عيون العرب - ملتقى العالم العربي

عيون العرب - ملتقى العالم العربي (https://www.3rbseyes.com/)
-   روايات و قصص الانمي (https://www.3rbseyes.com/forum164/)
-   -   وَ أقــبَلَ الــشِتآءِ # (https://www.3rbseyes.com/t435396.html)

*BLACK 01-05-2014 02:51 PM

وَ أقــبَلَ الــشِتآءِ #
 
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:100%;background-image:url('http://www.arabs-up.com/W2213154');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]






أهلاً بكل اعضاء و اداريين و مراقبين و مشرفين عيون العرب و رواد قسم الروايات و القصص
انرتم بوجودكم .. في الحقيقة كنت مترددة كثيرا بشأن انزال هذه الرواية خصوصا انها تبعد كل البعد عن اسلوبي المعتاد او ما اعتدت كتابته مؤخراً .. اقدم كل الشكر للاشخاص الذين لم يتوقفوا لحظة عن تشجيعي في اي عمل اقوم به و دوماً ما كانوا الداعم الاساسي الذي اعتمد عليه [ تيماري , اسطورة زمن , نرمين , وسام ] كلكم غاليين علي و اعتقد هذه الرواية هدية لكم لأبدي لكم مدى اعتزازي بكم و حبي .






_ التمهيد _



أخرَجَت رأسَها مِنَ النَافِذة تَستَنشقُ بعضاً من نَسيمِ الليلِ الباردِ .. لم تَستَطِع مَنعَ رجَفةٍ من المُتعة تَسلَلَت إلى اوصَالِها .. تَعشَقُ البَرْدِ و البَرَد و المَطرِ و الثَلجِ و كُلُ ما يَتعلَقُ بالشِتاءِ ! الشِتاءِ .. فَصلُ العَاشقينَ .. إلا انَها تَبقى مُمَيزةً بِعشقِها الغَيرُ مَفهومِ لِلَيلِ الشتاءِ البَارِدِ ... تَذكرُ كيفَ أورَثَتها و الِدتها عِشقَ الشِتاءِ ذاكَ دونَ ان تَشعُر ... تَحكي حكَياها الأُسطُورية معهُ ... كَيفَ التقت بوالِدها فِي احدِ ايامِ الشِتاءِ القارِصةِ عِندما اتى اليها يُعيرها مِظلته حَامياً اياها مِن المَطرِ الغَزيرِ و كيف فاجأته بِإلقاءِ المِظلةِ بعيداً راكِضةً تَحت المَطرِ مُستَمتِعةً بِكُلِ قَطرَةٍ مِنهُ .. و كَيفَ أتى بعدها يَتعرَفُ عَليها شخصياً في احدى المَقاهِي لِيتطَورَ الأمرَ إلى زَواجٍ اُسطوري لَم تَشهدهُ المَدينةُ قَبلاً ... ثُم لِتأتي هِي في لَيلةٍ شبيهةٍ بلَيلةِ لِقائهما ... و لِيشهد الثَلجِ جَميع أعيادِ ميلادِها الغَريبةَ ... و لِيكون الشِتاء رفيقَ عُمرها الأبَدي !هَبَّت الرّيح فجأةً لتتحول مُداعَباتِها لِشعرِها إلى دَفعٍ و هّياجٍ ... بَينما ارتَفَعت في الأرجَاءِ أصواتاً غَريبةَ ... عَواء , نَعِيق , حَسِيس ..... و اهْتاجَت الرّيحُ اكثّر فأكثَر ..






