عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > قصص قصيرة

قصص قصيرة قصص قصيرة,قصه واقعيه قصيره,قصص رومانسية قصيرة.

Like Tree16Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-25-2013, 12:19 PM
 
Smile [مأسًٱة قَلبّ بّريّء] >> مشّٱركتُيّ فُيّ مسًٱبّقَةة ٱلقَصِة ٱلقَصِيّرة




كانت تلك الطفلة ذات الشعر البني الناعم والعيون الزرقاء الواسعة تمشي ممسكة بدمية الدب المحشو خاصتها .. تنظر تارة لأنقاض البيوت المحطمة .. وتارة لبقع الدم التي لم تعد رؤيتها في أي مكان في هذه القرية غربيّ [دمشق] غريبة كما كانت منذ بضعة أشهر خلت .. تساءلت (( ما قصة الألعاب النارية التي تأتي وتذهب كل بضع ساعات..؟ لمَ ليست ملونة..؟ ولماذا أرى الناس يهربون كل ما أتت..؟ ألأنها ليست جميلة..؟ وأيضًا... لم أفهم حتى الآن.. السبب الذي جعنا نترك منزلنا منذ زمن .. من ذلك الأسد الذي تتحدث عنه أمي وتدعو عليه دائمًا بعد كل صلاة..؟ هل هو سيء..؟ هل هو الذي دمر روضتي..؟ لكن الأسود لا تدمر.. فقط تصطاد الأرانب لتأكلها!))

من الصعب على طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها أن تستوعب ما يجري حولها من خراب ودمار وفوضى وسفك للدماء...

تعالت الأصوات .. صراخ ممتزج بالنحيب .. وأناس يهربون .. أو بالأحرى يتخبطون كالمجانين .. وقد غزى الرعب قلوبهم .. توقفت [سهر] عن المشي وراحت تحملق فيهم كالبلهاء .. وهي لا تزال متمسكة بدبها المحشو .. إلى أن هزّ طبلة اذنها صوت انفجار...

- عادت الألعاب النارية المدمرة من جديد.

هذا ما قالته في داخلها قبل أن تستدير وتبدأ بالجري لتبتعد عن المكان .. فقد قيل لها أن تهرب مباشرة ما إن تعود الانفجارات .. وفي أثناء جريها لمحت امرأة تبعد عنها بضعة أمتار .. تبدو قلقة جدًا ومن الواضح أنها تبحث عن شيء ما .. فاتجهت نحوها وهي تهتف:

- أمي... أمي...!

عندما رأتها المرأة حملتها بسرعة وراحت تجري مبتعدة حتى لا تصيبها قذائف مدافع جيش النظام...



ظلّت الأم تجري حاملة [سهر] لعدة دقائق إلى أن وصل إلى الملجأ...

لم يكن هذا الملجأ سوى مغارة في تل يصعب الوصول إليها .. تحتمي فيها [سهر] وأمها وأختها [سحر] التي تبلغ من العمر الثامنة والعشرين .. مع عائلة مكونة من أم وطفليها...

قالت الأم لـ [سهر] معاتبة:

- ألم أحذركِ من الخروج وحدكِ؟! هذا خطر جدًا!

قالت [سهر]:

- أنا آسفة ولكنني شعرت بالملل.

- لا بأس ولكن لا تكرريها.

- حاضر.

أشارت [سهر] لأختها [سحر] التي تجلس وحيدة تحدق في الفراغ وأردفت:

- سأطلب من [سحر] أن تلاعبني.

أمسكت الأم بيدها وقالت بصوت منخفض:

- دعي أختكِ وشأنها يا عزيزتي، فهي وحيدة وتريد أن تبقى وحيدة.

- لماذا؟

- لقد فقدت زوجها.

- إذًا لمَ لا تبحث عنه؟

- إنها لا تستطيع، فقد خرجت روحه من جسده وصعدت إلى السماء.

- مثل أبي وصديقتي [نور]؟!

- أجل.

نفخت [سهر] وجنتيها بغضب وقالت بانزعاج:

- يا له من لئيم!

قالت الأم بتعجب:

- ولماذا؟؟

- لأنه لم يخبرني بأنه سيصعد إلى السماء وإلا لكنت أوصيته بأن يقول لـ [نور] أن تنزل حتى نلعب معًا، فأنا أشعر بالملل.

ابتسمت الأم بحنان لتفكير ابنتها وقالت:

- إذا عرفتِ بأن روح أحدهم صعدت إلى السماء فلا يجوز أن تتحدثي عنه بسوء، بل يجب أن تقولي "يرحمه الله".

