عيون العرب - ملتقى العالم العربي

العودة   عيون العرب - ملتقى العالم العربي > عيـون القصص والروايات > روايات طويلة > روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة

روايات كاملة / روايات مكتملة مميزة يمكنك قراءة جميع الروايات الكاملة والمميزة هنا

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 06-09-2013, 03:49 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www8.0zz0.com/2015/02/27/17/521660796.jpg');border:3px solid gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
(9)

- أهذه حقيبتك؟ فقط أريد أن أعرف كيف وصلت إلى غرفتي؟
- لقد كنت معكِ طوال الوقت؟!
صاحت بعصبية :
- كيف! اخبرني كيف! أنا لم أحس بوجودك أبداً هل أنت كائن فضائي؟!
ضحك ضحكة قصيرة واستند بكفيه على قاعدة النافذة الواسعة في غرفتها ثم أخرج رأسه وهو يقول :
- ألا تشعرين بضيق في هذا المكان؟ ألا تودين الخروج من هنا؟
" إنه يلمح على ذهابنا .. " اختفت عصبيتها المزعومة في ثوانٍ ثم قالت :
- لقد أخبرتك سابقاً ان تذهب ، لماذا عدت؟
ذلك السؤال كان في كل مرة يضرب الوتر الحساس الخاص به، حتى إنه يتجمد في مكانه ولا يستطيع الإجابة، ظل يحملق في الحدائق الخاصة بالقصر ثم قال وهو ينظر للسماء :
- آه ، الجو رائع!
تلك الجملة، لم تغير الموضوع، بل تعلقت نظرات لينا الساخنة التي اخترقت ظهر عماد أكثر واكثر، وعندها صاح بسرعة :
- انظري هناك طائر كبير جداً!
اقتربت لينا واخرجت رأسها من النافذة وهي تقول :
- أين أين أين ؟
ضحك عماد وقال بصوتٍ خفيض :
- كانت كذبة!
اقترب حاجبيها النحيلين وصاحت بعصبية وهي ترمي عليه احد الكتب :
- يالك من كاذب! لقد ظننت بأن هناك شيئًا غريباً !
- لقد ارتعبتي!
- لا!
- بلى انت جبانة!
- توقف لست كذلك ..
- بلى!
- يا بغيض ..
توقفا عن المنابذة عندما سمعا طرقاً على باب الغرفة، وعندها همست لينا :
- هيا احمل حقيبتك، لن تبقى في غرفتي لحظة أخرى!
تساءل بتذمر :
- لماذا؟ أين أبقى إذاً!
- اذهب إلى أي مكان!
- هكذا إذاً ..؟
عاود صوت الطرق يرتفع مجدداً واحتقن وجه لينا " هل يمكن أن أصفعه أو أي شيء ..؟؟ " أجابت على الباب :
- تفضل!
دخلت الخادمة، يتبعها أحد الحراس الخاصين بالأمير سامي، ونظر إلى لينا ثم قال بتهذيب :
- آنستي، سيدي يطلب منك الحضور إلى غرفة الاستقبال الخاصة ..
ثم نظر إلى عماد واستدرك :
- والسيد عماد أيضاً .
تسائل عماد ساخراً وهو يحمل حقيبته وينظر إلى عينيّ الجندي :
- إذاً، ماذا فعلتم بالعنزة؟
ارتفعت نظرات الحارس الخاص نحو عماد وقال ببلاهة :
- آمم .. المعذرة، ماذا تقصد؟
- ألم تكن تجرها خلفك بالأمس؟
فهم الحارس القصد من كلام عماد وأجاب بلباقة :
- لقد عادت إلى قصرها!
- بكل بساطة؟! لماذا لم ترمي بها في قعر الوادي وتريحنا!
تبادل الاثنان نظراتٍ طويلة وعندها تكلم الحارس :
- ولكن ماذا عنك؟ ماعلاقتك بها؟ لقد كانت تتحدث عنك طوال الوقت!

" ماذا؟ تتحدث عنه ..؟ .. " كانت لينا تنظر باستغراب، وعندها تكلم عماد :
- أظن بأن هذا ليس من شأنك!
- وأيضاً ليس من شأنك أن تسأل عنها! وأن تتكلم عن القائها في قعر الوادي!
تجاهله عماد قائلاً :
- بلى! من حقي .. لقد آذتني !
تدخلت لينا متسائلة :
- ماذا؟ ماذا فعلت لك؟
" هل هو الفضول الذي قتل الهرّة ..؟ " حمل حقيبته وتثائب وهو يقول :
- أنا سوف أذهب الآن .
تبعته وهي تمسك بحقيبته وتتساءل :
- ستذهب ..؟ للخارج؟
- نعم !
- بمفردك؟
التفت عماد ينظر إليها وهو يفكر " ماذا الآن! هل تفكر في الذهاب بصحبتي ..؟ " نظرت إليه وهي تفكر "لا استطيع أن أبقى هنا لحظة واحدة .. لكن هل سأستمر مع هذا المجنون ..؟ " .. وصل الاثنان بصحبة الحارس هاني إلى مكان جلوس الأمير الذي كان ينتظرهم في غرفة الاستقبال الخاصة ..
ابتسم الأمير وقام بتحيتهم على الفور وقبل أن يتكلم قال عماد :
- أنا سوف أرحل الآن .
نظرت لينا اليه بسرعة وظهر الارتباك على وجهها ثم قالت :
- أنا أيضاً، سأذهب!
شعر الأمير بأن الأرض تدور، نظر إلى وجه لينا والحزن يغلف ملامحه ، وجلس على الكرسي الوثير وهو يحدق أمامه بصمت .. " ستذهب.. نعم، إنها راحلة .. وأنت ماعساك أن تفعل؟! فقط ستتركها تذهب هكذا ..؟ " تساءلت لينا بقلق وهي ترى الأمير شارداً على غير العادة :
- هل انت بخير؟
- أ .. أجل .
قالها مستدركاً ومن ثم بدأ العرض قائلاً :
- لماذا لا تبقيان هنا ليومٍ أو يومين، علني اساعدك في إيجاد جدتك .
" يا إلهي ما هذه الورطة! هل سأبحث عن شيء غير موجود؟ " كان التوتر يسيطر عليها، ولكنها قالت متدراكة وهي تبتسم :
- ولكن .. لقد تعبت كثيرا في الأيام الماضية وقاسيت بسببي. ليست هناك حاجة للمزيد من ...
قاطعها وهو يقف ويمشي خطوتين باتجاهها :
- لماذا ترغبين بالرحيل!
ثم أشار نحو عماد وقال :
- هل هو شقيقك فعلاً؟

تبادل مع عماد نظرة عدائية، لم تستطع لينا الإجابة لأنها لايمكن أن تكذب .. ! فقط اكتفت بالنظر اليه ولسان حالها يقول " أخرجني من الورطة ..!" أما عماد فقد تكلم على الفور :
- بالتأكيد نحن لسنا أشقاء، أخبرتك بأنها زوجتي! لماذا لاتصدق!
شهقت لينا مذهولة! وحدق الامير بوجهه لثوان بدون أن ياخذ نفساً.. وعندها قالت لينا وهي تضرب كتفه :
- ألم أقل لك أن تتوقف عن سرد الأكاذيب!
تابع عماد الكذبة متجاهلاً اياها :
- هل كنت تظن بأنني سأترك زوجتي بسهولة!؟
صاحت لينا وهي تضرب كتفه بقوة أكبر :
- توقف عن سرد الأكاذيب أيها البغيض المزعج!

تركتهما لينا وخرجت من المكان بسرعة وهي تشعر بالضيق "يا الهي ما الذي يجب علي فعله؟ ما الذي فعلته في حياتي لكي أمر بتلك المواقف العصيبة! .. " سرت قشعريرة في جسدها وهي تتذكر لحظة القائها في الوادي وهي مكبلة ، مكممة .. لا تكاد تحرك ساكناً!
عندما خرجت مسرعة نظر سامي وهو يضيق عينيه فيه وجه عماد وقال :
- لماذا تفعل بها هذا؟ إنك تضايقها!
تكلم عماد بعدوانية :
- اتركها وشأنها!
قال سامي بنبرة منخفضة وهو يرفع حاجبيه :
- إذا لا تضغط عليها! كنت لاجد جدتها في غضون أيام ، بدلاً من جعلها تكابد مشاق الطريق مع مجنون مثلك!
- ماذا ! أنا مجنون؟! سوف تستمتع في الرحلة بدلاً من حبسها في هذا المكان الذي يشبه السجن!
تركه وخرج خلف لينا وهو يتمتم " ياله من أمير متعجرف .. ماذا يظنني! لن أخرج من هنا لوحدي بأي حال " نظر إلى لينا التي كانت تستند على سياج شرفة خارجي بظهرها وهي شاردة الذهن :
- لينا!
كان صوته يهتز بحدة ، فرفعت عينيها المتسائلتين إليه وعندها استطرد وقد اكتسح صوته بعض الهدوء :
- أنا سأذهب الآن، إذا أردت مرافقتي فالتأتِ معي. وإلا فسوف أتركك هنا ..
" ماذا سأفعل .. أريد العودة إلى بلدي .. أين انت ياجدّي .. " تحرك جفناها يرمشان عدة مرات في توتر، وعاد عماد يقول :
- هل انت خائفة؟ لن يجبرك أحد على شيء! فقط قرري .
" هل أخبره؟! ، بأن جدتي توفيت منذ زمن بعيد .. هل أخبره! أنا لم أذهب إلى بلاد الجبال من قبل .. هل أخبره بأنني أخاف منه بشدة! وأخاف بأن يعرف الحقيقة .. " في تلك اللحظات، خرج سامي من الغرفة إلى الردهة الواسعة حيث عماد ولينا فتكلم بنبرة حنونة :
- آنسة لينا، لا يجب عليك القلق حيال الأمر .. افعلي كل ما يحلو لك . ولكن .. إذا قررتِ الذهاب يجب عليك أن تأخذي رمح .
ظلت شاردة الذهن، حتى إنها لم تسمع ماقاله الأمير سامي . وكان قرارها الأخير هو العودة ... مهما كانت المشقة التي ستتحملها في بلدها المليئة بالحروب .. ولكنها ستبقى أنيسة مع الذكريات ..
الآن هي تشعر بالخوف، والافتقاد ..
وعندما رفعت عينيها المغرورقتان بالدموع، تلاقت مع عيني سامي اللتا يتحركان بؤبؤيها بقلق .. القت نظرة سريعة على عماد الذي كان يستند إلى الجدار ويحملق في ظهر سامي ببرود.
تكلمت لينا مخاطبة الأمير :
- أنا آسفة، سوف أذهب مع شقيقي. لن يمكنني البقاء هنا .
ارتفع حاجبا عماد باستغراب وهو يفكر " شقيقي؟! " وتضاربت أفكار سامي " إذن كانا شقيقان من البداية كما توقعت، متشابهين بشكلٍ كبير .. لديهما نفس التأثير ..ولهذا لم يوافق على تركها " ابتسم الأمير قائلاً :
- لا يجب عليك الاعتذار، أنا اتفهم هذا، بإمكانك اكمال الرحلة مع شقيقك .. ولكن أنت ستقبلين رمح، صحيح؟
أومأت لينا بالموافقة وهي تتحاشى النظر نحو عماد .

توجهوا جميعاً نحو اصطبل الخيل . وضع حارس الأمير لجاماً وردياً للحصان الأبيض "رمح"، كان يبدو جميلاً للغاية بشعره الرمادي الكثيف .. وتلك العيون السوداء الواسعة واللون الأبيض الصافي .. أمسك الأمير بلجام الحصان البني ذو الرقم وقال مخاطباً عماد :
- سوف تحتاج إليه .
تعجب عماد من عرض الأمير وقال :
- لكن لماذا، استطيع السير .
قال هاني حارس الأمير الشخصي بحدة :
- لا يمكنك رفض الهبة الملكية ...!
نظر عماد إلى هاني بغضب وقال :
- لا تتدخل أنت!
- بلى، هل نسيت بأنني الحارس الشخصي للأمير؟! وإذا لزم الأمر سوف أقتلك!
تكلمت لينا وهي تفصل بين الاثنين :
- كفى!
ابتسم سامي وهو يراقب لينا وقال :
- هاني، سوف تفعل أي شيء من أجلي صحيح؟
اتجهت عيني هاني الواسعتين نحو سيده وتكلم على الفور :
- بالتأكيد سيدي!
- إذن رافقهما وقم بحراسة الآنسة لينا، حتى يصلا بأمان.
- بالتأكيد سيدي .
" هل يسخر مني؟ " نظر عماد نحو هاني ثم خاطب الأمير :
- لكنها لن تحتاج إلى حراسة فأنا معها!
صاح هاني مجدداً :
- لا تعترض الأوامر الملكية هل سمعت! يالك من صعلوك بذيء!

اشتبك عماد وهاني في معركة كلامية وعندها قالت لينا بارهاق :
- ربما، لا يجب عليك أن ترسل هاني معنا، فهما سيتعاركان طوال الطريق!
كان الأمير يراقب والابتسامة تعلو وجهه " يجب أن أتأكد من أنك لن تضيعي من بين يدي .. " ثم قال وهو يخفي أفكاره :
- لا بأس سوف يعتادان على بعضهما قريباً. سوف آمر هاني بالتزام الصمت .

