عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-09-2010, 06:51 PM
 
Post الانتقام

الإنتقام
* * * * * * *
تأليف : حريز مريم
جبل الوحش هو أحد الجبال الواقعة في شرق مدينة قسنطينة ، تلك المدينة الجميلة بسكانها وهواءها العليل وطقسها المعتدل ، يرى المقبل على تلك البقاع أو بالتحديد شرق المدينة واديا مستطيلا مسوّرا بسور طبيعيا منالآكام والصخور، وقد تراءت بالقرب منه أطلال كوخ دارس ، لم يبق منه إلا أنصاف جدران وبضع جذوع ناخرة سوداء وصفراء ، مختلفة السطوح ما بين أنجاد وأغاوير وأحافير وأخاديد ومنعرجات ، إلى كثير من الجداول والغدران القائمة والمتداعية، كأنما كان يعيش فيما قبل اليوم قوم يتولّون حرثها وزرعها وتقسيمها وتخطيطها، ثم ضربها الدهر بضرباته، فرحل عنها ساكنوها او رحلوا عن العالم أجمعه.
ولم يكن لذلك الوادي على اتساعه وانفراجه، إلا فجوة واحدة من الناحية الشمالية وعلى يساره ذلك الجبل العظيم الذي يسموه جبل الوحش ؛ كان يلذ لي أن أختلف إلى هذا المكان الجميل صباحا ومساءا، وأن أستريح إلى منظره الهادئ السّاكن ، فإنيّ لجالس ذات يوم على صخرة من الصخور العالية، أقلب الطرف بين أرضه وسمائه، وأفكر في شأن هذا الكوخ الدّارس وفيما تنطق به آياته من العضات والعبر، وآثاره من الأحاديث والسير، إذ مرّ بي شيخ هرم من سكان تلك الأنحاء وقد نيّف على السبعين من عمره، يعتمد على عصى عجراء في يده، يلبس سروالا واسعا وصدارا ريفيا بسيطا وقبعة عريضة من الخوص كشأن سكان تلك الأنحاء، له شعر أبيض مجعد يصل إلى حد شحمة أذنه وقد تلألأ وجهه النحيف الضارب إلى السّمرة بذلك النور الساطع الذي يتلألأ دائما في وجوه الريفيين الأتقياء نور البساطة والطّهارة والنّبل والشرف .
فأنست به وبدأته بالتحية فرفع إليّ رأسه مبتسما، وألقى عليّ بنظرة هادئة مطمئنة ثم رد تحيتي ردّا جميلا وكأنه شعر لي بمثل الذي شعرته له من العطف والود ، فأقبل نحوي باسما متهللا وجلس على صخرة محاذية للصخرة التي أجلس عليها وألقى عصاه تحت قدميه ووضع قبعته بجانبه ، فأقبلت عليه وقلت له : لعلّك تعيش في هذه القفرة المهجورة ياسيدي منذ زمن طويل، قال : نعم طويت فيها رداء شبابي وها أنا أطوي فيها رداء شيخوختي، وستبرد عظامي تحت جنادلها وصخورها،قلت: هل لك أن تحدثني قليلا عن شأن هذا الكوخ الدارس، وعمّن كان يسكنه قبل أن تعبث به يد البلاء، وتعصف به عواصف الدهر وأرزائه ، فوجم قليلا وظل صامتا لا يقول شيئا، وقد انتشرت على جبينه الاّمع المتلألأ غمامة رقيقة من الهمّ والإكتئاب، ثم تنهّد تنهيدة طويلة ، اختلجت لها أعضاؤه وقال : في 1930 أتى إلى هذه المدينة مئات من العائلات الفرنسية المعمّرة من المستوطنين ، من بينها عائلة تكنّى بديفيد ،حيث نشأت الفتاة سوزان الفرنسية ذات الخمسة عشر ربيعا ،وكانت تعيش في جوّ عائلي ما ملؤه إلا حقد وبغضاء بين أفراد الأسرة ، فما كان من الفتاة سوزان إلا البحث عن الرحمة والحنان خارج المنزل ، وكان يعيش بالقرب من بيتهم رابح ذاك الشاب الوسيم ، حسن الأخلاق والمظهر ، يعيش بين أسرة يغمرها الحب والتآلف ، وقد كان هو يعرفها أما هي فلا تعرفه ؛ وذات يوم نشب شجار بين أم سوزان وأبيها السكير ، تلقت أمها خلاله السبّ والشّتم ولكمات لا عداد لها ،فهربت سوزان هائمة على وجهها لا تعرف لها مقرّا ولا مستقرّا ، وكان رابح يراقبها من بعيد حيث يرعى غنمه ، فهرع إليها فسكّن من روعها ثم أخذها إلى أمه لتعتني بها ؛ كانت ليلة ليلأ بالنسبة لسوزان باتت قلقة المضجع ، تطلب الراحة فلا تجدها وتهتف بالغمض فلا تعرف السبيل إليه ، إنها تفكر بأمها المسكينة ومدى معاناتها من ذلك الأب السكير ، أما رابح فقضى ليلته جالسا إلى نافذة غرفته يقلب


