عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-31-2007, 02:01 PM
 
حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟

حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟
بسم الله الرحمن الرحيم

حكم الشرع فيمن يعين الصليبيين المحتلين لبلاد المسلمين، والمحاربين لدين الله والمسلمين؟


الجواب عبارة عن مختصر من كتاب (التبيان في حكم من أعان الأمريكان) للشيخ المجاهد ناصر الفهد فك الله أسره، ويتضمن الجواب ما يلي:

تمهـيد

اعلم – رحمني الله وإياك وثبتنا على الإسلام والتوحيد حتى نلقاه – أن أصل دين الإسلام وقاعدته أمران – كما قاله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:-

الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والتحريض على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه.

الثاني: النهي عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه، وتكفير من فعله.

فمعاداة الكافرين والبراءة منهم ومن كفرهم أصل من أصول الدين لا يصح إلا به، وهي ملة إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (الممتحنة:4).

لذلك فاعلم أن معاملة الكافر لها ثلاث حالات:

الحالة الأولى: معاملة مكفّرة مخرجة عن الملة:

وقد اصطلح بعض أهل العلم على تسمية هذه الحالة بـ(التولي)، فكل ما دل الدليل على أنه كفر وردة فهو من هذه الحالة، وذلك نحو: محبة دين الكفار، ومحبة انتصارهم، وغيرها من الأمثلة، ومنها مسألتنا هذه وهي: مظاهرتهم على المسلمين.

الحالة الثانية: معاملة محرمة غير مكفّرة:

وقد اصطلح بعض أهل العلم على تسمية هذه الحالة بـ(الموالاة)، فكل ما دل الدليل على تحريمه ولم يصل هذا التحريم إلى (الكفر) فهو من هذه الحالة، وذلك نحو: تصديرهم في المجالس، وابتدائهم بالسلام، وموادتهم التي لم تصل إلى حد (التولي)، وغير ذلك.

الحالة الثالثة: معاملة جائزة:

وهي غير داخلة في (الموالاة)، وهي ما دلت الأدلة على جوازه مثل العدل معهم، والإقساط لغير المحاربين منهم، وصلة الأقارب الكفار منهم، ونحو ذلك.

والفرق بين الحالتين الثانية والثالثة ذكره القرافي رحمه الله في كتابه (الفروق 3/14 – 15) حيث قال: (اعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة بقوله (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الحَقِّ… الآية )، فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ…)، فلا بد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما، ثم قال: وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقاً علينا لهم; لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا وذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، إلى أن قال: فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على موادات القلوب ولا تعظيم شعائر الكفر، فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبل ما نهي عنه في الآية وغيرها، ويتضح ذلك بالمثل: فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم حينئذ، ونداؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى بها ، هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق وأخلينا لهم واسعها ورحبتها والسهل منها، وتركنا أنفسنا في خسيسها وحزنها وضيقها كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر وتحقير شعائر الله تعالى وشعائر دينه واحتقار أهله، وكذلك لا يكون المسلم عندهم خادماً ولا أجيراً يؤمر عليه وينهى، إلى أن قال: وأما ما أمر من برهم من غير مودة باطنية كالرفق بضعيفهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال أذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفاً معهم لا خوفاً وتعظيماً، والدعاء لهم بالهداية وأن يجعلوا من أهل السعادة ونصيحتهم في جميع أمورهم فجميع ما نفعله معهم من ذلك لا على وجه التعظيم لهم وتحقير أنفسنا بذلك الصنيع لهم، وينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا وتكذيب نبينا صلى الله عليه وسلم، وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا واستولوا على دمائنا وأموالنا، وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا عز وجل، ثم نعاملهم بعد ذلك بما تقدم ذكره امتثالاً لأمر ربنا).

فحرّر الفرق بين هذه الحالات الثلاث، وإلا التبست عليك الأمور، خصوصاً وأن بعض دجاجلة العلم في عصرنا يريدون إباحة الحالتين الأولى والثانية استدلالاً بالحالة الثالثة على طريقة أهل الزيغ في اتباع المتشابه والتلبيس به على الناس.

واعلم أن تفصيل مسائل (الموالاة والمعاداة) ليس هذا موضعه، فبحثنا هنا هو في مسألة واحدة من مسائل الحالة الأولى وهي مسألة (التولي) ونصرة الكافر على المسلم، وهي الناقض الثامن من نواقض الإسلام التي ذكرها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى حيث قال:

(الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)).

فها قد علمت بأن الحملة الصليبية الكافرة التي يقودها أعداء الله (الأمريكان) وأولياؤهم من الكفرة الآخرين والمنافقين تستهدف الإسلام والمسلمين، فاعلم:

أن أي إعانة لهم في حربهم، سواء كانت هذه الإعانة: بالبدن، أو بالسلاح، أو باللسان، أو بالقلب، أو بالقلم، أو بالمال، أو بالرأي، أو بغير ذلك، فهي: كفر وردة عن الإسلام – أعاذنا الله منها –.

والأدلة على هذه المسألة كثيرة جداً، وقد جعلتها على ثمانية مباحث:

المبحث الأول: الدليل من الإجماع.

المبحث الثاني: الأدلة من الكتاب.

المبحث الثالث: الأدلة من السنة.

المبحث الرابع: الأدلة من أقوال الصحابة.

المبحث الخامس: الأدلة من القياس.

المبحث السادس: الأدلة من التاريخ.

المبحث السابع: الأدلة من أقوال أهل العلم.

أقوال علماء الحنفية.

أقوال علماء المالكية.

أقوال علماء الشافعية.

أقوال علماء الحنابلة.

أقوال علماء الظاهرية.

أقوال غيرهم من العلماء المجتهدين.

أقوال المتأخرين من أهل العلم.

أقوال العلماء المعاصرين لهذه الفتنة العظيمة.

المبحث الثامن: الأدلة من أقوال أئمة الدعوة النجدية.




المبحث الأول- الدليل من الإجماع بكفر من أعان المشركين على المسلمين


وقد قدمت هذا الدليل على غيره حتى لا يظن أن المسألة اجتهادية قد اختلف فيها أهل العلم، ومن المعلوم أن الإجماع لا يكون إلا على دليل من الكتاب أو السنة.

لذلك فاعلم أن الأمة كلها قد أجمعت على أن من ظاهر الكفار وأعانهم على المسلمين فهو كافر مرتد عن الإسلام، وإثبات هذا الإجماع على وجهين:

الوجه الأول: ذكر أقوال أهل العلم على اختلاف مذاهبهم في هذه المسألة، وهذا مذكور في المبحثين السابع والثامن، حيث ذكرت أقوال أهل العلم من: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، والمجتهدين من غيرهم، بالإضافة إلى فتاوى للمتأخرين، والمعاصرين.

الوجه الثاني: ذكر بعض النصوص التي ذكرت إجماع أهل العلم في هذه المسألة:

فمن ذلك:

1- ما قاله العلامة ابن حزم رحمه الله في (المحلى) (11/138): ”صح أن قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين“.

2- وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله: (الدرر 8/326) – بعد كلام له عن وجوب معاداة الكفار والبراءة منهم:- ”فكيف بمن أعانهم، أو جرهم على بلاد أهل الإسلام، أو أثنى عليهم، أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام، واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم وأحب ظهورهم، فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق، قال الله تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)“.

3- وقال الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله (الدرر 15/479): ”وأما التولي: فهو إكرامهم، والثناء عليهم، والنصرة لهم والمعاونة على المسلمين، والمعاشرة، وعدم البراءة منهم ظاهراً، فهذا ردة من فاعله، يجب أن تجرى عليه أحكام المرتدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم“.

4- وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في (فتاواه) (1/274): ”وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)“.





المبحث الثاني - الأدلة من القرآن الكريم

وقد دلت آيات كثيرة جداً من الكتاب على هذا حرمة مظاهرة الكافرين على المؤمنين، [سنذكر] بعضاً منها [وقد اقتصرنا على ذكر ثلاثة أدلة فقط من بين ستة عشر دليلاً من القرآن الكريم ذكرها الشيخ في كتابه]:

لقراءة الأدلة كاملة من كتاب (التبيان في كفر من أعان الأمريكان) اضغط هنا.



الدليل الأول:

قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).

وقد دلت هذه الآية على كفر من نصر الكفار من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: قوله تعالى (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، فجعل الكفار بعضهم أولياء بعض وقطع ولايتهم عن المسلمين، فدل على أن من تولاهم فهو داخل في قوله تعالى (بَعْضُهُمْ) فيلحقه هذا الوصف، قال ابن جرير رحمه الله (6/277): ”وأما قوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) فإنه عنى بذلك أن بعض اليهود أنصار بعضهم على المؤمنين، ويد واحدة على جميعهم، وأن النصارى كذلك بعضهم أنصار بعض على من خالف دينهم وملتهم، معرفاً بذلك عباده المؤمنين أن من كان لهم أو لبعضهم ولياً فإنما هو وليهم على من خالف ملتهم ودينهم من المؤمنين، كما اليهود والنصارى لهم حرب، فقال تعالى ذكره للمؤمنين فكونوا أنتم أيضاً بعضكم أولياء بعض، ولليهودي والنصراني حرباً كما هم لكم حرب، وبعضهم لبعض أولياء، لأن من والاهم فقد أظهر لأهل الإيمان الحرب ومنهم البراءة وأبان قطع ولايتهم“.

الوجه الثاني: قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)، يعني كافر مثلهم، قال ابن جرير رحمه الله 6/277: ”يعني تعالى ذكره بقوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم، يقول: فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم; فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه“.

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ (الدرر 8/127) فيها أيضاً: ”فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم“.

الوجه الثالث: قوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) والظلم هنا (الظلم الأكبر) كما قال تعالى (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ويدل على ذلك أول الآية والآيات التالية – كما سيأتي في الأدلة من الثاني إلى الرابع – مع الإجماع السابق، قال ابن جرير (6/278): ”يعني تعالى ذكره بذلك أن الله لا يوفق من وضع الولاية موضعها فوالى اليهود والنصارى مع عداوتهم الله ورسوله والمؤمنين على المؤمنين وكان لهم ظهيراً ونصيراً; لأن من تولاهم فهو لله ولرسوله وللمؤمنين حرب“.

وقال ابن جرير رحمه الله تعالى (تفسيره) 6/276 أيضاً في هذه الآية: ”والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله،وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين وأن الله ورسوله منه بريئان“.

الدليل الثاني:

قال تعالى بعد الآية السابقة مباشرة (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة:52).

فجعل الله سبحانه تولي الكفار من صفات الذين في قلوبهم مرض وهم (المنافقون) الذين نزلت الآية فيهم –كما هو مذكور في كتب التفسير-، قال ابن كثير رحمه الله (2/69): ”وقوله تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي: شك وريب ونفاق، (يُسَارِعُونَ فِيهِمْ) أي: يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر، (يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) أي: يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك“.

الدليل الثالث:

قول تعالى بعد الآية السابقة مباشرة (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة: 53-56).

وهذه الآيات كلها قد جاءت في سياق تولي اليهود والنصارى، وتدل على ردة من تولى الكفار من وجوه:

الوجه الأول: قوله تعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) يعني وهم كاذبون في ذلك، وإنما كان عملهم في توليهم الكفار هو دليل كذبهم، قال ابن جرير رحمه الله (6/281): ”يقول المؤمنون تعجباً منهم ومن نفاقهم وكذبهم واجترائهم على الله في أيمانهم الكاذبة بالله أهؤلاء الذين أقسموا لنا بالله إنهم لمعنا وهم كاذبون في أيمانهم لنا“.

