عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-25-2011, 12:38 AM
 
Post حلم الوصول الى البرلمان

شمر عن ساعديه ورزم حقائبه وترك زوجته وطفله الوحيد في لندن. جاء يحمل أحلامه بحقيبةٍ محملة بالمشاريع وألافكار التي ستغير مجرى القرية التي يسكنها أباً عن جد. قرر الوصول الى البرلمان والجلوس تحت قبته. حلم راود كل من دخل معركة ألأنتخابات عاقداً العزم للأنخراط في الحركة السياسية التي إشتدت آنذاك وقت زمن ألأنتخابات. الكل يريد الفوز بمقعد " لخدمة البلد" على حد قولهم. لأأحد يفكر بالمنصب الذي سيدر عليه أموالاً طائلة وجاه ومركز إجتماعي" هذا ما يقوله الجميع عند المحاورة". السيد " عبد الرحمن" رجلاً من أؤلئك الرجال الذين تقدموا للأشتراك بالعملية السياسية . كانت لنا معه لقاءات متعددة عن حالة ألأستعداد المكثفة للوصول الى قبة البرلمان. عبد الرحمن من مواليد 1979 من مدينة الضلوعية التي تقع الى الشمال من بغداد بحوالي مائة كيلو متر. المدينة تابعة الى محافظة تكريت. متزوج وله طفل واحد. كان يدرس في لندن . ترك الدراسة لفترة مؤقتة كي يتفرغ لحملة ألأنتخابات. رافقنا الى مناطق مختلفة من القرية التي يسكنها كي يلتقي بالناس ويحدثهم عن مشاريعه المستقبلية إذا فاز في ألأنتخابات. الحق يُقال كان محبوباً من كافة أبناء القرية التي كانت لنا معهم لقاءات سريعة. الكل يدعوا له بالخير والنجاح.
رافقنا الى الجسر الحديدي الذي كان المنفذ الوحيد للتواصل مع ضفتي نهر دجلة. جلس عند حافة الماء المتدفق من نهر دجلة. إغترف غرفة صغيرة بيده وهو يقول لي " إنظر الى هذا الماء العذب. إنه أفضل المياه في كل العالم. هو أفضل من نهر التايمز. لقد فضلت العيش والسكن بالقرب من التايمز في لندن لأن النهر هناك يذكرني بنهر دجلة . لقد نشأت بالقرب من هذا النهر منذ طفولتي. كم أحن الى هذا النهر حينما اخرج كل يوم من البيت في لندن ويكون التايمز قريبا مني". نهض بتثاقل وكأن النهر يريد منه البقاء الى جانبه فترة أطول. وقف على الجسر الرابض فوق الماء بأرهاق وكأنه يستجدي ألأخرين في هذا الزمن أن يمدوا له يد العون ، يساعدوه للنهوض من جديد والعودة الى ألأيام الخوالي حينما كان شامخاً شموخ ألأشجار الباسقة المنتشرة في كل زاوية من زوايا القرية الخضراء. وقف في سط الجسر وهو ينظر الى الكتلة الحديدية الرابضة فوق الماء أطلق زفرة مسموعة وهو يقول" حينما مر ألامريكان من هنا يوماً ما وشاهدوا كومة من ألأعشاب وألأحراش الكثيفة هناك ألقوا عدة قنابل مدمرة معتقدين أن الارهابيين يتخذون منها موطنا لهم. تهاوى الجسر دون أن يكن هناك أي شيء. خسارة كبيرة لكل ألأطراف ".