وجهه في السماء كأنما يساهر كواكبها ونجومها ويفضي إليها بما ألمّ بنفسه في تلك الساعة من سروره ،أي أنه أصبح يشعر في نفسه ببرودة الراحة من البحث عن ضالة غرام ظل ينشدها ، ويتعلق بآثارها عهدا طويلا حتى وجدها ، وأن نفسه التي كانت حبيسة بين جنبيه قد أشرقت عليها شمس الحب فانتعشت ورفرفت بجناحيها في الفضاء فأنشأ يحدث نفسه ويقول : أحمدك اللهم ، إني قد وجدت ضالتي التى كنت أنشدها طيلة تلك السنين ، إني لأجد في سوزان موطن السكينة ومنبع الرحمة والحنان ، وما المرأة إلا الأفق الذي تشرق منه شمس السعادة على هذا الكون فتنير ظلمته ، ففي وجه هذه الفتاة عثرت على حياتي وسعادتي ،ولم يزل يهتف بهذه التصورات حتى انحدر برقع الليل عن وجه الصباح ، فهجع قليلا في مرقده ثم قام إلى أمه وأوصاها بسوزان خيرا ثم اصطحب غنمه وتوجّه نحو المرعى .
كانت أم رابح تتوجع إثرعضّ كلب أجرب رجلها ، وكانت تخفي ألمها عن ولدها كي لا ينشغل بها ،
و ازداد ألمها في ذلك الصباح ، لأن الجراثيم والسموم قد انتقلت إلى سائر جسدها ، وفجأة سقطت الأم سقطة لم تحرك فيها نفسا واحدا ، فاستيقظت سوزان لسماعها ، وراحت تتحسس جسدها فلم تلاحظ حركة البتة ، فصرخت لهول مارأت ، وراحت مسرعة تبحث عن رابح لتخبره ؛ لقد عانى كثيرا لموت أمه ، لأنها كانت القلب الوحيد الحاني عليه والنابض من أجله والمتوجع لأوجاعه وعلله وكانت سوزان الطبيب المساعد له ؛ تخرج في الصباح الباكر لترعى الغنم ، وتتجنب الظهور أمام الناس لكي لا يعثر عليها أحد من أهلها ، وبعد لأي أبلّ رابح من مرضه ، وقررالرحيل عن البيت الذي يذكّره بأمه ، فبتاع بيتا في شرق المدينة بالقرب من جبل الوحش، وبعد مرور السنوات خيّر سوزان بين العيش معه على سنة الله ورسوله أو يبتاع لها منزلا بالقرب من منزله، لأنه كان مسلما ، أما هي فالمسيحية ، فاختارت الزواج منه لأنها كانت تحبه وتحب عفته وطهارته ، وكان ذلك عام 1937 .
كانت الأرض المقابلة للكوخ أرضا جرداء فعزما أن يجعلا منها جنة لم يرى الورى مثيلا لها أبدا، وكان لهما ما أرادا ، حيث زرعا أشجار التفاح والبرتقال والليمون ، وصمّما إصطبلا للخيول الثلاثة وزريبة للأغنام ...إلخ .
ولم ينغّص عليهما الحياة السعيدة إلا تذكر رابح لأمه وحنو سوزان لعائلتها رغم ذلك الجحيم، وبعد مرورالسنوات ولدت سوزان الولد الأول والوحيد وهوأنا الجالس أمامك وقد سمّياني قاسم باسم جدي "والد أبي"، حيث ترعرعت في جو السكون والهدوء بين والدين حنونين ، فأمي تهبني ما افتقدته من الحنان وأبي يعطيني بمثل ذلك ، وأتقنت اللغة العربية والفرنسية وعمري لا يتجاوز السادسة.
* * * * * *
منذ دخل الإستعمار الفرنسي إلى أراضي الجزائر لم ينثني عن نهب وحرق المساجد وهدم الدياروقتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال ومنذ ذلك الوقت زادت ضرباته ووحشيته وتوسعت أكثر فأكثرحتى توغلت في نواحي قسنطينة وتركزت ، فثارت ثائرة أبي رابح لأنه يأبى إلا العيش في حرية ولا يحب القيد وقد لاحظت أمي ذلك ولم يدُر بخلدها أنه سيشارك كالبقية في هاته الثورة ؛ بعد مرور يومين أخبرها بعزمه على السفر للعمل خارج المدينة بمنطقة نائية فلم تعترض ؛ أحدث الثوار المدافعين عن أرضهم وحريتهم أضرارا جسيمة في الجيش الفرنسي والمستوطنين داخل المدينة حيث، أعدوا لهم قنبلة لقتلهم دفعة واحدة ، وكان السبب في ذلك أن تلك العائلات تتصل بالجيش الفرنسي خارج المدينة وتدلّه على الفجوات وطرق المدينة وبعض خطط الثوار، وقد علم الجيش والسلطات بتلك الحادثة المأساوية التي أفقدتهم أفرادا من جنسهم فردّوا عليهم بالتقتيل والذبح والتعذيب، وذاعت وانتشرت أخبار القنبلة التي عصفت بالعائلات الفرنسية وبما فيها عائلة




