا سبق إنها شافت لينا تبكي بمثل هذا الشكل الكئيب أبدا واللي زاد ثقل الحزن بقلب عبير إن لينا رفعت شعرها الكستنائي عن وجهها بيدها اليمنى وابتسمت لها ابتسامة صغيرة ذابلة ما سبق إنها ابتسمت مثلها في حياتها .
* * * *
لينا على وشك تنزف بعد لحظات وهي بكامل أناقتها وجمالها . كل شيء داخلها على وش ينهار من خوف و رهبت الموقف وهي تشتم في نفسها اللي أبتكر الزفة وحطها شرط لحفل الزواج . دخلت عليها شمس وكان واضح عليها التعب من الرقص و من الدرج الطويل اللي رقته. تبادلت مع عبير كلمات بسيطة ثم التفتت للينا وقالت
" جاهزة يا لينا؟ "
لينا :- " يا سهلها وأنتي تقولينها "
شمس :- " أنتي بس أهدي و خذي نفس عميق واضبطي أعاصبك وإذا جلست على الكرسي أنا بزعجك "
لينا تتناسى توترها بالمزح :- " أوكي بس بشرط ارتصي جنبي ألين أوصل للكرسي، صيري أنت العريس"
شمس وهي تلعب بخصلة من شعرها الأشقر الملتف :-" والله أبو الشباب معطيني لوائح حمراء. أقول فيه حل ثاني أتخيلي نفسك ممثله أو بطلة فلم "
لينا تتصنع الملل:-" فاضيه و تستهبل "
دخلت هيفاء وهي شايله بنتها الصغير
" خلصتو بنات الزفة بتبدا؟ "
لينا :- " شمس إذا أغمى علي أفزعي "
شمس :- " ما لك هم لا توصين حريص أنتي أنزلي بس و إحنا معك بالدعاء "
شمس تحاول تلطف الجو بكلماتها الأخيرة بلهجة مصرية ثم همست في إذن عبير
"بدق عليه جوال نختبره "
عبير وشمس ضحكن فقالت لينا وهي واقفة ويدها متعلقة في المسكه
" تتكلمون فيني؟ هين خلو الليلة تعدي على خير إذا ما صفيت أوراقي معكم "
شمس :- " هذا وهي بتنزف تهدد! "
عبير :- " لينا هي لينا لو تودينها وين ما وديتيها "
هيفاء :- " خلاص عاد بنات تعالوا ساعدوني في ترتيب شرعتها "

وقفت لينا على رأس الدرج وهي تشوفه طويل وأنه بيمر وقت على ما تلمس الكرسي البعيد بما إنها بتمشي خطوة خطوة .ولأن الصالة أظلمت والأضواء كلها عليها ما قدرت تسمع من زفتها شيء غير دقات قلبها اللي بتفجر طبلتها. جميع الأعين تتأمل لينا وزينتها من فستانه اللي بين قوامها ورشاقتها وأبرز مفاتنها بطريقة مختلفة عن أي فستان إلى جمال وجهها و الماكياج اللي أعتمد على ملامحها الجذابة ما كان في ماكياجها أي كثافة أو لون صاخب أو تداخل غريب يفسد جمالها الرباني. باختصار كانت لينا أسطورة في الجمال لكل عين تشوفها. وصلت إلى أسفل الدرج وبدت تمشي على السجاد بثقة تستعيدها مابين خطوة و الثانية لأن التوتر كان يظهر على وجهها ويلحظه البعض ثم يختفي وهذا بسبب أفكارها والصراع اللي داخلها لكن مسحة الخجل أبدا ما اختفت. الوقت يمر ثقيل ولينا جالسة على الكرسي وتتأمل أقارب شمس وهم يرقصون قدامها وهي تبتسم لكل وحده تلتقي بعينها ومثل ما توقعت ما شافت أحد من أقاربها غير خالاتها. كانت تتمنى تشوف عماتها وزوجات أعمامها واللي كلهم عارضو زواجها من خارج القبيلة بحكم أنه يعارض عاداتهم وتقاليدهم .صحيح إن وجود خالاتها أسعدها لكن أقارب أبوها منها وفيها وتحمل هي نفس امتداد أسمهم وإذا كان أحد في الدنيا يذكر فما يذكر إلا بنسب أبوه. قربن منها صديقاتها وباركن لها و أكتفن بالمصافحة عشان ما يخرب ماكياجها. وبعدها اجتمعن مجموعه من البنات وأخليت المنصة لهن وبدن يرقصون الدبكة قدامها بطريقة هادية تناسب أنوثتهن أما شمس فكانت قريبه من لينا وكل ما جاء أحد يبعدها أو يكلفها بشغله كانت تتهرب وتقرب أكثر من لينا اللي كانت ممتنة لها.

في قسم الرجال كان الوضع غريب بنسبة لأبو الوليد و أولاده لأنها المرة الأولى لهم اللي يحضرون فيها زواج أهل الجنوب ويشوفون عاداتهم وخصوصا ألعرضه اللي تميزهم .كانوا متعودين أن في نجد يكون حفل الزواج عند الرجال هادي متشبع بالكرم وحسن استقبال وأحيانا يحضر فيه بعض الشعار إلا عند بعض القبائل اللي عندها عادات معينة لكن الغالبية العظمى كان يتسم جو الحفل عندهم بالهدوء. كان أبو الوليد يقوم مع أبو راكان بواجب الضيافة وناصر وأحمد كانوا مع راكان اللي صادقوه بعد ملكة لينا وعرفهم الأخير على أخوانه وبعض أقاربه الخاصين ومنهم عبد الله اللي قابلوه مرة أو مرتين من قبل بحكم معرفة أخواتهم. ما تقدم يبارك لراكان من أقارب لينا غير أخوالها ولأن جو الحفل كان صاخب و المعازيم منشغلين بالعرضه ما انتبه أحد لهذا الشيء إضافة إلى أن شخصيه أبو الوليد وأولاده كانت محط أنظارهم وكانوا هم وحدهم يكفون عشان يكونون سند وعزوة وربع لبنتهم. في الحفل تفاجئ أبو الوليد أن صديق له يكنونه أبو سلمان يكون في نفس الوقت صديق قديم لأبو راكان و اعتبروها الاثنين ( أبو الوليد – أبو راكان ) فرصه سعيدة وفاتحة خير إنهم مع مناسبتهم كان في شيء معين يشتركون فيه .

تقدمت شمس لأختها و لأم الوليد وقالت لهم أنه لازم ينقلون لينا للغرفة اللي يزفون راكان لها لأنه العادة اللي تسمح لزوج أنه يأخذ عروسة من وسط قسم النساء قلة وصارت الأسر ما تعمل فيها. جلست لينا للمرة الثانية وهي تعد بأصابعها الثواني ومع كثر الصخب والأصوات تحس إنها في حلم ما راح ينتهي على خير خصوصا بعد ما ودعوها أخواتها. الرجال اللي زفوا راكان أبوه وأبو الوليد و أخوان لينا أحمد وناصر أما الوليد فما قدر يدخل ويقابلها بعد اللي صار بينهم. دخل راكان للغرفة وما كان عنده وقت يتأمل عروسه مثل ما كان يتمنى لأن أخوانها وأبوها بيدخلون يسلمون عليها فقرب منها وحط يده على رأسها وتمتم بالدعاء المأثور وجلس جنبها. دخل من بعده أخوانها وأبوها وسلموا عليها و دعو لها ثم انسحبوا بسرعة لأن بعض قريبات راكان موجودات في الغرفة ومتغطيات أما أبو راكان فكان وضعه مختلف. وقف و تأمل لينا بشيء من الإعجاب وهو يشوف البراءة في وجهها البيضاوي والشفافية الحقيقة في العين العربية الواسعة الصافية اللي ترتخي من الخجل أجفانها بأهداب كثيفة طويلة وأستحسن دقة أنفها السليم الناعم اللي ما فيه أي عوج و شفايفها العذبة المختومة بجمال ما أخفاه الروج اللي عليها. بارك لها أبو راكان وهو يحس إن لينا قطعه منه أو إنها وحده من قريباته يعرفها من صغرها وتربت على يده ومن دون ما ينتبه بدا يوصي راكان عليها بحرص واهتمام واضح .كانت طريقته أبويه مع لينا وتركها بأسلوبه تسترخي وتميل له بعد ها لفته الحلوة منه ثم طلع وتركهم. شمس ما صدقت خبر إن ما فيه عنصر رجالي غير راكان فا نزلت عنها العبايه وباركت لركان ونفس الشيء أمه وجدته وكانت الحرمة الرابعة اللي تقدمت وباركت له وهي أم الوليد واللي أول ما بدت توصيه على لينا ما قدرت تمنع نفسها تبكي وكان هذا سبب في تجمع دموع لينا في عينها وهي تسمع صوت أمها المرتجف يقول لراكان إنها أمانة عنده. ساعدت أم الوليد بنتها في العبايه وغطتها وهي تسأل الله لها التوفيق في حياتها. أخيرا لينا تمشي وفي كل خطوة كانت ساقها المرتجفة تهدد بسقوطها كانت تحاول تتأخر في مشيها عشان يسبقها وتمشي وراه لكن راكان مسك يدها ومشى بجنبها والصوت الوحيد المسموع هو صوت الكعب العالي. أول ما طلع راكان من القصر وأخذ عروسه لسيارته شاف ناصر وعبد الله يسولفون هناك. وجود عبد الله كان بحسن نية ومباشرة أول ما أنتبه لراكان من بعيد ترك المكان ودخل للقصر وهو ما يعرف أنه حرق قلب راكان بوجوده اللي ما كان هدفه إلا أنه يدل ناصر على سيارته. قال ناصر
" خلني أوصلكم يا ركان "
"كثر خيرك يا ناصر ما تقصر ولا ودنا نثقل عليك "
" لا ثقل ولا غيره عطني مفاتيح السيارة "
" يا ابن الحلال..."
" حلفت ما يوديك الليلة غير أنا "
أنتبه راكان لعزم ناصر فأعطاه المفتاح وهو اللي منع إخوانه وأقاربه من إنهم حتى يفكرون يسوقون له السيارة. راكان كل ما حسب أنه أخيراً بيكون مع زوجته في عالم لهم هم بس يطلع له مشكلة لكنه قال كلها كم دقيقة وينتهون في مكان لهم لحالهم. فتح ناصر الباب لأخته وما كانت تتوقع إن ناصر يمسك يدها بكل حنو الأخ ويثبتها ويسندها حتى جلست في مكانها. رفع لها فستانها و طرف عباتها وصك الباب من جهتها بكل هدوء وركب السيارة وساقها للفندق اللي حاجزه راكان لليلة زواجه .

------------------------------------------


الفصل الحادي عشر

لينا جالسة على الكرسي بظهر معتدل في الغرفة وهي تشوف راكان ينزل بشته الأسود عن كتفه ويعلقه ثم رجع لها وجلس قدامها وقال بصوت خافت
"مبروك عليك يا لينا "
لينا مع توترها ومع الغربة اللي تحسها من المكان ومن الشخص اللي قدامها وهي معه لحالهم وكأنها في معزل عن العالم الخارجي كانت خايفه لدرجت توقعت تبدأ الليلة بمجادل وهي تحس بنار كرهه تحركها لكنها قررت تتمالك نفسها بعد ما تذكرت وصية ناصر و بتأجل حربها إلى بكره و بشكل آلي ردت عليه
" الله يبارك فيك "
أبتسم وقال
" طيب أنا بعد ما فيه لي مبروك! "
بعدت عينها عنه ولا توقع أن يشوف وجها جامد بارد لدرجة تخلي اللي تكلم معها يشك أنه قال شيء غلط وفعلا هذا اللي كانت تبغى توصله لينا له خصوصا تحت وطأة الحقد والكره اللي زرعها فيها ومع هذا تغاضى راكان عن تصرفها وقال
" تفضلي "
التفتت له وشافت في يده علبتين مخمليتين ولأنها تدور شيء يقطع الوقت حتى يأذن الفجر أخذتها منه وفتحتها .العلبة الأولى كان فيها عقد والعلبة الثانية فيها سلسلة ذهبيه ناعمة و علاقتها على شكل قلبين متداخلين و في وسطهم قلب اصغر تزينه كريستالتين بلون البحر قال راكان
" أعجبك؟ "
قالت له لينا بصدق
" بصراحة عندك ذوق حلو "
" السلسال وخاتمة أبيك تلبسينها على طول وما تنزلينها ابد "
وتذكرت لينا إن عبير وناصر اختاروا هدية راكان بس هي نست المكان اللي قالت لها عبير إنها حطتها فيه و ما قدرت تقاوم الإحراج في داخلها وهي تشوف أدبه ولطفه في تعامله معها بعكس ما كانت تتخيل. شاف راكان أن اللون الأحمر بدا يزحف من جديد لوجهها فقال
" تحبين تقولين لي شيء يا لينا أو توضحين لي كيف ودك تبدين حياتك معي"
ناظرته لينا وسألت
" هو أنا أقدر أقرر؟ "
" طبيعي بما إننا بنعيش مع بعض لازم نتفق على نمط حياة معين "
قالت بنبره هاديه توضح كل المشاعر اللي بداخلها
" ما أذكر أننا اتفقنا من قبل عشان كذا ما أتوقع أننا نتفق الحين"
راكان ما حب يفسد ليلة العمر على ما يقولون ولا كان وده أنه يذكر أي شيء سيء فيها لكنه أضطر يقول للينا
" لينا أبغى منك تنسين كل شيء صار قبل ولا تفكرين إلا في ليلتنا والمستقبل بس غير كذا أنسيه ولا عاد تذكرينه "
"ما أتوقع أني أنسى "
" هذا الشيء أنا ما راح أناقشه معك الحين لأن هذا مهوب وقته "
تأملها وبدل ما يقول اللي كان يبيه تردد ولأنه كان فاتحه فمه سبقه لسانه وبدون تفكير سألها
" تعشيتِ؟ "
لينا تفاجئت من السؤال صحيح إنها متقطعة من الجوع بس هاذي ما هي طريقة يرغبها في الأكل وردت على سؤاله
" أيه "
فضحك راكان من موقفه وعرف إن سؤاله غبي لأنه ما في أحد في ليلة زواجه يقدر يأكل خصوصا البنات اللي يمكن يمر اليومين قبل زواجها وهي ما تأكل فكيف بليلة الزواج قال راكان وهو يحاول يصلح الجو
" حتى أنا بعد تعشيت "
ناظرته لينا وفي عينها الشك ولأنه كان مبتسم من موقفه ابتسمت له من غير ما تشعر . وقف وهو يرفع عقاله ويسحب الشماغ و يرتبه بطريقه معينه ويعلقه بالعقال. تأملت شعره الأسود الناعم اللي لأول مرة تشوفه كان طوله يتجاوز أذنه و أعجبتها طريقة يد الحلاق اللي قدرت تضبط قص شعره بشكل مرتب يناسب وجهه ويزيد من جماله من غير ما يقلل من هيبته. فكرت في نفسها وهي تشوف راكان أنه يتميز بوسامة عربية وجاذبية غريبة ما انتبهت لها من قبل ولو كان اللي جمعهم سبب ثاني كان ممكن تفكر إنها تسعده لكن الوضع يختلف عن اللي تتمناه. راكان يتصرف بشكل طبيعي من حولها وحركته الأخيرة في نزعه لشماغه والظهور بشكل غير رسمي خلت أعصاب لينا ترتخي و الغربة اللي كانت موجودة عندها بدت تتلاشى. سمعوا صوت جرس فا طلع من الغرفة وصك الباب بعده وأستقبل مضيف الفندق اللي رتب العشاء لهم بشكل أنيق يلاءم المناسبة وطلع وهو يقدم تهنئة الفندق له بطريقة رسمية. راكان تأخر شوي وهو يتوقع أنه يعطيها وقت عشان تقدر تبدل ملابسها بعد كذا وقف وطق الباب ولما فتحه لقى لينا في مكانها مثل ما تركها. في نفسه حمد ربه إن فستانها ما هو منفوش ويصعب حركتها فأخذها معه عشان يتعشون بس أول ما جلست لينا معه حول الطاولة عرفت أن أي لقمة بتدخل فمها بتسبب لها عسر هضم وفضلت الجوع على إنها تاكل قدامه. لكن راكان ما عجبه وضعها وبدا يتكلم ويسأل أسئلة هو يعرف أجابتها سابقا وكل هذا عشان يخليها تسترخي و تاكل وبعد ما ألح عليها إنها تاكل أخذت العصير و شربت منه شوي ورجعته زي ما كان ولا عاد مدت يدها مرة ثانية وهذا اللي ترك راكان يقوم وهو متقطع من الجوع. لينا حمدت الله إنها بعدت عن الطاولة لكن متضايقة من لبسها ودها تغير ولا هي قادرة بسبب وجود راكان معها ولما شافت الساعة غبطت بنات الحجاز على عادتهم لأن الزواج عندهم يخلص قبل الفجر أما راكان فا فكر انه يقترح عليها تروح للغرفة وتبدل ملابسها لكن تراجع وهو يحسب لردت فعلها لأنه واضح عليها إنها بدت تسترخي واحمرار وجهها تدريجيا اختفى لو كان في بيته كان لقى شيء يسويه كونه ياخذها على كل غرفة فيه أو يخليها تطلع على صور العائلة وهنا جت له فكره يتكلم فيها مع لينا. مر الوقت بشكل ثقيل وبطيء وعين لينا تشكي النوم بس ما تقدر و أجفانها تقاوم عشان ما يبين النعاس فيها. بقوا على وضعهم حتى جاء صوت الأذان وقطع الصمت فأستأذن راكان منها وأتوضأ وغير ملابسه وقال لها أنه بيرجع بعد الإقامة. المكان فاضي وهادي وتقدر لينا الآن تتحرك براحتها لكن تفكيرها مشغول بطريقة راكان لأنه طلع مع الأذان مباشرة وكان واضح أن هذا عشان يعطيها وقت تقدر ترتب فيه نفسها وهي اللي كانت تتخيل أنه بيكون مثل الشباب اللي يعتقدون أن وقت الزواج الواحد ما يصلح يطلع من البيت حتى ولو جاء وقت الصلاة. ما ضيعت لينا من وقتها شيء بدلت فستانها وفكت تسريحة شعرها وراحت وغسلت وجهها و استعدت لصلاة وبعد الصلاة زينت وجهها بالمكياج و لبست فستان الصباحية وكان لونه أصفر غير فاقع وتركت شعرها منسدل ومن باب الشكر لراكان على موقفة الأخير لبست السلسال والخاتم وثبتت الحلق على إذنها ثم بدت تفتش بسرعة على هدية راكان اللي أخذ ناصر وعدها إنها تقدمها له ليلة. لقت الهدية فأخذتها و راحت و جلست بالصالة تنتظره وهي تحس ان رغبتها في النوم زادت. راكان جلس بعد الإقامة يقرأ ورده اليومي وهو يفكر إن هذا يعطيها الوقت إنها بعد ما ترتب نفسها تروح تأكل زي ما تحب لأنه رتب لها أشياء متنوعة في المطبخ وبعد ما انتهى أستغفر وسأل الله من فضله ورجع للفندق. فتح الباب وهو يتنحنح ينبها انه دخل و أنصدم وهو يشوفها جالسة على الكنبة بزينتها وكأنها تنتظر ضيوف كان يتوقع إنها بتلبس على الأقل لبس منزلي هادي يساعدها على النوم اللي يشوفه في عينها لكنه فهم إنها بدت حربها الخاصة ببعادها عنه وإن كانت تعتقد إنها بتصعب الأمور في وجهه فهي غلطانة لكنه حب يكون سهل معها بما إن كل أفكارها سوداء عنه. قال راكان بنبرة خافته وهو يمشي لها
" لينا تبين تنامين؟ "
" لا ما فيني نوم "
راكان في نفسه يردد يا كذابة لأنه هو بعد يبغى ينام لكن قال
" طيب تبين نفطر؟ "
" لا أنا شبعانة الحمد لله "
عقد حواجبه وكان في طريقة للمطبخ بيتأكد لكن لينا قالت له
"راكان "
"هلا "
ما قدرت تقول كلمة تناسب فا مدت له الهدية اللي كانت منزعجة منها وكارهه نفسها بسببها. أخذها راكان و طلع صندوق خشبي لامع من تغليفه و لقى ساعة فخمة ومعها كرت احمر مزين بطريقة رومانسية أول ما طلع الكرت أنصدمت لينا لأنها أول مرة تشوفه فتح راكان الكرت وارتسم على وجهه ابتسامة عذبة وألتفت للينا بنظرات غريبة استنكرتها وقلبها حارقها تبى تعرف وش مكتوب لأنها الآن متأكدة إن هذا مقلب من مقالب ناصر. ما لقى راكان طريقة مناسبة يكافئها فيها على الهدية إلا انه حضنها وقبل راسها وقال
"تسلمين "
لينا متجمدة في مكانها وجهها محمر وبشرتها حارة وقلبها يخفق بشكل مجنون صحيح إنها تنفر منه لكن ما كانت تتوقع مثل هاذي الجرأة من أول يوم لهم
"لينا ترى أمي وجدتي بيجون الساعة عشر و نص فنامي عشان تقدرين تقابلينهم"
هزت رأسها وقالت
"إن شاء الله "
ومع هذا ما تحركت من مكانها، شاف راكان أن ما بليد حيلها فتركها و راح للمطبخ يتأكد إذا هي أكلت شيء من اللي حطه لها لكن كل شيء زي ما هو. فتح الثلاجة وشاف كل الفواكه على ما هي عليه علب العصير وقطع البسكوت كل شيء في مكانه ما أحد لمسه رجع لها وقال
" لينا أنا بنام تبين شيء أطلبه لك؟ "
"لا "
تركها وصك باب الغرفة بصوت مسموع ورمى نفسه على السرير و غمض عيونه . جلست لينا ربع ساعة وهي تحاول تتأكد من إن راكان نام، نزلت كعبها ومشت على روس أصابعها وحطت أذنها على الباب وما سمعت أي حركة فتأكدت من أنه نام لأنه ما هو معقول تمر ربع ساعة ويكون صاحي وما تسمع أي حركة منه. مشت للمطبخ بسرعة بتشرب عصير يملئ معدتها، فتحت الثلاجة وهي تتوقع ما تلقى عصيرها المفضل لأنه قليل اللي يحبونه لكنها طلعت غلطانة و لقت أكثر من علبه لعصير الطماطم وهي ما تعرف أن راكان اللي رتب وجودها أخذت علبتين وشربتها الوحدة ورى الثانية ثم أرجعت لصالة .تمددت لينا على الكنبة وحطت وسادة تحتها رأسها و وقتت جوالها على الساعة تسع عشان تقوم قبل راكان ولأنها ما نامت أمس إلا ثلاث ساعات دخلت مباشرة في نوم عميق . أي شخص ينام في مكان غير مكانه و ما تعود عليه ما راح يرتاح في نومته ولا حتى يقدر يطول في نومه أكثر من ثلاث ساعات حتى لو كان تعبان .صحت لينا وهي تحمل هم الآم اللي بتحس فيه برقبتها المنثنية وظهرها بسبب الكنبة لكنها انتبهت إنها تنام على شيء ناعم و ممددة على جنبها الأيمن براحة عرفت أنها في حلم وما راح ينقطع إلا إذا فتحت عينها . تدريجيا ارتفعت أجفان لينا و ركزت بصرها قدامه وهي تشوف بشكل ضبابي ومجرد زالت غشاوة النعاس عن عينيها لقت نفسها تحدق في صدر راكان العاري وهو مسند رأسه على يده اليسرى المرتكزة وعلى وجهه ابتسامة هادية كان ينظر في عينها و هو يفهم القلق اللي فيها أنشلت لينا لثواني وما عادت تعرف إلى إي جهة تتحرك فقال بهمس
- صكي عينك
ودها تقوم وتبعد عنه لكن راكان حط يده اليمنى على كتفها وأضاف برقة
- أرجعي نامي قبل أغير رأيي أنتي ما نمت من أمس .
غمضت عينها بضيق وهي تحس من خلف جفونها بنظراته تحرق وجهها و زاد توترها قرب جسمها من جسمه . حس فيها راكان و ظل يراقب جفونها اللي تهتز بحركة خفيفة بين فترة والثانية وتدله أنها للحين صاحية ومنزعجة بعد وقت لاحظ أن جفونها توقفت عن الحركة وحواجبها المعقودة انفكت وملامح وجهها المتقلص تسترخي و هدت حركتها تماما غير تنفسها المنتظم وغطت في نوم عميق .قرر راكان يسوي الشيء نفسه فانزل يده وحط رأسه على الوسادة وبصعوبة قدر يبعد عيونه عن وجهها و يغمض جفونه وينام هو الآخر بجانبها من طول السهر .

هاذي المرة أفتحت لينا عينها زين عشان تشوف حولها و ارتاحت لما لقت نفسه في السرير لحالها لكن جسمها على طول رجع وأنكمش لما سمعت راكان يقول
" صباح الخير "
شافته قدام المراية ويضبط شماغة وهو يتأمل صورتها المنعكسة قدامه فقعدت لينا ومدت يدها ترتب شعرها وهي ترد عليه
" صباح النور كم الساعة؟ "
" عشر "
تذكرت أن أهله بيجون بعد ربع ساعة فقامت بسرعة وراحت للحمام وفي طريقها انتبهت أنها لابسه فستان الصباحية وبما أن راكان نقلها للغرفة أكيد أن كعبها مرمي جنب الكنبة هناك فغيرت طريقها وقررت تروح تجيبه قبل يجون أهله قال راكان
" وش فيك مستعجلة؟ "
" ليش ما قومتني من بدري وش بيقولن أهلك لو جو و لقوني نايمه ما استقبلتهم؟ "
زم راكان شافيفه وقال
" ما أتوقع يقولون شيء وهم أصلا يعرفونك من قبل "
التفت لها وأضاف وهو يغمز لها بعينه
" زيدي على كذا أن أفكارهم بتوديهم بعيد "
أحمر وجه لينا وكملت طريقها ورفعت كعبها عن الأرض وهي تشوف راكان يترك لها الغرفة فا رجعت للغرفة وصكت الباب وراها عشان تقدر تسمعه إذا دخل مرة ثانية نزلت الفستان بعجلة و لبست روب الحمام ودخلت الحمام تاخذ شاور يبعد عنها النوم وينشطها . أرجعت لغرفتها وجففت شعرها وسرحته ولبست فستانها مرة ثانية ولما بدت تحط زينتها دخل راكان وقال
" باقي خمس دقايق و يجون "
" ما عاد بقي لي شيء وأخلص الحين "
قال راكان وهو مبتسم يمازحها
" لينا خليني أنا اللي أرسم لك عينك "
ضحكت لينا بصوت خفيف لأنها تذكرت شيء وقالت
" لا, الله يرفع قدر والديك بعد يدك عن ها الأمور"
" ترى أنا أعرف ولو سألت شمس بتعلمك "
" وهذا اللي يضحكني أذكر أنها قالت لي أنك دخلت الكحل في عينها وعلقت فرشة الاستشوار بشعرها "
ضحك راكان وقرب منها وقال
" طيب خليني أجرب أحط البلاشر ولا أرسم لك الظل "
أخذت لينا العلب من يده
" لا معليه أنا مهوب حقل تجارب من غير إن في ناس بيجون الحين "
حاول راكان يا خذ العلب التجميل منها وهم يتدافعون بلطف وما لقت لينا طريقة أتخلص فيها زينتها ونفسها إلا أنها تقول له وهي تحاول تاصل ليده اللي رافع بها العلب
" الناس بتجي الحين عطني خلني أخلص "
"لا "
" راكان الله يخليك "
هز راسه و قال
" خليني أحط لك و أنتي عدليه زي ما تبين "
" بعدين مهوب الحين "
" متى؟ "
أسكتت عند الطريقة السهلة اللي نطق بها السؤال ثم قالت
" في أي وقت تبي بس عطني أغراضي "
أعطاها أللي في يده وشافها تكمل زينتها بشكل سريع وبيد تدل على مهارتها في أستعمل أدوات الزينة وأكثر ما أدهشة استخدامها للمسكرة اللي زادت من كثافة رمشها من غير أي تكتلات أو مبالغة كان يراقب كل حركة حتى خلصت ويوم التفتت له قال
" إذا صرنا لحالنا لا عاد تحطين ماكياج "
"ليه؟ "
" لأن وجهك حلو من غيره وبعدين أخاف يخرب بشرتك "
ما توقعت لينا مثل كلماته هاذي واللي كانت أول جملة مدح تسمعها منه وحمدت الله أن الباب دق يعلن وصول أهله فطلعت معه تستقبلهم. دخلت أم راكان وجدته و سلمن على لينا بحرارة ما استغربتها منهن وباركن لها ثم باركن لراكان اللي قبل رأس كل وحده فيهن . حطوا الفطور اللي جابوه معهن ولأنه لينا ما صارت مع راكان لحالها ما لقت أي صعوبة تأكل أي لقمة تمدها أي وحده فيهن و راكان بنفسه أرتاح وصار يعوض الأكل اللي تركه قبل الفجر.كانت أمه وجدته في غاية اللطف والذوق ومجرد حسن أن الاثنين أكلوا والجو بينهم صافي قرروا يمشون لكن راكان تضايق لما عرف أنه ما في أحد ينتظرهن بالسيارة تحت لأنهن أخذن تاكسي. أستأذن هو من لينا أنه بيرجع أمه وجدته وما عرضته هي لكن الحريم قالوا له أنه عادي ياخذن تاكسي ولا يصلح يطلع ويترك لينا وراه لكن راكان ما أعطاهن وقت يناقشنه لأنه أخذ مفتاح سيارته وخلاهن يودعن لينا وفتح الباب ومشى قدامهن لسيارة . صكت لينا الباب من بعدهم وهي تتأمل رسم الحناء حول أصابعها الناعمة الطويلة ورجعت تجلس قدام الأكل وقالت أن هاذي فرصة تقدر تسكت جوعها ولا يزعجها راكان وقت الغداء. انتهت لينا و نظفت المكان وغسلت الأطباق والحافظات وجففتها لأنه أكيد راكان بيرجعها لأمه . فتحت الزمزمية وصبت لها من الشاهي بالنعناع ولما أخذت منه رشفه سمعت صوت الباب يفتح
وعرفت أن راكان رجع . تلقائيا راحت تمشي للصالة ولما شافت رجال غريب أسمر وجهه يدل على أن من جنسية غير عربية و لابس قميص وسروال أزرق وبيده مكانس ما عرفت لينا وش أتسوي غير أنها صاحت بخوف لدرجة أن عامل النظافة اللي ما كان يتوقع وجود أحد خاف هو الثاني وأرتجف من صوتها الحاد وطلع بسرعة وصك الباب . لينا نزلت الكوب من يدها ولأن دايما قاعدتها إنها ما تثق في أحد بدت تفتش و لقت مساحة في المطبخ ما كانت منتبهة لها.أخذتها من الخوف و رجعت ووقفت مقابل الباب وما هي إلا خمس دقايق و تشوف مقبضه يتحرك كانت في نفسها تردد الله يهدي راكان ليش ما ترك و لا مفتاح لها وتمنت من أعماقها لو يرجع بسرعة . فتح الباب ورفعت لينا عصاها وهي مستعدة لكن هاذي المرة اللي دخل راكان وتمنت الأرض تنشق وتبلعها ولا تشوف نظرت الاستنكار في عينه وهو يصك الباب و أول ما التقت عينه بعينها مرة ثانية ما قدر يمسك ضحكته أكثر من كذا فضحك بقوة وقال
" ما كنت أتوقع أنك خوافة لها الدرجة "
قالت لينا وهي تبتسم و تغطي حرجها
" من قال أني خوافة؟ "
" أنا أقول ما سمعتيني؟ "
لينا تحاول تلقى عذر لموقفها فقالت له اللي صار وهي خايفة من ردت فعله وفعلاً هذا اللي صار لأن عيونه أظلمت و وجهه تغير وقال لها
" جهزي أغراضك كلها أنا بكلم المسئولين وأرجع "
" ليه؟ "
"لأننا بنروح بيتنا "
كان غضبة واضح ومن غير ما تناقش راحت للغرفة وجهزت أغراضها بسرعة بما أنها كانت مرتبه ولأن معظمها في البيت ما هو في الفندق. حزمت شنطتها وأخذت ملابس راكان ورتبتها ودخل عليها و هي تحزم شنطته فقال
" كل شيء جاهز؟ "
" أيه "
تفقد راكان كل شيء حوله ورجع لصالة وبعدين دخل المطبخ وشاف خاتمها على المجلى فناداها وقال بصوت هادي ما يبن اللي بداخله
" أنا ما قلت لك لا تنزلينه؟ "
" كنت أغسل "
أعطاها خاتمها و جمع كل شيء لهم عند الباب و نادى المضيف اللي شال الشنط وحطها في السيارة وقت ما كان راكان يدفع الحساب عند المكتب. أخذ راكان لينا لسيارة و تحركوا بعيد عن الفندق .في الطريق قال
" ما عليه يا لينا ما كان ودي أرجعك للبيت إلا بعد السفر لكن ..."
وسكت ما كمل أما لينا فتصرفت بطبيعتها من غير ما تنتبه كانت تبغى تنسيه اللي صار وما هي مستغربه عصبيته لأنه لو كان أخوانها يمكن يصير الوضع أصعب، فقالت له
" وين بنسافر؟ "
" أنتي وين تبين؟ "
" ودي أخذ عمرة "
أبتسم راكان وقال
" هذا شيء طبيعي كل المتزوجين ياخذون عمره أول شيء. وبعده وين تبين؟ "
" أنت قرر لكن أهم شيء لا يكون الشرقية لأني ما أحبها "
" أوكي بس نسيت أقول لك إننا لازم نمر على الجنوب "
" أنا متحمسة أشوف ديرتكم "
" أتوقع إن شمس قالت لك عنها "
" كثير بس أنا ملاحظة إن لهجتك ما هي جنوبية أبدا "
" هذا لأني تركت الجنوب من عمري 18 ودرست في أرامكو وبعدين توظفت بالرياض "
" أها وأهلك اللي في الديره يتكلمون مثلك "
" لا أخواني وأقاربي يتكلمون بلهجتهم إلا أختي أسماء و الناس اللي استقروا في الرياض زي شمس وأهلها فكلهم يتكلمون مثلي أما أبوي فهذا له طريقة ثانية. ما سمعتيه أمس وهو يبارك لك؟ "
" ما قدرت أنتبه "
" أجل انتظري لين تقابلينه "
" لا قل لي الحين "
" طيب يا حبيبتي "
نطق راكان الكلمة بطريقة آلية زي ما ينطقها معظم الناس و مثل ما يقولونها أخوانها لها عشان كذا ما ركزت عليها وسمعته وهو يكمل
" أبوي كان يشتغل في أرامكو وبما إنه هناك طول عمره وكل شيء يتعاملون فيه بالانجليزي تلقين معظم مصطلحات أجنبية حتى وهو متقاعد الآن له سنين يستخدمها فلا تستغربين لو قال شاغلي الكوندشن ولا هاتي الكلاس او أكتبي في النوت ولا جيبي البن و البيبر"
" واو شكل عمي شبابي متى بنروح لهم؟ "
" لا تستعجلين أنا حجزت رحلة لجدة بعد أسبوع بعدها بنروح مكة ناخذ عمرة ويمكن نمر على المدينة إلا إذا حددوا العرس الثاني "
لينا باستغراب
" أي عرس؟ "
" العرس اللي يسوونه في الديره لناس اللي ما حظروا الزواج في الرياض "
"أيه صح "
تذكرت لينا إن هذا من العادة سائدة في المجتمع إذا أقيم حفل الزواج في المدينة اللي تكون فيها البنت فلازم يقيمون حفل ثاني في مدينة الرجال لكن طبيعي بيكون أصغر وما فيه تكلفة مثل تكلفة الزواج الرسمي وهاذي العادة يسميها البعض ( التحواله ).دخل راكان السيارة للبايكه ونزل الشنط ودخل مع لينا يوريها البيت وبعد ألظهر أخذها وتغدوا في مطعم من مطاعم الرياض قبل يرجعون لبيتهم ويأخذون قيلولة لأنه كان يوم متعب لهم وما أخذوا من النوم كفايتهم .