_ 1 _
سارت بخطىً حانقة باتجاه الغابة و فمها الصغير لا يتوقف عن القاء العبارات المتذمرة و ربما بعض الشتائم ... أكان عليها حقاً ان تعرف بأن نآت ذكية هكذا لتسرق هاتفها على حين غرةٍ منها و تُلقيه خارجاً ... ليتها فقط علمت مدى قوتها الغريبة التي أودت بالهاتف عند اطراف الغابة ... سارعت من خطواتها أكثر عندما لمحت شيئاً يلمع وسط كومةٍ من الأعشابِ عند بداية الغابة ... انحنت تلتقطه بيدٍ مرتجفة تتفقده بقلق ... سُحقاً ! ... كيف ظنت للحظة بأن هاتفها قد يعمل مجدداً بعد ان اُلقي من هكذا مسافة ؟! ... حمقاء هي بشدةٍ !
أجتاحتها موجة من الغضب و هي بالكاد تستوعب ثمن الهاتف المحطم بين يديها ... إن لـنآت حسابٌ كبيرٌ معها ... استقامت واقفةً مُقررةً بعزم العودة للبيت و اعطاء نآت درساً لن تنساه ... كادت ان تخطو مبتعدةً عن الغابة لولا الاصوات الغريبة التي داهمت مسامعها ... صوت نعيق خافت مختنق ... ثبتت وشاحها الصغير حول رقبتها اكثر مانعةً الريح الباردة من التأثير عليها ... بينما تغلب عليها فضولها كالعادة لتدلف الى الغابة بقلبٍ وجل ... تلفتت حولها بتساؤل ... أيعقل ان ذاك الصوت كان محضِ خيال ؟! ... يستحيل لقد بات واضحاً رغم خفوته ... عاد صوت النعيق يعلو مرتعشاً ... التفتت غريزياً يميناً لتلتقط عيناها مشهداً لغرابٍ دامي الجناح ... اقتربت منه بشجاعة فاقت توقعاتها لتتلمسه بتفحص ... اصدر صوتاً متألماً اكثر ... نظرت له بعمق ... كانت عيناه ذات شجن هادئ و ذات لونٍ اصفر غريب ... شتت انتباها قليلا لكنها عادت لتمسك جناحه هذه المرة برفق ... سحبت وشاحها لتمزقه بعشوائية الى نصفين ... استخدمت نصفاً لتمسح به آثار الدماء المتبقية و الآخر تلف جناحه به ... حركته بيدها قليلا ليستطيع الطيران فقط ... أصدر نعيقاً آخراً خافتاً ليبدأ بتحريك جناجه ببطء و حذر ... عندما اطمئنت عليه ابتسمت بينما روادها شعور غريب بالخوف ... سارت مبتعدة بخطىً سريعة و شعور الخوف يزداد ... عادت تتمتم مجدداً بالوعيد لنآت ... بحق الجحيم ! لقد اقتربت من غراب حقيقي و عالجته ... يا له من يومٍ مريب بالفعل ! ... التفتت وراءها تنظر للغراب بخوف غير مستوعبةً لما فعلته للتو ... لكن ما عاد للغرابِ أثر !