ديفيد ، فحزنت أمي حزنا عميقا على فقد عائلتها وثارت لديها عاطفة الإنتقام ، فكانت تسعى لبلوغ غايتها بالإطاحة بقتلة عائلتها ، أما أنا فما كان لي غير رعي الأغنام ومساعدة أمي في تمهيد الأرض وغرس الأشجار ، وكنت أنفق القليل من وقتي في قراءة كتاب عربي وترجمته إلى الفرنسية، وترجمة آخر من الفرنسية إلى العربية ، وكان كثيرا مايأخدني الجيش الفرنسي ويعتقلني لمدة يوم أو يومين إلى أن تذهب أمي وتخلصني باعتبارها فرنسية .
في يوم من الأيام المشرقة خرجت أمي سوزان إلى البستان قصد قطف حبات الليمون لكي تبيعها فثمنها كاف لإعالتنا ولو الشيئ القليل ، وفجأة رأت على بعد فراسخ منها ثوار ملثمين يعبرون فوق تلك الجبال المقابلة للبستان قرب النهر ، وكانوا مدججين بالبنادق وبعض المسدسات ، فما إن رأت فرصتها في الإنتقام حتى هبت مسرعة لأقرب مركز شرطة فرنسي لتسرد عليهم مارأته قبل مدة قصيرة ؛ فأسرع الجنود الفرنسيون وضربوا الحصار عليهم لمدة 27 يوما ، فنفذ زاد الثوار والبنادق صارت خاوية من الرصاص فأطبقوا عليهم و اعتقلوهم . وفي تلك الأثناء كانت أمي ضجرة قلقة، لا يعرف جفنها الغمض ، تبحث هنا وهناك علّها تجد ولو طيفا من أطياف أبي ، وتبعث بي أنا أيضا لأبحث في مناطق أخرى ولكني أرجع خالي الوفاض كما ترجع هي ، مرّ الأسبوع والأسبوعان والشهر والشهران ولم يأت أبت ؛ في يوم من أيام الإنتظار وبينما كنت وأمي نمهد الأرض ، إذ بسيارة عسكرية تقترب منا شيئا فشيئا ، ثم نزل منها جندي وسلّم أمي الرسالة قائلا : هذه من السجين رابح رقم 104 ، انتفضت أمي لسماع كلمة سجين وراحت تتساءل مابه؟.... مادواعي دخوله السجن؟ ثم فتحت الرسالة فوجدت بها عشر كلمات لا أكثر :"لم فعلت هذا ياسوزان ..إنك حكمت علي بالموت..