------------------------------------
--------------------------------------------------
* تتوقعون بتمشي الأمور تمام بين لينا & راكان ؟؟

التعديل الأخير تم بواسطة ЯǒǑǒйĝ3ħ ; 11-02-2009 الساعة 01:55 PM
  #2  
قديم 11-02-2009, 01:48 PM
 
</SPAN>
الفصل الثاني عشر


بعد صلاة العصر راكان متمدد على السرير ولا في الغرفة غيره. أنقلب على جنبه وهو يفكر في تصرفات لينا وتهربها منه واللي أثار غضبه طريقة لبسها المحتشمة وخاصة الروب اللي لبسته قبل تنام. ما كان راكان يعرف إن لينا هي اللي بطنت الروب الشفاف بقطعة قماش حرير حتى يكون ساتر. أتخذ راكان قراره فقام من مكانه وقفل باب الغرفة واتجه لدولابها ودار بعينه في داخله. مد يده يفتش بين ملابسها ولا لقى الشيء اللي نفسه فيه. رجع كل شيء على وضعه وصك الدولاب وهو عاقد حواجبه ثم طلع من الغرفة وشاف لينا طالعه من المطبخ وهي لابسه جلابية سكرية مزينة بعناية بنقوش دقيقة باستخدام خيوط ملونه ومتداخلة بتصميم شرقي ساحر. قال راكان
" أنا ما اشتريت للمطبخ شيء لأني ما كنت أتوقع نجي هنا بدري وكنت أبغيك أنتي اللي تجهزينه على ذوقك بعد السفر"
لينا آليا
" لا عادي "
" ألبسي عباتك يا لينا بنطلع "
لينا بدهشة
" وين؟ "
" لسوق! ما هو معقول نجلس أسبوع في الرياض من غير مواعين "
" بس الحين الدنيا حر! "
" ما يخالف الأسواق مغلقة بتبردين إذا دخلتيها "
" طيب "
لينا تمشي بكل ثقة وهي مبسوطة لطريقتها مع راكان لأنها عرفت أن اللي تسويه ضايقه. دخلت الغرفة وغيرت جلابيتها بلبس تنوره بنية ناعمة و واسعة تسهل حركتها بحرية و بلوزة برتقالية خفيفة تخفف من إحساسها بالحر. أخذت عبايتها ولما فتحت درج صغير عشان تأخذ ربطة و تلم شعرها شافت صندوق بحجم الكف وبجنبه علبه مجوهرات مخملية وفوقها كرت. توقعت لينا إن هذا من راكان فأخذته وفتحته وقرت تمنيات صادقة موقعه باسم أحمد وناصر وعبير اللي اشتاقت لهم وكأنها غابت عنهم سنة . رجعت الكرت وفتحت الصندوق الصغير وأخذت الساعة منه وحطتها في يدها وهي تحس إن بها الطريقة هم معها على طول. ابتسمت لينا من فكرتها الدرامية وراحت لراكان.

في الطريق تفاجأت لينا وهي تشوف راكان يأخذها لسوق الملابس وبدا قلبها بنبضه السريع يحذرها إن في شيء قدامها ينتظرها و وقت السكوت عن راكان انتهى .
" أنت ما قلت لي أننا رايحين نجهز للمطبخ؟ "
" إلا "
" طيب؟ "
" وشو؟! "
"ما أتوقع أنهم يبيعون مواعين هنا! "
" أدري "
"راكان ما في سوق مواعين في ذا الطريق؟ "
ما رد عليها راكان فا عصبت من تجاهله لها وقالت
" أنا أكلمك "
ومع هذا ما رد فزادت حدت طبعها و كل عصب منها يتمنى إنها تصرخ في وجهه و قررت إنها في السوق بتستخدم معه نفس أسلوبه وتخليه يعرف طعم إن الواحد يتجاهله . راكان يمشي بجنب لينا والصمت بينهم ثقيل وهو يتأمل المحلات التجارية اللي رتبت الملابس على الباترن بشكل معين بغرض العرض . لينا فهمت راكان وش قاعد يدور عليه هي تعمدت إن تكون ملابسها اللي جهزتها محتشمة وهذا شيء ما أعجبه ويرفضه هو مثل ما رفضه ناصر و رفضته عبير من قبله. وقف راكان فجأة قدام محل وكان واضح من عرض الملابس على واجهته الخارجية إن اللي بداخله يعجب ذوق راكان. طلب منها راكان إنها تتقدم قبله وتدخل فقالت
" ما راح أدخل "
"لينا أنا ما عندي وقت أناقشك هنا "
"و أنا ما ناقص لي شي عشان تجيني هنا "
راكان ما يشوف تعابير وجهها بسبب الغطاء لكن ما منعه هذا ما يفهم الغضب اللي في صوتها فقال
" هو صح ما ناقصك شيء بس أنا بشتري لك على ذوقي "
لينا بسخرية من صوتها الناعم
" ليه ملابسي ما هي عاجبتك ؟ "
" يا الـــله .أنتي شايفه أن هذا وقت أكلمك فيه؟ "
هنا أسفهته لينا بجرأة ومشت من قدام المحل وقلبها متقطع من الخوف للحركة اللي سوتها لأن ما هو سهل انك تتعامل مع إنسان دمه حار وطبيعته جبلية لكن كان من المفترض يراعي إن هي بعد تأثر عليها طبيعة أرض نجد الصحراوية وحرارتها اللي تصقل الشخصيات. شكت لينا في شيئ وهي تمشي بعصبية إن كانت الإحصائيات تقول إن سبع نساء من بين عشر يتلقين ضرب عنيف من أزواجهم إنها هي بتنظم لسبعة في أول نهار لزواجها بسب اللي صار. مشى راكان بجنبها عشان ما يلفت انتباه الناس للي يصير بينهم ومسك يدها بشراسة دلاله على تهديده وقال وهو يراقب المحلات التجارية اللي حوله
" أنا ما عندي حرمة تسفهني وتمشي معطيه ظهرها لي تفهمين؟ "
" وأنا مهوب بقرة تجرها معك وين ما تبي! "
" شكلك ما فهمتي؟ "
" أيه خبله ما أفهم وش رايك؟ "
" أف "
ومن دون مقدمات سحبها بطريقة ما ينتبه لها أحد و رجعها للمحل اللي تركوه ورآهم ولأن لينا لاحظت أن اللي حولها يلتفتون لراكان وجاذبيته بسبب طوله الملفت و وجماله وطريقة ترتيبه لشماغة و ما هو لأنهم انتبهوا لسوء التفاهم اللي بينهم مشت معه ولا فضلت تسوي مشكلة في مكان عام خصوصا و إن ملامح راكان متقلصة بشكل مخيف وتهدد بخطر فريب. في داخل المحل كان وجود الرجال مع محارمهم شيء قليل وهذا اللي زاد من التفات الناس لهم .شافت لينا في عين كل وحده متنقبه نظرة إعجاب للإنسان اللي واقف جنبها وكأنها تتمنى إنها هي اللي تكون مكان لينا. تبادر لذهنها سؤال لأول مرة تفكر فيه بما إن راكان يتميز بجوانب كثيرة تخليه إنسان مختلف أكيد أنه ما فيه وحدة من قريباته ما تتمناه يكون زوج لها, معقول على كل السنوات اللي مرت ما لقى منهن اللي تناسبه؟ ولما التقت بعينه من ورى غطاها رددت في عقلها تلقائيا خصوصا مع هذا الجمال الرجولي الصاخب واللي كرهته لأنه مجرد من الأخلاق
" شوفي هذا يا لينا "
التفتت للقطعة اللي في يده فقالت بصوت هادي يوضح العصبية اللي دخلها
" لا تتوقع مني ألبسها! "
" طيب أنتي وش رأيك فيها؟ "
بعدت وجهها عنه وما ردت عليه لكن هو تجاهل حركتها وأخذ القطعة ودفع قيمتها وسحبها معاه لمحل ثاني. لما شافت لينا إن الملابس لهذا المحل أكثر جرأة وأغراء من الأول قالت لراكان وهي تحط يدها على ذراعه بشكل لا أرادي
" لحظة راكان أسمعني أنا ما راح أدخل هذا المحل بذات "
" ليه؟ "
" بس كذا ما أقدر"
توهج وجه لينا نار من خلف غطاها وهي تشوف راكان يبتسم لها ويقول
" ليه ما تقدرين؟ "
" ما أدري "
"كيف ما تدرين؟ "
ما عرفت وش ترد عليه فقالت أقرب شيء لذهنها
"راكان صعب فيه ناس ما أقدر"
ما توقعت تسمع صوته و فيه نبرة تفهم
" لينا الناس الحين متفهمة و صار عندها الوضع عادي ولا أتوقع من وحده متعلمة مثلك تفكر زي جداتنا "
طريقته خلت مكان الغضب الجامح إحراج وخجل فقالت بصوت يماثل صوته
" ما اختلفنا بس أنا ما أبغى أدخل "
أخذها من يدها وهو يقول
" كل شيء صار عادي في الزمن هذا وأنتي بتشوفين الحين بعينك "
" على الأقل ما يصلح تدخل محل زي كذا لأنك بتحرج الموجودات "
راكان يمازحها
"وأنتي! ما أنتي مستحيه مني؟ "
قالت برتباك
" قلت لك من أول أني ما أبغى أدخل و ما أعطيتني وجه "
قال يلاطفها
" أفـــآ أنا ما أعطيت لينا حبيبتي وجه؟! من أعطي أجل؟ "
أثناء مرور راكان ولينا مع باب المحل مرت وحده بعبايه على كتفها و مخصره عند وسطها يظهر بنطلونها الجنز الأبيض في كل مرة بسبب مشيتها المتعمدة وكان معظم وجهها المجمل بمكياج يكشفه اللثام الشفاف وهي مزينه عينها الواسعة بشكل متقن بكحل ومسكرة. أصدمت في راكان وقالت بغنج وصوت مدلل وهي تتعداه
"أوه sorry "
في ها اللحظة بذات وقف عالم لينا وتجمد وغابت كل أبعاده وألوانه وما رجعها لعالمها إلا صوت راكان وهو يدخلها قدامه
" أعوذ بالله "
ما فهمت لينا شعورها و لا النغمة الغريبة اللي في صوت راكان صحيح إنها كانت نغمة كريهة لكن ما كانت تعني كرهه للإنسانة اللي مرت قبل شوي أكثر مما كانت تعني شفقته عليها. في أخر الوقت وقبل ما يعلن المؤذن دخول صلاة المغرب ركبوا سيارتهم والمرتبة الخلفية ممتليه من الأكياس واللي بطبيعة الحال فيها ملابس كلها من اختيار راكان اللي تغيرت طريقة تعاملها معها بشكل تدريجي . صار أهدا وألطف و ألين من قبل حتى أنه قدر يمتص غضبها ويحوله إلى خجل يستفيد هو منه وبمثل هاذي الوضع قدر ياخذ لينا لأكثر من محل وهو يزيد في إحراجها . في السيارة قال راكان
" بعد صلاة المغرب بنشتري أغراض المطبخ "
" أوكي "
" لينا عندك مانع لو طبخنا اليوم في البيت؟ "
لينا مستنكره استئذانه لأنها كانت تتوقع منه إذا بغى شيء أنه يستخدم أسلوب الأمر و لا كانت تعرف إن هدفه من مثل هذا الاحتكاك البسيط كسر الحواجز إلى للحين باقية بينهم .قالت لينا له
" لا عادي "
راكان يمازحها
" أنتي ما عنك غير ذا الكلمة؟ سولفي قولي شيء "
لينا ضحكت ضحكة قصيرة بسبب أسلوبه وهو يمثل دور العاجز
" وش تبيني أقول؟ "
" أي شيء ؟ قولي مثلا وش تحبين؟ أو من أغلى واحد عندك؟ أو وش تبيني أسوي لك؟ وين تبين تروحين؟ وش النظام اللي تبينه لحياتنا؟ وش هدفك في الحياة؟ أي شيء المهم تكلمي يا حلوه "
" أوكي أنا أحب أبوي وأمي وأخواني و ..."
"بس؟ "
" و أحب شمس "
"تكلمي من بعد ؟ "
"راكان "
راكان حس بسعادة غامرة ولذة نصر لكن فجأة طفا أملة لما عرف إنها كانت تناديه لأنها قالت وهي تشوف الطريق
" هذا ما هو طريق البيت! "
عرف إنها تتهرب منه هاذي المرة بعد فسايرها وقال
" ما شاء الله عليك أمداك تحفظين الدرب؟ "
" أيه بس حنا وين رايحين؟ "
" بنصلي في مسجد الراجحي بما إنه قريب من هنا و بعدين نشتري المواعين ونروح للبيت قبل صلاة العشاء "

أثبتت لينا جدارتها في الطبخ وهذا الشيء ما كان يتوقعه راكان أبدا واللي أساسا كان يصر عليها وهو يساعدها في المطبخ إنها تسوي شيء خفيف ينتهي طبخه في وقت قصير لكن هي رفضت لأنها تعرف إن ما عندها شيء تشغل به وقتها لو خلصت بدري؟ وافقها على اللي تسويه و هو في داخله متساهل معها طول اليوم هذا لأنه أتخذ قرار ما فيه أي رجعه وإن كانت تتهرب منه في كل مرة فهاذي المرة ما راح يسمح لها أبدا وإن كانت تجهل تأثيرها البريء فيه فا اليوم بيعلمها إنها شيء مختلف عن اللي هي تتخيله مهما لبست من ملابس محتشمة. لينا جالسة تجفف الأطباق اللي قدامها لأن راكان أصر أنه هو اللي يغسل عشان يقدر يطلع من المطبخ قبلها ولما تركها لحالها ما كان يعرف أنه ترك في تفكيرها صور له متناقضة من غير الصور الموجودة أصلا قبل سنتين. دخل راكان للغرفة و حط على السرير روب نوم أشتراه لهاذي الليلة بالذات ومثل ما دخل بهدوء طلع. طلعت لينا من المطبخ وفي يدها كاس عصير وراحت تجلس في الصالة وهي تشوفه نازل الدرج في قميصه البني و بنطلونه البيج .
" لينا تعالي أبيك "
شربت من العصير وناظرته بعين فيها برأه
" خير؟ "
" في شيء باخذ رأيك فيه "
" ما يجي بعدين أشوفه؟ "
لما قالت كذا كان راكان واقف قدامها وهو يقول
" لا ما يجي؟ "
" طيب وشو؟ "
أخذ كاس العصير من يدها وحطه على الطاولة اللي جنبه وقال
" تتقومين والا أشيلك؟ "
قامت وهي مرتبكة ولون الأحمر يزحف ويغطي وجهها
" لا لا أقوم ما هي مشكلة قالوا لك رجلي منقشه بحناء؟ "
طلعت الدرج قدامه وهي تشوف المكر في عيونه و لما قربوا من باب غرفة النوم قالت وهي تلتفت برأسها له لأنه كان ماسك أكتافها
" ظنيت أن اللي بتاخذ رأيي فيه في المكتب؟ "
" أدخلي و بتعرفين الحين "
لينا فعلاً خايفة وقلبها مثل قلب عصفورة فاجأها قط لكن مع هذا تصنعت اللامبالاة ودخلت أول ما شافت الروب تجاهلته ومشت داخل الغرفة وهي تحس بضغط الدم في رأسها وجهها يشتعل بحرارة. قال راكان وهو واقف عند الباب
" التفتي لي يا لينا "
التفتت وهي رافعه حواجبها الأنيقة مستفهمة وفي نفس الوقت تحاشت النظر في عيونه ولما ما لقت جواب قالت
" وش اللي بتاخذ رأيي فيه ؟ "
دخل وصك الباب بعده و أخذ الروب عن السرير ولما قرب منه قالت
" أنا قايله لك و حنا في السوق أني ما راح ألبسها "
راكان بصوت هادي لكن غريب
" أنتي كذا كذا بتلبسنه إذا ما هو اليلة بكره "
لينا وفي صوتها ارتجاف خفيف
" أنا ماني محتاجته له عندي حقي "
ولما كانت بتتعداه سد طريقها بجسمه وقال
" معليه الليلة بتلبسين هذا "
حطه في يدها وقال
"خمس دقايق وأرجع إذا ما لبستيه خمني وش بيجيك؟ أنا بلبسك إياه "
"كيف؟ "
" اللي سمعتي "
" بس ...."
وبسبب قلبها اللي رافض يهدا وحلقها الجاف ما قدرت تكمل وطلع راكان من الغرفة قبل يسمع أي اعتراض. حطت لينا يديها حول وجهها و ضغطت بأصابعها على العروق اللي تضخ الدم بشكل مجنون لرأسها و فركت جبهتها وهي تحاول ترخي أعصابها المشدودة عشان تفكر بهدوء لكن قدام تهديده ضاعت كلمة الهدوء من قاموسها. أخيرا حكمت عقلها اللي قرر إنها لو ما لبسته بتتعقد الأمور أكثر و بتذل وهي المتضررة في النهاية و استقرت على إنها تلبس الروب الشفاف بكرامتها. بعد ما رجع راكان الغرفة شافها واقفة وفي عينها شيء واحد الخوف منه وحتى لا يزيد من خوفها ما أعطا نفسه وقت يتأملها. قرب منها بهدوء و حط ذراعه حول أكتافها الضعيفة يطمئنها وكانت هي منزلة رأسها ولما حس بارتجافها ضمها له بحنان وقال في إذنها كلمات ناعمة بصوت دافئ أجش ثم رفع رأسها له وهي مغمضة عينها
" لينا أفتحي عينك "
فتحت عينها بتردد ولأول مرة تشوف أن عينه الحادة تناظرها بطريقة مختلفة والقسوة ما عاد لها وجود في وجهه حتى عند حواجبه اللي دايما معقودة لكن نفس النظرة الغريبة اللي ما تفهمها موجودها. تأمل راكان ختم شافيفها واللي يدل على حساسيتها ورقتها فقبلها بنعومة حتى ما يؤذيها وكانت هاذي قبلة الاشتعال اللي أذابت الجليد بينهم .


</SPAN> 13-03-2008, 10:23 AM
الفصل الثالث عشر


بعد أسبوع من زواجهم قامت لينا من نومها قبل أذان الفجر بسبب الضيقة اللي تحس فيها بصدرها واللي ما خلتها ترتاح. راحت للحمام بالروب الحريري اللي طوله إلى نصف فخذها والمربوط بشريطه ناعمة عند خصرها صحيح أن له أكمام طويلة لكنه كان مغري بشفافيته ويكشف أكثر من انه يستر. تأملت وجهها الناعس في المرايه وأخذت فرشاتها وفتحت المعجون وهي ذهنها مشغول براكان اللي كانت ناوية تحول حياته لجهنم لكن هو استغل حيائها منه وقلب حياتها هي فوق تحت ولا تركها تذوق طعم النوم في كل ليلة من هذا الأسبوع. احمر وجهها وهي تتذكر أحداث ليلة البارحة وكلماته وهو يغازلها فتأثرت من داخلها وكرهت نفسها بسبب هذا التأثر وكرهت الطريقة اللي هي عايشه فيها لكن بديهي هي كانت تعرف في نفسها ومن أول ما راحوا لسوق قبل أسبوع إن راكان أو أي رجل مكانه ما راح يتنازل عن حقه الشرعي. لينا مهما كانت تكره راكان بس ما هي حجر أصم ما تتأثر به خصوصا أنه شخص له جاذبية صاخبه وهي إنسانه لها حس رقيق هي بنت عندها عاطفة مرهفة قررت من قبل تحجبها عنه لكن هو قدر يستخرجها .كرهت لينا أفكارها وبدت نفسيتها تتعب و انقلب مزاجها وصار وجهها كئيب يغطيه النكد حتى شافت في عينها لمعان دمعة قهر. استندت على المغسلة وبدت تفرش أسنانها بعنف وتحاول توقف تفكيرها تحاول تنسى كل شيء تحاول لو قدرت تتجرد من حياتها وترجع للبنت البريئة اللي تنام في غرفتها بسلام وراحة بال ولأنها ما انتبهت لنفسها مررت الفرشاة على أسنانها الخلفية لفكها السفلي وهي موقفه تنفسها وقبل توصل لضرس العقل مرت الفرشاة على جزء من لسانها و تركتها هاذي الحركة السريعة تصير على وشك تتقيأ. بعدت فرشاتها وحاولت إنها ما تستفرغ لكن ما في فايده خصوصا مع طعم المرارة اللي في حلقها. راكان كان واعي بكل حركه تسويها فاقفز من السرير مسرع يوم سمع صوت حنجرتها المخنوق بأهه تجسد ألمها النفسي. فتح الباب و شافها متمسكة بالمغسلة وهي تحاول تضبط نفسها وصوت أنينها الضعيف يحركه غصب عنه قرب منها وحوطها بذراعه القوية يسندها له وقال بصوت يعبر عن حنانه
"لينا سلمات فيك شي؟ "
قالت بصوت ضعيف وهي تقاوم دموعها
"لا ما فيه شي بس كنت بستفرغ "
رفعت رأسها له وشافت ابتسامة بسيطة على وجهه وعيونه فيها السعادة وهو يقول
" تحتاجين أوديك مستشفى؟ "
فهمت لينا كلامه فاسترجعت قوتها وبعدت عنه والقهر يشنقها وقالت بارتباك
"لا ما يحتاج ما فيني إلا العافية. فرشت أسناني الأخيرة وكنت بستفرغ من الفرشاة لأنها مرت فوق لساني بس "
زاد عرض ابتسامته وهو يشوف وجها يحمر و جسمها الفاتن في الروب اللي اختاره يرتعش, فقالت لينا بانزعاج واضح وهي تبعد شعرها عن وجهها بحركة عصبية
"إذا تبي الحمام بتركه لك الحين بس بغسل فمي "
فهم إنها تبي تتخلص منه ولاحظ تضايقها فقال
"لا ما هي مشكلة بستنى لين تخلصين "
وطلع وتركها وهي تردد في ذهنها إنها أتعس وأغبى مخلوقة يوم رضت باللي صار لها وقبلت تتزوجه .
* * * *
ذكر راكان للينا قبل يطلع بعد الظهر عشان يتأكد من بعض الأمور أن سفرهم لجدة بيكون اليوم بعد المغرب. بعد ما ترك لها البيت فاضي حست أن ضيقة صدرها خفت لكن تفكيرها لازال مشحون عليه وبشكل غير متوقع لقت إن تعاملها مع راكان من البداية غلط ما كان من المفترض تخليه يحس إنه يتعامل مع إنسانة ما كان من المفترض تناقشه أو تجادله أو تترك لطبعها يفلت منها لأنه في النهاية بيتعمد يحرجها والحياء أمر مفطورة عليه ولا هو في يدها وفي الأخر تنتهي الأمور زي ما يحب هو ولأنها لقت إن استراتيجيه البرود أفضل طريقة لمواجه راكان وأكثر قدره لسيطرة على نفسها قررت تنفذها من اليوم مع إنها ما تقدر تضمن ردت فعله. تركها قرارها الجديد تسترخي لكن الشعور الكئيب لازال موجد. أخذت الجوال وتنقلت بأصبعها بين الأسماء بسرعة و ضغطت على اتصال. أحساس بسعادة خالط قلبها لأن ما طال انتظارها و سمعت الصوت يرحب فيها
" يا هلا والله "
" هلا أبوي كيفكم وش أخباركم "
" حنا الحمد لله بخير أنتي علومك عساك طيبه "
" طيبه طاب فالك أمي وش أخبارها وأخواني "
"كلهم بخير يا الله لك الحمد والشكر عساك مرتاحة "
حست لينا إن كلمة الراحة شيء جديد ولأول مرة تعرف بوجودها لكنها كملت مكالمتها بشكل طبيعي
" أيه الحمد لله مرتاحة ومبسوطة ما ينقصني إلا شوفتكم "
" ما أنصحك تشوفين ناصر لأنه طافي من تركتيه "
" يا حليلة أثري غالية و أنا مدري "
ضحكت مع أبوها اللي قال
" أمك جنبي تبي تكلمك خذيها "
صوت أم الوليد وهي متشوقة لبنتها
" السلام عليكم "
" هلا وعليكم السلام كيفك يمه وش علومك "
" أنا بخير أنتي بشرينا عنك عساك طيبه "
هنا سمعت لينا صوت أمها وهي تغالب بكاها لكن ما في فايدة لأنها مشتاقة لشخص اللي دايم يسوي مصايب في البيت ويعدم الدنيا هبال الشخص اللي كان دايم يشغل وقتها بملاحقته ومتابعة أموره والاهتمام فيه. بعد ما غابت لينا البيت اللي كان مليان إزعاج صار هادي وغريب على الجميع بكت لينا مع أمها وهي تحس إنها مسألة وقت ويتغير كل شيء . أخطفت عبير الجوال من يد أمها لما شافتها تبكي وأبوها يهديها وقالت للينا
" سلام يا حلوة "
"آهلين عبير وعليكم السلام "
" لا لا لا ما يصلح عروسة تبكي "
" يا شيخه روحي وراك. ما بطلتي ذا الكلمة! "
" أقول لينا حولك أحد؟ "
" لا راكان طلع و بيرجع بعد نص ساعة "
"طيب عندك تلفون أدق عليك أحسن ما أكلف على جوالك "
" هو فيه تلفون بس أنا ما أعرف رقمه تعرفين استحيت أسأل راكان "
" طيب تقدرين تدقين على البيت؟ "
" أوكي الحين بدق "
بعد ما عادت الاتصال مرة ثانية صار الجو حول عبير أكثر هدوء
" أيوه الحين الواحد يعرف يكلم أنتي وش أخبارك إن شاء الله تمام "
" تمام التمام أقول عبير كأن الجو هدا عندك؟ "
" أيه أخذت التلفون لغرفتي وطلعت الصغيرين المزعجين "
" يا الله فقدتهم وش أخبار أحمد وناصر ؟ "
"كلهم بخير أحمد له فترة يستعد لترتيبات التخرج خلاص و يحط النجمة و ناصر ما لقى أحد زي هباله فا تلاقينه دايم مع الشباب "
" يعني ما فيه منهم أحد الحين؟ "
" هم فيه بس راحوا يشيكون على السيارات بنكشت اليوم بعد العصر "
" ما شاء الله كان ودي لو أني معكم أقول عبير وش أخبار التوأم وسامي وعبد السلام؟ "
" كلهم بخير الحمد لله أنتي طمنينا عنك؟"
" أنا الحمد لله بسافر اليوم بعد المغرب لجدة "
" رتبتي شغلك وأغراضك؟ "
" قلت أكلمك قبل أجهز أي شيء وقبل ما يرجع راكان بعد "
في هاذي الأثناء دخل ناصر وأحمد على عبير لما قالوا لهم الصغار إنها تكلم لينا وأخذوا السماعة منها
ناصر :-" هلآ لينا وش أخبارك؟ "
تجمعت دموع لينا في عينها لأنها ما قدرت تضغط على مشعرها وتكابر أكثر من كذا وعشان تغطي صوت بكاها ضحكت وقالت
" آهليـــــــــــــــن بالدكتور ناصر "
أحمد يصرخ على ناصر :-" حط على السبيكر يا شيخ "
حطوا على السبيكر وصوت لينا من التلفون يملى الغرفة من حولهم
" كأني أسمع صوت أبو حميد عطه السماعة بكلمه "
ناصر:- " يسمعك يسمعك حنا حاطين على السبيكر "
أحمد :- " وش أخبارك يا لينا؟ "
لينا :- " أنا بخير ومشتاقة لكم كلكم "
أحمد :- " ودك تشوفيني؟ "
لينا :- "وهاذي يبي لها كلام! "
أحمد:-" أجل أسمعي بعد بكره حفل التخرج و طبيعي يذيعونه في التلفزيون مباشرة فا دوري في الشاشة يمكن تلقيني هنا ولا هنا "
لينا وهي تضحك :- " والله ما أدري مع العدد الكبير للمتخرجين واللي أصلاً طولكم واحد ولبسكم واحد حتى شكل أجسامكم متشابه كيف تبيني أطلعك؟! "
ناصر :- " لا حبيبتي هذا أحمد بن خالد علم في رأسه نار "
لينا :-" وأنا أشهد بس والله جد ما أتوقع أقدر أشوف حفل تخرج الكلية لأني اليوم مسافرة لجدة وبعد بكرة يمكن أنزل على مكة أخذ عمرة "
أحمد :- " لاه.."
لينا :- " ما فيه مشكلة سجلوا لي الحلقة بفيديو أقول أحمد أخذوا لك صورة مع شباب الدفعة ؟ "
أحمد :- " أيه التصوير خالصين منه من زمان"
الكلية الأمنية تهدي لكل طلاب الدفعة مع وثيقة التخرج كتاب عبارة عن ألبوم لصور تذكارية لجميع الدفعة عشان كذا قالت لينا
" أحتفظ لي بالصور إذا رجعت لرياض بمر أشوفها "
ناصر يمزح :-" فكينا منه حرام عليك من رحتي ما عاد عندنا إلا هو وتخرجه وتلاقين الواحد من ها الضباط أولتها حليو ثم إذا ترقى تفرعن على المسلمين و تعرفينهم من أشكالهم إذا مشوا الواحد منهم تشوفينه رافع لي صدغه وما يلتفت تقل بعير ملطوم خده "
أحمد يضحك:- " كثر خيره ما قال ناقة "
ناصر:-"المهم لينا إذا رحتي للحرم أدعي لي أتخرج "
لينا :- " ما توصون أنتم في القلب يا عم "
عبير :- "لينا طولنا عليك روحي جهزي أغراضك قبل يجي راكان "
لينا تمزح :- " حتى وأنا بعيد توصين لا تخافين معي وقت أقول ناصر "
ناصر :-" يا لبيه "
لينا :- " أمي ما عجبني صوتها يوم كلمتني إذا طلعت للبر أزعجها لا تخليها تفكر في شيء "
ناصر يمازحها :- " ما هي مشكلة هاذي ألوالده ما يبي لها وصاه لكن أنا من يعطيني وجه؟ "
لينا :- " شف القمر أحمد قدامك "
ناصر :- " حرام عليك تتركيني مع التمساح هذا اللي من الشمس و التدريب صار جلده حرش! أول كنت أقول الله يجزي الكلية خير يوم ما يفكونه إلا خميس وجمعة والحين ما أدري وش أسوي؟ "
لينا :- " أحمد ما وصيك على ناصر هاه عليك فيه وره نجوم القايله "
أحمد وهو يناظر لناصر :-" لا تخافين عليه في أيدي أمينة "
لينا تمزح:- " أمينه ولا سعاد؟ "
ناصر ييرفع صوته:- " خليها على سعاد يا شيخه سعاد أشوى "
أحمد:-" توني أستوعب السالفة , لينا من قصدك بأمينة؟ "
لينا تضحك:- " أقصد بها عبير "
ضحكوا شوي ثم قالت لينا :-"عبير ما شاء الله ما تحتاجين وصاه أهتمي لأبوي وأمي , يلله شباب ما ودي أتركم بس لازم أصك الحين "
ناصر :- " سلامتك يا لينا "
لينا :- " على فكرة تسلمون على الساعة من شفتها ما نزلتها من يدي "
أحمد :- " بياكلنا راكان لو عرف هو عندك؟ "
لينا :-" لا مهوب موجود توصون شيء شباب لازم أروح الحين"
أحمد:- " لا أبد تسافرين وترجعين بسلامة يلينا "
لينا:- " الله يسلمكم مع السلامة"
تغيرت نفسيتها كثير بعد ما سمعت صوت أهلها وبما إن راكان ما جاء وبقي معها وقت اتصلت على شمس اللي استقبلتها
" يا مرحبا يا مرحبا مراحب إعداد ما ظهر نجم سهيل وغرد طير "
ابتسمت لينا
" أيوه طلعت اللهجة على أصولها "
" وش أخبار الحلوين من لقى أحبابه نسى أصحبه؟ "
" أفا مهوب أنا اللي يقال له ها الكلام وش فيها الشبكة صوتك يروح ويجي؟ "
" إيه حنا رحنا بعد زواجك لأبها وأنا الحين مع بنت أختي أسماء جالسين في الجبل وفيه ضباب حولنا والدنيا تجنن "
" يا حظكم "
" إذا جيتوا أخذتك معي الجبل مع إن أخو اللي معي ما راح يسمح لي, أقول لينا خذي كلمي أسماء أخت راكان "
أسماء:- " ألسلام عليكم"
لينا :- "هلا وعليكم السلام "
أسماء :- "ألف مبروك يا لينا "
لينا :- " الله يبارك فيك "
أسماء :- " ما عليك من كلام خالتي شمس تراها مجنونة أخوي طيب و ما راح يقول لا "
لينا من الإحراج قالت وهي تضحك " الله يعطيك العافية أنتي وش أخبارك وأخبار عمي وخالتي "
أسماء :- " كلهم بخير على فكرة أبوي حدد يوم الحفل وبيني وبينك هو مستعجل على غير عادته "
لينا :- " متى صار الحفل ؟ "
أسماء :-" بعد أسبوع أقول لينا خذي شمس أزعجتني تبيك مع السلامة "
شمس بصوت مرتفع :- " هيه لينا في سؤال محرج بس بتأكد لأن فيه بيني وبين أسماء مراهن ؟ "
لينا :- " زين اللي صرت تعرفين معنى الإحراج وأستاذان أخبر أيام الكلية تعطيني الأسئلة على وجهي سلام سلام "
لينا تسمع صوت أسماء تقول ما هو وقته لكن شمس قالت
" أسأل ولا لا ؟"
" اسألي أشوف "
" بالمختصر راكان رومانسي ولا لا ؟ "
لينا تمزح مع شمس
" إذا جينا عندكم شوفي بنفسك "
" لينا! "
" مع السلامة شمس بروح أجهز أغراضي قبل يجي راكان "
" طيب مع السلامة "
تأملت لينا جوالها ولأن من عادتها إذا كانت لحالها تتكلم بصوت مسموع وتضيف بلغة إنجليزية جمل قصيرة قالت
" راكان رومانسي؟! he’s not romantic man at all‏ "
ما كانت تعرف لينا وهي تتكلم إن راكان دخل و وقف وراها بمسافة قصيرة ولما سمع كلامها ضمها بشكل مفاجأ وأمطرها بقبلاته وقال وهو يبتسم
" طيب وش رأيك بهذا؟ "
اختفى الخوف من قلبها لكنه ما هدا نبضه بسبب راكان وقربه وبدت لينا تستخدم حربها الجديدة مع إن وجهها الأحمر يختلف عن صوتها الهادي لما قالت
" متى جيت؟ "
"قبل شوي"
"طيب ممكن تفكني بروح أجهز أغراضي "
" من كنت تكلمين؟ "
"شمس "
" آه شمس حتى وهي في أبها لاحقتني في الرياض ؟ "
ما اختفى الهدوء من وجهها وصوتها لما قالت
" لو سمحت راكان ممكن تفكني "
" لا. وش بتسوين يعني؟ "
هزت كتفها بلامبالاة وقالت
" ما باليد حيلة "
"لينا صاير لك شيء اليوم؟ "
رفعت حواجبها وقالت
" مثل أيش ؟ "
لما شاف برودها تركها وقال
" ما أدري خلينا نجهز أغراضنا عشان نلحق على موعد الطيارة" .