مضت في طريقها محاولةً طرد اي مخاوفٍ قد بدأت تجتاحها ... سارعت بالدخول للمنزل المقابل للغابة الموحشة تلك ... كما توقعت استقبلتها نآت بابتسامة متوترة و هي تتقدم لها بكل كلمات الاعتذار التي قد تخطر على بالها .
بررت نآت : لقد كنت غاضبة بحق و كان هاتفك اول ما امسكت به يداي .
نظرت لها ملياً لتقول بشرود : آه , لا بأس نأت .
حقيقة لم تدرك كيف تناست افكارها الجهنمية عن انتقامها من نأت حال عودتها للبيت .. و ها هي تتركها في حال سبيلها دون ان تنفذ احدى تلك الوعود التي عاهدت نفسها على القيام بها آخذة بثأرها ... استكملت سيرها بينما لحقتها نآت قائلةً : هآي .. مهلاً لحظة , ماذا حدث للهاتف ؟
اجابتها في عجلة و هي تغلق باب غرفتها خلفها بحنق : تركته في الغابة ... هاتفي الذي كان بضعف ثمن غرفتك قد حطمتهِ بيدكِ الصغيرة ايتها الحمقاء !
فزعت نآت لتركض مبتعدة عن الغرفة و قد استوعبت ان اختها قد بدأت تعود لطبيعتها مجدداً ... هبطت الدرج مسرعةً ذاهبةً لوالدهما في المطبخ ... و قفت عند بداية الباب تشتم الرائحة اللذيذة القادمة من الداخل ... لطالما كان والدها طباخاً ماهرا يحاول ان يعوضهما عن أمهما الغائبة بكل الطرق و من كل النواحي مهما كانت بسيطة ... و لكن ألا يدري بان رائحته بحد ذاتها تعيد لهما ذكريات تأبى النسيان ؟ ... و طعامه الذي تقمص بدوره مذاق طعام امهما يغلفهما بشعور أليم بالنقص ... و لكن ما هي إلا نآت المرحة التي لا تحمل بقلبها هم شيء ... تقريباً !
نآت بمرح : مممم ... ما هذه الرائحة الشهية ؟!
سمعت صوت ضحكته المحببة لقلبها ... تقدمت منه تمد رأسها ناظرةً الى ما تعبث بهي يداه المحترفتان ... ابتسمت بسعادة غامرة لتصيح : بآستا !
احتضنها بحنان قائلاً : اعلم بانك تحبينها .. أيمكنك مناداة اختك عزيزتي لكي لا يفوتها الغداء ؟
اومأت موافقةً لتصعد الدرج مجدداً اعلى غرفة شآنيل ... دقت على بابها ثلاث دقات متتالية سريعة مناديةً : نيل ... أبي يرغب نزولك لتناول الغداء معنا .
لم تتلقى رداً من الجهة الاخرى ... صاحت مجدداً : هآي نيل .. اجيبيني .
كذلك لا رد .. فتحت بابها برفق لتمد رأسها تتفقدها ... رأتها نائمةً تماماً على سريرها الوثير ... اذاً ... هل يعني هذا بان حصة شانيل ستكون من نصيبها ؟! ... فليحيا النوم !
عادت تهبط الدرجات من جديد متوجهة لغرفة الطعام و الرائحة الشهية تقودها لهناك ... عبست فور ان رأت والدها قد انتهى من اعداد المائدة ... هتفت بعبوس : آه لماذا لم تدعني اساعدك ؟
ابتسم بحنان متأسفاً : لا بأس عزيزتي ... هيا تقدمي و تناولي ما تشائين من البآستا اللذيذة !
تناست انزعاجها لتتقدم قافزة الى المائدة تحتل اقرب كرسي لوالدها ... تساءل بحيرةٍ : أين نيل ؟
أجابته بينما تمتد يدها خلسة لصحن شانيل المعد سابقاً : نائمة بعمق ... لذا سيكون هذا من نصيبي !
و استقر طبق شانيل بجوار طبقها ... همت بتناول الطعام لولا يد والدها التي سارعت بسحب طبق شانيل منها ... عادت لتعبس من جديد ... اوه ماذا الآن ؟!
قال بصرامة : حِصة اختك من الطعام ستبقى كما هي ... يجب ان تقومي بحمية ما يا فتاة لقد بدأت تسمنين .
صاحت بفتور : أبي ! أتقول بان ابنتك نآت قد سمنت !
تجاهل غضبها مما لقبها به ليقول ببرود : تناولي طعامك نآت ... و دعي حصة اختك و شأنها .
استكملت تناول طعامها بجوع بينما والدها يرمقها بنظارتٍ حانية بين الفينة و الأخرى ... لكم تذكره بـ " كآسيليآ " و الدتها التي لا يعلم أين هي الآن !
سارت بخطىً متسرعة نحو المطبخ تطل برأسها نحو نآت ... رأتها تغسل بعضاً من الصحون ... قالت بصوت عالٍ : نآت ... أتريدين شيئاً من السوق ؟ ... و كذلك اخبريني باي متطلبات للمنزل .
التفتت لها بتفكير قليل لتصيح متذكرةً : اجل اجل ... احضري لنا بعضاً من المعكرونة فقد انهيناها اليوم و القليل من الفواكه الطازجة و عصير البرتقال ان استطعت .
اومأت موافقة فكادت تخرج لولا صوت نآت الذي عاد يتحدث بتساؤل : الى اين انت ذاهبة ؟
اجابتها بسرعة : سآخذ جولة في المدينة .
نآت : ماذا ؟ ان الشمس اوشكت على الغروب ! ... و ايضا من الصعب الوصول للمدينة من هنا هذا ان وجدتِ من ينقلك لهناك ... ثم ماذا بشأن حصتكِ من الطعام التي تركناها لكِ ؟ .
شآنيل بحنق : اوووف ! ... ثرثارة ... بالنسبة لحصتي فلتأكليها يا ذكية ... و ساحاول العودة مبكراً قدر ما استطيع .
احتلت ابتسامة عريضة بلهاء وجه نآت لتومئ بسعادة بينما عقلها يردد عبارة واحدة ... " و اخيراً ... حصة نيل من نصيبي " !


