عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيون الأقسام الإسلامية > نور الإسلام -

نور الإسلام - ,, على مذاهب أهل السنة والجماعة خاص بجميع المواضيع الاسلامية

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-10-2007, 02:33 PM
 
حكم الإسلام في القومية و الوطنية (هام للجميع)

حكم الإسلام في القومية و الوطنية (هام للجميع)
حكم الإسلام في القومية و الوطنية (هامللجميع)
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والاسلامعلى سيد المرسلين محمد بن عبد الله ومن تبعه ومن ولاه وسار على دربه وهديه باحسانالى يوم اللدين...........


حكم الإسلام في القومية و الوطنية

حتىنصدر حكما على فكرة ما، يجب علينا أولا أن نفهم معنى هذه الفكرة و واقعها و الغايةالتي تهدف إليها ، و بعد ذلك نصدر حكمنا من خلال الاسلام على تلك الفكرة. فما هومعنى فكرتي القومية و الوطنية، و ما هو واقعهما، و ما هي غايتهما؟

اماالقومية، ففي اللغة العربية "قوم الرجل : شيعته و عشيرته" هكذا في لسان العرب لابنمنظور. و لكن في الاصطلاح الحديث هي ترجمة لكلمة nationalism المستعملة في اللغاتالأوروبية. و هذا الاصطلاح الحديث دخيل على اللغة العربية، و دخيل على فكرالمسلمين. و بناء علي اصطلاح الأوروبيين هذا، فهي تعرض على أنها رابطة للمجتمع تربطبين مجموعة من البشر يشتركون بخصائص و صفات مشتركة. فما هي العناصر التي تؤلف تلكالخصائص و الصفات؟ لم يستطع أصحابها أن يتفقوا على مجموعة العناصر التي تشكل "القومية" و لا أن يحددوا مدلولها بشكل منضبط. فمنهم من قال إن مقومات القومية هيالدين، و منهم من قال هي العادات و التقاليد المشتركة، و منهم من قال هي اللون أوالعرق البشري، و منهم من قال هي المنطقة الجغرافية، و منهم من جمعها كلها، و منهممن جمع بعضها و رفض البعض الاخر.

و إذا نظرنا إلى هذه العناصر : اللغة والرقعة الجغرافية و التاريخ المشترك و المصالح المشتركة... نجد أنها نتائج و ليستسببا. إنها نتائج توجد عند الناس الذين تكون بينهم رابطة تربطهم، و ليست هذهالعناصر هي التي تشكل الرابطة. الذي يوجد الرابطة بين الناس هي وحدة أفكارهم، وخاصة الأفكار الأساسية. و لتوضيح ذلط نأخذ المجتمع المكي قبيل بعثة النبي محمد صلىاله عليه و سلم. كانت قبيلة قريش تشكل المجتمع المكي (كان هناك ناس من قبئل أخرى ولكن كانوا تبعا لقريش و يحملون الولاء لها). هذه القبلية كانت ذات لغة واحدة، وتاريخ واحد و رقعة جغرافية واحدة، و عرقية عصبية واحدة، و مصالح مشتركة. و كانت فيالوقت نفسه تحمل أفكارا مشتركة.

جاء الاسلام و لم يتعرض إلى لغتهم و لاتاريخهم و لا عرقيتهم و لا جغرافيتهم و لا مصالحهم ، و إنما تعرض لشيء واحد، هوأفكارهم بدءا بالعقيدة الأساس، مرورا بالعقائد الفرعية وصولا إلى سلوكهم و قيمهم ومقاييسهم و معاملاتهم.