لما كان كل واحد يرتب أغراضه شاف راكان طريقتها الجديدة وصمتها الطويل ولما انتبه لشنطتها لقى إنها ما أخذت شيء من الملابس اللي أختارها. مشى جهتها والعبوس يغطي وجهه وقال
" وش قاعدة تسوين؟ "
"أرتب شنطتي "
" أدري بس ليش ما أخذتي من اللي أنا اشتريته؟ "
ما ردت عليه ومشت جهت الدولاب وأخذت بعض البناطيل الفضفاضة وحطتها في الشنطة وقالت
"كذا خلاص "
" لينا! تسوين كذا ليش؟ يعني بالضبط وش هدفك؟"
لينا ببرود كئيب
" لا تتوقع مني ألبس عند الناس شيء ضيق ولا يفضح "
" أنا ما قلت كذا وهذا الشيء أصلا مرفوض في ألديره بس أنتي وقتك كله ما راح يكون هناك "
" أوكي تبغى ترتب شنطتي أنا ما قلت لا "
كان استفزاز واضح لراكان اللي ما تعود يتعامل بهاذي الطريقة من أحد أو يخدمه ومع هذا نسق شنطتها بنفسه ولما شافت أنه أخذ تنوره رمادية قصيرة طولها إلى نصف الفخذ تضايقت و أبلعت اعتراضها وهي تسأل إن كانت حربها الجديدة معه تنفع لانتقامها منه أو إنها بتنقلب عليها مثل حربها الأولى ؟.



الفصل الرابع عشر

راكان يقطع بسيارته جيب اللكسز الطريق البري الغير معبد والخضرة والأشجار تحيطه من كل مكان. قبل يرجع لديره جلس في جدة ثلاث أيام و في مكة يومين ولا قدر يأخذ لينا للمدينة المنورة لأن أبوه حدد الحفل بكرة.الشيء الوحيد اللي كان موقف لطيف وذكرى حلوة بنسبة لراكان هو موقفه مع ولينا في الحرم وتحديدا في المسعى بين الصفا والمروة. لينا وقتها كانت خاشعة في دعائها ودمعها يبلل وجهها لأنها المرة الأولى لزيارتها مكة المكرمة فما عاد فيه شيء يشغلها عن الدعاء إلا إن راكان قال لها
" لينا "
طبعاً لينا في العمرة هادية ومطمئنة فقالت بصوت خاشع
" نعم "
" عندك مانع لو دعيت وأنتي تعلميني إذا وصلنا العلم الأخضر عشان أهرول و أستناك بعدها عند العلم الثاني"
ما كان قصده أناني أبدا كان كل همه يهدم الجدار اللي لينا تحيط نفسها فيه, أما لينا فما كان ودها تقطع دعائها لكن هي من سفرهم من الرياض إلى هاذي اللحظة كانت شديدة معه و باردة في حين هو يكون في قمة لطفه وأدبه وأحيانا تلاحظ أنه يكتم غضبه ويسيطر على انفعالاته عشان ما تسيء الأمور بينهم وهذا الشيء تنوي تفكر فيه إذا انتهت العمرة و انفردت بنفسها. عشان هذا السبب ما قدرت لينا غير إنها تقول
" لا عادي ما فيه مشكلة أنت أدع وأدع لي معك وأنا أنبهك إذا وصلنا للعلم "
المرة الأولى صار الوضع طبيعي وإذا وصلوا للعلامة تقول لينا لراكان أبداء و راكان ما يحتاج يتأكد فا يهرول وإذا انتهى عند العلم الثاني وقف ينتظرها ثم يكملون السعي. في الشوط السادس لينا محترق قلبها أنه ما بقي غير القليل وتنتهي عمرتها كان ودها إنها تسعى وتدعي إلى ما يشاء الله وبسبب تركيزها على مشاعرها نست تنبه راكان اللي ما فكر أبدا يلتفت حوله لأنه يعتمد عليها اعتماد كامل خصوصا بعد الخمس أشواط اللي انتهت. وصلوا للعلامة الثانية و شافتها لينا فقالت
" أبداء "
راكان سمع الكلمة للمرة السادسة الآن وبداء يهرول بسرعة لكنه فجأة حس بجو غريب عن قبل وإن كل الأعين تناظر له بدهشة رفع عينه وشاف أن بعض المعتمرين يبتسم له والبعض صرف عينه بسرعة وكمل عمرته. تفقد راكان المكان من حوله ورجع للينا اللي إلى الآن ما استوعبت ليش راكان رجع ولأنها المرة الأولى لها ما أدركت الموضوع. قال راكان وهو يمسك يدها ويبتسم لها
" أنتي تعرفين وين تركتيني أهرول؟ "
" لا. ليش ما كملت سعيك؟ "
راكان وهو يتذكر نظرات الناس من حوله وابتسامتهم وعقله يتخيل شكله وهو في مثل ها الموقف خصوصا وإن طوله الفارع يساعد على جذب الانتباه وهذا الشيء خلاه يبتسم ويقول للينا بطريقة مرحة
" يخرب بيت عدوينك. تركتيني أهرول عند العلم الثاني يوم الناس وقفت وذكرت ربها "
لينا لما عرفت ما صدقت وقالت
" كيف؟ "
" كيف؟! قلتي لي أبداء و أنا الخبل ما كلفت نفسي أتأكد انطلقت مثل المهبول كأني....ولا بلاش ماني قايل. الناس كانت تناظر لي وتبتسم وكأن في وجهي نكته "
كانت هاذي هي المرة الأولى من تركوا الرياض اللي تضحك فيها لينا لأنها ما كانت تتوقع أنه ينعت نفسه بمثل كلماته اللي سمعتها وخلتها تكون صورة ظريفة عن شكله وطريقة نظر الناس له. لا إراديا قربت لينا من راكان اللي شاركها الضحك وهي تخنق ضحكتها بسبب الناس اللي حولها. أنقطع تفكير راكان لما شاف البيت الشعبي الكبير واللي يجتمع فيه أخوانه وبعض الأقارب اللي يجون من خارج أبها . وقف السيارة ونزل وهو يقول للينا
" أستني أشوف إذا ما فيه أحد ولا ندخل مع الباب الثاني "
لينا في السيارة تشوف واحد يطلع من الباب الرئيسي للبيت وينتشر في لحيته السوداء الشيب ومن هيئة جسمه خمنت إن عمره في الأربعين. سلم الرجال على راكان وهي تسمع ترحيبه بلهجة جنوبية
"أرحبوا الله حيهم يا مرحبا براكان "
"يا هلا فيك يا أبو محمد "
" حياكم إعداد ما سرتو عليه هلا ومسهلا "
" الله يبارك فيك وش أخبارك وأخبار عيالك "
" بخير الحمد لله تفضلوا "
" أدخل أهلي أول يا ابو محمد .أبوي فيه؟ "
"موجود بالمجلس دخل عيالك و تعال الله يحيك"
" الله يبقيك أدخل أنت لأبوي وألحقك أنا الحين"
دخل أبو محمد للبيت الشعبي ورجع راكان للسيارة لجهة لينا وهي تسمع خطواته على الأرض و احتكاك نعاله مع الحصى الصغير. فتح باب المعاون وقال لها
" انزلي يا لينا و ادخلي مع الباب الثاني وأنا بعد ما يهدا ألجو أجيب لك أغراضك "
لينا السؤال يشغل ذهنها فقالت بطريقة آلية ما تثير اهتمامه
" هذا أخوك؟ "
" أيه أخوي سعيد كبير العايله "
نزلت من السيارة وهي تسأل سؤالها الجوهري اللي في ذهنها
" ومن عيالك؟ "
أبتسم راكان وهو يلمس الشك في صوتها
" إحنا عندنا يقولون لزوجة أي واحد عياله ما يقولن أهله زي أهل الرياض "
" يعني يقصد بعيالك أنا؟ "
ضحك من طريقة استغرابها وقال
" أيه عيالي عندك مانع؟ "
لينا ما غيرت حربها الجديدة فقالت
" فيه مثل يقول عندما تصل روما افعل ما يفعله الرومان "
في هاذي اللحظة فتح الباب المخصص لنساء وطلع منه ولد وبنت وما كانوا غير إخوانه الصغار سامية وعبد الإله. سلموا على أخوهم اللي بادرهم بكلامه ولعبه ولا اهتم لشيء غيرهم وسألهم
" ماما هنا؟ "
عبد الإله :- " أمي وجدتي بعد وخالة شمس وخالة عايشه وخالة نورة"
رقص قلب لينا من الفرحة أما راكان فكمل استجوابه
" وأبوك فيه؟ "
سامية وصوتها يتداخل مع صوت عبد الإله :-" لا حطنا هنا وراح "
" أيوه...طيب خذوا لينا لماما داخل وأنا بروح جدي "
هز الولد والبنت رأسهم فقال راكان
" أدخلي معهم بس لا تنزلين غطاك إلا داخل لأن البيت شعبي و فيه أماكن كثير مكشوفة من غير إن العايله كلها مجتمعه هنا و الظاهر أن أهل الرياض معظمهم موجود بعد! "
لينا وهي فرحانة تسأله تبغى تتأكد
" بنام هنا؟ "
" الظاهر هو في الغالب الحريم كلهم ينامون في البيت هذا خصوصا اللي من الرياض و أرجالهم والشباب يجتمعون في استراحة قريبه من هنا مستأجرينها لمدة طويلة عشان كذا ما أتوقع إننا نطول في الجنوب غير يومين إلا إذا بآخذك منطقة ثانية الباحة أو السوده ما أدري ألين نخلص من الحفل ونمشي نشوف وين نقدر نروح! "

أنتظرها راكان حتى اختفت عن عينه ثم أتجه للمجلس ولقى أبوه و أخوانه وبعض عيال أعمامه اللي قاموا يرحبون فيه . مشت لينا ورى الطفلين وهي تشوف أطفال غيرهم كانوا يلعبون و وقفوا لعبهم بسبب مرورها وعيونهم تنطق أنهم ما يعرفونها فا حست بالغربة لكن قلبها يحثها تسرع عشان تقابل شمس. مرت لينا بكذا غرفة و إعجابها في البيت يزيد بشكل غير طبيعي وهي تشوف جدرانه معتقة والفرش ألوانه زاهيه مشرقة و الإضاءة متطورة كان البيت من الداخل مختلف عن فكرتها اللي كونتها من المنظر الخارجي. سبقوها الطفلين يركضون ودخلوا غرفة وأصواتهم تتداخل وهم يعلنون ووصولها. أول شخص ظهر من الغرفة طبيعي كان شمس واللي عانقتها بشوق ورحبت فيها وقدمتها للي موجود وما كان فيه أحد غريب بنسبة للينا إلا أسماء أخت راكان و أم محمد زوجة سعيد . جلست لينا فترة بين الحريم الكبيرات في السن من باب الذوق وشمس معها لكن قلبها محترق عشان تنظم لعايشه ونورة وأسماء اللي اختاروا زاوية يتكلمون فيها براحتهم . مضى على وضعها وقت وبحكم معرفة أم راكان بلينا قالت
" لينا يا قلبي روحي ارتاحي أكيد أنك تعبانه "
"لا أنا مرتاحة يا خالتي تسلمين "
" والله أنك كنت تقولين لي أول يا أم سعيد وأنا أتمنى تقولي لي خالتي بس كنت أحسبني أحلم بشيء مستحيل والحمد لله اللي حقق أمنيتي "
لهجة أم راكان فيها شيء من اللهجة الجنوبية ولهجة أهل الرياض ومع إن لينا تعرفها من قبل إلا إن الحياء غطى وجهها وعقد لسانها واكتفت بالابتسام فقالت أم راكان وهي تحاول تمهد الطريق للينا
" هاذي بنتي أسماء مدرسة متزوجة وعندها ولد يمكنك شفتيه يوم دخلتي "
ألتفتت لينا و ابتسمت لأسماء اللي قالت
" تعالي يا لينا خليني أسولف معك ما أظن فيه أحد ما يعرفك غيري أنتي قابلت أمي وجدتي والآنسات خالتي في الرياض وحريم خوالي بعد اللي بيجون بكرة مع بناتهم وكلهم تعرفينهم ويعرفونك فتعالي بدردش معك"
استأذنت لينا من أم محمد اللي كانت في غاية الذوق والاحترام وقالت
" روحي يا حبيبتي روحي حنا حريم خلاص عجزنا ما عندنا سوالف تصلح لك روحي انبسطي مع البنات اللي في عمرك "
شكرتها لينا لحسن لطفها و لما جلست مع البنات قالت أسماء تمازحها مع إنها ما تتكلم باللهجة الجنوبية
" مرحبا هيل عد السيل "
لينا :-" الله يحيك "
انفجرت عايشه مثل عادتها بضحكة حلوة وهي ناسية اللي حولها
"كذابة والله إنها تضحك عليك ترى تتكلم مثلنا "
لينا مبتسمة :- " أدري "
نورة بدلال:- " أيش دراك ؟ "
لينا :- "كلمتني بالجوال وأنا في الرياض "
انتبهت لينا لشعر نورة الأشقر القصير وهو يحيط بوجهها الدائري وقالت
" هيه نوار قصيتي شعرك؟ "
مسكت نورة شعرها وقالت :-" أيش رأيك حلو؟ "
لينا :- " حلو بس مرة قصير ومصغرك فوق مانتي صغير"
شمس:- "هيه بنت عبرينا أنا أكثر وحدة فرحانة فيك و ما أعطيتيني وجه من اليوم"
لينا:- " لا ولو أنت رفيقة دربي "
شمس:- " واضح "
لينا أكتفت بالابتسام على غير عادتها بسبب غربتها في المكان فقالت عايشه وهي تضحك :-" بنت وش فيك متغيرة أهدي وأسترخي ما فيه أحد غريب كلهم تعرفينهم "
أسماء :- " يمكن عشاني أنا "
لينا برتباك :-" لا وش دعوى "
نورة:- " ترى بنت أختي أسماء مثلنا بس مسوية عاقلة عشان... "
وأشرت بعينه لجهة الحريم فقالت شمس لأسماء
" ترى حتى لينا بعد اجتماعية بس ما تقدر تأخذ راحتها عشان.. "
وقلدت حركة أختها فقالت أسماء
" أنتم روحوا عند الحريم وخلوني أنا وياها لحالنا أنا أخت زوجها أما أنتم خالاته يعني أنا أقرب لها منكم "
شهقت شمس ولصقت أصابعها السبابة ببعض:- " لا يا قلبي أنا ولينا صديقات من خمس سنوات كثر الله خيري ما عرفتوها إلا عن طريقي "
عايشه لأسماء:- " إلا أنتي ولينا روحوا أجلسوا مع الحريم لأنكم خلاص صرتوا منهم أما حنا فا بنات ما يصلح نجلس معهن "
نورة:- " كفك كفك "
صفقت عايشه بكف نورة فقالت أسماء بابتسامتها وهدوءها وحسن سمتها اللي أعجب لينا
" الحمد لله والشكر أجل أنا بأخذ لينا بما إننا حريم ونروح لغرفة ثانية عيب البنات الصغار يجلسن معنا"
عايشه بصوت مرتفع وهي تمزح:-" هيه هيه هيه مضعيه الدرب شكلك! "
في الرياض كانت لينا تشارك في مثل هذا المزح وتدور معارك كلامية بينها وبين عايشه وشمس لكن الآن مرتبكة وتشوف الكل يتكلم وما خذ راحته عداها هي .
شمس:-" وأنتي وش دخلك بعد؟ أنا اللي لها الحق تتكلم معها بس وأنتم ظفوا وجيهكم "
نوة :- " يا ليت راكان يجي ويسمعنا أبغي أشوف كيف يتصرف "
عايشه :- " ما يبي لها, بيقول أنا زوجها وأقرب إنسان لها ويلقطها ويروح "
أحمر وجه لينا خجل بسبب صوت البنات العالي وهي تشوف أم راكان وجدته أللي هي أم شمس يتأملونها بحب. وبحكم طبيعة لينا المرحة واللي كانت مسجونة الأسبوعين اللي فاتت وكلام البنات اللي حفزها قدرت تتكلم لكن بصوت منخفض وطريقة هادية
" أها وأنتي يا أنسه ما جيتي لأبها حبا فيني مسوية إخلاص يعني! ومن اليوم مزعجتني حريم ما يجلسن مع بنات ومرة تحتكرني اعترفي بس اعترفي وش صار على موضوع ظافر؟"
شمس :- " خالتي تقول أن بعد ما يرتاحون الناس من حفل راكان عفوا حفلك أنتي و راكان بيخطبونها رسمي "
لينا بمكر:- " شوشو بأجل الحفل قد ما أقدر عشان ما تتزوجين من ولد خالتك "
عايشه أكثر مرح من لينا فضحكت وقالت :- " حلو فيه تحسن بدت تتكلم الأخت "
نورة وهي تضرب كتف عايشه :- " طالع البنت ما تستحي "
عايشه ببراءة :- " وأنا وش قلت؟ وبعدين ما علي منك يا لينا تخلصين حفلك تخلصينه وإذا بتأجلينه بأعلن الحرب "
لينا :- " لا عن جد عايشه مبروك مقدما "
عايشه:- " الله يبارك فيك بس أنتي يا حلوة أسترخي أحس أنك للحين مشدودة ومتوترة أنا وأنا أصغر منك عادي"
لينا :- " أيه لا خلاص حبيبتي بجيك لليلة عرسك وأذكرك بكلامك لا تنسينه "
أسماء :- " قوموا بنات خلونا نروح غرفة ثانية نأخذ راحتنا فيها لان بكرة ما راح نلقى وقت نتكلم فيه مع لينا "

الفصل الخامس عشر


مر الحفل بهدوء و اضطر رجال بعض الأسر يتركون أهلهم ينامون في البيت الشعبي الكبير ويروحون هم للاستراحة اللي يجتمع فيها الشباب ومن ضمنهم أعمام راكان . قامت شمس الصباح بدري وشافت وجه لينا البريء وهي مغمضة عينها وتنام بسلام في كيس النوم اللي جابه راكان لها لكن حواجبها معقودة و واضح إنها تعبانه. قررت شمس تصحيها ولأن فيه بنات ينامون معهم في نفس الغرفة حطت يدها على كتف لينا وهزتها بلطف وهي تهمس
" لينا ..لينا ..لينا قومي "
فتحت لينا عينها وشافت شمس جالسه في فراشها قدامها وهي تبتسم لها. بادلتها الابتسام ودعكت عينها وهي تقول بهمس مثلها
" صباح الورد "
" صباح النور ما هي عادتك تنامين الصبح شكلك تعبانه؟ "
" لا بس تعرفين من كثر الناس أمس أحس راسي يعورني "
استلقت على ظهرها وقالت
" كم الساعة؟ "
"سبعة ونص "
تمطت لينا في كيس النوم و ريحت يد على صدرها وحطت اليد الثانية تحت رأسها وقالت
" والله أني أذكر أني لو نمت من التعب مستحيل أقوم لو تمر صواريخ سكود فوق راسي والحين أقوم من الهواء إذا مر "
شافت لينا شمس متضايقة فقالت
" هيه مقومتني من النوم عشان أشوفك كذا؟! "
" أنا لازم أقوم أسوي الفطور للجيش هذا لأن المسكينة أسماء تعبانه من كثر شغل أمس ولا ودي أقومها تروحين معي؟ "
" أكيد ما يبغى لها كلام "
" طيب بسرعة تعبت من كثر ما أهمس "
ضحكت لينا بصوت منخفض وقالت تمازحها
" بلاه ما هو من طبعنا "

دخلت لينا وشمس المطبخ بعد ما غسلن وجيهن و رتبن أنفسهن. صكت شمس الباب وهي تقول
" معليه دخلتك المطبخ وأنتي عروس أجلسي عند الطاولة وسليني "
" شكلك توك نايمه ما فقتي؟ "
" لا والله جد وش بتقول أمي ولا خواتي لو عرفوا؟ "
" ما راح يقولون شيء, بعدين تذكرين قبل أتزوج راكان؟ كنت تقولين لي أننا بنطبخ مع بعض وبعدين بتوديني الجبل ثم تاخذيني لمشتل الورود اللي هنا وين راح كلامك ذا كله؟ "
"حتى ولو أنتي توك ...."
شمرت لينا أكمام بلوزتها وقالت
" لا توك ولا غيره وش بنطبخ ؟ "
"طيب افترضي وحدة من حريم أعمام راكان ولا وحدة من بنات عماته دخلت علينا "
هزت لينا كتفها وقالت وهي تفتش في الثلاجة
" ما قدرت تخلي صديقتها في المطبخ! أقول نبدأ سوى ولا أبداء لحالي؟ "

أثناء عمل شمس ولينا أنظمت لهم أسماء وساعدتهم وهي عاتبه على شمس لأنها تركت لينا تساعدها لكن لينا صارت تتكلم مع أسماء بحرية وسرعان ما تغير الوضع وصار العمل أكثر تسلية بتبادل الكلمات بينهم. بعد ما أفطر الجميع دخلت شمس وأسماء المطبخ يغسلون الموعين وجلسوا لينا ورفضوا مساعدتها. بدت عايشه ونورة يرتبون البيت وينفضونه نفض مع بنات أخوانهن ولما قامت لينا معهم قالوا إن عددهم كثير ولا هم محتاجين أي مساعدة بينما الحريم الكبيرات في السن أمثال أم شمس وأم راكان وأم محمد وحريم أعمام راكان فكانوا جالسات يتقهون في حين إن بنات أعمام راكان مشغولات بترتيب أغراضهم عشان يكونون على استعداد أنهم يروحون . لينا ودها تجلس مع جدة راكان وخالتها لكنها تراجعت لما شافت كثر الحريم حولهن وقررت تجلس تنتظر شمس وأسماء أو أي وحدة من البنات غيرهم تخلص شغلها و تجي تجلس معها. أثناء الجلبة والناس الرايحه و الجايه جت وحده بياض بشرتها مثل الثلج وشعرها أسود ناعم طويل وكانت ترفعه فوق رأسها بطريقه معينه أشبه ما يكون بكعكة لكن كان جزء من طوله متروك بحريه . جت وسلمت على لينا وهي تقول
" ليش جالسة لحالك مو حلوة الوحدة أبدا؟ "
قالت لينا وهي تبتسم لها بأدب
"أنتظر البنات يخلصون شغلهم "
" سمعت أنك صديقة شمس من أيام الدراسة؟ "
"أيه صحيح تعرفنا من أول ثانوي "
" وش رأيك في أبها أعجبتك؟ "
" ما فيه أحد يكره أبها بس ترى حتى الرياض مع إن جوها حار بس حلوة "
" شكلك تحبين الرياض؟ "
" طبيعي أني بحبها ما سبق أنك زرتيها يا ...معليش ما أعرف أسمك؟ "
" نجلاء "
بدت السوالف بين البنتين رسمية بعض الشيء لكنها بدت تتلاشى مع طبيعة نجلاء اللي كانت تقول للينا أسم كل وحدة تشوفها تمر من قدامهم وصلة قرابتها بعائلة راكان و أيش مؤهلها العلمي لكنها أبدا ما تكلمت عن نفسها غير إنها خريجة قسم علم اجتماع حتى تكلمت في النهاية وقالت
" أذكر أن راكان خطب أكثر من وحدة من بنات عمه وبعد النظرة الشرعية كان يهون وفي النهاية معاد أحد صار يزوجه وهذا اللي تركه يآخذ من برى الجماعة "
ما ردت لينا لإنها تحسب لكل كلمة تقولها ممكن تنتشر ويضيف الناس عليها وتسبب مشاكل لنفسها ولكل من يقرب لراكان وأولهم أبوه اللي تتشوق لمقابلته كملت نجلاء بلهجة ما فيه أي عداء بالعكس كانت لهجة تدل على محبتها للينا وخوفها عليها
" أنا بقول لك شيء بيني وبينك يا لينا أنت فعلاً تنحبين وتدخلين القلب ومحظوظة شمس يوم لقت بنت مثلك لكن لا تأمنين راكان لأنه بصراحة أناني ومتكبر وما يستاهل وحدة طيبه مثلك حتى أنه إلى الآن متعلق في خطيبته الأولى لكن بسبب تركه لها أول مرة و كثر البنات اللي شافهن ثم تركهن ما عاد صار أهلها أو أهل أي أحد يعرف راكان يوافق عليه وهذا اللي خلاه ما يتزوج إلى هذا الوقت.وزواجه هذا كله عشان يسكت أبوه و ألسنة الناس اللي تقطع فيه ولا هو إلى الآن متعلق في ذيك البنت "
لينا تسمع وتحاول توازن بين عقلها وقلبها فسألت نجلاء
" وأنتي ليه تقولين لي كل هذا؟ "
" لأني أحبك "
رفعت لينا حواجبها وهي في قلبها آلاف المشاعر الغير مفهومة وفي عقلها آلاف الأفكار وقالت
" لو كنت تحبيني كان خليتيني أعيش وأنا مرتاحة من غير ما أسمع كلامك! "
" أنتي ما تفهمين أنا ما أبغيه يضرك "
لينا وهي تكذب حتى على نفسها قالت
"ما عمري سمعت أن راكان ضر أحد "
" لأن شمس ما راح تقول لك كل شيء عنه هي خالته وبتستر عليه هم ما صدقوا أنه يتزوج "
لينا بسخرية غير معهودة منها
" وبرأيك كيف يقدر يضرني؟ "
" بيسوي مثل ما سوى أبوه بعد ما جاب أربع عيال يطلقك "
لينا انفجرت مشاعرها مع غضبها وقالت بنبرة تأنيب لنجلاء
" أنا ما أسمح لك يا نجلاء تتكلمين عن عمي وزوجي وشمس أو أي شخص يقرب لهم وخليني أقول لك شيء أنا الطلاق ما هو في قاموسي لأني بعيش حياتي مثل ما الله يكتبها لي "
"أنتي ما فهمتيني أنا قصدي قبل ما يرميك راكان وبعدين أنتي توك بنت وما شاء الله عليك كل وحدة تتمناك لولدها "
لينا قالت ببرود قاتل وهي في داخلها تتمنى تصفع وجه نجلاء بسبب وقاحتها
" شكيت لك أنا يا نجلاء؟ ثم الطلاق شيء ما أعرفه وبنت مثلك أكبر مني بكثير المفروض تعرف إن اللي قالته مفروض ما ينقال حتى لو نيته طيبه والشيء الثاني أنا ما سمحت لك تتكلمين في حياتي ولا طلبت مشورتك؟ "
" بكيفك أنا نصحتك وأنتي حرة وأسفه انك فهمتيني غلط وأنسي أني جيت وكلمتك "
تركت نجلاء لينا اللي وجها أحمر وعيونها فيها حدة للإنسانة اللي وقفت وتركتها. صحيح إن نجلاء كانت تتكلم بلهجة ما فيها غير الإخلاص لكن لينا سألت أنه مستحيل ما يكون بدون هدف لأن وحدة مثلها تملك جرأة تكلمها في ثالث أسبوع من زواجها وتقترح الطلاق وتشوه صورة راكان قدامها بحجة إنها خافيه عليها وإنها حبتها من أول يوم شافتها فيه ,هذا شيء غير منطقي أبداً. لكن جزء من كلامها كان صحيح فعلاً لأن شمس قالت لها بعضه قبل يخطبها راكان وهو أنه كان أكثر من مرة يخطب ولما يشوف البنت يتراجع وهذا اللي ترك أبوه وأمه يفكرون ما عاد يتدخلون في زواجه فأيش اللي يمنع ما يكون الجزء الثاني اللي قالته نجلاء صحيح وإن شمس لما عرفت إنها هي اللي تزوجت راكان خافت على مشاعرها وأخفت الشيء هذا عنها. شمس كانت توها طالعه من المطبخ وشافت نجلاء يوم بعدت عن لينا وشافت وجه لينا أحمر والنار في عيونها فا مشت جهتها وجلست قدامها وقالت
" لينا فيك شيء؟ "
لينا تأملت شمس وكان ودها تقول لها لكن قالت إن الناس حولهم كثير وهذا مهوب وقته
" لا "
" نجلاء قالت لك شيء؟ "
لينا تتمنى تقول لشمس اللي ما بينهم أي أسرار وتسألها من غير ما تعرف من اللي دخل الفكرة براسها لأنها ما تحب تكون مدخل للشر في العائلة فقالت
" وش بتقول يعيني! "
" مدري عنك من شاف وجهك لا تصدق كل مايقول إنها قايله شيء ما يسر بس أسمعي أنت من زمان وأنتي تكررين علي "تسمع وصدق نصف ما ترى
لينا تغير الموضوع
" أسماء وينها ما كانت معك؟ "
شمس فهمت لينا ولا حبت تضغط عليها فقالت
" راحت تشوف ولدها وتسلم على أعمامها قبل ما يمشون.أقول يا بنت وش رايك نسوي كوب شاهي في المطبخ لين يروحون الناس و يهدا الجو بعدين نرجع ونشوف كيف نقدر نقطع الوقت"

لينا وشمس يقلبون صفحات الجريدة في المطبخ حتى خفت الأصوات في البيت و هدا تقريبا. شافت شمس صورة للملك عبد الله وعلقت على الخبر الموجود ثم قالت
" يا أختي الله يكثر خير بابا عبد الله ويحفظه يا أني أحبه "
" يستاهل كل خير أبو عابد ينحب ها الإنسان الله يكره من يكرهه "
قلبت شمس صفحة الجريدة و انتبهت لراكان لما دخل و وجهه عابس فخمنت أنه سمع كلمة لينا الأخيرة ولا فهم المقصد و حبت إنها تفتح الجريدة مرة ثانية بطريقة عفوية وتبين له الموضوع لكن هو سبقها وقال بسرعة وهو يتجاهل لينا على غير عادته
" شمس صلحي قهوة وشاهي لأبوي "
وبمثل دخوله السريع طلع نزلت لينا كوبها وهي تحس بحرقه لأنه تجاهلها وعلقت السبب بالكلام اللي سمعته من نجلاء. أدركت شمس إنها ارتكبت من قبل غلطة وما صلحتها فقررت تقول للينا
" لينا "
لينا تناظر في كوبها ومن غير ما تفتح فمها قالت
" هممم "
" فيه شيء بقول لك إياه بس لا تزعلين "
رفعت لينا عينها وقالت
" من متى زعلت من صراحتك؟ أصلا بزعل لو خبيتي علي "
" لا المرة ذي أنا غلطة غلطة بس كانت من غير قصد "
شربت لينا من كوبها وهي تفكر في سبب تغير راكان أكثر من غلطة شمس ولما حطت كوبها مرة ثانية على الطاولة وهي تناظر فيه قالت بمزح
" أيه أنا تعودت عليك يا شمس ومن عرفتك كل غلطاتك بريئة و من غير قصد تكلمي وش سويتي ها المرة"
" قبل اعرف إنك تزوجت راكان كنت أكلمك على التلفون وأقول إن عبد الله جن علينا يوم عرف إنك تزوجت وكنت أقول لك دايم إنه يحبك.... "
" ما جبتي جديد وين المشكلة؟ "
لينا تشرب من كوبها وتسمع كلام شمس
" أيه وأنتي تعرفين أني دايم أتكلم عنك عند أهلي وأخواني وكل أللي يقربون لي؟ "
لينا حست بوخزت خوف تزحف لقلبها وبدت تتنبأ من مقدمات شمس فحطت عينها بعين شمس وقالت
" شمس اختصري و هاتي من الآخر "
غزى بشرة شمس البيضاء اللون الأحمر بشكل مندفع بسبب نظرة لينا وهي عارفه أن اللي سوته كان خطاء لكن لازم تفاتحها لأنه مستحيل يكون بينها وبين لينا أسرار ولأنها ما تقدر تخلي لينا ما تفهم أي شيء ممكن يخليها تفهم ركان. فقالت مرتبكة
" يوم صكيت التلفون كان راكان عندي وقتها ما كنت أعرف أنه ....يعني أن هو اللي تزوجك وقمت أقول له عن عبد الله "
لينا من داخلها أنفجر البركان اللي سخنته نجلاء لكنها سيطرت على نفسها وقالت لشمس
" لا تقولين أنك قلتي لراكان أن عبد الله يحبني! "
هزت شمس رأسها فقالت لينا وهي تحس بالضياع
" شمس حرام عليك! أنا كم مرة قلت لك لا تتكلمين عني عند أحد من عايلتك غير أمك و خواتك؟ "
ما ردت شمس وهي تشوف إن وجه لينا مقطب وما فيه غير الغضب وقررت في نفسها إنه يحق للينا تعصب. انتبهت شمس على صوت لينا وهي تقول
" يوم قلتي له كذا هو وش قال لك؟ "
شمس بتردد
" سألني إذا أنتي تعرفين وإذا كنت تهتمين له "
لينا بيأس
" يا حبيبي كملت, وش رديتي عليه؟ "
شمس مندفعة وهي تتوقع إنها أفحمت راكان بردها
" قلت له إنك لو كنت تحبينه ما كان وافقتي تتزوجين غيره "
لينا تتمنى تنصهر ثم تتبخر في الهواء ولا يبقى منها ذرة في هذا الوجود. رد شمس له زاد من تعقيد الموضوع لأنها ما تعرف إنها مجبورة عليه بسبب الدين اللي على أبوها و راكان بيفسر رفضها الجريء له وقدامه إنها متعلقة في خاله وهذا اللي يخليه غريب في تصرفاته إذا جت سالفة عنه. كملت شمس كلامها
" أنا أتوقع أنه للحين شاك في كلامي و ما هو مصدقني وشكله لما سمع كلامك عن الملك عبد الله ظنك تقصدين عبد الله أخوي "
لينا بصوت هادي وهي مصدومة
" يا الله "
ثم فجأة انفجرت من القهر و اختفى هدوءها على غير عادتها مع شمس
" أسمحي لي ولد أختك هذا مجنون و مخرف إذا كان يفكر زي كذا وإذا كان شاك فيني من البداية وراه أخذني ولا عشان ما أحد يبيه حتى خطيبته الأولى اللي للحين يفكر فيها "
كانت لينا من فرط غضبها ترجف ويديها محمرة لأنها ضربت بها الطاولة اللي قدامها. قامت شمس بسرعة وصكت باب المطبخ وقالت للينا
" أهدي أهدي أنا بصلح غلطتي وأقول لراكان السالفة وما فيها "
لينا وهي تعرف إن راكان ما راح يصدق أحد
" لا لا تقولين له ولا شيء خليه على عماه "
" إن ما كلمتيه أنتي كلمته أنا "
"شمس! "
"الله يرحم والديك يا لينا خليني نخلص من ها السالفة وبعدين تعالي هنا قولي لي من اللي قال إن راكان متعلق في خطيبته الأولى؟ "
" ما أحد قال لي"
" أنا عارفه إنها نجلاء "
" أف شمس والله أني أحس أني مخنوقة "
" إن كانت نجلاء فهي تكذب عليك "
" وش يخليها تكذب؟ "
" لأنها هي خطيبته الأولى وهو عشان ما يتزوجها ترك الديرة ودرس في أرامكوا "
لينا بسخرية ودمعها محبوس في عينها
" وإذا ما كانت هي وش اللي أكد لك أنه ما هو متعلق بوحدة غيرها؟ "
" اللي أكد لي إنه لو كان متعلق في أحد ما كان فكر يتزوجك "
" لا يقدر طالما إن الكل رافض يزوجه و أنتي حتى قلتي لي أن أبوه وأمه ما عاد يتدخلون في زواجه لأنه كان يتراجع عن البنت لما يشوفها "
" أيه بس ما هو بالمعنى اللي أنتي متخيلته ترى هو قبل يتزوجك أعمامه يلحون عليه يا خذ من بناتهم بس هو رفض "
ابتسمت لينا ابتسامة خفيفة ساخرة مصحوبة بزفرة ألم بسبب حبل القهر اللي تحس به في رقبتها واللي خلى دموع ساخنة تنزل على وجهها الكئيب. كانت أصواتهم مرة ترتفع ثم تنخفض لكن ما أحد سمعها بحكم بعدهم إلا راكان اللي رجع عشان يجيب القهوة لأبوه. فتح راكان الباب وعيونه الحادة تطلب تفسير لكل هذا الصوت وشاف وجه لينا فادخل وقرب منها لكن هي وقفت وتجاوزته عشان تطلع. مسك يدها و وقفها مكانها وقال وهو يتناسى اللي في قلبه
" وش فيك؟ "
لينا تمسح دموعها عن وجهها وفي عينها نظرات أكثر حدة من نظراته وقالت
" فك يدي "
" وش صاير لك أنتي اليوم؟ "
كان الاشمئزاز منه في ملامح وجهها المتقلص وهي تحاول تخلص ذراعها منه بقرف وتقول
" ما صار لي شيء وإن كنت تبي تكلمني أنا ما لي خلق لك الحين "
" فهميني وش اللي صاير لك طيب؟ "
نفضت لينا يدها من يده ونار شكه فيها تحرقها وقالت
" خل شمس تفهمك "
وطلعت بسرعة ولأن البيت مهوب بيتها ولا تقدر تنفرد بغرفة لحالها حتى ما تسبب كلام أهل البيت دخلت الحمام وغسلت وجهها بالماء اللي يخالط دموعها