الوجه الثاني: قوله تعالى عن أولئك الذين تولوا الكفار: (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) يعني الذين تولوا الكفار، وحبوط العمل لا يكون إلا بالكفر كما قال تعالى (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأعراف:147)، وقال تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة:17)، وقال تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (المائدة: من الآية5)، وقال تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر: من الآية65) وغيرها من الآيات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الصارم المسلول) 2/214: ”ولا تحبط الأعمال بغير الكفر لأن من مات على الإيمان فإنه لابد من أن يدخل الجنة ويخرج من النار إن دخلها، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ولا ينافي الأعمال مطلقاً إلا الكفر وهذا معروف من أصول أهل السنة“.

الوجه الثالث: قوله تعالى (فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين) والخسارة بحبوط العمل تكون في الدنيا والآخرة والعياذ بالله كما قال تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) (البقرة: من الآية217).

الوجه الرابع: قوله تعالى (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) وما قبل هذه الآية وما بعدها يدل على أن أصل الخطاب هو في تولي الكفار.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (الفتاوى 18/300): ”فإنه ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة. يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن موالاة الكفار فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) - إلى قوله – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ). فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة. ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة. وهو لما نهى عن موالاة الكفار وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم بين أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئا. بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكفار ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم كما قال في أول الأمر (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ) (الأنعام: من الآية89). فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه - لا يضرون الإسلام شيئا. بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة“.

الوجه الخامس: مفهوم الحصر في قوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).

الوجه السادس: قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، ومفهومه أن من تولى الكفار فإنهم من حزب الشيطان، (أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المجادلة: من الآية19).




المبحث الثالث - الأدلة من السنة النبوية

وقد دلت أحاديث كثيرة جداً على هذا حرمة مظاهرة الكافرين على المؤمنين، [سنذكر] بعضاً منها [وقد اقتصرنا على ذكر ثلاثة أدلة فقط من بين ستة أدلة من السنة النبوية ذكرها الشيخ «ناصر الفهد» في كتابه «التبيان في كفر من أعان الأمريكان»]:



الدليل الأول:

ما في الصحيحين وغيرهما عن علي رضي الله عنه – في غزوة الفتح - قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ; فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها. فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا: أخرجي الكتاب. قالت: ما معي كتاب. قلنا: لتخرجن الكتاب، أو لتلقين الثياب. قال: فأخرجت الكتاب من عقاصها، فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب، ما هذا ؟.

قال: لا تعجل علي، إني كنت أمرءاً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه صدقكم.

فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. وفي رواية: فقد كفر.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

وهذه القصة تدل على أن الأصل في مظاهرة الكفار ومناصرتهم هو الردة والخروج عن الإسلام من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: قول عمر: دعني أضرب هذا المنافق، وفي رواية: فقد كفر، وفي رواية: بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أوليس قد شهد بدراً ؟. قال عمر: بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك.

فهذا يدل على أن المتقرر عند عمر رضي الله عنه أن مظاهرة الكفار: كفر وردة.

الوجه الثاني: إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر وإنما ذكر عذر حاطب.

الوجه الثالث: أن حاطباً قال: ما فعلت ذلك كفراً، ولا ارتداداً عن ديني، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام.

وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار (كفر وردة ورضا بالكفر).

فإذا كان هذا قد يظن في مثل صورة عمل حاطب رضي الله عنه مع أنه قد خرج غازياً مع الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله مناصراً له ومظاهراً له على أعدائه المشركين، ولم يظاهر الكفار ولم ينصرهم بنفس ولا مال، ولكن احتمل عمله هذا فقيل فيه ما قيل، فكيف بمن ظاهر الكفار فعلاً وظاهرهم وأعانهم على المسلمين، لا شك أنه أولى بالأحكام المذكورة في هذا الحديث.

والحديث تثار حوله شبهات سنناقشها إن شاء الله في الفصل الثالث.

الدليل الثاني:

ما رواه ابن إسحاق وغيره عن يزيد بن رومان عن عروة وعن الزهري عن جماعة سماهم قالوا: بعثت لنا قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا، وقال العباس – وكان خرج مكرهاً مع المشركين في بدر – يا رسول الله قد كنت مسلماً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك، وأما ظاهرك فقد كان علينا، فافتد نفسك وابني أخيك.

فمع أن (العباس بن عبد المطلب) قد خرج مع قريش في قتالهم مكرهاً إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم عليه بظاهره وألحقه بالمشركين، فكيف يكون الحال فيمن ظاهر الكفار وناصرهم اختياراً منه؟.

ويدل على هذا أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته، فنهاني عن ذلك أشد النهي، وقال: أخبرني ابن عباس: أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سوادهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل، فأنزل الله: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ).

فانظر إلى إلحاقه بهم في الظاهر مع أنهم مكرهون، وما ذلك إلا لأن الأصل كفر من عمل هذا العمل.

الدليل الثالث:

ما رواه أبو داود وغيره عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله).

فجعل من اجتمع مع المشرك وشاركه مثله وإن لم يوافقه، فمن ظاهر المشركين وأعانهم ونصرهم على المسلمين أعظم من مجرد السكنى معهم ومخالطتهم.

قال المناوي رحمه الله (فيض القدير 6/111) في تعليل قوله (فهو مثله): ”لأن الإقبال على عدو الله وموالاته توجب إعراضه عن الله، ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفران، قال الزمخشري: وهذا أمر معقول; فإن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان“.

وقال الشوكاني رحمه الله (النيل 8/177): ”قوله: (فهو مثله) فيه دليل على تحريم مساكنة الكفار ووجوب مفارقتهم، والحديث وإن كان فيه المقال المتقدم لكن يشهد لصحته قوله تعالى (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ .... إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ)، وحديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده مرفوعاً: (لا يقبل الله من مشرك عملا بعدما أسلم أو يفارق المشركين)“.


-


المبحث الرابع - الأدلة من أقوال الصحابة رضوان الله عليهم

وقد ورد عن الصحابة ما يدل على هذا الأصل، فمن ذلك:

1- ما سبق ذكره في الدليل الأول من السنة من تقرّر هذا الأصل عند عمر وحاطب رضي الله عنهما.

2- وما رواه عبد بن حميد عن حذيفة رضي الله عنه قال:

ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر. فظنناه يريد هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: من الآية51).

3- ومن ذلك قصة خالد بن الوليد ومجاعة بن مرارة في كتب السيرة في حروب الردة، فإن خالداً رضي الله عنه أخذ جنده بعض بني حنيفة ومعهم (مجاعة)، فقال مجاعة لخالد: إني والله ما اتبعته – يقصد مسيلمة – وإني لمسلم. فقال له خالد: فهلا خرجت إليّ، أو تكلمت بمثل ما تكلم به ثمامة بن أثال.

فقد استدل ببقائه بين ظهراني المرتدين على موافقته لهم وعامله على هذا، وهذا الأمر موافق لما سبق ذكره في الدليل الثالث عشر من القرآن في قصة المسلمين الذين خرجوا مع المشركين في بدر يكثرون سوادهم.

4- ومن ذلك فعل الصحابة وسيرتهم في حروب الردة مع قوم مسيلمة وسجاح وطليحة ومانعي الزكاة ونحوهم في قتالهم كلهم دون تفريق بينهم مع احتمال كون بعضهم مخالفاً لهم في معتقدهم وإنما شاركهم حمية، ومع ذلك كانت سيرتهم فيهم واحدة، مما يدل على تقرّر هذا الأصل عندهم، وأن من ظاهر وناصر الكفّار فهو كافر مثلهم.




المبحث الخامس - الأدلة من القياس

وهو من وجهين:

الوجه الأول:

أنه قد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من جهز غازياً فقد غزى)، فجعل القاعد إذا جهّز المجاهد مشاركاً في الغزو، ومن هذا أيضاً قوله (إن الله ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعه الخير، والرامي به، ومنبله). وهذا يدل – بقياس العكس – أن من جهّز وأعان الكافر في قتاله فقد شاركه في قتاله في سبيل الطاغوت.

الوجه الثاني:

أن الردء والمباشر حكمهم واحد في الشرع على الصحيح، لأن المباشر إنما يتمكن من عمله بمعونة الردء له، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: ”وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة، فالواحد منهم باشر القتل بنفسه، والباقون له أعوان وردء له، فقد قيل: إنه يقتل المباشر فقط، والجمهور على أن الجميع يقتلون، ولو كانوا مائة وأن الردء والمباشر سواء، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين. فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين. والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال، ينظر منه لهم من يجيء ولأن المباشر إنما يمكن من قتله بقوة الردء ومعونته، والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قاعدتهم). يعني: أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالاً، فإن الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت لكن تنفل عنه نفلاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس، وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية; لأنها في مصلحة الجيش، كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر; لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش، فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها، فيما لهم وعليهم - وهكذا المقتتلون على باطل - لا تأويل فيه، مثل المقتتلين على عصبية، ودعوى جاهلية كقيس ويمن ونحوهما، هما ظالمتان. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه) أخرجاه في الصحيحين. وتضمن كل طائفة ما أتلفته الأخرى من نفس ومال، وإن لم يعرف عين القاتل; لأن الطائفة الواحدة المتمنع بعضها ببعض كالشخص الواحد“.

وهكذا القول في من أعان الكفار ونصرهم في قتالهم; فإن حكمه حكمهم





المبحث السادس

الأدلة من التاريخ

شهد تاريخ الإسلام في فترات متعددة وجود حوادث فيها مظاهرة ممن يدعي الإسلام للكفار، وقد قام علماء الإسلام بتوضيح حكم هذه المظاهرة، وسأذكر فيما يلي بعضاً من هذه الحوادث:

الحادثة الأولى:

غزوة بدر في السنة الثانية: حيث خرج بعض المسلمين مع المشركين في غزوة بدر لتكثير سوادهم، وقد نزل فيهم قول الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:97). وقد سبق ذكر ذلك في الدليل الرابع عشر من القرآن.

الحادثة الثانية:

حادثة المرتدين في السنة الحادية عشرة: وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم استفصال الصحابة ممن كانوا يقاتلونهم، وقد سبق ذكر ذلك في المبحث الثالث.

الحادثة الثالثة:

في بداية سنة 201: خرج (بابك الخرمي) وحارب المسلمين وهو بأرض المشركين فأفتى الإمام أحمد وغيره بارتداده، فقد روى الميموني أن الإمام أحمد قال عنه: خرج إلينا يحاربنا وهو مقيم بأرض الشرك، أي شيء حكمه ؟ إن كان هكذا فحكمه حكم الارتداد. (الفروع) 6/163.

الحادثة الرابعة:

بعد عام 480: قام المعتمد بن عباد – حاكم أشبيلية – وهو من ملوك الطوائف في (الأندلس) بالاستعانة بالإفرنج ضد المسلمين، فأفتى علماء المالكية في ذلك الوقت بارتداده عن الإسلام [1]. (الاستقصا) 2/75.

الحادثة الخامسة:

في سنة 661: قام صاحب الكرك (الملك المغيث عمر بن العادل) بمكاتبة (هولاكو) والتتار على أن يأخذ لهم (مصر)، فاستفتى (الظاهر بيبرس) الفقهاء فأفتوا بعزله وقتله، فعزله وقتله. (البداية والنهاية 13/238) (الشذرات 6/305).