---------------------
بعد وداع الأمير، سار ثلاثتهم بصمت، ولكن لينا عجزت عن سحب لجام حصانها مما دفعها لتتوقف في منتصف الطريق " يا الهي ساعدني .. " كانت ترتجف خوفا من مجرد السير بجانبه .. وهي تتخيل كيف يمكن أن يعضها فجأة أو يقوم برفسها أو .. أي شيء مخيف ..!
نظر عماد خلفه وقبل أن يقول أي شيء كان هاني قد ترك لجام حصانه البني واندفع نحوها وهو يقول :
- دعي أمره لي سيدتي!
قالت لينا بتذمر :
- لا أحب الألقاب! يمكنك فقط قول لينا مجرداً..
كان عماد ينظر إلى هاني بغضب " هذا ماكان ينقصني! شخص يعكر صفو حياتي الرائعة! .. " تقدمت لينا بسرعة مقتربة من عماد وهي تتنهد براحة كبيرة بعد ان ابتعدت عن حصانها مسافة كافية!
ولكن الحصان رفض التحرك مع هاني! كان حصاناً عنيدا وهز رأسه ثم صهل بحدة وهو يحك حوافره الأمامية بالأرض ويتحرك يمنة ويسرة، سلم عماد لجام حصانه لـ لينا وقال وهو يبتعد :
- سأتحقق من حصانك!

[b]مسكت باللجام ونظرت الى الحصان البني بذعر وهي تفكر " لا .. يبدو بأنني لن أنفك عن تلك الحيوانات المرعبة أبداً! " كان عماد يتكلم مخاطباً هاني الذي تسائل ما إن كان الحصان خائفاً :
- لم تتوقف الخيول الأخرى! إنه ليس خائفاً، بل جائع ..
- إذا علينا أن نتوجه إلى بلدة جومار الزراعية القريبة .
- هل تعرف الطريق؟
- بالتأكيد ..
وبينما يتحدثان عن البلدة القريبة اقترب الحصان من وجه لينا وزفر عدة مرات وعندها تجمدت لينا في مكانها رعباً وقد تركت اللجام بسرعة ، اقترب الحصان أكثر فخرجت منها صرخة رعب قوية التفت على اثرها عماد وهاني وشاهدا لينا تهرب مبتعدة!
تبعها عماد بسرعة وهو يصيح متساءلاً :
- ما الأمر؟ هل أصابك شيء ما!
توقفت وقالت بخوف وهي تشير أمامها :
- نعم! هذا الحصان .. لا أريد الاقتراب منه!
" تخاف من الخيول .. !! " كان مندهشاً وتكلم على الفور :
- لكنها حيوانات أليفة، لا يمكنها أذيتك!
- أعرف .. ولكن ..!
انتهى بهما المطاف سيرا على الأقدام يجرون الخيول خلفهم متوجهين إلى البلدة، وعندما وصلو استأذن هاني مخاطباً لينا بتهذيب :
- نحن الآن بالقرب من منزلي، ولأنني لا أعرف كم ستطول مدة الرحلة برفقتكم، فهلا اذنتِ لي آنستي بالذهاب لتوديع أمي وإخبارها بأنني مسافر ومن ثم احضار أمتعتي ، وأيضاً إطعام الخيول ..
قالت لينا بدون تفكير :
- نعم نعم ، بالتأكيد .
" هاهاها! يالها من فرصة .. اذهب لتوديع والدتك وابقى معها للأبد إذاً .. " نظر عماد نحوه بنظراتٍ ماكرة، وعندها عاد هاني بنظره إلى لينا وقال :
- لن تذهبو من دوني صحيح؟ سوف يعاقبني ولي العهد بشدة ان خالفت أوامره .
قال لينا :
- لا ، سوف ننتظرك هنا!
ثم نظرت حولها وشاهدت مقعداً خشبياً كبيرا تحت شجرة وارفة الظلال فقالت وهي تشير نحوه :
- سنجلس هناك..
- شكراً لك آنستي، لن أتأخر!
صاحت لينا :
- لا أحب هذا ، قلت لك نادني باسمي فقط ..
امسك عماد بلجام حصانه وحصان لينا المتذمر ، وهو يراقب ابتعاد هاني مع حصانه حتى اختفى خلف أحد المزارع القريبة، وعندها توجهت لينا نحو المقعد وجلست بدون كلام . فقط كانت تفكر .. " الآن كيف سأعود؟ هل علي أن استقل القطار السنوي ..؟ لكن لم يمر من السنة سوى اسبوع واحد .. كيف سأنتظر سنة كاملة حتى تعود إلى المحطة، إذا ... " قاطع أفكارها صوت عماد الذي اقترب وهو يقول :
- هيا بنا!
رفعت رأسها إليه وقالت باستغراب وهي تكرر كلامه :
- هيا بنا؟!
- نعم، الآن
- ولكن هاني ...
زفر عماد وقال :
- ماذا؟ هل ستنتظرينه حقاً؟ انه شاب حقير ..
- لكن من الجيد أن نكون مجموعة في السفر ..!
نظر عماد خلفه نحو المزرعة وقال :
- هيا اسرعي الآن، يجب أن نبتعد مسافة كافية قبل خروجه حتى لا يلحق بنا .
صاحت لينا :
- يالك من بغيض وعديم الإحساس! ألم تسمع بأنه سوف يعاقب إذا تخلف عنا؟!
- وما شأنك بهذا؟
- يالك من شاب بارد!
جلست على المقعد وأمسكت جيدا وهي تقول بإصرار :
- وأنا لن أتحرك من هنا انشاً واحداً ...
وقف عماد صامتاً، " يالها من عنيدة! لن تسبب مصاحبته لنا سوى المشاكل .. لماذا تدافع عنه بضراوة " ربط الحصانين بفروع الشجرة المنخفضة ثم قال :
- إنه حتى لم يقل تفضلو إلى منزلي وتركنا ننتظر بالخارج في تلك الشمس! ياله من شخص أبله ..
انتبهت لينا إلى تلك النقطة ثم راودتها ضحكة مفاجئة وهي تقول :
- أنا لم ألاحظ هذا الأمر، فهو لا يهم .. أعتقد بأنه لن يتأخر .
ابتسم عماد ووقف يتطلع إلى السماء بجانب خيوله ويقوم باللعب بحجر ملقى على الأرض وهو يحمل حقيبته السوداء على ظهره، وعندها نظرت لينا نحوه " أي نوع من الاشخاص هو ؟ تارة يبدو طيباً، وتارة شريراً أوغبيا .. احيانا اشعر بانه مريض، واحيانا أشعر بانه بكامل طاقته .. " كانت تفكر بالطريقة التي تقابلا بها في القطار السنوي، وكيف انه ظهر من العدم عندما لم يكن أحد موجوداً ..
كيف تمسك بها وعاد مرة أخرى! وكيف أنها لم تستطع التخلص منه وفضلت أن تترك المملكة بأسرها، لتمشي مجهولة المصير مع شخص لا تعرف عنه سوى اسمه!
بعد تردد تساءلت :
- هل لديك جدة؟
توقف عماد عن اللعب بالحصى الصغير ونظر إليها وهو يلتقط انفاسه واشعه الشمس تضرب في وجهه وتجعله مضيق العينين ..
وضع كفه على جبهته ليحجب ضوء الشمس وقال :
- بلى! جدتي .. بيبي .
انتابتها ضحكة حقيقية وكررت :
- بيبي؟
- أجل ، إنها جدتي المرحة للغاية .
- احك لي عنها ..
جلس عماد في مكان فارغ من المقعد بجوارها وقال :
- لا أتذكر عنها الكثير، فقط .. كانت ترقص على سطح المنزل وكأنها فتاة صغيرة ..
عادت لينا للضحك ولكنها سرعان ماتساءلت :
- لماذا لا تعرف عنها الكثير؟ ألم تعيشا سوية؟
صمت عماد للحظات وتعبير غريب ظهر في عينيه التي تحدقان في الفراغ " ماهذه الورطة .. اهنئك! سؤال مفاجئ للغاية .. "، نظر اليها وقال فجأة :
- لقد قتلتها بنفسي عندما كنت طفلا ..
تعالت ملامح الصدمة على وجه لينا " لا انه يمزح بالتأكيد .. لا بد بأنه يمزح أو يكذب لكي يخيفني " تابع عماد بجدية:
- دفعتها بكل قوتي وسقطت بالفعل من فوق السطح، ولأربعة ادوار كاملة وفارقت الحياة .. ولم يعلم أحد بأنني الفاعل .
ظلت لينا تنظر امامها بصدمة ثم حاولت ان تضحك لتلطف الجو وقالت :
- لكن بأي حال أن لم تتعمد قتلها .. صحيح؟ وايضا كنت مجرد طفل .. و ..
نظرت اليه فوجدته يحدق بها بشكل مخيف، وهمس :
- بالتأكيد كنت اقصد، لقد كرهتها واردت ان اقتلها .
انقطع التفكير والكلام عند لينا، فقد بدأ قلبها يخفق بخوف وجبهتها تتصبب عرقا، اما يديها فقد ارتجفت بشكلٍ لا ارادي ولكن تلك النظرة المخيفة تحولت لابتسامة ثم ضحكة وعندها قال عماد :
- هل صدقتِ ؟ يالك من غبية .. لقد كانت مجرد كذبة !
" كذبة؟ ماهو الصدق من الكذب .. انا خائفة، ماذا علي ان افعل هل اهرب بعيدا .. " قالت وهي تزدرد لعابها :
- تقصد بأنك لم تتدفعها عمدا صحيح؟
ضحك عماد ووقف وهي يقول :
- لم ادفع بيبي ، ماتزال على قيد الحياة!
ثم عاد إلى حصاته وبدأ بركلها يمينا ويسارا ، وسرعان ماظهر هاني من بعيد وقد استبدل ملابسه العسكرية بأخرى عادية، يحمل على ظهره حقيبة زرقاء وفي يده أكياس لإطعام الخيول .
ابتسم هاني براحة وقال :
- يمكننا أن نطعم الخيول سريعا ونسقيهم من ماء الجدول .. ثم نكمل رحلتنا الي الشمال .
تساءل عماد :
- ولكننا سنتوجه إلى مدينة الجبال لكي نبحث عن جدة لينا .
قال هاني وهو يعلق الأكياس على رؤوس الخيول ليأكلو :
- أعلم، إذا الشمال .
- أنت!! هل تعرف الطريق أم ..
" سيبدأ شجار جديد إذا لم اوقفهم حالا ذ " تكلمت لينا :
- في الحقيقة يا شباب ...
نسي الاثنان الشجار الذي كان سيبدأ فورا وتطلعا لما ستقوله لينا :
- أنا .. لقد تخليت عن فكرة البحث عن جدتي، سوف أعود إلى وطني .
تساءل عماد باستغراب :
- لكن .. لماذا؟
- هذا قراري .. ولهذا سوف أذهب وحدي لا داعي لأن تتعبوا أنفسكم بمرافقتي ، وأيضا وطني مليء بالحروب.
قال هاني على الفور :
- سوف آتي معك إلى أي مكان آنستي، حتى اطمن على مكان استقرارك .
- لا بأس يا هاني، استطيع الذهاب وحدي ، ألم أقل لك توقف عن مناداتي بالالقاب؟
تكلم عماد وهو يقول :
- أنا أيضاً سأرافقك ، ولكني لا اسمح لك بالذهاب حتى تخبريني لماذا تريدين العودة بعد ما قطعت تلك المسافة؟
" لا يمكن أن تكون خائفة من السير بصحبتي .. " .. لم يسمع منها جواباً فقال :
- لقد خرجت لتعثري على جدتك، صحيح؟ والآن ستتراجعين ونحن على مقربة منها! ربما سير يومين سيجعلنا نصل إليها!
" يا إلهي ساعدني لكي أقول له بأن جدتي لم تكن إلا مجرد كذبة، ولكن ماذا إن غضب مني؟ ماذا أن فكر بأنني خرجت هاربة وحسب لا لشيء آخر .. ماذا سيحدث لي؟ " كان هاني يراقب عن كثب وتساءل " هل هما شقيقان أم ماذا؟ لا يبدو بأنهما يعرفان شيئاً عن بعضهما .. " ..
تكلم عماد وهو يقول :
- لا إجابة؟ هل انت خائفة مني؟
لم تنطق لينا بحرف، " هكذا إذا، إنها دائما ماتخاف مني .. ولكن لا يمكنني التخلي عنها في ذلك الوقت وتركها مع هذا الأحمق .. " امسك بلجام حصانه وحصان لينا وانصرف وهو يقول :
- إذا فالنسقي الخيول ونكمل طريقنا .
" ياله من شاب متسلط .. " أمسك هاني بلجام حصانه وسحبه خلفه، أما لينا فقد سارت خلفهم بصمت .