</SPAN> 13-03-2008, 11:59 AM
الفصل السادس عشر


" وش فيها لينا؟! "
شمس حست بذنب وإنها هي سبب الخلاف اللي بينهم ولأنها تشارك لينا في كل شيء شاركتها الآن حتى في دموعها وحزنها. صك الباب عشان ما يدخل أحد وقال وهو منفعل
" شمس ناقص لك أنتي الثانية تبكين! وش فيها لينا؟ "
" أنت يوم دخلت و إحنا نتكلم عن الجريدة وسمعتها وهي تقول إن أبو عابد ينحب وهي كانت تقصد الملك عبد الله عرفت إنك فهمت أنه عبد الله أخوي لأنك كلمتني وتركتها "
راكان وفي عينه وصوته تهديد
" طيب؟ وإذا كلمتك وما كلمتها يعني أنا عندي شيء؟! "
" أنا قلت لها إني سبق وعلمتك إن عبد الله كان يهتم فيها وأنك أنت سألتني عنها فقلت لها انه يمكن تكون شاك "
راكان وهو معصب
" حسبي الله على شيطانك وأنتي كل اللي في قلبك تقولينه من غير ما تفكرين؟ "
" ما كنت أقصد غير إنها تكلمك "
صرخ فيها
" فاضي لك الحين أنا؟! بروح أشوف وين راحت المجنونة الثانية وأنتي سوي القهوة وخلي أسماء توديها أبوي وقولوا له أني طلعت برى وإذا رجعت يصير بينا كلام "
شمس بلعت ريقها لأن راكان إذا عصب يرمي كلام وهو ما يحسب له. راكان يدور لينا في البيت وسأل عايشه فقالت
" في الحمام دقيت عليها الباب وما طلعت أتوقع إنها مطولة أنت روح عند أبوك وأنا أخليها تكلمك بالجوال إذا طلعت "
تركها ورجع لشمس وقال
" روحي عطيني عباية لينا من غير ما ينتبه لك أحد "
رجعت له شمس بعباية لينا و حطتها في يده وراحت للمطبخ قبل يسألها أحد عن عيونها الحمراء. طق راكان باب الحمام بهدوء عكس أعصابه المنزعجة فقالت لينا اللي حست إنها طولت في الحمام
" أوكي عايشه ثواني الحين طالعة "
فتحت الباب وما كانت تتوقع تشوف راكان ولما كانت بترجع تصك الباب سحبها من يدها وطلعها وهو يقول
" أنا ما ينقصني هبال الأطفال هذا البسي عباتك بنطلع "
أخذت عباتها من يده ولبستها وتراكها تمشي قدامه حتى ركبت السيارة وصك الباب من بعدها ورجع وأخذ مكانه وأنطلق بسيارته عشان يوقفها عند مكان جبلي ما يتواجد عنده أحد. لم هدا محرك السيارة قال
" ليش ساكته؟ "
"وش تبيني أقول لك؟ "
صرخ راكان
" عن غبائك هذا! تكلمي وش اللي عندك؟ "
"ما عندي شي أقوله أنت اللي سحبتني بيدي وجبتني هنا "
" شمس قالت لي "
" عن؟ "
كانت لينا هادية على عكس النار اللي بداخلها وكانت مسترخية في جلستها ولا رفعت غطاها عن وجهها وبشكل مفاجئ سحب راكان غطى وجهها ورماه في المرتبة الثانية وقال بانفعال واضح
" أنا إذا تكلمت تردين علي "
ما ردت لينا فقال
" وبعدين معك أنتي؟ "
لينا انفجرت وتركت هدوئها
" وبعدين معي أنا؟! ليه أنا وش سويت؟ أنا اللي أخذت وحده من بيت أهلها و بديت أشك فيها إنها ما تبيني وتبي خالي؟ "
"صدقيني إن هذا كلام شمس مهوب كلامي "
" لا تكذب "
التفت لها وهو عاقد حواجبه بعصبية من صوتها الحاد المرتفع بسبب غضبها ما كنت تبكي مع إن عينها تلمع بدموعها لكن وجها كان أحمر ولا ترددت يوم شافت عصبيته هو الثاني وكملت
" فوق أنك ما خذني من بيت أهلي تبغى تذلني بشكك وتبغى تخليني بالغصب أهتم في خالك وحتى لو مر أسمه ولو إنه شخص ثاني تناظر لي وكأني مسوية غلط وفوق هذا تبيني أصدق إنك ما تشك؟ "
" أنتي مجنونة "
" بأجن صدق لو صدقتك "
راكان واضح من صوته إنه منفعل لكن حركاته صارت اهدأ
" يا بنت الحلال أنتي تعرفين شمس تقول اللي يصدقه قلبها ..."
قاطعته
" لا ترميها على شمس. شمس قالت لك أني لو كنت مهتمة فيه ما كان تزوجت ولأنك تعرف أنك ما خذني من دون رضاي قمت تشك فيني "
راكان يحس بتعب نفسي من مجادلتها في هذا الموضوع ولو كان يعرف إن وصوله للجنوب بيسبب له كل هذا كان طلع برى المملكة شهر كامل ورجع. أنتظرها لما سكتت وهدت أنفاسها ثم قال بهدوء
" لينا تسمعيني ولا لا ؟ "
ما ردت عليه وهي تناظر في الجبل الأخضر اللي قدامهم فقال
" أنتي تؤمنين بالله؟ "
لينا بصوت منخفض
" لا إله إلا الله محمد رسول الله "
" صحيح إن شمس قالت لي عن عبد الله وأني سألتها وكل اللي قالته صدق أما مسألة أني شكيت فيك فأنا أحلف لك بالله إن ها الشيء عمري ما حسيت فيه "
" اجل يوم سمعتني وحنا نقرأ الجريدة وش تسمية؟ "
" أنتي مصدقتني الحين أني ما أشك فيك ؟ "
لينا ما قدرت تمسك دموعها لأن مشاعرها كانت تتمنى تصدقه وهذا خلاها تحس بالضعف وقالت
" أصدقك! وش أصدق لصدق . أنك ما شكيت فيني ولا ... ..."
كانت على وشك تتكلم عن الموضوع اللي طرحته نجلاء عليها فتراجعت وكمل راكان لما شافها سكتت
" أقسم لك بالله العظيم ثم والله ثم والله أني ما عمري شكـيــــــت,خلاص دخلت مخك؟ "
لينا بيأس
" ما دري؟ "
" لا حول "
قالت لينا بشكل آلي
" يا أخي وش ...."
قاطعها صوت راكان الهادي
" لا تقولين يا أخي أنا مهوب أخوك "
سكتت و ما كملت كلامها فقال
"كملي "
" وش أكمل وأنا كل كلمة أقولها حتى العفوية محسوبة علي "
" أنا أكثر من مرة أحذرك لا تقولين ذا الكلمة ومن قبل زواجنا فا مهوب شيء جديد أذكرك لا تقولينها. المهم كملي "
" ما عاد عندي شيء "
" صدقتي أني ما أشك فيك؟ "
" أصدق إذا قلت لي ليش إذا جاء أسمه ولو طاير من بعيد تاكلني بلسانك واليوم يوم بس قلت أن أبو عابد ينحب وأنا أصلا ما أقصد خالك حرقتني بعيونك وكأني ..."
ما تدري وش تقول فا سكتت و ريحت ذقنها على يدها فقال بهدوء لكن واضح أن الكلمات تطلع بصعوبة من لسانه
" لأني أغار عليك منه "
ألتفتت له لينا وهي تشك في كلامه وقالت
" أنت فاتح عينك صح؟! شكلك تشوف أختك سامية مهوب أنا "
أول ما سمع كلامها نزل من السيارة وخبط الباب وراه بقوة خوفتها وجاء جهتها وفتح الباب وقال
" أنزلي "
لينا بخوف
" ليه؟ "
" لا أبد الحين أعلمك ليه "
لما شاف عيونها قال
" لا لا لا تخافين؟ ماني تارك هنا ورايح "
" تستهبل؟ "
" مدري عنك أجل ليش خايفة ؟ "
" ما أحد قال أني خايفة "
ونزلت من السيارة وهي تشوفه يصك الباب بعدها ثم قال
" عيدي اللي قلتيه لي يوم انك في السيارة "
لينا خايفة إلا أنه في شيء في راكان يخليها تطمئن أنه مستحيل يأذيها فقالت وهي تناظر في الأشجار حولها والهواء البارد يحرك طرحتها
" وش قلت؟ "
" أنا اللي أسألك ؟ "
" أنت سمعتني مهوب لا زم أعيدها "
"أيه بس عشان أسمعها زين "
" أجل أسمعها أنت شكلك تشوف اللي قدامك سامية الصغيرة مهوب أنا "
ومن غير أي مقدمات ضمها راكان بقوة و نشر قبلات حارة على أجزاء وجهها ثم قال
" هاه للحين تحسبيني أشوف سامية "
لينا تحاول تحتفظ بغضبها لأنه هو الشيء الوحيد اللي يقدر يكون جدار حماية لقلبها قبل يقتحمه راكان لكن هي تعرف أن هو بأسلوبه يقدر يمتص غضبها قالت لينا
" راكان ترى للحين ما خلصنا كلام "
" لا خلصنا كنت تظنين أني أحسبك تهتمين لخالي لأنك تعرفين أنه كان حاط عينه عليك وأنا قلت لك أني أعرف انك ما تفكرين فيه أصلا وتصرفاتي كانت بسبب غيرتي أغار منه ومن أسمه إذا سمعته إذنك وأغار من كل شيء حولك خلاصنا يا حبيتي "
لينا مصدقة مسألة أنه يغار عليها لأن من الطبيعي لأي رجال أنه يغار على زوجته من شخص ثاني لأنه يعتبرها شيء من أملاكه بس ما هو بدلاله على أنه يحبها لكن اللي محرق قلبها فعلا إحساسها بوجود إنسانة ثانية خلف الستار إلى الآن ما ظهرت. إن ما كنت نجلاء فأكيد وحده غيرها والشيء الثاني اللي لا زال يشوه صورة راكان طريقة زواجه لها و إحساسها أنه من الخيانة والضعف إنها تغفر له عنجهيته وأسأته. هواء الجنوب بارد بنسبة للينا اللي تحس بدفيء في حضن راكان و هي تفكر إنها ما تعرف وش هو الموقف الصحيح اللي ممكن تتخذه اتجاه راكان اللي من عاشت معه والصور السلبية اللي في ذهناها عنه تختفي يوم بعد يوم .والأمر الأخر إنها بدت تتقبل الحياة معه مع العيوب اللي فيه فحتى لو كان إنسان صعب حاد في طبعه إلا أنه بسرعة ينهي الخلاف اللي بينهم وبطريقة هي ما تتخيلها .في أقل الأحول كانت تتوقع منه يسكتها أو يسفها أو إنه يقابل سطوتها ولسانها بعنفه وقوته لكن هو أبدا ما تركها بعد أي خلاف بينهم إلا تفكر بشيء واحد المعاملة اللي هو يستحقها منها .لما ما شاف راكان منها أي جواب ضمها له أكثر وسند ذقنه على رأسها وقال
" خلصنا من هذا كله, كل الوساوس اللي في ذهنك اختفت "
ما ردت عليه لينا فقال
" الحمد لله السكوت علامة الرضا "
سندت يدها على صدره وبعدت عنه وقالت
" باقي شيء "
تجمدت ذراع راكان حولها وقال
"وشو؟ "
" أنت لما تعصب تقول كلام أنا ما أحبه "
" أيه عاد هذا غصب عني أنا إذا عصبت صدقيني أقول كلام ما أقصده "
" تقول لي مجنونة؟ "
"ولا يهمك المجنون أنا مهوب أنتي "
" لا والله جد الظاهر أني تأثرت بسببك بعد ما قالت لي شمس أنك ممكن تشك فيني قلت عنك أنك مجنون ومخرف "
" ما يخالف مجنون ومخرف بس ما هو قدام شمس عاد، تصدقين الظاهر أني رديتها لك من غير مدري يوم هاوشت شمس قلت لها أنك مجنونه وخبله بس خلاص من يوم رايح بيكون بينا تفاهم على قولتهم حضاري رضيتي ؟ "
" لا باقي أني ما أبغى منك تستخدمها حتى مع غيري و أولهم شمس "
" يا أني أغار من ها الشمس وأحسدها "
"إلا شمس تراها صديقتي "
راكان يمازحها وهو يشوف عينها جفت من الدمع لكن أثر البكاء فيها
" ما أحد قال عن صديقتك شيء أنا كنت أكلم الشمس اللي طالعة هاذي "
بادلته الابتسام عفويا فقال لها
" ما ودي أخليك بس أبوي كان يبي يشوفك و أنا دخلت المطبخ وصار اللي صار وطلعنا من البيت الحين لازم نرجع له بس هاه لا يدري أني زعلتك ولا ترى يكسر رقبتي "
ما ردت عليه لينا لأنها تحس بالضياع داخلها لكن ابتسامتها لازلت على وجهها فقال
" شكل أبوي المنافس الجديد الله يستر لا يطلع لي أحد ثاني عشان ما أخطفك وهاجر برى البلد "
دق جوال راكان فطلعه من جيبه ولما كانت لينا بتبعد وترجع لسيارة لفها بذراعه وقربها منه وقال
" هذا أبوي أكيد أنه معصب "
حط الجوال عند أذنه وقال
"آلو .هلا وعليكم السلام "
ثم فجأة بعد الجوال عن أذنه وصك وحدة من يعونه وهو يبتسم لها وسمعت لينا صوت أبوه يصرخ عليه و راكان يرد عليه
" طيب طيب ...خلاص .... ألحين راجعين للبيت ... يا هلا....حياك الله مع السلامة "
رجع الجوال لجيبه وقال للينا
" ما قلت لك يا حلوة أنه بيكسر رقبتي خلينا نرجع له و أبغى منك قبل ما نوصل هناك تنسين كل شيء صار اليوم وترمينه في ها المكان "



</SPAN> 13-03-2008, 11:59 AM

الفصل السادس عشر


" وش فيها لينا؟! "
شمس حست بذنب وإنها هي سبب الخلاف اللي بينهم ولأنها تشارك لينا في كل شيء شاركتها الآن حتى في دموعها وحزنها. صك الباب عشان ما يدخل أحد وقال وهو منفعل
" شمس ناقص لك أنتي الثانية تبكين! وش فيها لينا؟ "
" أنت يوم دخلت و إحنا نتكلم عن الجريدة وسمعتها وهي تقول إن أبو عابد ينحب وهي كانت تقصد الملك عبد الله عرفت إنك فهمت أنه عبد الله أخوي لأنك كلمتني وتركتها "
راكان وفي عينه وصوته تهديد
" طيب؟ وإذا كلمتك وما كلمتها يعني أنا عندي شيء؟! "
" أنا قلت لها إني سبق وعلمتك إن عبد الله كان يهتم فيها وأنك أنت سألتني عنها فقلت لها انه يمكن تكون شاك "
راكان وهو معصب
" حسبي الله على شيطانك وأنتي كل اللي في قلبك تقولينه من غير ما تفكرين؟ "
" ما كنت أقصد غير إنها تكلمك "
صرخ فيها
" فاضي لك الحين أنا؟! بروح أشوف وين راحت المجنونة الثانية وأنتي سوي القهوة وخلي أسماء توديها أبوي وقولوا له أني طلعت برى وإذا رجعت يصير بينا كلام "
شمس بلعت ريقها لأن راكان إذا عصب يرمي كلام وهو ما يحسب له. راكان يدور لينا في البيت وسأل عايشه فقالت
" في الحمام دقيت عليها الباب وما طلعت أتوقع إنها مطولة أنت روح عند أبوك وأنا أخليها تكلمك بالجوال إذا طلعت "
تركها ورجع لشمس وقال
" روحي عطيني عباية لينا من غير ما ينتبه لك أحد "
رجعت له شمس بعباية لينا و حطتها في يده وراحت للمطبخ قبل يسألها أحد عن عيونها الحمراء. طق راكان باب الحمام بهدوء عكس أعصابه المنزعجة فقالت لينا اللي حست إنها طولت في الحمام
" أوكي عايشه ثواني الحين طالعة "
فتحت الباب وما كانت تتوقع تشوف راكان ولما كانت بترجع تصك الباب سحبها من يدها وطلعها وهو يقول
" أنا ما ينقصني هبال الأطفال هذا البسي عباتك بنطلع "
أخذت عباتها من يده ولبستها وتراكها تمشي قدامه حتى ركبت السيارة وصك الباب من بعدها ورجع وأخذ مكانه وأنطلق بسيارته عشان يوقفها عند مكان جبلي ما يتواجد عنده أحد. لم هدا محرك السيارة قال
" ليش ساكته؟ "
"وش تبيني أقول لك؟ "
صرخ راكان
" عن غبائك هذا! تكلمي وش اللي عندك؟ "
"ما عندي شي أقوله أنت اللي سحبتني بيدي وجبتني هنا "
" شمس قالت لي "
" عن؟ "
كانت لينا هادية على عكس النار اللي بداخلها وكانت مسترخية في جلستها ولا رفعت غطاها عن وجهها وبشكل مفاجئ سحب راكان غطى وجهها ورماه في المرتبة الثانية وقال بانفعال واضح
" أنا إذا تكلمت تردين علي "
ما ردت لينا فقال
" وبعدين معك أنتي؟ "
لينا انفجرت وتركت هدوئها
" وبعدين معي أنا؟! ليه أنا وش سويت؟ أنا اللي أخذت وحده من بيت أهلها و بديت أشك فيها إنها ما تبيني وتبي خالي؟ "
"صدقيني إن هذا كلام شمس مهوب كلامي "
" لا تكذب "
التفت لها وهو عاقد حواجبه بعصبية من صوتها الحاد المرتفع بسبب غضبها ما كنت تبكي مع إن عينها تلمع بدموعها لكن وجها كان أحمر ولا ترددت يوم شافت عصبيته هو الثاني وكملت
" فوق أنك ما خذني من بيت أهلي تبغى تذلني بشكك وتبغى تخليني بالغصب أهتم في خالك وحتى لو مر أسمه ولو إنه شخص ثاني تناظر لي وكأني مسوية غلط وفوق هذا تبيني أصدق إنك ما تشك؟ "
" أنتي مجنونة "
" بأجن صدق لو صدقتك "
راكان واضح من صوته إنه منفعل لكن حركاته صارت اهدأ
" يا بنت الحلال أنتي تعرفين شمس تقول اللي يصدقه قلبها ..."
قاطعته
" لا ترميها على شمس. شمس قالت لك أني لو كنت مهتمة فيه ما كان تزوجت ولأنك تعرف أنك ما خذني من دون رضاي قمت تشك فيني "
راكان يحس بتعب نفسي من مجادلتها في هذا الموضوع ولو كان يعرف إن وصوله للجنوب بيسبب له كل هذا كان طلع برى المملكة شهر كامل ورجع. أنتظرها لما سكتت وهدت أنفاسها ثم قال بهدوء
" لينا تسمعيني ولا لا ؟ "
ما ردت عليه وهي تناظر في الجبل الأخضر اللي قدامهم فقال
" أنتي تؤمنين بالله؟ "
لينا بصوت منخفض
" لا إله إلا الله محمد رسول الله "
" صحيح إن شمس قالت لي عن عبد الله وأني سألتها وكل اللي قالته صدق أما مسألة أني شكيت فيك فأنا أحلف لك بالله إن ها الشيء عمري ما حسيت فيه "
" اجل يوم سمعتني وحنا نقرأ الجريدة وش تسمية؟ "
" أنتي مصدقتني الحين أني ما أشك فيك ؟ "
لينا ما قدرت تمسك دموعها لأن مشاعرها كانت تتمنى تصدقه وهذا خلاها تحس بالضعف وقالت
" أصدقك! وش أصدق لصدق . أنك ما شكيت فيني ولا ... ..."
كانت على وشك تتكلم عن الموضوع اللي طرحته نجلاء عليها فتراجعت وكمل راكان لما شافها سكتت
" أقسم لك بالله العظيم ثم والله ثم والله أني ما عمري شكـيــــــت,خلاص دخلت مخك؟ "
لينا بيأس
" ما دري؟ "
" لا حول "
قالت لينا بشكل آلي
" يا أخي وش ...."
قاطعها صوت راكان الهادي
" لا تقولين يا أخي أنا مهوب أخوك "
سكتت و ما كملت كلامها فقال
"كملي "
" وش أكمل وأنا كل كلمة أقولها حتى العفوية محسوبة علي "
" أنا أكثر من مرة أحذرك لا تقولين ذا الكلمة ومن قبل زواجنا فا مهوب شيء جديد أذكرك لا تقولينها. المهم كملي "
" ما عاد عندي شيء "
" صدقتي أني ما أشك فيك؟ "
" أصدق إذا قلت لي ليش إذا جاء أسمه ولو طاير من بعيد تاكلني بلسانك واليوم يوم بس قلت أن أبو عابد ينحب وأنا أصلا ما أقصد خالك حرقتني بعيونك وكأني ..."
ما تدري وش تقول فا سكتت و ريحت ذقنها على يدها فقال بهدوء لكن واضح أن الكلمات تطلع بصعوبة من لسانه
" لأني أغار عليك منه "
ألتفتت له لينا وهي تشك في كلامه وقالت
" أنت فاتح عينك صح؟! شكلك تشوف أختك سامية مهوب أنا "
أول ما سمع كلامها نزل من السيارة وخبط الباب وراه بقوة خوفتها وجاء جهتها وفتح الباب وقال
" أنزلي "
لينا بخوف
" ليه؟ "
" لا أبد الحين أعلمك ليه "
لما شاف عيونها قال
" لا لا لا تخافين؟ ماني تارك هنا ورايح "
" تستهبل؟ "
" مدري عنك أجل ليش خايفة ؟ "
" ما أحد قال أني خايفة "
ونزلت من السيارة وهي تشوفه يصك الباب بعدها ثم قال
" عيدي اللي قلتيه لي يوم انك في السيارة "
لينا خايفة إلا أنه في شيء في راكان يخليها تطمئن أنه مستحيل يأذيها فقالت وهي تناظر في الأشجار حولها والهواء البارد يحرك طرحتها
" وش قلت؟ "
" أنا اللي أسألك ؟ "
" أنت سمعتني مهوب لا زم أعيدها "
"أيه بس عشان أسمعها زين "
" أجل أسمعها أنت شكلك تشوف اللي قدامك سامية الصغيرة مهوب أنا "
ومن غير أي مقدمات ضمها راكان بقوة و نشر قبلات حارة على أجزاء وجهها ثم قال
" هاه للحين تحسبيني أشوف سامية "
لينا تحاول تحتفظ بغضبها لأنه هو الشيء الوحيد اللي يقدر يكون جدار حماية لقلبها قبل يقتحمه راكان لكن هي تعرف أن هو بأسلوبه يقدر يمتص غضبها قالت لينا
" راكان ترى للحين ما خلصنا كلام "
" لا خلصنا كنت تظنين أني أحسبك تهتمين لخالي لأنك تعرفين أنه كان حاط عينه عليك وأنا قلت لك أني أعرف انك ما تفكرين فيه أصلا وتصرفاتي كانت بسبب غيرتي أغار منه ومن أسمه إذا سمعته إذنك وأغار من كل شيء حولك خلاصنا يا حبيتي "
لينا مصدقة مسألة أنه يغار عليها لأن من الطبيعي لأي رجال أنه يغار على زوجته من شخص ثاني لأنه يعتبرها شيء من أملاكه بس ما هو بدلاله على أنه يحبها لكن اللي محرق قلبها فعلا إحساسها بوجود إنسانة ثانية خلف الستار إلى الآن ما ظهرت. إن ما كنت نجلاء فأكيد وحده غيرها والشيء الثاني اللي لا زال يشوه صورة راكان طريقة زواجه لها و إحساسها أنه من الخيانة والضعف إنها تغفر له عنجهيته وأسأته. هواء الجنوب بارد بنسبة للينا اللي تحس بدفيء في حضن راكان و هي تفكر إنها ما تعرف وش هو الموقف الصحيح اللي ممكن تتخذه اتجاه راكان اللي من عاشت معه والصور السلبية اللي في ذهناها عنه تختفي يوم بعد يوم .والأمر الأخر إنها بدت تتقبل الحياة معه مع العيوب اللي فيه فحتى لو كان إنسان صعب حاد في طبعه إلا أنه بسرعة ينهي الخلاف اللي بينهم وبطريقة هي ما تتخيلها .في أقل الأحول كانت تتوقع منه يسكتها أو يسفها أو إنه يقابل سطوتها ولسانها بعنفه وقوته لكن هو أبدا ما تركها بعد أي خلاف بينهم إلا تفكر بشيء واحد المعاملة اللي هو يستحقها منها .لما ما شاف راكان منها أي جواب ضمها له أكثر وسند ذقنه على رأسها وقال
" خلصنا من هذا كله, كل الوساوس اللي في ذهنك اختفت "
ما ردت عليه لينا فقال
" الحمد لله السكوت علامة الرضا "
سندت يدها على صدره وبعدت عنه وقالت
" باقي شيء "
تجمدت ذراع راكان حولها وقال
"وشو؟ "
" أنت لما تعصب تقول كلام أنا ما أحبه "
" أيه عاد هذا غصب عني أنا إذا عصبت صدقيني أقول كلام ما أقصده "
" تقول لي مجنونة؟ "
"ولا يهمك المجنون أنا مهوب أنتي "
" لا والله جد الظاهر أني تأثرت بسببك بعد ما قالت لي شمس أنك ممكن تشك فيني قلت عنك أنك مجنون ومخرف "
" ما يخالف مجنون ومخرف بس ما هو قدام شمس عاد، تصدقين الظاهر أني رديتها لك من غير مدري يوم هاوشت شمس قلت لها أنك مجنونه وخبله بس خلاص من يوم رايح بيكون بينا تفاهم على قولتهم حضاري رضيتي ؟ "
" لا باقي أني ما أبغى منك تستخدمها حتى مع غيري و أولهم شمس "
" يا أني أغار من ها الشمس وأحسدها "
"إلا شمس تراها صديقتي "
راكان يمازحها وهو يشوف عينها جفت من الدمع لكن أثر البكاء فيها
" ما أحد قال عن صديقتك شيء أنا كنت أكلم الشمس اللي طالعة هاذي "
بادلته الابتسام عفويا فقال لها
" ما ودي أخليك بس أبوي كان يبي يشوفك و أنا دخلت المطبخ وصار اللي صار وطلعنا من البيت الحين لازم نرجع له بس هاه لا يدري أني زعلتك ولا ترى يكسر رقبتي "
ما ردت عليه لينا لأنها تحس بالضياع داخلها لكن ابتسامتها لازلت على وجهها فقال
" شكل أبوي المنافس الجديد الله يستر لا يطلع لي أحد ثاني عشان ما أخطفك وهاجر برى البلد "
دق جوال راكان فطلعه من جيبه ولما كانت لينا بتبعد وترجع لسيارة لفها بذراعه وقربها منه وقال
" هذا أبوي أكيد أنه معصب "
حط الجوال عند أذنه وقال
"آلو .هلا وعليكم السلام "
ثم فجأة بعد الجوال عن أذنه وصك وحدة من يعونه وهو يبتسم لها وسمعت لينا صوت أبوه يصرخ عليه و راكان يرد عليه
" طيب طيب ...خلاص .... ألحين راجعين للبيت ... يا هلا....حياك الله مع السلامة "
رجع الجوال لجيبه وقال للينا
" ما قلت لك يا حلوة أنه بيكسر رقبتي خلينا نرجع له و أبغى منك قبل ما نوصل هناك تنسين كل شيء صار اليوم وترمينه في ها المكان "