بعد مدة حصل انشقاق في المجتمع المكي : فريق مسلم وآخر مشرك. و هاجر قسم من المسلمين إلى الحبشة و صبر قسم آخر على الأذى و المقاطعة،ثم هاجروا إلى المدينة. ثم وقعت حروب طاحنة بين الفريقين.
لماذا حصل الانشقاق،مع أن كل العناصر التي يزعمون أنها تشكل الخصائص و الصفات التي توجد الرابطة موجودة، ما عدا عنصر الوحدة الفكرية؟
ثم بعد فتح مكة و دخول قريش إلى الاسلام عادتالوحدة الفكرية إلى المجتمع المكي، و لكن هذه المرة على أساس الاسلام و مفاهيمالاسلام، فعادت اللحمة إلى مجتمع مكة من جديد.
و هذا المثال الواضح يرينا أنالذي يوجد الرابطة و الوحدة و الاندماج و الانسجام هو وحدة الأفكار. و كلما ازدادتنسبة الأفكار لمتفق عليها في المجتمع قويت الرابطة و اشتدت أواصرها، و كلما ازدادتنسبة الأفكار المختلف عليها تشقق المجتمع و تفكك. و لا نظن أن شخصا عاقلا نزيهايماري في هذا الرأي.

إن فكرة القومية التي انتشرت في بلادنا هي القوميةالعربية فلنلق الضوء عليها بشكل خاص. فالقوميون العروبيون يرون أن "العرب" يشكلون "أمة واحدة" مستقلة عن غيرها من الشعوب و ألأمم، فهم "أمة عربية" و ليسوا "أمةاسلامية" و لا جزءا من "أمة اسلامية"، إذ لا وجود "لأمة اسلامية" بنظر هؤلاء. ويرون أن الرابطة التي تجمع هذه "الأمة" هي اللغة العربية بشكل أساسي.

فما هوالموقف الشرعي من تلك الفكرة؟

إن النظرة النزيهة إلى التاريخ لا تحتاج إلاإلى قليل من الوعي حتى تدرك أن اللغة العربية لم تكن يوما لتشكل رابطة للمجتمع. فهاهي في الجاهلية كانت منتشرة في الجزيرة العربية كلها، فلماذا لم تجمع العرب؟ ألمتكن القبائل العربية متفرقة متناحرة رغم وحدة اللغة؟
إن العرب لم يتحدوا ويجتمعوا إلا بعد ان نزل الاسلام و انتشر في الجزيرة العربية، و ها هو الله سبحانه وتعالى يذكر المسلمين بالنعمة التي أسبغها عليهم بالإسلام قائلا: و اعتصموا بحبلالله جميعا و لا تفرقوا ، و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكمفأصبحتم بنعمته إخوانا : و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، كذلك يبينالله لكم آياته لعلكم تهتدون ..سورة آل عمران - آية 103

إذن فإن الاسلامبوصفه دينا للبشر كافة و نظاما للحياة و المجتمع هو الذي جمع العرب و ليس اللغةالعربية . "و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم و لكنالله ألف بينهم إنه عزيز حكيم" سورة الأنفال آية 63

و هناك من القوميينالعروبيين من يقول إن مقومات القومية العربية هي العروبة و الاسلام معا. و يستدلعلى ذلك بأن القرآن عربي ، فالله تعالى يقول "إنا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكمتعقلون".. سورة يوسف آية 2
و ينسب بذلك القومية العربية إلىالاسلام.

فهؤلاء نقول لهم ، إن الله تعالى يقول للرسول صلى الله عليه و سلم: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا" .. سورةالأعراف آية 158
و يقول عز و جل: "و ما أرسلناك إلا رحمةللعالمين" سورة الأنبياء آية 107
و يقول سبحانهوما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا ..سورة سبأ آية 28
و قال رسولالله صلى الله عليه و سلم: كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة و بعثت إلى كل أحمر وأسود.
فرسالة الاسلام رسالة عالمية و ليست للعرب وحدهم ، و الأمة تضم المؤمنينمن العرب و غيرهم . فقد كان في نص الوثيقة التي كتبها الرسول صلى الله عليه و سلمفور وصوله إلى المدينة و قيام الدولة الاسلامية الأولى أن "المؤمنين و المسلمين منقريش و يثرب و من تبعهم و جاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس" سيرة ابنهشام
فالأمة الاسلامية حين انتشرت و توسعت ضمت في رحابها من العجم و سائر الشعوبأكثر مما ضمت من العرب. و ها هي الامة الاسلامية اليوم تربو على مليار نسمة, لايزيد العرب عن ربعهم و الباقون من غير العرب.
و لنتذكر وصية الرسول صلى اللهعليه و سلم في حجة الوداع: " يا أيها الناس ، ألا إن ربكم واحد، ألا إن أباكم واحد،ألا لا فضل لعربي على عجمي ، و لا لعجمي على عربي, و لا لأسود على أحمر , و لالأحمر على أسود, إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