قبيل الغروب اعترضت طريقهم عربة ملكية تجرها أربعة خيول ! وخلفها عربة كبيرة من الجنود ..
" هذا ماكان ينقصني، هل هو سامي مرة أخرى؟ ربما شعر بأنه بحاجته! أرجو أن يأخذه وينقلع بأقرب فرصة! " كان يفكر وهو ينظر تارة لوجه هاني الذي اكتسى الذهول ملامحه وتارة إلى العربة .. التي نزلت منها دعاء وهي تحمل فستانها أمامها ثم قالت :
- هل تظنون بأنكم ستفلتون مني بتلك السهولة بعد أن حطمتم كل شيء؟
---------------------------------------



[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________



اللي يحب أنمي pandora hearts يكلمني في الخاص
وشكراً

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 02-28-2015 الساعة 10:10 AM
  #12  
قديم 06-10-2013, 01:17 AM
 
هللووو ياعسل
شكراا على الرابط
وشكرا الانك قبلتى بى كامتابعة
اماا بااارت كثير روعة
واتمنى انك تكملين
__________________
  #13  
قديم 06-10-2013, 03:33 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www8.0zz0.com/2015/02/27/17/521660796.jpg');border:3px solid gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

(10)
- العنزة!
تمتم عماد بعدم تصديق ، وهي تقف أمامهم وتوجه نظرات الكراهية نحو لينا . نزل الكثير من الجنود من العربة الخلفية وأحاطو بهم في شكل كالدائرة ..
اقتربت قليلاً ثم نظرت لهاني وقالت :
- لماذا ترافقهم؟
" هذا ليس من شأنك ... " أجاب :
- إنها أوامر ولي العهد ..

نظرت دعاء إلى لينا، واقتربت منها وهي تحدجها بنظرات الكراهية .. ثم انتقلت إلى عماد وهي تقول :
- إلى أين ستذهب؟ لن أرحمك حتى تصلح اخطائك معي! هل فهمت!

حك عماد شعره وهو ينظر إليها بغباء وقال :
- أيُ أخطاء أيتها العنزة؟ ارى أن ذرات جسدك كلها مليئة بالغباء
شعرت دعاء بالغيظ وزمجرت وهي تضرب صدر هاني :
- سأريك أيها الوقح! سأحبسك في زنزانة وأعذبك حتى الموت!

بنظر هاني باستغراب ثم أمسك بذراعيها للتوقف عن الضرب على صدره وتساءل :

- هل تقصدينني؟

انتبهت دعاء وسحبت ذراعيها من بين يدي هاني ثم عاد تتنظر إلى عماد وقالت تأمرُ جنودها :
- امسكو بهذا الشاب الوقح!

وضع هاني يديه على خصره واستل سيفه ليقف مدافعاً عن لينا وعماد وقال بنبرة مخيفة :
- اقتربوا إذاً ! أنا أحذركم !

كانت لينا تقف مذهولة من إصرار دعاء، وعندها تقدمت إلى الأمام وتخطت سيف هاني وهي تصرخ بنفاذ صبر :
- أرى انكِ تعديت حدودك!
توقف الحرس عن التقدم، واتقربت دعاء منها وصاحت :
- لا تتدخلي وإلا صفعتك على وجهك، يا سارقة الرجال!

تقدم عماد بسرعة ليقف بجانب لينا المصعوقة ، وعندها رمقته دعاء بنظرة شريرة وقالت :
- تهمك مشاعرها؟ تهتم لأمرها ...؟

لم يفهم عماد ماذا تريد " يالها من بلهاء؟ ماذا الآن؟ هل أقص لسانها بالمقص وأرميها في قعر الوادي ..؟ "

شعرت لينا بالضيق الشديد من تصرفات الأميرة الغريبة، ونظرت إليها الأخيرة بالكثير من النظرات ثم رفعت يدها تهم بصفعها ولكن عماد أمسك بيديها ليعيدها للخلف وهو يقول :

- هاني، يمكنك قطع يديها الآن!

صرخت دعاء واستنفر جنودها يضربون بسيوفهم فبدأ هاني في القتال، وافلتها عماد بسرعة ثم ركض وهو يجر لينا خلفه ، بينما صرخت بذعر :

- اتركني أيها المزعج! لا تطاق كل المشاكل تأتي من خلف ظهرك! أيها البغيض ..

- اصمتي!
" يالها من فتاة! ادافع عنها ثم تكيل لي الشتائم! سوف انتقم منها بالتأكيد " ركض الاثنان بسرعة بين الحقول ..

بعد الكثير من الركض انتزعت لينا يدها التي آلمتها وجلست بين الحشائش العالية تلتقطُ انفاسها المتلاحقة " يا إلهي .. لماذا يحدث لي كل هذا! بسببه! كل هذا يحصل بسبب ذلك الشاب المعجون بالمشاكل ! سوف انتقم منه "

كان عماد ينظر حوله ببلاهة، ورفع يده يلوح بعيداً ، فتسائلت باستغراب :
- تلوّح لمن ..؟

نظر إليها وهو يفكر ملياً ولكنه أجاب بعد برهة :
- لا أعرف .. فنحن في مكانٍ غريب .. كنتُ أظن أنه رجل ولكن يبدو ....

شعرت بالفزع فانتفضت واقفة وهي تشعر بتنميل في أطرافها، وقالت بجزع :
- يبدو ماذا ..؟

- إنه يرتدي قبعة ..ّ!!
رفعت ناظريها لترى ما الأمر ..! كانت الشمس على وشك الغروب، كما أن طولها لا يسمح لها بالنظر فقالت :
- ماذا؟ من هو ...؟!

صمت عماد لفترة فصرخت :
- من هو! أيها الأحمق!

ابتسم ببرود وقال :
- يبدو مثل فزاعة الحقل ...؟ ربما؟
رمقته لينا بنظرة مليئة بالغضب وقالت وهي تجلس في مكانها :
- فزاعة الحقل؟! بالله عليك هل طار دماغك لكي تلوّح لفزاعة؟
ضحك عماد وقال وهو يلوح مرة أخرى :
- لكن الفزاعة تقترب هل تصدقين هذا؟
وقفت لينا ومعها وقف شعر رأسها من الخوف وصاحت وهي تنظر يمنة ويسرة :
- ماذا تقصد بـ "تقترب"!!

بدأ الظلام يحل شيئاً فشيئاً وعندها اقتربت لينا من عماد وهي تشعر بالبرد وتسائلت بصوتٍ خفيض :
- أيها المزعج، هل مازالت الفزاعة تقترب؟
" ماذا؟ هل هي خائفةٌ الآن" ابتسم ابتسامة شريرة وقال :
- لقد توقفت عن الاقتراب .. تعالي نذهب إليها!
- لا!
صرخت بأعلى صوتها وهي تغمض عينيها وتسحب قميصه بعنف ثم تهزه وتتابع :
- لا أيها البغيض لا! دعنا نرجع إلى هاني ودعاء!
أجاب عماد ببساطة وهو يفكر ملياً :
- أنا متعجب أشد العجب! لأنه لم يجدنا أي من حراس دعاء الأشاوس!
فتحت لينا عينيها وتكلمت وهي ماتزال مخفضة ناظريها بخوف :
- لنعد نحن إذاً ! لنرحل من هذا المكان لقد حل الظلام ..
- هل تظنين أنني أعرف طريق العودة؟ أنها أول مرة لي في هذا المكان العجيب!

تجمعت الدموع في عينيها ثم قالت :
- أحمق! كل المصائب تحدث بسببك! أنت السبب.. !!
عقد عماد ذراعيه أمام صدره وهتف:
- ألست تريدين العثور على جدتك؟! أنا أقوم بهذا الآن .. أبحث عنها مـ ..
ولكن صوت اهتزاز الحشائش بالقرب منهم جعله يتوقف عن الكلام وضع يديه فوق سماعة اذنه وتساءل :
- ماذا؟؟ هل هذا صوت شيء ما يتحرك أم أن سمعي يخونني كالعادة!

ولكنها لم تجبه، فقط كانت تغرق في خيالاتها وتصرخ وتبكي بداخلها وهي متحجرة من الخوف ..
- لينا؟
نظر عماد خلفه فوجد لينا منكمشة على الأرض لوحدها وهي ترتجف خوفاً، ومن بعيد لمح عماد الفزاعة تقترب أكثر وأكثر حتى أصبحت بجانبه تقريباً.
وعندها تكلمت الفزاعة التي لم تكن سوى امرأة عجوز ترتدي قبعة قشيّة :

- هل انت تائه؟!
" الفزاعة مجرّد امرأة عجوز ! يالحماقتي .. ولكن .. لم تنتبه للينا " ابتسم عماد وأجاب وهو يشير نحو لينا المتقوقعة على نفسها :
- نعم نحنُ تائهان !
ثم جذب لينا من ذراعها ليجبرها على الوقوف وهمس بالقرب منها :
- الفزاعة مجرّد عجوز لطيفة !! حمقآء!

تكلمت العجوز :
- لقد حل الظلام، تعالا إلى منزلي أعطيكما شعلة!
سارت العجوز متقدمة، وعندها تكلم عماد بصوتٍ خافت مخاطباً لينا :
- الا تلاحظين أن الناس هنا بخلاء للغاية! سوف تعطينا شعلة فقط؟
ثم أردف وهو يكبت ضحكة :
- لو كانت بيبي، لقامت بدعوتنا على العشاء!
دافعت لينا ضحكتها وقالت متظاهرة بالانزعاج :
- مزعج! ليست مضحكة أبداً!

همس مجدداً :
- اتعرفين؟ في بلادي .. هناك تطوّر كبير، فلدينا كشّاف يعمل بالبطارية! ماذا بشأن تلك الشعلة !
فكر " حتى في بلدة الأمير، كل شيء بدائي للغاية"
تساءلت لينا :
- هيه، ماذا تعني بكشاف البطارية؟ هل تتحدث عن مملكة الجليد؟
في تلك الأثناء كانت العجوز قد اقتربت من منزلها الذي ظهر واسعاً ومضيئاً وسط ذلك الظلام الدامس فهتفت لينا :
- آه! يبدو رائعاً!
فتحت العجوز الباب ودخلت، ولكن عماد ولينا توقفا أمام البوابة ، وعندها أخرجت العجوز رأسها وأشارت لهما بالدخول قائلة :
- ادخلا!
ثم عادت للمنزل تاركة الباب مفتوحاً .. هم عماد بالدخول ولكن لينا أمسكت قميصه بقوة حتى كاد أن يتمزق وقالت :
- لاتدخل ! أيها المزعج .. فربما ...
- ماذا؟
احتشدت الدموع في عينيها وظهر الجزع في ملامحها وهي تقول :
- تلك العجوز التي تأكل الأولاد!

ضج عماد بالضحك، ولكنها صاحت بجديّة:
- أنا لا أمزح أيها المزعج! وإلا كيف شاهدتنا من هذا البعد؟ ربما تشممت رائحتنا ..!
فكر عماد للحظة ثم تكلم وهو يدخل المنزل بثقة :
- هذا في القصص الخيالية فقط .. ثم .. لقد نسيتي بأنني كنتُ ألوح لها لفترة!

صرخت لينا من الخارج :
- تعال أيها المزعج!! اخرج
ولكنها شاهدته يدخل ويختفي عن انظارها بينما وقفت في الظلام خارجاً " سأريك أيها المغفل! سأجعلها تأكلك الآن .. أحمق "
دخلت خلفه بسرعة وسرعان ما شاهدته واقفاً ينظر إليها وعلى وجهه ابتسامة منتصرة أزعجتها كثيراً،، بعد برهة خرجت العجوز من احدى الغرف وهي تبتسم بلطف وتساءلت :
- هل انتما شقيقان؟
" لماذا يعتقد الجميع دائماً بأننا أشقاء! تلك الفكرة تجعلني مجنوناً " أجاب وهو يقترب من لينا :
- لا، نحن لسنا كذلك ..
ضحكت وهي تسحب احدى أخشاب الموقد :
- تبدوان متشابهان ..

" ألم أخبر تلك العجوز الخرفة بأننا لسنا كذلك .. " كانا ينظران إليها ولكن النظرات الحارة كانت تخرج من عيني عماد لوحده، وحلت فترة من الصمت والعجوز البطيئة تمشي جئية وذهاباً قبل أن تقول :
- تفضلا بالجلوس حالما انتهي من اعداد الشعلة ..
همس عماد للينا وهو يلقي بنفسه على الأريكة :
- يالها من بطيئة !
" ماذا أفعل مع ذلك المنزل المخيف وتلك العجوز الغريبة وذلك الأحمق الفضولي بجانبي، يا إلهي لماذا حظي سيء للغاية منذ أن خرجت من البلدة " جلست وهي تضرب الأرض برجلها من التوتر ثم همست بنبرة عصبية :
- سوف تعد الفرن لتلقيك بداخله وتأكلك !
ضحك عماد بصوتٍ عال، ولكنه أخفض صوته عندما تكلم :
- تلك العجوز الواهية ؟ كيف ستمسكني بالله عليك؟ إنها ضربة واحدة من قبضتي وستتحول إلى كومة عظام!
عاد للضحك بينما رمقته لينا بنظرات تفحص وقالت :
- لكنك لا تبدو قوياً ، فانت نحيلٌ للغاية!
ظهر الانزعاج على وجهه وقال معارضاً :
- ماذا؟ إنني قوي جداً لكن انت تحتاجين إلى نظارة ، أجل نظارة طبية!
ضرب جبهتها ولكنها ازاحت يده بسرعة وهي تزمجر غاضبة، وعندها ظهرت العجوز مرة أخرى من نهاية الممر وهي تحمل مصباحاً زيتياً وتسائلت باسمة :

- من أين انتما؟ لا تبدوان من هنا؟
لم يجب عماد، ولهذا نظرت إليه لينا فوجدته يرمق العجوز بنظرة غريبة ولهذا دب الرعب في قلبها وهي تفكر " لماذا يحدق إليها بتلك الطريقة؟ هل هناك شيء ما خاطيء؟ هل اكتشف بأنها عجوز شريرة فعلاً" .. وقبل أن تكمل افكارها وتتوغل ابتسم عماد فجأة وقال :
- نعم نحن من البلدة المجاورة .
وضعت العجوز المصباح الزيتي على الطاولة واخرجت عدسة مكبرة وهي تحاول اشعاله بعصا الموقد .. ولكنها لم تفلح، فوقفت لينا وقالت :
- دعيني اساعدكِ!
ابتسمت العجوز وقالت :
- خذيه يابنتي والمعذرة، فقد أصبح نظري ضعيفاً للغاية ..