</SPAN> 13-03-2008, 12:01 PM


الفصل السابع عشر


وصلوا للبيت وجلس راكان مع لينا في الغرفة وهو يتأملها وهي تبدل ملابسها وترتب نفسها عشان تروح معه لأبوه ولما انتهت من ملابسها فتحت علبة المكياج فقال
" لينا المكياج بيخرب بشرتك لا تحطينه أنتي تعجبيني كذا "
كانت لينا تتوقع إن كلماته اللي كانت في الفندق مزح لكن الآن أدركت أنه جاد فقالت
" بس ما هي حلوة أروح لعمي وعيوني واضح فيها البكاء "
" سوي اللي تشوفينه "
ومثل عادتها لينا ما تركته ينتظر طويل لأنها تعرف الشيء اللي يناسبها من المكياج ولما جت تحط العطر قال راكان
" لحظة "
ألتفتت له وقالت
"فيه شيء؟ "
" أيه هو فيه واحد من عطوراتك أنا ما أحبه "
رفعت حواجبها بتسأل فخاف تزعل منه و قال
" لو أقول لك لا تستخدمينه وش بتسوين؟ "
" هو أمرا ولا طلبا؟ "
" لا والله طلبا "
شعور غريب جميل اجتاحها وهي تشوف ابتسامته ومن دون تفكير مسبق قررت إنها تحاول قد ما تقدر تعامله بمثل كرمة ولطفه وإنها تنسى الماضي مهما كانت مرارته وتدفنه في أبعد مكان حتى لو رفضه قلبها وكرامتها ومن ساعتها هاذي بيكون تفكيرها في حاضرها ومستقبلها. جاء لذهنها ذكر نجلاء والدين فأبعدته عنها بألم وهي تكرر إن عنادها ما يفيد وإذا كانت ترفض الطلاق في معظم الأحوال فعليها إنها تسعى لتحسين الوضع اللي بينها وبينه أكثر من تفكيرها في انتقام ما له أي معنى لأنه يدمرها قبل يدمره بفقدها شخص متفهم لطبيعتها ومتقبلها كإنسانة باحترامه لها وإشراكها في كل شيء يتعلق بعلاقتهم المقدسة ولا تركها أبدا تسمع في أي نقاش حاد يدور بينهم إنه أشتراها بفلوسه مع إن أي واحد بمثل حدة طبعه وعصبيته ممكن تطلع منه الكلمة ولو فلته من لسانه. ما فكرت لينا عن سبب تغيرها لأنها تعرف أنه هو اللي غيرها بمعاملته لها خلال الأسبوعين اللي راحت وخلاها تجرب تنظر له من منظار ثاني . نحت لينا تفكيرها بقرارها الجديد لأنها أصدرت حكمها ولا عاد فيه إي تراجع حتى وإن كان وجود وحدة في قلبه يكدرها لكن هي عندها ثقة بأنها تقدر تبعدها. نتيجة لحكمها التفتت لراكان بغنج وقالت بصوت هادي ناعم مليء بالعاطفة
" غالي والطلب رخيص أي عطر اللي ما يعجبك "
لاحظت الاستغراب في عين راكان بسبب تغير نظرتها و طريقة حركتها وكلامها أما هو فما حب أنه يشير لها عن هذا الشيء و قال
"أنا أعرفه لو شميته لأنك تعطرت فيه مرتين "
" أوكي طيب أنا أطلع لك العطورات اللي استخدمتها الفترة اللي راحت وأنت قل لي أي واحد فيهم "
أفتحت لينا شنطت التجميل حقتها وطلعت كذا عطر وحطته قدامه وقالت
" هممم أي واحد ؟ "
بسبب تغيرها راكان حس بالإحراج ولأول مرة يكون خجلان منها لأنه ظن أنه ثقل عليها وقاعد يطلب منها تسوي شيء هي ما تبيه فقال
" لا خلاص يا لينا ما عاد له داعي تعطري بأي واحد تبين وخلينا نروح لأبوي "
مسكته لينا من ذراعه قبل يبعد وأنتبه راكان أن حركتها ما كانت عفوية مثل عادتها لأنها في الغالب تسحب يدها بسرعة أما الآن فشدت على ذراعه وتناظر في عينه بنظرة قوية ما هي مترددة وقالت
" والله ما نروح لين تقول لي أي واحد فيهم "
" أخاف أني قاعد أخليك تتركين عطر تحبينه والسبب أنا "
" مهوب كل العطورات من اختياري في شيء من ذوق أختي عبير وأخوي ناصر وحتى لو كان من العطور اللي أنا أحبها فخير يا طير يعني غيره تسعين عطر "
" لا خلاص ما له داعي "
" أنا حلفت ولا عندي استعداد أكفر عن يميني "
شافت في عين راكان تردد ما يساعدها أبدا و حاولت تستجمع شجاعتها لأن قلبها ينتفض مع كل حركة تسويها وهي تعتقد إنها حركة جريئة. دست يدها تحدت ذراعه وهي تسحبه جهة العطور وتقول
" جد راكان بلا دلع أي واحد؟ "
" ملزمه؟ "
" إيه "
" لازم "
لينا تحاول تتصرف بطبيعتها المرحة
" أفآ وأنا بنت خالد تردني "
راكان يضحك منها وهو ما هو مصدق تصرفها وفي قلبه يخاف إنها بعد يوم أو يومين ترجع لوضعها الأول معه ويختفي كل هذا الجمال لكنه قال
" ما عاش من يرد بنت خالد بس كان قلتي ما حد يرد حرم راكان "
" ولا يهمك "
قربت العطور منه فا شم عطر الأول " Bvlgari" ثم " Clinigue happy heart" وبعد ما مسك عطر “Jador ” وقربه من أنفه العربي المستقيم وهو مرخي أجفنه لينا احتبست أنفاسها لأنه عطرها المفضل وتحسه جزء من شخصيتها فقال راكان
" عطرك هذا يعجبني تعطري منه على طول "
قالت مبتسمة بارتياح
" ما لقيت العطر؟ "
كمل بحثه وشم عطر " Glamour" و "Sentiment "و "Lapidus " حتى يئست لينا لكنه فجأة عقد حواجبه وفي يده عطر وقال بصوت ثقيل وكأنه في كهف
" كوكو شانيل "
ابتسمت له و شفايفها تكشف عن أسنانها اللي أبدعها الخالق سبحانه وكانت المرة الأولى لراكان اللي يستقبل منها مثل هاذي الابتسامة الممزوجة بالحنان وتسمح له إنه يشوف كل هذا الجمال وتمنى لو إنها تضحك من غير أي قيود ويبقى هو يتأملها فقالت
" خلاص أنا بأهدية لناس غالين علي "
" لمن؟ "
نظرت له بنصف عينها وأخذت منه العطر
" أنت اليوم روعت شمس وللحين من جينا ما شفناها وعقابا لك لازم تعطيها العطر مع بطاقة محترمة و وردة حمراء إن قدرت وإن حطيت معها مبلغ سنع يبيض الوجه كثر خيرك "
" وإذا ما سويت؟ "
لينا بدلال ومسوية بريئة
" بقول لأبوك إنك زعلتني "
" لا فيها تهديد خلاص أوعدك بس نرجع من عند أبوي أشيلها فوق راسي و أدور فيها "
كان يتوقع يسمع ضحكتها ويشوفها لكن ابتسامتها المشرقة كانت هي نصيبه وما عنده مانع يكتفي فيها إذا بقت في المستقبل على مثل وضعها هذا. لينا تمشي جنب راكان ورافعه أطراف فستانها النحاسي عن الأرض كانت متشوقة تشوف عمها اللي حبته من صوته ليلة زواجها ولأن وقتها كانت متوترة و ما رفعت عينها لأحد غير أخوانها تساءلت قد أيش راكان ورث من صافت أبوه لأنه واضح أنه ما أخذ من أمه إلا لون عينه الأسود. و صلوا عند باب المجلس فوقفت لينا ورتبت الشيفون الخفيف اللي يلتف حول خصرها ويتدلى للأسفل بارتفاعات مختلفة وأطرافه خيطت بالحرير وكأنه يشكل شلال في وقت الغروب وفي الجزء اللي يفترق فيه الشيفون إذا مشت وكشف عن القماش الحريري المزين بيد خبيرة و يظهر من عند الخصر أربع خيوط حرة طولها إلى نصف ساقها منظومة بالخرز. مررت لينا يدها عليها وقالت لراكان
" أحس أنه ما يصلح ألبس هذا الفستان الحين "
حط راكان يده حول أكتافها وقال
"هو ما يتوقع تسلمين عليه إلا وأنت بها الشكل "
"شكلي مرتب "
" أحلى من القمر "
ابتسمت وهي تقاوم خجلها و دخلت المجلس الواسع عشان تقابل أبو راكان وهي تسابق خيالها اللي رسم له صورة فريدة. شافته جالس وهو مستند على متكئ و تشخيصت شماغة بكاريه و تغطي الجزء العلوي من وجهه وهو مرخى رأسه لدلال قدامه. أنتبه لدخول لينا فا مسك عصاه و وقف مستند عليها وما حبت لينا تقول له يجلس مكانه وتسلم عليه لأنها خافت يعتبرها أهنه منها خصوصا وهي ملاحظة أنه ما كان ضعيف إلى درجه كبيره بحيث أنه ما يوقف إلا على عصا لكن واضح إنه متعود إن عصاه تكون معه خصوصا وهي تعرف إنه يملك غنم. الشبه كان قريب جداً ومع كثر الخطوط اللي انتشرت في وجهه إلا إنها عرفت إن الأب أكثر حده من ملامح ولده وأكثر جمال منه. بمختصر قول السعوديين إنه إنسان له شخصية وأكثر ما شد انتباهها له عينه الرمادية. كان للأب وولده نفس وسع العين ونفس النظرة الإلكترونية الغريبة ونفس الطريقة في النظر واللي تعبر عن النقد أو الاتهام واللي كانت لينا تتخيل إن راكان كان يتعمدها لكن واضح الآن لها إنها كانت فطرة وموروثة وسألت في نفسها إنها كانت تهاب نظرة راكان بسبب النقد الخفي اللي فيها فكيف لو فعلا وجه لها نظرة نقد وش ممكن تسوي معه. مد أبو راكان يده يصافحها فصافحته ورفعت نفسها على أطراف أصبعها لأنه كان طويل وقبلت رأسه في تقدير و احترام في حين راكان وقف ورى ظهر أبوه وصار مقابل لوجه لينا
أبو راكان :- "وش لونك يا بنتي؟ "
لينا:- "حمد الله يا عمي زان لونك "
أبو راكان:- "وكيف حالك؟ "
لينا :- " بخير طاب فالك وحالك الله يسلمك "
أعجب أبو راكان بلسان لينا لأن معظم محارمه اللي في سنها ما يعرفون يردون عليه بمثل هذا الترحيب ثم فجأة فتح عيونه ولمع اللون الرمادي فيها وهو يقول
"وش أخبار شوقك معك؟ "
لينا كررت الكلمة في داخلها بدهشة "شوقي!" لأنها ما تذكر إنها سمعتها من أحد أو طريقة الرد عليها. انتبهت لحركة راكان اللي خلف ظهر أبوه وهو يأشر على نفسه و يبتسم لها بود. ناظرت في أسنانه الجميلة وركزت على حركت لسانه وهو يقول من دون ما يصدر صوت
" أنا شوقك"
وأدركت في هاذي اللحظة بذات إن راكان فعلا شوقها وحبها. تداركت لينا نفسها وقالت لأبو راكان اللي ما خفا عليه ترددها
" شوقي ينعم بخير الله وفضله أنت وش أخبارك يا عمي عساك طيب؟ "
" طيب طاب لونك "
وفجأة قال
" ولد وراك واقف و راي "
راكان :- " سم يا بوي "
تجاهله أبوه و قال للينا
" أجلسي أجلسي وأنا أبوك "
رجع هو لمكانه قدام دلاله وحط عصاه خلف ظهره وترك لينا تجلس قدامه لكن عن يمين وقبل يجلس راكان عن يسار أبوه قال أبو راكان
"قم قم ،قم أجلس هنا وصب القهوة لبنت خالد "
راكان فتح عينه بمزح للينا وجلس قدامها و الدلال بين يدينه وأخذ الدله و صب في الفنجال ومده على أبوه أللي أشر بيده أنه يعطيها للينا. أرخت لينا عينها وهي تشوف راكان يبتسم لها ويمد لها الفنجال وفي عينه نظرة هزل وهو يقول
" تقهوي يا بنت خالد "
أبو راكان وهو يعتزي:- " أخوك يا أختي ! أنت وش فيك على البنت بدال ما تقول لها يا عمري يا قلبي تقول يا بنت خالد "
راكان فاهم أن أبوه يحاول يحرجه هو ولينا خصوصا بعد ما تركه وقال للينا
" ما عليك منه, هو توه صغير ما يفهم إذا ضايقك ولا قال لك شيء علميني تراه رجال مودي "
لينا ما فهمته ولا انتبهت للهجته فقالت
" لا بالعكس يا عمي مهوب موذي "
راكان ناظر في السقف وهو يبتسم لأنه عارف إنها ما استوعبت وأكلت المقلب. جلجلت في الغرفة ضحكت أبوه وهو يقول لها بمكر الكبار في السن
"he’s moody man “
حمر وجه لينا لما فهمت الموضوع و أخجلت من اللي قالته لكنها شافت راكان ما هو معصب فاسترخت أعصابها وهي تسمع أبوه راكان يقول
"أنا كنت أحكي بالإنجليزي وأقول إنه رجال مزاجي "
رمى بعجم التمر من فمه في طبق صغير قدامه وقال
" أنتي وش تدرسين؟ "
راكان :- " تدرس في كلية التربية قسم إنجليزي "
أستند أبوه على المركى وحط يده على خده وألتفت لراكان اللي عن يساره وقال وهو يحرجه
" أنا سألتك؟ "
راكان :- " لا, بس هي زوجـتـ...."
أبو راكان :-" أجل أسكت محد كلمك "
لينا حمر وجهها أكثر وهاذي المرة ما هو خجل لكن عشانها خانقه ضحكتها أما راكان فكان متعود على أسلوب أبوه ولا قال إنه رجال عمره واحد ثلاثين و ما يصلح يعاملني كذا واللي كبر راكان في عين لينا أكثر أنه حتى وجهه ما بين عليه غير الرضا و الاستمتاع بكلام أبوه وطريقته. بداء أبو راكان يسألها عن حال أبوها وأهلها وإذا كان أبوها عنده غنم مثله ولأن لينا تتكلم مع أبوها وإخوانها كثير قدرت إنها تتجاوب معه وتتكلم في أي موضوع هو يطرحه وبحكم حبها لشعر بأنواعه الفصيح والنبطي قدرت تتماشي مع ذكره لأسماء الشعراء القدماء مثل الوقداني و أبو ذيب شالح القحطاني و أبن حميد و غيرهم و رددت على مسامعه شيء من الأبيات اللي تحفظها ثم تطرقت معه لتاريخ جمع بين الحرب والشعراء وأبو راكان يزداد تفاعله معها. راكان مع أنه مستبعد من الكلام وهو يصب القهوة لهم كل ما انتهت فناجيلهم إلا أنه مستمتع باللي يسمعه وهو مهوب متوقع حفظ لينا لمثل هذا الأدب الشعبي ولا تاريخ صراع القبائل. أخيرا هز أبو راكان رأسه وهو يستعيد ذكريات الأولين ثم قال لها وهو يبي يفتح معها موضوع ثاني بعد ما زاد إعجابه فيها
" أقول يا بنتي "
" سم يا عمي "
" سم الله عدوك أنتي ذقتِ لبن غنمنا "
لينا مستغربة
" لا محد قال لي أنكم تسوونه "
" ما هم قايلين لك هم ما يشربون غير لبن البقرة المصنع لبن الغنم ما يبونه "
لينا تتكلم بصدق وهي تعرف إن أبو راكان مبسوط معها
" عاد لبن الغنم هو الزين "
" أجل أنتي تشربينه؟ "
" أي والله أني أشربه كان أبوي يجيب الحليب من حلالنا ونسويه "
راكان كان متوقع غير هذا لأن أخته أسماء وبنات أخوه سعيد وسعد وكل قريباته ما يحبون يشربون لبن الغنم عادا شمس وجاه صوت أبوه
"راكان "
" لبيه "
" قم جب للينا لبن "
راكان حس إنه طول الوقت هاذي هي شغلته إنه يقهوي ويخدم من غير ما يكون له أي دور ثاني في كلامهم غير إنه يتأمل لينا وعشان كذا قال بأدب
" شوي لو دخلت بتشرب منه "
" أنت ما عليك قم وهات اللبن "
" يمكن لينا ما تبغي تشربه الحين بعد ما تقهوت "
التفت أبو راكان لها وقال
" تبين تشربين اللبن الحين ولا بعدين؟ "
لينا تشوف راكان يتوسل لها فقالت
" لا يا عمي نفسي فيه الحين"
لما ألتفت عنها أبو راكان وقال لولده يقوم لينا حركت حواجبها بطريقة سريعة لراكان اللي بادلها الابتسام و هو يتوعدها فقال أبوه
"يلله بسرعة stand up "
وقف راكان وطلع ولينا تتأمله بحب ثم ألتفتت لأبوه وهي معجبة بالنغمة الغريبة في لغته الإنجليزية .
أبو راكان :- " شفتي هاذي الصورة "
رفعت لينا عينها لصورة الكبيرة المعلقة في وسط الجدار وأبو راكان يكلمها عن ذكرياته فيها. كانت صورة عائلية لأبو راكان وهو جالس على كرسي بحيث تشوف وجهه يلتفت لها وعليه ثوب أسود وفي حجره بنت صغيرة لابسه فستان أحمر داكان وعن يمينه ولدين وعن شماله ولد .عرفت لينا راكان بينهم لأنه هو الوحيد اللي ورث ملامح أبوه أما أخوه سعيد فأقرب ما يكون لأمه. دققت في وجه أبو راكان وهي مأخوذة بحدة و جمال ملامحه وبالنظرة الثاقبة في عينه تحت حواجبه اللي بينها عبوس خفيف. أعجبتها الأنفة والعزة عند أنفه والحزم والقوة في تعبير فكه لكن الغريب إن العين الرمادية لشخص اللي في الصورة لها روح لأن لينا شعرت بشيء غريب في داخلها وهي تحس إنه يشوف أعماقها بتركيزه على عينها. دخل راكان المجلس وفي يده كاس اللبن و شاف لينا وأبوه واقفين قدام الصورة .وفكر راكان إنه مرت مدة طويلة ما شاف فيها أبوه يوقف مع أحد قدام الصورة لكنه عرف في داخله وبيقين إن لينا تعني لأبوه شيء كثير وإلا ما كان أهتم يكلمها عن الصورة



الفصل الثامن عشر


بعد الغداء راكان طلب شمس لحالها وأعتذر منها زي ما طلبت منه لينا وهذا اللي ترك شمس ما تصدق نفسها لأن لينا ما قالت لها أي شيء. رجعت للينا اللي جالسة لحالها بحكم إن البنات كلهم طلعوا يتمشون في المشتل وقالت
" أنا ما أفهم شيء! "
لينا وهي تشوف الهدية بيد شمس
" وش تفهمين؟ "
" راكان كان قبل يتركني اليوم مهددني وقلت يمكن يعلع عيوني من راسي والحين يعطيني هدية وهو ما عودنا كذا؟! بالعادة يهاوش يصرخ يعفس الدنيا فوق تحت والحين ما أدري وش أقول! حتى كلامه مهوب هو و بصعوبه يطلعه ويقوله! وأنتي من اليوم ساكتة ولا تقولين شيء؟ "
" أها أنا ما قلت لك أننا تصالحنا؟ "
شمس وهي فرحانة لكن معصبه في نفس الوقت و خبطت ساق لينا وقالت
" وليه ما قلت لي تاركتني على أعصابي من الصبح "
لينا تضحك وتفرك ساقها
" أح يا أختي حبيت أفاجئك ما قصدي! بعدين أحسن تستاهلين عشان ثاني مرة ما تتكلمين كثير "
"هاذي خاتمتها؟ "
"لا لا أمزح معك لا تزعلين كم عندي من شمس؟ "
" لا جد أنتي اللي لا تزعلين عشان اللي قلته والله يا قلبي أني أسفه وأنتي عارفة أني ...."
"لا عادي ما صار شيئ "
ولما لاحظت شمس شرود لينا قالت
"ماشي أنتي ليش متضايقة طالما أنكم تصالحتوا؟ "
لينا مرتاحة بما إنها تصالحت معه لكنها معذبه في قلبها ونفسيتها تعبانه أكثر من قبل بعد ما عرفت إنها تحبه وتعشق الأرض اللي يشم هواها و لا قدرت تحتمل فكرة إنه في وحدة ثانية يفكر فيها مع وجودها هي في حياته. تبغي تكون هي الوحيدة في عالمه مثل ما هو الوحيد في عالمها. الخوف الخفي اللي في قلبها بسبب كلام نجلاء ما اختفى ولا راح يختفي إلا إذا عرفت إن اللي في قلب راكان إنسانه وحدة وتكون هي. في نظر لينا إن طريقة تصرفاته كلها تدل على أنه رجل محترم في كل أفعاله إلا في زواجه منها مسكت رأسها لو تقدر بس تمحي هاذي الذاكرة من مخها وللأبد. تحسرت أكثر وهي تتذكر كل الأحدث و لما تذكرت نصيحة ناصر اللي ما عملت فيها ندمت على كل لحظة أفسدتها بغبائها في وقت كان راكان يحاول يخليها شيء من الذكريات الحلوة اللي ممكن تتذكرها. كانت تتحرق عشان تسأل شمس السؤالين اللي يشغلون تفكيرها لكن الكلام معها في هذا الموضوع ما يجيب أي نتيجته بحكم إن ما يعرف الإجابة إلا راكان وصعب تسأله. قررت ما تضيق صدر شمس معها و جاوبتها على سؤالها
"لا بس... يعني... تعرفين شيء طبيعي وحده تشتاق لأهلها بعد الزواج لأنها ماشافتهم، أقول لك شيء شمس بس عادي يعني؟ "
" كلي أذان صاغية "
" ترى الموضوع يتعلق فيك توعديني ما تزعلين؟ "
" أوعدك وترى حنا ما نعرف الزعل "
" مهوب سر كبير بينا بس أذكر أني سألتك إذا أنتي تهتمين لمحمد إلى الآن وقلتي لي لا. أنا اليوم بس أجزم أنك تكذبين . هو يهمك بس أنتي قاعدة تكابرين و خايفه! "
شمس بتوسل
" لينا وش الفايده من كل ها الكلام؟ "
" ودي أسأل ...أنتي بترجعين له؟ يعني.... لو تقدم لك مرة ثانية! "
شمس وهي تغالب مشاعرها
"هو الموضوع أنتها من زمان خلاص "
" مرة قلتي لي أن بين محمد وبين راكان قرابة بس أنا نسيت. وش كانت صلة القرابة بينهم ؟ "
" شفتي أبو راكان "
" أها "
" أمه تصير خالة محمد يعني هو وأبو راكان عيال خالة "
لينا تفكر لأمد بعيد إذا فيه أي طريقة وأمل تصلح الأمور وتجبر بقلب شمس
"أها يعني محمد و راكان يصيرون عيال خالة بعد. طيب كيف علاقتهم مع بعض قوية و لا بينهم ....."
وفجأة قاطعتها شمس اللي تجلس قدامها وقالت بانفعال وبصوت مرتفع مثل عادتها
"صدق وش أخبارها تصدقين مشتاقة لها توقعت إنها نستنا "
فهمت لينا حركت شمس لأنهن تعودن على مثل هاذي الحركة و أي وحدة تقلب الموضوع فجأة فهو دلاله على وجد شخص غير مرغوب فيه يسمع اللي يقال و ما على الثانية إلا أنها تتكلم بنفس الانفعال وتوافقها في كلامها فقالت لينا وهي ما تقدر تجاري انفعال شمس لأن في داخلها شيء ثقيل تعجز تفسره
"أيه و أنا بعد توقعت تنسانا بس طلعت أصيلة و تراها تخصك بالسلام "
"يا قلبي الله يوفقها ما تزوجت إلى الآن؟.... "
ثم قطعت شمس جملتها وقالت
"حيا الله من جانا تعال أجلس "
وقف راكان مكانه فتره بسيطة ثم تقدم وقال
"وين أمي؟ "
شمس:- "داخل مع جدتك "
أنتقل للينا وقال
"جهزتي شغل الطلعة؟ "
لينا بهدوء:- " كل شيء جاهز"
شمس:- "على وين النية بتطلع أنت والشباب؟ "
راكان أساسا متفق مع لينا أنهم يطلعون لوحدهم لكن حب يجادل شمس
" الجو حلو قلنا نطلع أنغير جو نترك البنات يخذن راحتهن"
شمس:- " أيــه يـبـلــــــغ والله من النذالة اللي فيكم خلونا نطلع حنا و أجلسوا أنتم هنا ترى ما جينا هنا عشان نقعد بين أربع جدران؟ و أنتي لينا تكلمي و قولي شيء لزوجك أنتي بعد تبين الطلعة "
راكان يمزح:-" خالتي شمس لا تحرضين زوجتي علي وبعدين أنا كنت مقرر أخذك أنتي وهي معي بكرة لكن عقاباً لك بأخذها لحالها "
وقفت شمس و حطت يديها عند خصرها وقالت وهي تبادله المزح
" شف شف الولد لا تهددني ترى أنا خالتك وماني مترجيتك وبعدين أنا أعرف لينا قبلك من يوم أعمارنا 16 سنة ومهيب تاركتني"
راكان:-"ما عندك غير ذا الاسطوانة اللي دبلت كبدي! دوري جديدة غيرها"
شمس:-" المهم عندي أني أنا ولينا ما نفترق, صح لينا ؟ "
كانت لينا تبتسم مع كآبتها ولما حول الكلام لها وناظرت في ملامح راكان الهادية حست بشعور غريب وقالت لشمس وهي تحاول تقلد مرحها
" صح أنتي أختي ورفيقة دربي وتوأم روحي و ما أروح وأخليك يا نروح سوى ولا نقعد سوى "
قفزت شمس باتجاه لينا وقبلتها وقالت
"بعدي والله وفيه "
شاركتها الابتسام وهي تقول
"دوم "
قاطعهم هاذي المرة راكان يمزح وهو ملاحظ ألكدر في وجه لينا
"هيه أنتي أصحي متزوجك عشان تقابليني أنا ولا عشان ذا الشمس وبعدين توأم روحي هاذي أنصحك تسحبينها لا أرتكب جناية "
لينا سبقها لسانها باللي يشغل قلبها :- " أتوقع إن شمس كان أكبر أغراء عشان رضيت فيك "
فهم راكان مغزى كلامها وعشان يغير الموضوع إلي وصلوا له وتروح الغيمة السوداء اللي مرت التفت لشمس وقال
" أنتي شمس أنتي؟ أظنك شمس المعارف مهوب شمس"
شمس شهقت بتصنع لأنه سماها بأكبر كتاب لسحرة وقالت
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله علي الرحمن الرحيم من كتب الدجالين أنا الشمس وش يعرفني بذا الخرابيط؟ "
راكان:-" أوريك أنتي أللي ساحرة زوجتي ومخليتها تفضلك علي "
ودون سابق إنذار قرب من شمس و رفعها عن الأرض ودار بها وشمس تصرخ بصوت مرتفع فا جت أم راكان مسرعه بتجاه الصوت وشافت راكان يدور بشمس و لينا تضحك عليهم
أم راكان معصبه :- "بس الله يرج شياطينكم مسوين إزعاج يقوم العفاريت من مكانها وأنت ما تبطل حركاتك نزل خالتك على الأرض "
ثم وجهت كلامها للينا
"وأنتي يا لينا عاجبك الوضع ما تأدبين زوجك اللي مقلقنا من أخذك وهو مستخف ما عاد هو بصاحي"
راكان وهو يبتسم من كلام أمه نزل شمس على الأرض وهي في حاله يرثى لها في حين لينا قالت لأمه تمازحها
"خليها من قال لها تتكلم في أمور عائلية وتدخل بيني وبين زوجي؟ وبعدين بيني وبينك يا خالة شكلها يفطس من الضحك ".
ومع شعورها بهمها يخنقها ضحكت وهي تحط قبضت يدها قدام فمها فقالت شمس وهي تضحك معها و وجهها أحمر
"هاذي خاتمتها قال وفيه قال! أقول روحي هناك ولا أقول راكان نخيتك ما نخيت رخوم "
راكان يضحك:-" وش تبين؟ "
شمس :- "قل تم "
راكان:- "على حسب الطلب أشوف "
شمس:- "لا يعجبك بعدين أنا قلت نخيتك! "
راكان:- "خلاص دخلتي أطلبي وأمرك يلبى تم "
شمس:- " شل لينا ودور فيها ودوخها مثل ما دوخت راسي"
كان وجهه راكان ما يعبر عن شيء لكن اللي لينا متأكدة منه أنه ما يقدر يلعب معها بمثل هاذي الانطلاقة لأن الجروح اللي بينهم ما التأمت بالكامل عشان كذا بقت في مكانها مطمئنة وبثقة وقالت تبعد عنه الحرج
"أنا ما غلطت مثلك يا قلبي "
أبتسم راكان باحتيال وقال وهو يقرب منها وفي عينه مكر
"لا يا شيخه ما سويتي؟ "
ارتبكت لينا وهي في مكانها وقالت والشك في عينها
"أنا وش سويت؟ "
"من قال لك تضحكين على خالتي حبيبتي شمس كم عندي شمس أنا؟ "
قالت شمس بمكر
"يبلغ يبلغ واضح الغلاء عندك بسم الله عليك أشوفه طالع من عيونك, أخلص علي شلها "
أسرع راكان جهت لينا لكن هي قفزت من مكانها و اختفت خلف ظهر خالتها أم راكان
"دخلت يا خالة دخلت عليك "
صارت العجوز بينهم ولينا مثبته يديها على كتف خالتها و راكان يقوم بمناورات مع أمه حتى إن حماسته زادت عشان يشيلها ويبعد سحابة الحزن اللي يعرفها عن وجهها .والأجمل انه حس بالسعادة في هذا الجو المرح لإنها المرة الأولى اللي يمزح فيها مع لينا ويشوفها تتعامل معه من دون حذر أما هي فكانت تصيح من الخوف فقالت العجوز لراكان
"خلاص أدخلت أدخلت يا راكان "
"السموحه بس زوجتي وأنا حر "
"أقول لك أدخلت علي "
" يعني بتصيرين أطيب مني على اللي يدخل عليك؟ أنا بعد دخلت علي شمس "
التف بسرعة من يمين أمه وما انتبهت لينا إنها لفت خالتها معها واتخذتها حاجز لكن راكان مد يده من خلف ظهر أمه ومسك يدها فا صرخت لينا
"راكان تكفى الله يخليك لا "
لا زالت يدها متشبثة بالعجوز التي تخلت عنها وخافت على طرحتها لا تتقطع بين يدين لينا اللي تشدها بقوة وكانت شمس تضحك و تشجع راكان. وما كانت غير ثواني إلا وهي محمولة بين ذراعه و لا إراديا لفت رقبته بذراعها لأنها خايفة تطيح على الأرض بسبب سرعة راكان اللي ما صار يملا إذنه وعالمه غير لينا وصراخها وهو يدور فيها. تعب راكان من كثر ما لف فيها فا هدا ووقف وهي للحين بين يدينه و وجهها أحمر بشكل غير طبيعي وشعرها متناثر عليه بسبب لفات راكان السريعة. مع إنها تتمنى تبقى على وضعها معه إلى الأبد إلا أنها تبغى تكون لوحدها عشان تبكي وتفرغ المشاعر المتلاطمه اللي في قلبها وترتاح منها
لينا برجاء :- " نزلني راكان "
شمس تضحك:- " لا لا لا ..لا تنزلها خلها كذا "
راكان بدهاء:- " إذا قالت شمس نزلها أنزلك "
لينا :- "راكان مهوب حلوة يجون البنات ويشوفنا كذا "
شمس :- "وخير يا طير زوجته وبعدين هن متعودات عبد الله دايم يفحط فيهن "
لينا ارتبكت لأنها حست بعضلات راكان تنقبض ولاحظ هو توترها يوم قالت بتلعثم
" راكان البنات بعضهن صغيرات ما يفهمن زي منال وتهاني ,نزلني قبل ما يجون "
نزلها وهو يحس بكل دقات قلبها و ارتجاف جسدها وتعبها النفسي ومهما حاولت تخفي داخلها هو يحس فيه. صار يعرف تعبير وجهها حتى السريعة منها ما تغيب عن عينه. يعرف متى تعانده متعمده ومتى تكون باردة وحذره ومتى تكون زعلانه و معصبه ومتى تكون سعيدة و مرتاحة ومتى تكون متضايقة وحزينة يعرف الهم في عينها و أيش معناه يعرف الكآبة والكدر حتى لو كانت تبتسم وتضحك عشان تخفيه يفهم لمعان عينها وتحرك جفنها حتى ارتعاشه شفايفها الخفي. يعرف كل شيء عنها ويحفظه ويلمسه ويفهمه وقبل كل شيء يحسه بروحه وقلبه وغريزته حتى لو إنها ما بينت لأحد عنه. عدلت لينا جلابيتها ورتبت شعرها فتأكد وهو يدرس وجهها إنها تتمنى تكون لحالها لكن ما رضا يتركها على هاذي الحاله ويلغي طلعتهم خصوصا وهو ما عنده عذر مقنع و لان وجوده معها لحالهم ما يساعدها قال لشمس
" شمس أنا كنت واعد لينا أطلعها اليوم لجبل أحسن من اللي رحتي له أنتي وأسماء وش رأيك تروحين معنا؟ "
شمس بدهشة :- " لا معليش أنا في الرياض رميت وجهي عليكم أما الآن أسمح لي موقعي من الأعراب خطاء "
راكان:- " عن فلسفتك بتروحين معنا غصب عنك وإذا رفضتي بحطك في السيارة بنفسي "
لينا ارتاحت لكلامه لأنها ما تقدر تجلس معه من دون ما يكشف اللي عندها و وجود شمس بيمنع أي مواضيع خاصة ممكن تطرح, فقالت بحماسه
" شمس تعالي معنا والله الطلعة ما تسوى من دونك "
راكان :- " شفتي حتى لينا تبيك ما عاد لك عذر دام إن ثنينا نبيك معنا، هاه وش قلتي؟"
شمس بعدت عنهم و هي في طريقها عشان تطلع وتترك الغرفة لهم لأن اقتراحهم غير مرحب فيه بنسبة لها. هم في الشهر الأول من زواجهم ولا تبغى تدخل في حياتهم قبل ما يستمتعون فيها لوحدهم . قالت وهي على وش توصل الباب
" هزلت! و بعدين أنا عندي شغل مقدر أخلي أمي لحالها. طلعة ثانية إن شاء الله"
مشى راكان جهتها وقال بأمر ما يقبل الرد وصوت رجولي خطير
" لحظة لحظة تعالي هنا إذا أنا أكلمك ما تمشين إلا لين أخلص كلامي زين هذا أولا، ثنين أنا ما علي من أي شيء تقولينه مع صلاة العصر بنمشي على طول وإن كان مرادك جدتي أنا بكلمها "
ثم ألتفت يكلم البنتين مع بعض وهو يحاول إنه يخفف من جو التهديد اللي وجهه لشمس
" أسمعني مع صلاة العصر إن لقيت وحدة فيكم ما هي جاهزة شغلها بيكون معي واضح ويا ليت تلبسن شيء يسهل المشي لأني بسوي لكم تمرين مكثف إن ما خليتكم ترقون الجبل ما أكون أنا راكان. علم "
شمس وهي مستغربة طريقته :- "علم "
راكان :- "أنا بروح أشوف أبوي ولا تنسن مع صلاة العصر أشوفكن واقفات عند الباب "
بعد ما طلع وتركهن لينا صحيح ما ودها إن راكان يضغط على شمس لكن الشيء هذا أسعدها وهي تشوف إجباره لها فيه شيء من الطيبة أما شمس فا من دهشتها قالت
" أقول لك شيء أنا ما أدري إذا قد قلته لك ولا لا؟ الولد هذا من تزوجك وهو متغير وعلى وشك يستخف "
" من أي ناحية متغير؟ "
" من كل النواحي أسلوبه طريقته في الكلام ما دري أحس أن كل شيء فيه تغير "
" للأحسن ولا للأسوأ؟ "
" لا والله للأحسن لو دارين كان خطبناك له من زمان "
" مهوب لها الدرجة عاد "
" والله أني جادة حنا كلنا نحب راكان بس كنا نخاف من ردة فعله إذا قلنا أي شيء يمكن أنا الوحيدة ترى اللي تتكلم مع راكان و تراده مع أني أعرف أنه ما يحب ها الشيء لكن بما أن قاعدتنا أنه ما فيه شيء شين إلا ويتغير كنت أتحمل اللي يجيني. قبل كان أما يسفهني أو يهزأ أو أنه يطلع معصب ولا أشوفه وبعدين نتقابل ولا كأن شي صار والحين لا! إذا رديت عليه أو جادلته يعطيني وجه وإذا غلط علي يعتذر و لا قبل شوي معطيني هدية بعد! والله لو أقول للبنات ما يصدقوني "
"لا تقولين لهم خلينا نشوف إذا هم لاحظوا تغير فيه ولا لا؟ "