الحادثة السادسة:

في حدود سنة 700: هجم التتار على أراضي الإسلام في (الشام) وغيرها، وقد أعانهم بعض المنتسبين للإسلام، فأفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بردة من أعانهم (الفتاوى) 28/530.

الحادثة السابعة:

في عام 980: استعان (محمد بن عبد الله السعدي) أحد ملوك (مراكش) بملك (البرتغال) ضد عمه (أبي مروان المعتصم بالله)، فأفتى علماء المالكية بارتداده. (الاستقصا) 2/70.

الحادثة الثامنة:

بين عامي 1226 – 1233: هجمت بعض الجيوش على أراضي نجد للقضاء على دعوة التوحيد، وأعانهم بعض المنتسبين للإسلام، فأفتى علماء نجد بردة من أعانهم، وألف الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ كتاب (الدلائل) في إثبات كفر هؤلاء، وذكر واحداً وعشرين دليلاً على ذلك.

الحادثة التاسعة:

بعد الحادثة السابقة بنحو من خمسين عاماً: تكرّر نفس الأمر، فأفتى علماء نجد بكفر من أعان المشركين، وألف الشيخ حمد بن عتيق كتاب (سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك) في هذا الأمر.

الحادثة العاشرة:

في أوائل القرن الرابع عشر: أعانت بعض قبائل الجزائر الفرنسيين ضد المسلمين، فأفتى فقيه المغرب أبو الحسن التسولي بكفرهم. (أجوبة التسولي على مسائل الأمير عبد القادر الجزائري) ص 210.

الحادثة الحادية عشرة:

في منتصف القرن الرابع عشر: اعتدى الفرنسيون والبريطانيون على المسلمين في مصر وغيرها، فأفتى الشيخ أحمد شاكر بكفر من أعان هؤلاء بأي إعانة. (كلمة حق) 126 وما بعدها.

الحادثة الثانية عشرة:

في منتصف القرن الرابع عشر أيضاً: استولى اليهود على فلسطين، وأعانهم بعض المنتسبين للإسلام، فأفتت لجنة الفتوى بالأزهر برئاسة الشيخ عبد المجيد سليم عام 1366 بكفر من أعانهم.

الحادثة الثالثة عشرة:

في أواخر القرن الرابع عشر: كثر الشيوعيون والاشتراكيون في بلاد المسلمين، وأعانهم بعض المنتسبين للإسلام، فأفتى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بكفر من أعانهم. (مجموع فتاواه) 1/274.





المبحث السابع

الأدلة من أقوال أهل العلم

أقوال الحنفية

سأنقل فيما يلي بعض كلام أهل العلم من جميع المذاهب:



أولاً: من أقوال علماء الحنفية
1- قال أحمد بن علي الرازي أبو بكر الجصاص (ت 370) في (أحكام القرآن 3/130): ”قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ) (التوبة: من الآية 23) فيه نهي للمؤمنين عن موالاة الكفار ونصرتهم والاستنصار بهم وتفويض أمورهم إليهم وإيجاب التبري منهم وترك تعظيمهم وإكرامهم، وسواء بين الآباء والإخوان في ذلك … وإنما أمر المؤمنين بذلك ليتميزوا من المنافقين، إذ كان المنافقون يتولون الكفار، ويظهرون إكرامهم وتعظيمهم إذا لقوهم، ويظهرون لهم الولاية والحياطة، فجعل الله تعالى ما أمر به المؤمن في هذه الآية علما يتميز به المؤمن من المنافق، وأخبر أن من لم يفعل ذلك فهو ظالم لنفسه مستحق للعقوبة من ربه“.

وقال أيضاً (1/16) – في سياق النهي عن موالاة غير المؤمنين: ”وقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) (آل عمران: من الآية28) يعني أن تخافوا تلف النفس وبعض الأعضاء فتتقوهم بإظهار الموالاة من غير اعتقاد لها. وهذا هو ظاهر ما يقتضيه اللفظ وعليه الجمهور من أهل العلم، وقد حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجرجاني قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: من الآية28) قال: لا يحل لمؤمن أن يتخذ كافرا وليا في دينه. وقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً): إلا أن تكون بينهم وبينه قرابة فيصله لذلك; فجعل التقية صلة لقرابة الكافر. وقد اقتضت الآية جواز إظهار الكفر عند التقية“.

2- وقال عبد الله بن أحمد أبو البركات النسفي (ت: 710) في (تفسيره 1/287): ”ونزل نهياً عن موالاة أعداء الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ) (المائدة: من الآية51) أي: لا تتخذوهم أولياء; تنصرونهم، وتستنصرونهم، وتؤاخونهم، وتعاشرونهم معاشرة المؤمنين، ثم علل النهى بقوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) وكلهم أعداء المؤمنين، وفيه دليل على أن الكفر كله ملة واحدة، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): من جملتهم وحكمه حكمهم، وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين، (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ): لا يرشد الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفرة“.

3- وقال القاضي محمد بن أحمد أبو السعود العمادي (ت 951) في (تفسيره 3/48): ”وقوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): حكم مستنتج منه – يعني من قوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) – فإن انحصار الموالاة فيما بينهم يستدعي كون من يواليهم منهم ضرورة أن الاتحاد في الدين الذي عليه يدور أمر الموالاة حيث لم يكن بكونهم ممن يواليهم من المؤمنين تعين أن يكون ذلك بكون من يواليهم منهم، وفيه زجر شديد للمؤمنين عن إظهار صورة الموالاة لهم وإن لم تكن موالاة في الحقيقة، وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ): تعليل لكون من يتولاهم منهم، أي: لا يهديهم إلى الإيمان بل يخليهم وشأنهم فيقعون في الكفر والضلالة“.




أقوال المالكية

ثانياً: من أقوال علماء المالكية


1- قال أبو عبد الله القرطبي في (تفسيره 6/217): ”قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) أي: يعضدهم على المسلمين، (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): بيّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبي، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة“.

2- وفي كتاب (القضاء) من (نوازل) الإمام البرزلي رحمه الله: أن أمير المسلمين يوسف بن تاشفين اللمتوني رحمه الله استفتى علماء زمانه – وهم من المالكية – في استنصار ابن عباد الأندلسي (حاكم أشبيلية) بالكتابة إلى الإفرنج على أن يعينوه على المسلمين، فأجابه جلهم بردته وكفره، وهذا في حدود عام 480 تقريباً. كما في (الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى) 2/75.

3- وتكرّرت نحو هذه الحادثة عام (984) من (محمد بن عبد الله السعدي) حاكم (مراكش) الذي استعان بملك (البرتغال) ضد عمه (أبي مروان المعتصم بالله)، فأفتى علماء المالكية بكفره وردته. كما في (الاستقصا) 2/70.

4- وسئل أبو عبد الله أحمد بن محمد المعروف بالشيخ عليش (ت 1299) عن البقاء بين ظهراني الكفار إذا استولوا على ديار المسلمين وترك الهجرة، فأجاب إجابة طويلة، ومما قال (فتح العلي المالك 1/375 وما بعدها): ”إن هذه الموالاة الشركية كانت مفقودة في صدر الإسلام وعزته، ولم تحدث على ما قيل إلا بعد مضي مئين من السنين وبعد انقراض أئمة الإسلام المجتهدين فلذلك لم يتعرض لأحكامها الفقهية أحد منهم، وإنما نبغت هذه الموالاة النصرانية في المائة الخامسة وبعدها من تاريخ الهجرة وقت استيلاء ملاعين النصارى دمرهم الله تعالى على جزيرة صقلية وبعض كور الأندلس. سئل عنها بعض الفقهاء واستفهموه عن الأحكام الفقهية المتعلقة بمرتكبها فأجاب بأن أحكامهم جارية مع أحكام من أسلم ولم يهاجر – قلت: يعني في الكفر – وألحقوا هؤلاء المسئول عنهم والمسكوت عن حكمهم بهم وسوي بين الطائفتين في الأحكام الفقهية المتعلقة بأموالهم وأولادهم، ولم يروا فيها فرقا بين الفريقين وذلك لأنها في موالاة الأعداء ومساكنتهم ومداخلتهم وملابستهم وعدم مباينتهم وترك الهجرة الواجبة لهذه الأحكام المسكوت عنها في الصورة المسئول عن فرضها بمثابة واحدة فألحقوا رضي الله عنهم الأحكام المسكوت عنها في هؤلاء المسئول عنهم بالأحكام المتفقه فيها“.

5- وسئل فقيه المغرب أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي المالكي (ت 1311)، عن بعض القبائل الجزائرية التي كانت تمتنع من النفير للجهاد، وكانوا يخبرون الفرنسيين بأمور المسلمين، وربما قاتلوا أهل الإسلام مع النصارى الفرنسيين، فأجاب: ”ماوصف به القوم المذكورون يوجب قتالهم كالكفار الذين يتولونهم، ومن يتول الكفار فهو منهم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ). وأما: إن لم يميلوا إلى الكفار، ولا تعصبوا بهم، ولا كانوا يخبرونهم بأمور المسلمين، ولا أظهروا شيئاً من ذلك، وإنما وجد منهم الامتناع من النفير فإنهم يقاتلون قتال الباغية“. كما في (أجوبة التسولي على مسائل الأمير عبدالقادر الجزائري) (10).




أقوال الشافعية

ثالثاً: من أقوال علماء الشافعية


1- قال عبد الله بن عمر أبو سعيد البيضاوي (ت 685) في تفسيره (2/334): ”(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي: ومن والاهم منكم فإنه من جملتهم، وهذا التشديد في وجوب مجانبتهم كما قال صلى الله عليه وسلم: ”لا تتراءى ناراهما“، أو لأن الموالي لهم كانوا منافقين، (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي: الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفار، أو المؤمنين بموالاة أعدائهم“.

2- وقال الحافظ ابن كثير (ت 774) في (تفسيره 1/358): ”نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكافرين وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك فقال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْء) (آل عمران: من الآية28) أي: ومن يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله“.

3- وقال الحافظ ابن حجر (ت 852) في (الفتح 13/61) في شرح حديث ابن عمر مرفوعاً (إذا أنزل الله بقومٍ عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم): ”ويستفاد من هذا مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة; لأن الإقامة معهم من إلقاء النفس إلى التهلكة، هذا إذا لم يُعِنْهم ولم يرض بأفعالهم; فان أعان أو رضي فهو منهم“.

4- وسئل الشيخ عبد الله بن عبد الباري الأهدل اليماني (ت 1271هـ): س: قوم في بلاد الإسلام من المسلمين يدعون أنهم من رعية النصارى، ويرضون بذلك، ويفرحون به، فما تقولون في إيمانهم، ومن الجملة أنهم يتخذون لسفنهم بيارق، وهي تسمىالرايات، مثل رايات النصارى، إعلاماً منهم بأنهم من رعيتهم.

فمما جاء في الجواب: ”إن كان القوم المذكورون جهالاً، يعتقدون رفعة دين الإسلام، وعلوه على جميع الأديان، وأن أحكامه أقوم الأحكام، وليس في قلوبهم مع ذلك تعظيم الكفر وأربابه، فهم باقون على أحكام الإسلام، لكنهم فساق مرتكبون لخطب كبير، يجب تعزيرهم عليه، وتأديبهم وتنكيلهم. وإن كانوا علماء بأحكام الإسلام، ومع ذلك صدر عنهم ماذكر فيستتابون، فإن رجعوا عن ذلك، وتابوا إلى الله - تعالى ـ، وإلا فهم مارقون، فإن اعتقدوا تعظيم الكفر ارتدوا، وجرى عليهم أحكام المرتدين.