أردفت:

- سأعد لكِ شيئَا لتأكليه.

ابتسمت [سهر] بسعادة وقالت:

- أريد شطيرة باللحم المشوي كالتي أعددتها لي في يوم ميلادي.

- ليس لدينا سوى زيتون وبعض الخبز.

- زيتون! أنا لا أحبه! إنه مرّ الطعم وليس لذيذًا!

- أعدكِ يا عزيزتي، حالما أستطيع سأعد لكِ ما تشتهين حتى تأكلي ملئكِ.

تنهدت [سهر] بقلة حيلة وقالت:

- حسنًا...

ثم جلست على الأرض لتلعب بدبدوبها .. بينما احتل الأسى وجه الأم وراحت تدعو الله أن يفرج همهم...



مضت بضعة أيام كانت على [سهر] كالدهر .. لم ترَ فيهم الشمس أبدًا .. فقوات النظام لم تتوقف عن القصف ولو قليلاً .. بينما أمها وأختها تجلسان على نفس السجادة تدعوان الله وتسجدان له كي يحميهم وينصرهم ويكف الأذى عنهم...

فجأة وبلا سابق إنذار... توقف القصف .. وساد هدوء غريب في المكان .. أثار ذلك استغراب ودهشة الجميع داخل المغارة .. لم يكسر هذا الهدوء أي ضجيج لبعض الوقت .. حتى وقفت [سحر] وشدت الحجاب على رأسها قائلة:

- سأذهب واستطلع الوضع.

حاولت أمها أن تثنيها عن ذلك لكنها لم تفلح .. فإذا حدث أي شيء في الخارج لن يعلموا به ما لم يخرج أحدهم ويتفقد الأمر...

خرجت [سحر] من المغارة وهي تقول:

- دعواتكِ أماه.

جلست الأم على الأرض بهدوء وراحت تدعو الله أن يحمي [سحر] ويعيدها سالمة بينما قلبها يغلي لشدة قلقها...

مضت خمس دقائق .. فعشرة .. فعشرون .. فنصف ساعة .. فساعة .. فساعة ونصف... ولم تعد [سحر] .. طفح الكيل عند الأم فوقفت وأوصت [سهر] بألا تبرح مكانها حتى حين عودتها .. ثم خرجت لتبحث عن [سحر]...



بعد مرور عشر دقائق أخرى... لم تعد [سهر] تطيق الانتظار .. فحملت دبدوبها وخرجت من المغارة .. ابتعدت بضعة أمتار ثم وقفت تراقب .. لا شيء غير حطام المباني وقليل من الضباب .. حتى عاد القصف من جديد .. مع ذلك لم تتحرك [سهر] شبرًا واحدًا وبقيت تراقب...

مضى وقت ليس بطويل .. و[سهر] لم تبرح مكانها .. لا تعير لطلقات المدافع أي اهتمام... حتى جاءت تلك اللحظة .. مرّ كل شيء بسرعة البرق .. لمحت [سهر] والدتها وأختها تجريان معًا باتجاه المغارة فابتسمت بسعادة .. ولكن.... وأمام عينيها البراقتين.... أصابتهما طلقة مدفع .. تسمرت [سهر] في مكانها .. بعد ثوانٍ قليلة انقشع قليل من الدخان الناتج عن الانفجار .. فتمكنت من رؤية بقع الدم التي تلطخت الأرض بها .. انهمرت دموعها بغزارة .. نطقت:

- صعدتا إلى السماء... وتُركت أنا وحيدة...!

بعدها سقطت أرضًا مغشيًا عليها...

.

.

.

بالتأكيد تتساءلون ما الذي حدث لـ [سهر] بعدها...

إنها الآن تجلس على سرير في أحد المراكز الصحية بـ [لبنان] .. وحيدة .. فاقدة لقدرتها على الكلام .. ولقدمها اليسرى .. ولبيتها .. ولأمها وأبيها .. وأختها .. لم يبقَ لديها سوى ذلك الدبدوب الذي أصبح عتيقًا متسخًا .. مبتلاً بدموعها...



هذا ما تستطيع فتاة في الثانية عشرة تخيله عن المأساة التي يعانيها أطفال سوريا .. وهو بالتأكيد ليس أسوء مما يحدث فعلاً!!