نعملقد تمسك المسلمون باللغة العربية ، إلا أنهم لم يتمسكوا بها بدافع قوميأو عنصري، و إنما تمسكا بالاسلام نفسه الذي نزل بلغة العرب، و هي اللغةالتي يحترمها جميع المسلمين عربا و غير عرب، و يسعون إلى تعلمها و إتقانها . و هانحن نرى أن اللغة العربية انتشرت مع انتشار الاسلام ما بين الخليخ شرقا و المحيطالأطلسي غربا، و تصل إلى حدود الأناضول شمالا، بعد أن كانت حبيسة الجزيرة العربية. فهل كان لتلك اللغة أن تنتشر لولا ظهور الاسلام؟
لذلك فإنالدعوة إلى القومية هي دعوة إلى عصبية جاهلية جدية، و ليست من الاسلام فيشيء. و الداعي إلى القومية مرتكب لمعصية كبيرة و آثم عند اللهتعالى.

و أما الوطنية : فيعرضها أصحابها رابطة تجمع الناس فيوطن معين. أما ما هو هذا الوطن؟ فواقع الذين يدعون إلى الوطنية أنهم يعدون الوطن هوذلك الكيان السياسي الذي تقوم فوقه دولة ذات

حدود مرسومة على الخريطة بغضالنظر عمن رسم تلك الحدود. فيتكلمون عن الوطنية اللبنانية و الوطنية العراقية والوطنية المصرية و هكذا. فهل هذا حقا هو معنى كلمة "الوطن"؟

يقول صاحبالقاموس المحيط عن المعنى اللغوي لكلمة وطن: "منزل الإقامة و مربط البقر و الغنم،الجمع أوطان، و وطن به يطن و أوطن: أقام". و الإقامة قد تكون في قرية أو مدينة وبذلك

تصلح المدينة أو القرية لأن تكون وطنا. إذن فغن أوسع مدلول لكلمة وطنهو القرية أو المدينة التي يعيش فيها الإنسان , أما سائر المدن و القرى فهي كلهابالنسبة له سواء، لا فرق بين مدينة أو
قرية ضمن ولايته أو إمارته أو دولته و بينأخرى تقع خارجها، فكلها سواء من حيث إنه لا يستوطنها. فالمقيم في بيروت مثلا قديتعلق قلبه ببيروت لأنه عاش فيها و استوطنها و اعتاد عليها، إلا أنه لا فرق بالنسبةله بين طرابلس الشام و دمشق أو بين صيدا و الإسكندرية أو بين بعلبك و بغداد، من حيثإنها كلها مدن لا يستوطنها.

إلا أن أدعياء فكرة "الوطنية" لما أرادوا أنيبتدعوا فكرة يكرسون بها الكائنات التي أقامها الكافر المستعمر في بلادنا بعد أنقسمها إلى دويلات هزيلة، حرفوا كلمة "الوطن" لتصبح دالة على
لبنان" الذي أسسهغورو سنة 1920 ، و على العرق و الأردن و فلسطين و سوريا و مصر التي أوجدتها معاهداتالغربيين و مؤامراتهم.

و بذلك تصبح "الوطنية" هي الرابطة التي تجمع الناسالذين يعيشون داخل حدود دولة من هذه الدول، و تفصلهم عن سائر الناس الذين هم خارجتلك الحدود.و بذلك يصبح اللبناني مرتبطا فقط

باللبناني و يصبح المصري مرتبطافقط بالمصري، حتى تنقسم الأمة و تتعدد همومها، و لا تعمل سويا في سبيل قضية واحدةهي قضية الأمة، فما يهم الجزائري لا يهم التونسي... و هكذا . و من

أجلتكريس ذلك المفهوم ، بثت بين الناس شعارات مضللة خبيثة مثل "الدين لله و الوطن للجميع" و مثل نحن ننتمي إلى الوطن قبل أن ننتمي إلى الدين" وغيرهما من الشعارات التي تتعارض مع الاسلام من حيث الأساس. فأين الوطنية من قولهصلى الله عليه و سلم : "مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد ،إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و
الحمى".