تنهدت بضجر بينما تلتفت بميناً و يساراً للمرة الخامسة في هذه الدقيقة ... ألا تعبر من هنا أيةُ سيارة ؟ حتى ان كانت سيارةَ نقل بضائع او ... خرفان لا بأس معها بذلك لكن هذا الهدوء يزعجها ... المكان اشبه بالمهجور و للآن لا تعلم حقاً سبب اصرار والدها العجيب على العيش ببيت في منطقة بعيدةٍ عن المدينة بل و أمام غابةٍ كذلك ... ضربت بقدمها الارض بغضب ... سحقاً لكل شيءٍ بهذه اللحظة !
سمعت صوتاً غريباً بينما كانت تغمض عينيها تندب حظها ... فتحت عينيها ببطء مترددة لترى شاباً لم تتبين ملامحه من الخوذة التي يرتديها ... متوقفاً امامها بدراجته النارية حديثة الطراز ... و ها هو القدر يزيد اليوم غرابة ... أشار لها بالصعود اعلى الدراجة ... احقاً ما يقول ؟! ... غبي !
شآنيل بانزعاج : هآي أيها الأبله ... ما قصدك بهذه الاشارة ها ؟
أجابها بصوتٍ رخيم : فلتصعدي و انهي الأمر !
كادت ان تعترض ... و لكن بدا الواقع مؤلماً حينها ... لا سيارة تُقلها حيث شاءت ... و لا اية وسيلة للنقل ... أسيكون مصيرها قتيلة على يد غريب في احدى الاماكن النائية ؟! ... صعدت على دراجته بحنق شديد و هي تشعر بالاختناق من كل ما حولها ... سحقاً لشباب هذه الايام !
ناولها خوذةً معه تقيها من شر اي ارتجاج بالمخ او غيره في سقوطهما ... سمعها تتمتم بوضوح : تباً لأوقات الحاجة !
انطلق بها بسرعة لترتد بصدمة للخلف فتمسكت يداها صدفةً بسترته السوداء القطنية الخفيفة ... فشدته لتجعلها قوة جسده الذي لا يتحرك ترتد مجدداً للأمام ليلتصق وجهها هذه المرة بظهره ... نفثت الزفير بغضب ليخرج كما حمم التنين الهائج ... و ليشعر بها تنضبط فوق دراجته تزيد ضغطها على سترته بغضب تكاد تتمالكه بصعوبة ... من هذا بحق الجحيم !
شردت قليلاً في الطريق تتأمل بانبهار كل منظر خلاب يمر امام بصرها ... و للحق الطريق من الغابة للمدينة بديع ... كما كان منظر المدينة رائعاً تضيئها الأضواء الهادئة الشاعرية من كل مكان ... المباني شاهقة الارتفاع حضارية جدا ... حتى الاسواق البسيطة تميزت بشكل دافئٍ جميل بينما تحيطها اشجار صغيرة مليئة بزهور الياسمين التي فاحت رائحتها بالارجاء ... كما الأغاني البسيطة التي يغنيها بعض المارين بهدف الحصول على قروش قليلة ... ابتسمت بسعادة لم تعلم مصدرها جراء تلك المشاهد الخلابة التي تراها ... سمعت صوته الذي شعرته دخيلا على تلك اللحظة الجميلة ، قال يخاطبها بهدوء من جديد : إذا ... لم تخبريني الى اين تودين الذهاب .
اجابته باقتضاب : الى أي متجر قريبٍ من هنا .
لا تعلم لما لكن ذاك الشاب لم يرق لها البتة.. رغم كونها قد احترمت مساعدته لها حتى و ان لم ترغبها ، إلا أن ثمة شيء غير مريح فيه.
أوقف الدراجة أمام متجر صغير كان الأقل ازدحاما فلم تضيع شانيل وقتا لتترجل من الدراجة و كأنها تنشد الخلاص ، خلعت الخوذة و مدتها إلى الشاب الغامض .. و الذي لم تكن قد رأت ملامحه بعد بسبب خوذته السوداء داكنة الزجاج ... و بينما تنظر إلى وجهه المختفي وجدت صعوبة في نطق كلمة شكر بسيطة حتى و كما بدا هو أيضا لم ينتظر منها أي شكر .. أخذ الخوذة الإضافية من يدها ، و أعادها إلى مكانها ... و لما شعرت أن وقفتها هذه قد طالت دون معنى إذ أنه لم يتحرك .. التفتت شانيل و دخلت إلى المتجر دون أن تلقي نظرة أخرى خلفها.