</SPAN> 13-03-2008, 12:13 PM
الفصل التاسع عشر


رجع راكان بعد ما صلى في المسجد وشاف لينا وشمس واقفات داخل ينتظرنه ومجهزات أغراضهن وما صدق إنهن أخذن كلمته بجد و تيقن وقتها أإن درجته في المزح مع البنات صفر. قبل يأخذ الأغراض قرر إنه يمثل دور المدرب ويحاول يمزح معهن قد ما يقدر. أول شيء سواه أنه طلب منهن يفتحن العبايه يشوف إذا ملابسهن تساعد على المشي ولا لا. فقال
" ما شاء الله من أولها مخالفة للأوامر "
شمس:- " معاذ الله يا رجل. ليه وش سوينا ؟ "
راكان:- " أولاً يا عزيزتي تنوررتك ما هي حقت ركض البلوزة ما تهمني ..."
قبل يكمل قاطعته شمس اللي تأقلم أخيرا على طريقتها :- " أنت جاد ولا تمزح؟ "
راكان :- " جد الجد بعد ثانيا النعال العادية ماش ما تخالج لازم تلبسون رياضية "
لينا :- " أيه بس حنا أقل شيء بنسويه إننا نجلس هناك ثم نمشي شوي ونرقى شيء بسيط من الجبل ونرجع "
راكان يمد شفايف بمزح وقال :- " أنا قلت كذا؟ "
لينا وهي مستغربة حركاته :- " لا "
راكان وهو يرفع يده :- " أها الحمد لله أوكي أرجعوا غيروا على ما أغير أنا ثيابي بعد "
دخلوا مرة ثانيه يبدلون ملابسهم وكانت لينا بتلبس تنورة أوسع من اللي لبستها قبل لكن راكان رفض ونسق لها وش تلبس. اجتمعوا مرة ثانية عند مدخل البيت فا سبقت شمس ولينا ركان لسيارة على ما يشيل هو الأغراض ولما جلس راكان في مكانه وصك الباب قال للبنتين
" جبتوا القهوة؟ "
شمس جالسة بالمرتبة الثانية ولا تكلمت عشان تجبر لينا تتكلم. فقالت لينا وهي تتساءل عن سبب سؤاله لأنه شيء بديهي إنهم يجيبون كل شيء ضروري
" أيه "
" والشاهي؟ "
" جبناه "
" وسيدة المائدة التمرة؟ "
في صوت لينا الضحكة :- " جبناها "
" الحلى؟ "
"جبناه "
" الفطاير؟ "
" جبناها "
"المكسرات؟ "
"جبناها"
"المويه؟ "
"جبناها "
" الترمس؟ "
هنا لينا وقفت مع إنها كانت ناويه تقول لشمس تكمل عنها بعد ما تعبت من تكرار كلمتها وسألته
" ليه الترمس ؟ "
" عشان نحفظ فيه العصير والغازيات إذا اشتريناها "
لينا :- " ما له داعي اللي معنا يكفينا بعدين حنا ما حنا مطولين هناك ولا؟ "
راكان :- " بنقعد إلى قبل صلاة المغرب بشوي ثم نرجع "
لينا تمزح بسبب كلامه:- " وش رايكم ننام هناك بعد مهوب أحسن؟ "
راكان يضحك من تعليقها:- "و الله الفكرة جت في بالي بس ما أضمنها لك "
ثم أضاف بأسلوب أكثر مرح " ما تشوفين من اليوم أعدد عليكم الأشياء ومسوي فيها مدرب مصدق نفسي إننا في رحلة استكشافية للجبل و ما ناقص غير نجيب ورقة وقلم ونحط صح قدام اللي مسوينها معدات "
شمس :- " هي بنسبة لي و لك مهوب رحلة استكشافية أما للينا لا. وش رايك أنا وأنت نلعب دور المرشد السياحي "
راكان يتصنع الذكاء :- " لا لا ما تصيرين مرشد سياحي بوجودي, أنا عارف إنك تهربين من التدريب عشاني أنا المدرب أعترفي يا شمس مكشوفه."
ضحكوا من تعليقه فقال
" أقول خلوني أنزل أجيب الترمس ولا وقفنا مكانا للمغرب "
نزل من السيارة ولاحظت لينا في جيب بنطلونه مسدس صغير فقالت
" راكان "
"هلا "
" ليش شايل معك سلاحك؟ "
" لأني ما عمري طلعت بدون سلاحي "
" حتى الأسابيع اللي راحت؟ "
أبتسم راكان وقال:- " و في كل يوم عشتيه معي بس أنا كنت أخبيه عنك "
لما صك الباب تأملت لينا قميصه الأسود اللي يحتضن عرض أكتفاه و بنطلونه الزيتي اللي يوضح طول ساقه وشعره الأسود الناعم اللي أختار وقت العمرة إنه يقصره. كان أنيق في تنسيقه لملابسه اللي تلامس عضلاته المرنة و جسمه الرياضي يتحرك بطريقة مهيبة وهو يمشي باستقامة وخطواته ترسم أثر مستقيم على الأرض اختفى داخل البيت فقالت شمس
" خايفة من السلاح؟ "
" الله لا يحوجنا له أنا أعرف إن السلاح مهم خصوصا في السفر ولا إذا خفتي أحد يسرقك بس فكرة إنه يكون معه على طول خوفتني "
" لا تلومينه أنتي تشوفين بعينك راكان رجال مستحيل إذا مر يقول واحد إنه ما شافه، الشيء الثاني انه واحد من زملاء الدراسة قبل تخرجه من أرامكوا طلع معه للبحر و .....تعرفين عاد أنتي وش ممكن يفكر فيه زميله ذا؟ "
حست لينا بنغمة الكره في صوت شمس وقالت " تقدرين تكملين؟ "
قربت شمس من مقعد لينا و أسندت ذقنها عليه وقالت
" اللي طلع معه كان تفكيره منحرف إذا أنتي فاهمتني؟ "
لينا باشمئزاز:- " أعوذ بالله "
شمس :- " هذا اللي صار وهو صرح باللي في نفسه و طبعا راكان أول ما سمع كلامه ضربه ضرب مجنون وزين ما ذبحه المهم أنه ركب السيارة وتركه مكانه عاد الولد راح الشرطة وأشتكى عليه وهو يقول إن راكان أعتدي عليه وضربة"
" الحيوان "
" طبعا جت الشرطة و أخذته وسين وجيم وخضعوا لتحليل كلهم وطلعت النتائج سليمة ما فيها شيء ثم كلموا أبو راكان و الله يجزا الضابط المسئول عن القضية خير لأنه أول ما شاف الفرق بين الاثنين وسمع القصة من راكان صدقه وما ادري كيف انتهت قضيتهم لكن من يومها و راكان شاري له سلاح و مصرحة ولا يتركه أبد "
" حسبي الله ونعم الوكيل "
" أقول لينا لا تكلمين راكان في السالفة تراه ما يدري أني أعرف "
" وأنتي وش دراك؟ "
" لأن راكان جاء لعبد الله أول ما دخل الجامعة وحذرة من أنه يطلع مع شباب ما يعرفهم من قبل أو ما يكونون من الجماعة وقال له سالفته وأنتي تعرفين أصوات الشباب إذا انفعلوا تصير مرتفعه فسمعتهم ترى ما أحد يعرف بقصته حتى أمه, المهم إن راكان ما عاد يثق في أحد غير عيال عمه وجماعته و أذكر وقتها إنه قال لعبد الله الحمد لله اللي ستر ربك وكان واحد وقدرت عليه مهوب عشرة "
لينا وهي مضطربة ولأول مرة تحس بالخوف على راكان و إنها مرعوبة من فكرة فقده
" يا الله الحمد لله اللي حفظه ربي الله يحفظه العمر كله "
كلهن انتبهن لراكان لما رجع ومع هذا قالت لينا
" أش هذا راكان جاء "
رجع راكان مكانه وصك الباب وقال وهو يبتسم
" معليه تأخرت عليكم "
لينا :- " لا عادي ما صار شيء"
حس بنبرة الصوت الجديدة وفهمها فقال بمرح وهو يحرك السيارة ويرجع بها وراء
" أشفعي لي يا شمس من تزوجت لينا وهي ما تعرف غير ذا الكلمة "
ودخلوا في معمعة الضحك وبدت المجادلة المرحة اللي تعودت لينا وشمس عليها لكن الجديد إن راكان صار معهم على نفس النهج . أخذهم راكان لمنطقة هو يعرف أن ما أحد يجيها بسبب صعوبة الطريق اللي يوصل لها . حطوا بساط لهم جنب السيارة وجلسوا يسولفون و مع إن الوقت صيف إلا أنه معروف إن جو أبها بارد واللي زاد البرودة الآن الهواء اللي يلفهم ويبعثر شعر رأسهم مع الأشجار الخضراء اللي تحيط فيهم من كل مكان. أستبشر راكان وهو يشوف لينا تتكلم بأريحية وتعبر عن إعجابها في المكان من حولها والفضل بعد الله يرجع لشمس اللي تفتح المواضيع وتناقش بأبعاد مختلفة ومحاور متنوعة ثم بدا التعلق بينهم على بعض الذكريات اللي يحفظونها. حسوا أنهم أكتفوا من الجلوس فقال راكان
" وش رأيكم نرقى الجبل الحين؟ "
شمس:- " أخيرا أتحرى الكلمة من اليوم "
لينا :- " ناخذ عباياتنا معنا؟ "
راكان :- "لا ما له داعي ما في أحد يجي قريب من هنا "
ربطت كل من شمس ولينا شعرها حتى ما يضايقها و بدوا يتسلقون الجبل وهم يعلقون على أشكالهم وطريقتهم لان شمس رابطه طرحتها حول وسطها أما لينا فكانت طرحتها معلقة على رقبتها و أطرافها اللي على صدرها مسكتها ومررتها تحت ذراعها وربطتها عند ظهرها فصار يذكر بجراب المسدس. طبعا راكان سبقهم بشيء بسيط وفي يده علبة مويه ويساعد أي وحده من البنتين تحتاج مساعدته. وقف وألتفت وراه يشوف وضعهن. لينا ما كانت تعاني من أي مشكلة ولا تحتاج لبذل جهد لأنه ألزمها تلبس بنطلون أسود ما يبين من ساقها إلى حركت انثنائها الناعمة بعكس شمس اللي كأنها سندرلا في طريقة رفعها لتنورتها التركوازيه الفاتحة المناسبة لبلوزتها البيضاء. مدت لينا يدها لشمس و تسلقت معها الصخور اللي قدامهن وأول ما رفعت رأسها لراكان وشاف وجهها البيضاوي وامتداد عنقها و نظرتها البريئة والسعادة تلمع فيها اجتاحته مشاعره تشده لها خصوصا مع الهالة اللي تحيط فيها والجاذبية الفريدة اللي تمتلكها ولأنها تلبس بلوزة صفراء صافي لونها وتلامس بشرتها برقة وياقتها مفتوحة و مكوية بعناية حس أن هذا اللون يضيف معنى جديد لها ولشخصيتها. نزل علبة المويه عند رجله و مد يده اثنتين اللي كان رافع أكمام قميصه عنها فبينت عضلات ذراعه القوية. مسك لينا وشمس وساعدهم حتى صاروا في مستواه و لاحظ برودة يد لينا فقال
" تحسين بالبرد؟ "
"يعني، مهوب مرة طبيعي كوني جايه من الرياض من درجة حرارة 46 إذا ما زادت لـ 48 بعد! و بيوم واحد تبيني أتعود على درجة حرارة 17 صعب!"
شمس:- "سبحان الله عكس العالم الكل يدور البراد إلا هي "
لينا :- "هذاك قلتيها أنا عكس العالم يبغى لي كم أسبوع عشان أنسى البر و حره "
شمس:- " لك كم يوم في أبها للحين ما تعودتي؟ "
لينا :- " يا حياتي فيه فرق لما أكون في البيت وبين أربع جدران وعلي ملابس سميكة شوي غير عني في الجبل والهواء يلفح رقبتي وظهري وملابسي خفيفة ما تعدي منه شيء "
حس راكان انه خارج الموضوع فا حب يشاركهم ويطلع من كلامهم عن الجو اللي شافه ممل بنسبة له
"لو كنت لابس لبس رياضي كان عطيتك جاكيته بس شوفت عينك "
شمس:-" أحلى "
جمدها راكان بعينه عشان ما تزعج لينا فقالت شمس
"خلاص بطلع منها "
راكان :- "المهم لو نتسابق ونرقى الجبل يمكن تدفين "
كانت لينا بترد عليه لكن شمس قالت لها بمكر لأنها ما تتجرأ تقول لراكان
"عندي إحساس أني جاية غلط معكم كان يمديك دفيتي لو أنكم لحالكم ؟ "
الحرج غط الاثنين فقالت شمس للينا تزيد من إحراجها
" ترى وجهك صار احمر! "
لينا زاد حرجها واحمرارها وقالت بسرعة لأن عين راكان تراقبهم
"لا هذا بسبب الهواء البارد "
ضحكت شمس بقوة فقال راكان اللي طول الوقت مبتسم وكأن الوضع بدى يعجبه
"البنت مبسوطة باللي تسويه شغلك عندي "
خطف جوالها من يدها وركض فيه لوهله كانت شمس عادي لأنها تعودت أنه يأخذه لكن فجأة تذكرت شي في الجوال وبسرعة حاولت تلحقه وهي تصرخ عليه يرجع ولينا بدورها لحقتها لكن بهدوء لان ببساطة شمس ما تقدر تبعد بسبب تنورتها الطويلة الواسعة اللي ما تساعد. فقالت شمس
" لينا ألحقيه بسرعة وهاتي الجوال "
" هذا من يمسكه شوفي وين وصل؟ "
" لا تقدرين أنتي سريعة ولابسه بنطلون "
تعلقت شمس بيدها وقالت
" تكفين "
لينا ما أعجبها كلام شمس فقالت
" طيب خلاص خلاص بعدين حنا ما بينا رجاء "
" بسرعة "
" شوفي خلينا نطنشه ونجلس وهو بيزهق و يرجع "
" على كذا يمديه يقرا الرسالة "
" أي رسالة؟ "
" في رسالة جاتني من وحده من باب المزح وأخاف يقرأها "
لينا تعاتبها
" وليه ما مسحتيها بعد ما قرأتيها؟ "
" يا الله هذا وقته أنا كنت حافظتها عشان تقرينها وبعدين أمسحها "
"خلاص أنا بشوف, أسمعي خلينا نروح له من غير ما نركض عشان ما يتحمس "
تسلقت لينا مع شمس الصخور اللي قدامها وهي تشوف أصابع راكان الطويلة تضغط على مفاتيح الجوال فقالت عشان تشغله و هي تتوقع أنه يقلب في ملفات الصور والصوت
" هيه راكان رجع جوال شمس "
طق طق بلسانه من بين أسنانه وهز راسه علامة على الرفض فقالت
" طيب خذ جوالي أنا وهات جوالها "
" ما في جوالك شيء جديد كل اللي فيه أعرفه "
" طيب أسمع والله عيب تأخذ جوال وحدة بنت وهي ما تحبك تشوفه "
راكان يتكلم وهو مشغول بالجوال
" ما عليك منها ترى هي تسوى أمانه وضمير وأنا دايم ألقى جوالي في يدها من غير ما أسمح لها "
" أيه بس أنت جوالك جوال رجال ما فيه شيء أما هي بنت يعني فيه كلام بنات وسوالفهن و هن ما يحبن أحد يقراها "
" يا سلام حلال عليكم حرام علينا "
" لا مهوب كذا بس أنك تأخذ جوال بنت من غير ترضا ما يصلح "
" أفكر أفكر راجعونا بعد الصلاة"
لينا تمشي بهدوء وراكان واقف مكانه أما شمس فنارها داخلها تحرقها . و فجأة ضحك راكان بصوت عالي وهو حاط يده على بطنه وما يقدر يوقف عن الضحك فجمدوا البنتين مكانهم. ناظر راكان في عيون شمس وهو يضحك ثم ناظر للجوال وهو يقول بصوت عالي
" كيف تصطادين المعرس؟ "
شمس شهقت وقالت
" لا راكان "
فقال راكان وهو يضحك
" ليه لا. كيف تصطادين المعرس أنطقي في البيت لين يجيك "
ولأنه يضحك شمس اندفعت جهته وتعثرت و تعورت ساقها فقالت لينا لها وهي تسندها وتمسك يدها
" صار لك شيء؟ "
" لا بس الحقي الخبل هذا بسرعة قبل يقرأ الرسالة كلها "
ولأن لينا حاسه بحرج شمس بسبب الكلمات اللي سمعتها من راكان شافت أن في ساقها نشاط عشان تركض له وتقفز بين الصخور برشاقة. شافها راكان فأسرع وكمل طريقة ولينا تصرخ وراه وتناديه يرجع لأنها عارفه إنه من المستحيل إنها تجاريه أبدا. أما هو فكان يكمل قرأته و يتهجى بعض الكلمات اللي شاف إن مصطلحاتها غريبة وهو يضحك بدون أي قيود فما قدرت لينا لأن ما بيدها حيله غير إنها توقف وتتأمله. لما شافها وقفت وهي عاقدة حواجبها رجع لها وهو يقول
" الله يعين الشباب عليكم أثر عندكم خطط وحنا المساكين ما ندري لا و نايمين على أذانا الله يخلف بس ويحفظنا من كيدكم "
لينا تحس بالإحراج مثل شمس فقالت
" أقول جب الجوال وأنت ساكت من كثر الزين اللي فيكم يوم نخطط عليكم لا شكل ولا مؤهلات ولا حتى تصرفات! نخطط عليكم على أيش؟ "
راكان قال لها وهو يحط الجوال قدام وجهها
" هذا هو الدليل تنكرين "
انتبهت لينا لصورة الكاريكاتيرية المضافة لرسالة فحمر وجهها وأخذت الجوال من يده
" هاذي مزحه بين البنات لا تصدق ترى أنتم الرجال تخذون كل شي جد "
غمز لها بعينه وقال
" مهوب دايما على الأخص مثل هاذي الرسايل "
رجعت لينا لشمس اللي تمشي على مهل بسبب ألم ساقها وهي تشوف راكان يمشي وراء لينا و يقول مبتسم
" والله وطلعتي منتي سهله يا شمس "
" أقول لا يكثر "
لما وقفوا جنبها قال يمازحها
" عندي لك خطه غير هاذي الخطط لأنها ما عاد تمشي, تعرفين الناس الحين تبصرت! أنا أقول أرقدي و كبري وسادتك ألين يجي أمير القصر و يصحي الحسناء النائمة بمعنى أنه يطق بابك أو وش رأيك نترك تنامين هنا مثل البطلة أوديلا في رواية باربرا كرتلاند وداع للخوف يوم لقاها البطل و قومها عاد بطلك أنت بيلقاك وقولي له ضيعت أهلي وهو يجيبك لنا وبعدين يجي لنا طويل العمر طالبا يدك بعد ما شافك وأعجب فيك"
كل البنتين وقفن وهن ما يصدقن اللي يسمعنه وكل وحدة فاتحه عينها على أتساعها وتناظر فيه فتجرأت لينا وقالت
" أنت تقرأ روايات رومانسية؟ "
راكان وشعره الأسود الناعم متناثر على عينه يحركه الهواء وكان حاط يده في جيب بنطلونه و حرك كتفه و هو يرفع حواجبه
" ليه فيها شيء ولا الروايات بس لكم؟ "
لينا :- " لا بس ما توقعتها منك, العادة أنكم يا الشباب تحبون الشيء الإجرامي أكثر من الرومانسيات "
شمس وهي تمد يدها للينا :- " لا و زيدي على هذا أنهم يعيبون فينا إذا قرينا الروايات الرومانسية ويقلون إننا غبيات عشانا نقرأ كلام فاضي ويضحكون منا وهم يحسبون إننا نصدق الكلام الخيالي، أما هم جلفين بشكل ولا عندهم أي حس! "
راكان :- " أشوف مسوين هجمة على أبناء جنسي وأنا واحد ضد أثنين وين العدل؟ "
لينا :- " إلا أبو العدل يا شيخ شهادة الرجل بشاهدة امرأتين وميراثه ميراث ثنتين أجل حتى في الحوار واحد ضد أثنين "
راكان بهزل :- " أنتي وشمس أثنين؟ أنتم الوحدة فيكم عن ثلاثين "
لينا :- " وأنت عن عشر طعش "
شمس تبتسم :- " حلوة, بس راكان أنت جد تقرأ الروايات الرومانسية؟ "
راكان:- " ما فيه مانع أني أقرأها بس ترى قليل لأنها بصراحة ما تستهويني معظمها ممل وبنفس الأفكار بس هاه هذا ما يمنع ما أصير رجال رومانسي "
شمس مسويه حكيمة وهي تهز رأسها وتضرب أخماس في أسداس :- " ماش ما في فايدة خيب أملنا "
لينا :- " إلا صدق راكان ليش الشباب ما يحبون الرومانسية ليش إذا ....."
قاطعها راكان :- " لا لحظة حبه حبه أرد عليك أما مسألة إن شبابنا ما يحبون الرومانسية فا مهوب صحيح أظاهر إنهم هم أبو الرومانسية وأبصم لك على هذا بالعشرة صحيح إنكم تشوفون أشكالهم الخارجية جادة وإنهم حقين حركات شبابية بس صدقيني إذا جلست مع الواحد منهم ألقاه متولع يا في بنت عمه ولا خالة ولا وحدة تقرب له مدري من وين يكفيك إنهم أزعجونا بأغاني الحب حقتهم شافها وحبها و شافته وتعلقت فيه من غير إنهم يكتبون أشعار وخواطر الصراحة حلوة و بعدين الشيء هذا ما راح تشوفه إلا اللي تتزوجه وهي بدورها بتخاف من عين الناس وبتظلمه وتقول إنه إنسان عادي "
لينا :- " أوكي وليه يحبون الأفلام اللي فيها أكشن أو الروايات البوليسية أنا ملاحظة أنكم تحبون كل شيء فيه حركة أو إجرام "
راكان:-" حبيبتي هذا يرجع لطبيعتنا أنتي ما تتوقعين إن فيه رجال يصلح له حتى و إن مسك وردة إذا جاه الحرامي قال له يوحش بعد عني! عشان كذا شيء بديهي نحب القوة أو أي شيء يتعلق فيها سواء أفلام أو روايات أما الإنسان الضعيف منا حرام عليه كلمة رجال إذا ما حفظ مراجله بس مهوب معناه إننا جلفين زي ما قالت الآنسة شمس "
شمس صفقت له :- " والله مدري وش أقول لك عشرة على عشرة"
لينا تبتسم :- " سكتنا ما ندري وش نرد ما عندك شي في قاموسك ينقذنا؟ "
شمس:- " عندي بس ما يمشي على راكان "
لينا لراكان:- " ما قلت لك أنك عن عشر طعش؟"
راكان :- " يعني فزت عليكم؟ "
شمس:- " بلا فخر نعم "
لينا والحوار عجبها :- " طيب راكان أنت ما عندك شيء تسألنا عنه ما تفهمه في البنات أو ما يعجبك؟ "
راكان وهو يفكر:- " لا ما عندي "
لينا :- " إلا عندك مهوب معقولة يعني أنه ما يكون فيه ولا شيء صغير ما تفهمه أو تكرهه فينا "
راكان :- "أكره في البنت تبرجها وقلة حياها و سماجة لسانها وخفة عقلها ورجت حركتها طبعا يفرق البنت المرجوجة عن البنت الحركة النشيطة أنا ما أقول كل البنات كذا أنا أقول بعضهن اللي تسوي ها الشيء أنا أكرهه منها، أما شيء أنا ما أفهمه فما أذكر أنه في شيء ما أفهمه في البنات؟ "
شمس :- " وكيف فهمته حضرة سموك؟ "
راكان :- " لأني أقدر أقراه في عيونكم "
شمس وهي ترفع يديها في الهواء: - " يا سلام , على فكرة لينا زوجك هذا عليه حركات وفلسفه عمري ما شفت مثلها في حياتي "
راكان :- " والله أني جاد أنا أفهم كل محارمي "
شمس:- " ما قلنا شيء بس أنت يا قلبي عمرك ما جلست معهن و سولفت أو خليتهن يكلمنك "
راكان :- " عاد هذا ما يخليك تحكمين علي؟ "
لينا :- " أوكي الليلة نختبرك "
شمس :- " والله ما يصدقن البنات لو جاء وجلس معهن صدقيني "
لينا :- " خلينا نجرب وصيري أنتي الحكم "
راكان :- " لا لا إذا القاضي شمس أنا أرفض. صيري أنتي القاضي "
لينا : - " ليه؟ "
شمس:- " معليه صيري أنتي القاضي وأنا ممثل الإدعاء "
لينا :- " ما يصلح يصير القاضي أحد ثاني؟ أنا بصير ممثل الدفاع عشان أدافع عنك "
راكان وهو يضحك :- " قاضي أقوى عشان تصدرين الحكم موثق مضمون "
لينا :- " المشكلة أنه مطعون في حكمي وشهادتي "
جلس راكان مكانه وهو يقول :- " إذا تبون يصيبكم دوالي خلكم واقفين "
جلست لينا جنب راكان و جلست بجنبها شمس وقالت
" خليك بيني وبينه "
لينا وهي تضحك من طريقة شمس اللي تقلد فيها الأطفال:- " ليه؟ "
رفعت شمس صوتها بمزح وقالت لراكان:- "راكان ترى للحين أنا زعلانه منك "
لينا :- " بعد كل ذا السوالف انتبهتي أنك للحين زعلانة منه؟ "
شمس مسوية تهمس وهي تسمع راكان :- " أش عشان يعطيني هدية ثانية "
أبتسم راكان وقال :- " ما عندي غير ذا المويه تبينها "
أخذت شمس علبه المويه وقالت :- " هاتها نعمة المويه تفك أزمة خصوصا أني عطشانة بعد الركض وراك"
فتحت شمس العلبه وشربت فقالت لينا لراكان
" إذا ما رجعنا بتظلم الدنيا "
شافت في عينه نفس النظرة الغريبة و هو يتأملها فقال لها
" أنا أنتظر ها الوقت من الصبح عشان تقدرين تشوفين الغروب "
لفت لينا نفسها بذراعها بسبب الجو البارد و أصرفت عينها للشمس الحمراء اللي على وشك تغيب وهي تتمنى إن راكان يفهم احمرار وجهها على أنه بسبب الغروب أما شمس فتجاهلت الوضع ولا كأنها سمعت شيء وفي داخلها تمنت للمرة المليون إنها ما جت معهم ولو على قطع رقبتها أما نجم الشمس اللي يسبح في الأفق فكان يشكوا الوحدة لأن كل من الثلاثة يبحر في أعماق أفكاره و مشاعره .


</SPAN> 13-03-2008, 12:21 PM
الفصل العشرون


في المساء أجتمع راكان مع قريباته أمه وجدته و أسماء أخته و خالاته عايشه ونورة و أولهم شمس وأخواته اللي ما تجاوزوا العشرينات منال وتهاني حتى سامية الطفلة البريئة كانت موجودة معهم وبنات أخوه سعيد فاطمة (22 سنة) و سحر (20 سنة) و أشواق (16 سنة) أجلسوا معهم وكل وحدة منهن الفرحة ما هي واسعتها لأنها بتجلس مع عمها وتسمع سواليفه و بالمثل بنات أخوه سعد وفي قلب كل وحده موجودة في مجلسه نفس أمواج السعادة اللي تخليهم يشكون في اللي يشوفونه. الشيء اللي كان يحيرهم كلهم سبب وجوده معهم لكنهن علقنه أنه بسبب وجود لينا وتسألن عن نوع المواضيع اللي ممكن يتكلمون فيها معه؟ إضافة إلى أنهم لابد يحاسبون على كلماتهم ولا يمزحون معه زي مزحهم بينهم ولا يجادلون بأي فكرة يطرحها وهم يعرفون قناعاته فيها. أول من بداء يتكلم مع راكان أمه وجدته بحكم انه ما هو شيء جديد عليهن يتفقدهن وكانوا أقرب الناس له في المجلس لأن أبعدهم لينا اللي جلست في أبعد مكان بجنب شمس اللي تشارك أمها وأختها في كلامهم مع راكان . راكان يحس بعين لينا تراقبه وتراقب وجه كل وحدة من قريباته فبداء يكلم قريباته وحده وحده حسب ترتيبهن في الجلوس ولما وصل عند عايشه وسألها عن وضع دراستها وأخبارها فتح معها موضوع زواجها من ظافر وبداء يمازحها وكان واضح إن عايشه مبتهجة بكلامه معها وهو يعلق عليها وعلى ظافر وكيف إنهم يناسبون بعض ولأنها مرحه نست حذرها وقالت بأريحية
" أقول أقلب وجهك بس "
جمد المجلس للحظة والكل يحسب ردت فعل راكان لأنه ما يسمح لأحد يعامله بمثل هاذي الميانه والعفوية ويستخدم ألفاظ مزح مثل هاذي الألفاظ غير الشباب زملاءه وأقاربه ولأن الجو صار بارد ثقيل وهو مستند على متكئ ويلعب بالسبحة بين يدينه حب يزيل التوتر اللي أوجده السكوت المفاجئ وحبس الأنفاس و علق على كلمة عايشه وقال
" أقلب وجهي على صفحة رقم كم؟ "
ضحك كل اللي في المجلس فعلقت شمس عليه وقالت
" أما عاد! "
رد عليها راكان
"عاد ولا ثمود "
شمس:- " ألوضع اليوم معكوسة "
راكان:- " مع كوسة ولا مع بامية "
فزاد الضحك وأعصاب قريباته هدت وهم يتأملون لينا بحب و أمتنان لأن وجودها بينهم كان مدخل خير عليهم . راكان يبغى يغيض شمس فبدا يكلم أخته أسماء بالإنجليزي وهي تجاوبه بمثل أسلوبها العذب وبنفس سمتها الهادية اللي عرفته عنها لينا لكن شمس ما عجبها الوضع فقالت
"هيه أنتم أصحو عشاني ما أعرف إنجليزي تتكلمون به "
ضحك راكان ورفع حاجبه وقال لها
" والله ما لنا دخل ما احد قال لك ما تتعلمين, دراسة من أول متوسط لين ثالث ثنوي ست سنين يا ظالمة ما تعلمت والله عيب أستحي على وجهك يا شمس "
دست شمس ذراعها تحت ذراع لينا وقالت
"أنا أصلا قررت أخذ دروس مكثفة عند صديقتي "
" هيه تراها زوجتي يعني خذي أذني أول و نتفق على الرسوم وكم بتدفعين لي لأنك بتحرميني منها و بتاخذين من وقتي الثمين معها و اللي ما يتعوض و بعدين ذيك الساعة بعد ما نتفق تبدين تأخذين دروسك الخصوصية يا ماما "
زمت لينا شفايفها لأنه ما أعجبها هذا التملك العلني وسمعت شمس تقول له
"تراها صديقتي يا فالح قبل ما تعرفها أنت يعني أكبر فضل لي عليك أنك عرفتها عن طريقي المفروض تحج فيني كل سنة"

" الفضل لله سبحانه وبعدين زوجتي وأنا حر وش عندك؟"
" زوجتك ما قلنا شيء بس تحرمنا منها هذا اللي أنا أحتج عليه"
"يا سلام و أنا تزوجتها ليه؟ إن شاء الله عشان تتركني وتقابلك "
أخيراً تكلمت لينا واختارت إنها تقطع الصمت اللي يلفها
"معليك شمسي بنسوي منظمة سرية و أعلمك إنجليزي ولو بغيتي نتعلم شيفرة مورس بعد نتعلمها سوى"
شمس:-" يا سلام كفو والله كفو يا بنت خالد هاتي بوسه "
تبادلت البنتين العناق فقال راكان بلهجة جادة ما تخلو من المزح
"هاذي مؤامرة علنية وعيني عينك "
قالت لينا وهي مستمتعة بالمزح
"و إذا فكرت أنك توقفنا ترى بننظم للمافيا "
"بعد تعاون مع اللصوص الخارجية! "
كان الجميع يضحك حتى لينا اللي لأول مرة يشوفها راكان تضحك بقوة وعينها في عينه كان لنغمة ضحكتها المرتفعة بصوت ناعم وقعها على راكان اللي أبتسم لها وهو يتأمل أسنانها البديعة اللي ظهرت له فقال يكمل
"طيب يا مدام نبي نتفق خلينا نختبر شمس أسئلة بسيطة إن نجحت تبدون في الدروس الخصوصية و بنعطيها درجة أسمها مهوب التوفل أسمها لينا بس للأسف ما هي معترف فيها دولياً ."
قالت شمس بتفاخر يتناسب مع الموقف
" أتفضل أطرح أسئلتك أي شيء عادي free بس طبعاً في مساعدة من صديق "
ناظر راكان للينا بمكر وقال
"خذي راحتك بس بشرط صديق واحد فقط "
" ما يبغى لها كلام لينا, أتفضل أطرح أسئلتك "
قال وهو ينقل بصره للينا أكثر من مرة وكأنه يقول أنتي المقصودة

"طيب السؤال الأول
“Late at night ,when I should be asleep , into my heart you quietly creep”
ابتسمت لينا وقالت
" قولي له
" Get away from my face ‏ ‏ "
راكان مد شفايفه ثم كمل
“I sit and wonder how this could be , but you must have stumbled across the key”

فقالت لينا وكأنها تفكر
"You still boring "

تجاهل راكان الرد وقال
”I know I could mean so much but it's up to you to open the doors of your heart “

شافت لينا ابتسامته فقالت
“I think it’s better to stop this conversation and focus on those people around us “

قال لها راكان وهو يهدد
“ Can you tell me? what’s your last word? sweet heart”

لينا حفزها التحدي فشاف منها ابتسامة مشرقة موجهه له وقالت بمزح وهي تتصنع الكبرياء والغرور
“ I shall think about what You say and try to know if you mean something to me “

راكان وهو حاط من نفسه معصب
"أجل كذا أنا ولد أبوي "
رمى شماغة الأحمر جنبه وأستعد يوقف وما سمعت لينا غير صراخ البنات من حولها بكل حماس و انفعال
" لينا هجي ...لينا حطي رجلك بسرعة "
ومع أن الموضوع كله مزح إلا أن ساق لينا تلقت الأوامر وقفزت واقف قبله و تركت لساقها حرية الطريق وهي تركض بسرعة. اندفعت من خلال باب الصالة اللي يوصل للأرض الخضراء المكشوفة اللي يزين سماها النجوم المتناثرة على ستار الظلام حول القمر المكتمل ولأن صراخ البنات لازال يحثها فكرت تختصر الطريق و تروح لأبوه لأن هناك بس ما يقدر يتمكن منها ويكون الموقف أكثر متعة لو أنظم أبوه للموضوع لكنها سمعت صوت البنات يرتفع بضحكهن ويصرخن بقوة وهن يقولن
"يا وليك بسرعة ...وصلك ..."
وأضافت وحدة وهي تصيح
" راحت فيها "
استنتجت لينا إن راكان قريب منها فقررت تضيعه بلفاتها ولا تمشي بخط مستقيم وهي اللي ما قدرت تبعد كثير صدمها إنه مسك معصمها وأدارها له بسرعة ولفها بذراعه الحرة كان على وجهه اللي يضيئه نور القمر ابتسامه ماكرة وهو يقول
"أجل أنا عندك ولا شيء يا لينا "
"لا ركان كنت أمزح وبعدين أنت سألت شمس وهي اللي جاوبتك أنا ما لي شغل "
صرخت شمس وهي تحط يديها على خصرها
"لا يا حبيبتي لا تحطينها على رأسي أنا كنت أقول شيء أنا ما أفهمه و يا ليت أحد يقول وش السالفة ويترجم لي عشان أضحك من قلب مهوب ضايعه في العجه "
قال راكان بتشفي
"شفتي هاذي أخرتها خيانة خلي شمس تنفعك ها الحين "
قالت لينا وهي ما تقدر تحرر يدها ونفسها من بين أيديه
"أنا وش دخلني أنا عطيتها البندق و وريتها الشارة هي اللي رمتك "
شمس:-" أنت اللي قلتي أرميه"
لينا بمزح:- "طيب يا شمس أوريك إن ما علمت البنات فنون التعذيب عليك ما أكون لينا و بيجي يوم واقلبها على راسك "
شمس تمثل دور الضعيفة الخايفه
"لا لينا تقولينها صادقة"
" جربيني خمس أسنين ما عرفتك فيني "
قاطعهم راكان
"خلاص بس ولا كلمة, الكلمة لي الحين شغل الخمس سنوات هذا أنسوه فجرتو أذني ومرارتي فيه , يا شمس بسرعة جيبي ...."
وقبل يضيف تذكر أن من بين اللي يشوفه بنات صغيرات فقال للجميع
"كلكم داخل بسرعة إلا شمس "
قالت لينا متصنعة البلاهة
"أجل يلله بروح مع البنات عشان تخذون راحتكم "
قال راكان وهو يوقفها عن الحركة ويرجعها مكانها
" لاااااااا يا حلوة أنتي اللي ورطتي نفسك تحملي ما جاك بتوقفين هنا "
" راكان والله عيب ما هو قدام البنات "
قالت شمس تضحك
" لا أنا مطلقة أول مرة أقولها بسعادة بلا فخر طبعاً و كله عشان ما يفوتني المشهد الأخير من الفلم الهندي"
قطع راكان الضحك بصوته الجهوري
"يلله بنات بسرعة داخل ,أعد لثلاث واللي أشوفها هنا انتم تعرفون وش بيصير لها واحد ..."
وما نطق الرقم واحد إلا و دخل الكل وضحكاتهم تختفي تدريجيا وراهم و يبقى صوت الليل اللي زاد قلق لينا وقت سمعت راكان يقول لشمس اللي على وشك إنها تموت من الضحك
"روحي وجيبي عباية لينا "
قالت شمس بسعادة
"أبشر ثواني بس, لينا لاحظي أني من الصبح وان أجيب لك عبايتك "
لينا:- " أستني شمس ..."
لكن شمس بعدت فقالت لينا لراكان
" وين بتاخذني؟ "
قال و طيف ابتسامة على شفايفه
" it's not of your business"
قالت لينا
" راكان أتكلم من جد ما أمزح "
" جد ولا خال؟"
"راكان!"
" الحين بتعرفين وين، أجل أنا ما أعني لك شي هاه؟ "
جت شمس وأعطت العبايه ليد راكان الممدود ثم اختفت وتركتهم لحالهم .ساعد راكان لينا في عبايتها وركبها سيارته وأخذها لأحد الفنادق وأقام فيه هاذي الليلة مع عروسة اللي أشتاق لها أكثر من أي وقت مضى .