ولا يخفى بعد هذا الشرح ما في فكرة "الوطنية" من خطر على كيان الأمة و من تآمرعليها. و ما قلناه في شأن القومية يقال في شأن الوطنية.

و علاوة على ذلك،فإن الواقع يثبت أن الأرض لا تجمع الناس و لا تربط بينهم، فهي تقوم ببعض الأحيانكرابطة مؤقتة، و ذلك حين يتعرض الوطن للاعتداء من قبل أجنبي يرفضه جميع المواطنين،فيتكتل

الجميع حتى يردوا ذلك العدو المشترك. إلا أنها في حالة السلم - و هيالحالة الطبيعية - فإنها لا تصلح لجمع الناس و لا تقوم رابطة بينهم. و أكبر دليلعلى ذلك أن الأوطان التي تحوي

مزيجا من السكان متناقضا فكريا تبقى دائما فيتوتر و تسود فيها الحروب، و هي لا تكاد تخرج من حرب حتى تدخل في أخرى. و هذا دليلعلى أن الوطنية ليست رابطة للمجتمع. فهذا لبنان و هذه

قبرص و هذه البوسنة وهذه الجزائر... كل منها تشكل دولة واحدة (وطنا واحدا) /، و لكن اختلاف الأفكار جعلالمشاعر تختلف و الدولة تتمزق.

و لكن العجيب في الأمر ، أن تجد أناسا ينسبونفكرة "الوطنية" إلى الاسلام! فيقولون إن الاسلام حض على الوطنية و عزز الشعورالوطني لدى المسلمين، مستدلين على ذلك بان الرسول صلى

الله عليه و سلم قالحين خرج من مكة: " أنت أحب بلاد الله إلي و لولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك"،و بأن الاسلام أمر بالدفاع عن الاوطان و اعتبر ذلك جهادا في سبيلالله.

فأما حديث رسول الله صلى اللهعليه و سلم الذي استدلوا به، فلا شان له بالوطنية لا من قريب و لا من بعيد. فالرسولعليه الصلاة و السلام لم يكن يحب مكة لأنها وطنه، و إنما كان يحبها لأنهاالبلد
الحرام الذي يحتضن الكعبة الشريفة. و الذي يوضح ذلك هو الحديث نفسه الذييستدلون به غالبا مجتزءا، فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبيصلى الله عليه و سلم لما
خرج من مكة إلى الغار التفت إلى مكة و قال: " أنت أحببلاد الله إلى الله ، و أنت أحب بلاد الله إلي، و لولا أن المشركين أخرجوني لم أخرجمنك". إذا فالرسول صلى الله عليه و سلم كان يحب مكة لأنها أحب اليلاد إلى اللهتعالى.


و أما قولهم إن الاسلام أمربالدفاع عن الأوطان و اعتبر ذلك جهادا في سبيل الله، ففيه كثير من التلبيس والتضليل.

ذلك أن الاسلام لم يأمر بالدفاع عن "الوطن" و إنما أمر بالدفاع عنالبلاد الاسلامية بغض النظر عن كونها وطنا للمجاهد أو غير ذلك.