اشعلته لينا بسهولة على الرغم من يديها اللتان ترتجفان بسبب افكارها " نظرك ضعيف للغاية؟! وكيف إذا شاهدت عماد وهو يلوَح من تلك المسافة البعيدة؟ لا يمكن لهذا الأحمق أن يكون طويلاً مثل النخلة؟ .. آه أنا حقاً خائفة .. خائفة .. خائفة !!" ، في تلك الأثناء كان عماد يراقب عن كثب، أما تلك العجوز فقد كانت تنظر للينا بعدستها مشدوهة ...

عندما انتهت لينا ، تكلمت المرأة العجوز :
- لينا ؟
ارتدت لينا للخلف، وصرخت بفزع :
- كيف تعرفين اسمي ..؟
وقف عماد وهو يتابع مراقبته للعجوز، ولكنه اقترب من لينا بعض الشيء وتساءل :
- صحيح، هل تعرفينها؟
هرولت العجوز إلى الممر مجدداً وهي تقول :
- انتظراني سوف أحضر لكما شيئاً .
" كيف تعرف اسمي؟ لابد أنها ساحرة شريرة! كما توقعت " نظرت إلى عماد وقالت بصوت خفيض وهي على وشك البكاء :
- دعنا نأخذ المصباح ونخرج من هنا بسرعة ..
" لابد أنها سمعتني أناديها .. هل تحاول الآن فعل شيء ما " أجاب عماد وهو يفكر :
- لا ..
ضغطت على كلماتها بنوع من الرجاء وهي ترجه من قميصه للمرة الثانية :
- دعنا نخرج من هنا بسرعة! أنا لستُ مرتاحة على الإطلاق!
- قلت لا!
- عنيد ! أكرهك ..

نظر إليها عماد مقطباً جبينه، وقال بجدية :
- لن يمسك سوء طالما أنا معك! لكن أنا فضولي وأريد أن أعرف ماذا تخبيء تلك العجوز ..!
هتفت لينا بنفاذ صبر :
- لن يمسني ماذا؟! منذ أن عرفتك و المصائب تتوالى على رأسي الواحدة تلو الأخرى! أيها البغيض المزعج !
أمسكت بالمصباح الزيتي وهمت بالخروج بمفردها ولكنه امسك ذراعها بقوة وقال ببرود :
- هل ستسيرين في الظلام لوحدك؟
- اوف!
تركت المصباح مكانه، ووقفت وهي تتمتم بعصبية .. ولم تمر دقائق حتى خرجت المرأة العجوز تهرول وفي يدها صورة ..
اقتربت من لينا التي تراجعت بخوف، وقالت وهي تقرب الصورة من وجهها :
- انظري يا ابنتي .. أليست هذه الفتاة هي أنتِ؟
اختطف عماد الصورة قبل أن تشاهدها لينا، ونظر مابين الصورة يتأملها ووجه لينا ثم ظهرت علامات الاستغراب على ملامحه ..
تسائلت لينا وهي تشعر بالقلق :
- مالأمر؟ أعطني إياها ..
سلمها الصورة ، ونظرت لتجد فتاة تجلس على كرسي خشبي وترتدي فستاناً عتيقاً ، تشبهها تماماً .. ولكن الصورة قديمة .. ممزقة .. باللونين الأبيض والأسود ..
قذفت بالصورة في الهواء وهي تقول بخوف :
- ليست أنا!! أنا لم ألبس تلك الملابس في حياتي!!
انهمرت دمو ع المرأة العجوز بينما التقط عماد الصورة وسمعها تقول :
- تلك الفتاة ابنتي، التي هربت مع عشيقها منذ واحد وعشرون عاماً!
تعالت نظرات الاندهاش على وجهي لينا وعماد ..
بينما تابعت العجوز تساؤلها بعاطفة بالغة :
- هل يمكن أن تكوني حفيدتي!
راقت الفكرة لعماد الذي هتف على الفور متسائلاً :
- انت! الا تعرفين شكل جدتك؟!
أومأت لينا بالنفي وقالت :
- لا .. لا أعرفها ..
تطلعت قليلاً بوجه المرأة العجوز وهي تفكر " هل يمكن أن تكون تلك الجدة، هي جدتي الحقيقية؟ لكن أمي أخبرتني أنها ماتت منذ زمن .. كيف " انتقلت أفكارها إلى كلام مسموع عندما قالت :
- اخبرتني أمي بأن جدتي توفيت ..
ظهر الحزن على وجه العجوز وارتمت على أحد المقاعد وهي تبكي .. بينما تكلم عماد :

- ربما أخبرتك بذلك لأنها تعلم بأنها تركت والدتها منذ زمن؟ أو حتى تقطع سيل اسألتك ..
ثم تمتم لنفسه :
- أعرف أنك تسألين كثيراً ..!
لكزته لينا في جنبه وهمست في اذنه :
- توقف عن سرد التخمينات أيها المزعج!

لوى عماد شفته وهو يفكر بحيرة .. ثم وضع الصورة على الطاولة أمام الجدة وقال :
- كانت فرصة سعيدة أيتها الجدة .. شكراً لك، لكن الآن يجب أن ننصرف!
رفعت العجوز المسكينة رأسها والدموع تملأ عينيها ، ثم أمسكت بمعطف لينا وتوسلت :
- ارجوكِ لا تذهبي!
نظرت له لينا بحزن نظرة مغزاها " ما العمل " ؟
ولكن نظرات عماد الجامدة لم تعطها أية إجابة وعندها عاد يتسائل بصوتٍ مرتفع :
- أنت متأكدة بأنها ليست جدتك التي تبحثين عنها؟
" ليست عندي جدة أبحث عنها أيها الأحمق!! ماتلك الورطة " ، ربتت لينا على كتف الجدة وقالت بحنان :
- أرجوكِ توقفي عن البكاء، أنا واثقة بأنك ستجدين حفديتك الحقيقية ..!
اجابت العجوز :
- لكنها أنتِ ، لينا ، لقد أرسلت لي والدتك رسالة بعد زواجها بفترة وأخبرتني بأنها سعيدة ورزقت بابنه تدعى لينا !
ثم وقفت وكأنها تتشبث بحبل الأمل الجديد وقالت :
- مازلتُ احتفظ بالرسالة إن كنتِ تريدين رؤيتها ..
لم تعطها الفرصة للإجابة وانطلقت تهرول ببطء في الممر وهي تنظر أمامها، وعندها همس عماد وهو يعقد ذراعيه أمام صدره ويتنهد :
- يبدو بأنك عثرتِ على جدتك الحقيقة! آه كم هذا العالم صغير!
لم تكن لينا مقتنعة، تشوشت أفكارها ونظرت إليه بحيرة وهي تقول :
- عماد!
" ماذا؟ هل قالت اسمي الآن؟ هل نادتني باسمي حقاً !! " شيء مثل الصاعقة أصاب عماد الذي حدق في الفراغ أمامه سارحاً في اللاوعي ..
- أنت أيها البغيض!!
رجته للمرة الثالثة ، وعندها نظر إليها بذهول وقال :
- ماذا قلتِ؟

عضت على شفتها السفلى ثم اخذت نفساً عميقاً وهي تقول :
- لقد أخفيت عنكَ أمراً ما ...
وكأنما أفاق على صفعة فاعتدل قائلاً باهتمام :
- ماذا؟
ترددت وهي تتسائل بخوف :
- لماذا تبدو جدياً للغاية ...؟ لقد أخبرتني بأنه لن يمسني سوء مادمت بصحبتي، صحيح؟
لم يفهم عماد مقصدها جيداً، ولكنه أردا أن تستمر بالحديث وعندها أومأ بالايجاب، فتسائلت وهي تشد قميصه بتوتر :
- هل هذا وعد ...؟
الجملة الأخيرة سببت له صدمة متتالية، فهو لن يعد بشيء لن يستطيع الوفاء به .. " ياله من وعد صعبٍ للغاية " ولكنه أجاب بدون تردد :
- هذا وعد ، ولكن ما الشيء الذي قمتِ باخفاءه عني؟
عادت المرأة العجوز تهرول في الممر، وقالت وهي تمد يدها أمامها :
- هاهي الرسالة، اقرأيها بنفسكِ !
صرفت لينا ناظريها عن عماد وامسكت بالرسالة المهترئة المكتوبة على نوعٍ غريب من الورق الأصفر ، فتحتها بحرص وبدأت تقرأ ..
" هل يمكن أن يكون هذا خطُّ أمي؟ أو حتى أسلوب أمي ... هذا يبدو مستحيلاً إنها مجرّد مصادفة " كانت تفكر بينما تقرأ الرسالة ..
بينما وقف عماد يغلي وهو ينظر بعيداً ويتسائل لنفسه " ماذا كانت تريد أن تقول ياتُرى! ما الشيء الذي تخفيه عني؟ هل هو بتلك الضخامة ..؟ أشعر بالفضول حقاً لمعرفة ما سيكون بأي حال، سوف أتوقع الأسوا .. "
نظرت لينا إلى المرأة العجوز وسألتها:
- منذ متى وصلت إليكِ تلك الرسالة؟
اظهرت المرأة المظروف ووضعت عدستها لدقائق ثم قالت وهي تعطيه لعماد :
- اقرأه يابني إنه هنا فأنا لا أراه جيداً ..
نظر عماد على ظهر المظروف وشاهد التاريخ :
" 13 ابريل،1805"
عاد ينظر للمرأة ببلاهة وتسائل :
- ماهذا؟ هل هذا تاريخ أم رقم الرسالة؟
أجابت المرأة :
- اقرأ التاريخ إنه على ظهر المظروف ..
وقف ينظر إلى المظروف مثل الغبي، وهو لا يدري ماذا يقول .. لهذا انتزعت لينا المظروف من يده وتأملته لثوان .. قلبته عدة مرات لكي تحصل على رقمٍ مفهوم ثم قالت :
- ذلك الجزء الاخير ... لا يبدو كـ تاريخ؟!

قال بشيء من الخوف :
- إذا كان هذا هو التاريخ حقاً، فهذا يعني انها ارسلته منذ ما يزيد على المائتي عام ؟
نظرت لينا إلى عماد بذعر ، ثم قرأت الرقم قائلة :
- هل تعنين العام ألف وثمانمائة وخمسة؟
اومأت المرأة بالإيجاب ...
وعندها ابتعد عماد للخلف وقال :
- هل انتِ شبح امرأة عجوز! اعترفي ..
ارتجفت لينا من جملة عماد الحمقاء وسقطت الورقة من يدها .. وعندها نظرت العجوز لهما وهي لاتفهم شيئاً وتسائلت بقلقٍ وحزن:
- ماذا تقصد يابني؟
امسك عماد لينا من ذراعها وركض للخارج ولكن العجوز امسكتها من ذراعها الاخرى وهي تبكي وتصرخ :
- لا تتركيني! لينا! ابقي معي ..

هتف بانفعال :
- دعيها وشأنها ايتها الشبح اللعينة !
صاحت العجوز :
- اتركها أنت! لماذا تحرمني من رؤيتها قليلاً ...
انتزعت لينا ذراعها من عماد وقالت وهي مشوشة التفكير :
- توقف!
تركها عماد وهو ينظر إليها متعجباً .. وسحبتها المرأة العجوز وهي تقول :
- لقد حرمت من ابنتي بسبب حبيبها! أرجوك لا تحرمني من حفيدتي .. اتركها معي لبعض الوقت ..
أشفقت لينا على المرأة المسنّة ، وربتت على ظهرها وهي تقول لعماد :
- لا بأس فالنبق معها الليلة ..
لم يكن هذا ماتفكر به حقاً، لقد كانت مذعورة أكثر من أي شيء، ولكنها شعرت بالشفقة على تلك العجوز، وأيضاً باتت تشعر بالندم لأنه كان قراراً متسرعاً ..
جلس عماد على رجليه خارجاً أمام الباب وهو يحاول استنشاق بعض الهواء بسبب ما شعر به من ضغط ازاء ماحدث ، كما أنه لا يستطيع الحصول على أي تفسير للموقف " كيف تكون تلك البلاد بهذه البدائية؟ إذا كانت تلك الرسالة من عشرون عاماً في تاريخ ألف وثمانمئة وخمسة .. إذا كم العام الآن ..؟ إنه ليس العام ألفين بكل ثقة .. "
خرجت تنهيدة حارة وهو يشعر بالدوار ، كان يسمع صوت لينا بعيداً وهي تتكلم مع العجوز في المطبخ بينما يعدان العشاء ولهذا سأل نفسه بخفوت :
- هل هي خائفة الآن وتحاول التظاهر كالعادة ..؟
وحتى قبل أن تمر دقيقة واحدة على تساؤله سمع صوت تحطم شيء زجاجي بالمطبخ، ولهذا نهض وركض إلى داخل المنزل بسرعة ..