وداعًا " ، فصعّدت نظري نحوحها فوجدتها شخصا آخر ، كان وجهها مصفرّا وقد تغيّرت سحنتها ، ماسكة بيدها على أحشائها ، فتهافت على الرسالة وقرأتها ، فطار لبي وطاش عقلي وأسرعت متجها إلى مكان السجن الذي أعلمنا به الجندي لا ألوي على شيئ خلفي ، حتى بلغت باب السجن وبعد لأيّ دخلته ،وإذ بي أسمع صوتا من خلفي ينادي أن يا قاسم انتظرني ، فنظرت ،فإذا هي حافية تمشي كالمجانين ، وتقول : لست مجرمة يا ُبني فلا تنظر إلي هكذا ، فطفقت أبحث عن الزنزانة السابعة والعشون بعد المئة، وهي خلفي تسير أينما أسير، وبعد جهد جهيد وجدنا الزنزانة، فرأيت أبي الذي لم أره منذ خمسة أشهر فاحتضنني وحتضنته رغم تلك القضبان التي كانت تمنع تلاصق جسديهما ، أما أمي فبدأت اللقاء بقولها : سامحني رابح ، فوربك لست أدري بكونك مرتبطا مع تلك الجماعة ، أما أخبرتني أنك ذاهب إلى العمل؟ لماذا لم تقل لي بعزمك ؟ رابح...تكلم...لم كل هذا الصمت القاتل ،أمّا أبي فكان ينظر إليها ولايُجيب، وهي تنتظر ولو حرفا واحدا ينطق به، كانتظار المتهم لحكم القاضي؛ وفي تلك الأثناء دخل السجن جنود كُثر يتقدّمهم جندي يحمل ثلاثة نجوم في صدره ، ضخم الجثة تبدوا عليه ملامح القسوة، يحمل ورقة في يده ، يتلوا أسماءا والجنود يتوجهون نحو السجناء ويخرجونهم من الزنازن ، فجأة نطق القائد باسم أبي ، فارتعدت فرائصنا واصفرت وجوهنا ورُحنا نتبعه بنظراتنا ، أما أمي فقد هبّت مسرعة إلى القائد وسألته عمّا يُراد بهم ، وأنبأته بأن ذلك السجين هو زوجها وتريد تفسيرا لكل ما يحصل ، فابتسم القائد ابتسامة خبث ثم راح يسرد عليها ما حدث لأبي حينما انظم إلى الثوار وقاد المعركة الكبيرة وأنه قد حُكم عليه بالسجن المؤبد في أول الأمر ثم بالإعدام شنقا وأنهم الآن ذاهبون إلى ساحة السجن لتنفيذ الحكم ؛ فما أتى القائد على الكلمة الأخيرة حتى خرّت أمي على الأرض مغشيا عليها ، وبعد مدة استفاقت ، ذهبت إلى ساحة السجن فوجدت جميع المحاكمين موضوع بأعناقهم الحبل والجنود من حولهم ينتظرون سماع الصفير من القائد لإزاحة المقاعد أسفل السجناء ، أو بالأحرى المحكوم عليهم بالإعدام ، وقد كنت هناك وقلبي كأنه يكوى على النار لهول مصيبتي ؛ راحت أمي تصرخ وتنتحب وتطلب من أبي العفو والرضى ،