كانت قد مرت نصف ساعة حين خرجت من المتجر تحمل أكياس المشتريات التي لم تكن كثيرة .. تجاوزت المارة بينما تتوجه إلى حافة الرصيف وهي تفكر أين تجد سيارة أجرة تقلها حتى بيتها الواقع خارج المدينة بسعر معقول !
اتسعت عيناها دهشة حين رأت ذلك الكائن الحي الذي لم تتقبله مطلقاً لايزال واقفا مكانه .. كما لو أنه ينتظر عودتها ، هه ! و كأنه يهمها ... كان قد نزع خوذته .. و وقف مستندا إلى دراجته النارية عاقدا ذراعيه أمام صدره و تعبير ضجر يظهر على ملامحه الهادئة ... و مجددا .. شعرت شانيل بعدم الارتياح ينتابها تجاه هذا الشاب ... ما الذي كان غريبا يكاد يكون غير حقيقي فيه ؟!!
شعره الناعم الشديد السواد بدا لامعا جدا تحت أضواء الشارع ... و بشرته البيضاء بتناقض عجيب مع ثيابه السوداء .. كانت أكثر من طبيعية !
تبينت تقاسيم وجهه بوضوح أكبر بينما تخطو مقتربة منه ... أنف مستقيم .. تقاطيع حادة .. عيون ذات لونٍ غريب ... و كأن الذهب الأصفر الخالص ذاب في دوامة عذبة ليُصب في عدستيه ... كثيفة الأهداب ... و هالة من الغموض و الغرابة تلفه بإصرار !
قال بهدوء : تأخرت !
فكان ردها بأن ناولته الاكياس المحملة بالطعام بطريقة جعلته يظن لوهلة بانه خادمها الخاص ... لكنه وضع الاكياس في خلفية الدراجة ليصعد بصمت امامها ... و رغم غرابة ذلك .. ركبت شانيل خلفه دون أن تسأله عن سبب انتظاره لها ... تشبثت به جيدا هذه المرة في حال تهوره... لتكون نهايته ساقطاً معها على الارض ملوثاً سترته الجلدية الثمينة تلك ... و بالفعل انطلق سريعاً و لكنه لم يسقط و لم يهتز بينما هي اختل توازنها ... و بدأ الغيظ يشتعل من جديد حينها ... بدا الطريق طويلاً هذه المرة مع الصمت الذي غزا الجو ... لم تبالي فعلياً فهي و بصراحة مطلقة لا تخشاها هي لم تستلطف القابع امامها ... و لولا الحاجة لما ركبت دراجته و لكن ما لاحظته و بدا غريباً بالنسبة لها .. ذلك الشجن الهادئ في عينيه .. اعاد لها ذكرى بدت غير منطقية البتة مما تسبب بقشعريرة بسيطة في اوصالها !