قبل أن يصل سمع صوت المرأة العجوز تتسائل :
- هل انتِ بخير؟
وعندما وصل كان هناك طبق زجاجي محطم ولينا تحاول جمعه وهي تقول :
- آسفة حقاً ، لم أقصد بأن اسقطه ..
" هي خائفة جداً الآن؟ إذا هل علي البقاء هنا ؟ " جلس على أحد كراسي الطاولة الدائرية في المطبخ وقال باسماً:
- ألا تحتاجون مساعدة من الطاهي عماد؟
رمقته لينا بنظرة ارتياح، بينما تسائلت المرأة العجوز :
- هل تستطيع الطبخ؟
فتح عماد عينيه وقال بشكلٍ مبالغ :
- اوووه! مابك؟ إنني عبقري في الطبخ ..
عادت لينا تنظر اليه ولكن تلك المرة كانت نظرة ساخرة وارتسمت ابتسامة على شفتيها، اما العجوز فقد ضحكت وتسائلت :
- هل انت زوج حفيدتي؟
"يالها من عجوز مزعجة " تغيرت نظرة لينا إلى نظرة عدوانية ولهذا ارتبك عماد قبل أن يقول :
- آه! أجل .. بالطبع بالطبع ..
سحبته لينا من قميصه إلى خارج المطبخ وقالت بغضب :
- لماذا تستمر بالقول بأننا زوجان لكل شخصٍ تقابله! أتعلم؟ هذا لا يعجبني أبداً !! أنت فقط تستمر بتشويه سمعتي أمام الآخرين!
نظر لها عماد قليلاً ثم قال :
- وفيم يشوه سمعتك؟ انه يشوه سمعتي أنا ومع ذلك أنا استمر بحمايتك ..!
- اوه! حقاً .. ماذا إن كان الجميع ينظر إلى على أنني امرأة متزوجة من شاب مجنون بينما لستُ كذلك هذا ليس شيئاً جيداً، وأيضاً ماتلك الحماية التي تدعيها؟ ألا تعلم كم أنت شخصٌ بغيض؟
هز كتفيه بلا مبالاة وعاد يقول :
- لا بأس، اخبري تلك المرأة العجوز بأنه لا تربطنا أي صلة قرابة ثم ستتشبث بك أكثر وسأضطر لمواصلة السفر لوحدي وتركك هنا مع شبح القرن العشرين ..
ضربت كتفه بقبضة يدها وقالت بغيظ :
- لن تستطيع أن ترحل بدوني هل فهمت؟! هل نسيت وعدك؟ آه يا إلهي إنك عديم المسؤولية ..
صمتت قليلاً وهي تفكر بأسى في حالها، وعندما لاحظ عماد تكلم قائلاً :
- أنا لا أخلف وعدي أبداً !
- اعرف!
صاحت بتلك الكلمة قبل أن تركض عائدة الى المطبخ، ولكنها توقفت أمام الباب قبل أن تقول :
- هيه .. الن تأتي؟
ابتسم ولحق بها مستسلماً .

جلس الثلاثة حول مائدة العشاء الدائرية عماد ولينا متجاورين بينما جلست المرأة العجوزة أمامهما ، وقدمت الأخيرة نوع من الخضروات أبيض اللون فتسائل عماد :
- ماهذا؟
اجابت العجوز :
- فاكهة الفلفل .
نظر باستغراب إلى لينا التي هزّت رأسها نفياً وهمست :
- لا تأكل منها .
- لماذا لا اتذوقها ..؟
- لا تبدو كالفلفل .. أ .. آعني هل هناك فاكهة اسمها فاكهة الفلفل؟!
- ولكن .. ربما هي شيء لذيذ!
- يالك من أحمق ..

قاطعتهما العجوز قائلة بحنان :
- فيم يتهامس الزوجان العزيزان ؟ ألا يعجبكما الطعام؟
أكل عماد قطعة من الخضار الغريب " يا إلهي إنه سيء للغاية " ثم قال وعلى ملامحه تعابير غريبة :
- إنه لذيذ للغاية .. !
نظرت لينا إلى ملامحه وشاهدته يبعد الطبق قليلاً وهو يضحك ويأكل من شيء آخر فكبتت ضحكاتها وهي تفكر " أكاد أنفجر من الضحك عليه! هل أحمق إلى هذه الدرجة أن يأكل شيئاً لا يعرفه؟!" ولكن عماد نظر نحوها فجأة وشاهدها تكبت ضحكاتها،فقدم لها بعض الفلفل وهو يقول يصوتٍ عال :
- لماذا لا تتذوقين فاكهة الفلفل ؟؟ إنها لذيذة للغاية !
انقلب وجه لينا السعيد وابعدته وهي تقول :
- كله أنت سمعت بأنه مفيدٌ للرجال النحيلون ..
- آآآه!!! توقفي .. ! أنا لستُ نحيلاً ..!
- بلى ..
ضحكت الجدة وقالت :
- إنه مفيد لكما، كما انه يقوي البدن، وانتما ستذهبان في رحلة شاقة غداً .
ترك عماد الطبق وهو يزفر بضيق بعد أن تورط في أكله بالكامل وظلت الجدة تراقبه وهي تقول كل المزيد، أما لينا فباتت تشجع ضاحكة على ملامح وجهه الضجرة :
- نعم المزيد! هيا كل المزيد حتى تصبح كالعملاق الأخضر ..
- سأصبح العملاق الأبيض !

بعد انتهاء العشاء كان عماد يشعر بالدوار بسبب طعم الفلفل السيء، أما لينا فقد ضحكت حتى دمعت عينيها، وبعد أن قامت بالترتيب مع الجدة عادت إلى الصالة لتفاجيء بأنه يغط في النوم جالساً على الأريكة!
تبعتها الجدة وأحضرت بطانية ثم قامت بتغطيته وهي تقول باسمة :
- يبدو بأنه ارهق كثيراً، وأيضاً أكل كثيراً من فاكهة الفلفل ..

همست لينا ببعض القلق :
- وماذا تفعل فاكهة الفلفل ..؟
نظرت إليها العجوز وعينيها تلمع في الظلام وهمست :
- إنها تجعل الشخص يغط في نومٍ عميق ..
توقفت لينا عن الشعور بأي شيء وبدأت أفكارها تعصف بها " هل تعمدت العجوز أن تتخلص من عماد لكي تأكلني! نعم إنها عجوز شريرة .. لا يمكن أن أن تكون تلك الحركة بالمصادفة سوف ... "
شعرت بالعجوز تمسك بذراعها وتتكلم بخفوت :
- هيا تعالي ونامي في غرفتي .
سحبت لينا ذراعها بسرعة وقالت بصوتٍ مرتجف :
- سأنام هنا!
ثم جلست بجانب عماد على الأريكة، ولكن العجوز امسكت بها وقالت مصرّة :
- لا! سوف تأتي معي .. سوف تذهبون في الصباح وأنا أريد أن اتمتع بك قليلاً ..
:kesha:


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/COLOR][/SIZE]
__________________



اللي يحب أنمي pandora hearts يكلمني في الخاص
وشكراً

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 02-28-2015 الساعة 10:20 AM
  #14  
قديم 06-10-2013, 03:50 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www8.0zz0.com/2015/02/27/17/521660796.jpg');border:3px solid gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

(11)
سمعت صوت عماد يتكلم بخفوت :
- أرجوك أيتها الجدة أنا لستُ معتاداً على النوم بدون زوجتي .
" الحمد لله انه مستيقظ .. لكن .. ياللوقاحة !! " نظرت لينا نحوه بارتياح، كان يتكلم مغمض العينين، وعادت العجوز تحاول أن تثنيه :
- فقط اتركها الليلة يابني ..
صاح بصوتٍ أعلى :
- لا استطيع .
نظرت العجوز مستسلمة وأشارت إلى غرفة في الجوار وهي تقول :
- إذن تعالا فهي غرفة مجهزة للضيوف ..
تكلم عماد وهو يرمي برأسه على ظهر الأريكة ويتكلم بصوت مترنح :
- لا! تعجبني تلك الأريكة ..!
قالت لينا متظاهرة باللطف :
- لا بأس ياجدتي إن تلك الأريكة مريحة .
اعترضت الجدة بعصبية :
- لا يمكن أن تجعلي زوجك يفرض رأيه عليك بتلك الطريقة، وتلك الأريكة ليست مريحة فلا يمكنك النوم هنا! وإلا فالتتركيه ينام كما يحب وتأتي معي ..
أردف عماد وهو يقف بشكلٍ مفاجيء ويقترب من العجوز :
- شباب آخر زمن .. تقولين هذا داخل قلبك ..؟

شعرت الجدة بالقليل من الفزع اعادها خطوتين إلى الخلف وجعلها تقول على الفور :
- بالفعل أنا أقول هذا، لذا لن أترك حفيدتي الغالية تنام مرتجفة على الأريكة في هذا الجو البارد .

انتهى بهما المطاف جالسين في الغرفة على طرف السرير كبير .. بجانبه كرسي خشبي يتسع لشخصٍ واحد، وبعض الرفوف خلف الباب تحمل القليل من الكتب التي يعلوها الغبار ..
تنهد عماد وهو يفتح عينيه بصعوبة فقالت لينا بخوف وهي تهزه من قميصه :
- إياك أن تفكر بالنوم!
- لماذا؟ أنا شبه نائم ..
تركته لينا وفركت يديها بقلق وقالت :
- هل سمعتها تقول بأن ذلك الفلفل يجعلك تغط في النوم ...؟
ضحك ضحكة قصيرة وقال ساخراً وهو يفرد ذراعيه في الهواء ثم يسقطهما بجانبه :
- سوف اشتري الكثير منه .. أنا حقاً أعاني من صعوبات النوم .
" لماذا يبدو كالسكران، هل تلك الفاكهة تحتوي شيئاً مثل الخمر " كانت تنظر له متسائلة ثم قالت :
- هل انت بخير؟ نم على السرير هيا ..
توقف عن الابتسام والترنح ونظر نحوها فجأة وهو يقول بجدية :
- لينا ..
- مـ .. ماذا؟
عض على شفته السفلى وهو يفكر قليلاً ثم عاود النظر إليها وهو يتسائل :
- ماهو الشيء الذي اخفيته عني ..؟
" يبدو أنه بخير تماماً " صمتت لينا تفكر وشعرت بالارتباك ثم قالت بشكلٍ مباشر :
- أنا .. ليس لدي جدة أبحث عنها .
تكلم وعيناه متسعتان يحدق إليها بنظرات تملأها التساؤلات :
- إذا .. لماذا خرجتي في القطار السنوي؟
توترت لينا وشبكت أصابع يديها بقلق .. ثم صاحت بشكل مفاجيء :
- آه! لقد خرجت لأن بلدتي كانت خاوية من البشر، وفي الحقيقة أنا مثلك ليس لدي وجهة محددة .

" هذا فقط السر؟ هذا فقط ماكذبت علي لأجله .. آآه! وأنا الذي توقعت شيئاً كبيراً، بالفعل مهما بحثتُ في حقيبتها أنا لا أجد ذلك العنوان أبداً .. " نظر إلى الأرض وتنهد تنهيدة قصيرة ثم قال:
- سوف أنام .
وقف وسار نحو الكرسي الخشبي فقالت لينا معترضة :
- لا تقل لي بأنك سوف تنام هنا ..!
- أجل ..
ارتمى على الكرسي وغطى وجهه بكفيه وهو يفكر " إذاً متى سأخبرها عن كذبتي أنا؟ لقد تعدت مجرد الكذب بكثير .." خرجت كلماتها تتسائل بحزن :
- هل أنت غاضبٌ مني؟
لم يبعد كفيه عن وجهه بسبب الضحكة التي باغتته، تظاهر بالحزن قائلاً :
- لقد تفاجئتُ حقاً .. بذلت جهدي الكامل لكي أعثر على جدتك .. وفي النهاية يتضح بأن جهدي لا شيء ..
- حسناً آنا آسفة .. لقد فعلت ذلك لانني كنتُ خائفة منك .
ابعد كفيه ونظر إليها وهو يتسائل بصوت مليء بالحيوية :
- هل يعني هذا بأنك لستِ خائفة مني ؟
" أليس غاضباً الآن ..؟ " أجابت :
- لا، ولكنك ماتزال مزعجاً ..
ضحك ضحكة بلهاء ثم قال وهو يحمل حقيبته السوداء معه كالعادة :
- إذا سوف أخرج وأنام على الأريكة، اغلقي الباب جيداً حتى لاتتسلل تلك العجوز وتأكلك ليلاً ..
" لا أصدق ما يفعله، إنه يستمر بإلقاء الكذبات على الآخرين ولا يعرف عاقبة هذا .. ماذا ان استيقظت العجوز ووجدته نائماً على الأريكة ؟! آه ماذا أفعل يا إلهي بذلك الأحمق " صاحت به قبل أن يغلق الباب :
- انتظر! يجب أن تنام هنا!
- لا تبالي سأهتم بهذا ..
أغلق الباب خلفه غير مبال لكلامها، ومن ثم تكلم من الخارج :
- أغلقي الباب جيداً .
- حسناً .
أغلقت الباب بالمفتاح وعادت إلى سريرها ولكنها لم تستطع النوم جيداً فقد كانت تفكر طوال الليل .

--------------
في الصباح سمعت طرقاً خفيفاً على باب الغرفة، عندما استيقظت كانت تنام على السرير بإهمال وتقلبت ببطء ولكنها سرعان ماتذكرت بأن عماد في الخارج فأسرعت بالنهوض وفتح الباب وعندها دخل وهو يقول في عجل :
- ماهذا! كادت العجوز أن تكشفني ..
- متى استيقظت؟
- يجب أن نرحل الآن .
- حسناً ..