وظاهر الآيات والأحاديث عدم إيمان المذكورين، قال تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ.. الآية )، فالآية تقتضي أن الناس قسمان: الذين آمنوا وليهم الله تعالى، أي لا غيره، فليس لهم مولى دون الله ورسوله، (الله مولانا، ولا مولى لكم)، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت، فلا واسطة، فمن اتخذ الطاغوت ولياً من دون الله، فقد خسر خسراناً مبيناً، وارتكب خطباً جسيماً، فليس إلا ولي الله وولي الطاغوت، فلا شركة بوجه من الوجوه ألبتة، كما تقتضيه الآية. وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، وقد حكم الله ألا نتولى الكفار بوجه قط، فمن خالف لما يحكم، فأنى يكون له إيمانٌ، وقد نفى الله إيمانه، وأكد النهي بأبلغ الوجوه والإقسام على ذلك فاستفده“. (السيف البتار، على من يوالي الكفار، ويتخذهم من دون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنصار).



أقوال الحنابلة

رابعاً: من أقوال علماء الحنابلة


1- وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية كثيراً في هذه المسألة، وقد سبق ذكر بعض النقول عنه أثناء ذكر الأدلة من القرآن، وقد بلي في وقته بالتتار وبالذين ناصروهم من المنتسبين للإسلام، وله رسائل وفتاوى كثيرة في هذا الأمر موجودة في المجلد الثامن والعشرين من الفتاوى، ومما قاله (28/530): ”كل من قفز إليهم – يعني إلى التتار – من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام، وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين - مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين ؟“.

ومما قاله أيضاً (اقتضاء الصراط المستقيم) 1/221: ”وقال تعالى فيما يذم به أهل الكتاب (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ، تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:80، 81)، فبيّن سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم“.

وقال أيضاً (الفتاوى 7/17): ”ومثله قوله تعالى في الآية الأخرى (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:80، 81) فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف (لو) التي تقتضي مع انتفاء الشرط انتفاء المشروط، فقال (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ) فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء; ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ومثله قوله تعالى (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمنا، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً“.

2- وقال ابن القيم في (أحكام أهل الذمة) 1/233، 234 (نقلاً عن كتاب الآمر بالله العباسي): ”وقطع الموالاة بين اليهود والنصارى وبين المؤمنين، وأخبر أنه من تولاهم فإنه منهم،في حكمه المبين فقال تعالى وهو أصدق القائلين سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51).

وأخبر عن حال متوليهم بما في قلبه من المرض المؤدي إلى فساد العقل والدين فقال (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة:52).

ثم أخبر عن حبوط أعمال متوليهم ليكون المؤمن لذلك من الحذرين فقال تعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين)“.

وقال أيضاً في (أحكام أهل الذمة)1/242: ”وقد حكم تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم،ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم، والولاية تنافي البراءة فلا تجتمع البراءة والولاية أبداً، والولاية إعزاز فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبداً، والولاية صلة فلا تجامع معاداة الكافر أبداً“.

وقال أيضاً (أحكام أهل الذمة) 1/195: ”أنه سبحانه قد حكم ولا أحسن من حكمه أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)“.

3- ولأئمة الدعوة النجدية – وهم حنابلة – كتب ورسائل وفتاوى كثيرة في هذا الباب أفردتها في المبحث الثامن لأهميتها.



أقوال الظاهرية

خامساً: من أقوال علماء الظاهرية


1- قال ابن حزم (ت 456) في (المحلى) 11/204: ”أخبر الله تعالى عن قوم يسارعون في الذين كفروا حذراً أن تصيبهم دائرة، وأخبر تعالى عن الذين آمنوا أنهم يقولون للكافرين (أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ)، يعنون الذين يسارعون فيهم قال الله تعالى: (حَبِـطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين)، فهذا لا يكون إلا خبراً عن قوم أظهروا الميل إلى الكفار فكانوا منهم كفاراً خائبي الأعمال“.

وقال أيضاً في (المحلى) 12/126: تحت مسألة: من صار مختاراً إلى أرض الحرب، مشاقاً للمسلمين أمرتد هو بذلك أم لا ؟ ومن اعتضد بأهل الحرب على أهل الإسلام - وإن لم يفارق دار الإسلام - أمرتد هو بذلك أم لا ؟.

فقال بعد كلام: قال أبو محمد رحمه الله: ”فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين، فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها: من وجوب القتل عليه، متى قدر عليه، ومن إباحة ماله، وانفساخ نكاحه، وغير ذلك، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرأ من مسلم“.

ثم قال: ”فإن كان هناك محارباً للمسلمين معيناً للكفار بخدمة، أو كتابة: فهو كافر - وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها، وهو كالذمي لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم، فما يبعد عن الكفر، وما نرى له عذرا - ونسأل الله العافية فإن كان هناك محاربا للمسلمين معينا للكفار بخدمة، أو كتابة: فهو كافر - وإن كان إنما يقيم هنالك لدنيا يصيبها، وهو كالذمي لهم، وهو قادر على اللحاق بجمهرة المسلمين وأرضهم، فما يبعد عن الكفر، وما نرى له عذراً - ونسأل الله العافية“.

وقال أيضاً (11/138): ”صح أن قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين“.




أقوال غيرهم من العلماء المجتهدين

سادساً: من أقوال غيرهم من العلماء المجتهدين


1- قال ابن جرير الطبري (وكان إماماً مجتهداً له أتباع يقال لهم الجريرية) في قوله تعالى في سورة آل عمران (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) (آل عمران: من الآية28) (تفسير ابن جرير 3/228): ”ومعنى ذلك لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهوراً وأنصاراً توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني فقد بريء من الله، وبريء الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر، (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً): إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل“.

وقد سبق شيء من كلامه في تفسير بعض الآيات التي ذكرناها في المبحث الأول فلتراجع.

2- وقال محمد بن علي الشوكاني (ت 1255) في (فتح القدير 2/50) في قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51): ”والمراد من النهي عن اتخاذهم أولياء أن يعاملوا معاملة الأولياء في المصادقة والمعاشرة والمناصرة، وقوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) تعليل للنهي، والمعنى: أن بعض اليهود أولياء البعض الآخر منهم، وبعض النصارى أولياء البعض الآخر منهم، وليس المراد بالبعض إحدى طائفتي اليهود والنصارى، وبالبعض الآخر الطائفة الأخرى; للقطع بأنهم في غاية من العداوة والشقاق (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ) (البقرة: من الآية113). وقيل: المراد أن كل واحدة من الطائفتين توالي الأخرى وتعاضدها وتناصرها على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وعداوة ما جاء به، وإن كانوا في ذات بينهم متعادين متضادين، ووجه تعليل النهي بهذه الجملة أنها تقتضي أن هذه الموالاة هي شأن هؤلاء الكفار لا شأنكم، فلا تفعلوا ما هو من فعلهم فتكونوا مثلهم، ولهذا عقب هذه الجملة التعليلية بما هو كالنتيجة لها فقال (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي: فإنه من جملتهم وفى عدادهم، وهو وعيد شديد; فإن المعصية الموجبة للكفر هي التي قد بلغت إلى غاية ليس وراءها غاية، وقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) تعليل للجملة التي قبلها; أي: أن وقوعهم في الكفر هو بسبب عدم هدايته سبحانه لمن ظلم نفسه بما يوجب الكفر كمن يوالي الكافرين“.

وقال (فتح القدير 1/331) في قوله تعالى (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران: من الآية28): ”قوله (لا يَتَّخِذِ): فيه النهي للمؤمنين عن موالاة الكفار لسبب من الأسباب، ومثله قوله تعالى (لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ…الآية ((آل عمران: من الآية118)، وقوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: من الآية51)، وقوله (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ... الآية (المجادلة: من الآية22)، وقوله (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء) (المائدة: من الآية51)، وقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) (الممتحنة: من الآية1).

وقوله (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) في محل الحال أي متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين استقلالاً أو اشتراكاً، والإشارة بقوله (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ) إلى الاتحاد المدلول عليه بقوله (لا يَتَّخِذِ). ومعنى قوله (فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) أي: من ولايته في شيء من الأشياء، بل هو منسلخ عنه بكل حال“.




أقوال المتأخرين من أهل العلم

سابعاً: من أقوال المتأخرين من أهل العلم


”كلام الشيخ جمال الدين القاسمي“
قال الشيخ جمال الدين القاسمي (ت 1332) في (تفسيره 6/240) على قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): ”( فَإِنَّهُ مِنْهُمْ): أي من جملتهم، وحكمه حكمهم، وإن زعم أنه مخالف لهم في الدين“.



”فتوى الشيخ رشيد رضا“
وقال الشيخ محمد رشيد رضا في (المنار) 33/226 – 227 ضمن فتوى طويلة بتحريم التجنس بالجنسية الفرنسية ونحوها في وقته أثناء الاحتلال الفرنسي لتونس فقال بعد أن قرّر أن هذا التجنس ردة عن الإسلام: ”بل هو بهذا التجنس راضٍ ببذل ماله ونفسه في قتال المسلمين إذا دعته دولته إلى ذلك، وهي تدعوه عند الحاجة قطعاً. ففي المسألة أحكام كثيرة مجمع عليها، معلومة من دين الإسلام بالضرورة، يستحل المتجنس مخالفتها، واستحلالها كفر بالإجماع“.



”فتوى الشيخ عبد المجيد سليم ولجنة فتوى الأزهر“
وسئلت لجنة الفتوى في الأزهر عن مساعدة اليهود وإعانتهم في تحقيق مآربهم في فلسطين، فأجابت اللجنة برئاسة الشيخ عبد المجيد سليم في 14 شعبان 1366 إجابة طويلة، ومما قال: ”فالرجل الذي يحسب نفسه من جماعة المسلمين إذا أعان أعداءهم في شيء من هذه الآثام المنكرة وساعد عليها مباشرة أو بواسطة لا يعد من أهل الإيمان، ولا ينتظم في سلكهم، بل هو بصنيعه حرب عليهم، منخلع من دينهم، وهو بفعله الآثم اشد عداوة من المتظاهرين بالعداوة للإسلام والمسلمين“.

إلى أن قال: ”ولا يشك مسلم أيضاً أن من يفعل شيئاً من ذلك فليس من الله ولا رسوله ولا المسلمين في شيء، والإسلام والمسلمون براء منه، وهو بفعله قد دل على أن قلبه لم يمسه شيء من الإيمان ولا محبة الأوطان، والذي يستبيح شيئاً من هذا بعد أن استبان له حكم الله فيه يكون مرتداً عن دين الإسلام، فيفرق بينه وبين زوجه، ويحرم عليها الاتصال به، ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وعلى المسلمين أن يقاطعوه، فلا يسلموا عليه، ولا يعودوه إذا مرض، ولا يشيعوا جنازته إذا مات حتى يفيء إلى أمر الله، ويتوب توبة يظهر أثرها في نفسه وأحواله وأقواله وأفعاله“. (فتاوى خطيرة في وجوب الجهاد الديني المقدس ص 17 –25).



”فتوى الشيخ أحمد شاكر“
وقال الشيخ أحمد شاكر في فتوى له طويلة (كلمة حق) ص 126- 137 تحت عنوان (بيان إلى الأمة المصرية خاصة وإلى الأمة العربية والإسلامية عامة) في بيان حكم التعاون مع الإنجليز والفرنسيين – أثناء عدوانهم على المسلمين: ”أما التعاون مع الإنجليز، بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء، كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا لله، لا للسياسة ولا للناس.

وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة، حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية، من أي طبقات الناس كان، وفي أي بقعة من الأرض يكون.