توقفت الدراجة اخيراً امام المكان الذي اخذها منه ... كانت الشمس قد غربت مما اربكها قليلاً لابد ان نآت قلقة عليها الآن ... نزلت بصعوبة بينما النعاس بدأ يتخللها ... سحقاً لهذا اليوم غريب الاطوار !
سمعا صوتاً مريباً لحفيفٍ غير منتظم آتٍ من الغابة ... رأته يهبط من على دراجته بسلاسة ليخلع خوذته تاركاً شعره الفحمي حراً تداعبه الرياح المضطربة ايضاً ... ناولها الأكياس بصمتٍ واحداً تلو الآخر ... سارت بضع خطواتٍ باتجاه المنزل و لكن الحفيف زاد و بدا و كأن جسماً ما يتحرك بسرعةٍ خارقة بين الاشجار ... اضطربت فعلياً لتتساءل : ما الذي يجري ؟
همس بنبرة بدت جدية نوعاً ما : اذهبي من هنا !
قالت باندفاع و الاصوات تزداد : اخبرني ما الذي يجري ؟ ... تباً ما هذه الأصوات ؟!!
صاح بها : فلتذهبي من هنا !!!!!!
ظهر حينها جسد غريب ليتبين بعدها انه شاب ما بدا في اواخر العشرينات او بداية الثلاثينات من عمره ... بشعر حريري ابيض ناصع مائل للشقرة الفاتحة جدا منسدل بنعومة ... طويل القامة عريض المنكبين ... بقميص اسود داكن تتخلله بعض الرسوم البيضاء مرفوع الاكمام ... و بنطال من الجينز الأسود ... و عينيه ... كانت بصفار مريب كما ذاك الشاب الذي رافقها ... بدا و كأن الشمس استكنت في عيناه هادئة تبعث بسحرها في ارجاء عدستيه تنير تدفقات الذهب العذب ذاك ... كثيفة الاهداب مُكحَلة بشدة ... كان ذا وسامة خاصة ... خارقة ... و نظرة مشتعلة احرق بها كليهما !
اقترب بخطواتٍ هادئة حملت في طياتها الكثير ... همس : اوه ! ... اراك تتسكع مع الغرباء متجاهلاً مكالماتي ... كلآود !
اذا اسمه كلآود ؟! ... دام لا يرياها فلتبقى هنا لبعض الوقت ... الفضول لا يرحمها ... اجابه كلآود ببرود : لا دخل لك بها ... و مكالماتك لم اسمعها ... دعنا نستكمل حديثنا بعيدا عن هنا لـورنت !
التوت زاوية فمه معلنة عن ابتسامة لم تشأ رؤيتها ... ليقترب بضع خطواتٍ من كلآود مستكملاً كلامه : اخي انك تُرعبها ! ... أمخيف انا لتلك الدرجة ؟ ... كلآ ... انك تتعمد تخييب آمالي يوماً بعد يوم .
اذا اخوة ايضاً ؟! ... و ما دخلها هي ؟ ... اختفى فضولها بغمضة عَينٍ و حواس استشعارها تؤكد ان شيئاً غير سارٍ سيحدث ... لقد غربت الشمس ... يجب عليها العودة الآن ... سارت في اتجاه منزلها عائدة ادراجها ... كان يوماً مرهقاً بالفعل ... استقبلتها نآت بسيلٍ جارف من العتاب و اختارت تقمص دور الوالد الصارم حين لم يكن مزاج شانيل في حال جيد ... و قد عاد هذا على نآت بردود مقتضبة غير وافية و تجاهل حتمي ... علمت ان والدها نائم لحسن الحظ ... فالقت بالأغراض في ارضية المطبخ لتفر مسرعة الى غرفتها في الطابق العُلوِي ... لم تتعب نفسها حتى بتبديل ملابسها الغير مريحة ... كل ما كان يهمها حينذاك النـــوم ... النـــوم فقط لتتغاضى عن الأصوات المريبة التي عادت تراود سمعها من خلال نوافذ غرفتها المفتوحة ... نعيق ... نعيقٌ اخترق ظلمة ليلها !




حسناً ها قد وصلنا لختام الفصل الاول .. اتمنى انه اعجبكم و نلتم منه ما تستحقونه من المتعة .
اشكر مجرد مشاعر على تصميماتها المدهشة للفصل , اؤكد ان الردود السطحية ممنوعة و لن اتوانى عن اعطاء مخالفة لاصحابها مع مسح ردودهم , اتمنى ان تبدوا رأيكم بشخصيات الرواية و انطباعاتكم عن كل واحد منهم مع ذكركم لرأيكم بالاحداث كاملة و اسلوب الرواية .