بعد الإفطار، قام الاثنان بتحية الوداع للمرأة العجوز التي كانت تذرف الدموع الحارة، وطلبت من لينا العودة لزيارتها، ثم سارا متجاورين وسط الحقول بدون تبادل الكلمات ..
" آه يا إلهي، متى ظننت أنه بخروجي من موطني سوف أجد الهدوء والراحة .. كيف كنتُ ساذجة إلى تلك الدرجة، الحمد لله على خلاصي من تلك المرأة بسهولة .. ظننت انه سوف يحدث شيء خطير قبل أن أخرج من هناك ..."
نظرت إلى عماد الذي كان يمشي بجانبها بهدوء غريب لم تعتد عليه من جانبه .. ولهذا تسائلت على الفور:
- أيها المزعج! هل انت بخير؟
فتح ذراعيه في الهواء وقال بمرح مفاجيء :
- بالتأكيد! ياللراحة! لقد خرجنا من عند العجوز الشبح أخيراً ..
" هل كان خائفاً طوال الوقت؟ " ابتسمت بدهاء وعادت تتسائل :
- لماذا أنت سعيدٌ جداً هل كنت خائفاً؟ هيا اعترف ..
- ما .. ماذا؟
" وكأنني نمتُ دقيقة واحدة طوال الليل! " رفع رأسه وتابع بعناد :
- بالتأكيد لم أكن خائفاً .. حتى ... حتى .. إنني كنت أغط في نومٍ عميق!
نظر إليها فوجدها تبستم بمكر وهي تنظر نظراتٍ غير مصدقة، ولهذا بدأ يدافع في توتر :
- اووه انظرو من الذي كان خائفاً .. ألم تكوني ترتجفين مثل الدجاجة المذعورة!
ضحكت لينا وتابعت سيرها بصمت أما هو فقد تبعها وهو يتكلم ويمثل بيديه مثل طريقة العجوز :
- ولكن تلك المرأة غريبة! وعندما أمسكت بك بتلك الطريقة .. آه لقد شعرت بالقلق وكدت ان اقتلها ..
- هل انت معتاد على قتل الناس!
ضحك ولم يجب ، تابعا سيرهما بصبر حتى انتصفت شمسُ الظهيرة، وأصبح الجو حاراً للغاية .. وعندها توقف عماد عن السير بشكلٍ فجائي ولهذا تطلعت خلفها لتراه واقفاً بصمت وملامح الارهاق بادية على وجهه فبادرت قائلة :
- دعنا نتوقف قليلاً ..
حرك رأسه نفياً وقال بعناد وهو يتابع سيره :
- لا يمكن ..
- لكنك لا تبدو بخير ..!
- أنا بخير .
" ياله من شابٍ عنيد .. " سارت خلفه وهي تقول :
- لكن لماذا! أنا أيضاً أشعر بالتعب والعطش ..
لم يتردد في التوقف وتابع السير بجدية بدون أن يجيبها فقط كان يدور برأسه " لو توقفت لحظة في تلك الشمس الحارّة سوف أموت ..! " وتمتم لنفسه :
- آه! الشمس حارقة! أشعر بأنني أذوب!!
اسرعت لينا بالمشي وتساءلت بخيبة أمل :
- هل تذوب حقاً ..؟ كنت أظن أنك كائن فضائي ... ولكن اتضح بأنك رجل الجليد .
نظر لها بطرف عينيه وعلت على وجهه ابتسامة شريرة وهو يقول :
- لكن أنتِ لا تعرفين عني شيئاً ، فربما أكون قاتلاً محترفاً أو هارباً من العدالة ..
تسائلت بحماس مفاجئ :
- مثل القاتل المأجور؟!



" لماذا تبدو سعيدة للغاية ؟ " نظر لها باستغراب وتابع :
- ألا تخافين بأنني ربما قتلت الكثير من الأشخاص ثم هربت من بلدي ..؟
لمعت عينيها ببريق غريب وتكلمت وهي تحرك يديها في الهواء :
- مثل الشخص الذي يبدو شريراً ولكنه في الحقيقة لديه جانب طيب ومسالم ..

- هوي! هذه ليست قصة خيالية ..
نظر الاثنان إلى بعضهما لوهلة بينما كانت لينا تفكر " في الحقيقة، أنا لا أعرف عنه أي شيء سوى اسمه .. وهذا الأمر مخيف" تكلمت ببطء :
- لكن أنت أيضاً لاتعلم عني شيئاً فربما أكون .. لصة محترفة!
قبضت على حقيبته بشكل مفاجيء مماجعله يتوقف عن السير وهي تقول :
- مثلاً أسرق كل الأشياء المهمة في حقيبتك ثم ألقي بها في الوادي ..
توقفت عن الكلام وهي تتذكر عندما ألقي بها في قعر الوادي فتركت الحقيبة واغمضت عينيها بشيء من الجزع :
- لآ! لن اقترب من الوادي ماحييت!
" يالها من ذكريات سيئة " ضحك عماد يطرد افكاره وتابع سيره مع لينا التي عادت تتسائل :
- لكن لماذا لا أعرف عنكَ شيئاً ..؟ هيا أخبرني .. هيا ..
- بماذا اخبرك؟ كما ترين رجل الجليد لا يوجد لديه سيرة ذاتية !
" الآن يجب أن أجعله يعترف، لقد أصبحت فضولية بشأنه كثيراً .. " قالت بشكل كوميدي :
- بلى رجل الجليد لديه سيرة .. هيا أخبرني !
- ماذا عن لصة المجوهرات الثمينة!؟ ماهي سيرتك الذاتية ..

" ماذا هل يقلب الأمر علي .. لن أريحه أبداً بشأني " كانت لينا تفكر بينما شاهد عماد عدة أفراد من الجنود يقفون على جانبي الطريق " من هؤلاء ..؟ هل هناك حربٌ في الأنحاء " صاحت لينا عندما رفعت رأسها :
- من هؤلاء!
- لا أعلم، ولكن لا بأس علينا الاستمرار في الطريق ..
توقفت لينا بدون تفكير والجزع باد على وجهها :
- لكن لقد سُرقت حقيبتي! ماذا لو طلبوا هويتي؟ أنا لا أملك بطاقة!
لم يتوقف عماد عن السير فقط كان يفكر " ماذا لو علمتي بأن بطاقتك بحوزتي ..؟ " ولهذا ركضت خلفه وامسكت معطفه لكي تمنعه من السير وقالت والدموع تملأ عينيها :
- لا تذهب .. دعنا نعود أدراجنا ..
أبعد يدها بلا مبالاة وقال ببرود وهو يتابع سيره :
- لا تخافي! لن يحدث شيء سيء !
" لماذا أصبح قاسياً فجأة " ظلت واقفة في مكانها وهي تنظر بعيداً، مسحت دموعها وقالت :
- هل تعدني بأنه لن يحدث شيء سيء؟
توقف عن السير والتفت ينظر إليها، " ألا تعرفين بأن وجودك معي بالكامل هو مجرد حظ سيء لكِ .. يا ألهي كيف يمكنني أن أعدها بمثل تلك الوعود الصعبة وأنا لا استطيع فعل أي شيء بالشكل الصحيح؟ .." بالنسبة لها، كانت نظراته قاسية ، باردة و كان صامتاً بشكلٍ مستفز ..
شعرت بالبرودة، منذ فترة لم تشعر بذلك الإحساس، في البداية عندما كان ينظر لها بنظراتٍ باردة، مخيفة .. وغير مفهومة .. لقد تلاشت تلك النظرات مع الوقت، مع الظروف التي جمعتهما ..
حتى ظنت بأنها اختفت ، " لكن لماذا يحدق لي بتلك الطريقة .. هل يخفي عني شيئاً ما؟ أم أنني ارتكبتُ خطأ ما ..؟ " احتشدت الدموع في عينيها وسارت بدون قول أي كلمة ..
سار بجانبها ببطء وهو يفكر " لماذا لم تنتظر حتى أنطق ..؟ هل كنتُ قاسياً جداً ..؟" داهمته الذكريات المفاجئة وصدر صوت فتاة في عقلة، كان يعرفها جيداً .. " أنت قاسٍ جداً، لاتُطاق .. لم أعد احتمل صمتك " .. سرت رجفة في جسده وحرك رأسه يمينا ويساراً لكي يطرد تلك الذكريات السيئة ..
كانا يقتربان من نقطة الجنود أكثر فأكثر، حتى رأوهم الجنود وعندها اقترب احدهم وصدر امر منه على الفور :
- توقف وأظهر بطاقتك ..!
توقف عماد اما لينا فقد امسكت ذراعه والخوف يعتصرها ، اخرج عماد بطاقته من جيب سرواله وتأمل الجندي الصورة جيداً ثم قال :
- وبطاقة الفتاة ..؟
كادت لينا أن تتلاشى ذعراً ، اغمضت عينيها واختفت خلف ظهر عماد أكثر وأكثر ..
وعندها تكلم عماد قائلاً :
- لقد سرقت حقيبتها منذ فترة، وليست معها بطاقة هوية ..
أشار الجندي إلى حقيبة عماد السوداء وهمهم :
- سنفتش هذه !
" هل مرّ الأمر بسلام؟ هل سيتركونني أعبر ..؟ " فتحت لينا عينيها وابتعدت عن عماد قليلاً لتفسح له المجال بانزال حقيبته من فوق ظهره ، ولكنه قام بمباغتته الجندي وضربه في وجهه بطرف الحقيبة !
سقط الجندي ارضاً واسرع رفاقه بالتجمهر حول عماد الذي امسك لينا المذهولة وشرع في الركض السريع!
كان يسحبها خلفه سحباً، وصرخ :
- اركضي بشكلٍ اسرع!
نظرت الى الخلف فشاهدت الجنود يصوبون اسلحتهم وعندها صرخت :
- توقف ..
- لا!
- لن تستطيع الهرب!
أفلتت لينا يدها ووقفت في منتصف المسافة حيث لحق بها الجنود وامسكوها، وتوقف عماد بدوره وهو ينظر إليها "لماذا توقفتِ لماذا!! كان بإمكاننا الهرب .." من بعيد اخذها الجنود في عربة صغيرة واقترب احدهم ونزع حقيبته بقسوة ثم قال :
- ستحول إلى التحقيقات حيال تصرفك!
رمقه عماد بنظرة احتقار وهمس :
- كنتُ سأحول إلى التحقيقات بكل الأحوال!
" آه يارب ساعدني ، لا يمكن ان تخرجي الآن يا دموعي .. " كانت جالسة في العربة الصغيرة التي تجرّها الخيول برفقة الجنود ذوي الازياء الزرقاء والسراويل الضيقة الغريبة، كانت تشعر بالخوف والقلق، وزادت اعبائها عندما شاهدت ذلك النفق الاسود المظلم الذي دخلت بداخله العربة ..
تسللت دمعة من عينيها مسحتها بسرعة قبل أن ترى النور من جديد، ومن بعيد لاح قصر كبير يقف وسط الخضرة والحدائق ..
- انزلي ..
دفعها احدهم بقسوة .. ونزلت لينا بخوف وتبعها جنديان من يمينها ويسارها، من أحد الابواب الخلفية، تكلم أحد الجنديين مع امرأة عجوز ، والتي نظرت نحو لينا وقالت :
- اتبعيني ..
" يارب ساعدني .. " تطلعت حولها علّها تشاهد عماد في أي مكان، ولكنها لم تر أحداً ، وسارت خلف المرأة العجوز والخوف يمتلكها ..


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN][/COLOR][/SIZE]
__________________



اللي يحب أنمي pandora hearts يكلمني في الخاص
وشكراً

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 02-28-2015 الساعة 10:46 AM
  #15  
قديم 06-10-2013, 04:16 PM
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-image:url('http://www8.0zz0.com/2015/02/27/17/521660796.jpg');border:3px solid gray;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

(12)
- ما هو اسمك ..؟
- لديك بطاقتي صحيح ..؟!:baaad:
صرخ الضابط بعنف وهو يضرب المكتب بقبضته :
- لقد سألتك فلتجب ..
صمت عماد ولم ينطق بكلمة، وعندها غيّر الضابط الكلام قائلاً :
- أتعرف ماعاقبة عدم تعاونك مع الشرطة ..؟
ابتسم ابتسامة ساخرة بجانب فمه المجروح اثر لكمة أحد الجنود التي وجهها إلى وجهه، ثم قال ببرود :
- أولاً ترجع لي حقيبتي، ليس من حقكم الاستيلاء على ممتلكاتي الشخصية، ثم اتهامي بالتزوير .. فهويتي ثابتة أمامك ..
امسك الضابط بالبطاقة البلاستيكية وقال وهو يتأمل الصورة :
- اتسمي ذلك اللوح بطاقة هوية ..؟ وما بلاد الجليد تلك؟ أنا لم أسمع عنها ..!