وأظن أن كل قارئ لا يشك الآن، في أنه من البديهي الذي لا يحتاج إلى بيان أو دليل: أن شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن الإنجليز، بالنسبة لكل مسلم على وجه الأرض، فإن عداء الفرنسيين للمسلمين، وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو الإسلام، وعلى حرب الإسلام، أضعاف عصبية الإنجليز وعدائهم، بل هم حمقى في العصبية والعداء، وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم أو نفوذ، ويرتكبون من الجرائم والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ووحشيتهم وتتضاءل, فهم والإنجليز في الحكم سواء، دماؤهم وأموالهم حلال في كل مكان، ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون، وإن التعاون معهم حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه“.

إلى أن قال:

”ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض:

أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين، من الإنجليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم، بأي نوع من أنواع التعاون، أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع، فضلاً عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين، إنه إن فعل شيئاً من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة، أو تطهر بوضوء أو غسل أو تيمم فطهوره باطل، أو صام فرضاً أو نفلاً فصومه باطل، أو حج فحجه باطل، أو أدى زكاة مفروضة، أو أخرج صدقة تطوعاً فزكاته باطلة مردودة عليه، أو تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه، ليس له في شيء من ذلك أجر بل عليه فيه الإثم والوزر.

ألا فليعلم كل مسلم:

أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء حبط عمله، من كل عبادة تعبد بها لربه قبل أن يرتكس في حمأة هذه الردة التي رضي لنفسه، ومعاذ الله أن يرضى بها مسلم حقيق بهذا الوصف العظيم يؤمن بالله وبرسوله. ذلك بأن الإيمان شرط في صحة كل عبادة، وفي قبولها، كما هو بديهي معلوم من الدين بالضرورة، لا يخالف فيه أحد من المسلمين.

وذلك بأن الله سبحانه يقول: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة: من الآية 5).

وذلك بأن الله سبحانه يقول: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: من الآية 217).

وذلك بأن الله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ، وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِين).

وذلك بأن الله سبحانه يقول (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُم، فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ، أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ، وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد:25 - 35).

إلا فليعلم كل مسلم وكل مسلمة:

أن هؤلاء الذين يخرجون على دينهم ويناصرون أعداءهم، من تزوج منهم فزواجه باطل بطلاناً أصلياً، لا يلحقه تصحيح، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح، من ثبوت نسب وميراث وغير ذلك، وأن من كان منهم متزوجاً بطل زواجه كذلك وأن من تاب منهم ورجع إلى ربه وإلى دينه، وحارب عدوه ونصر أمته، لم تكن المرأة التي تزوجها حال الردة ولم تكن المرأة التي ارتدت وهي في عقد نكاحه زوجاً له، ولا هي في عصمته، وأنه يجب عليه بعد التوبة أن يستأنف زواجه بها فيعقد عليها عقداً صحيحاً شرعياً، كما هو بديهي واضح.

ألا فليحتط النساء المسلمات، في أي بقعة من بقاع الأرض، ليتوثقن قبل الزواج من أن الذين يتقدمون لنكاحهن ليسوا من هذه الفئة المنبوذة الخارجة عن الدين، حيطةً لأنفسهن ولأعراضهن، أن يعاشرن رجالاً يظنونهن أزواجاً وليسوا بأزواج، بأن زواجهم باطل في دين الله، ألا فليعلم النساء المسلمات، اللائي ابتلاهن الله بأزواج ارتكسوا في حمأة هذه الردة، أنه قد بطل نكاحهن، وصرن محرمات على هؤلاء الرجال ليسوا لهن بأزواج، حتى يتوبوا توبة صحيحة عملية ثم يتزوجوهن زواجاً جديداً صحيحاً.

ألا فليعلم النساء المسلمات:

أن من رضيت منهن بالزواج من رجل هذه حالة وهي تعلم حاله، أو رضيت بالبقاء مع زوج تعرف فيه هذه الردة فإن حكمها وحكمه في الردة سواء. ومعاذ الله أن ترضى النساء المسلمات لأنفسهن ولأعراضهن ولأنساب أولادهن ولدينهن شيئاً من هذا.

ألا إن الأمر جد ليس بالهزل، وما يغني فيه قانون يصدر بعقوبة المتعاونين مع الأعداء، فما أكثر الحيل للخروج من نصوص القوانين، وما أكثر الطرق لتبرئة المجرمين، بالشبهة المصطنعة، وباللحن في الحجة. ولكن الأمة مسؤولة عن إقامة دينها، والعمل على نصرته في كل وقت وحين، والأفراد مسؤولون بين يدي الله يوم القيامة عما تجترحه أيديهم، وعما تنطوي عليه قلوبهم.

فلينظر كل امرئ لنفسه، وليكن سياجاً لدينه من عبث العابثين وخيانة الخائنين، وكل مسلم إنما هو على ثغر من ثغور الإسلام، فليحذر أن يؤتى الإسلام من قبله، وإنما النصر من عند الله، ولينصرن الله من ينصره“.



”فتوى المشايخ: محمد أبو زهرة، وعبد العزيز عامر، ومصطفى زيد، ومحمد البنا“
وسئل بعض علماء مصر عام 1376 عن حكم من يعين دولة أجنبية ضد دولة مسلمة، فأفتى المسئولون بأنه مرتد.

وممن أجاب من المشايخ: محمد أبو زهرة، وعبد العزيز عامر، ومصطفى زيد، ومحمد البنا. (مجلة لواء الإسلام) العدد العاشر – السنة العاشرة – جمادى الآخر 1376 – ص 619.



”فتوى الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي“
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت 1393) رحمه الله في (أضواء البيان) 2/111 – بعد أن ذكر مجموعة من الآيات التي تنهى عن تولي الكفار: ”ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً رغبة فيهم أنه كافر مثلهم“.



”كلام الشيخ ابن حميد“
وقال الشيخ عبد الله بن حميد (ت 1402) (الدرر 15/479): ”فيجب ويتعين على كل مسلم ناصح لنفسه أن يعرف ما قرره العلماء رحمهم الله، من الفرق بين التولي والموالاة:

قالوا رحمهم الله: الموالاة مثل لين الكلام، وإظهار شيء من البشاشة، أو لياثة الدواة، وما أشبه ذلك من الأمور اليسيرة، مع إظهار البراءة منهم ومن دينهم، وعلمهم بذلك منه، فهذا مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وهو على خطر.

وأما التولي: فهو إكرامهم، والثناء عليهم، والنصرة لهم والمعاونة على المسلمين، والمعاشرة، وعدم البراءة منهم ظاهراً، فهذا ردة من فاعله، يجب أن تجرى عليه أحكام المرتدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم“.



”فتوى الشيخ ابن باز“
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (مجموع فتاوى ابن باز) 1/274 - في حكم من أعان الاشتراكيين أو الشيوعيين ونحوهم: ”وكل من ساعدهم على ضلالهم وحسّن ما يدعون إليه، وذمّ دعاة الإسلام ولمزهم فهو كافر، ضال، حكمه حكم الطائفة التي سار في ركابها وأيدها في طلبها. وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين، وساعدهم بأي نوعٍ من المساعدة، فهو كافر مثلهم، كما قال سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)، وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (التوبة:23)“.




أقوال أهل العلم المعاصرين لهذه الفتنة العظيمة

ثامناً: من أقوال أهل العلم المعاصرين لهذه الفتنة العظيمة


أفتى مجموعة من أهل العلم المعاصرين لهذه الفتنة العظيمة بأن مظاهرة ومناصرة أمريكا في عدوانها كفر وردة عن دين الإسلام، ومن هذه الفتاوى:



”فتوى الشيخ حمود الشعيبي“
فتوى الشيخ حمود بن عبد الله الشعيبي بتاريخ 21/7/1422، ومما قاله فيها: ”أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يعتد بقوله من علماء الأمة قديماً وحديثاً، قال الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51). وقد سئل العلامة عبد الله بن عبد اللطيف رحمه الله عن الفرق بين المولاة والتولي، فأجاب: بأن التولي: كفر يخرج من الملة وهو كالذب عنهم ومعاونتهم بالمال والبدن والرأي. وقال الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله في بيان حكم مقاومة الكفار ومحاربتهم: يجب على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يحاربهم وأن يقاتلهم حيثما وجدوا مدنيين كانوا أو عسكريين.. إلى قوله: وأما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون قل أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأويل ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء ولا سياسة خرقاء ولا مجاملة هي النفاق سواء كان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء كلهم في الردة سواء إلا من جهل.. إلى أن قال رحمه الله: ألا فليعلم كل مسلم ومسلمة أن هؤلاء الذين يخرجون على دينهم ويناصرون أعداءهم مَن يتزوج منهم فزواجه باطل بطلانا أصليا لا يلحقه تصحيح ولا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح من ثبوت نسب وميراث وغير ذلك وأن من كان منهم ومتزوجا بطل زواجه. اهـ

وبناء على هذا فإن من ظاهر دول الكفر على المسلمين وأعانهم عليهم كأمريكا وزميلاتها في الكفر يكون كافراً مرتداً عن الإسلام بأي شكل كانت مظاهرتهم وإعانتهم، لأن هذه الحملة المسعورة التي ما فتئ يدعو إليها المجرم بوش وزميله في الكفر والإجرام رئيس وزراء بريطانيا بلير والتي يزعمان فيها أنهما يحاربان الإرهاب هي حملة صليبية كسابقاتها من الحملات الصليبية ضد الإسلام والمسلمين فيما مضى من التاريخ، وقد صرح المجرم بوش بملء فيه بذلك، حيث قال سنشنها حربا صليبية، وسواء أكان ثملا عندما قال ذلك أو كان واعيا فإن هذا هو ما يعتقده هو وأمثاله من أساطين الكفر“.



”فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك“
فتوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك بتاريخ 20/7/1422، ومما قاله فيها: ”فإنه مما لا شك فيه أن إعلان أمريكا الحرب على حكومة طالبان في أفغانستان ظلم وعدوان وحرب صليبية على الإسلام كما ذُكر ذلك عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تخلي الدول في العالم الإسلامي عن نصرتهم في هذا الموقف الحرج مصيبة عظيمة، فكيف بمناصرة الكفار عليهم، فإن ذلك من تولي الكافرين; قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)، وقد عدّ العلماء مظاهرة الكفار على المسلمين من نواقض الإسلام لهذه الآية“.



”فتوى الشيخ علي الخضير“
فتوى الشيخ علي بن خضير الخضير بتاريخ 3/7/1422، ومما قال فيها: ”أما مسألة مظاهرة الكفار فأعظم من بحثها هم أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله واعتبروا ذلك من الكفر والنفاق والردة والخروج عن الملة، وهذا هو الحق، ويدل عليه: الكتاب، والسنة، والإجماع – ثم ذكر الأدلة –“.



”فتوى الشيخ سليمان العلوان“
فتوى الشيخ سليمان بن ناصر العلوان بتاريخ 3/7/1422، ومما قال فيها: ”يجب الوقوف مع المسلمين وإعانتهم بالمال والبدن والرأي. ولا يجوز التخلف عن مناصرة المسلمين في مثل هذه الظروف فقد تواصت دول الكفر على حرب الإسلام وأهله ولا عجب في هذا ولكن الغريب أن يتحالف بعض المنسوبين إلى الإسلام مع دول الكفر على ضرب أفغانستان وهذا ضرب من النفاق قال تعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (النساء:139). وقال تعالى (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:80، 81).

وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على أن مظاهرة الكفار على المسلمبن ومعاونتهم بالنفس والمال والذب عنهم بالسنان والبيان كفر وردة عن الإسلام قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

وأي تولٍ أعظم من مناصرة أعداء الله ومعاونتهم وتهيئة الوسائل والإمكانيات لضرب الديار الإسلامية وقتل القادة المخلصين. قال الحافظ ابن جرير رحمه الله تعالى (ومن تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم فإنه لا يتولى متول أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمُه حكمَه“.



”فتوى الشيخ عبد الله السعد“
فتوى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد بتاريخ 24/7/1422، ومما قاله فيها: ”وليعلم كل مسلم أن التعاون مع أعداء الله ضد أولياء الله بأي نوع من أنواع التعاون والدعم والمظاهرة يعد ناقضاً من نواقض الإسلام، دلّ على ذلك كتاب ربنا وسنة صلى الله عليه وسلم، ونص عليه أهل العلم رحمهم الله، فليحذر العبد أن يسلب دينه وهو لا يشعر، وفي صحيح مسلم (118) من حديث أبي العلا عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا)، وقال الله تعالى (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة24“.



”فتوى الشيخ عبد الله الغنيمان“
فتوى الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان بتاريخ 29/7/1422، ومما قاله فيها: ”وأما الوقوف مع دول الكفر على المسلمين ومعاونتهم عليهم فإنه يجعل فاعل ذلك منهم، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة:51) والآيات في هذا كثيرة“.



”فتوى الشيخ سفر الحوالي“
فتوى الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي بتاريخ 28/7/1422، ومما قال فيها: ”إن نصرة الكفار على المسلمين - بأي نوع من أنواع النصرة أو المعاونة ولو كانت بالكلام المجرد - هي كفر بواح، ونفاق صراح، وفاعلها مرتكب لناقض من نواقض الإسلام – كما نص عليه أئمة الدعوة وغيرهم – غير مؤمن بعقيدة الولاء والبراء“.



”فتوى الشيخ بشر البشر“
فتوى الشيخ بشر بن فهد البشر بتاريخ 1/8/1422، ومما قال فيها: ”حذر الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه الكريم من موالاة الكفار والركون إليهم وأبدى في ذلك وأعاد، وبين تعالى أن الكفرة بعضهم أولياء بعض، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وأن من صفات المنافقين وعلاماتهم الظاهرة موالاتهم للكفرة دون المؤمنين، والموالاة تعني المحبة والمودة والميل، كما تعني النصرة والعون والتأييد – ثم ذكر أدلة كثيرة ومجموعة من كلام أهل العلم – ثم قال: ومما سبق يتبين أن التعاون مع أمريكا في العدوان على أفغانستان سواء كان بالرجال أو المال أو السلاح أو الرأي هو من قبيل مظاهرة الكفار على المسلمين، وهو كفر وردة عن الإسلام، وهذا الحكم يشمل الأفراد والجماعات وغيرهم“.



”فتوى الشيخ نظام الدين شامزي“
فتوى الشيخ نظام الدين شامزي (مفتي باكستان) بتاريخ 8 أكتوبر 2001م، ومما قال فيها: ”لا يجوز لمسلم في أي بلد كان سواء كان موظفاً حكوميا أو غير ذلك أن يقدم أي مساعدة كانت ومن أي نوع كان للعدوان الأمريكي على أفغانستان خاصة وأن الهجوم يشكل حملة صليبية على أفغانستان المسلمة، وأي مسلم يقدم المساعدة في هذا العدوان يعتبر مرتدًا عن الدين“.



”فتوى علماء المغرب“
وقد أفتى ستة عشر من علماء المغرب بأن الدخول في التحالف الأمريكي لضرب أفغانستان أو غيرها من أراضي الإسلام كفر وردة عن دين الإسلام.




المبحث الثامن - الأدلة من أقوال أئمة الدعوة النجدية

وهم أكثر من تكلم في هذه المسائل من العلماء، وقد صنفوا في ذلك مصنفات كثيرة، ولهم فتاوى ورسائل متعددة في هذا الأمر، منها:

كثير من رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

(الدلائل) للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ.

(أوثق عرى الإيمان) للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ.

(سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك) للشيخ حمد بن عتيق.

كثير من مصنفات وقصائد الشيخ سليمان بن سحمان.

ولأهمية كلامهم وكثرته فقد جعلته قسماً مستقلاً، وساذكر فيما يلي نبذاً من كلامهم في هذه المسألة:



”كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب“
1- قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (ت 1206) في نواقض الإسلام (الدرر 10/92): ”الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)“.

2- وقال أيضاً (8/113): ”إن الإنسان لا يستقيم له دين ولا إسلام، ولو وحّد الله وترك الشرك، إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ …الآية (المجادلة: من الآية22)“.

3- وقال أيضاً (الدرر 10/8): ”واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح: إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين – ولو لم يشرك – أكثر من أن تحصر، من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام أهل العلم كلهم“.

4- وقال أيضاً (الدرر 10/38): ”أن الرضا بالكفر كفر، صرّح به العلماء، وموالاة الكفار كفر“.



”كلام الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود“
5- وقال الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله (ت 1226) (الدرر 9/277) في رسالة له بعد كلام: ”والذي يدعي أنه لم يفعل من ذلك شيئاً – يعني الشرك والآثام – فهو كما قدمنا: لم ينكر، ولم يفارق أهله، بل هو قائم بنصرتهم بماله ولسانه، فهو وإن لم يفعل ذلك، فهو وهم سواء، كما قال تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) (النساء: من الآية140)، وقال تعالى (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة: من الآية 22)، وقال تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود:113)“.



”كلام الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ“
6- وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (ت 1233) في أول كتاب (الدلائل) (الدرر 8/121): ”اعلم رحمك الله أن الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفاً منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرهم فإنه كافر مثلهم، وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منعه واستدعى بهم ودخل في طاعتهم، وأظهر الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال، ووالهم وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها، بعد ما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله، فإن هذا لا يشك مسلم أنه كافر من أشد الناس عداوة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكره، وهو الذي يستولى عليه المشركون فيقولون له اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان، وقد أجمع العلماء على أن من تكلم بالكفر هازلا أنه يكفر فكيف بمن أظهر الكفر خوفًا وطمعاً في الدنيا، وأنا أذكر بعض الأدلة على ذلك بعون الله وتأييده - ثم ذكر واحداً وعشرين دليلاً –“.

7- وقال أيضاً (الدرر 8/127): ”فنهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، وأخبر أن من تولاهم من المؤمنين فهو منهم، وهكذا حكم من تولى الكفار من المجوس وعباد الأوثان، فهو منهم“.

وقال أيضاً (الدرر 8/141): ”قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (الممتحنة:1) أي أخطأ الصراط المستقيم، فأخبر تعالى أن من تولى أعداء الله – وإن كانوا أقرباء وأصدقاء – فقد ضل سواء السبيل، أي: أخطأ الصراط المستقيم، وخرج عنه إلى الضلال، فأين هذا ممن يدعي أنه على الصراط المستقيم لم يخرج عنه، فإن هذا تكذيب لله، ومن كذب الله فهو كافر، واستحلال لما حرم الله من ولاية الكفار، ومن استحل محرماً فهو كافر“.



”كلام الشيخ محمد بن أحمد الحفظي“
8- وقال الشيخ محمد بن أحمد الحفظي رحمه الله (الدرر 8/257) في تعداد (أمور عظام هي أكبر الذنوب وأعظم الآثام) ذكر منها: ”ومنهم: من رضي بذلك وعزم عليه، ومن أعان بنفسه أو ماله أو لسانه، وقد ورد الوعيد الشديد فيمن أعان – ولو بشطر كلمة في قتل مسلم – فكيف الإعانة على حرب الإسلام والمسلمين ؟ ”إلى أن قال: ”وهذه الأمور كلها جرت بغير إكراه ولا تعيين، وكل واحدة منها تخدش في وجه إيمان فاعلها، وتفت في عضد إسلام عاملها، وهي من المعاند ردة عن الإسلام، وإما نفاق في الدين“.



”كلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ“
9- وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ت 1285) (المورد العذب الزلال – ضمن القول الفصل النفيس – ص 237- 238):

”فمن أعظمها (يعني نواقض التوحيد) أمور ثلاثة ثم قال: ”الأمر الثالث: موالاة المشرك والركون إليه ونصرته وإعانته باليد أو اللسان أو المال، كما قال تعالى (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ) (القصص: من الآية86)، وقال (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة:9)، وهذا خطاب الله تعالى للمؤمنين من هذه الأمة، فانظر أيها السامع أين تقع من هذا الخطاب وحكم هذه الآيات“.

10 - وقال أيضاً (الدرر 8/173): ”وقال تعالى فيمن سلك غير سبيلهم – يعني أهل التوحيد – بارتكاب ما نهى الله عنه (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) (المائدة: 80)، فسجل تعالى على من تولى الكافرين بالمذمة وحلول السخط عليهم، والخلود في العذاب، وأكد ذلك بنوعي التوكيد، ثم ذكر أن هذا الذي وصفهم به ينافي الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ولها نظائر، كقوله (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنـينَ) الآيات (النساء:138-140)“.

11- وقال أيضاً (الدرر 8/188): ”ومثل هذه الاية التي تقدم ذكرها – يعني قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ … الآية (– قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً …الآية ((المائدة: 57)، وقال تعالى في الآيات قبلها (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ…الآية (المائدة: من الآية51)، وهذه الآية وأمثالها تعرف بعظم هذا الذنب، ووصف الفاعل بالظلم، فسماهم الظالمين، وفي هذه السورة وغيرها قبلها وبعدها في السور ما يدل على أن هذا ردة عن الإسلام، يظهر هذا لمن تدبر“.

12- وقال أيضاً (الدرر 8/190): ”وقد فرض الله تعالى البراءة من الشرك والمشركين، والكفر بهم وعداوتهم، وبغضهم وجهادهم، (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) (البقرة: من الآية59)، فوالوهم وأعانوهم، وظاهروهم واستنصروا بهم على المؤمنين، وأبغضوهم وسبوهم من أجل ذلك، وكل هذه الأمور: تناقض الإسلام، كما دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره العلماء رحمهم الله في كتب التفسير والفقه وغيرها، وعند هؤلاء وأمثالهم أنهم على الدين الذي كانوا عليه لم يفارقوه، وهذا ليس بعجب ! فقد بين القرآن العزيز أن هذه الحال هي طريقة أمثالهم كما في قوله تعالى (فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأعراف:30)“.



”كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ“
13- وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ت 1293) (الدرر 8/324 – 326): ”وما جاء في القرآن من النهي والتغليظ الشديد في موالاتهم وتوليهم، دليل على أن أصل الأصول: لا استقامة له ولا ثبات له إلا بمقاطعة أعداء الله وحربهم وجهادهم والبراءة منهم، والتقرب إلى الله بمقتهم وعيبهم، وقد قال تعالى لما عقد الموالاة بين المؤمنين وأخبر أن الكافرين بعضهم أولياء بعض قال (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) (الأنفال: من الآية73)، وهل الفتنة إلا الشرك، والفساد الكبير هو انتثار عقد التوحيد والإسلام وقطع ما أحكمه القرآن من الأحكام والنظام ؟. – ثم ذكر بعض الآيات التي تنهى عن اتخاذ الكافرين أولياء – ثم قال: فليتأمل من نصح نفسه هذه الآيات الكريمات، وليبحث عما قاله المفسرون وأهل العلم في تأويلها، وينظر ما وقع من أكثر الناس اليوم، فإنه يتبين _ إن وفق وسدد – أنها تتناول من ترك جهادهم، وسكت عن عيبهم، وألقى إليهم السلم، فكيف بمن أعانهم ؟، أو جرهم على بلاد أهل الإسلام ؟، أو أثنى عليهم ؟ أو فضلهم بالعدل على أهل الإسلام ؟ واختار ديارهم ومساكنتهم وولايتهم ؟ وأحب ظهورهم ؟ فإن هذا ردة صريحة بالاتفاق، قال تعالى (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة: من الآية5)“.