حقا إنها لصادقة فلم تقصد إيذاء أبي وإنما أرادت الإنتقام من الثوار فانتقمت من نفسها بنفسها ، ما أشد هول مصائبنا تأتي متتالية ولا ترحم أحدا فكل مصائب الناس تأتي كبيرة ثم تصغر إلا مصائبنا تكون صغيرة ثم تكبر .
وحانت الدقيقة الفاصلة بين الحياة والموت الذي لا مناص منه ، وأمي لازالت تهتف بأبي وتتضرع إليه إلا أنه لا يجيبها ويكتفي بالنظرإليها نظرات اليأس المشأومة . سمعنا الصّفير كإعلان على لحظة الموت وراح الجنود يسحبون المقاعد مقعدا تلو الآخر وهم يدنون شيئا فشيئا نحو أبي، فسُحب المقعد .. وعلت التكبيرات ..وسقطت نظّارة أبي وانكسر زجاجها .. فانتثرت هنا وهناك ، وعلمت أن حياتنا ستنتثر كتناثر الزجاجات ، فزعت لذاك المنظر المُفزع ..منظر الموت ، وخرجت من الساحة أجري وأهرول وقلبي يتفطر أسى ويقطر دما ، خرجت ولا أعرف إلى أين أذهب أو إلى أين آوي ومنظر أبي لا يُفارقني ؛ كان الليل قد حلّ فأسندت ظهري لشجرة وهجعت قليلا فما استفقت إلا لأرى جنودا يسوقونني إلى المعتقل شرقا وحالي تلك يٌرثى لها .
في ليلة من الليالي اقتحم الثوار السجن وأخرجوا منّا ما استطاعوا من السجناء وهمّوا بالخروج فيئست، حتى رأيت صديقا كان لي منذ الطفولة الأولى إنه وائل صديقي الحبيب وجارنا القريب ، ونادى أصحابه ليفتحوا عنّي باب الزنزانة التي قضيت فيها أزيد من سنة ، فشكرته كثيرا ثم اصطحبني إلى كوخنا الذي حسبته كوخنا الجميل وبستاننا المزدهر فما ألفيت إلا كوخا دارسا وهو الذي تنظره الآن أمامك وتلك الأراضي الجرداء ، دخلت الكوخ فارتعبت لهول ما رأيت ، ظننت أن أمي لا زالت على قيد الحياة ، فلم أرى إلا هيكلا عظميا فوق سرير قد تهاوت بعض خشباته وأثوابا قد أكلها الدود فلم يبق إلا بعض القطع الصغيرة مترامية هنا وهناك .
رحت أسأل وائل عن أمي وما الذي حلّ بجنتنا التي صارت جرداء ، فأخذ يسرد علي القصة من أولها، علمت أن أمي بعد موت أبي ظلّت صامتة لا تتكلم ولا تأكل شيئا حتى توفيت بعده بأقل من شهر ، أما أنا فلقد ابتنيت لي كوخا على بعد فراسخ من هنا وآتي كل مساء لأزور قبر أمي وأقرأ لها بعض الروايات التي كانت تحبها .
صمت الشيخ ُبرهة فرفعت رأسي نحوه ، فرأيت العبرات تنسكب كالسيل الجارف ووجهه قد احمرّ احمرارا شديدا وجسمه يرتعش ، أشفقت عليه حقا ، وقلت في قرارة نفسي : ليتني ماسألته فقد استثرت همومه وأشجانه ، تلك التي كاد الزمان أن يمحوها لولا البقية الباقية من آثار الأطلال التي لا تفتأ تذكر صاحبها بالأحداث ، تركته وبي من الهمّ والغمّ ما ملأ عليّ ليلتي فما قدرت على النوم .
حقا ما أعظم ما يقاسيه الناس الذين جار عليهم الزمان فسلبهم أكبادهم وأغلى ما لديهم ، حتى الآثار الباقية التي ُتذكرهم بما فقدوا يريد أن يسلبهم إيّاها ، عجيبة أيامنا في اللحظة الواحدة تجد من يضحك ومن يبكي ، من يسعد ومن يشقى ، من يعمل ومن يكسل ، ولكن كُلّّ سيُجمع على حال واحدة ، ألا وهو الموت لا محالة ، كما قال الله تعالى في قرآنه العزيز:

" كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "

الآية 27 من سورة الرحمن
  #2  
قديم 03-12-2010, 06:47 PM
 

[frame="12 10"]" كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "[/frame]
  #3  
قديم 08-16-2013, 08:33 AM
 
يسلموووووووووووووو
__________________
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
إذا بارت الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا الله
لا اله الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم











  #4  
قديم 08-20-2013, 04:38 PM
 
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه
__________________




موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
lars vilks هذا الانتقام الاول من كاريكاتيرك أبو ماجد نور الإسلام - 10 05-18-2010 03:27 PM
حملة الانتقام من اسرائيل moha5ed مواضيع عامة 0 02-05-2009 02:33 PM
الانتقام εïз][šнєяy أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 3 10-05-2007 09:06 PM
اشد انواع الانتقام نبيل المجهول قصص قصيرة 4 05-06-2007 11:19 PM


الساعة الآن 10:27 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011