" ماذا؟ لا تقل لي بأنك من العصر الديفوني.." التقط عماد انفاسه وقبل ان يتكلم اقترب الضابط من وجهه وهمس :
- اعترف بأنك من المشردين وسوف تكون بخير! وربما ترجع لك حقيبتك الحقيرة!
- من هم المشردين؟
أشعل الضابط سيجاراً، ثم قال بلذة وهو يجلس على مكتبه :
- إنهم مجموعة من الناس لا هوية لهم، يعملون عند الرئيس بأجر ..
- أجر ..؟
" هل هذا يعني بأنهم أخذو لينا إلى هناك .. " رفع حاجبيه وقاطع الضابط قبل أن يكمل كلامه :
- أنا من المشردين بالفعل ..!
---------------
سارت لينا خلف الخادمة العجوز حتى وصلت إلى بهوٍ واسع، سألتها رئيسة الخدم وهي تقيمّها بنظراتها :
- ماذا تجيدين من الأعمال المنزلية يافتاة ..؟
" اوه لا! يبدو بأنني قد أصبحت مثل الخادمات ، هل تركني الجنود لتلك المرأة " دمعت عينيها وقالت بارتباك :
- هـ .. هل سأعمل هـ .. هنا ؟
صرخت رئيسة الخدم بغلظة :
- بالتأكيد ! الستِ من المشردين؟! يجب أن تعملي وإلا فمصيرك الموت.
" الموت! الموت ..! " تكلمت على الفور قائلة :
- أنا أجيد كل الأعمال المنزلية ..
- إذاً اتبعيني .
وصلت لينا مع رئيسة الخدم إلى جناح يحوي عدة غرف، وخرجت فتاة ترتدي زيّ الخدم وقالت بتهذيب :
- أي خدمة سيدتي؟
- وظفي تلك الفتاة واختبريها جيداً .
سلمت الفتاة إلى لينا زي الخادمات الرسمي ، المكون من اللونين الأبيض والأسود، لبسته مستسلمة وقبل أن تسلم المعطف الأبيض للفتاة المسؤولة تسائلت :
- هل يمكنني الاحتفاظ بالمعطف ..؟
أجابت الفتاة بحزم :
- بالتأكيد لا! سوف ترتدين الثياب المقررة فقط .
نظرت إلى المعطف في يد الفتاة التي سارت بعيداً، " ذهب الاثنان في يومٍ واحد ، يالك من أحمق ياعماد! يالك من عنيد .. أتعرف؟ أنا أكرهك كثيرا .. لا يمكن أن اتخيل بأن حياتي سوف تنقضي هكذا بسببك .." استندت على الجدار ودموعها تنهمر على وجهها بصمت .

في تلك الاثناء كان عماد يقف في وسط حقلٍ كبير، مع اثنان من الجنود .. تكلم احدهما مع رئيس المزرعة قائلاً :
- ذلك الشاب سيعمل هنا، لقد اختبرناه وهو لا يجيد اي عمل، دعه يحمل الأكياس .
صرخ الرجل المسؤول عن المزرعة :
- لا اريد شاباً مدللاً! هل تريد أن يقتلني بلود؟
" كيف يجرئون على بيعي في سوق العبيد! " كان عماد يتأملهم ببرود وهو يضع يديه في جيبه، ثم قال وهو يتأمل حديقة القصر البعيدة :
- يمكنني العمل في الزراعة!
رفض المسؤول عن المزرعة رفضاً باتاً وتابع سيره بعيداً، كانت تلك هي الوظيفة السادسة على التوالي التي تم رفضه فيها .. رفع حاجبيه وقال :
- ألا يبدو لكما من مظهري بأنني شابٌ لا أصلح لمثل تلك الوظائف ..؟
امسك به الجندي بعصبيه وتكلم مع الآخر قائلاً :
- إنها آخر الوظائف المتاحة! يجب أن نأخذه إلى بلود ليعينه بشكلٍ شخصي ..!
- لماذا لا نقتله ونرتاح ؟
رفع عماد رأسه وصرخ :
- خذوني إلى ذلك الرجل، استطيع اقناعه بأن يجعلني أعمل هنا ..

نظر الاثنان بشك، وسحبوه للمرة الثانية، وعندما وصلا إلى مسؤول المزرعة الذي لم يعرهم اهتماماً تكلم عماد قائلاً :
- دعني أعمل في المزرعة مقابل نومي! إذا لم أخرج لك بعمل جيد، اجعلني أبيع الزهور مثل الفتيات!

كان يبدو مصراً للغاية، ورفع رئيس المزرعة ودقق في وجهه الجميل فقال على مضض :
- لا تبدو مزارعاً ناجحاً ولكن إذا فشلت فسوف أستفيد من وجهك!
في أول يوم للينا في العمل، كانت مرهقة وغاضبة .. لكنها فعلت الأشياء بشكلٍ صحيح .. كانت مهمتها هي مسح الأرضيات في غرف الأمراء ..
شعرت بالإهانة حقاً . ولهذا استمرت في العمل وهي تصرخ بداخلها .. كان الغضب ظاهراً على ملامح وجهها وعلى حركة يديها السريعة،
دلفت إلى أحدى الغرف بسرعة وبدأت في ازاحة بعض الأثاث الخفيف وعندها سمعت صوتاً جفلت منه :
- ألم تتعلمي أيتها الفتاة أن تطرقي الباب ..؟
لم تستطع أن ترفع عينيها من المفاجأة التي انتابتها، توقفت عن الحركة وقدميها ترتجفان " ماذا؟ من هناك؟ ما الذي سيحل بي الآن ..؟"
سمعت صوته الثلجي يتردد في الغرفة مجدداً ولكن تلك المرة مع ضحكة مجلجلة ووقف ثم سار نحوها وهو يتأملها ويقول :
- هل انتِ خادمة جديدة؟ تبدين ساذجة حقاً ..!
- أنا .. حقاً آسفة .
كان يبتسم ابتسامة غريبة، وعندها تساءل :
- لا تنظفي هنا، فقط اخرجي .
- حسناً .
بدأت بإعادة الأثاث إلى مكانه ولكنه أبعد يدها وقال بحدة :
- لقد أمرتك بالخروج!
رفعت عينيها إليه ولكنها اصطدمت بتلك العينان السوداوين الباردتين، كانت ملابسه أنيقه، شعره طويل وأسود مربوط للخلف و ينسدل إلى منتصف ظهره .
" هل هو أمير ..؟ يبدو مخيفاً بعض الشيء " أخفضت عينيها بسرعة وهرعت للخارج .. " ياله من شاب فظ! انه لم ينتظر حتى آخذ أدوات التنظيف ..؟ هل هو أحمق أم ماذا .. " تذكرت الأمير سامي وارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة ، ثم اسرعت عائدة إلى عملها بينما كان هناك الكثير من الرجال يدلفون نحو الغرفة التي تركتها للتو ..
سمعت أحدهم يخاطب الآخر قائلاً :
- أعتقد أن بلود سوف يأمر بقتله على الفور لمخالفته القوانين !
ارتجفت دقات قلبها واسرعت في مشيها وهي تشعر بالخوف .
هكذا مر يومان على عمل عماد الشاق في المزرعة، فقد كان يعمل مع اثنين آخرين في حرث الأرض والتنسيق وجز الحشائش الضارّة ..
لقد كان في الحقيقة عملاً ممتعاً بالنسبة إليه، فها هو ذا يجرب شيئاً للمرة الأولى ، لكنه لم يكن سعيداً جداً، فهو لم يجد لينا في أي مكانٍ ذهب إليه .. وهكذا بات يتسائل وهو ينام في تلك الغرفة الصغيرة مع زميليه " هل انتِ هنا حقاً ..؟ أنا أشعر بأنكِ هنا ولكن لا أجدك أينما رحلت .. إلى أي مكانٍ قامو بأخذك ..؟" كان يفكر كل ليلة حتى يغط في النوم ..
عندما استيقظ من النوم شعر بوخزٍ في صدره و حاول أن يأخذ نفساً عميقاً، وعندها تسائل احدى زميليه الذي لاحظ الارهاق على وجه عماد :
- هل انت بخير؟
- أجل .
وقف على الفور متوجهاً إلى الخارج، استنشق بعض الهواء المنعش وهو يهمهم بكلمات الغضب لمن أخذو حقيبته ومعها علاجه المهم الذي لا يمكن الاستغناء عنه .
سار بصحبة زميليه نحو المزرعة، كان أحدهما رجلاً مسناً ، أما الآخر كان شاباً في عمر عماد أو أكبر بقليل .. لم يكن الرجل المسن بصحةٍ جيدة ، لذا حاول عماد وزميله الشاب الآخر أن يأخذا ما صعُب من العمل ..
كانا يحملان السلال المليئة بالحبوب والصناديق الثقيلة، أما الرجل المسن، كان يعمل في الحرث ورش البذور، ومن بعيد شاهدا الرجل يسقط على الأرض مغشياً عليه فاندفعا نحوه ..
" مالذي جرى له ..؟ " كان قلب عماد يدق بعنف وهو يقترب من الرجل وقدماه لا تقويان على حمله، اندفع الشاب الآخر نحوه وأخذ يحركه ولكن عماد منعه قائلاً :
- توقف! لا يجب أن نلمسه ، فقط اطلب المساعدة ..
- ولكنه شاحب الوجه! ربما يكون مختنقاً !
كان الشاب يصرخ بانفعال ولكن عماد نظر اليه واجاب بهدوء :
- ارجوك اذهب لطلب المساعدة، فربما تؤذيه اكثر!
تركه الشاب وركض نحو القصر، أما عماد فقد ارتمى جالساً بجانب الرجل والأصوات تصرخ في رأسه " ساعدها! لماذا تقف بلا حراك .. ، ماتت ، نعم .. ؟ ماتت بسببك .. لأنك عديم المسؤولية" ضرب جبهته براحة يديه محاولاً طرد الأصوات من داخل رأسه وشعر بالصداع ولهذا نظر إلى وجه الرجل المسن بنظرات مهتزة وخائفة ثم تطلع بعيداً وهو ينتظر المساعده.
في تلك الأثناء كانت لينا تمارسُ عملها في تنظيف الغرف، وكانت تطرق الباب قبل أن تدخل، وصلت إلى نفس غرفة الأمس الخاصة بالرئيس الشرير "بلود" واللاتي تحكين عنه الخادمات بأنه أمير دموي وشرير، كثير الأنانية و لا يهمه سوى نفسه ..
طرقت الباب بيد مرتجفة ولم تسمع إجابة من الداخل، عادت للطرق مرة أخرى " ربما لم يسمع في المرة الأولى! ماذا سيكون عقابي إذا لم انتبه ودخلت وهو موجود ..؟ " استلهمت القليل من الشجاعة وقامت بفتح الباب ثم أدخلت رأسها لتنظر ..
كانت الغرفة ساكنة ولهذا دخلت براحة تامة واقفلت الباب خلفها، ولكن عندما اقتربت من السرير شاهدته ينام بعمقٍ فوقه وهو يرتدي ملابسه الكاملة!
بسبب الفزع الذي لحق بها تراجعت للخلف بسرعة فسقطت على الدلو محدثة ضجة كبيرة .
استيقظ بلود فزعاً على تلك الضجة، نظر حوله قليلاً ثم جلس بسرعة وهو يرمق لينا بنظراتٍ حمراء غاضبة من فوق سريره، وسرعان ما هبط مقترباً منها وهو يصرخ قائلاً :
- هل انت حمقاء! ماذا تفعلين هنا ..
" يا إلهي سوف يقضي علي .. سوف يقتلني .. " أجابت بتلكؤ :
- لـ .. لم أكن أظن بأن شخصاً هنـ .. هنا . ..
عاد يزمجر وهو يقترب أكثر :
- يالك من خادمة مزعجة سوف اطردك قريباً ..
اعتقدت لينا بأنه سيقوم بضربها، ولهذا غطت وجهها بكفيها وهي تأن من الخوف، بينما توقف بلود ينظر إليها متعجباً وهو يفكر " لماذا لم تهرب؟ ما الذي تفعله بالجلوس هنا وتغطيه وجهها الصغير بتلك الطريقة المضحكة .. " انتابته ضحكة أخفاها على الفور وعاد يصرخ :
- اخرجي!
صمت قليلاً ليعطيها الفرصة على النهوض، فنهضت بدون تفكير وحملت الدلو فتكلم بحدة :
- لا تعودي لتنظيف تلك الغرفة مجدداً هل فهمتي؟
- حاضر!
ركضت إلى الخارج وأغلقت الباب خلفها .