فعلى هذه الأساس فإن واجب الجهاد لتحرير فلسطين من دولة يهود و تحريرالأندلس من الأوروبيين و الدفاع عن أراضي البوسنة و الهرسك و الشيشان و بلاد كشميرفي الهند، لا يناط فقط بأهل تلك البلاد

طالما لا يستطيعون رد العدوانوحدهم، و إنما يناط الواجب بكل المسلمين الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يتحققالفرض. و على هذا الأساس أيضا، لا يجب على المسلم الذي يعيش في غير البلادالاسلامية كأستراليا و أميركا أن يدافع عن تلك البلاد إذا نشبت حرب بين دولته ودولة أخرى، بل لا يجوز له ذلك، أن هذا قتال في غي سبيل الله، و الرسول صلى اللهعليه و سلم يقول: "من قتل تحت راية عمية، يدعو إلىعصبية ، أو ينصر عصبية ، فقتلة جاهلية".

ثم إن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يتمسك بتراب "وطنه" مكة الذي أخرج منه بغير حق هو و صحابته الكرم، و قد كان في استطاعته ذلك بعد الفتح. لكنه رجع إلى المدينة عاصمة الدولة الاسلامية و أقام فيها ما تبقى من أيام حياته، وو لم يوص المسلمين بدفن جثمانه الطاهر في تراب "الوطن" مكة المكرمة، و هكذا فعلأصحابه رضوان الله عليهممن بعده، فشهداء بدر و أحد دفنوا في البقيعفي المدينة و أبو عبيدة دفن في غور الأردن، و أبو أيوب الأنصاري دفن قرب أسوارالقسطنطينية، و حفظة القرآن الكريم من الصحابة دفنت أعداد منهم في أطراف الهند وبحر قزوين خلال الفتوحات الاسلامية،و لم يصدر عن رسول الله صلىالله عليه و سلم و لا عن صحابته الكرام أي اشارة "وطنية" أو حنين للديار ، بل كانهمهم الأول و قضيتهم المصيرية إعلاء كلمة الله و نشر الاسلام و إخراج الناس منالظلمات إلى النور.

لقد وصل الأمر ببعض دعاة "الوطنية " إلى افتراءالأحاديث على رسول الله صلى الله عليه و سلم كقولهم (حب الوطن من الإيمان) فهذا ليس بحديثو لم يقله صلى الله عليهو سلم

ثم إن حب الوطن شيء و "الوطنية" شيء آخر.
فحب الوطن شيء طبيعي و غريزي لدىالانسان، ذلك أن قلب الإنسان يتعلق بالمكان الذي اعتاد عليه و ترعرع فيه وكانت له معه ذكريات جميلة، فهو يحن إلى البيت الذي ترعرع فيه و يحب الحي أو القريةأو المدينة التي نشأ فيها أو سكنها فترة من الزمن، إلا أن هذا الحب "الغريزي" لايتعدى القرية أو المدينة أو المنطقة التي عاش فيه الانسان. أما "الوطنية" التي يروج لها مثقفو البلاط و كتابالسلطة، فهي التي يريدون لها أن تكون رابطة تجمع سكان الدولة الواحدة و تفصلهم عنسائر إخوانهم في سائر العالم الاسلامي.

لذلك نقول: إن الدعوة إلى القومية أو الوطنية هي ترويج للفكر الغربيالغريب عن الاسلام. و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد".فالداعي

إليهما آثم عند الله تعالى.فالواجبيحتم على المسلمين أن ينبذوا كل الأفكار و الأطروحات الدخيلة ، و يعودوا من جديدإلى إحياء الرابطة الاسلامية لإقامة مجتمعهم على أساس العقيدة الاسلامية ، فتسودهأفكار الاسلام ومشاعره و أنظمته، حتى تستأنف الأمة حياتها الاسلامية من جديد و تعودأرقى أمم العالم.

و إذا كانت الأمة كلها مخاطبة بهذا الخطاب، فإن المثقفينفيها هم أحرى الناس بالاستجابة، ذلك أنه في بيئتهم تفشت الأفكار الدخيلة و منخلالهم انتشرت، فعلى عاتقهم تقع مسؤولية التغيير

ما هي الوطنية؟

أ- لغة

الوطنية من " الوطن" وفيلسان العرب " وطن: الوطن المنزل تقيم به وهو موطن الانسان ومحله والجمع اوطانواوطان الغنم والبقر مرباضها واماكنها التي تاوي اليها..