14- وقال أيضاً (الدرر 8/360): ”وتعزيرهم وتوقيرهم – يعني الكفار – تحته أنواع أيضاً: أعظمها رفع شأنهم، ونصرتهم على أهل الإسلام ومبانيه، وتصويب ما هم عليه، فهذا وجنسه من المكفرات. ودونه مراتب من التوقير بالأمور الجزئية، كلياقة الدواة ونحوه“.

15- وقال أيضاً (الدرر 8/288): ”فعليكم بالجد والاجتهاد فيما يحفظ الله به عليكم الإيمان والتوحيد، وينجيكم من الركون إلى أهل الكفر والإشراك والتنديد – ثم ذكر عدداً من الآيات التي تنهى عن تولي الكفار – ثم قال: وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:57)، فتأمل قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فإن هذا الحرف – وهو (إن) الشرطية – تقتضي نفي شرطها إذا انتفى جوابها، ومعناه: أن من اتخذهم أولياء فليس بمؤمن“.

16- وقال أيضاً (الدرر 9/24): ”وأفضل القرب إلى الله: مقت أعدائه المشركين، وبغضهم وعداوتهم وجهادهم، وبهذا ينجو العبد من توليهم من دون المؤمنين، وإن لم يفعل ذلك فله من ولايتهم بحسب ما أخل به وتركه من ذلك. فالحذر الحذر مما يهدم الإسلام ويقلع أساسه، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:57) وانتفاء الشرط يدل على انتفاء الإيمان بحصول الموالاة، ونظائر هذا في القرآن كثير“.

17 - وقال أيضاً (8/396): ”والمرء قد يكره الشرك، ويحب التوحيد، لكن يأتيه الخلل من جهة عدم البراءة من أهل الشرك، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم، فيكون متبعاً لهواه، داخلاً من الشرك في شعبٍ تهدم دينه وما بناه، تاركاً من التوحيد أصولاً وشعباً، لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه، فلا يحب ويبغض لله، ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسوّاه، وكل هذا يؤخذ من شهادة: أن لا إله إلا الله“.



”كلام الشيخ حمد بن عتيق“
18 - وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله (ت 1301) (الدرر 9/263): ”قد دل القرآن والسنة على أن المسلم إذا حصلت منه موالاة أهل الشرك والانقياد لهم، ارتد بذلك عن دينه، تأمل قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) (محمد:25)،مع قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: من الآية51)، وأمعن النظر في قوله تعالى (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُم) (النساء: من الآية140) وأدلته كثيرة“.

19 - وقال أيضاً في (الدفاع عن أهل السنة والاتباع) ص 31: ”إن مظاهرة المشركين، ودلالتهم على عورات المسلمين، أو الذب عنهم بلسان، أو رضي بما هم عليه، كل هذه مكفرات، فمن صدرت منه – من غير الإكراه المذكور – فهو مرتد، وإن كان مع ذلك يبغض الكفار ويحب المسلمين“.

20- وقال أيضاً في (سبيل النجاة والفكاك) ص 89: ”اعلم أن إظهار الموافقة للمشركين له ثلاث حالات:

ثم قال: الوجه الثاني: أن يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن وهو ليس في سلطانهم وإنما حمله على ذلك إما طمعاً في رئاسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال أو خوف مما يحدث في المآل، فإنه في هذه الحال يكون مرتداً ولا تنفعه كراهته لهم في الباطن“.



”كلام الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ“
21 - وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله (ت 1339) كما في (الدرر السنية) (8/422): عن الفرق بين موالاة الكفار وتوليهم ؟ فأجاب: ”التولي: كفر يخرج من الملة، وهو كالذب عنهم، وإعانتهم بالمال والبدن والرأي، والموالاة: كبيرة من كبائر الذنوب كبلّ الدواة، أو بري القلم، أو التبشبش لهم لو رفع السوط لهم“.

22- وقال أيضاً عن إعانة المشركين على المسلمين (10/429): ”ومن جرهم وأعانهم على المسلمين بأي إعانة فهي ردة صريحة“.

23- وله رسالة طويلة إلى أهل الجزيرة وعمان في التحذير من موالاة النصارى والأمر بجهادهم (8/11 –22)، ومما قاله: ”والمقصود بهذا: ما قد شاع وذاع، من إعراض المنتسبين إلى الإسلام، وأنهم من أمة الإجابة، عن دينهم وما خلقوا له، وقامت عليه الأدلة القرآنية، والأحاديث النبوية، من لزوم الإسلام ومعرفته، والبراءة من ضده، والقيام بحقوقه، حتى آل الأمر بأكثر الخلق إلى عدم النفرة من أهل ملل الكفر، وعدم جهادهم، وانتقل الحال حتى دخلوا في طاعتهم، واطمأنوا إليهم، وطلبوا صلاح دنياهم بذهاب دينهم، وتركوا أوامر القرآن ونواهيه، وهم يدرسونه آناء الليل والنهار، وهذا لا شك أنه من أعظم أنواع الردة، والانحياز إلى ملة غير ملة الإسلام، ودخول في ملة النصرانية – عياذاً بالله من ذلك كأنكم في أزمان الفترات، أو أناس نشئوا في محلة لم يبلغهم شيء من نور الرسالة، أنسيتم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)، وقوله تعالى (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (المائدة:80، 81). وقوله تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)، والدخول في طاعتهم اتباع لملتهم وانحياز عن ملة الإسلام، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (المائدة:57 - 58)، وقال تعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً، وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (النساء:138 - 140)، وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران:118). والآيات القرآنية في تحريم موالاة الكفار والدخول في طاعتهم أكثر من أن تحصر“.

إلى أن قال (8/15): ”وهذه الطائفة الملعونة: الطائفة النصرانية التي حلت بفنائكم، وزحمتكم عند دينكم، وطلبت منكم الدخول في طاعتها هم الذين نوه الله بذكرهم في القرآن، فقال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ) (المائدة: من الآية73)، وقال (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) (المائدة: من الآية72)، - وذكر آيات أخرى - ثم قال: فهل بعد هذا غلظة وزجر وإنذار ؟ وهل يشك بعد هذا ممن له فطرة وسمع وبصر ؟ اللهم إلا من ركن إلى الدنيا وطلب إصلاحها ونسي الآخرة فهذا لا عبرة به، لأنه أعمى القلب مطموس البصر“.

إلى أن قال (8/22): ”وكل من استطاع لهم [كذا ولعله: استكان لهم]، ودخل في طاعتهم، وأظهر موالاتهم، فقد حارب الله ورسوله، وارتد عن دين الإسلام، ووجب جهاده ومعاداته، ولا تنتصروا إلا بربكم، واتركوا الانتصار بأهل الكفر جملة وتفصيلاً“.



”كلام المشايخ: عبد الله وإبراهيم ابني عبد اللطيف آل الشيخ، وسليمان بن سحمان“
24 - وقال المشايخ: عبد الله بن عبد اللطيف وإبراهيم بن عبد اللطيف وسليمان بن سحمان رحمهم الله (الدرر 10/435-436): ”وأما قوله: وتجوز حماية الكفار، أو نائبهم، وأخذ علم منهم، لسلامة المال والسفينة، وأن هذا بمنزلة الخفير الذي هو الرفيق.

فالجواب: أن يقال: هذا قياس باطل، فإن أخذ الخفير لسلامة المال جائز إذا ألجأ الحال إليه، والخفير مسلم ظالم أو فاجر فاسق، وأما الدخول تحت حماية الكفار فهي ردة عن الإسلام، وأخذ العلم منهم لا يجوز إذا كانوا لم يدخلوا تحت حمايتهم وولايتهم، وليس بمنزلة أخذ الخفير لحماية المال، فإن هذا علم، وعلامة على أنهم منقادون لأمرهم، داخلون في حمايتهم، وذلك موافقة لهم في الظاهر“.



”كلام الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ“
25- وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله (ت 1369) (الدرر 8/456، 457): ”وقال صلى الله عليه وسلم (من جامع المشرك أو سكن معه فإنه مثله) فلا يقال: إنه بمجرد المجامعة والمساكنة يكون كافراً، بل المراد أن من عجز عن الخروج من بين ظهراني المشركين وأخرجوه معهم كرهاً فحكمه حكمهم في القتل وأخذ المال، لا في الكفر، وأما إن خرج معهم لقتال المسلمين طوعاً واختياراً، أو أعانهم ببدنه وماله، فلا شك أن حكمه حكمهم في الكفر“.



”كلام الشيخ سليمان بن سحمان“
26- وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله (ت 1349) (الدرر 8/494): ”وأما الولاة المذكورون فإنهم قد حصل منهم موالاة وتول للكفار وموافقة، ومظاهرة على المسلمين، فلا شك في ردتهم“.

27- وقال أيضاً في (ديوانه) ص 131:

ومن يتول الكافرين iiفمثلهم ولا شك في تكفيره عند من عقل


28 - وقال بعض أئمة الدعوة (9/292): ”الأمر الثالث مما يوجب الجهاد لمن اتصف به: مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين، بيدٍ، أو بلسانٍ، أو بقلبٍ، أو بمالٍ، فهذا كفر مخرج عن الإسلام، فمن أعان المشركين على المسلمين، وأمد المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختياراً منه فقد كفر“.
منقول
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-31-2007, 02:10 PM
 
رد: حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟


بارك الله بكم أخي في الله وشكراً على الموضوع و الفتاوي القيّمة لشيوخنا الكرام حفظهم الله في موالاة الكفّار و المحتلين.
من أخوكم في الله فارس السنّة.
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-31-2007, 02:18 PM
 
رد: حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟

جزاك له خيرا على جهدك الطيب
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-01-2007, 12:59 AM
 
رد: حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟

شكرا لك ياسائد
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-10-2009, 01:56 AM
 
رد: حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟

أشهدكم الله يا إخوتي في الله
والله سنُحاسب وسنُسأل عن هؤلاء الُشهداء بإذن الله
( نحسبهم كذلك والله حسيبهم )
ومالذي فعلناه لنُصرتهم
لا تغتروا ولا تأمنوا للدُنيا وما أنتم فيه اللأن
فلا نعلم مالذي يُخبأه القدر لنا من خير أو شر
قد يكونون همُ اليوم
ونحنُ غدا!!!!!
إدعوا لإخوانكم في الله بالثبات في مواجهة أعداء الله إدعوه سُبحانه وتعالى وأنتم موقنين ومؤمنين بالإجابة وبأن النصر قادم بإذن الله
فهم ونحن في أحوج ما نكون للدُعاء اللأن
وحسبُنا الله ونعم الوكيل