الفصل الواحد و العشرون


في الصباح بعد ما أفطر راكان مع لينا في الفندق رجع لبيت أبوه وكانت ساعة يده تأشر على عشرة ونص. وقف سيارته وهو مستغرب من مجموعة السيارات الواقفة قدام البيت ولاحظ إنها سيارة الشباب اللي مستأجرين الاستراحة فجاء على باله أكثر من سؤال عن تواجدهم. دخل مع لينا من الباب الجانبي للبيت حتى سلم على أمه وقريباته ولما سألهم عن سبب وجود الشباب ما أقدرت وحده منهم تقول جواب مفيد يفك حيرته فتركهم وراح لمجلس الرجال. أول ما دخل وسلم على الموجودين شاف أبوه بين أخوانه سعيد وسعد وهو منسجم في حواره مع الشباب اللي قراء في عيونهم الإحراج منه. راكان أكثر ما يكره أنه يجلس في غرفة بين أربع جدراً إذا وجد له بديل فأقترح على الشباب أنهم ينتقلون للغرفة الزجاجية الموجودة في المزرعة فرحبوا بهذا الشيء وانتقلوا للغرفة الشفافة اللي ما تحجب جمال الطبيعة وفي نفس الوقت جدرانها الزجاجية تدفع عنهم الهواء اللي ممكن يضايقهم. بعد ما بدوا يطلعون و راكان معهم ناداه أبوه
" راكان "
" لبيه "
" وين زوجتك؟ "
" داخل مع البنات "
" أطلبها لي بسلم عليها "
" إن شاء الله بس كنت بسائلك يا أبوي عن الشباب ..."
قاطعه أبوه وقال
" أنا عزمتهم وخليتهم يتركون أستأجر الاستراحة تعرف بعد ما راحوا الناس البيت فضا ولا عندي أحد يسليني غير زوج جدتك وهو بعد بيسافر بكره بأهله فقلت لأخوك سعيد وسعد يجيبونهم هنا ولو بالقوة "
ما أستغرب راكان هذا من أبوه لأنه يحب الشباب أصلا وتعود عليهم بحكم عمله في أرامكوا و احتكاكه فيهم ولا يتخيل أنه يعيش حياته من غير ما يقابلهم والشباب أنفسهم يرتاحون معه لأنه ما ينقد عليهم في طريقة كلامهم أو في لبسهم للبناطيل زي معظم الكبار في السن اللي يلزمونهم بالثوب. علق راكان على أبوه
" ما تقصر أبد يا أبو سعيد "
" نسيت أقول لك أني قلت لهم من اليوم ينامون معنا في البيت ويسكنون فيه "
راكان أنصدم فهذا شيء مو معقول مع وجود أخته وزوجته و زوجات أخوانه وبناتهم ولا هو شك في الشباب لا أبدا بس هذا ما راح يريح الطرفين أبد عشان كذا قال لأبوه
" بس أنت تعرف يا أبوي أن البيت فيه حريم و الكلام هذا ما يصلح مع الشباب أنا متأكد أنهم يتضايقون من ها الشيء بس أنت أجبرتهم "
حرك أبوه يده وقال
" ما يهمني وش يفكرون فيه لأن أمك بتروح اليوم هي وأختك أسماء كل وحده لبيت زوجها و أخوانك سعيد وسعد قالوا لي اليوم الصبح أنهم بيرجعون بأهلهم وعيالهم لبيوتهم الليلة ما بقي غير جدتك وبناتها خالاتك وأنا قلت لك أنهم بكره مسافرين يعني ما فيه أحد بيبقى في البيت غير زوجتك لينا ولا تقول لي أنك تنوي تقعد عندي وتقابلني وتترك حرمتك في أول شهرها! "
راكان يمازح أبوه
" أمداك ما شاء الله تزين الأمور وتتخلص منا واحد واحد "
" أنا بيتي مفتوح لكم فأي وقت تبون و يعز علي وجودكم لكن اليوم يوم أصبحت و علمتني بنتي أسماء بكل هذا ما قدرت أصبر أعزم الشباب هنا وأقضي وقتي معهم بس قبل أروح لهم ناد لي لينا بسلم عليها "

بعد الغداء الكبير اللي لم الشباب مع أبو راكان و ودعت أسماء وأم راكان البنات وراحوا.لكن كان في حركة غريبة في البيت لفتت انتباه البنات وأثارت دهشتهم ما عادا لينا . قالت فاطمة
" يا ناس جدي وش فيه اليوم حار ومستعجل؟ "
شمس:- " عنده شيء ؟ "
فاطمة :- " ما هو شيء جديد بيروح يتفقد الغنم "
عايشه :- " أجل وش فيه؟ "
فاطمة :- " ما أدري متحمس ومستعجل ويبغى كل شيء جاهز في لحظة "
لينا لا إراديا ابتسمت فقالت سحر
" المشكلة أنها أول مرة يسويها حتى أن أبوي هاوشني لما عرف أني ما خلصت الشاهي حق جدي "
شمس:- " ما هو شيء جديد إن أحد يهاوشنا فلا تكبرين الموضوع "
سحر:- " لأنك ما شفتي كيف كان وجه جدي من زمان ما شفته نشيط ومبسوط كثر اليوم حتى أني لما شفت كل ذا السعادة في وجهه قلت مثل المسلسلات رجع عشر سنين وراء "
شمس :- " يا شيخه الله يسعده العمر كله أنتي وش مضايقك؟ "
سحر :- " لا تفهميني غلط أنا مهوب متضايقة أنا مستغربة لأنه يبغى كل شيء حامي حتى يوم أمشي كان يرفع صوته ويقول حركي بسرعة، يا أختي وقتها حسيت أني سيارة مهوب أدمي "
لينا تسمع وهي تبتسم من غير أي تعليق وفجأة جت وحدة من بنات سعد واضح على وجهها أنه في عندها ألف تسأل وقالت
" لينا جدي لحاله في المجلس ويقول خلوا لينا تجيني "
مسكت لينا عبايتها اللي كانت مجهزتها جنبها فقالت شمس
" نوال فيك شيء؟ "
"لا بس جدي غريب اليوم قال لي روحي نادي لينا وكنت أسأله عن أبوي فصرخ علي وقال أبوك مهوب ضايع رواحي بسرعة ونادي لينا "
انتبهت شمس للي في يد لينا فقالت
" لينا ما له داعي أخوان راكان إذا عرفوا أن أبوه يكلم وحده ما يدخلون ولا يمرون "
لينا تبتسم وهي تقول لهم سرها اللي حافظته
" لا أنا بروح مع عمي للغنم "
كل البنات فتحوا عيونهم ولاحظت لينا إن ما فيه وحده ما فتحت فمها من الدهشة فقالت فاطمة :- " أيه وأنا أقول من اليوم جدي أيش فيه "
أشواق :- " كان تكلمتي من أول و ريحتينا "
لينا :- " حبيت أسمع كلامكم "
نوال :- " روحي له قبل ما يصير لي شيء و إذا رجعتي نتفاهم "
لينا وهي تسوي حركات مسرحيه :- " لو سمحتوا ولا وحدة تتكلم عن عمي ترى ما يرضيني أشوف حتى عقد حواجبكم لو طلب منكم شيء "
فاطمة :- " أجل يا زوجة الولد السنعه روحي وعلى فكرة نسيت أقول لك أمس يوم رحنا لجدي نسلم عليه قبل ينام سألنا عنك و قال لنا أنك أغلى وحدة بين حريم عياله "
عايشه :- " منتي سهلة يا لينا في أسبوع خطفتيه من أمهاتهن "
نوال :- " لينا الله يعافيك روحي له بسرعة قبل يرسل علي أبوي ويمسح بي الأرض "
مشت لينا جهة الباب فسألتها شمس :- " لينا علمتي راكان انك بتروحين؟ "
لينا :- " كنت بقول له بس عمي فاتحني بالموضوع ومن بعدها ما شفته عموما عمي قال بيبلغه وإذا نسى يقول له وجاء راكان يسألك عني قولي له أني رحت للغنم معه و ما أظنه بيزعل مع السلامة بنات "
لوحت بيدها المفتوحة بحركة دائرية للبنات وطلعت. ركبت السيارة اللي مشت بها بطريق بريه غير مستوية حتى وصلت للمراعي اللي تنتشر فيها غنم عمها و اللي كان واضح عليه الانشراح من جيتها معه و كلامها اللي أمتعه ولا كان يشغل لينا شيء كثر الطبيعة من حولها و اهتمامها إنها ما تخيب أمل عمها فيها. الشيء الوحيد اللي ما حسبت له لأنها كانت تستبعده هو غضب راكان اللي ما سبق جربته. راكان بعد ما حس أنه أكرم ضيوفه بجلوسه معهم دخل يشوف لينا و يسولف معها ولما شاف إن كل خالاته وبنات أخوانه جالسات ولينا ما هي بينهم توقع إنها تكون جالسة مع جدته و زوجات أخوانه فطلب من شمس تناديها لكن هي قالت له
" لينا ما هي فيه؟ "
راكان ما أستوعب
" ما هي فيه! وين بتروح يعني؟ "
" راحت مع أبوك للغنم "
" كيف؟ "
راكان يحاول يسيطر على أعصابه ويتحكم في غضبه لكن شمس فهمت انفعاله في صوته الهادي البارد لأنه علامته. ما أنتبهن البنات اللي حولها لفكه القاسي وهو يقول
" متى راحت؟ "
" يعني تقريبا لهم الحين ساعة "
هز راكان رأسه على انه فهم وهو يتوقع أن ما أحد قدر يترجم اللي بداخله و سأل شمس
" سمعت أنكم بتمشون بكرة أي وقت؟ "
" بعد ما نفطر بنسافر إن شاء الله "
" الله يسهل "
ترك البنات وهو يعرف أن سؤاله حيرهن لأنه جاء في وقت بدري وكان مفترض يسأل هذا السؤال في المساء إذا قرب موعد سفرهم لكن هذا كان أقرب شيء لذهنه اللي ما يقدر يفكر إلا في روحت لينا من دون ما تسأله للمراعي . عرف أنه مستحيل يجلس مع الشباب من غير ما ينتبهون لعصبيته فطلع وركب سيارته الجيب ولما حط المفتاح في مكانه وهو كل عضلة فيه مصابه بتشنج ريح ظهره على المقعد و سحب المفتاح اللي ما انفك من يده لكن أعصابه ما استرخت ولا ارتاحت وهو يفكر إنه ما هو من الحكمة يتبعهم هناك لأن هذا الشيء بيجرح أبوه ويهينه واللي ترك جسم راكان يتصلب أكثر أنه يشوف إنه من الجنون يقعد مكانه وما يحرك شيء . أخذ جواله وأتصل بلينا لكن جوالها مقفل وهذا خلاه ينفجر أكثر. شاف ساعته اللي في يده ولأنه يعرف من نفسه إنه إذا عصب ولا أنهى اللي يشغله مستحيل يتكلم أو يسيطر على ملامح وجهه أو ما يضر اللي حوله بكلامه الهجومي فجلس في سيارته حتى ما يقابل أحد والشيء الوحيد اللي يناسبه الآن أن الشباب يظنون إنه عند أهله وقريباته يظنون أنه جالس مع الشباب. عقد ذراعه على صدره وجلس ينتظر لأنه من غير المعقول يتأخر أبوه أكثر من ساعة هناك وخصوصا أن معه بنت. راكان طول الوقت على أعصابة ولا يعرف كم مر عليه وهو على وضعه حتى سمع صوت المحرك وشاف انعكاس سيارة أبوه في المرايه أنتبه راكان وهو يشوف عينه أن كل شيء واضح على مرايتها ولا ممكن تخفى عن أبوه فأخذ نظارته الشمسية و حجب فيها عينه. وقفت السيارة قريب منه ونزل أبوه مع لينا ونزل راكان بدوره عشان يقابلهم سلم على أبوه اللي سأله
"وش عندك في السيارة؟ "
راكان:- " نسيت جوالي في السيارة و جيت أخذه "
ومن حسن حظه أن أبوه ما كان موجود وقت كانوا الشباب يعلقون عليه ويقولون أن جولات المتزوجين صارت محرمة عليهم و إلا كان كشف كذبته. كمل راكان وهو يغطي غضبه بابتسامته
" وين رحتوا؟ "
لينا بانشراح :- " رحنا للغنم بس بصراحة كان جو خيال هناك"
بادلها ابتسامه مزيفة :- " وليش ما قلتوا لي أروح معكم ؟ "
لينا باندفاع بريء :- " كنت بقول لك بس عمي قال أنه هو اللي بيكلمك "
ألتفت راكان لأبوه اللي قال:- " أعرف أنك ما تحب تروح هناك فا قلت ما له داعي أقول لك "
راكان :- " على الأقل تعطوني خبر طيب! "
أبو راكان :- " ليه؟ ما قلوا لك البنات أن لينا راحت معي؟ "
راكان يتهرب من سؤاله:- " المهم أنكم استانستوا و انبسطتوا. جبتوا الحليب معكم ؟ "
أبو راكان وهو يمشي بيدخل بيته :- " شفه في السيارة دخله معك على الحريم "
كانت لينا بتمشي هي الثانية وتروح للبنات تحكي لهن عن رحلتها على ما يدخل راكان وينظم لها لكن قبضة يد عنيفة مسكت بذراعها فلتفتت لراكان اللي قال
" وين تظنين نفسك ماشيه؟ "
جمد الدم في عروقها وهي تشوف عضلات وجهه منقبضة بشكل مخيف. كان صوته اللي تسمعه صوت ساكن بارد جاف إلا درجة تركت لسان لينا معقود. فهزها من ذراعها وقال
" أدخلي قدامي أشوف "
مشت لينا قدام راكان وهو اللي يقودها حتى لما قربوا من المطبخ قال
" أستني أحط الحليب في المطبخ يشوفونه الحريم وأجيك لا تحركين "
لينا تتمسك أيديها بعبايتها بعصبيه وتقاوم لسيطرة على ارتجافها وهي تشوفه يدخل من باب المطبخ ويسد الطريق بأكتافه وما أخذ غير قليل ثم رجع لها و نظراته الشمسية حتى الآن على عينه لكن ما يحتاج إنها تخمن بالنظرة اللي فيها ولو إنها حست إن النظارة خففت من مظهر غضبه. مسكها بذراعها وأخذها لوحده من الغرف البعيدة حتى ما يسمع أحد نقاشهم خصوصا إنهم ما عرفوا بوجودهم. دخلها قدامه وصك الباب من بعده وقفله بالمفتاح اللي كان موجود في قفل الباب ثم سحب نظارته بحركة سريعة وحطها في جيبه وهنا صار الخوف يضرب بجدار قلبها وهي تشوف الظلام اللي ملى عينه وأختلط بنار غضبة اللي تحترق في عدساته. ومن دون أي مقدمات قال من بين أسنانه
" من قال لك تتطلعين من البيت من غير ما تقولين لي يا مدام "
لينا بجهد تسيطر على ضربات قلبها الخايف وقالت وهي تحول توضح له
" أنا كنت بقول لك بس كنت متأكدة أن عمي بيكلمك لأنه هو قال لي "
راكان مع غضبه إلا أنه حتى الآن ما رفع صوته لكن كانت كلماته سريعة
" حتى ولو. كان دقيتي علي و كلمتيني "
" ما توقعت إنك ما تعرف ثم جوالي شريحته احترقت وما قدرت أكلمك "
" وما لقت تحترق غير اليوم ! "
لينا توضح له
" ولد أسماء حرقها وقت كنا نتغداء "
" وليه ما أخذتي جوال شمس أو أي وحده من البنات "
لينا قربت منه تبي تهديه وتعتذر له ألين يرضى
" لأني اعتمدت على عمي ولا ..."
بحركة انفعاليه من راكان حط يديه على أكتافها و هزها وهو يقول
" طلعي أبوي من السالفة أنتي تعرفين أنه ما راح يقول لي و راسك الغبي هذا ما فيه مخ تفكرين فيه عشان تلقين طريقة وتكلميني "
لينا مع أن خوفها زاد بسبب الحركة المفاجئة إلا أنه في نفس الوقت حفز طبيعتها الحادة فقالت بعدم صبر وهي تبادله نفس نظراته
" أنت وش تبي بضبط؟ تبي تقنعني أني غلطت في حقك أوكي آسفين طال عمرك حقك علينا اللي ما عرفنا أن الروحة مع أبوك تضايقك "
استخدمت لينا كلمة طال عمرك لأنها حست وكأنها موظفه عنده ولاحظ راكان الشيء هذا مع ارتعاد شفيايفها ومع هذا قال بشراسة وهو يعجز يسيطر على غضبه
" أنتي ما تفهمين؟ خبله؟ قلت لك طلعي أبوي من الموضوع "
" أنا ما أدري أنت وش اللي مزعجك بضبط قلت لك أني ما راح أطلع من البيت مرة ثانية من غير ما تعرف وللحين تهاوش! ممكن توضح لي؟ "
راكان بعصبيه وهو متوقع أن سبب غضبه واضح
" أوضح ؟! أنتي أصلا ما تنعطين وجه يا مدام و لو أني سألت الجدران كان أنطقت وعلمتني ...."
وقبل ما يكمل أهانته لها مشت باتجاه الباب فا سحبها راكان من يدها وهو يحس بارتجافها من الغضب ما كان خوف منه كان جسمها يهتز بعصبيه واضحة لكن قبضته كانت وحشيه من حيث ما يعلم ومع إنها حست بألمها إلا أن ألمها الداخلي كان أكبر من إنها تلتفت لمعصمها اللي على وشك ينكسر في يده وسمعته وهو يوجه لها تهديده
" صدقيني يا لينا أن استمريتي على ها الوضع ما راح أرحمك أنا لما أكلمك ما تعطيني ظهرك وتروحين وكوني ما قلت لك شيء قبل مهوب معناه أني بترك, واضح؟ "
في السابق كان ممكن تتقبل غضبه أكثر من الآن لأنها ما كانت تهتم فيه, لكن الآن حالها تغيرت و سكين حبه تطعنها في قلبها ثم تسحب وتطعنها مرة ثانية كان هذا سبب في تعبها الروحي والنفسي والجسدي ولأنها شافت إن حبه طعنة حتى في كرامتها وكبريائها قبل قلبها قالت ترجع شي من بقايا لينا القوية اللي اختفت
" أنا تحملتك وتحملت عصبيتك فوق طاقتي يا راكان ولا عندي استعداد أناقشك وأنت على ها الحال وإذا كنت رجال قد كلمتك يوم قلت لي أن أي شيء يصير بينا بناقشه بهدوء فأجل كلامك بعدين "
راكان منفعل ولا كأنه سمع شيء من كلامها
" وبرأيك أن اللي سويتيه وطلوعك وأنا ما أدري ما يستاهل؟ لا وين رايحه المدام؟ مع أبوي للغنم! أنتي تشوفين أنه الموضوع سخيف أني أكلمك فيه الحين تحسبيني من؟ واحد خبل تقودينه معك "
لينا عذابها الداخلي أكبر مما يتخيله لأنها ممكن تفهم وجهة نظرة لو شرح لها لكن هو ما يعرف غير يهزأ ويصرخ. ولأنه للآن يمسك بيدها و وجهه قريب من وجهها قالت بانفعال وكلماتها تتسابق على لسانها
" أنت ليش تزوجتني راكان؟ إذا ما عندك استعداد أنك تناقشني وتتحمل طبعي وتغفر لي أخطائي إذا غلطت ليه تزوجتني من البداية؟ مع أنك تعرف من أنا؟ ولا لأني أسهل وحده ممكن تتزوجها حتى لو أنها رفضتك عشان الفلوس أللي لك عند أبوها؟ مع إنك أصلاً ما تبيها وتفكر في وحده ثانيه هي أغلى عندك من اللي تزوجتها. من دخلت وأنت تهزأ ومعصب وحاط غلك فيني وكأني مسوية جريمة وذابحة لك أحد, وإذا تشوف إن لك الحق تسير حياتي زي ما تبي عشان تذلني وتخلين خدامه لك, خلاص أنا أقول لك أسفه حقك علينا ولا أنا بطالعه من دون أقول لك ولا راح أتكلم وأناقش في شيء أنت ما تبيه, خلاص ما لي أي حق أبغيه في عيشتي معك, حتى لو عصبت مالك هم بحط قهري عندي وأسكت عشان ما أضايقك ارتحت الحين رضيت؟ "
كانت تتكلم بانفعال وكل ذرة من جسمها ترجف في عذابها ومع اهتزاز كلماتها في صوتها وكان الأسوأ إن عينها دمعت وبشكل غير متوقع ولأنها دمعة حارة كان سقوطها أسرع حتى تمسح على وجهها الأحمر اللي يشتعل بكل ذرة نار كره وحب وغضب .نار كره لحياتها التعيسة اللي يحفها الكدر والنكد و نار كره لعنجهيته وقسوته.ونار حبه اللي تعذبها وتدمر كيانها ونار الغضب اللي سببه راكان بكلامه. لينا في داخلها أشد غضب على نفسها لأنها ما تبغى منه يغير طريقته بسبب دموعها تبيه يغيرها عن قناعه. دموعها اللي صارت مو ملكها دموعها اللي تدل على ضعفها. تمنت للمرة الألف إن الله أخذ روحها قبل ما تعرف إنها تحب راكان لأن حبه كان العامل الرئيسي في شعورها بالضعف اللي ما كان أبدا موجود في شخصيتها لما كانت تنعم في بيت أهلها. صارت لينا تعتبر نفسها إنسانه ما تستحق الحياة بعد كل التغير اللي صار في شخصيتها وفي حياتها لأنها ما قدرت تحافظ على أي شيء من الاثنين. ومع شعورها بكل هذا الشيء ما رضت الآن إلا تكون الكلمة الأخيرة لها فحررت يدها بقوة من يد راكان اللي الجمود ما تخلى عن وجهه ولما كان بيتكلم قالت
" ما عاد فيه شيء يستاهل تقوله "
ولأنه ما رد عليها عرفت إن دموعها أثرت فيه و طلعت من الغرفة بسرعة قبل يلحق فيها ويهديها. دخلت الحمام و تأملت وجهها في المراية وهي تتذكر نفس الصورة محفورة في ذاكرتها وإنها شافتها من قبل. كان هذا وقت فاجأها أبوها و عرفت إن راكان صار زوجها. ما أعطت لينا نفسها وقت تفكر لأنه ما فيه شيء يستحق تفكر فيه كل شيء داخلها منهار والأفضل إنها تغير من وضعها وتنسي اليوم اللي أفسده راكان بعد ما استمتعت فيه. نزلت ملابسها وفتحت المويه ورمت نفسها فيها ولأن بشرتها حارة ارتجفت وهي تحس ببروده الماء ومع هذا زادت من دفع الماء فوق رأسها حتى تتخلص من الحرارة اللي تحس بها داخلها قبل حرارة بشرتها. لما انتهت تذكرت إنها دخلت لحمام بدون منشفه أو ملابس جديدة فاضطرت تعصر شعرها ثم تمرره في الهواء ولبست ملابسها اللي موجودة معها ثم طلعت وهي تمسك بشعرها من فوق كتفها .دخلت الغرفة اللي فيها أغراضها وهي تحمد الله إنها ما واجهت راكان أو أي وحدة تشوف شكلها اللي يثير التساؤل والكلام . جففت شعرها ثم سرحته بعد ما بدلت ملابسها ثم حطت زينة خفيف على وجهها وبعد ما رشت على نفسها من عطرها المفضل حست بشيء من شخصيتها القديمة يرجع لها. أنظمت للبنات اللي بدوا يسألوها ليش تأخرت مع أن جدهم رجع من فترة وتعذرت بالحمام البارد اللي أخذته و أخفت كل مخاوفها وتعبها عن الجميع وتصرفت بطريقة ما تثير الريبة حتى ريبة أكثر إنسانة تعرفها .


الفصل الثاني والعشرون
والأخير



مر الوقت ولينا تتوقع إن راكان موجود مع الشباب ومتجاهلها وهي ما تعرف إنه من بعد النقاش الجاف اللي بينهم طلع من البيت ولا رجع . كانت السماء وقت العصر تتجمع فيها غيوم كثيفة تبشر بالمطر اللي تحمله ومع ذلك ما أمطرت وقرروا البنات يتمشون في الجبل القريب منهم لكن لينا خافت إن راكان يجيء فجأة ويتكرر نفس النقاش اللي صار اليوم و اعتذرت من البنات إنها أخذت كفايتها اليوم بعد ما طلعت مع عمها ولأنها جلست كان من الطبيعي تكون شمس رفيقتها. صارت الساعة تقترب من ثمانية مساء و لينا ما تعرف وين راكان؟ و أسعدها إن البنات بعد ما عرفوا أن أبو راكان مسوي سمرة وعشاء الليلة دخلوا المطبخ متحمسات و كل وحدة تجهز الحلى المفضل عندها أو تجهز شاهي أو قهوة لأن عدد الشباب كثير. كان الجو مرح لكنه ما سلاها عن همها الثقيل اللي يربط قلبها و انتبهت فجأة على صوت شمس المرتفع وهي تقرب منها وتضحك وبيدها سلطانية فيها دقيق وقالت
" لينا لا يفوتك قلنا لعايشه لا تسوين شيء نبغي نقهرها قامت و قالت أنه كيف ما تصلح وظافر موجود أما بنات أخر زمن! "
أبتسمت لينا لعايشه وقالت :- " صدق شوشو اللي تقوله شمس؟ "
عايشه وهي تحرك الملعقة اللي في يدها :- " ليه فيها شيء يا ناس حرام عليكم ما سويت شيء أصلا هدفي بريء "
نورة :- " لا صادقة الحين واضحة البراءة عندك لا واضحة "
لينا :- " ما عليك منهم وش كان المثل يقول أفضل وسيله للوصول إلى قلب الرجل معدته هو كذا المثل صح يا شمس؟ "
شمس:-" ألحين بدال ما تقهرينها معنا توقفين معها؟ "
لينا :- " يارب يجي يوم وأشوف كيف تسوون ؟ "
عايشه :- " لا لينا المفروض تسألينهم ليه كلهم في المطبخ شوفي مسوين زحمه "
فاطمة:- " لا حبيبتي أنا هنا أسوي عشاء لأمي لأن معها سكر وبعدين أحنا بنسري بعد العشاء ؟ "
شمس اللي لازالت و اقفة جنب لينا قالت :- " يا خسارة كان ودي تسمرون معنا للفجر. وأنتي نوال بتروحون اليوم مع أهل عمك سعيد؟ "
نوال :- " قلت لأبوي أني ما ودي أروح بس رفض عشان عيادته"
لينا قالت وهي متوترة لأنها ما تبغى تطلع من جو البنات الحلو اللي يستر عذابها:- " بنات إن رحتو أنتم من بيبقى أجل في البيت؟ "
سحر:- " يا بنت الحلال مصير الحي يتلاقى "
شمس :- " طيب قولوا لأبوكم تجلسون لصبح ونمشي كلنا من البيت مع بعض مرة وحدة "
ألتفتت لينا لشمس باستنجاد:- " حتى أنتم بتروحون ؟ "
شمس :- " أيه بس ما عليك يا شيخه كثر الله خيرك أنتي اللي كنت سبب جمعتنا الحلوة وبعدين حتى وإن رحنا روحي أنتي كلمي شهر العسل اللي خربناه "
لينا ما تبغى تتذكر مصدر ألمها وحزنها فقالت لشمس :- " شمس الدقيق حقك وش فيه؟ كأني شفت سوسة لا يكون الدقيق مهوب زين تفضحينا "
قربت شمس السلطانية منها وبدت تحرك بأصبعها فيه وتدور وقالت :- " وين ما أشوف شيء ؟ "
قربت لينا وجها منها وقالت :- " لا تحركين بقوة تضيع هزي السلطانية "
لما هزت شمس السلطانية قربت وجهها مرة ثانيه بعد ما اعتدل مستوى ارتفاع الدقيق ولا انتبهت لسحابة الدقيق اللي جت على وجهها لأن لينا نفخت بقوة في السلطانية حتى علق الدقيق في وجه شمس وقالت بمزح وهي تضحك رغم الألم
" خليك عشان ثاني مرة تعرفين تفلسفين علي "
أرتفع مستوى ضحك البنات في المطبخ ولا انتبهوا لراكان اللي واقف عند الباب وفيه يده الدله والفناجيل إلا بعد ما قال:- " في قهوة جاهزة ؟ "
الكل ألتفت له ومع إن لينا ما تبغي بس كان لازم تناظر له حتى ما تثير شك البنات. أبتسم لها ابتسامه صغيرة ما تذكر لكنها أثرت فيها وتركها تشتغل باللي في يدها وتتجاهل مفعولها اللي قدر يجمع دمعها في عينها ورمشت بسرعة حتى تخفيها. جاوبت فاطمة راكان و قالت
" ما عاد بقى شيء عمي وتخلص خمس دقايق بس وأنزلها من النار "
حط راكان اللي في يده على الطاولة المتزاحمة بالأواني وجلس على الكرسي وهو يقول لشمس
" وش في وجهك كأنك طالعة من قبر ليكون شايفه الجني الأزرق وأنا ما ادري؟ "
ضحكوا البنات حتى لينا ما قدرت تمسك نفسها لما سمعت تعليقه وشافت وجه شمس اللي يغطيه الدقيق ومتعلق على حواجبها ورموشها وفمها الأحمر يظهر بشكل ملحوظ يوم قالت
" أتوقع أني أقرب شيء للمهرج بس وش عليك زوجتك ترسم وأنت تعلق "
ضحكوا البنات أكثر وهم يشوفونه يرفع حواجبه ويبتسم ويسألهم عن القصة فقالوا له وما تغيرت ابتسامته وكانوا يتوقعون يسمعون تعليق ثاني لكنه سأل فاطمة
" خلصتي يا فاطمة؟ "
" شوي بعد "
نوال كانت تغسل الفناجيل لكن فيه فنجالين ملتصقين في بعض وما قدرت تفصلهم فقالت للبنات وهي تبذل مجهودها
" بنات أحد يشوف لي صرفه مع ذا الفناجيل؟ "
تبرعت أكثر من وحده تفصلهم لكن راكان قال
" عطوني أشوف "
عايشه :- " لا الله يخليك أرحم الفناجيل لا تتكسر بين أصابعك, بعدين من وين نجيب فناجيل ثانية للجيش اللي ينتظرك"
راكان يمزح عشان يلفت انتباه لينا :- " لا حرام عيوش ظلمتيني أنا اللي كلي لطف و رقه أكسر الفناجيل صحيح أعصب بس اللي في القلب غير "
البنات يبتسمون له فقالت عايشه وهي تعبث في إذنها :- " أنا شكلي ما نظفت أذني اليوم أنت أكيد قلت عيوش مهوب عايشه؟ "
لما لاحظ الدهشة في عين الكل قال :- " شوفوا بما إن الليلة أخر جمعه لنا وخسارة إن أسماء ما هي فيه لكن اللي تقدر تفصل الفنجالين لها جائزة "
البنات مسوين حلقة حوله وهم متحمسين فقالت شمس
" وشي الجائزة طيب تستاهل الواحد يتعب عليها ولا لا ؟ "
" يرضيكم ألف ريال للي تفكهم "
تحمسوا البنات أكثر و استندت لينا على الدرج اللي وراها وسألته حتى ما يستغرب أحد سكوتها الطويل
" ما فيه شروط للعبة؟ يعني يصلح مثلا إننا نستخدم أداه مساعدة ؟ "
أبتسم راكان لأنها تكلمت مع إنه يدرك اللي داخلها وقال يرد عليها
" لك تستخدمين أي شيء تبينه بس على شرط واحد بدون أي خدش أو كسر والمحاولة لمرة وحدة بس إذا فشلتوا خلاص انتهت اللعبة وتخلفوا على الألف. من تبغى تبدأ؟ "
تراجعت لينا وتركت البنات يحاولون وعلقت شمس بعد ما فشلت:-" هو ما قال ألف إلا لأنه عارف إنها ما راح تنفك أنا من شفته قلبها في يده وأنا حاسه "
لينا بابتسامه شاحبه:- " بدري أجل ليه جربتي؟ "
شمس و هي ترفع أكتافها بمزح :- " حب استطلاع "
لينا وهي تشاركها ضحكة قصيرة :- "يبلغ أطلعي منها بالرخيص يا شمس "
وقفت شمس ولينا يعلقون على البنات ويراقبون وجه راكان اللي يضحك على البنات ومن أدواتهم وحده استخدمت ملعقة والثانية سكين صغير وراكان يربكهم ويقول
" لا ينكسر الفنجال ولا ما فيه ألف "
بعد ما انتهوا البنات ولا أحرزوا أي نتيجة قال راكان :-" خلاص جربتو كلكم ما فيه أحد بقي؟ "
شمس:-" باقي لينا ما جربت"
راكان تأمل التعب اللي في وجهها وقال بلطف:-" هاه لينا تبين تجربين؟ "
لينا:-" لا أنا ما أبغى الألف فما له داعي أجرب "
راكان يمزح:-"أجل الحمد لله اللي رجعت الألف لي "
وطلع من جيبه محفظته وسحب ألف ريال وخلاهم يشوفونها ثم رجعها للمحفظة وردها لجيبه البنات صرخوا على لينا اللي دفعوها دفع تقول لراكان
" لي محاولة ولا خلاص ضاعت الألف؟ "
عقد ذراعه على صدره وسند ظهره للكرسي وقال وهو يبتسم لها
" لا ما ضاعت تو، تبين تجربين؟ "
" من باب التحدي بس؟ "
" وإذا فزتي وش بتسوين؟ "
" نتقاسم أنا والبنات الألف "
" أجل لك شرط أنتي لأن محاولتك كانت متأخرة، إذا خسرتي وش تعطيني؟ "
" أعطيك ألف "
راكان يمازحها:-" حظي حلو بعشي الشباب عليها "
أخذت لينا الفنجالين وسحبتهم لكن ما فيه فايدة وقلبتها في يدها شوي وجت في رأسها فكرة. بعدت لينا البنات وهي تمشي لثلاجة وأخذت ماء بارد كان على وشك يتجمد وصبته في الفنجال العلوي وكانت تخاف تجربتها تفشل لأن الكل يشوفها و راكان يربكها بتعليقه. أخذت الماء الساخن اللي جهزته فاطمة عشان تصلح الشاهي وصبته في سلطانية صغيرة وأمسكت الفنجال العلوي بأطراف أصابعها وغمست الفنجال السفلي في الماء الحار اللي في السلطانية انتظرت فتره بسيطة ثم شدت الفنجال بهدوء عشان ما تدخل يدها في الماء الحار وحركته لكن ما طلع. حست بدمها بارد و يتجمد عروقها و من الخوف شدت الفنجال أقوى من قبل وفجأة طلع. صرخوا البنات وهم يصيحون على راكان ويقلون
" طلع ألألف طلعها بنتعشاها أحنا مو أنتم "
شمس من تفاعلها عانقتها فانتبهت لينا لدقيق اللي جاء على وجهها وبدت تضحك وهي تتجاهل أحداث اليوم كله في الجو الصاخب ولا انتبهت إلا وقت راكان سكتهم وقال
" ما شاء الله أرخميدس على غفلة كيف فكرتي كذا؟ "
لينا رفعت رأسها له وهي تحس بغياب شخصيتها وقالت بهدوء
" أبد الفنجال الأول اللي فوق بيتقلص من البرودة واللي تحد بيتمدد من الحرارة وبيكون في مسافة تسحب منها الفنجال "
ضحكوا البنات وهم يذكرون إن تخصصها علمي فقال راكان وهو يبغي يطول الكلام معها بعد ما حس بتوترها وترددها :-" أجل برأي البرفسورة لينا كيف لصقوا من ألأول؟ "
لينا حست بحزنها يظهر في وجهها فاختارت تمثل دور الفيلسوفه حتى تخفيه:-" هاذي حاجة بديهية ما يبغى لها ذكاء تبغى بس تفكير, طبيعي بيكون واحد من الشباب شرب من الفنجال وتركه حتى برد واحد ثاني خلص بعده بفترة وكان فنجاله حار ومجرد حطيت الفنجال البارد على الحار والثاني فقد حرارته تقلص ولصقوا في بعض بس "
ألتفت راكان لفاطمة وهو يضحك :- "خلصت القهوة بأخذها و أنحاش قبل يقطعن ثوبي و يأخذن فلوسي كلها "
ما طول راكان معهم أخذ القهوة ونزل الألف على الطاولة اللي حلفت لينا يتقاسموها بينهم .