سار قليلا فوق الجسر ثم توقف . تجمع قربة عدد من أبناء القرية وعدد من رجال الصحوة . راح يحدثم عن مشاريعه المستقبلية وعن تصميمه لخدمة المدينة المنسية.كان البعض يصغي اليه بأهتمام تام في حين كان البعض ألأخر لايصدق مايسمع. قال أحدهم بألم " لاأحد يهتم لقريتنا. كل من يصل الى السلطة ينسى وعوده التي قطعها للناس. الكل يبحث عن مصالحه الشخصية". أكد له عبد الرحمن بأنه يختلف عن ألأخرين ، وستثبت ألأيام صدق قوله. إستمر المرشح الشاب يشرح أشياءاً مختلفة تتعلق بمواضيع متعددة . حينما ودعهم كي يرافقنا الى أماكن أخرى طلب مني أن أجلس معه في سيارته وكان المصور معنا أيضاً. في الطريق المتعرج الطويل راح يتكلم بأسهاب عن بعض ألاشياء التي تخص قريته التي جاء من أجلها. حينما سألته فيماإذا كان قد دخل الكلية العسكرية، إندفع يحدثني عن وجوده في القصر الجمهوري أيام فترة الحكم البائد وكيف أن صدام أخرج أغلب الضباط من عشيرة الجبور إن لم نقل كلهم بعد المحاولة الفاشلة التي قام بها أحد الضباط من نفس العشيرة. كان يصف العاملين في القصر الجمهوري أنذاك" بالكلاب المسعورة" بسب رداءة ألاعمال التي كانوا يقومون بها في ذلك الوقت. أردف قائلاً" ذهبتُ الى لندن لدراسة الصحافة وٍاحصل على شهادة الدكتوراة قريباً إنشاء الله".
ونحنً نشق عباب الهواء والهدوء الريفي النسبي كان بعض الناس يلوحون اليه بأيديهم علامة الترحيب وألاحترام. دون أن أوجه له السؤال راح يتحدث بشيء من الحماس وهو يقول" صدقني أنا لستُ في حاجةٍ الى المركز وألاموال التي قد أجنيها من البرلمان. لدي مايكفينني والحمد لله، ولكن أشعر أنه من واجبي الوطني أن أرشح نفسي للبرلمان لعلي أستطيع من خلال مركزي القادم أن أقدم شيئاً مفيدا لقريتي ومدينتي. القرية تحتاج الى أشياء كثيرة ولكن لاأحد يوصل صوتها وصوت القاطنين فيها. سأبذل المستحيل لبناء كل ألاشياء التي تنفع أبناء المدينة.". صمت قليلا . رحنا نوزع نظراتنا بين الطرق الضيقة المرهقه والحاجات التي تحتاجها المنطقة على كافة ألأصعدة. كلما نظرتُ الى المصور كان يبتسم لي كأنه يعلن ذوبان قلقه وقلقنا جميعا نحن طاقم العمل. حينما أمرنا المدير بألأستعداد للذاب الى الضلوعية قبل يوم كان الخوف قد غلفنا جميعا وراح بعضنا ينظر الى البعض بهلع. كنا قد سمعنا من قبل أن هذه المدينة مرعبة كون أن رجال القاعدة كانوا يسيطرون عليها تماماً. وقال أخر بأن رجال هذه المدينة قُساة بعيدين عن الحضارة والتقدم. تبين فيما بعد أننا كنا نعيش في وهم تام. رجال المدينة مثقفين ومتحضرين وكرماء الى أقصى درجات الكرم.
توقف عبد الرحمن عند بناية إحدى المدارس ألأبتدائية القديمة وهو يقول " سنزور المدرسة التي درستُ فيها. أود أن ألقي التحية على مديرها الذي أعتبره بمثابة ألأب الثاني لي". سرنا الى جانبه تعصف بنا ذكريات الطفولة والى كل ماينتمي الى سنوات البراءة والشيطنة على مر العصور. لقد أصابتني الدهشة حينما القينا النظرة ألاولى على صفوفها الدراسية. هل هذا صف دراسي في زمن التكنولوجيا وعصر ألأنترنيت؟ جدران ممزقه كأنها خرجت للتو من معركةٍ ضروس. أغلب ألزجاج مهشم ناهيك عن ألارضية البائسة. التقينا المدير . إستقبلنا بفرحٍ غامر وسرورٍ عامر. بادرته بالسؤال " هل تعتقد أن عبد الرحمن سوف يكون له دور في تغيير الواقع البائس لهذه المدرسة إنْ أصبح من أعضاء البرلمن؟". نظر الى الشاب المتحمس مبتسماً " الحقيقة أنني سعيد جدا حينما عرفتُ أن عبد الرحمن سوف يدخل ألأنتخابات. هو من أبناء هذه المدرسة ألأعزاء. كان شاطراً وقد نجح بتفوق. جاء دورهُ ألأن لأعادة الفضل الذي قدمته له المدرسة يوماً ما. إن لم يفعل ذلك فهو ناكر للجميل. هو ينتمي الى هذه القرية ومن حق أبناء القرية أن يلمسوا بغض التغيير إن فاز في ألأنتخابات. نحن نؤيدهُ جميعاً وسنكون أول من يصوت له." صمت قليلا حينما بادره عبد الرحمن قائلاً " سأبذل أقصى الجهود لخدمة المدينة بصورة عامة وهذه المدرسة بصورة خاصة. سوف تثبت ألأيام صدق قولي. سأتبرع بمبلغ جيد من نقودي الخاصة لأعادة إحياء المدرسة حتى لو لم أفز بالأنتخابات وهذا أقل ما يمكن القيام به في الوقت الحاضر. " سرنا مع المدير صوب بعض الصفوف الجديدة التي هي في طور التشييد. صفوف ضيقه قد لاتستوعب الكثير من التلاميذ. قال المدير وهو يشير الى أحد الصفوف " ما في اليد حيلة. لقد بدانا بناء هذه الصفوف من التبرعات المالية من أبناء القرية. لاأحد يهتم لحال المدرسة. تم تخصيص مبالغ جيدة للمدرسة أثناء حركة ألأعمار ولكن المقاول هرب بالنقود الى جهةٍ مجهولة. الكل يبحث عن مصالحه الشخصية والفقراء أمثالنا يُتركون في مهب الريح." شاهدتُ التأثر على وجه عبد الرحمن. كان يخفي حزنا دفينا. قال بتأثر " لاتهم ياأستاذي الجليل. أنا معك. سأعوض المدرسة أضعافا مضاعفة . أنا لاأنتمي الى فئة السراق والغشاشين. لقد رضعت من هذا الصرح التعليمي كل مباديء الحب وألأخلاص لأرضنا الطيبة . لاتهتم ياأستاذي الجليل". راح يكررها عدة مرات. كنت أوزع نظراتي بين هذا الشاب المتحمس لعمل الخير وهذا المدير الذي خطت السنوات على وجهه أخاديد الكفاح والتعب وأرتسمت على ملامحه كل سنوات الغليان التي عصفت بالبلاد على مر العصور. بعد دقائق معدودة توقفنا عند أحد الشوارع الضيقة حيث كان ألاطفال الصغار يلعبون ببراءة. وقف عبد الرحمن بعيداً ينظر نحو ألأطفال وقد أرتسم على وجهه تصميم ببناء ملعب للأطفال يوما ما. حينما مازح أحد ألاطفال قائلاً " سوف أبني لكم ملعبا جميلا يوما ما". نظر اليه الطفل بتعجب وكأن لسان حاله يقول " من أنت كي تبني لنا ذلك. منذ أن أبصرنا النور ونحن نلعب هنا. هل تستطيع أن تغير مجرى التاريخ." وركض نحن الجهة ألاخرى حينما إقتربت منه كرة القدم. إستمرت جولاته معنا الى مناطق أخرى لم أحلم يوماً ما أن أصلها بسب الرعب البعيد الذي كنتُ أحمله عن هذه المدينة. كانت المدينة قد رسمت لها صورة وهمية في ذاكرتي أنها تعود الى مدن الحكم . بين عشيةٍ وضحاها كانت المدينة قد دخلت قلبي وأصبح لي فيها أصدقء كرماء كثيرون وهذا ماأفتخر به الى قيام الساعة. إقتربنا من السيطرة لأبناء العراق" الصحوة".كان يتحدث معهم بعفوية وكانوا يبتسمون له. هو ينتمي الى نفس ألارض والقرية التي ينتمون اليها. عاهدوه جميعاً على التصويت لهم في ألانتخابات القادمة. كان يحدثنا عن هؤلاء الشباب وعن الفضل الكبير الذي قدموه للقرية عن المعارك الطاحنة التي جرت بينهم وبين أفراد تنظيم القاعدة. واصلنا المسير في جهات مختلفة من القرية الكبيرة. كانت صورة عبد الرحمن تواجهنا بين الحين وألأخر في أماكن مختارة أو إستراتيجية. كانت واحدة من اللافتات قرب سيطجرة " أبناء العراق" أو الصحوة. بوستر كبير كُتِب عليه " إئتلاف وحدة العراق / 348 / عبد الرحمن ذياب عبدالله" . وأخرى معلقه في جذوع النخيل الشاهقة ألأرتفاع. كان مؤيديه يتفانون في تقديم خدمات الدعاية له مجاناً. الكل يريد أن يرتقي إبن قريتهم الى قبة البرلمان.