في من منعنا وظلمنا وظلم نفسه
يا رب

يا أرحم الراحمين

يا ناصر المؤمنين

يا مذل الكافرين

يا منتقم يا جبار

يا من لا يخلف وعدك و لا يهزم جندك

يا من نصرت عبادك يوم الأحزاب

يا من أرسلت جنودك

يا من لا نلجأ إلا إليك

و لا ندعو إلا إياك

اللهم نصرك للمسلمين فى غزة

اللهم ثبت أقدامهم و سدد رميهم و أرسل من عندك جنودك

اللهم أخسف بأعداءهم و زلزل الأرض من تحتهم وإجعلهم غنيمة للمسلمين

اللهم أرنا أية فى الخسف بهم و بمن والاهم

اللهم إنا نستجير بك فأجرنا و نستغيث بك لا بغيرك فأغثنا يا رب

يا أرحم الراحمين
اللهم ثبتهم وأنصرهم وسدد رميهم
اللهم عجل بهلكة أعداء دينك
الله عليك بهم فإنهم لا يعجزونك
اللهم إن الكفر قد طال نباته , وأشتد عوده , فهئ له يداً من الحق حاصدة
اللهم أشف قلوبنا وأذهب غيظ قلوبهم ومن علينا بمقاتلتهم


ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين
ربنا أغفرلنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وأنصرنا على القوم الكافرين
اللهم منزل الكتاب مجري السحاب سريع الحساب أهزم اليهود ورد كيدهم خائبين والقي الرعب في قلوبهم وأقر أعيننا بهزيمتهم يا قوي يا عزيز وسدد رمي المجاهدين وأنصرهم وأمددهم بمدد من عندك يا حي يا قيوم اللهم آمين


يا رب

يا رب عبادك المؤمنون التائبون العابدون سيُبادون برا وبحرا وجوا

اللهم إن الناس قد استيأسوا ، فاللهم نصرك الذي وعدت

اللهم نصرك الذي وعدت

اللهم نصرك الذي وعدت


اللهم إنا بلغنا الذل لك وليس لأحد من عبيدك

اللهم آمنا فاغفر لنا وأرحمنا ، وأنصرنا على القوم الكافرين



اللهم أحصهم عددا وأنقص منهم مددا ولاتغادر منهم أحدا
اللهم أحصهم عددا وأنقص منهم مددا ولاتغادر منهم أحدا
اللهم أحصهم عددا وأنقص منهم مددا ولاتغادر منهم أحدا
اللهم أحصهم عددا وأنقص منهم مددا ولاتغادر منهم أحدا


اللهم أنصر إخواننا في غزة اللهم أربط على قلوبهم وثبت أقدامهم وسدد سهامهم..

اللهم أحفظ أعراضهم وأموالهم ودمائهم ياحي ياقيوم..

اللهم وإقذف الرعب بقلوب عدوهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم ..


اللهم انك تعلم ضعفنا وتعلم إن ما بيدنا حيلة لنصر إخواننا في غزة .. اللهم إنهم عبادك .. آمنوا بك ووحدوك .. اللهم إننا نعوذ بك من اليهود المغتصبين يا رب العالمين .. اللهم أجعل حربهم خسارة كبيرة عليهم .. اللهم رد كيدهم في نحورهم .. اللهم ثبت إخواننا في غزة اللهم ثبتهم .. اللهم أمدُدّهم من السماء بجندك يا رب العالمين .. اللهم نصرك الذي وعدت لعبادك المؤمنين .. اللهم نصرك يا رب .. اللهم أقم علم الجهاد يا رب العالمين .. اللهم إجعلنا ممن يساهم بنصرة دينك .. اللهم إجعلنا سببا في نصرة دينك يا رب العالمين ..


اللهمّ برحمتك التي وسعت كلّ شيء وباسمك الأعظم الذي إذا دعيتَ به أجبتَ وإذا سُئلتَ أعطيتَ نسألك يا ربّنا أن ترحمنا وتحفظنا وتردّ عنّا شرّ كلّ ذي شرّ
اللهمّ من أ رادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفّقه لكلّ خير ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السّوء تدور عليه ،

اللهمّ مزّقه شرّ ممزّق ،

اللهمّ دمّره شرّ تدمير ،

اللهمّ اجعله لمن خلفه عبرة وآية .

اللهم إنّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم .

اللهمّ احفظنا بما تحفظ به عبادك الصالحين .

اللهمّ كن معنا ولا تكن علينا

اللهمّ امكر لنا ولا تمكر علينا .



اللهمّ بك نصول وبك نجول وبك نقاتل وفي سبيلك نجاهد .

اللَّهُمَّ عَلَيّكَ بأَمريكا معْقِلِ الكُفْرِ والفَسَادْ
اللَّهُمَّ عَلَيّكَ بأَمريكا مَعْقِلِ الكُفْرِ والفَسَادْ
اللَّهُمَّ عَلَيّكَ بأَمريكا مَعْقِلِ الكُفْرِ والفَسَادْ
اللهمّ عليك بالصليبيين وأعوانهم
اللهمّ عليك بطواغيت العرب والعجم
اللَّهُمَّ أَنْتَ بِهِم عَليم أَفسَدوا في أرْضِك وَقَتَلوا عِبَادَك وَأَهَانوا دِينَك
اللَّهُمَّ أَنْتَ بِهِم عَليم وَعَلَيهِم قَدير
اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِهِم
اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِهِم
اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِهِم
اللَّهُمَّ سَلِطْ عَلَيهِم ريحَ عاد ، وصَيحَةَ ثَمود ،وطُوفَانِ قَومِ نُوح(( عليه السلام))
اللَّهُمَّ سَلِطْ عَلَيهِم ما نَزَلَ مِنَ السَمَاءِ وَمَا خَرَجَ مِنَ الأَرضِ
اللَّهُمَّ فَرِقْ دَولَتَهُم اللَّهُمَّ اجعَلْها دُوَلاً وَأَحْزَاباً مُتَنَاحِرَة

اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّوم اجْعَلْهُم في قَبْضَةَ عِبَادِكَ
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُم في قَبْضَةَ عِبَادِكَ

اللَّهُمَّ عليك بالكافرين أجمعين
اللَّهُمَّ خُذهُم أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرْ
اللَّهُمَّ اجْعَل تَدْبيرَ أَعْدَائَنَا تَدْمِيراً لَهُم ، وَمَكْرَهُم مَكْراً بهِم يا رَبَ العَالَمِين
يَا حَيُّ يَا قَيُّوم ، يَا ذا الجَلالِ وَالإِكْرَام ، يَا سَميعُ الدُعَاء ، يَا قَرِيبٌ يا مُجِيب
إِننَا نَدْعُوُكَ وَنَحْنُ مُوقِنُونَ بِوَعْدِكَ وَبِإِجَابَتِكَ
وَقُلْتَ وَقَولُك َ الحَقْ ادْعُوُني أَستَجِبْ لَكُم
اللَّهُمَّ استَجِبْ لنَا
اللَّهُمَّ يَا مَنْ عَزَّ وَعلا وَذَلَّ كُل َ شَيءٍ لِعَظَمَتِكَ وَخَضَع
اللَّهُمَّ يَا مَنْ خَلَقْتَنَا مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة فمُسْتَقَرٍ وَمُسْتَوْدَعْ
اللَّهُمَّ يَا قَريب في عُلُوِهْ يَا عَلِيٌ في دُنُوِهْ يا ذا الطَولِ وَالقُوة
نَسأَلُكَ عِزاً لِلإِسلامِ وَالمُسْلِمِين
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّوم
نَسأَلُكَ عِزاً لِلإِسلامِ وَالمُسْلِمِين
اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّوم
نَسأَلُكَ عِزاً لِلإِسلامِ وَالمُسْلِمِين

اللهمّ انصر كلّ مجاهد يجاهد في سبيلك وابتغاء مرضاتك تحت كلّ سماء وفوق كلّ أرض


اللَّهُمَّ يَا مَنْ لَهُ العِزَةُ والجَلالِ
يَا مَنْ لَهُ القُدْرَة والكَمَال
يَا مَنْ هوَ الكَبيرُ المُتَعَال
نسألُكَ اللَّهُمَّ عِزاً وَتَمْكينا
وَنَصْراً للمُجَاهِدينَ في سَبيلِكْ
اللَّهُمَّ كُنْ لَهُم وَمَعَهُمْ
اللَّهُمَّ انْصُرْهُم وَقَوِّهِمْ
اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَأيَهُمْ
وَصَوِّبْ سِهَامَهُمْ
واجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ
وأصلح اللَّهُمَّ قُلوبَهُمْ
اللَّهُمَّ عَلَيّكَ بِأَعدَائِهِمْ
اللَّهُمَّ عَلَيّكَ بِأَعدَائِهِمْ
اللَّهُمَّ فَرِّقْ جَمْعَهُم
وَشَتِّتْ شَمْلهم
واكسر شَوْكَتَهُمْ
وَاقْذِف الرُعْبَ في قُلُوبِهِمْ
اللَّهُمَّ إنَّ نَوَاصِينا بِيَدَيكْ
وَأمورَنا تَرجِعُ إِلَيكْ
وَأَحْوَالنا لا تَخْفَى عَليكْ
إِلَيكَ نَرفَعُ بَثَّنا وَحُزنَنَا وَشِكايَتَنا
اللَّهُمَّ نَشْكوا ظُلمَ الظَالِمين
وَقَسْوَةَ الفَاجِرينْ وتَسَلُطَ الخَوَنَةَ المُجْرِمِينْ
اللَّهُمَّ إِلَيك نَشْكوا ظُلْمَ النَصَارى الحَاقِدينْ
اللَّهُمَّ طَالَ لَيّلُ الظَالِمينْ
اللَّهُمَّ طَالَ لَيّلُ الظَالِمينْ
أللَّهُمَّ طَالَ لَيّلُ الظَالِمينْ
وَامْتَدَّ عِدَاءُ المُلحِدين وَأَيّنَعَتْ رُؤوس المُجْرِمِينْ
اللَّهُمَّ فَسَلِط عَليهم يَداً مِنَ الحَقِ حَاصِدَة
تَرفَعُ بِهَا ذلَنَا وَتعِيدَ بِهَا عِزَّنا وَتُسْقِطَ بها عدوّنا
يا أرحم الراحمين
يا أرحم الراحمين
يا أرحم الراحمين
اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين

اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين
اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين

اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين اللَّهُمَّ آمين

اللهمّ هذا حالنا لا يخفى عليك فيا ربّنا أكرمنا وأجب دعاءنا ولا تردّنا خائبين إنّك بالإجابة قدير نعم المولى ونعم النّصير.



اللهمّ أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالإجابة فها نحن ندعوك كما أمرتنا فاستجب لنا يا مولانا كما وعدتنا إنّك أرحم الراحمين
وصلِّ اللهمّ وسلّم على إمام المجاهدين وقائد الغرّ المحجّلين وعلى آله وصحبه أجمعين
__________________
يقول شيخ الإسلام إبن تيميه (رحمه الله)
في طريق الجنّة لامكان للخائفين وللجُبناء
فتخويفُ أهل الباطل هو من عمل الشيطان
ولن يخافُ من الشيطان إلا أتباعه وأوليائه
ولايخاف من المخلوقين إلا من في قلبه مرض
(( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ))
الزمر : 36
ألا أن سلعة الله غالية ..
ألا ان سلعة الله الجنة !!
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور من حياة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين أبو أسامة نور الإسلام - 12 09-30-2019 06:57 PM
مائة وسيلة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم emonella نور الإسلام - 8 04-28-2007 12:48 AM
سنن نحن غافلون عنها...!! همس2009 نور الإسلام - 1 04-11-2007 10:05 AM
مائة وسيلة لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... (عبد الله) نور الإسلام - 2 01-31-2007 11:37 AM
غزوات رسول الله صلى الله عليه و سلم نبيل المجهول نور الإسلام - 3 01-08-2007 10:43 PM


الساعة الآن 08:26 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011