في حفظ الرحمن و رعايته ~


[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

Mѕ. TєMαЯi 01-05-2014 02:54 PM

اقتباس:

حجز ~

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وهاهي قد عادت كاتبة القسم والمتالقة الأولى
لتزيح الكل للمرتبة الثانية بعدها
أعيد الأشادة لأسلوبك الراقي والساحر
وكلماتك التي تصف المشهد بدقة وأحساس كذالك
يناسب طرحها الموسم ,كما أني أحببت شخصية نآت
ولا أجدها بسيطة بالمرة بل هي عميقة
ومعقدة بنظري.
والعنوان ممتاز ولكنِ أظن أنهُ كان يمكنك أختيار أفضل
طبعاً وبالتأكيد متابعةَ للقصة
ومتشوقة لكل جديدها

وديِ


Prismy 01-05-2014 03:05 PM

[TABLETEXT="width:100%;background-color:black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

http://im35.gulfup.com/7rkq1.png

سابقا ~
‎حجز‎

‏/



مساء الخير عزيزتي ‎زينب‎‎‏ ...

مبروك نزول روايتك التي انتظرناها على احر من الجمر ...
و أنا سعيدة و فخورة جدا بإهدائك حبيبتي ... و الواقع اني لم أفعل شيئا يستحق ^^


بصراحة ... الحماسة جرفتني ف"نطيت" هنا أول ما شفت الرواية نزلت ‏XD

و بما أنها مشاركة في المسابقة فأنا مضطرة لتأجيل تعليقي المفصل عنها حتى تبدأ المسابقة =^="

أما رأيي في كتاباتك فأنت تعرفينه تمام المعرفة */*



واصلي التميز عزيزتي ...
كل الود لقلبك ... و مبروك لك و لنا من جديد !


كوني بخير دوما ق1

http://im35.gulfup.com/NFKpL.png
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT]‏

tear drops 01-05-2014 05:11 PM

مساء الخير حبيبتي ..
لفت أنتباهي عنوان روايتك ..
بحكم أني عاشقة لفصل يدعى شتاء ..اذا لامفر من قراءة ما يحوي عنوان روايتك ..
رواية جميلة جدا ..على الرغم من أن ماقرأته شيء يسير الا أنه ترك أثرا جميلا عندي ..أستطعت من خلاله تفسير كل ماقرأته ...
أسلوب سردك جميل ومرهف ..مثير بنفس الوقت ..تشويق لما تحمل الجمل الأخرى من أحداث أو وصف لاحد ما ..
أعجبني تلاعبك بالكلمات حين وصفت الشخصيات ...وملامحها ..احسنتي ..
تحليلي للشخصيات ..
شانيل ..جريئة ..صفة منطقية بحكم مارأيته ..شاب غريب تصعد معه دون معرفته شخصيا ..أوحتى رؤيته مرة واحدة ..
هادئة ..عصبية على ماأعتقد..
كلاود ..بداية الأسم أعجبني ..شخصية مثيرة حقا ..سبب أنتظاره لها ..يثير التساؤل فعلا ..يضاف لذلك خوفه عليها من أخيه ..غريب حقا ..
لورنت ..شخصية أخرى غموض يطغى عليها ..أعجبني مزاحه ..يبدو مختلفا .. لكن حتى لا أتعجل بتحليل شخصيته ..
أعتقد أن هناك نسبة من الشر فيه ..والا لما أبدى كلاود تخوفه منه على شانيل ..

جميل ما قرأته ..أبدعتي كثيرا اليوم ..على الرغم من أنها البداية لاغير ..فكيف بالتتمة ..أعتقد سنخوض غمار التشويق برفقتك ..
أعتبريني من المتابعين ..
لك ودي ..

яαcυℓ яєgιиα∂ 01-05-2014 06:36 PM

حجز!
سأتأخر قليلاً =(


الساعة الآن 10:52 PM.

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.

شات الشلة
Powered by: vBulletin Copyright ©2000 - 2006, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لعيون العرب
2003 - 2011