__________________
[RIGHT][B][SIZE=4][FONT=Simplified Arabic][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;"][CELL="filter:;"][FONT=Simplified Arabic][SIZE=4][COLOR=black][ALIGN=right]-


وَ يَنزِفُ الجُرح سَرمَدًا دونَما تَخثّر ...[/ALIGN][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/FONT][/SIZE][/B][/RIGHT]

التعديل الأخير تم بواسطة ۾ـچڑڌ ۾ـڜاξ ـڑ ; 01-25-2013 الساعة 08:17 PM
  #2  
قديم 01-25-2013, 06:01 PM
 
قصة رائعة ومؤثرة
سلمت يداك على هذا الابدااع
بالتوفيق ان شاء الله
  #3  
قديم 01-25-2013, 08:54 PM
 
تًباً ، لتلككً المششًاعرْ التيً جًعلتً منً قلبيً ، يًنبضضْ من ششًدةْ الحًزنْ ،

ممًا قًدمتهُ ، أششًعرنيً بهًالةهً من الششًعور القًويْ ، التيً أتى فجآةهً حينًمآ قرآتُ مآ كتبتِه وًًقدمتهِ

قًصةهً ، جعلتنيً ، أششعرْ بحآلةهً [سًهر] وحًالةهً كلْ دًولةهً تعآنيً~

، الققًصةْ~ محًبوكةهً ، وفًكرتهًآ فًريدةهً جًداًِ منْ نًوعهآ~

أعجبتنيً بحققْ مآ قًدمتهُِ ،

بالتوفيقِ عزيزتيً~
__________________
~ الوداعُ ما هُو إلّا لِقاءٌ آخر أعزائِي.
مُدونتي، معرضي

Tumblr, @Niluver, @Ask.fm@
  #4  
قديم 01-26-2013, 08:09 PM
 
الفتاة المجنونة

تسلمي عَ المرور حبي :wardah:
بججد آسعدني ردكـ
نورتي

#

hartent likes this.
__________________
[RIGHT][B][SIZE=4][FONT=Simplified Arabic][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;"][CELL="filter:;"][FONT=Simplified Arabic][SIZE=4][COLOR=black][ALIGN=right]-


وَ يَنزِفُ الجُرح سَرمَدًا دونَما تَخثّر ...[/ALIGN][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/FONT][/SIZE][/B][/RIGHT]
  #5  
قديم 01-26-2013, 08:11 PM
 
AѕэєΓ ●

ثــــآآنكسس عَ الاطراء الجميل
افرحني لدرجةة اني قريته لـ حبيبتي مآمآ
فـِ الواقع هذا ما أشعر به عندما انظر لعيني صديقتي
لآنها من درعآآ
نورتي :wardah:
__________________
[RIGHT][B][SIZE=4][FONT=Simplified Arabic][ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:80%;"][CELL="filter:;"][FONT=Simplified Arabic][SIZE=4][COLOR=black][ALIGN=right]-


وَ يَنزِفُ الجُرح سَرمَدًا دونَما تَخثّر ...[/ALIGN][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/FONT][/SIZE][/B][/RIGHT]
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تُوِقَفُوِٱ,,عنٌدُ ٱلخٌطٌ ٱلأحًمر!! [حًملةة] أرجَوِٱ منٌ ٱلجَميّع ٱلدُخٌوِل فُٱلأمر غّٱيّة فُيّ الآهمّيًةة’’ ۾ـچڑڌ ۾ـڜاξ ـڑ روايات و قصص الانمي 161 08-10-2016 08:48 AM
ملكى/ لٱ دُٱعــيّ لـلـكـلٱم فُيّ قَسًم ٱلصِوِر .. فُـآصِوِر تُكفُيّ ~ ٱلجَزء ٱلثًٱنٌيّ Ĵυѕṯ ā Ďгẹαм موسوعة الصور 28 08-04-2015 10:24 PM
ٱعطٌوِنٌٱ موِٱقَفُكم ٱلمضحًكۂ وِخٌلوِوِوِنٌٱ نستُٱٱٱنٌسً ^^ لَمِيّس • نكت و ضحك و خنبقة 50 02-10-2013 01:40 AM
ٱلعيّدُ اتٱنٌٱ بّٱلفُرحًة \ مشّشّٱركتُيّ بّمسًسًٱبّقَة ٱلعيّدُ Luna ألغاز 5 10-27-2012 02:14 AM
منٌ ٱلأرض للعليّٱء ..بّتُشّيّيّع فُيّ ٱلظٌلمٱء ..صِــرٱأآخٌـٱتُ يّٱ زهرٱء jaroo7 مدونات الأعضاء 4 08-20-2012 09:44 PM


الساعة الآن 08:05 AM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011