وفي صفته صلى اللهعليه وسلم: كان لا يوطن الاماكن اي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به اما المواطن فكلمقام قام به الانسان لامر فهو موطن له .

وفي الحديث انه صلى الله عليه وسلم نهى عن نقرة الغراب وان يوطن الرجل فيالمكان بالمسجد كما يوطن البعير قيل معناه ان يالف الرجل مكانا معلوما من المسجدمخصوصا به يصلي فيه كالبعيرلا ياوي من عطن الا الى مبرك دمث قداوطنه واتخذه مناخا ومنه الحديث انه صلى الله عليه وسلم نهى عن ايطان المساجد اياتخاذها وطنا.."

ب - : مصطلح الوطنية

-
مصطلح الوطنية انما ظهر في المجتمع الاوروبي على اثر تطورات فكرية و سياسيةهامة ادت الى اعادة صياغة المجتمعات الاوروبية. وبايجاز نقول ان مفهوم الوطن كونهبلد يربط فيه جماعة من الناس تتفق ان تلتزم بسيادة الوطن واطاعةالحاكم،وما يتبعه من اجهزة حكومية، انما ظهر بعد ان سعى سياسيونوفلاسفة في كسر شوكة الكنيسة والحد من تدخلها في الحياة العامة في المجتمعاتالاوربية وذلك على اثر الصراع الدامي الذي دار لعقود من الزمن واستهلك الكثير منالدماء والثروات

-
من هنا تنادى المفكرون الى ضرورة وضع اسس جديدة تربط ببينالناس لا على اساس الدين والمذاهب الدينية التي ادت الى سفك الدماء وانما علىالولاء للوطن

-
اي ان تحويل الولاء من الكنيسة ورجالاتها وايضا من رجالالاقطاع الى الحاكم الوطني كان من ابرز التحولات الفكرية السياسية التي عصفتبالمجتمع الاوروبي والتي توجت بتكريس مفهوم "فصل الدين عن الحياة" وهو اساس الفكرالعلماني والعقيدة العلمانية التي تقوم على انكار دور الدين والخالق في تصريف شؤونالمجتمع وان كانوا تساهلوا بعض الشيء بحيث سمحوا للافراد بالتدين ولكن على ان يتدخلهذا التدين بالشؤون العامة...

-
وبناء على هذه النظرية العلمانية فامالمفكرون والفلاسفة من امثال روسو وجون لوك وفولتير ومونتسيكيو بوضع اسس نظرية "العقد الاجتماعي" وهو عبارة عن عقد بين الحاكم والمحكومين بحيث يكون للمواطن حقوققانونية دستورية على الحاكم ان يحترمها

-
ومن هنا جاءت نظرية الحقوق الغربيةومن ثم حقوق المواطن والخ

2-
كيف وردت اليناالوطنية حيث ان مفهوم الوطنية هو مفهوم حديث لم يرد في كتاب ربنا ولا سنة نبينا حقالتساؤل من اين ورد الينا؟؟ وكيف تحول مع الزمن حتى صار من المقدسات التي نسفكدماءنا في سبيلها؟؟

يرى الدكتور محمد حسين رحمه الله، فيكتابه "الاسلام والحضارة الغربية"، ان اول ما وردت لفظة "الوطن" انما جاء منخلالالازهر المتفرنس رفاعة الطهطاوي الذي اشرب حبفرنسا والحضارة الفرنسية حينما اقام فيها في 1826 الى 1832 فلما عاد الى مصر عاديصدح بالحضارة الفرنسية وجمالها وصار يدندن حول الوطنيةولعله بدابداية خجولة الا انه في الواقع طرح بذرة الفكرة التي جاء غيره من الضبوعين بحضارةالغرب ليكملوا سقيها ورعايتها ومن هؤلاء بعض نصارى الشام الذين راوا خلاصهم من حكمالاسلام بالعمل على نشرة فكرة القومية والوطنية

3-
ماذا يترتب علىالوطنية؟

يترتب عليها بداية ان يكون الولاء والبراء دائرا حول الحدودالاصطناعية التي رسمها الانسان لما اسماه "وطن" ومن هنا شاع ضمنالناس (خاصة في الشام) مقولة :"الدين لله والوطن للجميع" لا بل حتى سعى بعضالماكرين الى ترويج الوطنية بدس احاديث فمن ذلك قولهم "حب الوطن من الايمان" فانظررحمك الله مدى خبثهم ومكرهم الذي تزول له الجبال.