حينما شعر عبد الرحمن بالأرهاق أراد أن يتوجه نحو النهر الخالد " دجلة" كي يلتقط أنفاسه من عناء تعبٍ طويل وتحركاته اليومية التي كانت تصب كلها في بودق الدعاية له ولمقابلة أكبر عدد من المواطنين. سار بهدوء وصمت مطرقاً رأسه نحو ألارض قرب نهر دجلة الذي نشأ وترعرع بالقرب منه. كان يفكر بالجهد الكبير الذي يتحتم عليه بذله كي ينقذ جزأً من ألارض التي أوشكت على الذبول بسبب العطش المحيط بها من كل ألأتجاهات، مع العلم أن النهر الهادر لايبعد عنها إلا أمتاراً قليلة. جلس كي يلتقط أنفاسه وتجمع أبناء شقيقه حوله لايعبهون لهذا القلق الذي كان يسيطر على عمهم. إنهم أبرياء في هذا العالم المترامي ألأطراف. كانوا فرحين بتواجد عمهم معهم . كان يسير بسيارته قاطعا كل ألأزقة الممتدة على قارعة الزمن يحاول أن يتحدث مع الناس عن حملته الدعائية وعن هدفه الوحيد ألا وهو خدمة ألارض الطيبة ومن يسكن عليها هنا في القرية المنسية.كان لايعرف التعب. أنا والطاقم التصويري كنا نسير خلفه كأننا ظله نسجل كل ما يدور هنا وهناك. وجاء يوم ألأنتخابات وتلاشى ألامل الذي كان قابعاً بين حنايا نفوس أبناء القرية. تحول الحلم الى سراب. لم يبتئس القادم من لندن لخوض المعركة التي حدثت فيها تلاعبات كثيرة على حد قوله. قال بهدوء" لقد حاولت بكل الجهد والمال. سأعود لأكمال دراستي في لندن وسأعود مرة أخرى لخوض القتال ألأنتخابي. لقد صممت على الفوز حتى لو أستمر الجهد المبذول سنوات. سأبني هذه ألارض التي تفتقد الى كل شيء". ودعنا عند حدود المدينة شاكرا جهودنا المبذولة على مر ألأيام. جلسنا صامتين في طريق العودة كل واحد منا يحلم حلما بعيدا عن واقع الحال الذي نعيشه. التفت الي المصور رحيم قائلا: " هل لديك مادة للكتابة؟ ماذا ستقول عن هذه المهمة الفاشلة التي صرفنا بها جهودا ودموعا؟" دون أن أجيبه رحت أتحدث مع نفسي كأنني في غيبوبة من الهلوسة الفكرية في زمن يسير عكس التيار " أيتها ألارض الممزقة هنا وهناك. يااشجار النخيل القريبة من الماء تأنين عطشاً وشوقاً لقطرةِ ماء.ماذا سيفعل الفائزون لك عند جلوسهم تحت القبة هناك؟ هل سينقذون ألأرض العطشى أم يعيدون للشوارع الممزقة هيبتها حينما كانت معبدة يوماً ما؟ هل يمنحون العاطلين على طول البلاد وعرضها عملاً منظماً يواجهون من خلاله شظف العيش والبؤس المنتشر في كل مكان؟ هل يعيدون لنا نوراً وضواً كان ينير الطرقات في عتمة الليل؟ هل يعيدون لنا أمناً كان قد تلاشى في ضوء النهار ؟ أم يبنون ويستثمرون مشاريعاً عملاقة تعيد للبلد كل ماضاع في غفلةٍ من الزمن؟ أسئلة أبحث لها عن أجوبة هنا وهناك وربما تحت قبة البرلمان
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عاش الوطن يسقط البرلمان ؟؟؟ اسد الكوفة مواضيع عامة 1 01-07-2012 03:21 AM
المشاركة في البرلمان والوزارة أمين المكتبة تحميل كتب مجانية, مراجع للتحميل 0 08-21-2011 08:04 PM
رئيس البرلمان ...يذل ويهان على ابواب( المرجعية)!!!!! السيل العربي حوارات و نقاشات جاده 0 02-09-2011 09:33 PM
جلست البرلمان باردة ؟؟ الحرالوطني مواضيع عامة 0 06-17-2010 01:07 AM
تسهيل الوصول لمعرفة اسباب النزول( ارجو التثبيت) عيون الطفولة نور الإسلام - 18 05-28-2007 03:12 PM


الساعة الآن 07:47 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011