بعد ما انتهى العشاء أمطرت السماء وقطعت الكهربا عن
__________________
البيت والمزرعة وكان هذا الشيء معروف عندهم وكانوا عاملين احتياطاتهم لها الشيء. جت شمس عند لينا وهمست في أذنها في الظلام
"لينا لا تتكلمين تعالي معي "
تبعتها لينا وهي تمرر يدها قدامها حتى ما تصدم في شيء. مشت روى شمس حتى وصلوا عند باب صغير جانبي يفتح على المزرعة. وقفن شوي عند الباب المفتوح يتكلمن عن المطر والظلام اللي يلفهن ثم قالت شمس
" تروحين معي يا لينا؟ "
" وين؟!"
" للمشتل "
"في ها الوقت طيب أستني لين المطر يوقف"
" ما ينفع لو المطر وقف يمكن ننكشف "
ضحكت لينا بكآبه وقالت
" ننكشف! ولو إننا في فلم، بعدين وشو ها الشيء المهم اللي تبينا نروح له ولا ننكشف؟ "
" بتعرفينه الحين تعالي معي وبما إننا متشاركين في كل شيء ما راح أسمح لك تتركيني "
" شمس المطر قوي بتروح فيها ملابسنا "
" فيه مثل يقول ليس المرء بثيابه "
" ما اختلفنا بس اللي بنغرق ثيابنا عليه يستاهل؟ "
" المثل يقول لا مكسب بدون مجازفة "
لينا وهي تفكر بيومها التعيس قالت
" شمس أنت تنوين تخربين يومي هذا مضبوط "
" المثل يقول إذا ما خربت ما عمرت "
ابتسمت لينا للظلام اللي يشابه شعورها بداخل أعماقها وقالت تضحك تسلي عن نفسها "شوفي أنا مستعدة أرمي نفسي في المطر بس لا تقولين المثل يقول "
طلعوا للمطر وكل وحدة تمسك يد صاحبتها ومشوا لجهة المشتل وكان فيه وهج نور على بعد مسافة من المشتل. قالت لينا
" شمس وش هذا النور؟"
" الحين بتعرفين "
لما قربوا من المشتل و ألتفتت لينا لنور اللي يجي من مسافة من وراء المشتل شافت الغرفة الزجاجية والشباب جالسين فيها وهم مشغلين تريك ينور عليهم بدل الكهربا اللي انقطعت. جلست شمس وأتبعتها لينا وهي تسند نفسها للمشتل بسبب الهواء وقالت
" شمس أخاف يشوفنا راكان ولا واحد من الشباب "
" ما يقدرون التريك يجهر عيونهم "
جلسوا شوي ساكتين فقالت لينا :- " شمس أي واحد فيهم محمد؟ "
شمس:-" شفتي اللي جالس جنب راكان من يمين هذا محمد "
رجعت بصرها لشخص اللي جنب راكان كان شخص تميل بشرته للبياض ملامحه فوق المتوسط واضح أنه طويل و جسمه نحيف. مافيه شيء يثير الاهتمام لكن تكمن جاذبيته في شخصيته, طريقته في الكلام كانت هادية ولاحظت لينا أن طريقة نظراته تشابه طريقة راكان لكن بشكل أنعم و اهدأ لأن في عينه ابتسامه مرحه بعكس راكان اللي في طريقة نظرته النقد. فجأة جاها صوت شمس
" لينا في سؤال شخصي إذا ما بغيتي تجاوبين بكيفك "
لينا ردت وكل الشباب اختفوا من عينها عدا راكان
" لا اسألي وأنا أجاوبك "
شمس كانت على وشك تتكلم بصراحة لكن قالت تمهد
" وش رأيك في راكان ؟ "
ابتسمت لينا و احتبست دموعها في عيناها وقالت
" شخص نادر وإن كان عصبي لكن عندي أمل أنه بيتغير مع الوقت وحتى إذا ما تغير شخصيته تعجبني و أبغاه يبقى على ما هو عليه "
" يا قلبي هو متغير من أخذك ما لاحظتي؟! حتى إنه جاء وجلس معنا في المطبخ ودلع عايشه أتوقع بعد ثلاث سنوات ما راح نعرفه "
بسبب كلام شمس تركت لينا دموعها تختلط مع المطر اللي خف قوة سقوطه وقالت
" على فكرة أنا متأكدة أنك كنت بتسألين إذا أنا أحب راكان؟ ما أدري ما عندك في قاموسك حق اللغة العربية كلمة أكثر من الحب "
" للحب ستين أسم ذكرها أبن القيم ولا أتوقع أني أقدر أستثني من ها شيء لكن ولا تزعلين فيه مثل يقول كل رجل وله ثمنه "
ابتسمت لينا لأن شمس ما تركت كلمتها المثل يقول وحست في الظلام أن شمس تبادلها الابتسام. فجأة حست بيد شمس فوق كتفها وهي تقول
"أنا فرحانه لأنك تحبينه وصدقيني انه يستاهل انك تتعبين عشانه"
مضى من الوقت فترة وهن تاركات اللي يحسن فيه داخلهن تفهمه الطبيعة من حولهن عن طريق صمتهن والمطر يحتضنهن والهواء البارد المنعش يتسلل ويكشف الهم بقلوبهن. أخيرا قالت شمس
"لينا أتوقع يوقف المطر بعد نص ساعة خلينا ندخل و نأخذ حمام ونغير ثيابنا وإذا سألونا البنات وين كنا بنقول نتمشى في المطر "
لينا ما ودها تدخل وتترك المكان تبغى تصير لحالها وتجلس تفكر وتترك لدموعها الخيار فقالت لشمس
" شمس تقدرين تدخلين داخل لحالك؟ "
" وأنتي؟ "
" أنا بدخل المشتل شوي وألحق فيك بعد دقايق "
ما جادلتها شمس وراعت شعورها أنها تبغى تكون لوحدها بسبب النغمة الحزينة اليائسة اللي في صوتها وبحكم معرفتها بلينا أدركت إن وجودها معها ما راح يساعدها لكن حذرتها
" طيب, بس لا تتأخرين أخاف يوقف المطر ويرجعون الكهربا ولا عاد تقدرين تدخلين و تظلين في ها البرد "
" أوكي"
انتظرت لينا حتى بعدت شمس ثم مشت حول المشتل حتى لقت الباب. أفتحته و ناظرت لداخل المشتل ومشت بخطوات خفيفة ويدها تلمس الباب اللي قبل ما تصكه بهدوء تكفل الهواء أنه يدفعه بقوة ويصدر صوت. جربت تفتح الباب مرة ثانية عشان تطمأن فا فتح معها و رجعت صكته وهي ما تشوف زين حتى اعتادت عينها على الظلمة وقدرت تشوف الورد الموجود صحيح إنها ما تبين تفاصيلها لكن تشوف هيئتها وهيكلها وتشم عطرها. جلست القرفصاء قدامها ومدت يدها تلمس نعومة الورد وتركت لخيالها يحكي لها قصة معاناتها. لينا تتعب عقلها تحاول تقدر تفتش عن شيء ممكن تفكر فيه وتقدر تعالجه لكن ما فيه شيء ممكن تصلحه أبد زواجها كان غلطة وحتى لما ندمت على فكرة انتقامها وتخلت عنها توقعت إنها بتخليه زواج ناجح لكن ظهور خيال وحدة ثانية تشغل تفكيره يزعجها و كونها ما تفهم غير إنه تزوجها بالغصب لأنه محتاج بس لأسم زوجه ينسفها من جذورها ويخفيها من الوجود. شافت لينا بداخلها إنها ضايعه بدون أهلها عزوتها . وسمحت لنفسها تبتسم رغم الألم وتمسح وجهها وهي تتذكر أخوانها ضحكة ناصر المرحة و ابتسامه أحمد الهادية تذكرت لعبهم بالحوش قبل يوم زواجها وتذكرت لمسة ناصر الأخوية لما مسك يدها وسندها ألين دخلت السيارة وكأنه يذكرها لا تنسى أنه قوتها لو احتاجته. مسكت رأسها وهي تتمنى تكون مع ناصر عشان ترجع شخصيتها قوية مثل أول وفجأة قطع حبل أفكارها إنها سمعت صوت الباب اللي وراها يفتح ويقفل مرة ثانية فقفزت واقفة والتفتت خايفه لكنها شافت راكان يقول بصوت هادي
" لينا؟ "
" أيه "
قرب منها بخطوة فتراجعت تلقائيا خطوة وراء وقال
" وش فيك ليه جايه هنا؟ "
لينا مرتبكة وتخاف يشك إنها جايه عشان تشوف الشباب ثم قفز لمخيلتها عبد الله وخافت أكثر ينحصر شكه فيه فقالت بسرعة عشان تقطع تفكيره
" حبيت أمشي في المطر ثم قررت أدخل المشتل"
" ما أظنك جيتي المشتل من قبل فا وش عرفك مكانه؟ أنا متأكد إن شمس كانت معك "
" أيه تمشينا أنا وشمس وبعدين هي رجعت وأنا دخلت المشتل بس غريب إنك تجي للمشتل في مثل ذا الوقت والسماء تمطر؟"
" سمعت ضربة خفيفة للباب المشتل و جيت أشوف إذا كان مفتوح"
لما عم الصمت والهدوء بينهم توترت لينا وقالت
" أنا لازم أرجع البيت "
" ليه؟"
كان صوته أقرب للهمس و لأنه كان بعيد عنها ما قدرت تبين ملامحه ما قدرت تشوف غير ثوبه الأبيض و تشخيصة أشماغة فقالت أقرب شيء لذهنها عشان تهرب منه
" الجو بارد وملابسي غرقت من المطر عشان كذا لازم أرجع وأغيرها "
قرب منها حتى وقف قدامها وبدون ما يتكلم لفها بذراعه و ضمها له حتى وصل الماء اللي عالق في ملابسها لصدره ثم قال
" تحسين بالبرد الحين؟ "
" راكان الله يعافيك ما عندي وقت للي تسويه "
كان نبض قلبها أسرع مما تخيله راكان اللي قال يهديها
" ودي أكلمك عشان اللي صار اليوم ؟ "
هزت رأسها تعارضه وقالت
" اللي صار أنتهي وما عاد فيه شيء نقوله "
" لا فيه. صح أني كنت منفعل بس لا تلومني يوم قالت لي شمس عصبت بشكل ما تتخيلنه وتضايقت لدرجة أني كنت بألحقكم بس خفت أجرح أبوي "
حست لينا بقهر داخلها لأنه قدر يسيطر على أعصابه عشان أبوه ولا قدر معها هي فقالت من حر ما بداخلها وهي تحاول تفلت من بين ذراعه
"راكان خلاص أنا ما عاد يهمني شيء اللي تبيه سوه بكيفك بس أتركني خلني أروح "
" لا يا لينا حنا للحين ما انتهينا وعلى اللي صار اليوم أنا أسف و..."
قاطعته لينا بسخرية وهي تشرق بدموعها
" أنت أسف! إن شاء الله بصدقك الحين أنا! مشكلتك إنك قاعد تلعب معي نفسه اللعبة مرتين وتبيني أصدقك....مثل أمس! يوم أخذتني من البيت وبعد ما تراضينا اتفقت معي....اتفقت معي أننا نتكلم في أي مشكلة بينا بهدوء واليوم عرفت إنك ما أنت قد كلمتك! "
ضغط عليها أكثر وضمها له وهو يحس بجسمها الضعيف يرتجف من عصبيتها وعطرها الناعم يملئ أنفه وصدره وقبل رأسها يهديها لأنها كان تبكي وتحاول تبعد عنه لكن قدام قوته كرجل ما حركت منه شبر. ما تكلم وتركها تبكي وتشهق ولأن ما لها مكان تهرب له دفنت وجهها في صدره وتحاول تحتمي فيه منه. لعل الجانب الطيب اللي فيه يحميها من عصبيته و بعد ما هدت قال راكان
" نقدر نتكلم الحين؟ "
لينا بتعب
" في أيش؟ "
" على اللي سويتيه اليوم "
لما سمعت لينا الضمير يرجع لها أكتفت بس باهه فيها كل معاني عذابها فقال
" اليوم كلنا غلطنا أنتي غلطت وأنا غلطت معك بعد، فخلينا نبدأ من جديد ونتناقش "
" ما فيه فايده حتى لو اتفقنا الحين بيجي يوم و نتهاوش فيه عشان كذا سو أنت اللي تبيه وتركني أروح "
ضغط عليها عشان تسمعه وقال
" ما صارت حياة زوجية إذا ما اتفقنا يا لينا. أنا من تزوجتك و أنا قاعد أحاول أغير من نفسي وطبعي عشانك! أول شيء طلبتيه مني وكان صعب على طبعي أني أعتذر لشمس ومع هذا قلت معك حق لأني غلطت واعتذرت، عمري ما جلست مع قريباتي من قبل ومع هذا ضغطت على نفسي وحاولت أتكيف لأني قلت لينا لها وجهة نظر مقبولة في الموضوع، ما أذكر أني في يوم دلعت وحدة من البنات لكن اليوم قدرت! ما تلحظين أني أحاول أغير من نفسي للأحسن عشان أكبر في عينك وأنت ولا تهتمين! "
" كيف ولا أهتم؟ أنت تغيرت للأحسن أنا معك في ها الشيء لكن مهوب معي أنا يا راكان؟! "
" هذا أنا ضامك بعد كل مشكلة و أقول سامحيني "
لينا مختنقة بدموعها وقالت
" على أيش ولا أيش راكان؟! أنا ماني قادرة أنسى كيف تزوجتني ولا أنا قادرة أبعد عن ذهني أنك متعلق في نجلاء بنت عمك وإن ما كانت هي فأنا أحس أنه فيه وحده ثانيه تشغل تفكيرك "
" لحظة لينا الليلة أبعد كل هذا من ذهنك بس خلينا نخلص من سالفة طلعتك اليوم "
" أنا ودي أعرف وش اللي مزعجك بالضبط أني طلعت من البيت ولا أني طلعت مع أبوك؟ "
"ألاثنين كونك تطلعين من غير ما تقولين لي وكأنك أنتي الرجال مهوب أنا! شي ما ينسكت عليه صح ولا لا؟ "
" أيه بس أنا قلت لك أني ...."
حط يده على فمها وقال
" أكمل، أعرف أنك قلتي لأبوي وهو ما قال لي لكن مستقبلا ما تطلعين لين تسمعين مني أني أقول لك روحي وأنا صدقيني ما راح أقصر عليك لو تبيني أوديك لأخر الدنيا أوديك بس ما تروحين من غير ما أعرف سليم إلى هنا؟ "
قالت وهي تحاول تسطير على الشهقة اللي اعترتها بسبب البكاء
" بس حتى أحس أن عصبيتك كانت أكبر من الموضوع كان ممكن تقول لي وأنا ما راح أختلف معك في ها النقطة وأقول لك أني من اليوم ما أطلع إلا بعلمك "
كان لاف ذراع حولها وبذراعه الثانية يدلك كتفها بنعومة ولما سكتت قال
" أنا معك عشان كذا أنا أقول لك أني غلطان بس أنا صار لي موقف قبل أتخرج من الكلية وتذكرته يوم عرفت أنك طلعتي مع أبوي للمراعي وفي أرض خاليه من الناس وما فيها أحد غير الراعي وأبوي رجال كبير ما يقدر يدافع عن نفسه فكيف يدافع عن اللي معه و خفت يصير لك شيء فعقلي طار من رأسي ولا عاد قدرت أفكر ولما جيتي كنت على أعصابي وصبيت كل حرتي وخوفي فوق راسك "
قال كلمته وهو يدف رأسها برأسه بلطف وما ملكت لينا وهي تتذكر الحادثة اللي قالتها لها شمس إلا أنها تتعلق فيه وهي تحس بصداع ولأنها خافت ينتبه راكان إنها تعرف بالموضوع قالت له وهي تتمساك
" وش هو الموقف اللي صار لك؟ "
" لا لا, لا تشغلين نفسك فيه موقف سخيف ما ينذكر انتهى من زمان ولا هذا وقت أني أقوله، المهم الحين خلصنا من ها السالفة "
" مدري وش أقول لك يا راكان غير أسفه أني طلعت من دون ما تعرف "
" الحمد لله معناه خلصنا. نجي الحين للكلام اللي قلتيه
بنسبة لنجلاء أنا تاركها من تخرجت من الثانوي ولأن أهل الديرة يزوجون عيالهم بدري درست في أرامكوا كله عشان ما يتدخل أحد في زواجي وإلى الآن أقول لك أنا ما أعرف عن نجلاء غير إنها بنت عمي"
سكت شوي ثم تابع
" إذا عندك أي شيء في خاطرك تبين تسألين عنه اسألي "
" أنا سمعت إنها هي البنت اللي مسمينها لك "
" كانت وخلصنا من موضوعها من زمان"
" يعني ما فكرت تخطبها مرة ثانية بعد ما تخرجت؟ "
" ولا حتى بهاجس مر علي ليه مهبول أنا أخطب وحده و أشوفها ثم أتركها وأرجع لها مرة ثانية "
" كم عدد البنات اللي خطبتهم؟ "
" أنا ما سألتك كم واحد خطبك؟ "
" لأنك تعرف من شمس أنه ما أحد خطبني قبلك "
" في هاذي صدقتي عموما أنا ما أتذكر كم عددهن لأني كنت حاط صفات الله يعلم بها لكن اللي أذكر أني ما خطبت أي بنت من سنتين "
" وليه تزوجتني؟ "
سألها راكان وهي تحس أن سؤاله له أعماق
" وأنتي برايك ليه؟ "
حست لينا إنها رجعت لمنطقة وعرة من جديد فقالت
" أنا مدري أنا اللي أسألك "
"أنا بقول لك بس أبغى أعرف وش اللي في داخلك عني أو بالأصح وش سمعتي عني؟ "
لينا مترددة فقال بصوت فيه نبرة ناعمة
" قولي أي شيء وزي ما تبين عشان أشيله من مخك ونرتاح يا لينا"
" ما دري راكان....سمعت إنك ما تزوجت من وحده من برى الجماعة إلا بسبب إن الناس بدت ترفض تزوجك بناتها لأنهم يخافون منك وإنك تزوجتني عشان توقف كلام أهل الديرة عنك"
راكان و نبرته قست
" لينا أنا ما يهمني كلام أحد "
لينا في صوتها شك
" طيب وعلى كثر ما خطبت طول ها السنين ما لقيت البنت اللي تناسبك؟ "
" ولا حتى أذكر صورة وحدة منهن بعد الشوفة. أجل عشان كذا كنت تشكين في سبب زواجنا "
لينا بصوت مقطوع
" راكان ليش تزوجتني؟ أنا أذكر من زمان إن شمس قالت لي أنك ما تتزوج وحدة من غير ما تشوفها أما أنا ملكت علي من غير تشوفني تقدر تقول لي ليه ؟ "
ريح رأسها على صدره وقال
"تبين الصدق؟ أقسم بالله لأقول لك كل شيء إذا جاوبتي على شيء واحد. أنتي تهتمين لي يا لينا؟ "
سحبت لينا نفس عميق وهي خايفة من مواجهته فرفع رأسها له بعد ما اعتادت عينه على الظلمة ولأنه قريب منها قدر يشوف عيونها وبريقها وكمل
" أنتي تحبيني يا لينا؟ "
لينا تتهرب من أجابته
" راكان من تزوجتك كل شي عندي تغير حتى شخصيتي أحس إنها ضعفت أول إذا اتخذت قرار ما أغيره والحين متردده وأغير قراري أكثر من ثلاث مرات ما أدري أحس بشيء غريب فيني أحس أني ضايعه ما أقد أفكر... أنا ما أعرف من أنا! "
" لا أنتي للحين منتي ضعيفة يا لينا أنا متأكد إنك ما بديتي تفكرين زي كذا إلا بعد ما جينا الديرة "
" وش عرفك؟ "
" أول كنتي تجادلني تناقشيني وأحيانا تستفزيني بس بعد ما جينا هنا صرت تسمعين من اللي حولك كلام وتحسين إنك غريبة بسبب نظرات بعض البنات ولأنهم حطوا فكرة ما تتحملينها في رأسك ما عاد تعرفين وش الشيء اللي صح "
قالت بتردد
" لا مهوب كذا أنا كنت أفكر بعد ما جينا هنا...كنت أفكر فيك ....صرت بعيد عني وأقدر أفكر أي إنسان أنت ولأني عرفت أني ما أقدر أعيش من دونك ما صرت أعرف وش أسوي وخفت أنك تكون متعلق في وحده ثانيه "
أبتسم راكان وقال
" يعني تحبيني؟ "
شافت نفس النظرة الغريبة اللي ترعدها فا هزت رأسها له وهي تغالب دموعها لأنها خايفة من اعترافها لكن ما تخيلت إن راكان يضمها له بقوة حتى إنها لقت صعوبة في تنفسها وقال يهمس في أذنها
" وأنا أحبك وأموت فيك ومجنون عليك بعد "
لما رجع وناظر لها عرفت أن النظرة الغريبة في بريق عينه الالكترونية ما هي غير نظرة عشق كانت تجهل رسالتها وما تفهمها بعد كذا قال لها راكان
" الحين لازم تعرفين أنا ليش تزوجتك من غير ما أشوفك؟ "
حبست لينا أنفاسها فأخذها راكان من يدها وقرب من عامود داخل المشتل وجلس وهو يسند ظهره عليه وجلس لينا جنبه و ذراعه حول أكتافها ومسك رأسها وريحه على كتفه وقال
" خليك مرتاحة كذا وأنا بقول لك السالفة من البداية. قبل سنتين قلت لأمي وأبوي لا يتعبون نفسهم ويدرون لي على بنت لأني ما أبغى أتزوج وبصراحة كنت أكذب عليهم "
قاطعته لينا " بس هم يقولون أن أمك وأبوك تعبوا منك "
راكان " لا ما هو صحيح أنا أعرف أني تعبتهم وهم يشكون مني لكن ابدا ما وقفوا وهم يدورون لي بنت إلا لين قلت لهم ولأن أمي دايما تشكي مني بدوا الناس الفاضين يقول أن ابوي و أمي تركوني لأني فضحتهم المهم أنا قلت لا يخطبون لي لأن وقت الحفل اللي سوته شمس بعد ما تخرجت من الثانوي كنت جايب لها الحلى اللي طلبته ولأن باب المطبخ كان مفتوح شفتك عندها "
سمع صوت شهقة ناعمة صادره من حلقها فقال
" لا تقاطعيني خليني أكمل, طبعا أنا شفتك شفت ذيك البنت الريم على قولتهم ولا عاد أمرحت الليل يا رجال نام من هنا من هنا ما فيه، مر علي أسبوع وأنا ما أذكر غير أنتي يوم تذكرت كل شروطي عرفت إنها ما تسوى شيء عندك وقتها أتوقعت أنك سحرتيني "
لينا تضحك من طريقته وهو يتكلم و لأنه داعب أنفها بأصبعه و كمل
" تسلم لي ذا الضحكة وصاحبتها يا رب. المهم أنا أعرف طبيعة شمس وكنت أسألها عن مزح من اللي احتفلت معها؟ وهي وقتها مسويه ذكية كانت تقول لي بنت ما تعرفها بس أنا أصلا خلاص حفظت الاسم أول ما سمعتها تناديك. و عرفت من شمس أن أبوك ما يزوج أحد من برى قبيلته فضاق صدري ولأني عرفت من عبد الله مكان بيتكم ومن هو أبوك صرت أروح أصلي بنفس المسجد عشان أعرفه؟ ومن فضل الله علي أن أبو سلمان عزمني على العشاء و...."
" معليه راكان ما ودي أقاطعك بس من أبو سلمان؟ "
"هذا واحد رجال يعرف أبوي وأبوك المهم هو عزمني على العشاء وتقابلت مع أبوك هناك وعرفني لأنه كان يشوفني في المسجد بس مع هذا ما صار بينا أي احتكاك وهذا اللي خلاني أنقهر زيادة حسيت إن الدنيا بتضيع مني لو زوجك أبوك من غيري وبعدها كلمت أبو سلمان أني ودي في بنت أبو الوليد وقال لي نفس كلام شمس إن أبوك متعصب لقبيلته فا طلبت منه يحاول و لو يسأل أبوك بس سؤال واحد أنه لو جاه رجال مشهود له بالرجولة لكن من قبيلة ثانية يزوجه؟ والله ما قصر أبو سلمان تقهوى معه وجاني وهو يقول لي أن الرجال ما يوافق. أما لو تعرفين وش صار لي حسيت وقتها أني بجن ما دخل مخي إن في وقتنا هذا للحين فيه أباء متعصبين ومن وقتها وأنا أصلي وأدعي أن الله يرزقني بحل لمشكلتي. مر علي سنة وأنا على حالي حتى عرفت من أبو سلمان أن أبوك متوهق في دين بسبب زواجه وإن الناس تطالبه و يمكن تشتكيه وقال لي أنه يدور دينه من أحد وسألني إذا كان عندي وقتها بصراحة جت الفكرة في رأسي ولأني موظف من زمان وراتبي ضخم كان عندي فلوس مدخرها في البنك وبعضها أستثمرها, قلت لأبو سلمان يعرض على أبوك أنه يتدين مني ويسكت الناس ثم يسددني أنا بعد سنة وفعلا صار أبو سلمان واسطة بينا وجاب رجال ثاني عشان يصيرون شهود واعتمدنا الأوراق وراح أبوك بعد ما أخذ رقم جوالي وجلست سنة كاملة وأنا أحلم وخطط وكنت خايف أنه يدق علي ...."
قاطعته لينا وهي ما هي مصدقة
" أنت قاعد تضحك علي؟ "
"إذا ما أنتي مصدقتني أدق الحين على أبو سلمان وتسمعينه بنفسك وترى ما يعرف بسالفة غيره لأني أمنته ما يقول لأبوي "
" ولو أنه قال لأبوك وش بيصير؟ "
" يلوي ذراعي ويكسر رقبتي ويخرب اللي أنا سويته وينهي صبر سنتين في غمضة عين و بيقول أن اللي سويته ما يسويه رجال, أنا أعرف فعلا أن اللي سويته مع أبوك ما هو رجولة بس وقتها أصلا أنا جنيت ما عاد أعرف كيف أفكر. المهم مرت السنة وأبوك ما سدد و جيت وكلمته والباقي أنتي تعرفينه "
" وكنت واثق أنه بيزوجك؟ "
"يعني من ناحية الفلوس لا أما من ناحية أنه يشوفني رجال عرفت أنه بيقبل فيني لأن أبو سلمان كان يسعى لي عنده حتى تأكدت بس مع هذا كنت خايف وكل ليل أتهجد حتى أخذت كلمة أبوك و قلت له أن اللي صار أبيه بينا ولا يعرف به أحد. أنا ما أدري وقتها شلون فريت السالفة ومن برى مسوي رجال وثقة وأنا كل قطعة من داخلي تنتحب والحمد لله وافق وجبت أبوي وخطبنا رسمي وهو ما يعرف بالموضوع "
تنهد راكان وريح رأسه على العامود فقالت لينا
" طيب أفرض إن وقتها أبوي ما وافق كنت بتروح ترفع قضيه زي ما قلت لي؟ "
ضحك راكان و استغربت منه فقال
" لا تذكريني أنتي يوم جيتي في المجلس بغيت أفقد أعصاب وأقوم أضمك قدام أبوك بس لحقت على عمري في اللحظة الأخيرة و فكرة أني أرفع قضية كان كله كلام فاضي بس أنا كنت أضغط على أبوك فيه ولو رفض كنت بقبل باللي معه لين تتيسر أموره "
" أنت تتكلم وأنت صادق؟ "
" أنا حلفت أقول لك الصدق وبعدين أنا قلت لك أني أشوفها ما هي من الرجولة أني أرفع عليه قضية وأنا اللي دينته و عارف وضعه الشيء الثاني ما راح أتحمل الألم اللي بتحسين فيه و أكون أنا السبب "
" بس أنت تحملته يوم أبوي ضربني عشانك "
حنى رأسه لها وقال
" كان أكبر عذابي وقتها لكني قطعت عهد أسعدك وأعوضك قد ما أقدر "
"ليه ما قلت لي كل هذا من قبل كان غيرت أسلوبي معك؟ "
حط يده على خدها وهو يلاعب اذنها وقال
" لأني عارف أني أضيع أخر فرصه لي. أنتي من كلام شمس إذا كان لي أحكم من كلامها إنك مع طيبتك إلا إنك مندفعه وما تخلين أحد يتوطا لك على طرف واللي يجرب تأخذين حقك منه وزود وكنتِ وقتها تكرهيني ولا تعطيني وجه فلو قلت لك كرهتيني أكثر وهذا الشيء أنا ما أبغيه "
لينا تفكر في كل كلمه قالها ولمست فيها الصدق وهي تشعر من كلامه بمدى حبه الكبير لها لأنه لو كان شخص ثاني كان ممكن استسلم قدام عصبية أبوها القبلية ونسى أمرها ودور له على وحدة ثانية. أما راكان فكان عنده الإرادة و العزم والحب عشان يصبر سنتين ومع هذا كان ما يثق في النتيجة ومستعد ما يأذي ابوها لو رفضته. تولد في ذهنها سؤال فضولي جديد وقالت لراكان
" كيف كنت تشوفني بعد الزواج؟ "
"أممم كنت تحرقين دمي أحيانا زي ملابسك اللي جهزتها بذوق بسم الله عليك عن سابق إصرار وترصد "
ضحكت لينا من كلامه في حين أبستم وكمل كلامه
" بس وين مهوب علي أخذتك السوق و تورطت فيك يوم سفهتيني بين الناس بس قلنا ما عليه حبيبتنا و تدلع وش بسوي بعد "
لما ضحكت قال يمازحها
" لا تصدقين بغيت أجن أول مرة يسفهني أحد بس بصراحه يا لينا الأسبوع اللي في الرياض كان أحسن عندي من يوم كنا في جدة ومكة وأبها "
" أش معنى يعني؟ "
" لأنك وقتها كنت تعانديني تناقشيني تتكلمين يعني كان فيه اتصال بينا أما في جدة ومكة ماعاد صرتي تتكلمين مع أني أشوف في عيونك أنك تضحكين علي وأسوأ شيء يوم جينا لأبها صحيح أنك ما عاد تتجاهليني لكن كنت هادية حزينة كئيبة ما كنت أصدق تجتمعين مع البنات عشان أشوفك تضحكين "
لينا مع الحوار الطيف اللي بينهم هدت نفسيتها و حست بانشراح وإنها بترجع للينا القديمة لكن مع حبها لراكان, فعلقت على كلامه
" يعني ما كنت حلوة؟ "
راكان يمزح
" تقدرين تقولين بس هاه من يوم و رايح لا عاد أسمعك تقولين راكان ولا تقولين لي أنت مثل ما تقابلنا أول مرة ما أبغى أسمع غير كلمة يا حبيبي يا عمري يا قلبي "
ثم ضحك و ضحكت معه لينا وهي تحس بقلبها بيطير من صدرها لفرط سعادتها وبشكل مفاجئ أرجعت تبكي من الفرحة اللي ما قدرت تتحملها فضمها راكان وقال
" ما راح أقول لك أني ما أبغى أشوف دموعك مع أني ما أحبها لكن لك الحق يا لينا تبكين أعرف أنك تعبتي معي كثير فنزلي كل أدموعك على صدري لين ترتاحين."
كانت ضمة دافيه من زوجها الشخص اللي ما كانت تشترط فيه غير أنه يكون حنون لكن الآن تعرف أنه مع حنانه عاطفي و رحيم ولين ومتفهم ويحس فيها. هدت وهي تحس أنها في قمة سعادتها و تمنت لشمس اللي كانت السبب بعد الله في معرفة راكان فيها إنها تتسبب في سعادتها. قالت
" راكان ...."
" هاه وش قلنا حنا يا قلبي؟ "
" أوكي خلاص أسفه حبيبي بس كنت بكلمك عن موضوع شمس ومحمد "
" ما يحتاج تذكريني محمد ولد خالة أبوي وأخوي و شمس خالتي و موضوعهم كان يشغلني لأني كنت متعذب قبلهم و حاس فيهم ولا تتوقعين أني ما أعرف باللي تفكر فيه شمس أو أي وحده من قريباتي "
لينا وهي تمسح دموعها بيدها
" كيف تعرف وأنت ما تجلس معهم كثير؟ "
" ما أجلس معهم بس أسأل عنهم أتفقد أمورهم وبقول لك سر ما قلته لأحد أنا أقراء في كل الكتب اللي تتعلق بلبنات نفسية طبية تربوية وهذا اللي ساعدني أفهمهن وترى على فكرة حركتك أنتي وشمس كاشفها أنا من زمان "
" أي حركة؟ "
"أمس لما دخلت عليكم وغيرتم السالفة فجأة "
" لا تقول ..."
" ما هو علي يا حلوة كل حركاتكم عارفها وبذات أنتي وشمس قولي لي السالفة كانت عني ولا عن محمد؟ "
لينا بعدت عنه شوي وشد هو ذراعه حولها
" أنت مو طبيعي شكلي جالسه مع خيالي كيف خمنت؟ "
" مدري أحس أني صرت خبير بوجيه العاشقين "
" أجل ليش ما قلت محمد وبس ليه حطيت نفسك في السالفة ؟ "
" يعني خمنت و عطيت نفسي أمل بس تدرني الليلة هاذي أسعد يوم في حياتي "
"يعني ما أنت متضايق مني على الأيام اللي راحت ولا أنت زعلان من اللي صار اليوم "
" أبدا اللي راح ما استغربته منك وما كان إلا العشم في بنت خالد أما الزعل فالحياة لا بد يكون فيها مشاكل والمهم عندي حتى لو تخاصمنا أننا نتصالح في كل مرة زي الحين "
لينا تمازحه
" أجل من بكرة بدور لي على مشكلة ترفع ضغطك "
رفع راكان يده لأذنه يمازحها
" لا يا حبيبتي لا ، أبغى منك تعوضيني عن الأيام اللي راحت كلها, توعديني؟ "
لينا بحياء أستعذبه وأستشفه من صوتها الناعم
" أوعدك "
" أوعدك كذا حافي قافي "
ضحكت من بين دموعها
"لا عاد راكان أنت كذا تحرجني "
" ما عليه الليلة سماح لكن بكره يوم جديد لنا يا قلبي, أقول شكل المطر على وشك يوقف "
" معناه لازم أدخل قبل ترجع الكهربا للمزرعة "
وقف راكان وسندها حتى وقفت. كانت تحاول توقف عن البكاء وهي تضحك لكن اللي بداخلها أكبر من إنها تتحمله مشاعرها وطبيعتها. مسك راكان طرف أشماغة وقربه من وجهها عشان يمسح دموعها فقالت
" لا راكان بتخرب شماغك ولا عاد تقدر تروح لشباب "
أبتسم وهو يقول
" الشباب مهوب أهم منك عندي يا روحي "
مسح وجهها بلطف بالغ ما توقعت أنه يظهر من يده القوية وبعد ما جفف وجهها بالكامل ضمها لها وقرب وجهه من وجهها وأطبق شفايفه على شفايفها و قبلها قبلة حب وحنان واحترام لكن الجديد في الأمر أن لينا بادلته نفس الحب والحنان والاحترام وهي تلف رقبته بذراعه و تشم ريحه عطره تتغلغل إلى صدرها وضمته لها أكثر وهي تخاف عليه و تسأل الله في داخلها أنه يحفظه لها ويحفظ حبهم العمر كله لكن في شيء أشغلها فقالت له
" راكان توعدني تسوي اللي يقدرك ربي عليه و تجمع شمس ومحمد مرة ثانية أبغى شمس تعيش معه مثل اللي أنا فيه الحين"
" أوعدك يا روحي "
ورجع يضمها له و يتغني في إذنها بأجمل كلماته اللي نظمها في أحلامه عنها و ما كان راكان يطيق أنه يترك لينا تبعد عنه بعد ما عرف إن إرادة كرجل و إخلاصه في حبه جمعه بالإنسانة اللي يعشقها واللي بادلته الحب نفسه و مع أنه ما فكر يبعدها عنه ولا أنتبه لشيء غيرها وهو غارق في عالمهم اللي جمعهم فيه رباط الزواج المقدس بين الورود اللي تحفهم بعطرها في مشتلهم الصغير إلا أنه لازم يرجعون للبيت لأنه لابد لعجلة الحياة أن تدور واللي تستمر في دورانها السليم متى ما وجد إرادة رجل وحب شريف ...















  #3  
قديم 11-03-2009, 07:04 PM
 
شكراااااااااااااااااا
__________________
سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده


فاضي دقيقتين؟
ادخل هنا
وشاركنا
هنا
مشاركة في دورة عيون العرب لتعليم الفوتوشوب خطوة بخطوة 2


يا كاشفني
ღ. ŚḿĨŁę ğĩŕĻ .ღ.
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:36 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011