فمفهوم الوطنية يؤدي الى اثارة البغضاء والاحقاد بين الناسوالعصبية الوطنية تؤدي الى دمار شامل لا يبقي ولا يذر وكل ذلك في سبيل الوطن كماشهد العالم في الحروب الكثيرة ومن ابرزها الحربين العالميتين في القرنالعشرين.

ويترتب على الوطنية ان يقوم يهود بمجازر تلو المجازر بحق مسلميفلسطين بينما مسلمو العالم الإسلامى مشغولون بهموم أو طانهم

بناء على ما سبق ما حكمالشرع في الوطنية

حيث انه قد علمبالضرورة الرابطة الايمانية هي الرابطة الوحيدة التي اعتبرها الشرع ففرق بين الابوابنه وبين الزوج وزوجته بحسب ايمانهم من كفرهم وحيث ان الولاء والبراء في الاسلامانما مداره حول الايمان او الكفر برب الكون وحيث ان السلام يقضي بوحدة المؤمنيناينما كانوا وان المسلم اخو المسلم وحيث ان الاسلام يوجب على المسلم ان يتلقى دينهوشريعته من رب الكون لا من حثالات البشر من مفكرين وفلاسفة مصيرهم جهنم فان الوطنيةبقضها وقضيضها حرام بحرام بحرام
و لا يجوز الدعوة لها ولا السكوت عنها فانها مناكبر المنكرات التي تفرق بين المسلم واخيه وتؤدي الى سفك الدم المسلم بغير وجه حقوتؤدي الى جعل الولاء والبراء مبنيان على غير رابطة الايمان وتؤدي الى اتخاذالكافرين اولياء من دون المؤمنين

ولذا فالواجب الشرعي على كل مسلم ان يتبرا منها ومن اهلها وان يظهر العداوةلها ولمن عمل لها

واروع ما قيل عن الوطنية:

"
والبشريةإما أن تعيش _ كما يريدها الإسلام _ أناسيّ تتجمع على زاد الروح وسمة القلب وعلامةالشعور .. وإما أن تعيش قطعانا خلف سياج الحدود الأرضية ، أو حدود الجنس واللون .. وكلها حدود مما يقام للماشية في المرعى كي لا يختلط قطيع بقطيع !!! " سيد قطب ،فيظلال القرآن

واخيراً اتمنى من الاخوة ان يحكموا شرع الله في هذه القضية وانتفكروا فيها تفكيراً مستنيراً

وسألاً من الله ان يهدينا ويسخر لنا من يفقهنافي ديننا

ونسأل الله ان يتم نصره للاسلام وان يعز الاسلام والمسلمين ويذلالشرك والمشركين

واخر دعوانا ان الحمد لله ربالعالمين..............


قال سيدي أبوبكر

( ألا إن محمداً قد مات ، ولابد لهذا الدين ممن يقومبه)


جزاكم الله خيرا
من موقع مفكرة الإسلام
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم الاسلام في إعانة الصليبيين المحتلين والمحاربين لدين الله والمسلمين؟ osama ali نور الإسلام - 4 01-10-2009 01:56 AM
ماذا قدم الإسلام للمرأة؟ osama ali نور الإسلام - 4 05-13-2007 08:43 PM
خطر القومية العربية على الاسلام...وهل هي دعوى جاهلية؟ بيبرس سيف الدين نور الإسلام - 7 03-13-2007 01:43 AM
نساء يعتنقن الإسلام AALLII أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 2 03-08-2007 11:50 AM
الإسلام والسيف ... د. مصطفى الشكعة !!! الداعية نور الإسلام - 4 09-26-2006 08:47 PM


الساعة الآن 09:35 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011