" يمكنك أن تفعلها .. فقط استرخ، انت لن تدع شخصاً ما يموت أمام ناظريك وبإمكانك المساعدة .. أرجوك كف عن القلق مثل الصبي الصغير .. " التقط انفاسه بصعوبة وحاول أن يشجع نفسه بالمزيد من الكلمات، ثم انحنى فوق الرجل العجوز وتحسس جانب رقبته الأيسر " لقد أصيب بأزمة قلبيه، مر من الزمن : دقيقة ونصف تقريباً" قام بتمديده على الأرض بحرص، فتح أزرار قميصه على عجل ثم ضرب ضربة واحدة سريعة على صدر الرجل المسن بقبضة يده .. ولكن قلبه كان ما يزال متوقفاً عن العمل ..
بدأ عماد على الفور بالضغط على صدره بكلتا قبضتيه محاولاً تنشيط قلبه .. وعمل التنفس اللازم له، لكن الرجل لم يستجب لمحاولات اسعافه ..
" يجب أن تعيش، سوف تستيقظ .. وسوف تصلك النجدة الآن، ساعده يا رب .. " سقطت دمعات من عينيه بينما لم يكف عن محاولة انعاشه، التي جائت أخيراً بفائدة .. وعاد القلب للنبض، وبعد ثوانٍ أخرى فتح الرجل المسن عينيه الضعيفتان ونظر إلى وجه عماد باطمئنان قبل أن يغلقهما مجدداً ليرتاح .
رفع عماد رأسه عندما سمع تلك الهمهمة من حوله، كانت هناك الكثير من الخادمات اللاتي حضرن بعد أن شاهدن ماحدث ..
وتسائلت احداهن بقلق :
- هل هو حي ..؟
- أجل .
أجاب باقتضاب وهو يشاهد الشاب يعود برفقه بعض الحرس وطبيب، اقترب الطبيب وتحسس النبض ثم طلب من الحرس حمله وعندما وقف سأل عماد :
- هل قمت بعمل شيء له؟
- نعم .
بدأ الطبيب يتحدث بنبرة متعالية :
- هل تعرف كيف تعالج الآخرين؟ لربما تسببت بمقتله!
نظر له عماد بحدة وقال :
- لكن أنا أعرف ما الذي أفعله، لقد أصيب بأزمة قلبية، إذا لم أقم بإسعافه فوراً فربما يكون قد مات عند وصولك.
- وكيف تعرف بأنه مصابٌ بأزمة قلبية؟
- إنني طبيب .
شهقت بعض الخادمات وبدأن بالكلام مع بعضهن :
- حقاً ذلك الشاب المزارع هو طبيب؟
- ياله من كاذب!
- انظري لقد قام بمعالجته بشكلٍ جيد!
انصرف الطبيب خلف الحارسان الذان حملا الرجل المسن على محفة خشبية بدون أن يقول شيئاً .
أما الشاب الزميل في الزراعة فقد تسائل منبهراً :
- هل يمكن أن يكون هناك طبيبٌ من المشردين ..؟
قال عماد وهو يحمل أحد الصناديق مشيراً للعودة إلى العمل :
- أنا هنا بإرادتي، وأيضاً ما الأمر إذا كان هناك طبيب يعمل مزارعاً؟ هل هذه مشكلة؟!
بدأت الخادمات بالانصراف وهناك لمعت فكرة في رأسه " هل يمكن أن تكون لينا واحدة منهن؟ بالتأكيد ليست هناك وظيفة مناسبة لفتاة مثل الوظائف التي عرضت علي ،.. " أخذ ينظر إليهن وهن يتجهن للقصر ولكنه سرعان ما أصيب بالأحباط وهمس :
- لو كانت هنا فسوف أعرف بالتأكيد .. على الاقل سوف تتكلم معي ..
" ولماذا تتكلم معك؟ إنها تريد ان تهرب منك باية طريقة ..
- لكن ماذا فعلت؟
انت؟ لقد فعلت لها كل الأشياء السيئة! لم تر منك الجانب الجيد
- ها! ان كان يوجد جانب جيّد في الاساس!
لكن اعتقد ان لديك جانب جيد، لكن ظروفك ليست جيدة
- الآن كنت تتهمني ثم تبدأ بالقاء التهم على الظروف ؟! لا اريد أن اسمع صوتك بداخل عقلي
انت تخليت عنها، لايمكنك انكار ذلك؟ هل نسيت بأنك وعدتها بأن تحميها؟
- توقف عن لومي!
ثم عاملتها بجفاء بسبب اخطائك! هل تريد أن تكرر ماحدث في الماضي ؟
- توقف ! توقف "
صاح بقهر وهو يرمي أحد الصناديق على الأرض ، اراد أن يوقف حديث نفسه المعتاد، همس بارهاق وهو يجلس على نفس الصندوق :
- لماذا لا أفعل شيئاً بشكلٍ صحيح ...؟!
ثم صرخ بصوت عالٍ وهو يقطع بعض الحشائش :
- لم أنا هكذا الآن!؟
نظر نحوه الشاب الزميل وتوقف عن العمل وهو يتسائل :
- سيدي الطبيب هل انت بخير ..؟
رمقه عماد بنظرة غاضبة وهتف بحدة :
- لا أحب لزميلي في العمل أن يناديني هكذا هل سمعت؟ ادعى عماد فقط!


-------------------------
استيقظت لينا من نومها وارتدت ملابسها الخاصة ولكن كان هناك تجمهر من الخادمات حول مائدة الافطار وهن يتحدثن عن طبيب يعمل مزارعاً لدى الرئيس بلود ..
اندست وسط الفتيات وسمعت احداهن تحكي للأخريات :
- لقد كان رائعاً ! استطاع أن ينقذ زميله المسن! وعندما جاء الطبيب الخاص بالعمال بدأ بتوبيخه ..
تساءلت أخرى :
- وماذا حدث؟
وقفت نفس الخادمة معتدلة وبدأت بالتمثيل :
- اسمع ياهذا أنا طبيب!
تعالت أصوات الاندهاش الصادرة من الخادمات ، وعندها تابعت :
- انه وسيم للغاية ..
- نعم لقد رأيته !
- هل رايتيه؟ كيف كان ..؟
- إنه طويل القامة ويمتلك وجهاً وسيماً أيضاً شعره ...
ابتعدت لينا عنهن وهي تفكر " يالهن من فتيات غبيات .. من هو؟ أحدُ الأمراء ..؟ " جلست احدى الخادمات بجانبها وتسائلت :
- هل سمعتي قصة المزارع الطبيب؟ ماهي ؟ لقد جئتُ متأخرة ..
" مزارع طبيب؟ إذاً هو ليس أميراً ..؟ يبدو ذلك مشوقاً جداً " ابتسمت لينا وأومأت بالإيجاب وهي تقول :
- يحكون عن مزارع أنقذ زميله من مرض ما .. ولكن يتضح في النهاية بأنه طبيب .
أردات أن تعرف المزيد عن القصة بعد أن علمت بانه مجرّد مزارع عادي، ولكنها تناولت طعامها بسرعة وهمت بالخروج بسبب تأخرها، وسرعان ما توقفت عندما سمعت احدى فتاتين تقول للأخرى :
- سمعت بأن اسمه عماد!
- حقاً. ..؟
- ألم تسمعي ذلك المزارع عندما خاطبه؟ لقد ناداه بذلك الاسم ..
" عماد!" وكأن صاعقة ضربتها، توجهت لينا نحو الفتاتين وتسائلت :
- هل قلتي بأن اسمه عماد ..؟
- نعم ..!
- المزارع؟ الذي اتضح بانه طبيب؟ وأيضاً وسيم .. و ..؟!
- أجل .
" ماهذا الغباء؟ يمكن لأي شخص أن يحمل نفس الاسم! وأيضاً عماد .. لايبدو بأنه طبيب، كان يبدو مريضاً بمرض ما .. نعم كيف يكون هو ؟ لقد هرب ذلك البغيض المزعج عند نقطة التفتيش " سألت مجدداً :
- هل هو يعمل لدى بلود ؟
" لماذا أنا مهتمة؟! حسناً .. سوف أذهب وأتأكد فقط! " خرجت لينا مسرعة بعد أن عرفت مكان المزرعة من خادمات القصر، وبينما هي تسير في الطريق المرصوف الموصل بين القصر والمزرعة، إذا بها ترى بلود قادماً بسرعة من طريق جانبية مع بعض الرجال ومتوجهاً إلى القصر ..
دارت حول نفسها وهي تشعر بالرعب " يا إلهي! لماذا أنا دائماً بمواجهة ذلك الشخص المخيف ! " حاولت أن تجد مكاناً للاختباء ولكنها لم تفلح ..
رآها بلود وهي تسير يمنة ويسرة بسرعة فابتسم وهو يفكر " هل تفكر بالهرب الآن؟ يبدو بأنها تحمل الكثير من الأحقاد في قلبها .. " ناداها على الفور :
- انتِ أيتها الخادمة توقفي عندك!
تجمدت لينا في مكانها وهي تنظر للأرض " إذا سألني ماذا أفعل هنا ماذا سأجيب؟ كيف سأجيب .. " تسائل بلود بعد أن أمر رجاله بالانصراف :
- ماهو اسمك ..؟
رفعت رأسها ونظرت له باستغراب ، رددت متسائلة :
- اسمي أنا ..؟
- أجل ..!
- لينا .
تأملها بنظراتٍ فاحصة " من الواضح بانها أجنبية عن هذا البلد، وحتى انها تحمل هذا الاسم الغريب " عاد يتسائل :
- هل قدمتِ للخدمة أم أنك من المشردين ..؟
" ماذا؟ مشردين وخدمة .. ماهذا الكلام .. " أجابت بسرعة :
- كنت مسافرة، ولكن حقيبتي سُرقت! ثم امسكني رجال الشرطة واخذوني إلى هنا لأنه ليس لدي بطاقة .
- انت من بلدة ايركايل ..؟
- لا . أنا من مكان بعيد للغاية، لقد جئت عبر القطار السنوي .
" القطار السنوي؟ ماذا يكون هذا الشيء .. هل هي حقاً من مكانٍ بعيد للغاية أريد أن أعرف المزيد " تكلم وهو يخرج سيجاراً من معطفه :
- حسناً، عند الخامسة مساءاً سوف انتظرك في غرفتي. أريدك أن تنظفيها .
- حـ .. حاضر!
" لماذا يريد مني الآن بأن أنظفها ..؟ " كانت تتسائل بغيظ وهو تنظر إلى ظهره الذي يبتعد شيئاً فشيئاً ..
تذكرت ماكانت ذاهبة لأجله وتابعت طريقها إلى المزرعة ..
عندما وصلت شاهدت شخصان يعملان من بعيد، ارادت أن تقترب أكثر ولكنها لم تستطع، فاكتفت بالمراقبة لفترة، ومن ثم جاء أحدهما قريباً للغاية ليأخذ شيئاً ما من أحد الأكواخ الخشبية الصغيرة ..
" انه ليس عماد بالتأكيد لا يبدو مثله .. " رفعت رأسها قليلاً وهي تتأمل الشاب الآخر، لم يكن يظهر بشكلٍ جيد بسبب الأشجار ولذا زفرت بتعب وهي تمتم :
- بقيت نصف ساعة ويجب أن أذهب الآن!
" لا فائدة من المراقبة سوف أغامر وأدخل إلى المزرعة .. ربما أقول بأنني خادمة جديدة ضلّت الطريق " دخلت تمشي في طرقات المزرعة المرصوفة بثقة ولكن زميل عماد سألها على الفور :
- هل أقدم لك أية خدمة ..؟
كانت تقف خلف ظهر عماد ونظرت قليلاً متجاهلة ذلك الشاب وهي تفكر " هل هو عماد بحق؟ يبدو مثله .. يجب أن أكلمه حالاً " تركته وسارت نحو عماد ثم تسائلت بخفوت :
- عماد؟
التفت عماد ينظر خلفه ولكن المفاجئة أفقدته الكلام " لينا؟! هل هي لينا فعلاً!! " ظل ينظر لها فاغراً فاه ولم يقل أي شيء ، وسرعان ماتسائلت لينا وملامحها تصبح غاضبة :
- ما الذي تفعله هنا ..؟
- لـ .. لاشيء! من الجيد بأنني ..
لم يكمل جملته حتى تسائلت بسرعة وغضبها يزداد :
- هل أنت حقاً طبيب؟
" لقد عرفت الآن .. ليس هناك مجال للانكار .." أومأ بالايجاب الصامت . ولهذا عادت لينا تقول :
- ولماذا لم تخبرني من قبل؟ أتعلم .. لم أكن لأعلم بأنك هنا لولا أنني جئت للتأكد وحسب! أتعرف كم أنت مزعج وبغيض ..؟
ابتسم على الرغم منه لم يكن يسمع أي كلمة فقط كان يركز بالنظر عليها وهو يقول لنفسه " الحمد لله .. لقد وجدتها، أو .. وجدتني لا يهم، المهم أنها كانت هنا منذ البداية ولم أضيّع الكثير من الوقت . . " .. شاهدته يبتسم بصمت ولم يعطها أي تفسير!

تذكرت الموعد مع الأمير بلود فقالت مسرعة :
- سوف أذهب لدي عمل إجباري ..
أمسك ذراعها بسرعة وهو يقول :
- دعينا نهرب!
حاولت سحب يدها وقالت بعصبية :
- أنا لن أذهب معك في أي مكان! لا تفكر بأنك سوف تراني مرة أخرى! فقط اذهب في طريقك الخاص!

ظل يمسك يدها بلا فكاك، ونظر إلى عينيها بثبات وهو يقول :
- أنا متأسف حقاً لما صدر مني، لكنني كنت أنانيا واردت التقدم ..
- هذا لم يعد يهمني بعد الآن، لا تحاول اللحاق بي أبداً فأنا بخير من دونك!
كان وقع كلماتها شديداً عليه، ولكنه ظل ممسكاً بيدها حتى صاحت وهي تحاول نزع يدها :
- اتركني !
أفلت يدها فركضت عائدة إلى القصر، بينما وقف يراقبها وهي تبتعد .


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
__________________



اللي يحب أنمي pandora hearts يكلمني في الخاص
وشكراً

التعديل الأخير تم بواسطة Florisa ; 02-28-2015 الساعة 06:10 PM
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قطار منتصف الليل...//للمبدع ايرومي kαtniS أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 292 07-09-2013 08:19 PM
هل نرى بعد منتصف الليل شهبا أكثر مما نراها قبل انتصاف الليل ؟ Heavens ❤ علوم و طبيعة 6 02-08-2011 10:12 PM
تكملت رواية للكاتب اهار الليل فيصل وميهاف عاشقة الانمي ساسكي أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 9 07-19-2010 06:35 PM
في منتصف الليل نور العين200 شعر و قصائد 2 12-23-2008 07:33 PM
منتصف الليل,,, دقة قلب أرشيف المواضيع الغير مكتمله او المكرره او المنقوله و المخالفه 0 07-14-2008 11:00 PM


الساعة الآن 01:55 PM.


Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011